عندما يسرق رجال الشرطة!

عندما ارتفعَتِ الطائرة في الفضاء، كان الأصدقاء ينظرون من نوافذها، يرون «أسوان» و«السَّد العالي» الذي تمنَّوْا لو زاروه بعد المغامرة، لكن الوقت لم يكن يسمح … وعندما أخذَتِ الطائرة ارتفاعها، لم يكن يظهر أمامهم سوى السحاب، وكأنهم يرون كتلًا من القطن. لم يكن المفتش «سامي» قد تحدَّث إليهم بعدُ، كان يرقبهم وهو يبتسم، فقد كان يعرف أنهم ينتظرون أن يخبرهم في تلك اللحظة … ضحكَتْ «لوزة»، فقال المفتش «سامي»: لا تكشفي الموقف الآن أيها الصديقة … إنَّ عليهم أن يفكروا قليلًا.

نظر الأصدقاء إلى «لوزة» التي ابتسمت ولكنها لم تتكلم.

قال المفتش «سامي»: سوف أخبركم بكل شيءٍ عندما نصل إلى هناك، وتجدونهم في انتظاركم.

صمت الأصدقاء، بينما أخذ «تختخ» يُقلِّب الكتاب الضخم، محاولًا أن يفهم منه شيئًا بعد أن عرف أن المفتش «سامي» هو الذي وضع لهم الكتاب في الحقيبة.

مضى الوقت بطيئًا، فقد كان الأصدقاء يريدون أن يصلوا سريعًا إلى القاهرة. وعندما نزلَتِ الطائرة في مطار القاهرة، أسرع الأصدقاء إلى الباب ينزلون جَرْيًا، وعندها استقلوا سيارة الشرطة، حيث كان يجلس بينهم المفتش «سامي».

قال «تختخ»: أظن يجب أن نعرف الآن … لقد وصلنا القاهرة.

ابتسم المفتش «سامي» وقال: سوف أخبركم؛ لأنني أعرف أنكم قابلتم ألغازًا كثيرة ونجحتم دائمًا في حلها … ولكني في هذه المرة اشتركت في عمل اللغز، وفي وضع نهايته.

نظر إليه الأصدقاء في دهشةٍ … خاصة «تختخ».

صمت المفتش قليلًا ثم بدأ يشرح لهم ما حدث:

كان البوليس الدولي «الإنتربول» قد أرسل إلى المفتش «سامي» يخبره أن عصابة لتهريب الآثار تقوم بنشاطٍ كبير في تهريب التماثيل والمجموعات الذهبية التاريخية، بين مصر وبلاد كثيرة من العالم … وأن على رجال الشرطة في مصر أن ينتبهوا لهذه المسألة … خصوصًا وأن السياحة بدأَتْ تنشط في «مصر» … وأسرع المفتش «سامي» بوضع مراقبين في محطات «مصر» وفي المطارات … وعندما كان «تختخ» في محطة «مصر» مُتَخفيًّا … كان هناك اثنان يراقبان حركة المحطة … فاشتبها في الأجنبي الذي أرسل ﻟ «تختخ» المظروف … لم يكن المراقبان يعرفان «تختخ» في هذه اللحظة … لكنهما ظلا يراقبان خطواته … حتى اكتشفا أنه متخفٍّ، ومن هنا بدأ الخيط … فقد عرفوا الرجل الأول «ناش»، وهو الذي قدم ﻟ «تختخ» المظروف … ولقد كانت الشرطة على علم بسرقة مجوهرات الأستاذ «سامح»، فقد كان بينها زمردة «الكبش»، وهي تحفة تاريخية يَسِيلُ لها لُعاب العصابات … وظلت الشرطة تراقب بيت الأستاذ «سامح» وبيوت الأصدقاء … فعرفوا حكاية الحقيبة والشريط السينمائي … وكان الرجلان اللذان كانا يراقبان «تختخ» في محطة «المعادي» ثم في محطة «مصر»، هما من رجال الشرطة السِّرِّيين … لقد كانت تحركات الأصدقاء كلها معروفة للشرطة … وكان المفتش «سامي» قد جاء إلى «الأقصر» و«أسوان» خلف أفراد العصابة … أمَّا حكاية الكتاب الذي وُجِدَ في الحقيبة، فقد دسَّه رجال المفتش «سامي» على العصابة … وأخذ الفيلم منها أثناء سير القطار بين القاهرة وأسوان.

نظر له الأصدقاء، وابتسموا … وبدأ المفتش «سامي» يكمل لهم بقية التفاصيل.

عرفوا أن العصابة قد استطاعت أن تسرق بعض تماثيل فرعونية صغيرة، تمثِّل العجل «أبيس» الذي كان الفراعنة يعبدونه … وبعض هذه التماثيل من الذهب … وعندما كانوا يتحركون … كانت الشرطة خلفهم إلى أسوان … فقد كان المفروض أن يلتقي اثنان من كبار العصابة في جزيرة «النباتات» كما اكتشف الأصدقاء … وقد استغلوا الفرصة، وجاءوا ضمن وفد سياحي حتى لا ينكشف أمرهم … وكان من بين أعضاء الوفد السياحي بعض أفراد الشرطة السِّرِّيين الذين تَخَفَّوْا في صورة مُرشِدين سياحيين، كما كان هناك أيضًا بعض رجال شرطة «الإنتربول»، وعند عودتهم من الجزيرة إلى الفندق كان رجال الشرطة في انتظارهم … فتم القبض عليهم … وعُثِرَ على المسروقات في حقائبهم … ونُقلوا إلى القاهرة بطائرة خاصة.

ضحك المفتش «سامي» وقال: والآن ما رأي الأصدقاء؟!

نظر الأصدقاء إلى بعضهم … ثم قالت «نوسة»: لقد طارت منا المغامرة. المفتش «سامي»: أبدًا، لقد بدأتم أنتم المغامرة، ونحن أكملناها بمساعدتكم أيضًا!

وفي مكتب المفتش «سامي» قال «تختخ»: هناك أسئلة كثيرة يا حضرة المفتش.

المفتش: إنني على استعداد للإجابة على أي سؤال.

تختخ: مثلًا … كيف سُرِقَت الحقيبة من منزل «عاطف»؟

المفتش: نحن الذين سرقناها … وأعدناها بطريقة خاصة إلى العصابة، فقد كنا نريدهم أن يطمئنوا تمامًا حتى لا يغيروا خطتهم.

تختخ: ولماذا لم تخبرنا بتحركات الشرطة؟

المفتش: رأيت أن أترككم تتصرفون وحدكم … كنت أريد أن تحس العصابة أن من يطاردهم مجموعة من الأولاد الهواة، فلا يبالغون في الحذر!

لوزة: ولكن الفيلم الملون … ماذا كان المقصود منه؟

المفتش: في البداية كانت خطة العصابة أن يلتقوا جميعًا في الأقصر، ثم يتسلَّمون الأشياء المسروقة، ويطيرون إلى القاهرة … ويركبون من المطار مباشرة … ولكن لأن خط الطيران إلى الأقصر مُعطَّل؛ فقد صوَّروا الفيلم وأعادوه إلى القاهرة، وفيه إشارة إلى تغيير مكان اللقاء … لقد خافوا أن يتحدثوا تليفونيًّا، فقد تكون مكالماتهم مراقبة.

نوسة: إذن، فقد كنا مُراقَبين طول الوقت؟

المفتش: في كلِّ لحظة.

عاطف: وتركتموني أتلقى لكمة حَطَّمَتْ أنفي!

ضحك الجميع عندما قال المفتش: حتى تكفَّ عن دَسِّ أنفك في شئون الآخَرين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤