الطبيعة بريئة

يختلط على كثير من الناس الأسباب التي من أجلها يضع المجتمع المرأة في مرتبة أقل من الرجل، ويفرض عليها قيودًا وضغوطًا لا يفرضها على الرجل، ويُحدِّد لها دورًا معينًا في الحياة يرتكز أساسًا على الخدمة بالبيت ورعاية الأطفال.

وقليل جدًّا من الناس مَنْ يدرك الأسباب الحقيقية وراء تلك الفروق الضخمة التي يضعها المجتمع بين الرجل والمرأة، ويدَّعي أن الطبيعة هي التي وضعتها.

لكن الحقائق العِلمية تُثبت أن هذه الفروق بين الرجل والمرأة فروق صناعية من صنع المجتمع، بدليل أنها تَتغيَّر من مجتمع إلى مجتمع ومن عهد إلى عهد ومن نظام إلى نظام، ثم إن علوم الطب والتشريح والفسيولوجيا والبيولوجي تُثبت أن الإنسان المُزدوج الجنس «بايسيكسوال»، وأنه ليس هناك مَنْ هو ذكر ١٠٠٪ أو من هي أنثى ١٠٠٪، وكل رجل داخله امرأة وكل امرأة داخلها رجل، وأن هرمون الذكورة والأنوثة يُفْرَزَان في كلٍّ من الرجل والمرأة، لكن نسبة هرمون الأنوثة تزيد في المرأة وفي الرجال تزيد نسبة هرمون الذكورة، وأن هذه النسب تختلف من شخص إلى شخص، ومن سنٍّ إلى سن، ومن وقتٍ إلى وقت، وقد أثبتت الحقائق العِلمية النفسية أن الإنسان ليس مزدوج الجنس بيولوجيًّا فحسب، ولكنه مزدوج الجنس أيضًا من الناحية النفسية والوجدانية، وقد وصف نيومان (١٩٥٤م) نوعين من الشعور داخل الإنسان: الشعور الأبوي والشعور الأموي، وأنَّ لكل إنسان إمكانيتَين؛ إحداهما ذكرية والأخرى أنثوية، ويُفصح كل جنس من الجنسين عن الإمكانية التي حددها له المجتمع، بينما تبقى الإمكانية الأخرى كامنة في نفسه. ومعنى ذلك أن الرجال يُظْهِرون صفاتهم الذكورية ويُخْفُون صفاتهم الأنثوية، وكذلك النساء يُظْهِرْنَ صفاتهن الأنثوية ويُخفين صفاتهن الذكرية.

وقد خرجت ليتلجون وماكوني (١٩٦٣م) من أبحاثهما العلمية بأن النساء المبدعات ذوات القدرة على الخلق والابتكار يُظْهِرْنَ ميولًا ذكرية، وكذلك المُبدعون من الرجال يُظْهِرون ميولًا أنثوية؛ وذلك لأن هؤلاء الأشخاص المُمتازين سواء كانوا نساءً أو رجالًا يشعرون بقدرة على الخروج على تقاليد المجتمع، ولا يُعانون من الكبت الذي يُعاني منه غير المبدعين.

وقد خرج بارون (١٩٥٧م) من دراساته العلمية بأن كثيرًا من الناس يُضحُّون منذ الطفولة بنبوغهم وقدراتهم الإبداعية وذلك من أجل إخفاء إحدى الإمكانيتَين الذكرية والأنثوية، والمحافظة على صفات جنسهم ذكورًا كانوا أو إناثًا.

وكتبت كارين هورني تقول: «إنَّ ازدواجية الجنس عند الإنسان تظهر في الأطفال بوضوح أكثر من غيرهم؛ لأنَّهم لا يُدركون كالكبار تحديد جنسهم، وقد ترى عند بعضهم رغبات جنسية مزدوجة ساذجة وبريئة، وتشعر البنت أحيانًا أنها ولد، ويشعر الولد أنه بنت، لكن المجتمع يُحدِّد لكل منهما صفاته ودوره فيكبت الولد شعوره بالأنوثة وتَكبت البنت شعورها بالذكورة.» ولهذا فإن الرغبات الذكورية التي تُظهرها البنت أحيانًا ليس لأنها تحسد أخاها الذكر (كما قال فرويد) لأنه يمتلك عضو التناسُل، ولكن لأن هذه الرغبات موجودة فعلًا بالطبيعة في كلا الجنسين، ونحن لا نرى بوضوح رغبة الولد في أن يكون بنتًا؛ لأن المجتمع يميز الذكر؛ وبذلك يصبح من العسير على الولد أن يترك ميزاته ليُصبح بنتًا، أما البنت فإن ميزات الذكر الاجتماعية تشجعها على إظهار ميولها الذكرية.

وإذا كان الجهاز التناسلي يختلف في بعض أجزائه ووظائفه في المرأة عن الرجل فإنه يتشابه في البعض الآخر؛ وذلك بسبب أن أعضاء الرجل هي أعضاء المرأة من حيث الأصل التشريحي، لكن عضو التناسل عند الرجل زاد في نموه وحجمه عن عضو المرأة الذي ظلَّ صغيرًا ليُكوِّن البظر، وأعضاء المرأة الخارجية الأخرى يُقابلها كيسا الرجل الخارجيان، والخصيتان هنا المبيضان ولكنهما هبطا من البطن إلى ما بين الفخذين وهكذا.

وإذا كانت وظيفة الخصية هي إفراز الحيوانات المنوية ووظيفة المبيض هي إفراز البويضة، وأن الجنين ينمو في رحم المرأة وليس في رحم الرجل، فليس هذا الاختلاف في وظيفة عضو من الأعضاء مبررًا لكل هذه الفروق الضخمة التي وُضِعَت بين الرجل والمرأة، وبالمثل فإن الزيادة في نسبة الميلانين بجلد الزنوج ليست مبررًا للفروق الضخمة التي وُضِعَت بين البيض والسود.

ومن حيث البيولوجي والفسيولوجي والتشريح فقد يختلف الرجل عن الرجل أو المرأة عن المرأة؛ فلكلِّ إنسان جسمه الخاص به، كالبصمة، ولا يُمكن لمجتمع عادل أن يُفرِّق بين الناس في حقوقهم الاجتماعية وواجباتهم بسبب اختلافٍ ما فسيولوجي أو بيولوجي لعضو من أعضائهم.

وإذا كانت المرأة هي التي تحمل الجنين تسعة أشهر في رحمها قبل أن تلده فليس ذلك معناه أن يصبح دورها الوحيد في الحياة هو الحمل والولادة، وإذا كان الرجل هو الذي يَحمل الخصية التي تفرز الحيوانات المنوية فليس ذلك معناه أن يُصبح دوره الوحيد في الحياة هو إفراز الحيوانات المنوية وإخصاب المرأة، لا يمكن أن يعيش الإنسان حياته كلها ليلعب دورًا وحيدًا يقوم به عضو واحد من أعضائه، لا يمكن أن تعيش المرأة كرحم فحسب، وكذلك لا يمكن أن يعيش الرجل كخصية، وإلا كان معنى ذلك تعطيل وإبطال لكافة الأجهزة والأعضاء الأخرى.

ويُثبت علم الجينات والكروموسومات أن الضعف والسلبية اللذين ينسبهما المجتمع إلى طبيعة المرأة ليس لهما أساس عِلمي، بل إنه يتَّضح أن تكوين المرأة من الناحية الجسمية يُعطي المرأة فرصًا أكبر من الرجل من حيث متانة التكوين أو الإيجابية في الحياة؛ وبالتالي فإنَّ فكرة سيادة الرجل على المرأة — لأنه الجنس الأقوى أو الإيجابي — ليست إلا من صنع المجتمع.

إنَّ عدد الذكور الذين يُولدون في كل أنحاء العالم يفوق عدد الإناث (١٠٦ ذكر لكل ١٠٠ أنثى)، ومع ذلك فإن عدد الذكور يتساوى مع عدد الإناث عند سن الخمسين في البلاد الصناعية المتقدمة، أما في البلاد الزراعية المتخلِّفة نسبيًّا فإن عدد الذكور يتساوى مع عدد الإناث عند سن الخامسة والعشرين.

إنَّ هذا الارتفاع في نسبة الوفيات عند الذكور مقارنًا بالإناث يُؤدِّي إلى أنه في سن الثمانين لا يبقى على قيد الحياة سوى سبعين رجلًا لكل مائة امرأة.

ولو عرفنا أن جنس المولود يتحدَّد عن طريق الحيوانات المنوية، وأن السائل المنوي يحتوي على عدد مُتساوٍ من الحيوانات المنوية ذات الصفات الذكرية أو الصفات الأنثوية، فإنه من المفروض أن يولد عدد متساو من الذكور والإناث في أي مكان وزمان.

ولكن عند دراسة حالات الإجهاض اتَّضح أن نسبة الأجنة الذكرية تفوق بكثير الأجنة الأنثوية، وهكذا عند الولادة نجد أن عدد المواليد الذكور يفوق عدد الإناث بنسبة تتراوح بين (١٢٠–١٥٠) ذكرًا مقابل (١٠٠) أنثى، وترجع هذه الكثرة في المواليد الذكور إلى محاولة الطبيعة لتعويض الكثرة التي تحدُث في وفيات الذكور في كل مرحلة من مراحل العمر؛ أي إنها عملية تعويض طبيعية تهدف إلى سد الثغرة الناتجة عن ضعف الذكور النِّسبي أمام المرض والموت.

وقد أثبت العلم أن عمر المرأة أطول من عمر الرجل بنسبة سبع سنوات في المتوسط، وقد فُسِّرَ قِصَر عمر الذكر النِّسبي بأن الرجال يتحمَّلون من أعباء الحياة أكثر مما تحمله النساء، ولكن اتضح خطأ هذا التفسير بعد إجراء بحث استقصائي بين ثلاثين ألف راهبة وعشرة آلاف راهب يعيشون نفس الظروف المادية والاجتماعية والمعنوية؛ فقد اتَّضح من هذا البحث أيضًا أن عمر الإناث يفوق عمر الذكور بسبع سنوات في المتوسِّط، وهي نفس المدة التي لوحظت بين الناس العاديين.

فما هو السبب إذن في طول عمر المرأة؟

إنَّ التقدم الذي حقَّقه علم الوراثة في الإنسان، والدراسات التي أُجْرِيَت على أنواع مختلفة من الحيوان أوضحت أن ضعف الذكور النِّسبي (مقارنًا بالإناث) أمام المرض والموت قد نتج من الفارق بين التراث الوراثي في الذكر والتراث الوراثي في الأنثى، ويتكوَّن التركيب الوراثي للإنسان من أربعة وعشرين زوجًا من الجزئيات الوراثية تُسمى الكروموسومات، وهي توجد في نواة جميع الخلايا التي يتشكَّل منها جسم الإنسان، ولو أننا نظرنا إلى أحد هذه الخلايا من خلال عدسة مكبِّرة تزيد من حجم الخلية ٢٠٠٠ مرة؛ لرأينا داخلها هذه الكروموسومات على شكل خيوط رفيعة، منها ثلاثة وعشرون زوجًا كلٌّ منها من كروموسومين متشابهين تمام التشابه، وتُسمَّى هذه الأزواج المُتشابهة بالأتوسيومات، (أو الكروموسومات الجسمية غير الجنسية)، وتتشابه كلها في الذكر والأنثى، أما الذي يُحدِّد جنس الجنين (ذكرًا أو أنثى) فهو الزوج الرابع والعشرون، ويُسمى زوج الكروموسوم الجنسي، وهو يشبه الأتوسومات شكلًا، ولكن يختلف في وظيفته؛ لأنه هو الذي يُحدِّد الذكر من الأنثى.

وقد وُجِدَ أن هذا الزوج في خلية الأنثى يتكوَّن من كروموسومين مُتشابهين أُطلقَ عليهما «XX»، أما خلية الذكر فهي تحتوي على كروموسوم «X» واحد فقط، أما الكروموسوم الثاني فهو أصغر حجمًا (١ / ٥ حجم الكروموسوم X) وسُمِّي كروموسوم (Y)، كما أنه يحتوي على عدد أقل من خيوط المادة الوراثية التي تتحكَّم في مختلف العمليات البيولوجية، ووظيفة أقل إيجابية من الكروموسوم (X)؛ وبالتالي فإنه حين يخصب الحيوان المنوي الذي يحمل كروموسوم (Y) البويضة فإنه يضعف نسبة الأنوثة المطلوبة لإحداث جنين أنثى، وهكذا يرث الجنين الذكر — مع ذكورته — عددًا من الصفات المرتبطة بجنسه والتي تُضعفه عن الأنثى أو تشوهه.
إنَّ ظهور الشَّعْر الغزير في مناطق متعدِّدة من جسم الرجل قد يكون مشوهًا في بعض الأحيان، وقد اتَّضح أن الضعف الجنسي النسبي للذكور أمام المرض والموت مرتبط إلى حد كبير بالكروموسوم الذكري (Y) الصغير والسَّلبي نسبيًّا، وأن كل تغيُّر أو تشوُّه يصيب أحد الخيوط الوراثية في الكروموسوم له انعكاسات مُتباينة الخطورة على العمليات الكيماوية الحيوية (التحليل والتمثيل) في الخلايا؛ وبالتالي على مختلف أجهزة الجسم الإنساني. إنَّ التحكُّم في العمليات الكيماوية الحيوية يتمُّ عن طريق الإنزيمات والخيوط الوراثية التي تُسمَّى أيضًا «جينات» والتي تُسيطر على تكوين الإنزيمات.
وحيث إنَّ الخلايا في الأنثى تحتوي على زوج من الكروموسومات الجنسية من النوع (X) فإنَّ أي نقص أو تشوُّه يصيب الجينات في أحد هذين الكروموسومَين يمكن أن يُعَوَّضَ بسهولة عن طريق الجينات الطبيعية الموجودة في الكروموسومات الآخر، ولكن إذا حدث أي نقص أو تشوُّه في تكوين أو وظائف الجينات الذكرية الموجودة في الكروموسوم (Y) فإنه يَستحيل تعويضه لعدم وجود كروموسوم آخر من نفس النوع في الذكر.

وقد ينتج عن ذلك ظهور قصور عضوي أو وظيفي بسبب غياب بعض الإنزيمات الأساسية أو تكوين إنزيمات غير سليمة، ومِن هنا حدوث بعض الأمراض الوراثية المرتبطة بجنس الذكور مثل مرض الهيموفيليا (النزف الوراثي الناتج عن عدم تجلُّط الدم)، وهو مرض ينتقل عن طريق كروموسوم الأنثى ويُصيب الأطفال الذكور فقط لعدم وجود الكروموسوم المعوض، ولنفس السبب تحدث الأمراض الوراثية الأخرى في الذكور مثل مرض عمى الألوان، وبعض أنواع الأنيميا والضمور العضلي وغيرها، ويصل عدد هذه الأمراض الوراثية إلى مائة، وهي جميعًا تُصيب الذكر دون الأنثى.

ومن المُحتمَل أن ضعف مقاومة الرجال النِّسبي إزاء أمراض الدورة الدموية ينبع من هذه الظواهر الوراثية أيضًا.

إنَّ جهاز الغدد الصماء يَلعب دورًا هامًّا فيما يتعلَّق بأمراض الدورة الدموية؛ فالخصيتان في الذكر تُفرزان هرمون الذكورة (التستوستيرون) تحت التأثير المستمر للمراكز المخية العليا والجزء من المخ المسمَّى الهيبوثالاماس (تحت السريرين)، والذي يتحكم في الانفعالات البدائية وفي جهاز الغدد الصماء، أما في الأنثى فإن المبيض يُفرز هرمونين اثنين: أحدهما هرمون الأستروجين والثاني هرمون البروجسترون.

ومن المسلَّم به الآن أن هرمون الأستروجين يمارس نوعًا من الحماية لجهاز الدورة الدموية كما يتَّضح من الانخفاض المفاجئ لقدرة المرأة على مقاومة أمراض الدورة الدموية عند وصولها إلى سن انقطاع الطمث، وهذه الظاهرة ملحوظة في المرأة في هذا السن، وعلى الأخص في حالات السكتة القلبية «التي تُصيب الرجل من كل الأعمار»، ولكنها لا تصيب النساء إلا في الفترة التي تلي انقطاع الطمث، ومن ناحية أخرى فهناك من يرى أن بعض الصفات الذكرية مثل الميل إلى العدوان تَرتبط بالتكوين الهرموني للذكر، وقد أُجْرِيَت بعض التجارب في هذا الشأن، وحُقِنَت بعض الإناث من الحيوانات بهرمون التستوسترون الذَّكري فنتج عن ذلك سلوك عدواني في هذه الإناث.

وبرغم سلامة مثل هذه التجارب من الناحية العِلمية البحتة إلا أن العلم الحديث أصبح يتشكَّك في مثل هذه التجارب المعمَلية؛ حيث إن عنصر العوامل البيئية والتربوية غير متوافر فيها، ومما لا شك فيه أن صفات الإنسان وسلوكه في الحياة يتحدَّد حسب التربية التي يتلقاها منذ الطفولة وحسب الضغوط الاجتماعية التي يتعرَّض لها، وليس حسب نسب الهرمونات التي تجري في دمه، بدليل أن النساء الأمريكيات أكثر ميلًا للعدوان من الرجال في بعض البلاد الأخرى.

إنَّ علم البيولوجي الحديث أوضح أن المرأة أقوى بيولوجيًّا من الرجل، أما القوة العضلية التي ارتبطت بالحياة القبلية فمما لا شكَّ فيه أن الرجل كان يعتبر متفوقًا، لكنه اتضح أن هذا التفوُّق في القوة العضلية كان يرتبط بوظيفة الرجل في الحياة أكثر من ارتباطه بتكوين الرجل البيولوجي، بدليل أن الرجل المثقف في المدينة أقل من ناحية القوة العضلية من العامل الزراعي في الريف، والفلاحة المصرية أقوى من الناحية العضلية من الموظف القاهري.

هذا وإن القوة العضلية في ظل المجتمع العصري لم تَعُد لها أهمية خاصة؛ فالانتصار في الحروب الحديثة لم يَعد مرتبطًا بقوة الإنسان العضلية، بل على العكس أصبحت عوامل التفوق الذهني والتقدم التكنولوجي في وسائل الإبادة الجماعية هي العنصر الحاسم، وفي حروب أخرى كحربِ فيتنام، يرتكز الانتصار على الإيمان العميق بقضية عادلة.

وتُشير نتائج البحث الطبية الاجتماعية أن تَفوُّق الرجال على النساء لم يكن إلا إشاعة من صنع الرجال أنفسهم؛ فالأطفال الذكور هم الضحايا الأساسيُّون في الحوادث القاتلة التي تصيب قطاع الناس الذين يقلُّ سنهم عن ١٥ سنة (٦٨٪ من هذه الحوادث تصيب هؤلاء الأطفال الذكور)، أما في البالغين فإنَّ النساء لا يتحمَّلن سوى مسئولية ١٠٪ من حوادث الطريق، ٦٪ من الحوادث القاتلة أثناء قيادة السيارات مع إجراء المقارنة على نفس المسافات، كما أنهنَّ لسنَ مسئولات إلا عن نسبة ضئيلة جدًّا من حالات التشرُّد والإجرام: ١٫٥٪ من الأحكام التي تصدر بالحبس بالسجن، ١٠٪ من الغرامات أو الأحكام بوقف التنفيذ، أقل من ٣٪ من الجنح الخاصة بالسكْر، وذلك مقارنة بالرجال الذين ينتمون إلى نفس المهن والبيئة التعليمية والاجتماعية.

وإنَّ حالات الانتحار بين الرجال تفوق عدد الحالات بين النساء بمقدار يصل إلى ثلاثة أو خمسة أضعاف حسب اختلاف البلاد.

وإن عدد مُدمِني المشروبات الروحية بين الرجال يصل إلى خمسة عشر ضعف الحالات المسجلة وسط النساء.

ورغم صفات الضعف والعاطفية التي التصقَت بالمرأة فإن النساء يتحمَّلن ظروف التهجير والغارات أكثر من الرجال، وقد لوحظ أن الأمراض النفسية العضوية (أمراض جسمانية تنتج عن عدم التكيُّف إزاء الضغوط الاجتماعية والعاطفية) لا تُصيب النساء بنفس القدر الذي تصيب به الرجال. إنَّ عدد حالات الإصابة بقُرحة في المعدة في الرجال تصل إلى ثلاثة أضعاف مثيلاتها في النساء، كما أن الرقم يصل إلى خمسة أضعاف في حالات السكتة القلبية.

ومِن المعروف أن المرأة تتعرَّض أكثر من الرجل لظروف اجتماعية قاسية ولاضطرابات نفسية بسبب الدورة الشهرية وانقطاع الطمث الذي يؤثر على المراكز العصبية المرتبطة بالغدد الصماء، ومع ذلك فإن عدد الرجال الذين يُعالَجون في مُستشفيات الأمراض العقلية والنفسية يفوق بكثير عدد النساء، ورغم دخول أعداد كبيرة من النساء في مِضمار الحياة العامة والعمل فإن شيئًا لم يتغير في هذا الوضع، ولا يزال عدد الرجال الذين يَهرُبون من الحياة إلى المخدِّرات أو الانتحار أو الإجرام أكثر بكثير من النساء، برغم أن المرأة أصبحت تتحمَّل في الحياة أعباءً مضاعفة بعملها داخل البيت وخارجه وتحت الظروف الاجتماعية السيئة نفسها التي تحرمها من كثيرٍ من الحقوق التي يتمتع بها الرجل، ويقول بعض العلماء: إن الجهاز المخي والعصبي يُصبح أكثر عرضة للإصابة بالخلل كلما كان أكثر تطورًا؛ لأنه يُصبح أكثر حساسية، ويدَّعون بذلك أن المرأة تتمتَّع بقدرة أكبر على التحمُّل؛ لأنَّ جهازها المخي والعصبي أقل تطورًا، وهذا ادِّعاء غير علمي؛ لأن الجهاز المخي والعصبي في الرجل لا يختلف عنه في المرأة، وقد أثبتت الإحصاءات والبحوث العلمية التي أُجْرِيَت في بعض المدارس الابتدائية أن البنات عامة أكثر ذكاءً من البنين، وأنهن يحصلن على درجات أعلى في التحصيل والذكاء وقوة الذاكرة.

وفقًا لأبحاث بعض العلماء مثل جيسيل وتيرمان؛ فإنَّ الأطفال البنات يَتكلَّمن قبل الأطفال الذكور، وإنَّ البنات يتقدمن في النمو أسرع من الأولاد، وقد قال بعض العلماء: إنَّ تفوُّق البنات على البنين في الدراسة ليس بسبب تفوُّق الذكاء، وإنما بسبب تربية البنت فتُعطي وقتًا أكبر للمُذاكرة، ويُؤكد هذا أن بعض علماء النفس أثبتوا أن امتياز البنات على البنين يهبط في مرحلة البلوغ وما بعدها؛ بسبب الكبت الذي تبدأ البنت في المعاناة منه بسبب التربية الصارمة نفسها والصراعات والتناقُضات والضغوط التي يَفرضها عليها المجتمع.

وقد أثبتَت مارجريت ميد في أبحاثها أن المجتمع — وليس الطبيعة — هو الذي يُحدد ميول الأطفال ويُشكلها منذ الصغر سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، وقد أجرَت مارجريت ميد تجربة طريفة في جزيرة مانوس بغينيا الجديدة، وأثبتَت خطأ الرأي الشائع بأن حب الأطفال البنات للعب بالدمية «العروسة» سببه دوافع أنثوية طبيعية، وعدم اهتمام الأطفال الذكور بهذا النوع من اللعب إنما سببه اختلاف بيولوجي أساسي في استجابتهم الوجدانية، وقد اختارت مارجريت ميد هذه الجزيرة؛ لأنَّ اللعب بالدُّمى لم يكن معروفًا بها، وعندما قدَّمت مارجريت ميد بعضًا من هذه الدُّمَى إلى مجموعة من الأطفال الذكور والإناث كان الذكور وليس الإناث هم الذين اهتموا بها، بل راحوا يُغنُّون لها ويُهدهِدُونها لتنام كما تفعل البنت مع دميتها في مجتمعنا، وقد فسرت مارجريت ميد السبب في ذلك، وهو أن عادات وتقاليد جزيرة مانوس تقتضي أن يتولى الرجال (لما لديهم من وقت فراغ) رعاية الأطفال، على حين تَنشغِل النساء بالعمل خارج البيت.

وقد حاول بعض العلماء في السنوات الأخيرة معرفة أثر الجنس على المخ، فمِن المعروف أن هرمونات الجنس تدخل المخ مع الدم، لكن البحوث العِلمية حتى الآن لم تُثبت وجود أي علاقة بين هذه الحقيقة الفسيولوجية وبين القُدرة الفِكرية أو السلوك.

وكان البعض يَعتقِد أن قُدرة المرأة الفكرية أقل من الرجل؛ لأنَّ مخها أقل وزنًا من مخه، لكن اتَّضح خطأ هذا المفهوم بعد ثبوت أن وزن مخ المرأة بالنسبة لوزن جسمها أثقل من وزن مخ الرجل بالنسبة لوزن جسمه.

ثم اتَّضحت حقيقة أهمُّ من هذا كله؛ وهي أن وزن المخ لا علاقة له بالقوة الفكرية.

ويعتقد بعض العلماء أن المرأة أذكى من الرجل؛ لأنَّ الفص الأمامي من مخها (والذي يعتبر مركز الذكاء) أكثر تطوُّرًا منه في الرجل، على أي حال فإنَّ المخ لم يُعْرَف معرفة كاملة، ولم يستطع العلم أن يكشف عن أسرار وظائفه.

ومن حيث النبوغ والعبقرية والابتكار فليس هناك بحوث تثبت أن الرجل أكثر عبقرية من المرأة، ولكن عدد الرجال النابغين يفوق عدد النساء بسبب الظروف الاجتماعية التي تعيشها النساء والتي تحول بينهنَّ وبين النبوغ، وكما قالت ماري إستيل: «يجب على الرجل ألا يَفخر أنه أكثر نبوغًا من المرأة ما دام هو يحظى بفرص أكثر من التعليم العالي والعمل في الحياة الواسعة خارج البيت فكأنه يفخر بشجاعته لضرب رجل قُيِّدَت يداه وقدماه.»

ويُشير تورانس إلى أن قلة عدد النابغات من النساء ليس لفروق جنسية كما عُرِفَ خطأً، ولكن لأنَّ الإبداع يَتطلَّب الحساسية والاستقلال، وطبقًا لقيَم المُجتمع ونظمه فإنَّ الاستقلال من ميزات الرجولة فحسب، وعلى ذلك تفقد النساء الاستقلال وتفقد معه القدرة الإبداعية.

وفي علم النفس حقيقة علمية تُثبت وجود علاقة بين الكبت وانخفاض القُدرة الفكرية في الإنسان، وأن القدرة على الابتكار والخلق تعتمِد على انعدام الكبت، وكما قال «بارون»: «إن الأصالة تعتمد على تجاوب الإنسان الحر لمشاعره.» وحيث إنَّ نصيب المرأة من الكبت منذ طفولتها حتى مماتها أضعاف نصيب الرجل، فلا بدَّ أن قدرتها الفكرية تَنخفِض بسبب ذلك الكبت.

كما أنَّ انعزال المرأة عن الحياة داخل البيت وانشغالها بأعمال البيت والأولاد يحول بينها وبين التفرُّغ للأعمال والتدريبات اللازمة لتنمية قدرتها الفكرية أولًا بأول، وقد تطوَّر علم النفس الخاص بالمرأة في السنوات الأخيرة، وأثبت علماء النفس خطأ المفاهيم التقليدية عن سيكولوجية المرأة، وقد كتب ديلياس يقول: «إن علم النفس الخاص بالمرأة ليس إلا رواسب رغبات الرجال وخيبة آمالهم.»

وقد اتَّضح أن الفروق النفسية الضخمة التي وصفها فرويد بين الرجل والمرأة لا أساس لها من الصحة، ويقول هارولد كيلمان: «إنَّ فرويد تربَّى في مجتمع رجالي، ونشأ في بيت كان فيه الرجل السيد والمرأة العبد.» وقد أخطأ فرويد في فهمه للمرأة، واستخلص أفكاره عنها من الحالات المرَضية التي كان يراها بين نساء أوروبا الخاملات العاطلات، ومن بعض مريضات وشواذ الطبقة البرجوازية في مجتمَع فيينا المتآكل، وحكم فرويد بهذه الأفكار الشاذة على جميع نساء العالم، وحكم بها عليهنَّ من بعدِه جميع تلاميذه ومُقلِّدوه ومُريدوه وتابعوه من أطباء النفس.

وتُمثِّل عقلية فرويد عقلية القرن التاسع عشر حين كان العقل البشري في بداية تفتحه ومعرفته بالعلوم الطبيعية، ولم يكن أدرك بعدُ أثر المجتمع والظروف في نفس الإنسان، وأخرج فرويد كذكر «علم نفس مذكَّر» يرتكز على أن مصير الإنسان يتحدَّد حسب أعضائه التناسلية والتشريحية.

وترتكز أفكار فرويد عن نفس المرأة أن البنت تكتشف في طفولتها أنها لا تملك عضو التناسل الذي يملكه أخوها فتشعر نحوه بالحسد، ويقول فرويد: «إنَّ النساء لسنَ كما هنَّ نساء، ولكنهن ذكور ينقصُهن عضو التناسل، وهن يرفضن قبول هذه الحقيقة، حقيقة أنهن مخصيات، ويَعِشن بأمل أنهن سيحصلن على عضو تناسل رغم أي شيء.»

والمرأة السوية في نظر فرويد هي تلك التي تستبدل برغبة الحصول على العضو رغبة الحصول على طفل، وهو يعني بذلك أن الأمومة عند المرأة ليست إلا رغبة ثانوية بديلة عن الرغبة الأصلية، وهي الحصول على عضو الذكر.

ويقول فرويد: إنَّ البنت تُلقي اللوم على أمها في حرمانها من هذا العضو؛ ولهذا فهي تبتعد عن أمها وتقترب من أبيها بأمل الحصول على طفل، لكن سرعان ما تَشعُر بخيبة أمل في أبيها؛ لأنه يَخذلها ولا يُحقِّق لها رغبتها في الحصول على الطفل، وبهذا تُشْفَى من ميولها الأوديبية وتستسلم لدورها الأنثوي، وتُرضي أمومتها ودورها الجنسي عن طريق الألم وامتهان النفس وقبول الاغتصاب.

هذه هي سيكلوجية المرأة السوية الطبيعية في نظر فرويد، أما المرأة غير السوية فهي تلك التي تَعجز عن أن تستبدل برغبتها الأولى الرغبة الثانية، وتعيش في حسرة دائمة؛ لأنها حُرِمَت من عضو الذكر، وقد تَرفض دورها كأنثى في الحياة رفضًا تامًّا، أو قد تُصبح ميولها ذكرية وتأخذ دور الذكر.

وقد أثبت كثير من العلماء خطأ هذه الأفكار، وتقول كارين هورني (وهي من أشهر طبيبات النفس في العالم): «إن البنت لا تَحسُد الولد لأنه يملك عضو التناسل، ولكنها تحسده للميزات التي يعطيها المجتمع الرجالي للذكر.» وتتَّفق كارين هورني مع هارولد كيلمان وغيره من العلماء في أن الثقافة اليهودية والمجتمع الذي عاش فيه فرويد ترك بصماته على أفكاره، ويقول هورني: «إن الثقافة اليهودية — كما وردَت في التوراة — ثقافة أبوية ذكرية، وهذه الحقيقة تظهر في دينهم اليهودي؛ حيث لا توجد إله أنثى أو إله أم، كالآلهة الأم القديمة، وفي قصة آدم وحواء أنكرت الديانة اليهودية قُدرة المرأة على الإنجاب وأعطَت هذه القدرة للرجل إذ قالت: إنَّ حواء وُلِدَت من ضلع آدم، وإن لعنة قد أُلْصِقَت بحواء إلى الأبد؛ ذلك أن تلد في الألم والأسى، وإنَّ حواء هي السبب في شقاء آدم؛ لأنَّها أغرته بأن يأكل من شجرة المعرفة كإغراء جنسي.» وتَعتقِد كارين هورني أن الديانة اليهودية بهذه الأفكار هي التي أفسدت العلاقة بين الرجل والمرأة منذ العصور القديمة حتى الآن، وخلقت بينهما الكراهية والقلق، هذه الكراهية وهذا القلق هما اللذان بنى عليهما فرويد أفكاره.

ويتَّجه علم النفس الحديث إلى إلغاء تلك الفروق الضخمة المُصطنعة بين نفسية المرأة ونفسية الرجل، ويرى بعض العلماء أنَّ الإنسان مُزدوَج الجنس نفسيًّا كما هو مزدوج بيولوجيًّا، وقد وصف نيومان نوعين من الشعور داخل الإنسان: الشعور الأبوي والشعور الأموي، وأنَّ لكل إنسان إمكانيتَين؛ إحداهما ذكرية والأخرى أنثوية. ويرى بعض العلماء أن تكوين المرأة النفسي كتكوينها البيولوجي أكثر متانةً من الرجل، وتُعْتَبر المرأة في رأي هؤلاء الجنس الأقوى وليس الجنس الأضعف كما أشيع.

ولعلَّ هذا الاعتقاد يتَّفق مع الاعتقاد البدائي بقوة المرأة، وقد كانت الإلهة القديمة هي الأم والأنثى، ولم تكن الإلهة الأم تُمثِّل الأمومة الروحية، ولكنها كانت تمثل الأمومة بمعناها الطبيعي البدائي. إن الأم الإلهة القديمة كانت إلهة الأرض، خصبة الأرض، تخلق الحياة الجديدة وتُغذيها. إنَّ هذه القوة الخالقة في المرأة وهي قوة بدائية هي التي ملأت الرجل بالإعجاب، ومن المعروف عِلميًّا أن الإنسان يعجز — بحكم طبيعته البشرية — أن يحتفظ بإعجابه بقُدرة ما، دون الشعور بالكراهية لهذه القُدرة، التي لا يَملكها هو ويملكها غيره، ومن المعروف أن الكراهية تولد الخوف أو أن الخوف يولد الكراهية؛ ولهذا فإن خوف الرجل من قوة المرأة قديم الزمن، مدفون في اللاوعي يزداد حدَّة في فترة إخصاب المرأة، ويظهر بوضوح عند بعض القبائل البدائية.

إنَّ بعض القبائل الأفريقية تؤمن بأن المرأة إذا خطت فوق ساق رجل نائم فإنه يَعجز جنسيًّا، وقبيلة أرونتا تعتقد أن المرأة يُمكن بالسحر أن تجعل زوجها عاجزًا جنسيًّا وتُسقط عنه أعضاؤه التناسلية، وهناك حتى الآن اعتقاد في الريف المصري بأن المرأة قد تعمل سحرًا لزوجها إذا هجرها فيَعجز جنسيًّا، وإن سكان ميري في البنجال لا يسمحون للنساء بأن يأكلن كالرجال لحم النَّمر خشية أن يُصبِحن قويات، وإنَّ قبيلة واتاولا في شرق أفريقية يُخفون سرَّ عمل النار عن النساء خشية أن تحكمهن النساء، ويعتقدون أن الرجل الذي يلمس المرأة في فترة الحيض يسقط ميتًا، وهناك كثير من الأمثلة على شدة خوف الرجل من مظاهر إخصاب المرأة كالحيض والحمل والولادة، وهناك فكرة واحدة وراء كل هذا الخوف؛ وهو أن المرأة كائن له قوة غامضة قادرة على الاتصال بالأرواح وقادرة على السحر وإيذاء الرجل.

وكان من الطبيعي أن يُقاوم الرجل خوفه من المرأة بوسائل شتى، منها ازدراء صفات المرأة البيولوجية الطبيعية كالحيض والحمل والولادة، وتحقير أعضاء المرأة وتمجيد أعضاء الرجل إلى غير ذلك من الأساليب الدفاعية التي يلجأ إليها الخائف ضد الشيء الذي يُخيفه، وتركز خوف الرجل من المرأة في الناحية الجنسية بالذات؛ لأنه أثناء الجنس يُسلم عضوه التناسُلي لها فإذا بها تسحب منه سائله المنوي وتسحب معه صلابته ثم تتركه هامدًا بغير الصلابة التي كان عليها، ومن هنا الاعتقاد الشائع بأن المرأة تسحب قوة الرجل أثناء الجنس، وفي الأساطير الأفريقية فإن المرأة هي التي تُسبِّب الموت في العالم، وكذلك الاعتقاد بأن الأم الإلهة القديمة هي التي تبعث الموت والدمار، وكأنَّما أدرك الإنسان البدائي أن الذي يصنع الحياة هو القادر على أخذها.

وكم يدلُّنا التاريخ القديم على حقائق غربية تُلْقِي ضوءًا على تلك الأفكار التي أحاطت بعلاقة الرجل والمرأة والمفاهيم الخاطئة عن المرأة جسدًا أو نفسًا، وقد كان فرويد بغير شك أحد هؤلاء الرجال الذين عانوا من خوفهم القديم الدَّفين من المرأة، ولأنه كان عبقريًّا فقد صنع من خوفه حقائق علمية لم يُكْتَشَف خطؤها للأسف إلا مؤخرًا.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤