في مصيدة الخوف

ولم يكد «تختخ» ينتهي من صيحته، حتى امتدَّتْ يدٌ أخرى في الظلام، فسدَّتْ فمه، وقبل أن يسقط على الأرض من فرط الخوف والفزع سمع «محب» يقول له: اسكت، هل أحضرت الحذاء؟

وشرح «تختخ» ﻟ «محب» ما حدث، ففكر «محب» قليلًا ثم قال: لن نعود دون أن نحصل على الحذاء المطلوب من منزل الأستاذ «عتيق».

دخل الصديقان من نافذة الصالة، وأسرع «محب» إلى المكتبة حيث ظن أن «عتيق» يُخفي الحذاء الذي كان يلبسه يوم الحريق، في حين وقف «تختخ» في الصالة، فرأى الدولاب الذي أخذت منه «نوسة» الفردة الضائعة، فتقدم وفتح الدولاب وأخذ يبحث، ولم تمضِ لحظات حتى شاهد «تختخ» الأستاذ «عتيق» يعبر الصالة ويدخل المكتبة فأدرك أن «محب» قد وقع؛ لأنه لم يُنذره في الوقت المناسب.

ولم يكد الأستاذ «عتيق» يضيء الغرفة، وتقع عينه على «محب» حتى صاح: النجدة … النجدة … لصوص … لصوص.

أسرعت «مبروكة» فزعة عندما سمعَتْ صوت «عتيق» فشاهدَتْه يسحب «محب» ويصعد به إلى غرفةٍ في الدور الثاني حيث أغلق عليه بابها.

عاد الأستاذ «عتيق» إلى الصالة مستنجدًا، فإذا بمفاجأةٍ أخرى في انتظاره، لقد وجد «تختخ» يقفز من باب الدولاب جاريًا إلى فوق لينقذ صديقه.

أسرع «عتيق» خلف «تختخ»، واستطاع أن يلحق به، ففاجأه «تختخ» بالجلوس فجأة على السلم، فوقع «عتيق» عليه.

أخذ «تختخ» يتأوَّه: آه يا راسي … آه يا ظهري لقد تكسرت عظامي كلها.

أسرعت «مبروكة» وهي لا تكاد تصدق عينيها إلى «تختخ» الذي تظاهر بأنه سيموت.

واضطر «عتيق» أمام منظر «تختخ» أن ينسى ما حدث، وينحني عليه ليساعده في حين كانت «مبروكة» تؤنِّبه قائلة: هل هؤلاء هم اللصوص الذين قلبْتَ الدنيا صياحًا من أجلهم، ألَا تخجل من نفسك؟

عتيق: إنني … لم … أقصد … إصابته … إنني …

ولكن «مبروكة» صاحت: اصعد فورًا، وأطلق سراح الولد الآخر.

ونفَّذ «عتيق» تعليمات «مبروكة»، وأطلق سراح «محب»، ولما وقف الصديقان أمامه سألهما: أريد فقط أن أعرف، ماذا دفعكما لدخول مسكني في الظلام؟

ردَّ «محب» بصراحة: الحقيقة، كنا نريد أن نعرف ماذا كنت تفعل في حديقة الأستاذ «حنبلي» ليلة الحريق! لقد قال لنا «حامد» إنه رآك هناك.

عتيق: لقد ذهبت لإحضار بعض مخطوطاتٍ كان «حنبلي» قد استعارها مني، وقد أحضرتها وهي عندي هنا، وقد شاهدتها بنفسك هذا الصباح.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤