المفاجأة

اندهش المغامرون والضابط «شهدي» لتصرُّف البائع «جابر»، فلماذا هرب عندما رأى «عاطف» وهو يشير ناحيته. فجأة قفز الضابط «شهدي»، وأسرع خلف «جابر» الذي كان قد ابتعد. صرخ الضابط «شهدي» يحذر «جابر»: قِفْ مكانك وإلَّا أطلقتُ عليك الرصاص! إلا أن «جابر» لم يقف. أخرج الضابط «شهدي» مسدسه من حزامه، وأطلق طلقة في الهواء، فلفتَت أنظار الموجودين في السوق. وفي نفس الوقت، كان المغامرون يتابعون ما يحدث، وقال «عاطف»: يجب أن نتحرك!

فقال «تختخ»: اتَّجهْ إلى اليسار، وسوف أتَّجهُ لليمين؛ فالمنطقة مزدحمة، وقد يدخل «جابر» إحدى الحارات الضيقة، وهي كثيرة، ويختفي فيها.

أسرع «تختخ» في اتجاه يمين السوق، واتجه «عاطف» إلى اليسار، في حين وقفت «لوزة»، وهي تضم ذراعَيها على الحقيبة. ومن جديد تردَّد صوت عدة طلقات في الهواء. اقترب البائع «سعيد» من «لوزة» التي خشيَت أن يخطف منها الحقيبة، لكنه تحدث إليها في هدوء، وقال وهو يبتسم: هل هو شقيقك؟

لم تردَّ «لوزة» مباشرة، فهي لم تفهم مَن يقصد، «عاطف»، أم الضابط «شهدي». وأخيرًا قالت: مَن تقصد؟

سعيد: الشاب الذي أطلق الرصاص.

لوزة: ليس أخي، وإنما هو أحد ضابط الشرطة.

تجمَّدت ملامح «سعيد»، وسأل «لوزة»: وهل تصرَّف «جابر» معكم تصرُّفًا لا يليق؟

لم تردَّ «لوزة»؛ فقد ظهر الضابط «شهدي»، وهو ممسكٌ ﺑ «جابر»، يدفعه أمامه. نظرت «لوزة» حولها تبحث عن «تختخ» و«عاطف»، لكنها لم ترَ أيًّا منهما. تجمَّع مَن بالسوق، حتى أصبح المكان وكأنه مظاهرة. صرخ الضابط «شهدي» في المتجمعين: هيَّا تفرَّقوا!

تراجع المتجمعون، ووقف «جابر» يرتجف أمام الضابط «شهدي»، الذي كان لا يزال ممسكًا بمسدسه، نظر إلى «لوزة»، وسألها: أين «توفيق» و«عاطف»؟

وقبل أن تنطق «لوزة»، كان «تختخ» يقترب من جانب، و«عاطف» يقترب من الجانب الآخر، وعندما انضمَّا إلى الضابط «شهدي» قال «جابر» وهو يرتجف موجِّهًا كلامه ﻟ «عاطف»: هل أسأتُ إليك؟

لكن الضابط «شهدي» قال ﻟ «جابر»: لماذا هربتَ عندما رأيتَه يُشير ناحيتك؟

تردَّد «جابر»، قال بصوت مرتعش: خفتُ يا باشا عندما رأيت سيارة الشرطة، وفهمت أنك ستقبض عليَّ؛ لأنني أشغل الطريق!

شهدي: ولماذا لم يهرب الآخرون وهم يبيعون مثلك؟

لم يردَّ «جابر»، فدفعه الضابط «شهدي» للأمام وهو يقول: هيَّا أمامي إلى السيارة.

جابر: يا باشا لم أفعل شيئًا!

أشار إلى «عاطف» وهو يقول: الأستاذ كان يشتري هذه الحقيبة التي تحملها الآنسة، لكنه تراجع وأعدتُ له ما دفعه، ولم يحدث شيءٌ.

شهدي: أمامي وسوف نرى في المديرية!

لم يتحرك «جابر»؛ فدفعه الضابط «شهدي» في اتجاه السيارة، وقال «تختخ»: سوف نلحق بك في المكتب.

انصرفت سيارة الشرطة، بعد أن ركبها الضابط «شهدي»، ومعه جنديَّان من جنود الشرطة يجلسان في المكان الخلفي من السيارة، وبينهما البائع «جابر».

عاطف: هيَّا بنا بعيدًا عن السوق، فسوف يتجمَّع الناس حولنا ليعرفوا ما حدث، ويصبح علينا أن نشرح لهم ما يدور.

أسرع المغامرون بالابتعاد عن المكان، فقال «تختخ»: يجب أوَّلًا أن نذهب للدكتور «مجدي» لنعرف إن كانت هي حقيبته أم لا!

في مكتب المفتش «سامي»، وقف «جابر» خائفًا، في حين جلس الضابط «شهدي» أمام المفتش «سامي»، الذي ظلَّ ينظر إلى «جابر» دون أن ينطق بكلمة، بينما «جابر» يردد: لم أفعل شيئًا يا باشا، وقد حكيت لحضرة الضابط ما حدث!

سدَّد له المفتش «سامي» نظرةً حادة، وهو يقول: منظرك يقول إنك سوابق، ماذا تقول؟!

وضع «جابر» وجهه في الأرض. ابتسم الضابط «شهدي»، ونظر إلى المفتش «سامي» الذي سأل «جابر»: كم سابقة لك؟

قال «جابر» متردِّدًا: واحدة فقط يا باشا!

تردَّد «جابر» قليلًا، ثم قال: سرقة.

نظر المفتش «سامي» إلى مساعده، وقال: اعمل له صحيفة سوابق، وابحث كم سابقةً له؛ يبدو أنها ليست سابقة واحدة، ويبدو أنه ارتكب جرائم متعددة!

جابر: مرة واحدة يا باشا، وقد تُبت عن السرقة بعدها، واشتغلت في بيع الأشياء القديمة!

سامي: سنرى، هيَّا يا «شهدي».

•••

كان «تختخ» و«عاطف» و«لوزة» يركبون التاكسي. فجأة، رنَّ تليفون «تختخ»، وعرف أن المتحدث «محب»، الذي جاء صوتُه يقول: هل تحققت المفاجأة؟

تختخ: ليس بعد، لكننا في طريقنا إلى الدكتور «مجدي»، وأين أنت؟

محب: أتابع عربة روبابيكيا.

تختخ: انضمَّ إلينا في فيلا الدكتور «مجدي»، وسوف أتحدث إلى «نوسة» لتنضمَّ هي الأخرى إلينا، إلى اللقاء!

كان «عاطف» يشرح لسائق التاكسي الطريق إلى فيلا خاله الدكتور «مجدي»؛ فقد كان يجلس بجوار السائق، في حين جلست «لوزة» و«تختخ» في المقعد الخلفي. همست «لوزة» ﻟ «تختخ»: هل تتوقع أن يكون البائع «جابر» نفسه اللص؟!

تختخ: لا أظن، فكيف يسرق حقيبة، ثم يقف ليبيعها علنًا أمام الناس؟!

لوزة: إذن لماذا هرب عندما رأى الضابط «شهدي»؟

فكَّر «تختخ» قليلًا، ثم قال: ربما كما قال للضابط «شهدي»، بأنه خاف؛ لأنه كان يشغل الطريق، وربما تكون له علاقة بمن باع الحقيبة، الذي ما إن ثبت أنها حقيبة الدكتور «مجدي»، نكون قد وضعنا أيديَنا على أول الخيط.

وصل التاكسي إلى فيلا الدكتور «مجدي»، فأسرع المغامرون بالنزول، ثم توجَّهوا إلى داخل الفيلا، فقابلتهم السيدة «فريدة» زوجة الدكتور «مجدي»، وما إن رأت «لوزة» وهي تحمل الحقيبة حتى امتلأ وجهُها بالدهشة، وقالت في فرح: هل وجدتم الأبحاث؟!

ردَّ «عاطف»: ليس بعد، ولكننا وجدنا حقيبةً تنطبق عليها أوصاف حقيبة خالي، ونريد أن نطمئن إن كانت هي حقيبته أم لا، أين خالي؟!

فريدة: في المعمل.

أسرع المغامرون إلى معمل الدكتور «مجدي»، الذي كان يجلس شاردًا، يتطلع في أرجاء المعمل، وكأنه لا يصدِّق ما حدث، حتى إنه لم يلتفت إلى المغامرين الذين دخلوا في هدوء. تقدَّم «تختخ» وهو يحمل الحقيبة، بعد أن أخذها من «لوزة». وفي نفس الوقت، دخل «محب» و«نوسة»، بينما كان «تختخ» يُلقي التحية على الدكتور «مجدي»، نظر الدكتور «مجدي» إلى المغامرين الخمسة، وقبل أن يردَّ تحية «تختخ»، اتسعت عيناه دهشةً وقال وهو يقف: أين وجدتم الحقيبة؟!

ردَّ «عاطف» قائلًا: المهم أن تتأكد يا خالي أنها حقيبتك!

مدَّ الدكتور «مجدي» يدَه، وأخذ الحقيبة من «تختخ»، وظلَّ يُقلِّبها، ثم فتحها واتجه إلى الطاولة التي يُجري عليها أبحاثه، وضعها على الطاولة، تأمَّل داخل الحقيبة لحظة، ثم مدَّ يده يتحسس شيئًا داخلها، ثم كانت المفاجأة. وقال: أين وجدتموها؟!

حكى له «عاطف» ما حدث عن خطة البحث في الأسواق التي تبيع الأشياء القديمة، وكيف وجدوها عند أحد الباعة. فجأةً، قالت «لوزة»: هل هي حقيبتك يا خالي؟!

مجدي: نعم هي … وهذه العلامة لا أظن أنها موجودةٌ في حقيبة أخرى؛ فقد وقعَت بعضُ ذرَّات الذهب فيها، والتصقَت بجانب في الحقيبة.

نظر المغامرون الخمسة إلى بعضهم، في الوقت الذي قال فيه الدكتور «مجدي»: ولكن أين أوراق البحث، وأين الذهب؟!

ردَّ «تختخ»: هذا ما سنبحث عنه … المهم أن نصلَ إلى اللص أولًا!

•••

في مكتب المفتش «سامي»، كان البائع «جابر» يقف، ووجهه في الأرض … بينما المفتش «سامي» ينظر له قائلًا: خمس سوابق، وكلُّها سرقة!

رنَّ تليفون المفتش «سامي»، ثم جاء صوت «تختخ» يقول: لقد تعرَّف الدكتور «مجدي» على الحقيبة، وهي حقيبته فعلًا!

ابتسم المفتش «سامي»، وهو ينظر إلى مساعده الضابط «شهدي»، الذي كان يراقب وهو يتحدث في التليفون. قال المفتش «سامي» ﻟ «تختخ»: إذن هات الحقيبة، وتعالوا فورًا!

انتهت المكالمة. نظر المفتش «سامي» إلى البائع «جابر»، وقال: من أين حصلت على الحقيبة؟

تردَّد «جابر» قليلًا، ثم قال: اشتريتُها من أحد باعة الروبابيكيا!

سامي: هل تعرفه؟

جابر: نعم … وأشتري منه دائمًا بعض الأشياء، وأبيعها في السوق!

سامي: يعمل في أي منطقة؟

جابر: لا أعرف؛ فهو يذهب إلى مناطق كثيرة!

فجأة، تحدَّث الضابط «شهدي» بالإنجليزية إلى المفتش «سامي»، كان «جابر» يتابع حديث الضابط «شهدي»، دون أن يفهم منه شيئًا، لكن ملامحه تجمَّدت عندما سمع الضابط «شهدي» وهو ينطق اسم «المشرط»، تحوَّلت عينَا المفتش «سامي» من ناحية الضابط «شهدي» إلى وجه البائع «جابر»، فرأى ملامحه التي تجمَّدت. في نفس اللحظة، دخل «تختخ»، وهو يحمل الحقيبة، ووضعها أمام المفتش «سامي»، الذي سأل: أين العلامة التي في الحقيبة؟

فتح «تختخ» الحقيبة، وأشار إلى ركن في داخلها؛ تأمَّله المفتش «سامي» لحظةً، ثم نظر إلى البائع «جابر»، وسأله: هل تعرف «المشرط»؟!

أمسك الضابط «شهدي» بالحقيبة، ونظر داخلها، ثم مدَّ يده يتحسس علامة الذهب، ثم نظر إلى البائع «جابر»، وسأله: هل أعطاك «المشرط» الحقيبة لتبيعها؟

وكانت المفاجأة!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤