رجل … في الشرفة!

جاء «عثمان» مسرعًا … وقال «أحمد»: هل لاحظت أن حقيبة السيارة مفتوحة؟

عثمان: نعم … ومعنى ذلك أن القتلة قد طاردوه من أجل شيء في الحقيبة.

أحمد: أشعر بشيء غريب.

عثمان: هل تقصد أنه «دييوا»؟

أحمد: نعم.

عثمان: إن ذلك يشكل كارثة!

أحمد: إننا لم نقدر العصابة حق قدرها.

ثم أخذ «أحمد» يفتش الرجل … وجد حمالة للمسدس فارغة فعرف أنهم استولوا على سلاحه … ولم يجد في جيبه أية أوراق تدل على شخصيته …

وقام «عثمان» بتفتيش الحقيبة الخلفية للسيارة، ووجد الدليل على أن القتيل هو «ديبوا» … وكان هذا الدليل عبارة عن كرة «عثمان» الجهنمية التي كان يعلقها في شبكة صغيرة في حقيبة الأسلحة.

عاد «عثمان» مسرعًا إلى «أحمد» الذي كان يزيل بصماته وقال: إنه «دبيوا».

أحمد: كيف عرفت؟

وأبرز «عثمان» كرته الجهنمية، وهز «أحمد» رأسه وقال: لقد كنَّا نخشى أن تتأخر المعركة.

قال «عثمان»: لقد قال «ديبوا» منذ ساعات قليلة: إن المعركة قد تبدأ بأسرع مما نتوقع … وقد بدأت به شخصيًّا.

رغم صوت الريح سمعوا ما يشبه صفارة سيارة بوليس … فأسرعوا إلى السيارتين … وانطلقوا في الاتجاه المضاد … وكانت الساعة قد تجاوزت الثانية صباحًا عندما وصلوا إلى الفندق الصغير الذي يقيمون فيه … عقدوا اجتماعًا سريعًا. ولخص «أحمد» الموقف بقوله: لقد فقدنا عميل رقم «صفر» في «مالطا» … وفقدنا الأسلحة … ولم يبقَ لنا شيء يمكن أن يدلنا على أثر العصابة.

زبيدة: الحل هو إرسال برقية شفرية إلى المقر السري بالموقف، ولعل رقم «صفر» يتخذ قرارًا سريعًا.

أحمد: لقد نسيت أننا هنا لسنا في أحد المقار السرية الخاصة بالشياطين … وإرسال برقية من الطريق العادي ستجعل الرموز الخاصة بالمقر السري معروفة، وقد تستخدم لأغراض أخرى.

زبيدة: من الممكن الاتصال بأحد عملاء رقم «صفر» في «أوروبا» أو‏ «أمريكا»، ويقوم بإبلاغ الرسالة.

رشيد: إننا يجب ألا نرتبك إلى هذا الحد … فما زال أمامنا «لال»، وقد وضعتنا «إلهام» في أثره … وغدًا في منتصف الليل سنتبعه، ونعرف أين يذهب … ففي الأغلب إنه يذهب للالتقاء بأفراد العصابة.

وفجأة قطع صمت الليل رن جرس التليفون، كان «رشيد» هو الأقرب إلى الجهاز، فأسرع يرفع السماعة، ومرة أخرى جاء ذلك الصوت الغريب الذي يكاد «رشيد» أن يعرفه، ولكن لا يتذكر من هو … قال الصوت: هل وصلتكم الأسلحة؟

لم يرد «رشيد» لأول وهلة، فصاحب الصوت ناداه مرة أخرى باسمه، ويعرف عنهم معلومات وثيقة … ولكن هل يصح أن يروي له ما حدث …

رد «رشيد» بعد لحظات: لحظة من فضلك يا سيدي.

ووضع يده على بوق التليفون وقال: إنه الرجل الغامض.

أحمد: دعني أتحدث إليه.

أسرع «أحمد» يقول: مساء الخير يا سيدي.

رد الرجل: مساء الخير يا «أحمد».

ذهل «أحمد» … ثم قال بسرعة: معذرة يا سيدي … إنك حقًّا تعرف عنا الكثير … ولكن من أنت؟

رد الرجل على الفور: أنا «الخرتيت»!

لم يعد هناك أدنى شك عند «أحمد» في أن الرجل يعرف كل شيء عنهم، ويجب أن يبلغه بكل ما حدث فقال: هل في إمكانك يا سيدي أن تتصل ﺑ «ش. ك‏. س» بسرعة وبأمان؟

رد الرجل: بالطبع … ولكن ماذا حدث؟

رد «أحمد»: لقد قتل «ديبوا» عميلنا في «مالطا» بين الساعة الثانية عشرة والثانية عشرة والنصف بجوار القلعة السوداء جنوب جزيرة‏ «جوزو» بطلقة رصاص اخترقت رأسه في الجانب الأيسر … وقد عثرنا على السيارة بالصدفة،‏ ووجدنا حقيبتها الخلفية مفتوحة … وهذا يعني أن أحدهم أو بعضهم استولى على ما فيها … وقد تأكدنا من أنها كانت الأسلحة الخاصة بنا، فقد وجدنا شيئًا يدل على ذلك.

الخرتيت: وما هو هذا الشيء؟

أحمد: إنه كرة يستخدمها الزميل «عثمان» في بعض المواقف.

صمت «الخرتيت»‏ لحظات ثم قال: وماذا أيضًا؟

أحمد: لقد أطلعتنا «إلهام» على أثر «لال» بعد أن عرفنا أنه انضم إلى عصابة الخمسة، ‏ وقد أصبحت ساعده الأيمن … واستطاعت أن تراقب تحركاته … فهو يخرج كل يوم في منتصف الليل ولا يعود إلا في الفجر وينام طول النهار … وهذه الرحلة الليلية الغامضة لا بد أنها في خدمة العصابة.

الخرتيت: وستتبعون «لال» لتعرفوا أين يذهب؟

أحمد: تمامًا يا سيدي، هل في استطاعتك الاتصال برقم «صفر» ومعرفة رأيه؟

الخرتيت: طبعًا … سأتصل بكم في التاسعة صباحًا لأقول لكم على ما تفعلون.

أحمد: شكرًا لك يا سيدي.

الخرتيت: ولا تنزعجوا.

أحمد: إننا على ثقة من أننا سنقوم بمهمتنا رغم الظروف.

الخرتيت: شكرًا … وإلى اللقاء غدًا صباحًا في التليفون.

أحمد: شكرًا لك يا سيدي.

ووضع «أحمد» السماعة وعلى وجهه علامات الارتياح … ونقل إلى الشياطين ملخصًا سريعًا للمحادثة … ثم خلدوا إلى النوم.

كانت «زبيدة» تنام في غرفة وحدها بعد أن ذهبت «إلهام» للعمل في السيرك فأغلقت الباب من الداخل، واستسلمت للنوم … ولا تدري لماذا استيقظت بعد نحو الساعة … استيقظت وقد غمرها العرق البارد … وقد حلمت بأن شخصًا تسلق شرفة الغرفة … وأنه يحاول فتح النافذة … وجلست صامتة … لم يكن معها سلاح تدافع به عن نفسها، وتأكدت أنه لم يكن صوت الريح هو الذي يدق النافذة، بل إن آلة حادة تقطع الخشب الرقيق في «شيش» النافذة … ومدت يدها في هدوء وأمسكت بسماعة التليفون وطلبت رقم غرفة «أحمد» و«عثمان»، ودق الجرس ثلاث مرات، ثم سمعت صوت «عثمان» يقول: هاللو!

قالت بهدوء: «عثمان» … أنا «زبيدة» … هناك شخص في شرفة غرفتي يحاول فتح النافذة.

رد «عثمان»: تظاهري بالنوم … واتركي كل شيء لنا!

أيقظ «عثمان» «أحمد» بسرعة … ثم فتح باب الشرفة وكانت مجاورة لشرفة «زبيدة»، وزحف على الأرض واستطاع أن يرى شبح الرجل … كان يحاول قطع بعض ريشات من خشب النافذة … حتى يتمكن من فتحها، ثم يقطع الزجاج ببساطة ويفتحه ويدخل.

أشار «عثمان» ﻟ «أحمد» أن يناوله كرته الجهنمية، ثم أخذ يهزها بهدوء لحظات، ثم أطلقها كالصاروخ فأصابت رأس الرجل فهوى في مكانه … سمعت «زبيدة» صوت سقوط الرجل في الشرفة … فأسرعت تفتح باب الغرفة، واندفع «أحمد» و«عثمان» داخلين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤