مقدمة

إن عالمًا مختلفًا لم يعد ممكنًا فقط، بل هو في طريقه إلينا. يمكنك أن تسمع أنفاسه في يوم هادئ إذا أنصتَّ بإمعان.

أرونداتي روي

يقول الناس إن عالم الأعمال معيب، وعن نفسي أتفق مع وجهة النظر تلك. إن طبيعة ذلك العالم تثير غضبي؛ فهي مستمدة من مدرسة الأعمال الجشعة في القرن العشرين التي دمرت أفرادها، وأفسدت بيئتها، وسارت متثاقلة الخطى كعملاق أعمى وأصم يتنقل من غرفة إلى غرفة، يكسر الأطباق، ويحطم الأبواب، ويملأ جيوبه بالعملات الذهبية. لقد اكتفينا من ذلك؛ نحن الأفراد، نحن العمال، وحمَلة الأسهم، والمديرين، وأعضاء المجتمع، ورواد الأعمال، والناس في العموم.

فماذا نفعل؟ هل نستسلم؟ هل نتخلص من كل شيء يتعلق بالأعمال التجارية، وننتظر بصبر ظهور شيء من نوع آخر يمكن أن يحل المشاكل التي تحتاج إلى حل؟ لا يمكنني فعل ذلك.

لا يمكنني أن أترك المستقبل للعمالقة العميان ثقيلي الخطى، ولا يمكنني أن أتركه أيضًا للسياسيين الذين يهتمون بالمدى القصير، أو للمنظمات غير الهادفة للربح التي تبذل أقصى ما في طاقتها وتواجه كثيرًا من التحديات، ولا يمكنني الانتظار بصبر، فأضواء الإنذار تومض بإلحاح، وتوجد مشاكل لا يمكن أن تظل بلا حل لفترة أطول من ذلك. إن كراهية النظام ليست كافية؛ لأن الجلوس وانتقاد عالم الأعمال والحوافز والمصرفيين و«الوضع الحالي» لن يحقق أقل قدر من الاختلاف.

ما ينبغي أن نفعله نحن هو تغيير مجال الأعمال. وكلمة «نحن» هنا تعني أنا وأنت وزملاءك وزملائي، وغيرنا في كل مكان. وإذا قررنا حقًّا فعل ذلك، فسوف نستطيع. إنها فرصة العمر.

يجب أن نبدأ في مزاولة أعمالنا بطرق جديدة؛ لأننا في حاجة ماسَّة إلى مزايا الأعمال التجارية الجيدة. وفي هذا الكتاب نلقي نظرة على تلك الأعمال، على الشركات التقدمية التي تعمل على نحو مختلف، على تلك الشركات المجنونة.

سترى في هذا الكتاب كيف تعمل شركات مختلفة على نحو أفضل في الوقت الراهن، لن نعرض نظريات فحسب، بل حقائق من العالم الواقعي. إن فوائد مثل هذا النوع من ممارسات الأعمال التقدمية الجديدة هائلة ومتعددة، وتتراوح ما بين تحسين المقاييس المالية: مثل خفض التكاليف، ورفع قيمة العميل الدائمة، وصولًا إلى أمور أخرى أقل قابلية للقياس لكنها أكثر أهمية: مثل بث روح الإصرار والرضا في نفوس الموظفين، والمساعدة في جعل العالم أكثر استدامة.

ولكي نساعدك على الفهم ومن ثم التطبيق، أفردنا فصولًا تتحدث عن الهدف والمعنى، والديمقراطية والتمكين، والأشخاص التقدميين، والقيادة الواعية، والانفتاح المؤسسي، وسرعة التغيير، والحَمْض النووي التكنولوجي، والإدارة المالية العادلة. الفصول الأربعة الأولى تتناول في العموم السمات البشرية لمجال الأعمال في القرن الحادي والعشرين، في حين تتناول الفصول الأربعة التي تليها في الأساس السمات المؤسسية لمجال الأعمال في القرن الحادي والعشرين، ونشهد بها تكرارًا لعدد من الأفكار الرئيسية.

أتمنى أثناء قراءتك للكتاب أن تدرك أننا لسنا وحدنا، وتستمد الشجاعة من ذلك. إننا جزء من شيء أكبر منا، وأعدادنا تتزايد! فشركات البرمجيات الهندية العملاقة التي تحقق إيرادات بالمليارات تطيح بالممارسات الإدارية التقليدية في مجال الأعمال، وشبكات القرصنة الإلكترونية السياسية التي لا تربط بين أفرادها علاقة رسمية يتعاونون فيما بينهم للإطاحة بعدوهم المشترك. وأصبحت شركات الطاقة الشمسية الأمريكية السريعة النمو مملوكةً بالكامل للعاملين فيها. وأصحاب مصانع الجعة الاسكتلنديون المستقلون المتمردون يجمعون التبرعات من مؤيديهم.

إنها حركة، وهدفي أن تنضم إلى هذه الحركة، وتصنع فارقًا في مؤسستك. فأنت هدفي من كتابة هذا الكتاب. إننا في حاجة إليك، فتعالَ وغيِّر العالم.

ويل ماكينيس

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤