البحث يبدأ من «كارفور»

كان المغامرون يتابعون «عاطف»، وهو يستمع للمكالمة التليفونية. وكان «تختخ» يبلع آخر لقمة، فأسرع يسأل «عاطف»: مَن على الطرف الآخر؟

عاطف: طنط «فريدة»، تُخبرني أن الشرطة قد جاءت، وأن هناك أشياء جديدة قد ظهرت. ويستجوبون دادة «جليلة».

وقف «تختخ» وهو يقول: علينا أن نُسرعَ إلى فيلا الدكتور «مجدي».

وبسرعة، تحرك المغامرون الخمسة إلى هناك، كان «تختخ» يفكِّر في المرة التي غاب فيها الدكتور «مجدي»، وطنط «فريدة» … عن الفيلا … فعادة يكون اللص الذي ينوي سرقة المكان أن يراقبَه فترة، حتى تسنح له الفرصة، فمتى حدثت السرقة بالضبط؟!

هل حدثت منذ أيام قريبة، أم حدثت من مدة؟ فإذا كانت السرقة حديثة، فإن ذلك قد يسهل عملية البحث عن اللص، وأما إن كانت من مدة، فإن ذلك يجعل عمليةَ حلِّ اللغز معقدةً وصعبة؛ لأن اللص يكون عادة قد تصرَّف فيما سرقه.

همس «تختخ» لنفسه: يجب أن أسال طنط «فريدة» عن المدة التي غابت فيها هي والدكتور «مجدي» عن الفيلا، وهذا ما فعله عندما وصل المغامرون إلى الفيلا؛ فقد أسرع «تختخ» إلى السيدة «فريدة» وسألها، فقالت: الحقيقة أننا غبنا خمسة عشر يومًا. فبعد أن انتهى المؤتمر العلمي الذي يشارك فيه الدكتور «مجدي»، رأينا أن نبقى في باريس لعدة أيام، فهي فرصة لا تسنح كثيرًا، خصوصًا أننا نفضِّل باريس عن غيرها من مدن العالم!

تختخ: وهل تتوقعين أن تكون السرقة قد حدثَت بعد سفركما مباشرة، أو بعد سفركما بأيام؟

فكَّرت السيدة «فريدة» قليلًا، ثم قالت: الحقيقة لا أدري يا عزيزي «توفيق»، لكنني أعتقد أنها حدثت بعد سفرنا مباشرة؛ فاللص لا يعرف أننا سوف نغيب هذه المدة الطويلة.

سألها «تختخ»: هل كانت دادة «جليلة» تعرف أنك أنت والدكتور «مجدي» سوف تبقيان في باريس هذه المدة الطويلة؟

فريدة: لا؛ لأننا لم نقرِّر البقاء في باريس إلا ونحن هناك … فما كانت تعرفُه أننا سوف نغيب أسبوعًا واحدًا فقط.

كان المغامرون يتابعون الحوار الدائر بين «تختخ» والسيدة «فريدة» … تدخَّلت «نوسة» في الحوار، بعد أن رأت أن «تختخ» قد فرغ من أسئلته، فقالت: عندما قررتِ أنتِ والدكتور «مجدي» البقاءَ في باريس لأسبوع آخر، هل اتصلتما بدادة «جليلة» تُخبرانها بأنكما سوف تبقيان في باريس لمدة؟!

فريدة: نعم، حدَّثتُها تليفونيًّا، وطلبتُ منها إخبارَ حارس الفيلا بذلك.

سألها «عاطف»: ما الذي ظهر في تحقيق الشرطة مع دادة «جليلة»؟

فريدة: ظهر من تحليل البصمات وجود بصمات «جليلة» على نافذة المعمل.

لوزة: وماذا يعني هذا؟

تردَّدت السيدة «فريدة» قليلًا، فقال «تختخ»: يعني أن دادة «جليلة» فتحَت نافذة المعمل.

لوزة: هل يعني هذا أنها تركت النافذة مفتوحة؟

نوسة: ربما لم تُغلقها جيدًا.

فقال «محب»: قد يكون هذا صحيحًا، خصوصًا أن نافذة المعمل تُطِلُّ على الحديقة، والمعمل يقع كما رأينا في آخر الفيلا … وليس عند واجهتها!

فأضاف «تختخ»: أتصور أن اللص كان يراقب الفيلا، وقد رأى دادة «جليلة» وهي تفتح النافذة، فوضح خطته أن تكون النافذة هي طريقَه إلى دخول الفيلا، خصوصًا وهي بعيدة عن الحارس الذي يكون عادةً عند بوابة الفيلا!

كانت السيدة «فريدة» تُتابع الحوار الدائر بين المغامرين الخمسة مندهشةً، وهي ترى أن تصورات المغامرين تبدو صحيحة. أضاف «تختخ»: وأتصور أن اللص كان يحاول فتْحَ النافذة بطريقته بآلة حادَّة، لكنه لم يجد صعوبة في فتحها؛ ولذلك لم تظهر آثارُ عنف على النافذة.

ثم وقف واستأذن أن ينضمَّ للتحقيق الذي يُجريه المفتش «سامي» مع الدادة «جليلة»، وبقيَ المغامرون مع السيدة «فريدة»، كان التحقيق يجري في المعمل حيث كانت تُجرَى معاينة جديدة للمكان.

عندما دخل المعمل، كان المفتش «سامي» يراقب دادة «جليلة» وهي تقوم بفتح النافذة وإغلاقها، ألقى التحية على المفتش والدكتور «مجدي»، ووقف هو الآخر يراقب دادة «جليلة». وعندما انتهت، اقترب «تختخ» من النافذة، وأعاد إغلاقها، ثم فتحها. قال في نفسه: إنني أفتح النافذة وأُغلقها بشدة وبقوة، وأظن أنها لا تتوافر لدادة «جليلة». أعاد فتح النافذة بسهولة، ثم أغلقها بنفس السهولة.

ضغط على ضلفة النافذة فانفتحت، استدار ونظر إلى المفتش «سامي»، الذي كان يراقبه هو والدكتور «مجدي»، وقال: أعتقد أن النافذة لم تكن مغلقةً بإحكام؛ ولذلك فتحها اللص بسهولة، ولذلك أيضًا لم تظهر آثار عنف بتأثير آلة حادة مثلًا على النافذة.

فقال الدكتور «مجدي»: لكن لا توجد بصمات على النافذة غير بصمات «جليلة»!

نظر «تختخ» إلى المفتش «سامي»، وسأله عن نتيجة تحليل البصمات، فقال المفتش: لا توجد بصمات غريبة، لكن هذه مسألة عادية، ومتوقَّعة.

مجدي: تقصد أنه كان يلبس شيئًا في يده؟

سامي: طبعًا … ولذلك لم تظهر له أيُّ بصمات في أي مكان … والمتوقع أنه حاول أن يفتح باب المعمل حتى يدخل إلى حجرات الفيلا … فاكتفى بأن أخذ الحقيبة وهو يظن أن بداخلها أموالًا … ويبدو أنه حاول فتْحَها، فلم يستطع؛ فحملها وحمل معها «نانو» الذهب، وهي كمية كما قال الدكتور «مجدي»!

صمتَ المفتش «سامي» قليلًا، ثم طلب من دادة «جليلة» استدعاء الحارس، وعندما انصرفَت الدادة، أخذ المفتش «سامي» طريقَه إلى خارج المعمل، فتَبِعه الدكتور «مجدي»، و«تختخ».

جلس المفتش «سامي» في هول الفيلا، ثم نظر إلى «تختخ» مبتسمًا، وسأله: هل فكَّر المغامرون الخمسة في خطة بحث؟

جلس «تختخ» وهو يقول: فكرنا في خطوط عريضة للخطة، لكننا لم نوزِّع الأدوار بعد!

دخل الحارس في هذه اللحظة، فقال له الدكتور «مجدي»: تعالَ يا «مختار»!

دخل «مختار» وقد امتلأ وجهُه بالخوف. ابتسم له المفتش «سامي»، وهو يقول: لا تخَف يا «مختار»؛ فنحن لا نُوجِّه إليك اتهامًا، نحن فقط نريد أن نسألك بعض الأسئلة.

انتظر لحظةً، ثم سأل «مختار»: هل تجلس دائمًا عند بوابة الفيلا؟

مختار: ليس دائمًا يا سيدي … ففي بعض الأوقات أمرُّ في الحديقة، وأدور حول الفيلا، وأراقب النوافذ … وكانت كلها مغلقة!

سامي: ألَا تفتح البوابة أبدًا؟

مختار: أفتحها في بعض الأحيان بالنهار، وأقف أمامها.

سامي: ألم تلاحظ أحدًا غريبًا يمرُّ أمام الفيلا؟!

مختار: كثيرون يمرُّون يا سيدي … فهذا شارع يمرُّ فيه الناس.

سامي: ألم يقترب أحد ليسألك عن أي شيء؟

مختار: البعض يا سيدي، يسأل عن عنوان مثلًا.

كان «تختخ» والدكتور «مجدي» يراقبان الأسئلة والأجوبة بين المفتش «سامي» والحارس «مختار». اقترب «تختخ» من الدكتور «مجدي»، وهمس له: أليس لديك صورة للحقيبة التي كانت فيها أوراق البحث؟

فكَّر الدكتور «مجدي» لحظةً، ثم قال: للحقيبة نفسها لا … فلماذا أحتفظ بصورة للحقيبة؟! لكنني أتذكر صورة لي وأنا أحملها.

تختخ: هل يمكن أن أرى هذه الصورة؟

مجدي: طبعًا …!

انتظر لحظةً، ثم أضاف: هل تعرف مول «كارفور»؟

تختخ: نعم … إذن اشتريتَها من هناك؟

مجدي: وأظن أنه كان بداخلها كتيبٌ صغير به معلومات عنها، وعدة صور لها وهي معلَّقة، وهي مفتوحة ومن زوايا مختلفة.

تختخ: هذه معلومة مفيدة، لكن دَعْني أرى صورة الحقيبة وأنت تحملها.

ذهب الدكتور «مجدي» إلى مكتب في آخر المعمل، فتَبِعه «تختخ». فتح أحد أدراج المكتب، وأخرج مظروفًا كبيرًا مملوءًا بالصور، ثم أفرغ المظروف على المكتب، وظل يقلب الصور حتى أمسك بصورة قدَّمها ﻟ «تختخ»، الذي أخذ يتأملها. في نفس الوقت، كان الدكتور «مجدي» يبحث بين الصور عن صورة محددة، وجدها فقدَّمها ﻟ «تختخ» وهو يقول: الحقيبة هنا أوضح.

أمسك «تختخ» بالصورة، تأملها لحظة ثم قال: هل أستطيع الاحتفاظ بها؟

ابتسم الدكتور «مجدي»، وهو يقول: طبعًا يمكنك الاحتفاظ بها.

وضعها «تختخ» في حقيبته الصغيرة، ثم انضم للمفتش «سامي» الذي كان قد انتهى من استجواب الحارس «مختار»، سأل المفتش «سامي» «تختخ»: لقد أخذت صورة من الدكتور «مجدي».

وقبل أن يُكمل كلامه، فتح «تختخ» حقيبته، وأخرج منها الصورة، وقدَّمها للمفتش «سامي»، الذي تأملها قليلًا، ثم قال ﻟ «تختخ» وهو يبتسم: خيط جديد في خطة البحث، أتمنى للمغامرين التوفيق!

كان الدكتور «مجدي» قد انضمَّ لهما. وقف المفتش «سامي» وهو يسأل الدكتور: هل تظن أن إحدى شركات الأدوية وراء اختفاء البحث؟

فكَّر الدكتور «مجدي» قليلًا، ثم قال: في عالم الأبحاث، يمكن أن تتوقع كلَّ شيءٍ، لكن أظن أنها سرقة عادية.

سامي: هل كان معروفًا أنك تُجري أبحاثًا لاكتشاف علاج لمرض السرطان؟

مجدي: نعم، في الأوساط العلمية … الجميع يعرف؛ فنحن هنا في مصر نعرف أن عددًا من شركات الأدوية العالمية ومراكز الأبحاث يُجرون أبحاثًا للبحث عن علاج للسرطان. السرُّ هو الوصول إلى الاكتشاف، ونحن ما زلنا في مرحلة التجارب. صحيح أنني وصلت إلى نتائج مهمة … لكنها لم تصبح نهائية كما شرحت لك من قبل.

شكر المفتش «سامي» الدكتور «مجدي»، ثم قال: سوف نَصِل إلى اللص.

ثم نظر إلى «تختخ»، وابتسم قائلًا: أعرف أن المغامرين الخمسة سوف يكون لهم دورٌ مهمٌّ، وهذه ليست أول مرة!

انصرف المفتش «سامي»؛ فصَحِبه الدكتور «مجدي» إلى الخارج، بينما انضم «تختخ» إلى حيث كان المغامرون مع السيدة «فريدة»، التي سألت: هل توصَّلتم لشيء يا عزيزي «توفيق»؟

ابتسم «تختخ»، وقال: سوف نَصِل بإذن الله.

ثم استأذن هو والمغامرون، وأخذوا طريقهم إلى «البرجولا» ليعقدوا اجتماعًا، فقد كان الوقت مبكِّرًا. وعندما جلسوا حول المائدة المستديرة، أخرج «تختخ» صورةَ الحقيبة السوداء من حقيبته الصغيرة، وقال مخاطبًا «نوسة»: نريد خمس صور من هذه الصورة.

أخذَتها «نوسة» وتأملَتها، فسألت «لوزة».

لوزة: ما هذه الصورة؟ وهل هي من بقايا اللص؟

ابتسم «تختخ»، في حين انصرفت «نوسة»، وقال «تختخ»: للأسف لم يترك اللصُّ شيئًا، ولا حتى بصمته.

سألت «لوزة»: وماذا سنفعل بهذه الصورة؟

قال «عاطف» بنفاد صبرٍ: سوف تنفعنا في البحث عن الحقيبة السوداء التي كانت فيها أبحاث خالك الدكتور «مجدي».

انفعلت «لوزة» وهي تقول غاضبةً: أليس من حقِّي أن أسأل وأن أفهم؟!

عادت «نوسة» تحمل الصور، بينما قال «محب»: من حقك طبعًا يا عزيزتي «لوزة» أن تسألي وأن تفهمي. وهذا حقنا جميعًا!

أخذ «تختخ» الصور، وقدَّم لكل واحدٍ من المغامرين صورة، وهو يقول: سوف نذهب آخر النهار إلى مول «كارفور»، الذي يقع في خارج «المعادي»، حتى نرى الحقيبة على الطبيعة؛ فالدكتور «مجدي» اشتراها من هناك.

قالت «نوسة»: إذن ستبدأ خطة البحث من كارفور!

تختخ: هذا صحيح.

نظر في ساعة يده، ثم وقف يقول: إذن نلتقي آخر النهار هنا، ثم ننطلق معًا إلى كارفور.

ثم ابتسم وأضاف: لقد بدأت أشعر بالجوع … ويبدو أن «ساندويتشات» الصباح لم تُفلح في صدِّ هجوم الجوع عن معدتي!

ابتسم المغامرون وهم يأخذون طريقهم للخارج، كان «زنجر» خلف «تختخ» يزوم أكثر من مرة، ابتسم وقال في نفسه: أعرف يا صديقي أنك جائعٌ مثلي!

فجأة، تذكَّر شيئًا وهمس لنفسه: ما فكَّرت فيه بالأمس، يجب أن أنفِّذَه الليلة!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤