لقاء غير مُتوقَّع

نظر الأصدقاء إلى حيث أشار «محب» … كانت الحقيبة السوداء تطفو على سطح الماء قريبًا من الشاطئ، وقد اختفى نصفها تقريبًا بين الحشائش … أسرع «فريد» بالنزول إليها وانتشلها. نظر إلى الحقيبة ثم إلى الأصدقاء وقال: إنها مُغلَقة!

هزَّ الأصدقاء رءوسهم، ومدَّ «محب» يده يأخذها … ثم قدَّمها ﻟ «نوسة» وهو يقول: أظن أنكِ ما زلتِ تذكرين الرقم؟!

كان «فريد» و«مصطفى» ينظران إليها دون أن يفهما شيئًا … بينما كانت «نوسة» تدير الأرقام حتى تجمع الرقم الصحيح … وبسرعة كانت الحقيبة قد فُتِحَت، لكن لم يكن بداخلها سوى كتاب ضخم باللغة الإنجليزية … قال «مصطفى»: هل هذه الحقيبة لواحد منكم؟

محب: لا، لكن خلفها حكاية طويلة مثيرة سوف نحكيها لك، المهم الآن أين «تختخ» و«عاطف»؟

لوزة: أظن أنهما قد تقابلا مع الرجل ذي اللحية!

فريد: مَن هو هذا الرجل؟

محب: ستعرف … المهم الآن البحث عن «تختخ» و«عاطف».

ثم نظر إلى «فريد» وقال: هل تعرف الجزيرة جيدًا؟

فريد: نعم.

تحرَّك الأصدقاء بسرعةٍ في أنحاء الجزيرة بعد أن قسَّما أنفسهما إلى قسمَينِ، وانطلقوا ينادون ويبحثون.

•••

كان «تختخ» في الكهف يحاول أن يتخلص من قيوده. في نفس الوقت الذي كان «عاطف» قد بدأ يفيق من الضربة القوية التي نزلَتْ على رأسه وينظر حوله … وسمع صوت أقدام الأصدقاء، فأخذ يضرب الأرض بقدمه.

أنصتَ «مصطفى» قليلًا، ثم اتجه إلى مجموعة من الحشائش حول شجرة ضخمة، كان الصوت يبدو واضحًا أكثر … دخل «مصطفى» بين الحشائش … بينما كان «محب» و«لوزة» يتبعانه.

ثم صاح «مصطفى»: إنه «عاطف»!

وصاح «محب»: «عاطف» … «عاطف»!

تردَّدَ صوت «محب» في أنحاء الجزيرة الهادئة الصامتة، فنظرَتْ «نوسة» إلى «فريد» ثم قالت: هل تسمع؟! يبدو أنهم عثروا على «عاطف»!

فريد: إنني لا أفهم شيئًا!

نوسة: سوف تفهم … هيَّا بنا في اتجاه مصدر الصوت.

تردَّد الصوت مرةً أخرى … أشارت «نوسة» إلى اتجاه مصدر الصوت فتبعاه، في نفس اللحظة التي كان «مصطفى» يفك قيود «عاطف» الذي بدا مُتْعَبًا … قال «عاطف» بعد أن نزع «محب» المنديل عن فمه: أين «تختخ»؟

محب: لقد كنتما معًا … ونحن لا ندري شيئًا؟ ماذا حدث؟

حكى لهم «عاطف» ما حدث بسرعة، ثم قال: هل رأيتم السياح جميعًا؟

لوزة: لقد رحلوا.

عاطف: جميعًا؟

مصطفى: أظن ذلك!

عاطف: إذن «توفيق» في مكانٍ قريبٍ هنا.

وصلَتْ «نوسة» و«فريد» … أسرع «عاطف» إليهما، فقد رأى الحقيبة … وأسرعت «نوسة» تطمئن عليه … أخذ الجميع يفحصون المكان شِبرًا شِبرًا … غير أنهم لم يعثروا على «تختخ» … ولم يكن أمامهم إلا الاستنجاد «بمجيد». قال «عاطف»: «فريد» يجب أن نستدعي «مجيد» فورًا، إنه بالتأكيد يعرف كلَّ الأماكن هنا.

وصل «مجيد» و«مصطفى»، فأخبره «عاطف» بما حدث بسرعة.

استدعى «مجيد» عددًا ممَّن يعملون معه، وأشار إلى أماكن كثيرة ينتشرون فيها بحثًا عن «تختخ». وكان مكان اللقاء استراحة الجزيرة، انتشر الجميع.

ذهب الأصدقاء جميعًا مع «مجيد» يدورون في الطرقات الضيقة للجزيرة، ويفتِّشون داخل الحشائش. طال البحث، حتى انتصف النهار. نظر «عاطف» إلى «مجيد» وقال: ما هو موعد إقلاع طائرات الركاب هنا؟

مجيد: طائرة واحدة، فحركة السياحة تعتمد على القطارات أكثر، وقد طارت منذ نصف ساعة!

فكَّر «عاطف» قليلًا ثم نظر إلى الأصدقاء وقال: ينبغي أن أنزل إلى المدينة الآن لأبلغ الشرطة، إن أمامنا وقتًا ضيقًا يجب أن نستغله وبسرعة.

قال «عاطف»: سنلتقي في منزل «الحاج».

أسرع «عاطف» و«فريد» إلى القارب الشراعي الذي أخذ يتحرك ببطء في تلك الساعة من النهار، فلم تكن الرياح طيبة … وكانت درجة الحرارة قد ارتفعت. اضطُرَّ «عاطف» و«فريد» أن يساعدا بحَّار المركب في إنزال المجاديف، ثم أخذا يجدفان بنشاطٍ وحماسٍ … في نفس الوقت كان البحث يدور عن «تختخ» دون أن يظهر.

وفي نفس اللحظة أيضًا كان «تختخ» يحاول أن يتبيَّن الأشياء حوله … كان الضوء الآن أقوى قليلًا … حتى إنه استطاع أن يرى فتحة «الكهف» … حاول أن يتحرك لكن القيد كان قويًّا … ظلَّ يحرك ساقَيْه في محاولة لتوسيع القيد قليلًا … فقد كانت الأسلاك تؤلمه … شعرَ بشيءٍ لزج يسيل على قدميه … لقد جرحته الأسلاك فسال الدم … لكن الأسلاك أصبحَتْ في النهاية أوسع قليلًا.

ثَبَّتَ قدميه في جانب «الكهف»، ثم دفع نفسه بقوة، فتدحرج في اتجاه فتحة «الكهف». ظل يحاول الزحف حتى وصل إلى الفتحة، وظل في محاولته حتى استطاع أن يخرج رأسه من الفتحة.

في هذا الوقت كان «مجيد» يقول: لم يبقَ أمامنا سوى الكهوف … إن هناك عددًا منها؟

أسرع الأصدقاء معه يدخلون الكهف بعد الآخَر في نفس اللحظة التي كان فيها «عاطف» و«فريد» قد اقتربا من الشاطئ.

كانت «نوسة» قد انفردت بالسير في اتجاه وحدها … وفجأةً، رأَتْ رأس «تختخ» تبرز من بين الحشائش، فصاحت: «تختخ» … «تختخ»!

وأسرع الجميع إليها.

وعندما أخذ «تختخ» يتحامل مستنِدًا على ذراعَيْ «مجيد» و«محب» … كان «عاطف» و«فريد» قد قفزا إلى الشاطئ، ثم أسرعا جَرْيًا إلى قسم شرطة أسوان، وما إن دخلا القسم حتى توقف «عاطف» وصاح: لا يمكن … لا أتصور، هذه مفاجأة لا نتوقعها!

قال الصوت الهادئ الذي يعرفه «عاطف» جيدًا: أهلًا «عاطف» … هل أنت وحدك هنا؟

عاطف: إننا دائمًا معًا!

الصوت: لعلها رحلة مُوفَّقة، أو مغامرة جديدة!

عاطف: مغامرة جديدة!

اقترب «عاطف» ومدَّ يده مُحيِّيًا: أهلًا بالمفتش «سامي» … ثم قدَّم له «فريد».

وبسرعة روى «عاطف» للمفتش «سامي» المسألة من البداية، وابتسم المفتش «سامي» وهو يقول: اطمئنْ، كلُّ شيءٍ على ما يُرام.

أسرع المفتش «سامي» مع «عاطف» و«فريد»، بينما كانت سيارة الشرطة في طريقها إلى حيث محطة الركاب البحرية التي يرسو عندها «اللنش»، قال «عاطف»: لقد وجَدْنا كتابًا ضخمًا بالإنجليزية داخل الحقيبة!

ابتسم المفتش «سامي» وهو يقول: أعرف … أنا الذي قدمت لهما هذا الكتاب.

نظر «عاطف» في دهشةٍ، بينما كانت السيارة تقطع الطريق.

وعلى المحطة كان بقية الأصدقاء قد وصلوا، وأصابتهم الدهشة عندما شاهدوا المفتش «سامي» … أسرع الأصدقاء إليه وهم يشعرون بالفرح … والتفُّوا حوله … فهُمْ أيضًا لم يكونوا يتوقَّعون وجود المفتش «سامي» في أسوان.

كان «تختخ» يريد أن يعرف ماذا يجري؟! فقال المفتش «سامي»: سوف نرحل الليلة إلى القاهرة.

تختخ: كيف أتيت إلى هنا؟ هل عندك معلومات عمَّا يدور؟

سامي: إن هناك طائرة في انتظارنا.

تختخ: ولكن … هناك عشرات الأشياء التي من …

ولم يكد يبدأ الكلام، حتى ابتسم المفتش «سامي» وهو يقول: هناك مفاجأة في انتظارك؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤