الفصل السادس عشر

كتاب

الأرض تدور حول الشمس.

الشمس تدور حول المجرة.

المجرة بدورها تدور حول الله.

أما الله فهو يدور حول اللانهاية.

أنا أفكر في اللانهاية، أسكن قبو الحياة، وأدور مع هذا الكوكب التعيس.

في لا مركز ألف من السماوات، وألف من الشموس المضيئة.

آه أيتها الإحساسات الكبرى، أيها الشعور العظيم، يا ألَقَ الذات في عيد الحياة، أيها الفهم الذي لن أدركه، والحب الذي لن أعيشه. لقد نظرت دائمًا إلى الحياة كمثل تلك الزهور التي تتفتَّح في نبات الصبار، حيث يعيش العمر كله من أجل إدراك هذه اللحظة، الفريدة والوحيدة في حياته، والتي لن تتكرر مرة أخرى. نعم الحياة هي ثمرة نضجت مع الدهر، وإذا كان كل هذا الظلام قد اعتصر في الوجع الطويل للكون من أجل بلوغ هذه الغاية: أن يتفتق النور في القمم العالية؛ فذلك لأننا نحن فاكهة الكون، حتى وإن كانت هذه الفاكهة أحيانًا تُصاب بالعطن، تسقط قبل السقوط في الوديان الجافة للكآبة. ولكن الحياة تستحق أن تعاش، وتستحق أن تروى، وتستحق أن نقرع رءُوسنا في بهائها المطلق من أجل الفهم أو الإحساس. هكذا أفكر فيما هو غير موجود، وأوجد فيما لم أفكر فيه قط.

تلك النجمة هناك أحمل بذورها في دمي، ذلك الكوكب الساطع في عمق الليل صنع البريق الذي يلمع في ذهني. أنا إذن من هذا الكون والكون مني. وُلدنا في الغور السحيق للسماء في زمان يوجد ما وراء الزمان. ولكن من له أن يقول لي إن كان من الممكن سبر المصير الأعلى لهذا الشعاع المهاجر لضفاف السماوات البعيدة، أو من أين ينبع الماء بين النُّجوم؟ تلك الغمامة الباردة والجميلة فوق السهول الخضراء. حياتي تشبه غمامة تمضي في حلم الله، ظل حميمي في ضيعة منسية تسكنها عصافير شاردة، يقوم بحرسها حكيم طاعن في السن، طوال اليوم يقرأ كتابًا ضخمًا عنوانه: «الحياة السرية لدودة القز الكونية».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤