العُبابُ

وكم مِنْ عائبٍ حِلمي بعَهْدٍ
تَملَّكهُ «التَّأدُّبُ» بالنفاقِ!
هَوَى فيه الصَّغَارَ صِغارُ قومٍ
حياتُهمو شِقاقٌ في شِقاقِ
وكم جحدوا، وكم كادوا وكادوا!
كأنَّ اللُّؤْمَ أجملُ ما ألاقي!
فقلتُ للائِمي: دعهمْ فإني
رأيتُ البحرَ زخَّارَ المَراقي
فليسَ لهم على الأمواجِ شأنٌ
وليس لهم بها أدْنى لِحاقِ
لقد صَغروا فما الأمواجُ تَدْرِي
ولا علِمُوا بقانونِ البواقي١
فما ذنبي إذا أدبي تَخَلَّتْ
ضخامتُه عن «الأدبِ» المُرَاقِ؟
يَفيضُ كشاسعِ الأمواج نورًا
جهولًا للحقيراتِ الدِّقاقِ٢
لئِنْ ضَجُّوا فما أغْنَوْا، وإني
أظلُّ أنا العُبابَ لكلِّ ساقي
وإنْ زَعَموا النَّبَالةَ والتَّسامي
فما للسُّمِّ في الكأسِ الدِّهاقِ؟!
وما لهُمو وقد سَرقوا فُنوني
تَرَدَّوْا في انزلاقٍ وانزلاقِ؟
غَفرتُ لهمْ، وإنْ رَقَصُوا وماجوا
على مَوْجي، وإن غنموا ائتلاقي
غَفرتُ لهمْ؛ فإن العَجزَ أوْلى
بإشفاقي ببيئاتِ النفاقِ
١  إشارة إلى القانون الاستقرائي المعروف.
٢  إشارة إلى ترك الأمواج الضوئية الطويلة لحقير الأشياء.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤