الفصل الرابع والعشرون

متجر وول مارت الأمريكي في الصين

لم يكن هذا متجر وول مارت الأمريكي بصورته المعتادة. بدايةً، كان هذا المتجر في الصين؛ حيث يقع مركز وول مارت الكبير بمدينة فوشان الصينية على بُعد رحلة قصيرة بالحافلة من مدينة جوانزو. بعد أن التهمتُ غدائي، قرَّرتُ أن أذهب إلى هناك لاستعادة الحنين إلى أرض الوطن. وباعتباره أكبر متجَر في العالم للبيع بالتجزئة، ربما لا يوجد مكان أفضل مِن وول مارت للتفكير مليًّا في الفجوة الموجودة بين المُصنِّعين الصينيين والمُستهلكين الأمريكيين.

ولولا اللافتة المألوفة ذات اللونين الأزرق والأبيض على جانب المبنى، ما كنتُ لِألحظ أن هذا متجر وول مارت. فلا توجد باحة لانتظار السيارات تمتلئ بالسيارات والكرفانات، ولا يوجد مِنطات أو بالونات دعائية مصطفَّة على جانبي المبنى.

مررتُ من أسفل اللافتة ودخلت من الباب الزجاجي الذي لا يُفتح آليًّا.

«مرحبًا.» قالتها شابة ترتدي سروال جينز أزرق ووشاحًا أزرق عليه وجه أصفر مبتسم (شكل ٢٤-١). كان هذا وجه وول مارت الباسم، وكانت هذه موظَّفة استقبال تُرحِّب بالمتسوقين في وول مارت. ولكن هذا ليس متجر وول مارت، بل هو مركز تسوق من ثلاثة طوابق به متاجر ملابس ومجوهرات. انبعثت من السماعات موسيقى تليق بمراكز التسوق، وفاحت من المكان رائحة الأرضيات النظيفة والرائحة المألوفة لمراكز التسوق. كان يوجد مطعم ماكدونالدز ومطعم كنتاكي.

سألتها: «وول مارت؟»

أشارت إلى أقصى طرف القاعة حيث رأيتُ موظَّفة استقبال أخرى ترتدي الوشاح الأزرق ذاته.

fig24
شكل ٢٤-١: موظفة استقبال بمركز وول مارت الكبير في مدينة فوشان.

قالت الموظَّفة رقم ٢ باللغة الصينية: «مرحبًا.» كانت تقف أعلى سلَّم مُتحرِّك يحمل المتسوقين إلى الطابق السفلي.

وعند أسفل السلم المتحرك، استقبلتني موظفة رقم ٣. ومثل الموظفتَين الأُخريَين، كانت شابة أيضًا. لم تكن أيٌّ منهنَّ تُشبه موظفي الاستقبال الموجودين في الولايات المتحدة؛ فنحن يَروق لنا موظفو الاستقبال كبار السن الودودون. لم تكن الفتيات غير ودودات، وإنما بدا أنَّهن قد وُزعن في أماكن محددة وطُلب منهنَّ بحسم أن يَبتسمن. كانت الفتيات مُتصلِّبات نوعًا ما. أشك أنَّهن مسَّدن شعر صغير أو داعبْنَ خد طفل رضيع على الإطلاق.

بدا وصف المركز بأنه مركز ضخم مبالَغًا فيه. كان مستوى السقف منخفضًا للغاية، والممرات ضيقة جدًّا. لدينا متاجر كيه مارت بمساحة أكبر من تلك في منطقة الغرب الأوسط الأمريكي.

أشار إليَّ رجل يُوزع عيِّنات من مشروبٍ ما أثناء مغادرة أسرة مكوَّنة من ثلاثة أفراد المكان. وقف الصبي الصغير وحدَّق. حثَّه والداه على التحرُّك حتى لاحَظا ما كان يحدق به — أنا — ثم انضما إليه. افترضتُ أن رؤية مواطن أمريكي في متجر وول مارت بالصين أشبه برؤية نجمٍ بالرابطة الوطنية لكرة السلة في صالة الألعاب الرياضية المحلية عندك أو رؤية البابا في كنيستك. ناوَلني الرجل كوبًا ورقيًّا. رفعته لأعلى لإضحاك الأسرة وأنا أتشمَّم محتويات الكوب ثم رفعتُ إياه تحية لهم. شربت الكوب دفعة واحدة؛ كان المشروب عبارة عن عصير تفاح مُعتَّق له نكهة ويسكي مثيرة وغير متوقعة. سار جزء من الشراب في القناة الخاطئة. لحسن الحظ مرت لحظة قبل أن تبدأ نوبة من نوبات الشَّرَق، واستطعت أن أتخذ الاستعدادات المناسبة الخاصة بالحنجرة كي أتحكم في عدم تدفُّق المشروب من أنفي. كان الأمر أشبه بمُشاهدة لاعب الرابطة الوطنية لكرة السلة وهو يُهدر تسديدة لترتدَّ عبر الجهة المقابلة من الملعب، أو الاستماع إلى البابا في كنيستك يقول: «اللعنة!» حين يسقط منه الخبز المقدس.

أخذت أسعل وأنا في طريقي إلى قسم الإلكترونيات، وأبديتُ إعجابي بأجهزة التليفزيون ذات الشاشات المسطحة التي تبلغ تكلفتها أكثر من ألف دولار. مَن الذي يشتري هذا؟ قلت في نفسي ببعض الاشمئزاز: «الأثرياء.»

في بنجلاديش كان أي شخص يَمتلك سيارة يُعتبر ثريًّا. وفي كمبوديا قلَّبت عيني في المقيمين في قصور محاطة بأبواب عليها حراس. لطالما تساءلت عن الطريقة التي يَكسبون بها أموالهم ومن الذين يدهسونهم تحت أقدامهم ليَحصلوا على هذه الأموال. ولطالما نسيت على ما يبدو أن القدر الذي أتقاسمه مع الطبقة الراقية في هذه الدول أكثر من القدر الذي أتقاسمه مع العُمال الذين قضيت معهم وقتي. أنا مواطن أمريكي عادي، والعاملون مواطنون بنجلاديشيون وكمبوديون وصينيون عاديون، لكن عاديَّتنا غير عاديَّتهم.

كان من بين أول الأشياء التي اشتريتها أنا وآني فور انتقالنا إلى منزلنا الجديد جهاز تليفزيون ذو شاشة مسطحة؛ حيث يوجد بمنزلنا غرفة معيشة ذات مساحة كبيرة ومفتوحة. وبدا جهاز التليفزيون ذو اﻟ ١٩ بوصة الذي تمتلكه آني منذ فترة دراستها بالجامعة مُضحكًا نوعًا ما وهو يقبع في أحد أركان الغرفة. لقد مرَّت شهور على آخر مرة رأيت فيها التليفزيون الجديد، إنني أواجه صعوبة في تذكُّر عدد بوصات الجهاز أو ما إذا كانت شاشته إل سي دي أم بلازما.

بدا كل هذا في غاية الأهمية في تلك اللحظة.

ربما يبدو هذا سخيفًا وتافهًا، ولكن مشاهدة أجهزة التليفزيون هذه جعلتني أشعر بالحنين لأرض الوطن قليلًا. لم أفتقد التليفزيون في حدِّ ذاته، وإنما كنت أفتقد استلقائي على طرف الأريكة واستلقاء آني على الطرف الآخر، وتشابك أرجلنا معًا في المنتصف؛ حتى يغلب النعاس كلينا.

لقد وافتني آني بما تفوتني مشاهدته على شاشة التليفزيون، حيث فازت جوردين سباركس بلقب برنامج «أمريكان آيدول» بينما كنت في كمبوديا. لم أفتقد برنامج أمريكان آيدول في حدِّ ذاته، وإنما افتقدت عودتي إلى المنزل مسرعًا لمشاهدة البرنامج وانتقاد المتسابقين ومشاركتي أنا وآني كأسًا من عصير العنب وطبق الفشار. كما افتقدتُ مشاهدة مباريات الدور قبل النهائي لكرة السلة للرجال في منافسات الرابطة الوطنية لرياضة الجامعات بينما كنت في بنجلاديش. لم أفتقد المباراة بقدر ما افتقدت حديثي مع والدي وإمكانية مُشاهدتي المباراة في قبوه. وافتقدت إيقاظه لمُشاهدة الهجمات المذهلة أو اللحظات المهمَّة في المباراة.

وفي قسم الأجهزة المنزلية، أدهشَني الحجم الصغير للثلاجات. كان حجم أكبر ثلاجة في المتجر نحو ثلثَي حجم الثلاجة التي أهداها والداي لنا كهدية لانتقالنا لعشِّ الزوجية. كنتُ أفتقد ثلجَ وماء ثلاجتنا وكيف تركض قطتنا أوريو لتستجدي بعضًا من مكعبات الثلج في طبق الماء الخاص بها. افتقدت إعداد شطائر البيتزا المجمَّدة عندما كان يمنعنا الكسل عن طهو الطعام أو يَمنعنا الإرهاق الشديد من الخروج إلى المطاعم.

إنني لا أفتقد «الأشياء»، وإنما أفتقد نمط العيش والعلاقات الإنسانية التي بنَيتُها حول هذا النمط.

لم أكن أتوقَّع قط أن متجر وول مارت سيَجعلني أشعر بالحنين إلى الوطن. وعلى الرغم من أنه يوجد الكثير من الأشياء التي تبدو مألوفة، فإن الكثير منها أيضًا لا يبدو كذلك.

على سبيل المثال، يوجد ممرٌّ واحد فقط للألعاب والدُّمى. ربع هذا الممر تحتله دمية باربي، وجميعها ينتمي للعِرق القوقازي. أما نحن في متاجر وول مارت بمنطقة الغرب الأوسط الأمريكي فلدينا دُمى باربي آسيوية، ولكنها غير موجودة في الصين. أما قسم الأدوات والسيارات فكان عبارة عن نصف ممر فقط.

لم تكن أحواض السمك موجودة في قسم الحيوانات الأليفة، وإنما في قسم المُنتجات الزراعية. وفي أحد الأحواض، أزاحت سمكة قادوس مثيرة للشفقة زوجَين نافقَين من سمك النهاش الأحمر من الطريق وهي تُحاول أن تقضم بعض الطعام الموجود على سطح المياه. وعُرض تمساح طوله ٤ أقدام ذو حراشيف وغير ذلك من الأشياء التي تُميِّز التماسيح على قطع ثلج وكأنه خنزير في وليمة. وهناك وقَف زبون يَنتظر الجزار أثناء تقطيعه قطعة ضخمة من اللحم.

وفي قاع حوضٍ جافٍّ كانت توجد ثعابين تزحف. الشيء الوحيد الذي قد يعضُّك في متجر وول مارت بمنطقة الغرب الأوسط الأمريكي هو طفل صعب المراس في حالة هياج من فرط تناول السكريات وليس اللحم.

في قسم مُنتجات الألبان، صدحت من السماعات أنغام أغنية «هو ليت ذا دوجز أوت» (من الذي أخرج الكلاب؟) مُعاد توزيعها، ثم تبعتها أغنية «وي ويل روك يو» (سنجعلك ترقص).

في الركن الخلفي بالقرب من مستحضرات التجميل، وقفت مجموعة من الموظَّفين الذين يضعون وجوهًا مبتسمةً صفراء يَهتفون ويصفقون. كنت قد سمعت عن هذا الأمر؛ ففي المدرسة الثانوية، كان لي صديق، يُدعى جون، يعمل في متجر وول مارت، وقبل ورديته، كان رئيس الوردية يُحمِّس جون وزملاءه في العمل من خلال هتاف جماعي، وهو هتاف وول مارت للتضامن:

قد يقول لهم رئيسهم: «أسمع واوًا!»

فيجيبون عليه: «واو!»

«أسمع لامًا!»

فيَهتفون: «لام!»

يستمر رئيس الوردية في سؤالهم بأن يَنطقوا حروف الاسم ويطلب منهم هزَّ مؤخرتهم عند منتصف الاسم. وعندما ينتهون من جميع الأحرف، يسألهم قائلًا: «ما الاسم الذي يُمكنكم استنتاجه منها؟!»

فيأتي ردهم بحماسة: «وول ماااااارت!»

«من هو رقم واحد؟»

«العملاااااء!»

ذات مرة أخبرني جون قائلًا: «ثمة أشياء كثيرة فعلتُها في حياتي أحاول أن أنساها؛ واحد منها هو هز مؤخرتي أثناء هذا الهتاف.»

اقترب مني رجل مُهندم حليق الرأس والذقن قائلًا: «مرحبًا سيدي، أنا توني، كيف يُمكنني مساعدتك؟»

لا تدع اسمه يخدعك؛ فاسم توني اسم صيني، كان صينيًّا بكل ما تحلمه الكلمة من معنًى، مثل المترجمين الذين ساعدوني هنا في الصين. طالما تروق لي الأسماء الإنجليزية التي يُسمُّون أنفسهم بها؛ حيث وُجدت أسماء مثل آنجيل التي تحلَّت بصبر الملائكة، وبينك الفتاة ضئيلة البنية، ولوثر التي كان اسمها الرجالي الصارم يُناقض طبيعتها الأنثوية الخجولة تمامًا. وكل هذه الأسماء ذكَّرتني بحصة اللغة الإسبانية في المدرسة الثانوية، حيث أرادت جميع الفتيات أن يَحملن اسم مارجريتا وأراد جميع الصبية أن يحملوا اسم جيسَس.

سألته قائلًا: «أين أجد كريم الحلاقة؟»

قال: «من هذا الاتجاه يا سيدي.»

كان توني هو مدير المتجر. كانت لغته الإنجليزية ممتازةً. لقد سافر إلى الولايات المتحدة ليتدرَّب وقريبًا سيزور متجر وول مارت بولاية تكساس للمزيد من التدريب. أخبرته بأنني لم أعرف من قبل أنه يوجد متاجر وول مارت بالصين، وسألته ما إذا كان هذا أكبر متجر للبيع بالتجزئة في البلاد.

أجاب قائلًا: «نحن في المرتبة الثامنة أو العاشرة، ولكن العدد يتزايد. عندما بدأت العمل قبل أربع سنوات، كان يوجد ٤٠ متجرًا، أما الآن فيوجد أكثر من ١٠٠ متجر. وهذا المتجر افتُتح في شهر أبريل. وجميع متاجرنا موجودة في مدن كبرى. الأمر هنا مختلف عن الولايات المتحدة.»

أكدت على صحة هذه العبارة؛ فليس لدينا تماسيح وثعابين في الولايات المتحدة، ولدينا ساحات لانتظار السيارات.

أردف توني قائلًا: «معظم عملائنا يأتون بالحافلات وسيارات الأجرة. نحن نقدم لهم تجربة تسوُّق على الطريقة الأمريكية بمجموعة متنوعة من الخدمات في مكان واحد. عادات الناس في كلا البلدَين متباينة كثيرًا. ففي أمريكا، يأتي العملاء إلى وول مارت ربما مرة واحدة في الأسبوع ويَشترون كثيرًا. أما هنا فربما يأتي عملاؤنا كل يوم. إنهم يأتون ليَلتقطوا سلعة أو سلعتين صغيرتين.»

وبينما كان توني يتحدَّث، أمسكتُ بزجاجة كريم جيليت للحلاقة. كانت مصنوعة في الصين وتكلفتها أكثر مما تَسمح به ميزانية طعام هذا اليوم. خطر ذلك ببالي وفكَّرت في إعادة الزجاجة مكانها.

قلت: «في الولايات المتحدة، معظم الأشياء التي تُباع في وول مارت مصنوعة في الصين. ماذا عن الوضع هنا؟»

أجاب قائلًا: «بالتأكيد! تسعة وتسعون بالمائة من منتجاتنا صُنعت في الصين. لدينا بعض الصادرات، ولكنها عادةً ما تكون غالية الثمن ولا تُحقِّق نسبة مبيعات جيدة.»

أردفت قائلًا: «بعض الناس في بلادي لا يتسوقون في وول مارت لأن معظم منتجاتهم صُنعت في الصين. هل الناس في الصين لا يتسوقون في وول مارت لأنها شركة أمريكية؟»

رد قائلًا: «ليس بالضبط.» ثم حكى قصة عن عميل شكا من موظف خدمة العملاء معقبًا: «كان العميل يُحاول إرجاع مُنتَج ما، ولم يكن راضيًا بردِّ موظَّف خدمة العملاء عليه.» قال له العميل: «لماذا تعمل لصالح شركة أمريكية؟ أنا من بني وطنك. ينبغي أن تساعدني.» رد عليه موظف خدمة العملاء قائلًا: «سيدي، هذه وظيفتي. وهذه الشركة الأمريكية تعطيني أجرًا لأداء وظيفتي. السؤال الأفضل هو لماذا تُعطي أنت أموالك لشركة أمريكية؟»

ابتسم توني قائلًا: «أظن أنها إجابة رائعة جدًّا.»

حاولت أن أعرف المزيد عن الرجل الثاني بعد المدير، وسألتُ توني ما إذا كان متزوجًا ولديه أطفال. قال إنه مُتزوِّج ولديه أطفال ثم غيَّر الموضوع سريعًا بالحديث عن مدى روعة وول مارت. فتوني رجل ذو مهمة محددة وهدفه جذب الزبائن وإقناعهم بشراء السلع.

اليوم يبلغ تعداد الطبقة الوسطى بالصين نحو ١٠٠ مليون شخص، لكنَّ الخبراء يتوقعون أنه بحلول عام ٢٠٢٠ سيتجاوز تعداد الطبقة الوسطى ٧٠٠ مليون شخص؛ أي ضعف التعداد الحالي لسكان الولايات المتحدة، وأحيانًا يُشير إليهم الخبراء ﺑ «الطبقة المُستهلِكة». سيتوافر المزيد من المنتجات المصنوعة في الصين، والمزيد من المنتجات المباعة في الصين، ومع وجود «دعاة» مخلصين مثل توني الذين يَجذبون الناس نحو اعتناق المذهب الاستهلاكي يوميًّا، سيتوافر على الأرجح المزيد من متاجر وول مارت في الصين.

قال توني: «نريد أن تكون تجربة التسوق هنا تجربة حقيقية؛ حيث نقدم مسابقات الكاريوكي والحفلات الترفيهية، ويروق لنا تقديم الثقافة الغربية للمُتسوِّقين لدينا؛ فعلى سبيل المثال، نقيم حفلة بالملابس التنكُّرية وثمار اليقطين كل عيد هالوين.»

ومع تزايد أعداد الصينيين الذين يَنتقلون من الاشتغال بالزراعة في القرى إلى الاستهلاك في المدن، سيتواجد توني وَوول مارت وعدد لا يُحصى من الأشخاص المشابهين لتوني والمتاجر المشابهة لوول مارت ليَدُلوهم على الطريق.

قلت له: «سؤال أخير: هل لديكم فطيرة تفاح؟»

ابتسم توني قائلًا: «بالتأكيد.»

شكرت توني واشتريت كريم الحلاقة. ابتسمَت موظفة الاستقبال رقم ٣ وأحنت رأسها وأنا أضع قدمي على السلم المتحرك حاملًا كيس وول مارت المطبوع عليه الوجه الباسم. وقفَت أمامي سيدة أثقلت يديها أكياس بلاستيكية مملوءة عن آخرها، كما حملت سيدة أخرى تقف خلفي أكياسًا مملوءة بالسِّلع. نفس الشيء كان ينطبق على كل شخص آخر يصعد على السلم المتحرك، وكأننا أدَّينا الصلاة في باحة المذهب الاستهلاكي.

وبقدر كرهي لرؤية تلاشي نمط حياة القرى، لا يسعني سوى أن أتمنى أنه في عام ٢٠٢٠ حين يُحصي الخبراء عدد أبناء الطبقة الوسطى المزدهرة في الصين أن يكون من بينهم ديوان وتشو تشون ولي سين وجوانج. أتمنى أن يكون في مقدورهم شراء شطائر البرجر بالجبن من ماكدونالدز وربما قطعة رائعة من لحم التماسيح بالإضافة إلى طبق جانبي من الثعابين من وول مارت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤