مفاجأة جديدة!

عندما انضمَّ «تختخ» إلى المغامرين الخمسة والدكتور «مجدي»، أسرع الدكتور بمدِّ يدِه، وأخذ الأوراق من يد «تختخ»، بينما كان المغامرون يراقبون وجهَ الدكتور «مجدي» ليعرفوا تأثير المفاجأة عليه، إن كانت مفاجأةً سعيدة، أو حزينة، لكن السعادة ملأَت وجه الدكتور «مجدي»، وهو يقرأ أوراق البحث، ثم قال بصوت تملؤه السعادة: كيف عثرتَ على أوراق البحث؟! وأين وجدتَها يا عزيزي «توفيق»؟!

كان المغامرون يشعرون بالفخر؛ فقد توصَّلوا إلى الهدف، وابتسم «تختخ» وهو يقول في مرح: هل سنبقى في الشرفة طويلًا؟!

ضحكت «لوزة»؛ فابتسمت «نوسة»؛ فقد فهمتَا ماذا يعني «تختخ»، بينما الدكتور «مجدي» يتحرَّك من مكانه إلى داخل الفيلا.

مجدي: هيَّا إلى الداخل؛ فأنا كُلِّي شوق لأن أسمع من «توفيق» كيف عثر على أوراق البحث بهذه السرعة!

ثم نظر إلى «تختخ»، وهو يقول: لك عندي هدية قيِّمة؛ فما فعلتَه مدهشٌ تمامًا!

تحرَّك المغامرون الخمسة خلف الدكتور «مجدي» إلى داخل الفيلا، وفجأة انصرفَت لوزة، واختفَت، فهمست نوسة ﻟ «تختخ»: هذا ما كنت تقصده؟

ابتسم «تختخ»، وعندما جلسوا جميعًا، أعاد الدكتور «مجدي» سؤاله: حدِّثني يا عزيزي «توفيق»، كيف عثرت على أوراق البحث؟

بدأ «تختخ» يحكي ما حدث، منذ توقعه أن اللص قد رمى الأوراق وهي لا تهمُّه في إحدى سلال القمامة الموجودة في الشوارع، وتوقعه أن تكون في قمامة «دار السلام»، لكنه فجأة توقَّف عن الحديث، اندهش الدكتور «مجدي» لتوقُّف «تختخ» عن الكلام، وسأل: وماذا بعد؟!

كان «تختخ» قد رأى «لوزة» مقبلةً وهي تحمل صينيةً عليها أكواب الليمون المثلَّج، خصوصًا والجو حارٌّ، ابتسم المغامرون؛ فهم يعرفون لماذا توقَّف «تختخ» عن الكلام. وعندما اقتربت «لوزة»، ابتسم الدكتور «مجدي» وقال: عندك حقٌّ يا عزيزي «توفيق»؛ فالجو يحتاج إلى هذا الليمون المثلَّج!

اتجهت «لوزة» إلى «تختخ» مباشرة، وقدَّمت له صينية الليمون؛ فمدَّ يدَيه يأخذ منها الصينية، إلا أن «لوزة» ضحكت وهي تقول: ليست الصينية كلَّها! فقط الكوب الخاص بك.

ضحك المغامرون، بينما أخذ «تختخ» كوب ليمون، وقدَّمه للدكتور «مجدي»، الذي ابتسم وأخذ الكوب وهو يشكر «تختخ» على تصرُّفه ثم قال: الآن تستطيع أن تُكملَ حديثك!

مرَّت «لوزة» على بقيَّة المغامرين، وقدَّمت لهم أكواب الليمون، ثم جلست، وأخذ «تختخ» يُكمل حديثه، حتى عثوره على أوراق البحث، ثم قال ضاحكًا: لقد كنت خائفًا ألا تكون هذه الأوراق هي أوراق البحث فعلًا!

مجدي: لقد أدَّيتَ عملًا رائعًا يا عزيزي «توفيق»!

صمت لحظةً ثم أكمل: الحقيقة أن المغامرين الخمسة أذهلوني بسرعة تحرُّكهم الهادئ، وبأسلوب تفكيرهم المنظَّم والمنطقي، ولكن! …

قال «تختخ» مبتسمًا: هل تسمح لي حضرتك أن أُكمل ما بعد «ولكن» هذه؟

ابتسم الدكتور «مجدي» وهو يقول: بالتأكيد سوف تعرف ما أقصده، ما دمتم تفكِّرون بهذه الطريقة، قُل يا عزيزي «توفيق».

تختخ: الذهب!

ضحك الدكتور «مجدي»، وهو يقول: بالضبط، هذا ما كنت أقصده!

تختخ: سوف نصل إليه، فقد عرفنا اللص الذي سرقه.

ظهرت الدهشة على وجوه المغامرين، وكذلك الدكتور «مجدي» الذي سأل: كيف عرفتم اللص، وهل تم القبض عليه؟

شرح «تختخ» كيف توصَّل المغامرون للحقيبة التي ظهرت مع البائع «جابر»، وهو لصٌّ آخر، وأنه محجوز في مديرية الأمن، وهو الذي اعترف بأن «المشرط» هو اللص!

سألت «لوزة» فجأة: ماذا تعني ﺑ «المشرط»؟

تختخ: إنه اسم الشهرة للِّصِّ الذي دخل معمل الدكتور «مجدي».

ثم فتح حقيبته، وأخرج منها صورةً قدَّمها للدكتور «مجدي»، وهو يقول: هذا هو «المشرط»!

تأمَّل الدكتور «مجدي» صورة «المشرط»، ثم ظهرت عليه الدهشة وهو يقول: هذه الملامح ليست غريبة عنِّي … لقد رأيتها من قبل، إنه مريضٌ جاء لي في العيادة الخاصة بي منذ شهور، ما اسمه الحقيقي؟!

استغرق الدكتور «مجدي» في التفكير، بينما كان المغامرون الخمسة ينظرون إليه، وأخيرًا قال «مجدي»: الحقيقة أنني لا أتذكَّر الاسم، ولكن هذه الملامح أعرفها، وأنا لا تغيب عني ملامح أي إنسان، ما دمتُ قد رأيته، لكنني عادةً أنسى الأسماء.

فجأة، وقف الدكتور «مجدي» وهو يقول: أين ستذهبون الآن؟

قال «عاطف»: سوف نذهب إلى فيلا «محب».

مجدي: إذن سوف أتصل بكم … إنني ذاهب إلى عيادتي الآن، وسوف أكشف عن اسم ذلك المريض في كمبيوتر العيادة.

وبسرعة، تحرَّك الدكتور «مجدي» مبتعدًا عن المغامرين، وقبل أن يغادر المغامرون المكان، ظهرت السيدة «فريدة» زوجة الدكتور «مجدي»، لكن فجأة امتلأ وجهها بالدهشة، وسألته: أين الدكتور؟! هل ذهب إلى المعمل؟ لقد عرفت أنه كان في انتظار «توفيق»!

ردَّ «عاطف»: لقد ذهب خالي إلى العيادة، فقط ظهر أن اللص الذي سرق أبحاث خالي، كان يتردد على العيادة!

تجمَّدت ملامح السيدة «فريدة»، وقالت: ولماذا كان يتردد على العيادة؟!

ابتسمت «لوزة» وقالت: كان أحدَ مرضاه، هكذا قال خالي عندما رأى صورته.

بدَت الدهشة من جديد على وجه السيدة «فريدة»، وسألت: هل يعني هذا أنكم تعرفون اللص، وكيف عرفتموه؟!

حكى لها «تختخ» ما حدث، فقالت: ما أسمعه يُدهشني تمامًا …

وهل كان يعرف اللص طبيعة أبحاث الدكتور «مجدي»؟

تختخ: لا أظن، ويبدو أن السرقة حدثت بالصدفة.

في النهاية، استأذن المغامرون من السيدة «فريدة»، وانصرفوا، بعد أن اتفقوا على عقد اجتماع في البرجولا. وعندما أصبحوا أمام درَّاجاتهم، قال «تختخ»: سوف ألحق بكم؛ فالمسافة ليست بعيدة!

لكن «محب» قال: اركب معي أوصِّلك إلى حيث دراجتك.

انطلق المغامرون، وركب «تختخ» أمام «محب»، ولم يمرَّ الموقف على «لوزة»، التي قالت: قلبي معاك يا «محب»؛ فسوف تبذل جهدًا كبيرًا!

ضحك المغامرون لتعليق «لوزة»، وقالت «نوسة»: أقترح أن يتبادل «تختخ» و«محب» مكانَيهما؛ ﻓ «محب» أقلُّ وزنًا من «تختخ»، وحتى نتقدم بسرعة!

نفَّذ «تختخ» اقتراح «نوسة»، وركب «محب» أمام «تختخ»؛ فتحرَّكت الدراجة بسهولة أكثر، اتجه المغامرون إلى فيلا «تختخ»، وعندما اقتربوا، سمعوا صوت «زنجر» وهو ينبح … وفجأة ظهر أمامهم، وأخذ يثِبُ على «تختخ»، الذي ابتسم وقال ﻟ «زنجر»: أنت أيضًا أوحشتني يا صديقي العزيز، ولكنَّك سوف توقعني على الأرض!

ثم أشار «تختخ» ﻟ «زنجر»؛ فتوقَّف، وأخذ يجري بجواره، وعند فيلا «تختخ»، أسرع إلى درَّاجته، وانطلق المغامرون إلى البرجولا؛ ليعقدوا اجتماعهم.

ما إن وصلوا إلى البرجولا، حتى ألقى «تختخ» نفسه في مقعد وهو يقول: لقد توقَّف عقلي عن التفكير؛ فأنا لم أهدأ من الصباح!

ضحكت «لوزة» وقالت: ولم تَذُق طعامًا!

ضحك المغامرون، بينما قالت «نوسة»: تستحق الطعام وزيادة!

زام «زنجر»؛ فابتسمت «نوسة» وهي تقول: طبعًا لن أنساك يا عزيزي «زنجر»!

انصرفَت «نوسة»، ولم تمضِ دقائق، حتى رنَّ تليفون «عاطف»، فقالت «لوزة»: لا بد أنه خالي!

مدَّ «تختخ» يده، وأخذ المحمول من «عاطف»، وقال للدكتور «مجدي»: هل الاسم صحيح؟

جاء صوت الدكتور «مجدي» يقول: الاسم عندي في الكمبيوتر «سيد عرفة»، لكنِّي متأكد أنني رأيته، وأنه تردَّد على عيادتي عدة مرات!

تختخ: هل تظن أنه قدَّم نفسه باسم مختلف؟

مجدي: ممكن طبعًا … وهذا يدلُّ على أنه لصٌّ ذكيٌّ تمامًا!

سأل «تختخ»: ما طبيعة مرضه … هل كان يشكو من مرضٍ محدَّدٍ؟

مجدي: إنه مريضٌ بالسرطان، صحيحٌ هو من الدرجة الأولى، لكن كان يتألم، وكنت قد بدأت أعالجه، لكنه فجأة اختفى، حتى ظننت أنه ودَّع الحياة!

تختخ: وهل كان يعرف طبيعة مرضه؟

مجدي: طبيعي أن يعرف!

انتهت المكالمة. شرد «تختخ»؛ فقد استغرق في التفكير، فقالت «لوزة»: فيمَ تُفكِّر، هل قال شيئًا يُفيدنا؟

دخلت «نوسة»، وهي تحمل صينية عليها عددٌ من الساندويتشات، لكنها توقَّفت فجأة بعد أن رأت الصمت الذي يُخيِّم على المغامرين، وتساءلت: ماذا هناك؟ هل حدث شيءٌ؟!

مدَّ «تختخ» يده، وهو يقول: هاتِ، فأنا جائعٌ جدًّا!

وضعَت «نوسة» صينية الساندويتشات أمام «تختخ»، وهي تسأل: ماذا حدث، هل اتصل الدكتور «مجدي»؟

قضم «تختخ» قضمة ملأت فمه، ثم أشار ﻟ «نوسة» أن تنتظر لحظةً حتى يبلع ما في فمه. جلست «نوسة» بعد أن وضعَت ﻟ «زنجر» طعامه في جانب من البرجولا. كان المغامرون ينظرون إلى «تختخ» في انتظار أن يتحدَّث. وأخيرًا، حكى لهم المكالمة التي دارَت بينه وبين الدكتور «مجدي»، فقالت «نوسة»: إذا كان الدكتور «مجدي» متأكِّدًا من أنه رأى هذا اللص من قبلُ، فإن الاسم لا يهمُّ؛ فالمريض لا يُقدِّم بطاقته الشخصية للطبيب! إنه يذكر اسمه فقط، ولا أحد يعرف أنه كان هو اسمه، أو اسمًا آخر، وأتوقَّعُ أنه قال اسمًا غير اسمه، إذا كان هو فعلًا!

قال «محب»: هذا احتمال قوي، خصوصًا أنه لص، وسبق أن تم القبضُ عليه في سرقات قديمة كما عرفنا!

أضاف «عاطف»: على كلِّ حال، إن معلومة مرضه سوف تفيدنا في البحث عنه.

بينما كان «تختخ» مستمرًّا في التهام الساندويتشات، قالت «لوزة»: حتى الآن لم نَصِل إلى الرقم الناقص!

بلع «تختخ» آخر لقمة، ثم قال: الرقم الناقص لم يَعُد مهمًّا، بعد أن عرفنا اللص؛ فقد تكون الورقة قديمة في حديقة فيلا الدكتور «مجدي»، وإن كنت أظن أن خلف الرقم الناقص سرًّا، لكن لا يعرفه سوى صاحب الورقة؛ خصوصًا أنها لم تظهر عليها بصمات، تمامًا كما لم تظهر بصمات غريبة في معمل الدكتور «مجدي»!

قال «محب»: إذن ما خطوتنا القادمة؟

أجاب «عاطف»: ما دُمنا قد عرفنا أن «المشرط» يظهر في حي «دار السلام»، فإن مهمَّتنا سوف تكون البحث عنه هناك؛ خصوصًا وقد عرفنا شكله من صورته!

تختخ: هذا صحيح؛ ولذلك أقترح أن أذهب أنا و«محب» إلى «دار السلام»، غدًا، ونبدأ عملية البحث؛ ﻓ «المشرط» ليس له بيتٌ هناك، وإذا ظهر فسوف يظهر في مقهًى مثلًا، أو في أحد المطاعم!

وهكذا بدأت الخطوة، فهل يعثرون على «المشرط» والذهب؟!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤