المقدمة

١

يمكن التقرير مبدئيًّا، بأن طبيعة المشكلة موضوع هذا البحث، تجمع بين الفكر العقائدي والفكر الفلسفي، مرتبطَيْن بتطور زمني يجعل التاريخ عنصرًا ثالثًا وأساسيًّا في المشكلة إلى جانبهما؛ فهي مشكلة عقائدية؛ لأنها تتناول الإيمان دينيًّا عند المصري القديم في عالم آخر، يخالف عالمنا هذا في ماهيته ومواصفاته وطبيعته، مخالفة شبه تامة، وهذا الاعتقاد يشكِّل — بشكل خاص عند المصريين القدماء — الجزء الأكبر من معتقَداتهم الدينية، بحيث يستحيل فَهم فكرهم السياسي والاجتماعي والديني، وحتى العلمي والعَملي، بدون تأسيس هذا كله على عقيدتهم في الخلود.

وهنا تكمن الأهمية الكبرى والقصوى لهذه العقيدة عندهم، حتى أكد البعض أنه لا يمكن فهم أو تصور مصر القديمة بوضوح، دون تصور عالمها الآخر؛ لأن الاعتقاد في هذا العالم قد نفذ إلى كل فكرة وكل سلوك، وصبَغ كل شيء مصري قديم بصِبْغته، وما كان ليحدث تقدم أو تخلف اجتماعي، أو تغيرات سياسية أو اقتصادية، أو فكرية، أو حتى معمارية أو فنية، دون أخذ هذا المعتقد كعامل أول وأساسٍ مشترك، مؤثِّر ومتأثر بعلاقة جدَلية قائمة ومستمرةٍ بينه وبين هذه المتغيرات.

كما أن تصوراتِ المصريين القدماء عن هذا العالم، تُعطي انطباعًا واضحًا عن أسلوب تفكيرهم، وعن أخلاقياتهم ونُظمهم الاجتماعية، في تلك العصور السَّحيقة، بل إنه لولا اهتمامُ المصريين القدماء بعالَمِهم الآخر، ما وصل إلينا شيءٌ البتة عن تاريخهم؛ فهم لم يُدوِّنوا ما دوَّنوا، ولم يهتموا بتسجيل ما سجَّلوا؛ إلا بسببِ — ومن أجلِ — أملهم العظيم في الخلود.

ولعل الإصرارَ على رؤية العقلية المصرية، من خلال المنظار الفلسفي لطبيعة المشكلة، يعود في الأساس إلى طبيعة كلٍّ من الفلسفة والدين، وغنيٌّ عن الذكر أن العلاقة بينهما كانت مسألةَ المسائل، التي شَغلَت تفكيرَ كثير من الفلاسفة — أو على الأصح أغلَبهم — ويعتبر أشيعهم ذِكرًا في هذا الميدان، الفيلسوف الألماني «هيجل Hegel»، وهو من هَدَفَت فلسفتُه في معظمها «إلى بيان أن الدين ينتهي حتمًا إلى الفلسفة، وأن الفلسفة تؤدي بالضرورة إلى الدين»،١ بل والأهم أنه اعتبَر الدِّين فَيصلًا بين الإنسان والحيوان، ومميِّزًا أولَ للإنسان عن الجنس الحيواني؛ «لأن الدين قائمٌ على الشعور، الشعور بالخلود، الشعور بالحرية، والشعورُ لا يوجد إلا عند الإنسان.»٢
وبذلك كانت فكرة الخلود وظهورها عند المصري القديم — إذا طالعناها بالمنظار الهيجلي — هي بدايةَ الإنسانية لإنسانيتها على الأرض، وبداية التفلسف أيضًا، كما أنه إذا كانت «الفلسفة تظهر حينما توجد الحياة السياسية»٣ — في رأيه — فإن الفلسفة بهذا المعنى تكون أيضًا قد ظهرَت مع بداية أول حكومة منظَّمة في تاريخ العالم، أي: مع الأسرة الأولى في الدولة الفِرعونية القديمة.

أما اعتبار المشكلة مشكلةً تاريخية أيضًا، فهذا أمرٌ لا يحتاج إلى تفصيل، باعتبار خضوع المسألة بكُلِّيتها لظروفٍ تاريخية محددة، أو باعتبار أن عقيدة الخلود — كأي عقيدة أخرى — قد مرت بمراحلَ تطوُّرية، عبر فترات زمنية، تأثر فيها تطورُها بعدة عواملَ هي في حقيقتها أحداث تاريخية، لا يمكن فصلها عنها بأيٍّ من الأحوال.

وهنا أيضًا تظل الطبيعة الفلسفية قائمة؛ لأن العلاقة بين التاريخ والفلسفة قائمة ومُتوثَّقة، ولقد هدفَت فلسفاتُ كثيرٍ من الفلاسفة مثل «كولنجوود» إلى تأكيد «أن المشكلاتَ الفلسفيةَ التي تواجه الفيلسوف، في حاجةٍ إلى الفَهم التاريخي، كما أن أكثر هذه المشكلات تاريخيةٌ في صميمها.»٤

وإن الباحث المدقِّق في فلسفة ابن خَلْدون، يستطيع أن يكتشف عدة مواضع تبين أنه كان من أوائل الذين اكتشفوا القيمة الفلسفية للتاريخ، وضرورةَ اعتماد المعرفة بأسرها على الفَهم التاريخي.

بل إن الفيلسوف الإنجليزي «فرنسيس بيكون Francis Bacon» كان يؤكد على أن «الحقيقة هي بنت الزمن»٥، كما أنَّ رفيقه في التجريبيَّة الإنجليزية «ديفيد هيوم David Hume» والذي كان يعد أكثر التجريبيين إنكارًا للعلوم القائمة على الاستدلال التأمُّلي العقلي، فإنه مع ذلك كان أكثرَ الفلاسفة التجريبيين معرفة بمسائل التاريخ، بل إنه رغم تقتيره الشديد في الاعتراف بشرعية كثير من العلوم التأملية، فإنه اعتبَر المعلومات التاريخية أكثرَ شرعيةً من بقية العلوم.٦

وبِناءً على ذلك تكون الفلسفةُ أو الفَهمُ الفلسفي لطبيعة المشكلة هو الفَهمَ السليم؛ باعتبار أن الفلسفة ستصبح الرابطَ بين الدين والتاريخ، فهي تدخل في صميم كِلَيهما، وهي — إذا أخذنا بالآراء النازعة في اتجاه الدين والتاريخ — تقوم على الدين والتاريخ، وإذا أخذنا بالآراء التي تَلزم جانب الفلسفة، فإن الدين والتاريخ يقومان على أسس فلسفية، فتصبح الفلسفةُ عنصرًا أو عاملًا مشتركًا، يمكن بواسطتِها إمساكُ الموضوع من جميع أطرافه بشمولية، تصب نتائجها جميعًا في قوالِبَ من الفَهْم الفلسفي لها، فلا تصبح الدراسة مجردَ سرد تاريخي، ولا مجرد عرض لمفاهيمَ عقائدية، وإنما تصبح علاقةَ تأثير وتأثرٍ بين الجوانب الثلاثة، أدى لبزوغ أفكارٍ كانت دون مبالغة، أولَ بوادر التفلسف في تاريخ الإنسانية.

٢

وهنا يعِنُّ السؤال الأهم حول هذه الدراسة، وهو:

لماذا البحث في عقيدة الخلود بالذات؟

يقول الكاتب الإسباني «ميجل دي أونامونو Migel De Unamuno»:
«كنت أتحدث إلى فلاح ذات يوم، واقترحتُ عليه وجودَ إله يحكم في الأرض وفي السماء، كما افترضتُ عليه أيضًا عدمَ وجود عالم آخر، وأنه لن يكون بعثٌ ولا نشور بالمعنى التقليديِّ المعروف، فأجابني الفلاح قائلًا: وما فائدة وجود الله إذًا؟!»٧
وتوضح هذه الفقرة معانيَ عقائدية، لا تقتصر على المستوى البسيط لهذا الفلاح، بل تتجاوزه إلى أكبر العقول ثقافة، وإلى عمق الجذور التي تقوم عليها عقائدُ كثيرة، ولعل أهم هذه المعاني:
  • الارتباط المتكامل بين العقيدتين الإلهية والأخروية، ارتباطًا يصعب فَصمُه، مما يجعل البحثَ في إحداهما مستقلًّا عن الأخرى في ديانةٍ ما، مسألةً شائكة ومعقدة وصعبة إلى حد كبير.

  • إن الأولوية لدى العقائديِّين، لا زالت للعالم الآخر؛ لأنه يحمل معنى الخلود، وبقياس منطقيٍّ بسيط يمكن القول: إنه لو لم يكن هناك خلود لمات الله. ولربما كان «لوثر» يقصد هذا عندما قال: إذا لم تعتقد في اليوم الآخر، ما ساوى إلهك عندي شيئًا.٨

وهذا هو السبب الأول لاختيار عقيدة الخلود؛ لمعالجتها في هذا البحث.

كما أن العالم الآخر عالم غيبي، لا دليل عليه سِوى ما ورد عنه في بعض السطور في بعض الصَّحائف المقدسة، دون بعضها في دياناتٍ أخرى، فأصبح موضوعًا مختلِفًا عليه، وعلى ماهيته ومواصفاته، بل وعلى وجوده أصلًا، بين الغيبيِّين أنفسهم، مما يجعله موضوعَ تصديقٍ وتكذيب؛ ليستمر قلقًا بين الوجود والعدم. هذا رغم ارتباطه ارتباطًا وثيقًا، بالسلوك الخلقي والشخصي والاجتماعي للإنسان، حتى إن بعض الديانات الحية كالمسيحية والإسلام، ترى أن عدم الإيمان بالحياة الأخرى، معناه الانهيار الكامل للنظام الأخلاقي الدنيوي برُمَّته، بل وانهيار الإيمان بالله ذاته.

وغنيٌّ عن الذِّكر أن فريقًا كبيرًا من الفلاسفة يرى الرأي نفسه، ولعل أصدقَ من يمثلهم هنا، فيلسوف النقدية الألماني «عمانوئيل كانط lmmanuel kant»، الذي بنى دليله الوحيد على وجود الله والعالم الآخر معًا، على النظام الأخلاقي الدنيوي، وذهب إلى أنه لو لم تكن هناك حياةٌ أخرى يكتمل فيها تحقيق المثل الأخلاقية، لما أصبح للأخلاق في هذا العالم معنًى.٩
وقد كتب كانط Kant مقالًا صغيرًا عن «نهاية كل شيء»، أوضح فيه أن العالم كلَّه سينتهي إلى غايةٍ واحدة، هي نهايته، ولن يبقى سِوى الله وحده، بمعنى أنه يَقضي على الزمان لِيُثبت الخلود،١٠ وفلسفته الدينية في مجملها، تفرق بين نوعَين من الإيمان بالله:
  • الإيمان أو اللاهوت الفيزيقي Thelogie physique: الذي يعتمد على الغائيَّة في الطبيعة.
  • الإيمان أو اللاهوت الخلقي Thelogie morale: الذي يَعتمد على الغائية الخَلقية للسلوكيَّات البشرية.
وينتهي كانط Kant من دراسته للَّاهوت الخلقي، إلى إثبات وجود الله كعِلَّة خَلقية للعالم، وغايةٍ قُصوى تطابق القانون الخلقي، بحيث لا يمكن الاستغناءُ بالقانون الخلقي عن الله،١١ لأنه هو الضامن للأخلاق أو الدالُّ عليها، ومن ثَم تكشف الإلزامات الخلقية عن الله. وباختصار وبساطة، يمكن القول: إن كانط Kant لم يقل شيئًا أكثرَ مما قاله فلاح أونامونو. ونعتقد أن هذا الرابط بين الإيمان بالخلود، وبين النظام الخلقي الدنيوي، سبب آخرُ كافٍ لإعطاء موضوع الخلود أهميةً تَجعله جديرًا بالبحث.

والأمر الواضح والمأخوذ على مكتبتنا العربية، هو إقلالها الشديد في الدراسات الموضوعية، حول العقائد السابقة على الإسلام، وبذلك تُعاني نقصًا وفقرًا شديدًا في هذا المجال، خاصة فيما يتعلق بعقائد الحضارات القديمة وما تيسر لنا منها، وجدناه يعامل هذه المعتقدات إما باعتبارها مثيولوجيا خالصة، من منطق التسفيه والتكفير. بل إن بعضها كان يعاني من سطحية شديدة في البحث لا تراعي أبسط شروط البحث السليم؛ كمُراعاة الفارق الزمني، وما يستتبعه من فوارقَ في مختلِف الإمكانات المتاحة، مثلًا.

ويُلاحَظ على هذه الدراسات العقائدية العربية، اقتصارُ كل منها في الغالب على البحث في ديانة معينة، يتم تناولها في مجملها، دون بيان واضح للخطوط الفاصلة بين معتقد ومعتقد، داخل هذه الديانة المدروسة.

علمًا أن المترجَمات التي تناولَت العقائد القديمة، وخاصة عقائد مصر الفرعونية، لم تتناول عقيدة الخلود منفصلةً عن بقية فروع الديانة، انطِلاقًا من قاعدةٍ هي أن هذه العقيدة بالذات هي لُبُّ الديانة المصرية وأساسها وجوهرها، فجاءت مختلِطةً ببقية عقائدها؛ مما جعل الحديثَ عنها، مستقلةً، أمرًا صعبًا.

وهذا ما نجده مثلًا عند «أدولف إرمان A. Erman» في «ديانة مصر القديمة»، وإن كان ذلك لا يجعلنا نجحد فائدته الكبيرة لهذا البحث، أو ما نجده مختلطًا أكثر بالعرض التاريخي في دراسات أخرى، كما عند عبد العزيز صالح في مجموعته الضخمة الشرق الأدنى القديم، أو عند نجيب ميخائيل في سلسلة كتبه مصر والشرق الأدنى القديم، أو سليم حسن في مجموعته «مصر القديمة»، وهي مجموعات هائلة كيفًا وكمًّا، وكان لها فضلٌ لا يُنكَر على بحثنا هذا.
وفي مجال الإشارة للكتب التي أفادتنا لا يَفوتنا أن نَذكر «فجر الضمير» للمؤرِّخ والأثري «جيمس هنري برستد J. H. Breasted»، و«الحضارة المصرية» للأثري «جون ولسن» كما كانت هناك فوائدُ خاصة لبعض الكتب التاريخية، كمساعدتها في تَفهُّم خط سَير التاريخ المصري منذ بداية العصور التاريخية، وقد برَزَت أهميتها بوضوحٍ أثناءَ كتابة الباب الأول من هذه الدراسة، ولعلَّ أجدرَها بالذِّكر هنا «مصر الخالدة» لعبد الحميد زايد، وكتاب «تاريخ مصر منذ أقدم العصور إلى الفتح الفارسي» ﻟ «برستد Preasted»، و«قصة الحضارة» لول ديورانت.
إلا أن الملاحظة الجديرة بالتسجيل في مَقام عرض ثروة المكتبة العربية العقائدية، أن أغلب المؤلَّفات العربية كان واضحًا فيها روحٌ تبعية واضحة لآراء الأثَريِّين الغربيين وأخذها كمسَّلمات، والملاحظ بشكل عام على ما تم من دراسات حول العقائد القديمة، أن مجملها كان تسجيليًّا، وبعض القليل كان وصفيًّا، وأقل القليل ناقش أو قارن، وأنها بنظرة مجملة لم تُجِب عن كثير من الأسئلة حول عالم الخلود بوضوحٍ أو بتفصيل؛ مثل:
  • أين تخيَّل المصريون القدماءُ موقعَه في الكون؟

  • زمن وجوده؛ بمعنى: هل هو موجود حاليًّا بجانب عالمنا هذا؟ أم فيما وراءه؟ أم سيكون بعد زوال منتظَرٍ لعالمنا المحسوس؟ أم أنه صورة مستقبَلية له بعد تغيير أو تبديل سيتم فيه؟ … إلخ.

  • العلاقة الجدلية القائمة بينه وبين أطراف العقيدة الشاملة المرتبطِ بها، وبينه وبين نَظيرِه في ديانات مختلفة، وعلاقات التأثير والتأثر التي يُحتمَل قيامها على هذه العلاقة.

وإن كل هذه الأسباب السالفة، تدعو إلى إضافة بحث جديد، يتناول هذا المعتقد بشكل مستقلٍّ — قدر ما يمكن — عن بقية المعتقدات؛ شرحًا وتفصيلًا.

ومع كل ما سلف، تأتي أسبابٌ أكثرُ أهمية لاختيار الديانة المصرية؛ لدراسة عقيدتها في الخلود، لعل أولها إشارةُ كثير من الباحثين إلى سَبق الديانة المصرية للفلسفات التي تلَتْها تاريخيًّا، بحيث يصبح من واجب الباحثين تناوُلُ هذه الديانة بقدر أكبر من الاهتمام.

مضافًا إلى ذلك ما قيل حول تأثير الديانة المصرية القديمة، وبخاصة عقيدتها في الخلود، على الديانات الأخرى التي تلَتْها في الظهور، أو ما تأكَّد يقينًا بعد جملةِ دراسات عند برستد Breasted وديورانت، من تأثيرها الكبير في العقائد العبرية، نكتفي بالإشارة إليها، مع إحالة القارئ إلى «فجر الضمير» لبرستد Breasted و«قصة الحضارة» لديورانت، هذا مع ما أشار إليه بعضُ الباحثين، حولَ تأثيرها العميق في العقيدة المسيحية.

والأخطر ما أكَّده بعضُ الباحثين، حول قوة تأثير عقيدة الخلود الفرعونية وعمقها فيما تلاها، حتى وصل هذا التأثير في مَدِّه ومَداه إلى اليوم، وهو ما يُعبِّر عنه جون ولسن بقوله:

«إن مصر القديمة، كانت الينبوع الذي استقَيْنا منه ميراثنا الخلقي»١٢ … أو ما تعبر عنه رؤية برستد Breasted لمصر، كمهد لأعلى معاني المدنية، وقوله: «كشفتُ وأنا مستشرق مبتدئ، أن المصريين كان لهم مقياس أسمى بكثير من الوصايا العشر، وأن هذا المقياس قد ظهر قبل أن تُكتَب تلك الوصايا بألفِ سنة.»١٣

وبِناءً على ذلك، تأخذ الديانة المصرية القديمة وعقيدتُها في الخلود شكلًا جديدًا، هو سرُّ الاهتمام ببحثها؛ وهي أنها ليست مجردَ ديانة تمثل بداية الأطوار التطورية للعقل البشري، وإنما أيضًا لأنها ديانة أثَّرَت في العقلية البشرية، وعاشت حية فيها من خلال عقائدَ أخرى، أخذَت عنها وتأثَّرَت بها.

وهناك أسباب هامة أخرى دفَعَت إلى هذه الدراسة، تتلخص فيما أُثيرَ من جدل حول قيمة الديانة المصرية القديمة، فنجد في هذا المجال آراء أخرى ترى أن الديانة المصرية، رغم طول بقائها الزمنيِّ لأكثرَ من أربعةِ آلاف عام، فإنها لم تَستطع أن «تُصبح قوةً روحية شاملة أبدًا، ولا أن تُثمر فلسفةً حياتية مُلائمة»١٤ بل ويرى البعض مثل «إريك بيت Erik peet»١٥ أن شهرة العقائد المصرية خطأ شائع، يَرجع في الحقيقة إلى شهرة الإسكندرية التي يَنسبها فكريًّا إلى اليونان، ويذهب إلى أن دينَهم كان مجموعةَ خرافات وأساطير، وخاليًا تمامًا من النظر في الوجود والموت والأخلاق، وأنهم — في رأيه — قومٌ كُتب عليهم الجمود ولم يرتقوا يومًا ارتقاءً عقليًّا أبدًا.

وإن هذا التعارض في الآراء، يعد سببًا وجيهًا جديدًا يضاف إلى مجموعة الأسباب؛ ليجعل البحث في عقيدة الخلود الفرعونية أمرًا مطلوبًا؛ لحل هذا التعارض، والوصول بالأمر إلى حقيقته، على الوجه الأقرب إلى الصحة واليقين.

٣

وتَنقُلنا هذه الأسباب إلى سؤال جديد وهام، هو:

لماذا أعتبر موضوع البحث مشكلة؟ وللإجابة نقول:

أولًا: يمكن اعتبار الأسباب السالفِ إيرادُها لاختيار الموضوع تفسيرًا لاعتباره مشكلة، كما أنه لن يكون قُصورًا من الباحث ولا ابتداعًا منه التأكيدُ من البداية على أن البحث في ديانة مصر القديمة، أمر شائك ومشكلة كبرى معقَّدة أشد التعقيد. حتى قال برستد: إن العقائد المصرية القديمة قد تشابكَت حتى «صارت تُشبه حُزْمةَ خيوط معقَّدة، مما يجعل بحثها الآن صعبًا جدًّا، بل يكاد يكون مستحيلًا.»١٦
أو ما أكده «ستانلي. ا. كوك» في قوله: إن «آراء المصريين في الآلهة والموتى، أكثر تعقيدًا واضطرابًا من أن تسمح ببسطها بسطًا يسهل إدراكه»،١٧ وهو ما تذهب إليه «إليزابيث رايفشتال» بقولها: «إن الديانة المصرية موضوع لا يقبل التحليل الموجز، بل لا يَقبل التحليلَ على الإطلاق.»١٨ وما أقَر به — إقرارَ الخبير — الآثاريُّ إرمان حولَ صعوبة حصول الباحثِ على فكرة متصلةِ الحلقات عن عقائد مصر القديمة، وأنه «إذا أُريدَ استقصاءُ التفاصيل، فدونَ ذلك متناقِضاتٌ من ضروب شتَّى.»١٩
ويعزو هؤلاء جميعًا أسبابَ صعوبة البحث في عقائد الفراعنة — أو استحالتِه بتعبير برستد — إلى: أن الديانةَ المصرية لم تكن تتألَّف من عقيدة واحدة، متَّسِقة في جميع تفاصيلها وأجزائها، يَدين بها المصري في كل العصور، وإنما كانت تتألف من عقائدِ عبادات مختلفة، تتصل بعبادات محلية متفرقة، بما حِيكَ حول كلٍّ منها من فِكَر وأساطير، فأصبحَت تَحوي تناقُضاتٍ صارخةً من مفارقات شتى، لا تأتلف مع بعضها البعض بأي حال، فكانت النتيجةُ أن ترَك لنا المصريون القدماءُ نصوصًا متضاربة، مما حدا بالباحثين إلى إعلان «أن الأمر ينجلي عن اضطراب لا مثيلَ له؛ فهذه النصوص لم تَعرف النظام أبدًا، خلال الثلاثة آلاف سنة التي عاشَتْها الديانة المصرية بعد عصر نصوص الأهرام»٢٠ حتى إنهم كانوا يَعْجَبون «كيف تحمَّل شعبٌ ذكيٌّ هذا الخلطَ قرنًا بعد قرن.»٢١
ومع ذلك التناقض والتضارب الشديدَيْن في نصوص الديانة المصرية القديمة، فإن المصري القديم لم يكن يشعر «من جرَّاء تضاربها بأيِّ قلق، أكثرَ مما كانت تشعر به أيةُ حضارة قديمة أخرى، باستبقاء طائفة من عقائدها الدينية — جنبًا إلى جنب — مع عقائدَ أخرى تُخالفها أو تتناقض معها كلَّ التناقض.»٢٢ وإن السبب المؤكِّد لهذا الاضطرابِ في عُرف هؤلاء الباحثين «لا يرجع إلى طبيعة المصريين، وإنما إلى أنها (ديانتهم) تراث أجيال طويلة وعبادات مختلفة.»٢٣

وإذا كان هذا هو رأيَ علماء المصريات؛ فقد بات واضحًا من البداية أن عوائقَ الدراسة في تلك الديانة القديمة كانت جَمةً وكثيرة، خاصة إذا عَلِمنا أن عقيدة الخلود — موضوعَ البحث — هي أساسُ هذه الديانة، والقاسم المشترك بين عقائدها المختلِفة المتضاربة، فنالها من التضارب نصيبٌ أوفى وأكبرُ من نصيبِ أي عقيدة أخرى في هذه الديانة؛ لأنها حملت من أصناف هذا التضارب أنواعًا تتعدَّد بتعدُّد العقائد التي شاركَت فيها. ولم تَكمُن العوائقُ فقط في هذا التناقض والتضارب داخلَ ديانة مصر القديمة، بل أيضًا في دخول عقائدها مراحلَ تطوريةً ليس لها سُنة ولا قانون؛ فقد كانت طَورًا إلى الأمام وطورًا إلى الخلف، فطورًا ارتبط هذا التطورُ منطقيًّا مع عهده وعصره، ومع التسلسل التاريخي العامِّ لحضارة مصر الطويلة، وأطوارًا خرج هذا الارتباطُ عن كل حدود الفَهم والمنطق تمامًا!

وكان لخيال الكُهَّان في العصور الفِرعونية المتوالية دورٌ أنْكى وأمَرُّ، بما أضافوه من أمور شتَّى متتالية، لِتَتراكم فوق بعضها البعض، مضافًا إلى كل هذا تواجُد بعض العقائد المتعارضة داخل النص الواحد، مما جعل الفصل بين الرأي والآخر، أمرًا غاية في الصعوبة. زِدْ على ذلك بعضَ الأساطير المقدسة التي دخَلَت خليطًا بين نصوص هذه العقائد بروايات مختلِفة، اختلفَت باختلاف آراء كاتِبيها وأمزجتهم، وحسَب الظروف والملابَسات التي أحاطت بزمن كتابتها، فكان أن كُتِبَت الأسطورةُ الواحدة مراتٍ متتاليةً متفرقة عبر قرون طويلة، فإذا بها بعد جمعها قد اختلفت في أحداثها، وتضارَب أولُها مع آخرها، بل إن بعض كتَّاب هذه العهود كان يضع لِما يَكتب تاريخًا مغايِرًا لتاريخ عصره الحقيقي؛ بقصد رفع قيمة ما كتَب، أو لإعطاءِ كتاباته هالةً قدسية؛ تحقيقًا لأغراض خاصة، مُتداخِلًا مع كل هذه المتراكمات، ووسَط هذا الازدحام — باستمرارٍ وإصرار — أورادًا سحرية بلا معنًى ولا رابطٍ ولا زِمام، جعلَت التفرقة بين ما هو حقيقة، وبين ما هو من سحر الخيال مسألةً تحتاج إلى سحر معاصِر لفكِّ طلاسمها، مما جعل تعبير برستد Breasted بأن حل هذا كلِّه مِن ضروب المستحيل، تعبيرًا غيرَ مبالَغ فيه.

وقد أدى ذلك بدورِه إلى تناقضِ ما وصل إليه علماءُ المصريات مع بعضهم البعض في تفسير النص الواحد أو الحدثِ الواحد، أو في نسبة هذا النصِّ أو الحدث التاريخي إلى زمنه الصحيح — تبعًا لتناقُض موضوع بحثهم ذاتِه — كما كانت تفسيراتهم في بعض الأحايينِ متضاربة، بل واختلَفوا أحيانًا حول مراحِلَ بكاملها من مراحل هذا التاريخ العتيد! بل إن مُحاولة وضع هذه الأمور في نِصابها، قد دفَع الباحثَ إلى بحثِ مسائلَ لم تكن من قبل في عِداد المشاكل، وبالتالي خلق مشاكل جديدة تحتاج إلى حل، خلقًا أجبرَتْه عليه خُطَّته، وإصرارُه على الوصول بالأمور إلى وضعها الأقرب إلى الصحة؛ كمشكلة الإله أوزير التي واجهته لدى قراءته في أولَيَات المصادر، ذلك الإله الذي كان قاضيًا للحساب في عقيدتين تنافرَتا كلَّ التنافر؛ نتيجةً حتمية لتنافر المصالح الطبقية، فقد كانت أولهما عقيدة الملَكية الرسمية، والثانية عقيدة الشعب الجماهيرية.

٤

والهدف من هذه الدراسة هو في حقيقته مجموعةٌ من الأهداف، هي:
  • أولًا: تنقية عقيدة الخلود الفرعونية من عَلائقها بالمعتقَدات الأخرى التي تشابكَت معها؛ حتى يُمكِنَ دراستها مستقلة منذ مَناشئها البدائية الأولى، وعبر مراحلها التطورية؛ حتى يمكنَ تكوينُ تصوُّرٍ أوضحَ عن الخلود الفرعوني، مع محاولة التفسير والتعليل، وفَهم الأسباب والنتائج، عندما يَستدعي المقامُ ذلك.
  • ثانيًا: وضع فصول مستقلة لبيان هذه الارتباطات بين عقيدة الخلود وبين بقية العقائد؛ لإيضاح العلائق بينها متى وُجِدت، وبخاصة العقيدة الإلهية، وما تَحويه من آراء في الوجود؛ باعتبارها اعتقادًا ملازمًا لعقيدة الخلود.
  • ثالثًا: محاولة اكتشاف مَلامح السبق أو التأثير للدِّيانة المصرية في فلسفات وعقائدِ الأمم التالية، دون إفاضةٍ تبعد البحثَ عن موضوعه الأساسي، بمعنى محاولة العثور على ما يُمكِن اعتبارُه أصولًا أُولى، بدأَت ظهورَها عند المصريين؛ لِتَصب بعد ذلك في العقائد التي تلَتْها، اعتمادًا على أساسَيْن جوهريَّين:
    • الأساس الأول: العَراقة التي تميزَت بها ديانةُ مصر القديمة وقِدَمها التاريخي.
    • الأساس الثاني: أنه لا يمكن استبعاد هذا التأثير المصري فيما عاصرَه أو تلاه؛ إعمالًا لمبدأ الاتصال الدائم والقائم باستمرارٍ للفكر البشري، فليس هناك ما يمنع مِن حدوث تبادُلٍ ثقافي بين مصر وجاراتها، وهذا ما يُرجَّح حدوثه في عصر الإمبراطورية المصرية التي امتدت من الجندل الرابع في العمق الأفريقي، وحتى الفرات الأسيوي شمالًا وشرقًا، في عصر الدولة الحديثة.

    ومن ثَم الانتهاء من هذه المحاولة بوضعِ ما قد يتم اكتشافه حول تأثير هذه العقيدة المصرية فيما تلاها في شكل واضح، وبحثه قدر الجهد، وبقدر ما تسمح به طبيعةُ البحث، أو تركه على صورته الواضحة تلك، لمن يستطيع أن يتابع السير على النهج، إذا لم يتَّسِع مجال دراستنا لبحثه تفصيلًا، أو إذا قصرَت القدرة، ولم تستطع استطاعتُنا استكمالَ بحثه.

  • رابعًا: ولعل الموضوع الأساسي والرئيسي هو استنطاق التاريخ ما اختَفى وراء غِمار أحداثه الظاهرة، حولَ تأثير العوامل السياسية والاجتماعية على العقل المصري القديم، بحيث دفعَتْه إلى تصوراته عن عالم الخلود، ونتائج هذا الارتباط بين الحدث السياسي أو الاجتماعي، وبين تطور هذا المعتقَد ومَفاهيمه.
  • خامسًا: البحث عن الحقيقة الكامنة وراء آراء الباحثين المتضاربة حول الديانة المصرية القديمة؛ هل كانت هذه الديانة في جوهرها ساذَجةً فطرية كما اعتقد البعض؟ أم كانت فكرًا عميقًا قويًّا كما ذهب البعض الآخر؟ وهل كان تَضاربُها الظاهرُ يعود إلى عقلية متخلفة؟ أم أنه كان وراء هذا الاضطرابِ أسبابٌ أدت إليه؟ وهل يمكن الوصول — تسللًا عبر هذا الاضطراب — إلى حقائق فكرية ثابتة يحتمل أن المصري القديم آمَن بها؟ وتُؤخَذ له لا عليه؟!
  • سادسًا: إلقاء الضوء باستمرار حول كل نقطة تطوُّرية يمكن اكتشافها في السلسلة التطورية لهذه العقيدة، مع ربطها بأحداث عصرها ومُلابَساته؛ لبيان الأسباب والنتائج، حتى يُمكِن في النهاية رسمُ صورة واضحة للخطِّ التسلسُلي التطوري لهذه العقيدة، إبَّان سيرها خلال العصور المتوالية.
  • سابعًا: ويؤدي هذا بنا إلى محاولة إعادة ترتيب النصوص التاريخية والدينية المصرية القديمة، وَفْق خُطة منهجية، تحاول اكتشاف الحقيقة وراء التضارب الظاهر؛ لإبراز أوجُه الاتفاق والاختلاف، والتأثير والتأثُّر المتبادَل بين هذه النصوص، وبين الظروف التاريخية؛ سياسية، أو اجتماعية.
  • ثامنًا: الانتهاء من هذا كلِّه إلى هدف يجمع كلَّ هذه الأهداف معًا، وهو الكشف عن طريقة وأسلوب العقل البشري، في حِقْبة قديمة من حِقَب التاريخ الإنساني، والقوانين التي حكَمَت تطورَه الفكري، وتصوراتِ المصري القديم للعالم الآخر، مكانًا وزمانًا ومواصفاتٍ وماهيةً.

٥

ولكن ما السبيل إلى تحقيق هذه الأهداف؟ خاصة أمام تعبير برستد Breasted عن استحالة ذلك؛ هذا التعبير الذي قد يكون باعثًا للتساؤل حول قيمة هذا البحث برُمَّته؟!
إن الباحث لا يدَّعي قُدراتٍ ليست له، ولا يصل به الظن إلى حد إمكان تجاوز «الاستحالة»، ولا يزعم لنفسه فَهمًا يفوق أصحابَ المسألة المتخصصين، إنما هو يزعم «المحاولة» فقط، لدفع الموقف عبر الاستحالة، من خلال عمليات ترتيبٍ وتنظيم وتبويب جديدة تمامًا، للموجود منذ القديم، فلربما تصبح المسألةُ أكثرَ قَبولًا، وأقلَّ تناقضًا واضطِرابًا، بدفع من إيمان عميق برأي يؤكد أنه «لو كتب على أصحاب التفتحات الجديدة أن يخذلوا إنسانيًّا وتاريخيًّا، لما كانت الإنسانية تَنعم بما تنعم به اليوم، ولما كان هناك مجالٌ للتطور»،٢٤ لأنه «ليس كلُّ مألوف أو كل معروف، هو الذي ينبغي أن يظل ثابتًا»،٢٥ فلربما تكون «القاعدة نفسها التي تعلم الناس الأصول بحاجةٍ إلى إحياء وتحديث»،٢٦ وهذا ما كان يؤكده المستشرق الفرنسي «ميشال آلار» لتلامذته الباحثين دائمًا بقوله: إنه «لا يمكن لعلم البارحة أن يكون كافيًا، وأحيانًا لا يكون له أي قيمة لعلم اليوم.»٢٧

لهذا؛ وبدفع من مثل هذه الرؤى، يمكن أن يتحول «المحال» إلى «إمكان»، إمكان محدود في المحاولة، وفي القدرة عليها.

وتحقيقًا لكل هذه الأهداف، فقد وضعنا لها خطة تسير عبر مساراتٍ ثلاث؛ لعلها كانت بوحي من عقيدة التثليث الفرعونية، فقُسمت هذه الدراسة إلى ثلاثة أبواب: باب أول مقسوم إلى فصلَين، وبابَين ثانٍ وثالث، انقسم كلٌّ منهما إلى فصول ثلاثة؛ لتعالج هذه الأبوابُ والفصولُ عقيدةَ الخلود الفرعونية، مقسمةً إلى مراحلَ ثلاث، أُولاها العقيدة في مراحلها البدائية، مع عرض عام لها في — الفصل الثاني من الباب الثاني — ثم العقيدة خلال تطورها مع ديانتَين توالى سلطانهما على العقل المصري القديم، هما ديانَتا الإله «رع Ra» إله الملكية الرسمي، و«أوزير Osiris» إله الديانة الجماهيرية.

وقد رُوعيَ أن يسير هذا التطورُ مع عصور ثلاثة كبرى متتالية شكَّلَت عمر الحضارة المصرية، بدءًا بعصر الدولة القديمة، ومرورًا بعصر الدولة الوسطى، وانتهاءً بعصر الإمبراطورية أو الدولة الحديثة؛ ليوضع هذا كلُّه في موجز تاريخي في الباب الأول.

وعليه؛ فقد تم ترتيب الأبواب والفصول كالآتي:
  • الباب الأول: موجز تاريخ مصر القديمة:
    وقد تم تقسيمه إلى:
    • مقدمة: لشرح الخطوات المنهجية التي اتُّبِعَت لدراسته.
    • فصل أول: مصر القديمة على ذمة التاريخ: وهو عَرض سريع لقصة مصر التاريخية، كما جاءت في كتب التاريخ لدى المؤرخين والأثريين وعلماء الحضارات.
    • فصل ثانٍ: استقراء التاريخ: وخُصِّص لمناقشة مقارنة لما جاء في الفصل الأول، بهدف ترتيب أحداث التاريخ، ترتيبًا يُساير روح المنطق والعقل، وَفْق خطة تَهدِف إلى إبراز الأحداث التي تهم دراستنا، أو التي سنَعتمد عليها.
    • خاتمة: تُلخِّص أهم النتائج التي ينتهي إليها البحثُ في بابه الأول.
  • الباب الثاني: فلسفة الديانة الفرعونية:
    وقد تم تقسيمه إلى:
    • مقدمة: لشرح الخطوات المنهجية التي اتُّبِعَت لدراسة هذا الباب.
    • فصل أول: فلسفة الوجود الفرعونية: وهو عرضٌ عام لأهم أسس الديانة المصرية وفلسفتها في الوجود، مع محاولة المقارنة مع ما لحقها من فلسفات.
    • فصل ثانٍ: عقيدة الخلود الفرعونية: وقد خُصِّص لشرح وتفصيل عقيدة الخلود المصرية منذ مَناشئها الأولى.
    • فصل ثالث: مشكلة الإله أوزير: ورغم عدم وضوح المغزى والدلالة لهذا الفصل في البداية، فإن له أهميةً قصوى، فقد خصصناه لمناقشة موقف إله الموتى أوزير، مناقشة منطقية تاريخية مقارنة؛ لبيان مدى ارتباطه بالملكية الحاكمة من جهة، وجماهير الشعب من جهة أخرى، وما هي علاقته بالإله الرسمي «رع»، وما هو توقيت ظهوره الصحيح — أو على الوجه الأقرب إلى الصحة — كحاكمٍ لمملكة الموتى؛ وكقاضٍ للعالم الآخر، وقد تم وضع الخطوط العريضة لهذا الفصل بالذات بعد القراءات الأولية، التي أوضحَت بجلاء أن هناك اختلافًا كبيرًا وعميقًا بين الباحثين، حول الأمور المتعلقة بهذا الإله.
    • خاتمة: تلخص أهم النتائج التي وصل إليها الباحث من بحثه في الباب الثاني.
  • الباب الثالث: عقيدة الخلود الفرعونية عبر مراحلها التطورية.
    وقد تم تقسيمه إلى:
    • مقدمة: تشرح الخطوات المنهجية التي اتُّبِعَت لدراسته.
    • فصل أول: الآثار السياسية والاجتماعية في نشوء عقيدة خلودٍ فرعونية جماهيرية: وقد خُصِّص لمناقشة الآثار التي يمكن أن تكون الأحداثُ السياسية والاجتماعية قد ترَكَتها على العقلية المصرية؛ لتبدع عالمَ خلود جماهيريٍّ يدخله الجميع، وتأثير ذلك في الديانتَين؛ الشعبية والملكية.
    • فصل ثانٍ: الآثار السياسية والاجتماعية في تطور عقيدة الخلود شعبيًّا وملكيًّا: ويتناول ما قد يكون للسياسة أو أحداث المجتمع من آثار على تطور عقيدة الخلود الشعبية، التي دخلَت في إطار الملكية.
    • فصل ثالث: تطور عقيدة الخلود الفرعونية وسيادتها العالمية: وقد وُضِع لمناقشة الحد أو المدى الذي وصلَت إليه عقيدة الخلود الفرعونية في تطورها.
  • خاتمة: تلخص أهم نتائج الباب الثالث، وأهم نتائج الدراسة بكاملها.

٦

ومما تجدر الإشارة إليه — بالإضافة إلى ما سبق — مصادر هذه الدراسة ومراجعها، التي سأورد أهمَّها وأكثرها؛ اعتمادًا في الحواشي بالطريقة التقليدية في مواضع الاستشهاد بها، بينما سأقوم بجمعها كلِّها في نهاية الدراسة، مرتبةً حسب الحروف الهجائية لأسماء مؤلِّفيها. إلا أن المصادر المصرية القديمة ذاتها كانت هي المعتمَدَ الأساسي، وعُمُدَ موضوعات بحثنا، ولما كانت العودة إلى هذه المصادر بلغتها القديمة أمرًا يفوق قدراتنا، فقد تم استخراج هذه المصادر مِن مراجعها الموثوقة بكلِّ الدقة المطلوبة — قدرَ القدرة والإمكان المتاح — وتصنيفها حسَب مقتضيات الحديث وسياقه.

ولعله من الأفضل إلقاءُ إطلالة سريعة على هذه المصادر الأساسية؛ لمعرفة ماهيتها باعتبارها أهمَّ الأعمدة المصدَرية.

لقد قسم الآثاريُّون هذه النصوص — والتي تجمعها كلَّها رابطةٌ واحدة هي أنها كانت جنازية تُكتَب في التوابيت والمقابر — إلى أنواع، أعطَوْا لكل منها اسمًا مستمَدًّا من هُويَّتها، وأهمها لهذا البحث كانت:

(١) متون الأهرام

وتُعَد هذه المدونات أقدمَ ما حُفِظ للإنسانية على الإطلاق من نصوص دينية مكتوبة وصلَت لنا، وهي نصوص مستفيضة تكشف عن كثير من عقائد المصريين وأفكارهم الدينية والسياسية والفلسفية، عمد إلى نقشها على جدران غرف الدفن وبعض الغرف الملحَقة بها داخل الأهرام، ملوك الأسر الحاكمة في الدولة القديمة، منذ بداية الأسرة الخامسة على وجه التقريب. ويقول د. عبد العزيز صالح إنها قد «نقشت … لأول مرة في هرم ونيس٢٨ في أواخر القرن الخامس والعشرين ق.م على وجه التقريب. غير أن هذا لا يعني أنها أُلِّفَت في عهده لأول مرة، أو أنها كانت من وضع فرد بعينه، وإنما هي على الأرجح من إنتاج عصور وقرون طويلة، وإنتاج كفايات فكرية متباينة، ومذاهبَ دينية متعددة، ظلت نصوصها وأفكارها متفرقة قبل عهد ونيس في صدور الكهان وعلى صفحات البردي وسطوح الفخار والأحجار، وعلى أفواه الرُّواة والمحدِّثين عهودًا طويلة، حتى صحَّت الرغبةُ في عهد ونيس في تسجيلها في باطن هرَمِه؛ تأكيدًا لاستفادته الأخروية من تراتيل الدين التي تضمَّنَتها. وترتَّب على تنوُّع مصادر متون الأهرام وتَعدُّد مؤلفيها، أن خرَجَت في نهاية أمرها تحمل أكثرَ من دلالة على أصحابها، وتحمل أكثر من دلالة للباحثين فيها، وظهر فيها كثيرٌ من أسماء الأرباب القدامى وصفاتهم، وكثيرٌ من تصورات المفكرين عن الخَلْق الأول، ونشأة الوجود، وكثيرٌ من قصص المحدثين …»٢٩ مع ملاحظة أن هناك آراءً أخرى تذهب إلى القول بأن هذه المدوَّنات قد بدأ تسجيلها في الأسرة الرابعة …٣٠

(٢) متون التوابيت

ويتألف منها أعظمُ وأكبر مجموعة من المصادر الدينية القديمة، وقد بدأ المصريون بتسجيل هذه المجموعة من الأدب الديني على الأوجُه الداخلية للتوابيت، مع بداية العصر المتوسط الأول بعد نهاية الدولة القديمة، وهي صيغ تُشابه متون الأهرام، وتتَّحِد معها في الغرض الذي ترمي إليه، غير أنها كانت أكثرَ مُلاءمة لحاجات غِمار الناس، رغم أن أغلبها عبارة عن مقتبَسات من الأهرام الملكية.

وعدا ذلك تُوجَد مصنفات أخرى نكتفي بالإشارة إليها دون اعتمادها، مثل كتاب الطريقين، وكتاب الموتى، وكتاب الموجودين في العالم السفلي، وكتاب البوابات؛ نظرًا لأن كل ما ورد بها فيما يتعلق بموضوع البحث، لا يخرج عما جاء في المصدرَين الأساسيَّين: متون الأهرام، ومتون التوابيت.

ونظرًا لما تقتضيه ظروف البحث وطبيعتُه؛ كان لا بد — بالإضافة لهذه المتون — من الأخذ بعين الاعتبار، بل وبكلِّ الاعتبار، بعض ما ترَكه المصري القديم من نصوص أدبية، لم يَقِل تقديرها عنده عن النصوص الدينية، والتي يمكن من خلال دراستها الخروج بأهم سمات الحياة السياسية والاجتماعية لعصور أحداثها، وبانتخاب واصطفاء ما يناسب طبيعة موضوعنا من هذه النصوص الأدبية، يمكن إضافة الأعمال الخمس التالية:

(٢-١) تحذيرات وإنذارات الحكيم «إبيور» إيبو العجوز

وقد اشتهَرَت هذه التحذيرات باسم نصائح الحكيم «إبيور» (أي الحكيم العجوز، أو الشيخ الحكيم)، ويَغلِب على ظن المؤرِّخين أن هذا الحكيم قد عاش في أواخرِ عهد الملك «بيوبي الثاني»،٣١ آخر ملوك الأسرة السادسة في الدولة القديمة، أو في العصر الذي تلاه المسمَّى بالعصر المتوسط الأول. وهي مقالات أدبية رائعة، تُصوِّر الحالة السياسية والاجتماعية التي وصلَت إليها البلاد، كما ترسم صورةً للحاكم الصالح الذي تمناه أناسُ هذا العصر، حتى إن الجماهير حَفِظَت آراء العجوز «إبيور» عن ظهر قلب، وسجَّلوها على البردي الذي وصل بعضه إلى عصرنا تحت ما يُعرَف اصطلاحًا ببردية «ليدن».

(٢-٢) وصايا إلى «مري كارع»

وهي عبارة عن مجموعة نصائح يُقال: إن الملك الإهناسي «أخيتوي الثالث Akhtoy»٣٢ قد وجهها إلى ولده «مري كارع»، وتُعبِّر — عند المؤرخين — عمَّا طرَأ على الملَكية من تغيرٍ ناتجٍ عن الصراع الاجتماعي، الذي جاء في نهاية الأسرة السادسة، ولم يَعُد الملكُ في هذا العمل الأدبي الرائع إلهًا تَفصِله عن رعاياه هوَّةٌ سحيقة، بل بدأ يُقِر بخطيئته ومسئوليته عن شعبه وسعادته، كما أنها تُعَد من أخطر وثائق التطور الخلقي الإنساني في العالم أجمع، وأولها في تاريخ الإنسانية كلها مما وصلَنا مكتوبًا.

(٢-٣) قصة الفلاح الفصيح

وهي أيضًا من الآداب التي تَدفَّق ظهورها إبَّان مِحنة العصر المتوسط الأول، وتتكون من تسع شكايات تقدَّم بها فلاحٌ من قريةٍ بالفيوم، إلى مدير بيت الملك، بعد أن سلبَه أحدُ نبلاء الأقاليم تجارتَه ودوابَّه، وهي تُظهر الحالة السيئة التي ترَدَّت إليها البلاد وضعف الحكومة واختلال الأمن وانفِلات زِمامه، كما تُظهر نزعةً تقدُّمية جديدة، لأول مرة في تاريخ الملكية على ظهر الأرض.

(٢-٤) توجعات «نفر رحو» وتنبؤاته

ويعود تاريخها إلى نفس عهد الأعمال الأدبية السابقة — تقريبًا — وهي أيضًا تصور حال البلادِ البائسَ، ثم تتخذ منه موقفًا إيجابيًّا، فتَعِد بالخلاص على يد ملك عادل، يأتي لِيَرعى مصالح شعبه ورعيته بحنانٍ ومحبة، لا بقهر واستعباد.

(٢-٥) أغنية العازف على الهارب

وهي مجموعة أبيات شعرية تُبرِز لأول مرة في تاريخ الفكر المصري اتجاهًا ماديًّا، يكاد يكون إلحاديًّا، صاحَبَ حالةَ الصراع الاجتماعي الذي بدأ في نهايات الدولة القديمة.

مضافًا إلى كل هذا أساطير الآلهة المصرية، التي لا يُعلَم منها حتى الآن سوى القليل الذي جُمِع من النقوش والرسوم والمتون سالفةِ الذكر، بحيث لم يُوجَد نصٌّ واحد يعطي تفصيلًا كاملًا لأحداث هذه الأساطير، ويرجع كل من إرمان Erman ورانكه أسبابَ ذلك إلى أن «مؤلِّفي هذه النصوص الدينية، قد اكتفَوْا بهذه التلميحات؛ لأن الأساطير بلغت من الذيوع والانتشار مبلغًا كانت فيه مجرد الإشارة تكفي.»٣٣
ولعل أهم ما يَعني الموضوع هنا أسطورة كبرى هي الأسطورة الأوزيرية؛ نسبةً للإله «أوزير»؛ لأنها كانت أكثرَ وضوحًا من غيرها، كما دخلَت عناصرُها في المتون الجنازية، ناهيك عن أنها شكَّلَت أساسَ العقيدة الشعبية وجوهرَها، حتى إن علماء المصريات القديمة يرون أنها «أثَّرَت على الحضارة المصرية تأثيرًا بينًا، بحيث أصبحنا لا نتصور هذه الديانة بدون قصة أوزيريس»،٣٤ ونظرًا لهذه الأهمية البالغة؛ فقد وضَعنا لمناقشة العقيدة الأوزيرية فصلًا كاملًا هو الفصل الثالث من الباب الثاني. ومن المهم أن نذكر أنَّ نصوص الأهرام والتوابيت وبعض الأساطير وخاصة الأوزيرية، قد تمتعَت بمكانة كبرى عند المصري القديم، لا سيما وأن «الكتب التي تضم هذه الأساطير قد اعتُبِرت من القداسة بحيث لا يَجوز وضعُها في مزارات المقابر وقاعات المعابد عُرضةً لأنظار الناس.»٣٥
أما مصدر قُدسيَّتها في نظر المصريِّ القديم، فمرجعه إلى كونها «كلمات الله …»٣٦ نعم؛ بل إن كتاب الموتى Book of the Dead، كان محلَّ اعتبار خاص، نتج عما أُشِيع حوله آنَذاك، بأنه «قد عُثِر عليه في عين شمس»، وأنه «كان بخط الإله نفسِه»،٣٧ ليس هذا فقط، وإنما كانت قدسيتها تَفرِض على المؤمن ألا يَمسَّها إلا بعد أن يَغتسل ويتطهر، فلا يمسُّها إلا المتطهِّرون، حتى إن الآلهة أنفُسَها «كانت تغتسل سبع مرات عندما تريد أن تقرأ في أحد هذه الكتب المقدسة»،٣٨ وعلى أية حال، فإن الحياء والنزاهة قد يتطلبان منا اليوم أن نؤمِّن للمِصريين القدماء وجهةَ نظرهم هذه؛ ما دُمنا قد أمَّناها لمن ادَّعَوا نفس الادعاءات في الديانات الأخرى.
إلا أن ما يجب إيضاحه هنا: أن كل هذه المصادر الأصيلة تبدأ من عهد تسجيل المتون داخل الأهرام مع عصر الأسرات، فما هو الحال بالنسبة لعصر ما قبل الأسرات؟ هنا يَستحيل الحديث الأقرب لليقين، ويبقى الحديث ترجيحًا واستنتاجًا؛ والسبب أنه لم تَترك مصرُ في عصر ما قبل الأسرات أيةَ كتابة لنا٣٩ يمكن الاعتماد عليها، وبالتالي فلا مفر من البدء مع النصوص المكتوبة في عصر الأسرات، أو بالتحديد مع متون الأهرام، ثم افتراض أن النظام العقائدي الوارد فيها، قد بدأ قبل عصر الكتابة.

أضع هذا كله بين يدَيْ قارِئي؛ راجيًا أن أضع أمامه أهدافَ البحث محقَّقة، في صورة توضح طريقة العقل البشري ومنهجه الفكري، في تلك العصور الموغلة في غابر القِدَم، وفق ما تستطيعه استطاعتي، وقدر ما أملك من قدرات.

١  د. حسن حنفي، محاضرات في فلسفة الدين لهيجل، تراث الإنسانية، المجلد الثامن، الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة، ص٣٨٨.
٢  نفسه، ص٣٨٧.
٣  د. علي أدهم، فلسفة التاريخ لهيجل، تراث الإنسانية، المجلد الخامس، من تراث الإنسانية، عرض وتلخيص د. علي أدهم، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، ص١١٢.
٤  د. أحمد حمدي محمود، فكرة التاريخ لدوبين كولنجوود، سلسلة تراث الإنسانية، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، القاهرة، المجلد الأول، ص١٣٦.
٥  نفسه، ص١٤٠.
٦  الموضع نفسه.
٧  د. سيد عويس، الخلود في التراث الثقافي المصري، دار المعارف، القاهرة، ب.ت، ص٤٥.
٨  الموضع نفسه.
٩  د. حسن حنفي، دراسة بعنوان «الدين في حدود العقل وحده لكانط» منشورة ضمن «تراث الإنسانية» المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، المجلد السابع، ص٢٢٣.
١٠  المرجع نفسه، ص٢٠٠–٢٠٢.
١١  المرجع نفسه، ص٢٠٠–٢٠٢.
١٢  الحضارة المصرية، ترجمة د. أحمد فخري، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، د.ت، ص٤٩٥.
١٣  فجر الضمير، ترجمة د. سليم حسن، مكتبة مصر، القاهرة، د.ت، ص١٠.
١٤  إليزابيث رايفشتال، طيبة في عهد أمنحوتب الثالث، ترجمة إبراهيم رزق، مكتبة لبنان، لبنان، ١٩٦٧م، ص٢٢١.
١٥  انظر: الحياة المصرية في مصر في الدولة القديمة، ترجمة محمد بدران، دراسة منشورة ضمن سلسلة «تاريخ العالم»، المجلد الأول، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، د.ت، ص٥٩٤.
١٦  فجر الضمير، ص٦٤.
١٧  آلهة السحر، ترجمة إبراهيم خورشيد، دراسة منشورة ضمن سلسلة تاريخ العالم، المجلد الأول، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الثانية، القاهرة، د.ت، ص٦٨٢.
١٨  طيبة في عهد أمنحوتب الثالث، ص٢٠٦.
١٩  ديانة مصر القديمة، ترجمة د. محمد عبد المنعم أبو بكر، ود. محمد أنور شكري، مطبعة مصطفي البابي الحلبي، القاهرة، د.ت، ص٢٦٢.
٢٠  أدلف إرمان وهرمان رانكه، مصر والحياة المصرية في العصور القديمة، ترجمة د. عبد المنعم أبو بكر، ومحرم كمال، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، د.ت، ص ٨٧٩.
٢١  إرمان، ديانة مصر القديمة، ص٢٦٢.
٢٢  د. سيد عويس، الخلود في التراث الثقافي المصري، ص٧٨.
٢٣  د. محمد أنور شكري وآخرون، حضارة مصر والشرق الأدنى القديم، د.ن، القاهرة، د.ت، ص٩٢.
٢٤  د. أسعد علي، ندوته الأولى لعام ١٩٧٥م بمعهد الآداب الشرقية ببيروت، لبنان، مؤسسة مكاوي لبنان، ص١٠.
٢٥  د. أسعد علي، ندوته الحادية عشرة لنفس المعهد بنفس العام، ص١٤.
٢٦  د. أسعد علي، ندوته الأولى، ص٢٢.
٢٧  طريق إنسان المستقبل المنقذ، نص جمَعه من نصوص أخرى د. أسعد علي في كتابه: الطلاب وإنسان المستقبل، لبنان، ص٢٠٨.
٢٨  وهو أيضًا: وناس، أو يونس Unis.
٢٩  الشرق الأدنى القديم، الجزء الأول، ص١٢٧.
٣٠  انظر: د. إريك بيت، حياة المصريين وثقافتهم في عهدهما الأول، ترجمة محمد بدران، دراسة منشورة ضمن سلسلة تاريخ العالم، المجلد الأول، الطبعة الثانية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ص٢٤٥.
٣١  يُنطق أيضا Pepy بيبي، ونظنُّه الأصل في اسم العلَم المصري الحالي، الذي ينتشر بين الطبقات الشعبية «بيُّومي» إذا ما أخذنا في الحسبان خَلْط الأقدمين حرفَيِ الباء والميم في النطق، وحلولَ أحدِهما محلَّ الآخر.
٣٢  هو أيضا «خيتي Khati» أو «آخيتوس Achthoes».
٣٣  مصر والحياة المصرية في العصور القديمة، ص٢٨٢.
٣٤  إرمان، ديانة مصر القديمة، ص٨١.
٣٥  إرمان ورانكه، مصر والحياة المصرية في العصور القديمة، ص٢٨٢.
٣٦  إرمان، ديانة مصر القديمة، ص١٣.
٣٧  ول ديورانت، قصة الحضارة، المجلد الأول، الجزء الثاني، ترجمة محمد بدران، الإدارة الثقافية بالجامعة العربية، الطبعة الثالثة، القاهرة. د.ت، ص١٦٣.
ونَجد لذلك شبيهًا عند العبريِّين، فيقول الكتاب المقدس: إن لوحَيِ الشريعة اللذَيْن جاء بهما موسى كانا «مكتوبَين بإصبع الله.» انظر: الإصحاح ٣١ من سِفر الخروج.
٣٨  إرمان ورانكه، مصر والحياة المصرية في العصور القديمة، ص٢٨٢. وربما كان المقصود بالآلهة هنا الملوك المؤلهين في ذلك الوقت.
٣٩  جون ولسن، الحضارة المصرية، ص٦٩.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤