التليفون القاتل!

عاد «أحمد» من «سويسرا»، وملف عملية شبكة الموت لم يُغلق بعدُ، ولكنها كانت أوامر رقم «صفر» وكان عليه تنفيذها دون مناقشة، على أن يناقش ذلك كيف شاء في أقرب اجتماع للمنظمة، وقد كان.

فبمجرد عودته إلى «مصر»، ومعه مجموعة عملية «شبكة الموت»، اتصل بهم رقم «صفر» وهنأهم على سلامة الوصول، وحدَّد لهم موعد الاجتماع بالمقرِّ السري الصغير بالهرم.

كان موعد الاجتماع هو مساء اليوم التالي لوصوله، وقد رأى أنه ميعاد بعيد … فرغبته في معرفة الدافع إلى قرار عودته من «سويسرا» سبَبُه بالتأكيد ملحٌّ، مما دفعه بعد الانتهاء من إعادة ترتيب أشياء السفر إلى النزول إلى غرفة المعلومات المركزية وعلى أحد أجهزة الكمبيوتر بدأ يقرأ تقارير المنظمة عن الفترة التي قضاها خارج مصر، وفي رأسه تساؤل يقول: لماذا لا يبثون لنا في مواقع العمليات التقاريرَ اليومية عن أعمال المنظمة؟! وقبل أن يفكِّر في الإجابة رأى إشارة تتردَّد على الشاشة تدل على أن هناك رسالة وعليه أن يتلقَّاها. وبحذرٍ شديد تعامل معها … فعرف أنه «بيتر». وقد كان اللقاء عبر شاشات الكمبيوتر حميمًا، واندهش «أحمد» عندما أخبره «بيتر» بأنه على علمٍ بكل ما يحدث، وأنه حاول الاتصال بجماعة «سايبرسبيس» فلم يجِدْ لهم أثرًا على الشبكة، وأنه أعمل جهده للحصول عليهم بطُرقٍ مختلفةٍ، فلم يتمكن وهو يرى أن هناك احتمالين لهذه النتيجة … الأول: أنهم أمَّنوا اتصالاتهم بأسلوب علمي متطور جدًّا … وهذا ممكن. أما الثاني — وهو الأرجح — فهو استغناؤهم عن شبكة الإنترنت ولو مؤقتًا، واستخدامهم لأسلوب وتكنولوجيا أكثر تطورًا وأحدث، وهو ما يجب عليهم العمل لكشفه.

ورغم حيرته وازدحام الأسئلة في رأسه؛ إلا أنه شعر بسعادة غامرة … فها هو الجديد يطارده … وها هي العملية التي لم تتم تُبعث فيها الروحُ من جديد، وأخيرًا … ها هي جماعة العباقرة الذين يظنون أنهم سادة هذا الزمان، يفرون أمام الشياطين … ويغيِّرون طُرقهم وأشكالهم، خوفًا من الوقوع في أيديهم. وقد كان لهذا الاتصال مفعول السحر على «أحمد»؛ فقد استسلم لنومٍ عميق لم يوقظه منه إلا ذبذبات ساعة يده … فاستيقظ ويده على زرٍّ بها … يضغطه ليتلقَّى الرسالة … وبالفعل كانت هناك رسالة. ولم تكن الرسالة إلا عبارة عن ثلاث كلمات وتوقيع: «نحن في انتظارك … الشياطين.»

في قاعة الطعام … كان اللقاء أحلى من طعام الفطور، وكان شوقُهم إلى شاي الصباح أقلَّ من شوقهم لسماع تفاصيل ما دار في «سويسرا».

في مساء نفس اليوم عُقد الاجتماع الذي انتظره «أحمد» بشوق، وكان أول ما قاله رقم «صفر» بعد تحية المساء هو: أعرف أن «أحمد» متضرِّرٌ من قرار إعادته من «سويسرا»، ولكن دوافع هذا القرار كثيرة … وأعتقد أنكم قد استنتجتم بعضَها.

عثمان: إذا سمحت لي.

رقم «صفر»: تفضَّل.

عثمان: إن عملية القبض على زعيم مافيا تجارة السلاح، وبالأخص على أبرز أعضاء جماعة «سايبرسبيس» سيثيرهم ثورةً عارمة، مما سيدفعهم للتحرك بلا وعي، والتصرف بعنفٍ، وإن كان ذلك سيعرِّض حياة الشياطين للخطر.

رقم «صفر»: نعم يا «عثمان» هذا أهم عامل … وهناك عوامل أخرى … منها أن العملية قد خرجت عن خطها الرئيسي، وهو القبض على جماعة «شبكة الموت» إلى التعامل مع مافيا تجارة السلاح … مما يستلزم معه إعادة صياغة أسلوب التعامل مع هذه القضية … وإعادة الاتصال ﺑ «بيتر» وهذه مهمة «أحمد».

أحمد: إذا سمحت لي … لقد اتصل بي «بيتر» مساء أمس، وعرفت منه أن جماعة «سايبرسبيس» لم يعاودوا الاتصال عبر الشبكة منذ القبضِ على أحد أعضائهم.

رقم «صفر»: هذا يعني أنهم أمَّنوا اتصالاتهم عبر الشبكة.

أحمد: أو أنهم استخدموا وسيلةً تكنولوجية أحدث.

إلهام: أو أنهم لم يعودوا في حاجة لوسائلِ اتِّصال!

رقم «صفر»: تعنِين أنهم الآن مجتمعون في مكانٍ واحد؟

قال «عثمان» مندفعًا: نعم … نعم … هذا تصوُّرٌ أقرب للواقع.

رقم «صفر»: ولكنه قابل للمناقشة مع باقي التصورات، وأعتقد الآن أن «أحمد» قد عرف لماذا أعدناه. ادرُسوا الأمر جيدًا فيما بينكم، وسأخبركم بميعاد الاجتماع التالي، لكم تحياتي.

رغم انصراف رقم «صفر» … إلا أن الجميع لفت نظرهم أن «أحمد» لم يغادر مكانه ويبدو عليه عدم الرضاء عما تمَّ، وكان هذا مدعاةً لتساؤلهم، إلا أن «أحمد» لاحظ انشغالهم به فصرَّح لهم بكل ما يدور في ذهنه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤