خُسْـرَوْشـاهُ

(١) «خُسْرَوْشاهُ»

نَشَأَ «خُسْرَوْشاهُ» فِي بِلادِ الْفُرْسِ. وَكانَ أَبُوهُ مَلِكًا عَلَى تِلْكَ الْبِلادِ، فَعُنِيَ بِتَرْبِيَتِهِ وَتَثْقِيفِهِ — أيْ: تَهْذِيبِهِ — بِالْعُلُومِ وَالْفُنُونِ. وَاخْتارَ لِذٰلِكَ أَكْبَرَ الْعُلَماءِ وَالْمُدَرِّسِينَ فِي عَصْرِهِ، فَنَشَّئُوهُ أَحْسَنَ تَنْشِئَةٍ، أَعْنِي: رَبَّوْهُ أَحْسَنَ تَرْبِيَةٍ. وَكانَ «خُسْرَوْشاهُ» ذَكِيًّا جِدًّا وَمُحِبًّا لِلدَّرْسِ، فَتَعَلَّمَ التَّارِيخَ وَالْجُغْرافِيَةَ، وَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ، وَبَرَعَ فِي فُنُونِ الْحَرْبِ وَالْفُرُوسِيَّةِ وَالْهَنْدَسَةِ، وَرَوَى أَعْذَبَ الْأَشْعارِ الَّتِي قالَها بُلَغاءُ الْعَرَبِ، وَلٰكِنَّ أَكْبَرَ هَمِّهِ كانَ مُنْصَرِفًا إلَى فَنِّ الْخَطِّ. وَلَمْ يَكَدْ يَصِلُ إلَى سِنِّ الشَّبابِ حَتَّى فاقَ فِيهِ أَهْلَ عَصْرِهِ — وَمِنْهُمْ مُعَلِّمُوهُ — وَذاعَ صِيتُهُ حَتَّى وَصَلَ إلَى بِلادِ الْهِنْدِ.

(٢) قُطَّاعُ الطَّرِيقِ

وَعَلِمَ مَلِكُ الْهِنْدِ ما وَصَلَ إلَيْهِ «خُسْرَوْشاهُ» مِنَ النُّبُوغِ، فاشْتاقَ إلَى رُؤْيَتِهِ، وَأَرْسَلَ سَفِيرَهُ وَمَعَهُ هَدايا نَفِيسَةٌ إلَى أَبِيهِ. وَكانَ أَبُوهُ يُحِبُّ تَوْثِيقَ الصِّلاتِ مَعَ مَلِكِ الْهِنْدِ، وَيَرَى فِي مِثْلِ هٰذِهِ السِّياحاتِ دُرُوسًا نافِعَةً لِوَلَدِهِ. فَأَرْسَلَهُ مَعَ السَّفِيرِ وَمَعَهُما عَشَرَةَ جِمالٍ مُحَمَّلَةً بِالنَّفائِسِ هَدِيَّةً لَهُ، وَعِشْرِينَ فارِسًا لِلْحِراسَةِ. وَمازالُوا سائِرِينَ شَهْرًا كامِلًا. ثُمَّ فاجَأَهُمْ خَمْسُونَ لِصًّا مِنْ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ. فَصاحَ فِيهِمْ أَحَدُ الْفُرْسانِ: «إنَّنا رُسُلُ مَلِكِ الْفُرْسِ إلَى مَلِكِ الْهِنْدِ». فَسَخِرُوا مِنْ قَوْلِهِ. وَلَمْ يَرَ «خُسْرَوْشاهُ» بُدًّا مِنَ الدِّفاعِ عَنْ نَفْسِهِ، فَحارَبَ مَعَ رِجالِهِ، حَتَّى سَقَطُوا عَنْ آخِرِهِمْ، بَيْنَ قَتِيلٍ وَجَرِيحٍ. وَلَمَّا يَئِسَ مِنْ مُقاوَمَتِهِمْ أَرْخَى لِحِصانِهِ الْعِنانَ (أَيِ: اللِّجامَ). وَما زالَ — حِصانُهُ — يَجْرِي بِهِ حَتَّى ارْتَمَى عَلَى الْأَرْضِ مَيِّتًا. فَتَلَفَّتَ وَراءَهُ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَتْبَعُهُ. فَعَلِمَ أَنَّهُمْ شُغِلُوا بِجَمْعِ الْغَنائِمِ، وَحَمِدَ اللهَ عَلَى سَلامَتِهِ.

(٣) فِي ضِيافَةِ خَيَّاطٍ

وَما زالَ سائِرًا عَلَى قَدَمَيْهِ عِدَّةَ أَيَّامٍ، عَلَى غَيْرِ هُدًى. وَكانَ يَقْتاتُ بِالْأَعْشابِ الَّتِي يَجِدُها فِي أَثْناءِ سَيْرِهِ، وَيَنامُ فِي الطَّرِيقِ، حَتَّى لاحَتْ لَهُ مَدِينَةٌ كَبِيرَةٌ. فَسارَ إِلَيْها وَدَخَلَها، وَفَرِحَ بِرُؤْيَةِ النَّاسِ، بَعْدَ أَنْ حُرِمَ رُؤْيَتَهُمْ مُدَّةً مِنَ الزَّمَنِ. وَرَأَى دُكَّانَ خَيَّاطٍ، فَحَيَّاهُ وَسَأَلَهُ: «ما اسْمُ هٰذِهِ الْمَدِينَةِ يا سَيِّدي؟» فَعَلِمَ الْخَيَّاطُ أَنَّ مُحَدِّثَهُ غَرِيبٌ. وَسَأَلَهُ عَنِ اسْمِهِ، وَكَيْفَ جاءَ إلَى هٰذا الْبَلَدِ؟ فَقَصَّ عَلَيْهِ كُلَّ ما حَدَثَ لَهُ. فَحَزِنَ الْخَيَّاطُ لِقِصَّتِهِ، وَقالَ لَهُ ناصِحًا: «احْذَرْ يا وَلَدِي أَنْ تُخْبِرَ أَحَدًا بِأَمْرِكَ. لأَنَّ مَلِكَ هٰذِهِ الْبِلادِ خَصْمٌ شَدِيدُ الْخُصُومَةِ لِأَبِيكَ. وَلَوْ عَلِمَ بِكَ لَقَتَلَكَ». فَشَكَرَ لَهُ «خُسْرَوْشاهُ» وَأَقامَ فِي ضِيافَتِهِ عِدَّةَ أَيَّامٍ.

(٤) فِي الْغابَةِ

ثُمَّ قالَ لَهُ الْخَيَّاطُ ذاتَ يَوْمٍ، وَقَدْ قَوِيَ بَعْدَ ضَعْفِهِ: «إنَّ مِنْ عادَةِ الْأُمَراءِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا فِي صِغَرِهِمْ حِرْفَةً لِتَنْفَعَهُمْ فِي وَقْتِ الضِّيقِ. فَأَيُّ حِرْفَةٍ تَعَلَّمْتَ؟» فَقالَ لَهُ: «لَقَدْ تَعَلَّمْتُ كَثِيرًا مِنَ الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ، وَبَرَعْتُ فِي فَنِّ الْخَطِّ». فَقالَ لَهُ الْخَيَّاطُ: «كُلُّ ذٰلِكَ لا يَنْفَعُكَ الْآنَ. وَسَأَشْتَرِي لَكَ فَأْسًا وَحِبالًا، لِتَذْهَبَ بِها إلَى الْغابَةِ وَتَقْطَعَ ما تَسْتَطِيعُ مِنَ الْخَشَبِ وَتَبِيعَهُ. فَأَنْتَ شابٌّ قَوِيٌّ قادِرٌ عَلَى الْعَمَلِ لِاكْتِسابِ الْقُوتِ». فَفَرِحَ بِذٰلِكَ، وَظَلَّ يَذْهَبُ إِلَى الْغابَةِ كُلَّ يَوْمٍ فَيَقْطَعُ كَثِيرًا مِنْ خَشَبِ الشَّجَرِ وَيَبِيعُهُ، حَتَّى وَفَّى ما عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ لِلْخَيَّاطِ، وَادَّخَرَ مِنَ الْمالِ مِقْدارًا كَبِيرًا.

(٥) تَحْتَ الْأَرْضِ

وَفِي أَحَدِ الْأَيَّامِ كانَ «خُسْرَوْشاهُ» يَقْطَعُ جِذْعَ شَجَرَةٍ كَبِيرَةٍ فِي مَكانٍ بَعِيدٍ مِنَ الْغابَةِ، فَرَأَى فِي الْأَرْضِ حَلْقَةً مِنَ الْحَدِيدِ، مُثَبَّتَةً فِي بابٍ مِنَ الْخَشَبِ. فَرَفَعَ الْبابَ — بِقُوَّتِهِ كُلِّها — فَرَأَى تَحْتَهُ سُلَّمًا، فَنَزَلَ، فَوَجَدَ مَكانًا فَسِيحًا، وَحَدِيقَةً كَبِيرَةً، وَقَصْرًا لَمْ يَرَ لَهُ شَبِيهًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. وَرَأَى الْمَكانَ مُضِيئًا (أَيْ: مُنَوَّرًا) وَإنْ لَمْ تَصِلْ إلَيْهِ أَشِعَّةُ الشَّمْسِ. فَدَهِشَ لِذٰلِكَ.

(٦) أَسِيرَةُ الْجِنِّيِّ

وَرَأَى فَتاةً حَسْناءَ جالِسَةً عَلَى أَرِيكَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْهُ، فَزادَ عَجَبُهُ. وَما كادَتْ تِلْكَ الْفَتاةُ تَراهُ حَتَّى اصْفَرَّ لَوْنُها، وَاضْطَرَبَتْ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ. وَسأَلَتْهُ: «مَنْ أَنْتَ؟ وَكَيْفَ أَتَيْتَ إلَى هٰذا الْمَكانِ؟» فَأَخْبَرَها بِقِصَّتِهِ كُلِّها. فَاطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ، وَزالَ عَنْها الْخَوْفُ. فَسَأَلَها عَنْ قِصَّتِها، فَقالَتْ لَهُ: «إِنَّ قِصَّتِي أَعْجَبُ مِنْ قِصَّتِكَ، فَأَنا بِنْتُ مَلِكٍ مِثْلِ أَبِيكَ، وَقَدْ خَطِفَنِي جِنِّيٌّ مِنْ قَصْرِ أَبِي فِي لَيْلَةِ الْعُرْسِ، وَأَحْضَرَنِي إلَى هُنا، وَسَجَنَنِي تَحْتَ الْأَرْضِ. وَهُوَ يَزُورُنِي مَرَّةً فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ مِنْ كُلِّ أُسْبُوعٍ. وَقدْ مَضَتْ عَلَيَّ عِدَّةُ سَنَواتٍ وَأَنا فِي هٰذا الْمكانِ».

(٧) طِلَّسْمُ الْجِنِّيِّ

وَظَلَّ «خُسْرَوْشاهُ» يُحادِثُ تِلْكَ الْفَتاةَ الْسَّجِينَةَ فِي مُخْتَلِفِ الْأَحادِيثِ وَيُصَبِّرُها وَيُؤَسِّيها، حَتَّى جاءَ وَقْتُ الْغَداءِ. فَدَخَلا غُرْفَةَ الْأَكْلِ، فَرَأَى فِيها «خُسْرَوْشاهُ» مِنْ أَلْوانِ الطَّعامِ وَالْفاكِهَةِ وَالشَّرابِ ما لَمْ يَخْطُرْ لَهُ عَلَى بالٍ. فَقالَتْ لَهُ الْفَتاةُ: «تَعالَ كُلَّ يَوْمٍ لِتَأْكُلَ مَعِي وَتَشْرَبَ ما يَحْلُو لَكَ مِنَ الطَّعامِ وَالشَّرابِ. وَلٰكِنِّي أُحَذِّرُكَ أَنْ تَقْربَ هٰذِهِ الزُّجاجَةَ وَحْدَها. فَإِنْ شَرِبْتَ مِنْها نَدِمْتَ». فَأَكَلَ «خُسْرَوْشاهُ» وَشَرِبَ ما شاءَ. ثُمَّ وَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطانُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ تِلْكَ الزُّجاجَةِ، فَنَهَتْهُ الْفَتاةُ، وَحَذَّرَتْهُ سُوءَ الْعاقِبَةِ. فَاشْتَدَّتْ رَغْبَتُهُ وَإلْحاحُهُ، وَأَصَرَّ عَلَى عِنادِهِ. وَما كادَ يَشْرَبُ قَلِيلًا مِنْ ذٰلِكَ الشَّرابِ حَتَّى اخْتَلَطَ، وَظَهَرَتْ عَلَيْهِ أَماراتُ الْخَبَلِ. فَقالَ لِلْفَتاةِ، وَهُما سائِرانِ فِي الْحَدِيقَةِ: «أَلا تَسْتَطِيعِينَ أَنْ تَهْرُبِي مِنْ ذٰلِكِ الْجِنِّيِّ الْخَبِيثِ، وَتَذْهَبِي مَعِي إِلَى قَصْرِ أَبِيكِ، أَوْ إلَى أَيِّ مَكانٍ آخَرَ تَخْتَبِئِينَ فِيهِ؟» فَقالَتْ لَهُ وَهِيَ مَدْهُوشَةٌ: «كَلَّا لا سَبِيلَ إلَى ذٰلِكَ، فَإِنَّهُ يَهْتَدِي بِسُهُولَةٍ إلَى أَيِّ مَكانٍ أَذْهَبُ إلَيْهِ. وَهُوَ يَقْتُلُنِي إنْ هَرَبْتُ مِنْهُ. عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُسِئُ إِلَيَّ قَطُّ. بَلْ بَذَلَ كُلَّ ما فِي وُسْعِهِ لِإِسْعادِي وَتَلْبِيَةِ كُلِّ ما أُرِيدُهُ مِنْهُ. فَلِماذا أَغْدِرُ بِهِ؟» فَقالَ لَها: «وَما هٰذِهِ الْكُرَةُ الزُّجاجِيَّةُ الَّتِي أَراها بِالْقُرْبِ مِنَ النَّافُورَةِ؟» فَقالَتْ لَهُ: «هٰذِهِ هِيَ طِلَّسْمُ الْجِنِّيِّ الَّذِي أَسْتَدْعِيهِ بِهِ كُلَّما احْتَجْتُ إلَيْهِ. فَإذا لَمَسْتُ هٰذِهِ الْكُرَةَ حَضَرَ الْجِنِّيُّ لِلْحالِ».

(٨) تَهَوُّرُ «خُسْرَوْشاهَ»

فَحَسِبَ «خُسْرَوْشاهُ» أَنَّهُ قادِرٌ عَلَى قَتْلِ الْجِنِّيِّ، وَإراحَةِ الْفَتاةِ مِنْهُ. فَقالَ لِلْفَتاةِ: «لا بُدَّ مِنِ اسْتِدْعاءِ هٰذا الْجِنِّيِّ الْخَبِيثِ. وَسَأَقْتُلُهُ أَمامَكِ بِفَأْسِي هٰذِهِ. وَسَتَرَيْنَ مِنْ شَجاعَتِي ما لا يَخْطُرُ لَكِ عَلَى بالٍ». فَأَدْرَكَتِ الْفَتاةُ أَنَّ الشَّرابَ قَدْ أَذْهَلَهُ عَنْ تَدَبُّرِ الْعَواقِبِ. فَارْتَمَتْ عَلَى قَدَمَيْهِ، مُتَوَسِّلَةً إِلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْ هٰذِهِ الْحَماقَةِ، وَإِلَّا أَهْلَكَهُما الْجِنِّيُّ مَعًا. فَلَمْ يَعْبَأْ بِنَصِيحَتِها، وَجَرَى مُسْرِعًا إلَى الطِّلَّسْمِ، فَرَكَلَهُ بَقَدَمِهِ، فَحَطَّمَهُ.

(٩) هَرَبُ «خُسْرَوْشاهَ»

وَما كادَ «خُسْرَوْشاهُ» يُحَطِّمُ الطِّلَّسْمَ حَتَّى أَظْلَمَتِ الدُّنْيا بِدُخَانٍ كَثِيفٍ، وَاضْطَرَبَتِ الْأَرْضُ، وَزُلْزِلَ الْقَصْرُ. فَأَفاقَ مِنْ غَفْلَتِهِ، وَأَدْرَكَ — بَعْدَ فَواتِ الْوَقْتِ — شَناعَةَ خَطَئِهِ. وَجَرَى إِلَى السُّلَّمِ تارِكًا حِذاءَهُ وَفَأْسَهُ، لِشِدَّةِ ما لَحِقَهُ مِنَ الْخَوْفِ. وَما زالَ مُسْرِعًا حَتَّى وَصَلَ إِلَى بَيْتِهِ، وَهُوَ لا يَكادُ يُفِيقُ مِنَ الرُّعْبِ وَالْفَزَعِ، اللَّذَيْنِ اسْتَوْلَيا عَلَيْهِ لِهَوْلِ ما رَأَى وَسَمِعَ.

(١٠) «خُسْرَوْشاهُ» والْجِنِّيُّ

وَما كادَ يَسْتَقِرُّ فِي بَيْتِهِ حَتَّى جاءَهُ الْخَيَّاطُ وَقالَ لَهُ: «لَقَدْ جاءَ إِلَى دُكَّانِي شَيْخٌ — وَمَعَهُ فَأْسُكَ وَحِذاؤُكَ — وَسَأَلَنِي: «هَلْ تَعْرِفُ صاحِبَ هٰذِهِ الْفَأْسِ وَهٰذا الْحِذاءِ؟» فَقُلْتُ لَهُ: «نَعَمْ»، وَأَرْشَدْتُهُ إِلَى الْبَيْتِ. وَهُوَ يَنْتَظِرُكَ بِالْبابِ». فَاشْتَدَّ رُعْبُ «خُسْرَوْشاهَ» وَأَرادَ أَنْ يُخْفِيَ نَفْسَهُ عَنْ ذٰلِكَ الشَّيْخِ. وَإِذا بِالسَّقَفِ يَنْشَقُّ، وَإِذا بِالشَّيْخِ يَهْبِطُ عَلَيْهِما، وفِي يَدِهِ الْفَأْسُ وَالْحِذاءُ. ثُمَّ قالَ لِخُسْرَوْشاهَ: «أَلَيْسَتْ هٰذِهِ فَأْسَكَ؟ أَلَيْسَ هٰذا حِذاءَكَ يا سَيِّدِي؟» فَاصْفَرَّ وَجْهُ الْفَتَى، وَامْتَلَأَ قَلْبُهُ رُعْبًا مِنْهُ. وَلٰكِنَّ الشَّيْخَ أَمْسَكَ بِذِراعِهِ، وَرَفَعَهُ فِي الْفَضاءِ، وَطارَ بِهِ قَلِيلًا، ثُمَّ هَبَطَ إِلَى قَصْرِهِ، وَغَيَّرَ هَيْئَتَهُ، فَإِذا هُوَ جِنِّيٌّ، كَرِيهُ الْمَنْظَرِ.

(١١) عاقِبَةُ التَّهَوُّرِ

ثُمَّ سَأَلَهُ الْجِنِّيُّ: «أَلا تَعْرِفُ هٰذِهِ الْفَتاةَ؟» فَقالَ لَهُ: «كَلَّا لا أَعْرِفُها، ولَمْ أَرَها فِي حَياتِي قَطُّ». فَقالَ الْجِنِّيُّ لِلْفَتاةِ: «أَلا تَعْرِفِينَ هٰذا الْفَتَى؟» فَقالَتْ لَهُ: «كَلَّا لا أَعْرِفُهُ، وَلَمْ أَرَهُ فِي حَياتِي قَطُّ». فَقالَ لَها الْجِنِّيُّ غاضِبًا: «أَلَمْ يَنْسَ عِنْدَكِ حِذاءَهُ وَفَأْسَهُ هٰذَيْنِ؟» فَسَكَتَتْ وَلَمْ تُجِبْ. فَالْتَفَتَ الْجِنِّيُّ إلَى الْفَتاةِ، وَقالَ لَها: «إِنْ كُنْتِ لا تَعْرِفِينَ هٰذا الْفَتَى فَخُذِي هٰذا السَّيْفَ فَاقْتُلِيهِ بِهِ». فَقالَتْ لِلْجِنِّيِّ: «وَأَيُّ جُرْمٍ ارْتَكَبَهُ حَتَّى أَقْتُلَهُ؟ كَلَّا، لا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْتُلَ بَرِيئًا!» فَالْتَفَتَ الْجِنِّيُّ إِلَى الْفَتَى، وَقالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ لا تَعْرِفُ هٰذِهِ الْفَتاةَ فَخُذْ هٰذا السَّيْفَ فَاقْتُلْها بِهِ». فَقالَ لِلْجِنِّيِّ: «وَكيْفَ أَقْتُلُ نَفْسًا مِنْ غَيْرِ ذَنْبٍ جَنَتْهُ؟» فَالْتَفَتَ إِلَيْهِما الْجِنِّيُّ غاضِبًا، وَقالَ: «لَوْ لَمْ تَكْذِبا عَلَيَّ. لَعَفَوْتُ عَنْ ذَنْبِكُما. وَلٰكِنَّكُما كاذِبانِ. وَلا بُدَّ مِنْ عِقابِكُما فَأَمّا هٰذِهِ، فَإنِّي سأَسْجُنُها فِي مَغارَةٍ سَحِيقَةٍ لا يَصِلُ إِلَيْها إِنْسِيٌّ وَلا جِنِّيٌّ، ثُمَّ أَدَعُها بِلا طَعامٍ وَلا شَرابٍ حَتَّى تَهْلِكَ». ثُمَّ أَظْلَمَتِ الْغُرْفَةُ فَجْأَةً، وَعادَ النُّورُ إِلَيْها بَعْدَ بُرْهَةٍ وَلَيْسَ لِلْفَتاةِ أَثَرٌ.

(١٢) «خُسْرَوْشاهُ» يُمْسَخُ قِرْدًا

ثُمَّ قالَ الْجِنِّيُّ لِلْفَتَى: «لَوْ شِئْتُ لَفَعَلْتُ مَعَكَ مِثْلَ ذٰلِكَ. وَلٰكِنَّنِي سَأَكْتَفِي بِمَسْخِكَ قِرْدًا، أَوْ كَلْبًا، أَوْ حِمارًا، أَوْ أَسَدًا، أَوْ ما شِئْتَ مِنْ أَنْواعِ الْحَيَوانِ (وَالْمَسْخُ: تَحْوِيلُ الصُّورَةِ إِلَى صُورَةٍ أَقْبَحَ مِنْها)». فَارْتَمَى عَلَى قَدَمَيْهِ، وَبَكَى مُتَوَسِّلًا إِلَيْهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ خَطِيئَتَهُ. وَقَصَّ عَلَيْهِ كَثِيرًا مِنَ الْأَخْبارِ فِي فَضْلِ الْحِلْمِ وَالْعَفْوِ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ.

وَلٰكِنَّ الْجِنِّيَّ لَمْ يُصْغِ إِلَيْهِ، وَطارَ بِهِ إِلَى قِمَّةِ جَبَلٍ مُرْتَفِعٍ وَأَخَذَ بِيَدِهِ قَلِيلًا مِنَ التُّرابِ، وَجَمْجَمَ قَوْلًا مِنَ السِّحْرِ، ثُمَّ ضَرَبَ وَجْهَ «خُسْرَوْشاهُ» بِالتُّرابِ، وَهُوَ يَقُولُ: «اخْرُجْ مِنْ صُورَتِكَ الْآدَمِيَّةِ إِلَى صُورَةِ الْقِرْدِيَّةِ».

ثُمَّ طارَ الْجِنِّيُّ وَتَرَكَهُ بَعْدَ أَنْ مَسَخَهُ قِرْدًا.

(١٣) مَرْكَبُ النَّجاةِ

وَسارَ الْقِرْدُ، وَهُوَ لا يَدْرِي إِلَى أَيْنَ يَسِيرُ. وَنَزَلَ إِلَى سَفْحِ الْجَبَلِ (أَيْ: أَسْفَلِهِ) وَوَقَفَ عَلَى شاطِئِ بَحْرٍ قَرِيبٍ مِنْهُ، فَرَأَى مَرْكَبًا كَبِيرًا يَقْتَرِبُ مِنَ الشَّاطِئ، فَلاحَ لَهُ أَمَلٌ فِي النَّجاةِ. فَقَطَعَ غُصْنًا كَبِيرًا مِنْ إِحْدَى الْأَشْجارِ وَأَلْقَى بِهِ فِي الْبَحْرِ، وَقَطَعَ فَرْعَيْنِ صَغِيرَيْنِ، وَصارَ يَجْدِفُ بِهِما، حَتَّى رَآهُ مَنْ فِي الْمَرْكَبِ، وَهُوَ يَجْدِفُ، (أَيْ: يَسُوقُ السَّفِينَةَ بِالمِجْدافِ).

فَعَجِبُوا مِنْ ذَكائِهِ، وَمَدُّوا إلَيْهِ حَبْلًا طَوِيلًا، فَأَمْسَكَ بِهِ، وَرَفَعُوهُ إِلَيْهِمْ.

وَما كادَ الْقِرْدُ يَسْتَقِرُّ فِي الْمَرْكَبِ حَتَّى قالَ أَحَدُ الْمُسافِرِينَ: «ما فائِدَةُ هٰذا الْقِرْدِ لَنا؟» فَقالَ ثانٍ: «خَيْرٌ لَنا أَنْ نُلْقِيَهُ (أَيْ: نَرْمِيَهُ) فِي الْبَحْرِ». وَقالَ ثالِثٌ: «بَلْ نَقْتُلَهُ» وَهٰكذَا. فَارْتَمَى عَلَى قَدَمَي الرُّبَّانِ، فَرَقَّ لَهُ قَلْبُهُ، وَجَعَلَهُ فِي حِمايَتِهِ.

(١٤) خَطَّاطُ الْمَلِكِ

وَسارَ الْمَرْكَبُ بِهِمْ خَمْسِينَ يَوْمًا، ثُمَّ وَصَلُوا إِلَى شاطِئَ مَدِينَةٍ كَبِيرَةٍ. فَجاءَ رَسُولُ الْمَلِكِ، وَقالَ لِلرُّبَّانِ: «لَقَدْ ماتَ خَطَّاطُ الْمَلِكِ مُنْذُ شَهْرٍ، وَنَحْنُ نَبْحَثُ — فِي كُلِّ مَرْكَبٍ يَفِدُ إلَى بِلادِنا — عَنْ خَطَّاطٍ يَخْلُفُهُ. فَإِذا كانَ بَيْنَ أَصْحابِكَ مَنْ يُجَوِّدُ الْخَطَّ، فَلْيَكْتُبْ سَطْرًا فِي هٰذا الْقِرْطاسِ، لِنَعْرِضَهُ عَلَى الْمَلِكِ، وَيَرَى رَأْيَهُ فِيهِ». فَتَقَدَّمَ خَمْسَةٌ مِنَ الْمُسافِرِينَ فَكَتَبُوا — فِي الْقِرْطاسِ — عِدَّةَ نَماذِجَ مِنَ الْخَطِّ الْجَمِيلِ. وَما كادُوا يَنْتَهُونَ حَتَّى أَسْرَعَ الْقِرْدُ إلَى الْقِرْطاسِ فَخَطِفَهُ، وَأَمْسَكَ الْقَلَمَ بِيَدِهِ. فَانْزَعَجَ الْحاضِرُونَ، وَخَشُوا أَنْ يُمَزِّقَ الْقِرْطاسَ. وَلٰكِنَّهُمُ اطْمَأَنُّوا حِينَ رَأَوْهُ يَكْتُبُ نُخْبَةً مِنَ الْحِكَمِ الْمُخْتارَةِ، وَلا يَدَعُ نَوْعًا مِنْ أَنْواعِ الْخَطِّ إلَّا أَبْدَعَ فِيهِ إبْداعًا. وَلَمَّا رَأَى الْمَلِكُ خَطَّهُ أُعْجِبَ بِهِ، وَفَضَّلَهُ عَلَى كُلِّ خَطٍّ رَآهُ فِي حَياتِهِ، وَأَمَرَ بِإِحْضارِهِ إلَيْهِ فِي مَوْكِبٍ حافِلٍ. فَقالُوا لَهُ: «إِنَّ كاتِبَ هٰذا الْخَطِّ الْبَدِيعِ قِرْدٌ». فَزادَتْ دَهْشَتُهُ، وَاشْتَدَّ شَوْقُهُ إلَى رُؤْيَتِهِ. فَأَلْبَسُوهُ حُلَّةً فاخِرَةً (أَيْ: ثَوْبًا جَدِيدًا حَسَنًا)، وَوَقَفَ النَّاسُ عَلَى جانِبَيِ الطَّرِيقِ يُحَيُّونَهُ مَدْهُوشِينَ.

(١٥) بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ

وَلَمَّا مَثَلَ الْقِرْدُ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ، حَيَّاهُ بِأَدَبٍ وَاحْتِرامٍ. فَعَجِبَ الْحاضِرُونَ مِنْ ذَكائِهِ، الَّذِي هَداهُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمَلِكِ مِنْ بَيْنِهِمْ. وَأَشارَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ أَنْ يَجْلِسَ إِلَى جانِبِهِ، فَجَلَسَ مُتَأَدِّبًا. وَلَمَّا جاءَ وَقْتُ الْأَكْلِ دَعاهُ إِلَى الْمائِدَةِ فَأَكَلَ مَعَهُ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ، وَرَأَى دَواةً وَقَلَمًا قَرِيبَيْنِ، فَكَتَبَ — بِخَطِّهِ الْبَدِيعِ — كَلِمَةً بَلِيغَةً يَشْكُرُ فِيها الْمَلِكَ. فَاشْتَدَّتْ دَهْشَةُ الْمَلِكِ مِنْ نُبُوغِهِ، وَدَعاهُ إِلَى الشِّطْرَنْجِ لِيَلْعَبَ مَعَهُ، فَرَآهُ مِنْ أَمْهَرِ اللَّاعِبِينَ.

(١٦) بِنْتُ الْمَلِكِ

فَدَعا الْمَلِكُ ابْنَتَهُ لِتَرَى هٰذا الْقِرْدَ الْعَجِيبَ، وَكانَتْ بارِعَةً فِي السِّحْرِ. فَلَمْ تَكَدْ تَراهُ حَتَّى ابْتَسَمَتْ، وَقالَتْ لِأَبِيها: «لَيْسَ هٰذا قِرْدًا — يا أَبَتِ — بَلْ هُوَ أَمِيرٌ». فَدَهِشَ الْمَلِكُ مِنْ قَوْلِها، وَسَأَلَها عَنْ قِصَّتِهِ. فَقالَتْ لَهُ مُبْتَسِمَةً: «هٰذا هُوَ الْأَمِيرُ «خُسْرَوْشاهُ» ابْنُ مَلِكِ الْفُرْسِ. وَقَدْ غَضِبَ عَلَيْهِ جِنِّيٌّ عَنِيدٌ، اسْمُهُ: «الْخَيْتَعُورُ» — لِأَنَّهُ كَذَبَ عَلَيْهِ — فَمَسَخَهُ الْجِنِّيُّ قِرْدًا». ثُمَّ قَصَّتْ عَلَى الْمَلِكِ كُلَّ ما حَدَثَ لِذٰلِكَ الْأَمِيرِ، مُنْذُ خَرَجَ مِنْ قَصْرِهِ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى هٰذِهِ الْمَدِينَةِ.

فَالْتَفَتَ الْمَلِكُ إِلَى الْقِرْدِ، فَرَآهُ يُؤَمِّنُ عَلَى كَلامِها.

(١٧) بِنْتُ الْمَلِكِ وَالْجِنِّيُّ

فَقالَ لَها الْمَلِكُ: «لَيْتَكِ يا بِنْتِي قادِرَةٌ عَلَى إِعادَتِهِ إِنْسانًا كما كانَ». فَقالَتْ لَهُ: «سَأَرْجِعُهُ إلَى صُورَتِهِ الْأُولَى».

ثُمَّ سارَتْ بِهِمْ إِلَى فِناءِ الْقَصْرِ، وَرَسَمَتْ دائِرَةً كَبِيرَةً جَلَسَ فِيها الْمَلِكُ وَالْوَزِيرُ وَالْقِرْدُ. وَحَذَّرَتْهُمْ مِنْ تَخَطِّيها حَتَّى لا يُهْلِكَهُمُ الْجِنِّيُّ. وَأَخَذَتْ قَلِيلًا مِنَ الْماءِ، ثُمَّ رَشَّتْهُ عَلَى وَجْهِهِ قائِلَةً: «اخْرُجْ مِنَ الْقِرْدِيَّةِ إِلَى صُورَتِكَ الْأُولَى» فَعادَ إنْسانًا. وَإِذا بِالدُّنْيا تُظْلِمُ بِدُخَانٍ كَثِيفٍ، وَيُقْبِلُ الْجِنِّيُّ — وَهُوَ فِي مِثْلِ طُولِ النَّخْلَةِ — وَيَقُولُ: «كَيْفَ تَجْرُئِينَ — أَيَّتُها الْخَبِيثَةُ — أَنْ تَرْجِعِي هٰذا الْقِرْدَ إنْسانًا كَما كانَ؟»

(١٨) حَرْبُ السَّحَرَةِ

وَما كادَ الْجِنِّيُّ يُتِمُّ قَوْلَهُ حَتَّى تَمَثَّلَ لَهُمْ أَسَدًا، وَأَرادَ أَنْ يَفْتَرِسَ الْفَتاةَ. فَاسْتَلَّتْ شَعْرَةً مِنْ رَأْسِها فَصارَتْ سَيْفًا ماضِيًا، فَضَرَبَتْهُ بِهِ، فَشَطَرَتْهُ نِصْفَيْنِ.

فَاخْتَفَى الرَّأْسُ فَصارَ عَقْرَبًا، فَصارَتِ الْأَمِيرَةُ حَيَّةً، وَانْقَضَّتْ عَلَى الْعَقْرَبِ لِتَقْتُلَها. فَصارا نَسْرَيْنِ، وَطارا زَمَنًا قَلِيلًا فَلَمْ يَرَهُما أَحَدٌ.

ثُمُّ انْشَقَّتِ الْأَرْضُ، وَظَهَرَ مِنْها قِطٌّ يَجْرِي، وَيَجْرِي وَراءَهُ ذِئْبٌ يُحاوِلُ أَنْ يَفْتَرِسَهُ. وَإذا بِالْقِطِّ يُصْبِحُ رُمَّانَةً تَرْتَفِعُ إِلَى أَعْلَى، ثُمَّ تَهْوِي (أَيْ: تَسْقُطُ) إِلَى الْأَرْضِ فَتَتَفَرَّقُ حَبَّاتُها، وَيُصْبِحُ الذِّئْبُ دِيكًا يَلْتَقِطُ حَبَّها، بِسُرْعَةٍ لا مَثِيلَ لَها.

(١٩) خاتِمَةُ الْحَرْبِ

واخْتَفَتْ حَبَّةٌ عَنْ ناظِرِهِ، وَتَدَحْرَجَتْ بِسُرْعَةٍ فَوَقَعَتْ فِي الْبِرْكَةِ وَصارَتْ سَمَكةً، فَأَصْبَحَ الدِّيكُ حُوتًا. فَعادَتِ السَّمَكَةُ وَالْحُوتُ جِنِّيًّا وَفَتاةً كَما كانا، وَصارا يَتَقاذَفانِ النَّارَ، أَعْنِي: يَتَرامَيانِ بِها. فَتَطايَرَ الشَّرَرُ مِنْهُما، فَأَحْرَقَ الْوَزِيرَ، وَأَتْلَفَ عَيْنَ الْمَلِكِ، وَرِجْلَ «خُسْرَوْشاهَ». وَبَعْدَ قَلِيلٍ احْتَرَقَ الْجِنِّيُّ وَالْأَمِيرَةُ، فَصارا كُومَتَيْنِ مِنَ الرَّمادِ.

خاتِمَةُ الْقِصَّةِ

وَرَأَى «خُسْرَوْشاهُ» أَنَّهُ كانَ سَبَبَ هٰذِهِ النَّكَباتِ كُلِّها، فَرَحَلَ إلَى بَلَدِهِ، بَعْدَ أَنْ زارَ ضَرِيحَ الْأَمِيرَةِ. وَلَمْ يَنْسَ — طُولَ عُمْرِهِ — أَنَّ خَطَأً واحِدًا دَفَعَهُ إِلَيْهِ حُمْقُهُ، كانَ سَبَبًا فِي قَتْلِ أَمِيرَتَيْنِ، وَجِنِّيٍّ وَوَزِيرٍ، وَتَعْوِيرِ مَلِكٍ، وَتَعْرِيجِ أَمِيرٍ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤