الفصل الرابع

المشهد الأول

(المنظر: القصر الريفي لبتروشيو، يدخل جروميو.)١
جروميو :
تبًّا لكل منهكٍ من الخيول، وكل سيدٍ مخبول، وكل دربٍ واعرٍ
موحول! هل لقي رجلٌ ما لقيتُهُ من الإذلال؟ أو اكتسى ما
اكتسيته من أوحال؟ وهل حدا به الإرهاق مثلي لهذا الحال؟
أُرْسِلْتُ قبلَهما لأُشعل مدفأة، ويأتيانِ من بعدي لينعَمَا بالدفء.
لو لم أكُن ضئيلَ الجُرْمِ كالقِدْرِ التي سُرعان ما تَسخَنْ،٢ (٥)
لتجمَّدَتْ شَفَتايَ والتصقَتْ بأسناني، ولالْتَصَقَ اللسانُ
بِسَقْفِ حلْقي، ولالْتَصَقَ قلبي بجدار جَوْفِي،٣ قبل أن أُشْعِلَ
نارًا تنقذني من التجمد! لكنني سوف أنفخُ على النارِ حتى
أدفأ،٤ فلو كنتُ أضخمَ حجمًا لأُصِبْتُ بنزلةِ بردٍ في هذا
الزمهرير. أين أنت يا كيرتيس؟ تعال!٥ (١٠)

(يدخل كيرتيس.)

كيرتيس : مَن يناديني بصوتٍ لا حرارةَ فيه؟
جروميو :
قطعةٌ من الجليد. إن كنتَ في شكٍّ فما عليك إلا أن تمُرَّ
بإصبعِك من كتفي إلى عقبي، من بعد أقصى البرد في رأسي
وعنقي. أشعل النارَ في المِدفأة يا كيرتيس.
كيرتيس : هل سيِّدي وزوجتُه قادمانِ يا جروميو؟ (١٥)
جروميو :
نعم يا كيرتيس نعم. أشعِل النارَ إذَن … لكنْ بلا إلقاء ماءٍ مثلما
يقول الموال!٦
كيرتيس : هل شراستها حامية٧ كما يحكون عنها؟
جروميو :
كانت يا كيرتيس قبل هذا الزمهرير! لكنك تعرف أن الشتاء
يروِّض الرجل والمرأة والحيوان،٨ فقد روَّض سيدي القديم (٢٠)
وسيدتي الجديدة وروَّضني أنا يا زميلي كيرتيس!
كيرتيس : إن كنتَ حيوانًا فلستُ زميلك يا أحمق! يا نصفَ شِبرْ!٩
جروميو :
طولي نصف شبر؟ القَرْنُ في رأسك طوله قدم، ولا أَقِلُّ أنا
طولًا عنه! هل تُشعِلُ النارَ أمْ أشكوكَ لسيدتي؟ وسوف تشعُرُ (٢٥)
بلطمةٍ من يَدِها، وهي على وشْكِ الوصول، بسبب بطئك في
إنجازِ عملٍ عاجل. وهذا جزاءٌ لا يُثلِجُ الصَّدْر.١٠
كيرتيس : أرجوك قُلْ لي يا جروميو الكريم … ما أخبارُ الدنيا؟ (٣٠)
جروميو :
الدنيا برد يا كيرتيس إلا فيما كلَّفْتُكَ به … وإذَن أَوقِد المدفأة! قُمْ
بواجبك تَنَلْ ما يجبُ، فإن سيدي وسيدتي قاربا الهلاكَ في هذا
الصقيع.
كيرتيس : أشعلتُ المدفأة يا جروميو الكريم … وافِني إذَن بالأخبارْ! (٣٥)
جروميو : الموَّالُ يقول «الولدُ هو الولدُ!»١١ وبذلك ما تطلب من أخبار.
كيرتيس : لا تتهربْ! أنتَ مُغرمٌ بالمراوغة.١٢
جروميو :
وإذَن علينا بالمدفأة، فلقد أُصِبْتُ ببردٍ شديد. أين الطباخ؟ هل
جهَّزَ العَشاء؟ هل اكتمل تنسيقُ المنزل، وفرْشُ الأرض بالقَشِّ، (٤٠)
وإزالةُ بيوتِ العناكب؟ هل ارتدى الخدمُ ملابسَهم القُطنية
الجديدة، وجواربَهم البيضاءَ الطويلة؟ وهل ارتدى كل
موظف سُترة الزفاف الخاصة؟ هل نُظِّفتْ دِنانُ الشرابِ من
الداخلِ والكئوسُ من الخارجْ؟ هل فَرَشْتُمُ السجاجيد؟ هل
كل شيء على ما يُرام؟ (٤٥)
كيرتيس : الاستعداداتُ اكتَملَتْ، وإذَن هاتِ الأنباءْ!
جروميو : اعلمْ أولًا أن حصاني مرهق. وأن سيدي وسيدتي، سقَطَا.١٣
كيرتيس : سقَطَا؟ كيف؟
جروميو : أقصد وقَعَا من فوق السَّرْجَينِ على الأرض. ولهذا قصَّة.١٤ (٥٠)
كيرتيس : أرجو أن تحكيها يا جروميو الكريم.
جروميو : أعِرْني أُذنَكْ.١٥
كيرتيس : هاكَ أُذُني.
جروميو : وهاكَ القِصَّة (يلطمه.) (٥٥)
كيرتيس : تلك قصة لا تُسمع بل يُحَسُّ وقعُها.١٦
جروميو :
لذلك فهي «واقعية»! ولم تكُن تلك اللطمةُ إلا لفتحِ أذنِكَ
حتى تصغي إلى القصَّة. سأبدأ الآن. أقول أولًا١٧ إننا كنا نهبط تلًّا
شديد الانحدار، وكان سيدي راكبًا خلف سيدتي. (٦٠)
كيرتيس : كلاهما على حصانٍ واحد؟
جروميو : وما يعنيك في هذا؟
كيرتيس : الحصان طبعًا.
جروميو :
إذَن تولَّ أنت قصَّ القصَّة. لو لم تكُن عارضْتَني لكنتَ سَمعْتَ (٦٥)
كيف سقَطَ حصانُها، وكيف كانت تحته، ولكنتَ سَمعْتَ كيف
كان المكانُ موحلًا، وكيف لَطَّخَها الطينُ، وكيف تركَها
والحصانُ فوقها، وكيف ضَرَبَني لأنَّ حصانَها تعثَّرْ، وكيف
خاضتْ في الأوحالِ لتمنَعَهُ من ضَرْبي، وكيف عَلَتْ شتائمُهْ،
وكيف توسَّلَتْ إليه امرأةٌ لم تتوسلْ من قبلُ إلى أحدْ، وكيف (٧٠)
كنتُ أصرخْ، وكيف هرَبَ الحصانان، وكيف انقطَعَ الزمامُ في
يَدِها، وكيف فقدتُ أنا مِقْوَدي الجِلديَّ، ولكنتُ ذكرتُ لكَ
أشياءَ كثيرةً جديرةً بالتذكُّر، لكنها ستموتُ الآن وتصبح في١٨
طيِّ النسيان، وتعودُ من دونِ أيَّةِ خبرةٍ إلى قبركْ. (٧٥)
كيرتيس : وَفقًا لما تحكي فإنه يزيدُ شراسةً عنها.
جروميو :
وذلك ما سوف تعرفُهُ أنتَ ويعرفُهُ أعلاكم قامةً١٩ عندما يعود
إلى المنزل. لكن ما بالي أتكلم عن هذا كله؟ عليك باستدعاء
ناثانيل،٢٠ وجوزيف، ونيكولاس، وفيليب، وولتر،
وشوجرسوب، والآخرين. تأكد أنَّ شَعْرَ كل واحدٍ مصفَّفٌ
جميل، وأن حُلَلَهُم الزرقاءَ نظيفةٌ، وأن أربطةَ جواربِهِمْ محبوكة، (٨٠)
ومُرْهُمْ أنْ يَنْحَنُوا عند التحيَّةِ بالساقِ اليُسْرى،٢١ وألَّا يَلْمَسُوا
شَعْرةً واحدةً من ذَيْلِ حصانِ سيدي قبل أن يُقبِّلوا أيديهم. هل
استعدوا كلهم؟
كيرتيس : نعم. (٨٥)
جروميو : فادْعُهم إلى الحضور.
كيرتيس  (ينادي) :
هل تسمعون؟ أنتم! لا بدَّ أن تقابلوا سيدي، من أجل
عيون سيدتي.
جروميو : عيونُها لم تطلب شيئًا.
كيرتيس : وهل يجهل ذلك أحد؟ (٩٠)
جروميو : تجهله أنتَ فيما يبدو … إذ تطلب منهم مقابلة سيدي من أجل
عيون سيدتي!
كيرتيس : أقصد تقديم الإجلال لها.
جروميو : عجبًا لم تأتِ لكي تأخذ شيئًا منهم.
(يدخل أربعة أو خمسة من الخدم.)٢٢
ناثانيل : مرحبًا بعودتك يا جروميو! (٩٥)
فيليب : كيف حالك يا جروميو؟
جوزيف : أهلًا جروميو!
نيكولاس : زميلي جروميو!
ناثانيل : كيف أنتَ صاحبي؟
جروميو :
مرحبًا بكم، كيف حالُكم، أهلًا بكم، ودمتم يا زملائي! كفى (١٠٠)
بهذه التحايا الآن! الآن يا رفقائي المُهندَمين: هل كل شيء
جاهز؟ هل كل شيء على أكمل وجه؟
ناثانيل : كل شيء جاهز. هل اقترب وصوله؟
جروميو :
بل وصل فعلًا. ولعلَّه ترجَّل عن جواده الآن. ومن ثَم فعليكم
ألَّا … صمتًا بالله! إني أسمع سيدي. (١٠٥)

(يدخل بتروشيو وكاترينا.)

بتروشيو :
أين جميع الخدمِ الأوغاد؟ لا أحد هنا بالبابِ
لإمساكِ رِكابي ومُراعاةِ جوادي؟
أين نثانيل وجريجوري وفيليب؟
الخدم (جميعًا) : نحن جميعًا يا مولاي هنا نحن هنا!
بتروشيو :
نحن هنا يا مولاي هنا نحن هنا! (١١٠)
يا أصحابَ عقولٍ مُقفَلةٍ ونُفوسٍ فظَّة٢٣
لِمَ لمْ يستقبلْني أحدٌ منكم؟ أين التبجيلُ وأين الواجبْ؟
أين مَضَى ذاك الأحمقْ؟ مَنْ كنتُ بعثتُ به قبلي؟
جروميو : موجودٌ يا مولايَ ولم ينقُصْ حُمقًا عمَّا كان عليهِ!
بتروشيو :
يا أغلظَ فلاحٍ يا ابنَ العاهرةِ ويا فَرَسَ الطاحونِ الأخرقْ٢٤ (١١٥)
أوَلمْ آمُرُكَ بأنْ تَلْقاني عند وُصولي للمنتَزهِ وأنْ
تُحضِرَ كل الخدمِ الأوغاد معكْ؟
جروميو :
سُترةُ ناثانيل كانت عند الحائكْ … وحذاءُ أخينا جبريلْ
لم يكُ مكتملَ الزينةِ عند الكعْب … أمَّا بيترْ
فالواقعُ أنَّا لم نجد الزفتَ٢٥ اللازمَ كي نصبُغَ قُبَّعتَهْ. (١٢٠)
وكذلك لم تكُن الورشةُ قد صَنَعتْ غِمدًا يكسُو خِنجَرَ وولتر،
أمَّا مَن كان على استعدادٍ منهم فهُمُو
آدمُ وجريجوري ورافي. والباقي منظرهم أشعثُ أغبرُ٢٦
يوحي بتقدُّمِهم في السِّن، لكنَّهمو حتى في
حالهم المُزري جاءوا للترحيبِ هُنا بِكُما.٢٧
بتروشيو :
هيَّا يا أوغادُ انطلقوا … آتُوني بعَشَائي.٢٨ (١٢٥)
(يخرج الخدم.)
(يغني): «أين ولَّى من حياتي ما انقَضَى
أين أيامُ (العزوبة) …»
(يقطع الغناء حين يرى كيت.)٢٩
اجلسي كيت مرحبًا واستريحي! «بِعتُها بِعتُها وبعتُ الليالي!»
(يدخل الخدم حاملين طعام العشاء.)٣٠
وأخيرًا يجيءُ هذا العَشاءُ. افرحي يا جميلةُ واهنَئي!
اخلعوا ذلك الحذاءَ الطويلْ … يا ضِعافَ العُقولِ والمَنطقِ الكليلْ! (١٣٠)
(يغني من جديد.)٣١
«قد كان ذاك٣٢ راهبًا بملبسٍ رمادي وقور،
وكان قد أغوَى خِلالَ رِحلَةِ العُبُورْ»
(يصرخ.)٣٣
بل كُفَّ يا وغد فقدْ لَوَيتَ إصبَعي،
عليكَ بالأُخرى وحاذِرْ هذه المرَّة،
تبسَّمي يا كيت وابتهجي! الآن بعضَ الماءِ أنتم! (١٣٥)
(يدخل خادم يحمل طستًا وإبريقًا فيهما ماء.)
أين طرويلوس كلبي الإسباني؟ واسمَعْ أنتَ اذهَبْ فَوْرًا،
وادعُ قريبي فرديناند إلى أن يَحضُرَ في الحالِ.
ذلك يا كيت جديرٌ بالتقبيلِ وبالمعرفةِ الحقَّة،
أين وضعتَ إذَنْ خُفَّ المنزل؟ هاتُوا بعضَ الماءْ!
هيا يا كيت اغتسلي فبقلبي أعمقُ ترحيبٍ بعروسي (١٤٠)
(مغيرًا النبرة.)
يا وغدُ يا ابنَ العاهِرَة! لقد صببتَ الماءَ فوقنا!
كاترينا : أرجوكَ أن تَصبِرْ … ذي غَلْطةٌ ولم يكُنْ يَقصدُها.
بتروشيو :
يا مَنْ دِماغُهُ كالمِطرَقة٣٤ … ومَنْ تدلَّت الآذانُ منه كالكلابِ٣٥
يا ابنَ العاهرة! هيَّا إذَنْ يا كيت هيا واجلسي!
لديكِ لا شَكَّ شهيَّة. هل تَقرَئينَ شُكْرَ الربِّ أم أقرؤُهُ؟ (١٤٥)
ما ذاكَ؟ لحمُ الضأن؟
الخادم ١ : نعم.
بتروشيو : مَنْ أحضَرَهْ؟
بيتر : أنا.
بتروشيو :
لكنه مَحروقْ. كشأنِ باقي الأطعمة. (١٥٠)
أيُّ كلابٍ خَدَمي! أين طبَّاخي٣٦ اللئيم؟ كيف اجترأتُم
أنْ توافوني بهِ من الطبَّاخِ ثم تطلبون منِّي
أنْ أُحبَّ ما أنفِرُ منهُ؟ خُذوه كله لكُم
وارفعُوا الصِّحافَ٣٧ والأكوابَ كلها! يا أيها الحقراءُ
يا ذوي رءوسٍ فارغة!٣٨ يا مَن عميتُمْ٣٩ وافتقرتُمْ للسلوك الأقومِ٤٠ (١٥٥)
ماذا؟ أتُبدونَ التَّذمُّرْ؟ سوف تَلْقَونَ حسابي دون إبطاءْ.

(يخرج جروميو مع الخدم.)

كاترينا :
أرجوكَ يا زوجي تحكَّمْ في انفعالِكَ واقتصِدْ في غَضْبتِكْ،
اللحمُ كان طيبًا لو كنتَ أنعمْتَ النَّظَرْ.
بتروشيو :
أقولُ كيت إنه احترقْ … وجَفَّ ما بهِ من العُصارَة،
وقد مُنِعتُ مَنعًا واضحًا أنْ أَقرَبَهْ، (١٦٠)
لأنه يزيدُ في الدَّمِ الصفراءَ حتى يُورثُ الغَضَبْ،
والخيرُ أنْ نصومَ ليلةً معًا،
ما دامَ طبعُنا أنا وأنتِ صفراويًّا،٤١
لا أنْ نَذوقَ ذلك اللحمَ الذي طالَ شِواؤُهْ.
لتَصبِرِي ففي غدٍ سنُصلِحُ الأحوالْ، (١٦٥)
ولتَصحَبيني في الصيامِ هذه الليلة٤٢
هيَّا معي أُريكَ غُرفةَ الزفافْ.

(يخرج بتروشيو وكاترينا.)

(يدخل جروميو والخدم متفرقين.)

ناثانيل : فهل رأيتَ قبلَ الآن يا بيتر مِثالَ ذلك؟
بيتر : إنه يَقهَرُها مُستخدِمًا سلاحَها نفْسَهْ.

(يدخل كيرتيس الخادم.)

جروميو : وأين ذَهَبْ؟ (١٧٠)
كيرتيس :
في غُرفتِها ما زالْ. يُلقي موعظةً عن ضَبْطِ الشَّهواتِ عليها،
ويسبُّ ويشتُمُ ويُجَلجِلُ صوتَهْ
حتى أصبَحَت المِسكينَةُ لا تدري أين تقومُ
وما تُبصِرُ أو ما يُمكِنُ أنْ تَنطِقَ بِهْ،
بل تجلسُ ذاهلةً مِثلَ مَن استيقظَ من حُلْم. (١٧٥)
هيَّا نخرجْ هيَّا … إذ ألمحُ مَقْدِمَهُ الآنْ.
(يخرج جروميو والخدم.)
(يدخل بتروشيو.)٤٣
هكذا كان شُرُوعي في تولِّي الحُكْمِ بالحيلة،
ورجائي أنْ يواتيني النجاحُ في النهاية،
إنَّ أُنثى الصَّقْرِ كيت … هدَّها جوعٌ شديدٌ،٤٤
وإذا لم تستكِنْ لي لن تُحِسَّ بالشِّبَعْ. (١٨٠)
فامتلاءُ البَطْنِ لن يُغري بإقبالٍ على الطُّعمِ الذي٤٥
يَلزَمُ للترويضْ! وأنا عندي سبيلٌ غير هذا يضمنُ
الترويضَ قطعًا كي تلبِّي دعوتي حين أنادي،
عندما تَعرِفُني من نبراتي … ذاك أنْ أحرِمَها النَّوْم٤٦
مثلما نَحرِمُ كلَّ الصقورِ إنْ غدَتْ تنبو عن الطُّعمِ
بدَقِّ الأرضِ بالأجْنِحَةِ … أو ببعضِ الرَّفْرفَة … بل وتَعصِي كلَّ أمْر (١٨٥)
لم تذُقْ في يومِنا هذا طَعَامًا بل ولن تأكلَ شيئًا!
لم تنَمْ في ليلةِ الأمسِ٤٧ ولن تغفو إذا حلَّ المساءْ!
مثلما استهجنْتُ إعدادَ الطَّعَامْ … سأرى بعضَ عيوبٍ زائفة
في أساليبِ انتظامِ الفَرْشِ عند المَضجَعْ.
وهنا أُلقي على الجنْبِ الوَسَائدْ … وعلى الطَّرفِ المَسانِدْ، (١٩٠)
وعلى الأرضِ سأُلقي الأغطية … ومُلاءاتِ الفِرَاشْ.
وسأنحو وسْطَ هذي المَعمَعة … نحوَ أنَّ الأمْرَ لا يَعْدُو
اهتمامي باكتمالِ الراحةِ المُثلى لها،
فإذا أَغمَضَت العينَ هُنيهة … قمتُ من فوري إليها٤٨ صارخًا أو (١٩٥)
شاتمًا أو مُرعِدًا حتى تظلَّ ساهِدة.
إنَّ هذا مَذهبٌ يكفُلُ بالتدليلِ قتلَ الزوجةِ٤٩
وبهذا أكبَحُ الطَّبْعَ الذي فيه جُنونٌ وعِنادْ، إن يكُنْ
فِيكُمْ فتًى يَعرفُ نَهْجًا أفضلْ … فيهِ ترويضُ الشَّراسَة،
فلْيُحِطْنا الآنَ بِهِ … ذاك إحسانٌ وخيرٌ وكِياسَة.٥٠،٥١ (٢٠٠)

(يخرج.)

المشهد الثاني

(يدخل ترانيو (في زيِّ لوسنتو) وهورتنسو (في زيِّ ليسيو).)٥٢
ترانيو :
هل يُعقَلُ يا صاحبَنا ليسيو أنَّ بيانكا تعشقُ غيري؟
هل يُعقَلُ أنْ تهوى أحدًا إلَّا لوسنتو؟ دعني أخبرْكَ
بأنَّ بيانكا خدعَتْني إذ أوحَتْ لي أجملَ إيحاءٍ٥٣ بهواها.
هورتنسو :
إذا أردتَ الاقتناعَ بالذي أقولُهُ … فما علينا
غيرُ الاختباءِ ها هنا لنَسمعَ الذي يقولُهُ في درسِهِ. (٥)

(يختبئان أثناء دخول بيانكا ولوسنتو (في زي كامبيو).)

لوسنتو : والآنَ يا آنستي! هل استفدتِ مما تدرُسينْ؟
بيانكا : مَن المؤلِّفُ الذي تدرُسُ شِعرَهْ؟ أجبْ بدايةً عن ذلك.
لوسنتو : النصُّ في يدي كتابُ فنِّ الحُبِّ.٥٤ أُدرِّسُهْ … وأَدْرُسُهْ!
بيانكا : أرجو بأنْ تكونَ أُستاذًا لفنِّكَ العظيمِ لا مِراءْ.
لوسنتو : كما غدوتِ أنتِ يا حبيبتي بهِ … أستاذةً حسناءْ.٥٥ (١٠)

(ينسحبان إلى ركنٍ بعيدٍ ويتقدم هورتنسو وترانيو إلى مقدمة المسرح.)

هورتنسو :
أُقسِمُ إنَّهما وصلا للغايةِ وبأقصى سرعة! والآنَ أَجِبْ٥٦
يا مَنْ واتَتْكَ الجُرأةُ كي تُقسِمَ إنَّ بيانكا محبوبتَكَ
محالٌ أنْ تعشقَ أحدًا خيرًا من لوسنتو …
ترانيو :
ما أقسَى الحُبَّ وما أسرعَ ما يتقَلَّبُ قلبُ المرأة!
هذا يا ليسيو يُدهِشُني كلَّ الدهشة! (١٥)
هورتنسو :
لا تَمضِ في انخداعِكْ. فلستُ ليسيو ولستُ بالذي
يُعلِّمُ الموسيقى … كما يَلُوحُ من ردائي لكْ.
بل إنَّني أعافُ أنْ أعيشَ لابسًا هذا القناعَ في
سبيلِ أنثى تتركُ الأمجادَ والسادة
من أجْلِ ذلك الفَدْمِ الذي تُؤلِّهُهْ.٥٧ (٢٠)
اعلَمْ إذَن يا سيِّدي بأنَّني هورتنسو!
ترانيو :
سنيور٥٨ هورتنسو؟ كنتُ سمعتُ كثيرًا عمَّا
تُضمِرُهُ لبيانكا من حُبٍّ مخلصْ! أمَّا الآنَ وقدْ
شهِدَتْ عينايَ هنا كيف تخونُ الخائنةُ فإني
أشتركُ — إذا أحببت — مَعَكْ (٢٥)
في نَبْذِ بيانكا وغرامِ بيانكا للأبدِ!
هورتنسو :
انظُرْ تَطَارُحَ الغرامِ والقُبَلْ! سنيور لوسنتو! هذي يدي،
وذاك عهدٌ صادقٌ منِّي بألَّا أبتغي ما عشتُ وُدَّها،
بل إنَّني نبذتُها من بعد أنْ تجلَّى أنَّها
لا تستحقُّ ما بذلتُهُ من قبلُ من حُبٍّ وإعزازٍ لها (٣٠)
إذ كان عقلي غائبًا مَسلوبًا.
ترانيو :
وكذلك أُقسِمُ أصدَقَ قَسَمٍ ألَّا أتزوَّجَها
حتى إنْ جاءَتْني تتوسَّلْ! العارُ لها!
انظُرْ كيف تُلاطِفُهُ في شغفٍ حيواني!٥٩
هورتنسو :
أتمنَّى أنْ يُقسِمَ كلُّ الخُطَّابِ على نَبْذِ بيانكا إلَّا إيَّاهُ، (٣٥)
أمَّا عن نَفْسي فلسوف أفي بالوعدِ وفاءً حقًّا،
إذ أتزوجُ أرملةً٦٠ ذاتَ ثراءٍ من قبل مُرورِ ثلاثةِ أيامٍ،
فلقد كانت تُبدي لي الحُبَّ وقلبي
يعشق أنثى صقرٍ تتباهى في خُيَلاءْ!٦١
أستودِعُكَ اللهَ إذَنْ يا سنيور لوسنتو، (٤٠)
يأسرُني الآنَ حنانُ المرأةِ لا حُسْنُ مُحيَّاها!
وبهذا أستأذِنُ أنْ أنصرِفَ وقد ثبتَ العزمُ لديَّ بأنْ
أفي بما أقسمتُ عليه.٦٢

(يخرج هورتنسو.)

(يعود لوسنتو وبيانكا إلى مقدمة المسرح.)

ترانيو :
أنعَمَ اللهُ يا بيانكا عليكِ بالبركاتْ
نِعمةً بالجمالِ شأنَ أنعُمِ العاشقاتْ، (٤٥)
إنَّني غافلْتُكِ٦٣ اليومَ يا هوًى قد عشِقْتُهْ،
فتخليتُ عن غرامٍ مضى أو نبذتُهْ،
واحتَذَى هورتنسو بما قد فعلتُهْ.
بيانكا : لستَ جادًّا! هل تخلَّيتُما معًا عن غرامي؟
ترانيو : ذا صحيح.
بيانكا : قد نَجَونا من أخينا ليسيو.٦٤
ترانيو :
الحقُّ أنَّه لديهِ أرملةٌ … جذابةٌ وفاتنة، (٥٠)
وسوف ينتهي من خِطبتِهْ … ويعقدُ القِرانَ في نهارٍ واحدٍ!
بيانكا : يا ربِّ هبْ له الفَرَحْ!
ترانيو : ولسوف يُروِّضُها!
بيانكا : يقولُ هذا يا ترانيو؟
ترانيو : بالحق التحق بمدرسة الترويض! (٥٥)
بيانكا : مدرسةُ الترويضْ؟ ألدينا مِثلُ المَدرسةِ المَذكورة؟
ترانيو :
فعلًا يا آنستي والأستاذ بها بتروشيو!
إذ يتولى تعليمَ طرائقَ ناجعةٍ فعَّالة٦٥
تضمَنُ ترويضَ الشرساتِ وكبْحَ الألسنةِ الثرثارة.٦٦

(يدخل بيونديلو.)

بيونديلو :
يا سيِّدي! ظللتُ أرقُبُ الطريقَ حتى صرتُ كالكلابِ٦٧ المُنهَكَة، (٦٠)
لكنَّني رأيتُ بعد فترةٍ شيخًا وقورًا يهبطُ التلالَ نحوَنا
كأنَّهُ الملاكُ أو كأنَّهُ دينارْ!٦٨ وفي اعتقادي أنَّهُ
لا بدَّ أنْ يفي بالغرضِ.٦٩
ترانيو : وما عساهُ أنْ يكونَ يا بيونديلو؟
بيونديلو :
تاجرٌ٧٠ يا سيِّدي أو قُلْ مُعلِّمْ. لستُ أدري
إنَّما مَلبَسُهُ الرَّسميُّ ثُمَّ وجْهُهُ ومِشيَتُهْ (٦٥)
كلُّها يوحي بأنَّ الشيخَ والدْ.
لوسنتو : ما شأنُنا بهِ ترانيو؟
ترانيو :
إنْ كانَ ميَّالًا إلى التَّصديقِ لا يشكُّ فيما يَسمعُهْ،
فلسوف يُسعِدُهُ ادِّعاءُ أُبوَّتِكْ … ويكونُ فنشنتو أباكْ!
ولسوف يَمنَحُ ما وَعَدتُ به أباها من ضَمَانْ، (٧٠)
ما دام بابتيستا مينولا لن يشُكَّ بأنَّ هذا الشخصَ
يلعبُ دورَ فنشنتو. دعني هنا وحدي معَهْ،
واخرُجْ إذَن وحبيبتُكْ.

(يخرج لوسنتو مع بيانكا.)

(يدخل التاجر.)

التاجر : حيَّاكَ ربِّي سيِّدي!
ترانيو : وأنتَ مرحبًا بكْ! أتنتَوي البقاءَ فترةً أمْ تستأنِفُ السَّفرْ؟
التاجر :
هذي غايةُ تَرحالي أسبوعًا أو أسبوعينْ، (٧٥)
لكنِّي أعتزمُ مواصلةَ السَّفرِ إلى روما ثم إلى طرابلسْ،
إنْ مدَّ الخالقُ في أجَلي.
ترانيو : ومَوطِنُكْ … من فضلِكْ؟
التاجر : مَوطِني مانتوا.
ترانيو  (يتصنع الهلع) :
من مانتوا يا سيِّدي؟ لا لا قدَّرَ اللهُ!
وجئتُ ها هنا في بادوا … مُجازِفًا بروحِكْ؟ (٨٠)
التاجر : برُوحي؟ كيف … قُلْ يا سيِّدي أرجوكَ … تلكَ مسألةُ خطيرَة!٧١
ترانيو :
كلُّ فردٍ من أهالي مانتوا يجيء بادوا … عقابُهُ الإعدامْ!
ألستَ تدري ما السببْ؟ إنَّهُ السفائنُ التي باتَتْ لكُمْ
رهينةً في البندقية … والدُّوقُ ذُو خُصُومةٍ شخصيَّة
مع الدُّوقِ الذي يَحكُمُكمْ. وذاك ما دعاهُ للإعلانِ عنْ (٨٥)
هذا العِقابِ ها هنا على الملأْ! من الغريبِ أنْ يكونَ
فاتَكَ العِلْمُ بهِ أو الاستماعُ للذين يَنشرونَهُ لولا
وصولُكَ الآنَ وحسْب.
التاجر :
وا أسَفَا يا سيِّدي! فإنَّني في حالةٍ يزيدُ سوءُها عمَّا ذكَرْت،
إذْ إنَّ في يدِي حَوَالاتٍ لأموالٍ أتَتْني من فلورنسا، (٩٠)
وينبغي تسليمُها هنا وتحصيلُ النقودْ.
ترانيو :
لا بأسَ سيِّدي سأخدُمُكْ. وأُنجِزُ المطلوبَ لكْ.
وما عليكَ إلَّا أنْ تُراعي ما أُشيرُ بهِ
قُلْ أولًا: هل زُرتَ في يومٍ من الأيامِ بيزا؟
التاجر :
إنِّي أحُلُّ بها في كلِّ تَرحالِ (٩٥)
بيزا التي اشتهرَتْ بوقارِ أهليها.
ترانيو : وهل عرفتَ بينهم شخصًا يُسمَّى فنشنتو؟
التاجر :
سمِعتُ عنه دون أنْ أَعرِفَ شخصَهْ،
إذ إنَّه فيما يُقالُ تاجرٌ وذُو ثَراءٍ لا نظيرَ لَهْ.
ترانيو :
فإنَّهُ لَوالِدي يا سيِّدي وإنْ أردتَ الحقَّ قُلتُ إنَّهُ (١٠٠)
في وجهِهِ مَشَابِهٌ من وجهِكْ.
بيونديلو  (جانبًا) : مثلما قد تُشبِهُ التفاحةُ المَحَارة٧٢ … لكنَّ ذاك لا يُهمُّ.
ترانيو :
إنقاذًا لحياتِكَ في هذِي الأزمَة
أُسْدِي لكَ مَعروفًا من أجْلِ أبي، (١٠٥)
لا تتصوَّرْ أنَّ الشبَهَ بسنيور فنشنتو
يكشِفُ عن سُوءِ الطَّالعِ بل بالعَكْس …
فلسوف تحوزُ هنا اسمَهْ … ونباهَةَ صِيتِهْ،
وتُقيمُ معي في بَيتي كالوالدِ في صُحْبةِ ولدٍ بارٍّ،
وإذَنْ فاحرِصْ أنْ تَلْعَبَ دورَكَ بالإتْقانِ الواجِبِ، (١١٠)
هل تَفهمُني يا أستاذْ؟ أيْ إنَّ عليكَ بأنْ تَبْقى
حتى تُنجِزَ ما جِئْتَ له في البلدةِ من أعمالْ،
إنْ كُنتَ تَرَى في هذا مَعروفًا فتقَبَّلْهُ.
التاجر :
أتقبَّلُهُ يا سيِّدُ وأقدِّرُ خَيْرَ التقديرِ جميلَكْ
إذ أنقذْتَ حياتي وكَفَلْتَ ليَ الحريَّة. (١١٥)
ترانيو :
وإذَنْ فلنَذْهَبْ حتى نبدأَ تنفيذَ الخُطَّة،
وسأَحْكي لكَ أثناءَ السَّيْرِ أمُورًا أرجُو أنْ تَفهَمَها،
الناسُ هنا تتوقَّعُ أنْ يَصِلَ أبي في أيَّةِ لحظة
حتى يُبرِمَ عقْدًا رسميًّا يكفلُ مَهْرَ زَوَاجي
بابنةِ رجُلٍ في البلدةِ يُدْعى بابتيستا. (١٢٠)
ولسوف أُحيطُكَ عِلمًا بجميعِ التفصيلاتِ الخاصَّةِ بالموضوعْ،
فتعالَ معي حتى أكسوكَ كِساءً يَضْمنُ إنجاحَ المَشروعْ.٧٣

(يخرجان.)

المشهد الثالث

(تدخل كاترينا وجروميو.)٧٤
جروميو : كلَّا بالحقِّ! لا أجرؤُ حتى إنْ كان بهِ إنقاذُ حياتي.
كاترينا :
كلما ازدادَ استيائي زادَ إظهارُ ابتلائي،
هل تزوَّجْتُ لكي يُهلِكَني بالجوعِ مَنْ يَرضى عنائي؟
إنْ أتَي السائلُ يومًا بابَنا ثم توسَّلْ،
كان يَلقى في حِمانا كلَّ ما يسألْ، (٥)
وإذا لم يَلقَهُ لم يَعدِم الإحسانَ عند المُتفضِّلْ،
وأنا لم أتعلَّمْ في حياتي أيَّ فنٍّ للتوسُّلْ،
بل وما احتجْتُ ومهْما كان أنْ أُبدي التوسُّلْ،
هدَّني الجوعُ وأضناني سُهادٌ دارَ بالرأسِ فأثقَلْ،
أسمَعُ الأيمانَ من حولي تُؤذيني فأصحو،
ويُغذِّيني شِجارٌ صوتُهُ ما انفكَّ يعلو، (١٠)
إنَّ ما يُشعِلُ غَيظي فوق ما أفتقدُهْ
أنَّهُ يَفعلُ هذا باسْمِ حُبٍّ كاملٍ يعتقدُهْ،
أتُراني إنْ أكلتُ اليومَ أو نِمتُ قليلًا
جاءني الداءُ وَبِيلَا … أو غدَا الموتُ سبيلَا؟
امْضِ أرجوكَ فأَحضِرْ لي طَعامًا … فبِهِ قد أتعلَّلْ، (١٥)
ليس يَعنيني هنا ما نوعُهُ … ما دام أكلًا يُؤكلْ.
جروميو : هل تحبِّينَ الكوارِعَ البقريَّة؟٧٥
كاترينا : إنَّها رائعة … آتِني منها قليلًا.
جروميو :
أخشَى بأنَّها مُدِرَّةٌ لعنصرِ الصفراءْ. فما تقولينَ إذَنْ
في «الكِرْشَةِ» السمينةِ التي أُجيدَ طبْخُها؟
كاترينا : لا بأسَ إطلاقًا بها! أرجوكَ آتِني بها!
جروميو :
بل لستُ واثقًا … أخشَى بأنْ تزيدَ من إفرازِ تِلكُمُ الصفراءْ،
فهل تُحبِّينَ الشِّواءَ من لحمِ البقرْ … مُتبَّلًا بالخردلْ؟
كاترينا : ذا طَعامٌ أعشقُهْ.
جروميو : إنما الخردَلُ حِرِّيفٌ ولاذعْ. (٢٥)
كاترينا : أكتفي باللَّحمِ دون الخردلِ.
جروميو :
بل لن يكونَ ذاك مطلقًا! إمَّا اللحومُ بالخردلْ،
أو لن تنالي أيَّ لحمٍ من جروميو!
كاترينا : إذَنْ فأيُّهما تشاءُ أو هما معًا أو الذي تَراهُ.
جروميو : أفلا يكفي الخردلُ دون اللحم؟ (٣٠)
كاترينا :
اذهبْ إذَنْ يا أيُّها الوغدُ المُخاتِلُ الحقيرْ!
(تضربه.)
من بعد ما جعلْتَني أقتاتُ بالأسماءِ من دون اللحومْ!
ولْتغْشَ قلبَكَ الهُمومْ! وكلَّ قلبٍ من قلوبِ العُصبةِ التي
تُبدي الشماتةَ في ابتلائي،
اذهبْ ودعْني في شقائي.٧٦ (٣٥)

(يدخل بتروشيو وهورتنسو حاملَيْن الطعام.)

بتروشيو : قَرِينتي يا كيت كيف حالُكْ؟ هل أنتِ يا حبيبتي حزينة؟٧٧
هورتنسو : يا سيِّدتي ماذا بكْ؟
كاترينا : أشعُرُ بالبردِ القارسِ حقًّا!
بتروشيو :
فلْتَنفرِجْ إذَنْ أَساريرُكْ … وليَنْشرِحْ لي صدرُكْ،
فسوف تَشهدِينَ يا حبيبتي … كم اجتهدْتُ من أجلِكْ، (٤٠)
إذ إنَّني طهوتُ هذا اللَّحمَ بل أحضرتُهُ بنفْسي لكْ،
وإنَّني لَواثقٌ يا كيت يا حبيبتي أنَّ العناءَ يستحقُّ الشُّكر!
ماذا؟ ولا كَلِمة؟ إذَنْ فلا يروقُ لكْ،
وكلُّ ما بذلتُهُ قد ضاعَ أدراجَ الرياحْ.
هيَّا ارفعوا هذي الصِّحافَ من هنا! (٤٥)
كاترينا : بل أَبقِها أرجوكْ!
بتروشيو :
مهْما يكُنْ جُهْدُ الفتى ضئيلًا فهو يُشكَرْ.
وسوف تَشكُرينني على اجتهادي قبل أنْ تذوقي اللَّحم.
كاترينا : شكرًا إليك سيِّدي.
هورتنسو :
تبًّا لكَ يا بتروشيو! أنتَ المُخطئْ! (٥٠)
هيَّا يا سيِّدتي كيت أشاركُكِ الوَجبة.
بتروشيو (جانبًا إلى هورتنسو) :
فإنْ تكُنْ تُحبُّني عليكَ بالْتِهامِهِ كلِّهْ!
وليتَهُ يعودُ بالخيرِ العميمْ٧٨ … لقلبِكَ الكريمْ. فلتُسرعي يا كيت
في طعامِكْ … لأنَّنا لا بدَّ يا حبيبتي الحسناء أنْ نعودَ
قاصدينَ بيتَ والدِكْ … حتى نُقِيمَ الاحتفالَ في أبهى الصورْ!٧٩ (٥٥)
وقد لبِسْنا القَزَّ والخَزَّ وخيرَ القُبَّعاتْ … وفي الأصابعِ الخواتمْ
وحوْلَ كلِّ مِعصَمٍ وكلِّ جِيدٍ طوقُهُ المُزركَشْ! وبالإزارِ المُنتَفِشْ
كأنَّهُ الخيمة!٨٠ ناهيكَ بالوِشاحِ حَوْلَ الوجْهِ والمَرَاوِح!
وبالبدائلِ الجميلةِ التي تُزيِّنُ كلَّ حِلْيةٍ بحِلْية،٨١
والكهرمانُ في الأساوِرْ … وغيرُها من القلائدِ البهيَّة (٦٠)
إنْ كنتِ قد فرغتِ من طَعامِكْ … فإنَّ حائكَ الثيابْ
ما زالَ في انتظارِ أنْ يكسوكِ بالذي ازدَهَى وطابْ٨٢
 (يدخل الحائك.)
أَقدِمْ إذَنْ يا أيُّها الحائكْ! دعْنا نُشاهدْ هذه الزِّينة،
اعرضْ علينا الثَّوب
(يدخل الخردواتي.)
ماذا أتيتَ بِهِ؟
الخردواتي : أتيتُ بالقُبَّعةِ … وفْقًا لما طلبْتَهُ. (٦٥)
بتروشيو :
وأيُّ قالبٍ صببتَ فيه القُبَّعة؟ قصعةٌ صغيرة؟٨٣
صحنٌ صغيرٌ من قطيفة؟ عارٌ عليكَ إنَّها
رخيصةٌ بذيئة!٨٤ قوقعةٌ … أو قِشرُ جَوزةٍ … أو زِينةٌ تافهةٌ!٨٥
لُعبةٌ أو حِليةٌ٨٦ ولا تزيدُ عن طاقِيَّةِ الرضيع.
خُذْها إذَنْ وآتِني بما يزيدُ حَجْمًا. (٧٠)
كاترينا :
لن أرتَضِي ما زادَ حجْمًا عنْها … فإنَّها تُلائمُ المُوضَة،
ومِثلُها مُناسبٌ للمرأةِ اللطيفةِ المُهذَّبة.٨٧
بتروشيو :
إذا غدوتِ يا حبيبتي لطيفةً مُهذَّبة … فسوف آتيكِ بها
ولن تَرَيْها قبل ذلكْ.
هورتنسو (جانبًا) : ولن يكونَ هذا في القريبِ العاجلِ!
كاترينا :
أظنُّ يا سيِّدي أنْ سوف تسمحُ لي (٧٥)
بأنْ أعبِّرَ عن رأيي بلا وَجَلِ
وسوف أُعلِنُهُ إذ لم أعُدْ طفلةً
ولم أعُدْ برضيعٍ عاجِزِ القَوْلِ
وقد تحمَّلَ مَنْ يَعلوكَ منزلةً
ما جالَ في خاطري لفظًا وما سَئِمَا
أمَّا إذا لم تُطِقْ صبرًا على كَلِمي
فسُدَّ أُذْنَيكَ قَسْرًا واختَر الصَّمَمَا
لسوف يحكي لساني غَضْبةً في الحَشَا
إنْ يُخفِها القلبُ باتَ القلبُ مُنفَطِرَا (٨٠)
لذاك أعتزمُ التصريحَ في ثقةٍ
بكلِّ ما جاشَ في صَدْري وما عَبَرا٨٨
وسوف أُرْخي زِمامي للكلامِ هنا٨٩
كي لا يَضيعَ فُؤادي إنْ هُو انْكَسَرا
فللِّسانِ عِنانٌ سوف أُطلِقُهُ
لآخِرِ الشَّوْطِ حتى أقضِيَ الوَطَرَا
بتروشيو :
أصبتِ فما أحقَرَ القُبَّعة! … رقاقةُ فالوذجٍ تافِهَة
فطيرٌ ولكنْ حريرٌ! وحبِّي يزيدُ إليكِ
لأنَّكِ تُبدينَ هذا النُّفور!٩٠ (٨٥)
كاترينا :
أَحبِبْني أو لا تُحبِبْني فأنا تُعجِبُني القُبَّعةُ!٩١
إمَّا أنْ آخُذَها أو لن ألبَسَ٩٢ شيئًا آخَرَ.
بتروشيو :
تَعنينَ رِداءَكِ؟ فِعلًا! أَقدِمْ يا حائكُ واعْرِضْهُ علينا.
(يخرج الخردواتي.)
يا ربَّ الرحمةِ يا ربِّي! ذاك رِداءٌ يَلْبَسُهُ مَن يبغي أنْ
يتنكَّر! هل هذا كُمُّ الثَّوبْ؟ ما أكثرَ ما يُشْبِهُ
فُوَّهةَ مَدَافِعِنا الصغرى!٩٣ أعليهِ نُقوشٌ طُوليَّة؟ (٩٠)
كنقوشِ القِشدَةِ فوق فطيرةِ تفاحٍ؟
وهنا قَطْعٌ وهنا جَدْعٌ وهنا شَقٌّ وهنا مَزْقُ٩٤
وهناك تَصاويرٌ غائرةٌ أو بارزةٌ
مثل الأشكالِ المرسومةِ فوق العُودِ أو المِبخَرةِ بدُكَّانِ الحلَّاق
يا حائكُ ماذا باسْمِ الشيطانِ تُسمِّي ذلك؟
هورتنسو (جانبًا) : الأرجَحُ في نظري أنْ لن تحظى بالثَّوبِ ولا بالقُبَّعةِ! (٩٥)
الحائك :
أمَا طلبتَ أنْ يكونَ الثَّوبُ لائقًا منسقًا
وفقًا لما تقضي به أزياءُ عصرنا؟
بتروشيو :
لكنْ إنْ تُسعفْكَ الذاكرةُ فإنِّي
لم أطلبْ أنْ تُفسِدَهُ وفْقَ الأزياءِ العصريَّة.
عُدْ للمنزلِ وثبًا فوق البالوعاتِ (١٠٠)
لأنِّي لن أشتريَ ثيابًا منك،
خُذْهُ وحاولْ أنْ تَنتفِعَ بهِ قدْرَ الطاقة!
كاترينا :
لم أشهدْ من قبلُ رداءً أفضَلَ تفصيلًا،
أو أحلى أو أجملَ أو أكملَ تشكيلًا،
أتودُّ بأنْ تُلبِسَني ما تَلبَسُهُ الدُّمية؟٩٥ (١٠٥)
بتروشيو : ذلك حقٌّ إذ يبغي أنْ يُلبِسَكِ لِباسَ الدُّمية.
الحائك : بل تقصِدُ أنَّ معاليكَ تُريدُ لها ثَوبَ الدُّمية.
بتروشيو :
يا لَلغَطرَسَةِ البَشِعَة!٩٦ هذا كذبٌ يا خيطَ الإبرة! يا كستبان!
طولُكُ مِترٌ٩٧ بل أنتَ ثلاثةُ أرباعٍ بل نصفٌ أو ربعٌ أو ثُمْن! (١١٠)
يا بُرغوثًا يا بيضةَ قَمْلَة! يا جُندُبَ ليلِ شتاءٍ
هل تتحداني٩٨ في بيتي بكرةُ خيطٍ؟ اذهبْ يا خِرْقَة!
يا فَضَلاتِ نسيجٍ بَقِيتْ بعدَ التَّفصيلِ اذْهَبْ!
ذاك وإلَّا أنزلتُ عِقابي بكَ بالمقياسِ الخشبيِّ لديك
حتى تَذكُرَ ما عِشتَ جزاءَ الثرثرةِ أمامي. (١١٥)
إنِّي أذكرُ لكَ بلساني أنَّكَ قد أفسدْتَ حِياكةَ ثَوبِ الزَّوجَة!
الحائك :
يا صاحبَ المعالي أنتَ مُخطئٌ! تصمِيمُ هذا الثوبِ كان
وفْقَ تعليماتِ مَن يَرأسُني، من بعد أنْ تَلقَّى الأمرَ من
جروميو حوْلَ أسلوبِ العمل.
جروميو : لم أُصدِرْ أيَّ أوامِرَ له، بل أَعطيتُ الرجلَ قُماشَ الثَّوب. (١٢٠)
الحائك : لكنْ كيف أردتَ لهُ أنْ يُصنَع؟
جروميو : بالإبرةِ والخيطِ وأُقسِم!
الحائك : لكنْ أفَلَمْ تطلبْ أسلوبًا خاصًّا للتشذيب؟٩٩
جروميو : ما أكثرَ ما هذَّبتَ وشذَّبت!
الحائك : فِعلًا! (١٢٥)
جروميو :
لا تُهذِّبني أنا! قد سبق تحدِّيك١٠٠ لأكثر من رجلٍ لكنْ … لا
تتحدَّاني! لا أقبَلُ أيَّ تحدٍّ أو تهذيب! دعني أقُل إنِّي طلبت من
رئيسك … قصَّ القُماش عند تفصيلِ الرِّداء. لكنَّني لم أطلب
القصَّ بالتقطيع إرْبًا! إذَن١٠١ فأنتَ كاذب.
الحائك : أستشهدُ بالتعليمات الخاصة بالزيِّ المطلوب بهذي الورقة. (١٣٠)
بتروشيو : اقرأها.
جروميو : التعليماتُ تُكذِّبُهُ إن قال بأني قلتُ له ذلك.
الحائك (يقرأ) : «أولًا ١٠٢ رداء واسع فضفاض.»
جروميو :
يا سيِّدي! لو كنت قلت «واسع فضفاض» فضُمَّ ثوبي
بالخيوط والإبر … إلى ثنيات الرداء! بل اضربني بمطرقة الخيوط. (١٣٥)
ذات اللون البُنيِّ١٠٣ إلى أنْ أهلك. ما قلت غير «رداء».
بتروشيو : استمر.
الحائك : «وبه حرملةٌ صغيرةٌ على شكل نصف دائرة.»١٠٤
جروميو : أعترف بذكر الحرملة.
الحائك : «وله أكمامٌ واسعةٌ عند الأكتاف وضيِّقةٌ عند المِعصَم.» (١٤٠)
جروميو : أعترف بذكر الأكمام.
الحائك : «وتراعي الدقَّة في تفصيل الأكمام.»
بتروشيو : هذا هو أصل الشر!
جروميو :
خطأ جاء بتلك الورقة خطأ في لائحة التهمة! لم أطلب إلَّا
تفصيلَ الكُمَّين على حدة … وإعادة ربطهما بالثوب بخيط (١٤٥)
أرهف وسأنتصر عليك ولو كنت تسلَّحت بكستبان في
إصبعك الخنصر.١٠٥
الحائك :
ما قلتُه أنا صحيح. ولو توافر المكانُ للنِّزال … فسوف تعرف
الذي تدور عليه الدائرة.
جروميو :
أنا جاهزٌ لملاقاتك. المؤشِّر ذو الخطَّاف١٠٦ سلاحك … ولأتسلَّح (١٥٠)
بمقياسك الخشبي. ولا تأخذك بي شفقة.
هورتنسو : فليرحمه الرحمن يا جروميو! إذ لن يتفوق عليك في شيء.
بتروشيو : وباختصار سيدي … الثوبُ لا يصلُح لي.
جروميو : أصبتَ سيدي فإنه من أجل سيدتي. (١٥٥)
بتروشيو (للحائك) : اذهبْ فارفعْهُ١٠٧ إلى مَن يَرأسُكَ ودعْهُ يحقِّقْ غرضَه.
جروميو : ذا محالٌ أيها الخبيث! ترفع ثَوب سيدتي تحقيقًا لغرض رئيسك؟
بتروشيو : ما المعنى الآخر في توريتك؟
جروميو :
يا سيدي! المعنى أعمق مما كنت تظن! «يرفع ثوب سيدتي (١٦٠)
حتى يحقِّق رئيسُه غرضَه؟ تبًّا تبًّا تبًّا!»
بتروشيو (جانبًا إلى هورتنسو) :
اسمعْ يا هورتنسو! قُلْ إنَّكَ تضمَنُ دفع مصاريف الحائك.
 (إلى الحائك)
اذهب! خُذ هذا الثوب معك. لا تنطق بكلامٍ آخر
هورتنسو (جانبًا إلى الحائك) :
أدفعُ لكَ كلَّ تكاليفِ الثَّوبِ غدًا،١٠٨ (١٦٥)
لا تَغضبْ من أقوالٍ قيلتْ في عَجَلة،
أبلِغْ لرئيسكَ كلَّ تحيَّاتي. اذهَب.

 (يخرج الحائك.)

بتروشيو :
بمَلبَسِنا هذا … ولا … لن نُغيِّرهْ
فذا مَلبسٌ يزهو به شرفُ النُّهى
رفيعٌ وإن كان التواضعُ ظاهرَهْ
وإنْ تكُن الأثوابُ فينا فقيرةً (١٧٠)
فألبابُنا بالمالِ تختالُ عامرة
ولن يغتني جِسمُ امرئٍ ببهائهِ
إذا لم يكُن في العقلِ نبعُ ثرائهِ
تُراكَ رأيِت الشمسَ ينفُذُ ضوءُها
خلالَ سَحَاباتٍ تناهى سوادُها
كذلك تلقينُ الضياءِ من الشَّرَفْ
مُطِلًّا خلالَ المَلبَسِ الرثِّ نابِهَا
وهل للغُرابِ الأخضرِ اللونِ قيمةٌ
تفوقُ بفضلِ الحُسنِ في الريشِ قُبَّرة (١٧٥)
وهل تَفضُلُ الأفعى بألوانِ جلدِها
ثعابينَ أسماكٍ قليلٌ جمالُها؟
ألَا صدِّقي يا كيت ما سوف أذكرُهْ
كيانُكِ لا تُؤذيهِ قِلَّةُ زينَتِكْ
ولا ما يُرى فيهِ تواضُعُ مَلبَسِكْ
وإنْ كنتِ تَستَحْيينَ منهُ فإنَّما
أنا وحديَ المسئولُ عن ذُلِّ حالتِكْ (١٨٠)
إذَنْ فافْرحي … في الحالِ نَمضي لوالدِكْ
ففي دارِهِ أكْلٌ ولهوٌ سيُبهِجُكْ
فيا خادمي١٠٩ نادِ الرجالَ إلى هنا
لنرحلَ فورًا نحوَ أبياتِ صِهْرِنا،
وأَحضِرْ إذَن كلَّ الخيولِ وضُمَّها
لدى نقطةِ البَدْءِ التي في لونج لينْ، (١٨٥)
وعند وصولِ الرَّكبِ ندخُلُ سائرينْ.
(ينظر إلى الساعة.)
أقولُ بأنَّ الوقتَ نحو السابعة،١١٠
وإنْ ننطلِقْ قد نستطيعُ اللَّحاقَ بالغداء.
كاترينا :
يا سيِّدي! إنِّي لَواثقةٌ بأنَّ الوقتَ نحوَ الثانية،
ولسوف تأتي ساعةُ العَشاءِ ثم تَمضي قبل أن نَصِل.
بتروشيو :
وسوف تغدو السابعة … قبلَ امتطائي صَهْوةَ الجواد، (١٩٠)
وكلما لفظتُ لفظًا … وكلما فعلتُ شيئًا أو قصدتُ فِعلَ شيء
ناوئَتْني! أرجوكُمُو يا سادتي أنْ تتركُونا وحدَنا
لن أرحَلَ اليومَ إذَن. لكنَّني من قبل أنْ أرحلْ
لا بدَّ أنْ تقُولي إنَّما الساعة … تُشيرُ للوقتِ الذي أحدِّدُه.
هورتنسو : إنَّ هذا العاشقَ المِغوارَ يبغي أن تُطيعَ الشمسُ أمرَه. (١٩٥)

(يخرج الجميع.)

المشهد الرابع

(يدخل ترانيو متنكرًا في زيِّ لوسنتو والتاجر لابسًا حذاءً برقبة وملابس تشبه ملابس فنشنتو.)

ترانيو : يا سيِّدي! هذ هو المنزلْ. فهل سمحت لي بأنْ أنادي أهلَهُ؟
التاجر :
طبعًا! وإذا لم أُخطئْ فلعلَّ السنيور بابتيستا
يتذكرني … من عشرين سنة … في جنوا.
ترانيو (يكمل له العبارة التي حفظها له) :
«إذ كنَّا نسكنُ في فندق بيجاسوس.»١١١ (٥)
لا بأسْ. وعليكَ بأنْ تُحكِمَ تمثيلَكَ للدَّورِ على
أيَّةِ حالٍ وتظاهَرْ بوقارِ الوالد.١١٢

(يدخل بيونديلو.)

التاجر :
قَطْعًا ولكنْ … سيِّدي! هذا غلامُكَ ليتَهُ
يدري الذي دبَّرتَهُ.
ترانيو :
لا تخشَ شيئًا منه. والآن يا غُلامي يا بيونديلو (١٠)
عليكَ أنْ تُجيدَ تنفيذَ الذي كُلِّفتَ بهْ. وهذه نصيحتي،
أعني تخيَّلْ أنَّ فنشنتو هو التاجر.
بيونديلو : طبعًا! اطمئن!
ترانيو : لكنْ تُراكَ قد بلَّغتَ بابتيستا الرسالة؟
بيونديلو :
بل قلتُ إنَّ والدَكْ … في البندقية … (١٥)
وأنتَ في انتظار أن يجيء بادوا اليوم.
ترانيو :
أنتَ غُلامٌ رائعْ!١١٣ خذ هذا واشتر مشروبًا لك.
(يعطيه نقودًا.)
ها قد أقبل بابتيستا. الآن تصنَّعْ كلَّ وقار.

(يدخل بابتيستا ولوسنتو (متنكرًا في زيِّ كامبيو)،

فيقف لهما التاجر ويخلع قبعته.)

ترانيو :
يا سنيور بابتيستا! تلك مُصادفةٌ ميمونة،١١٤
(إلى التاجر) هذا مَنْ حدَّثتُكَ عنْهُ، (٢٠)
أرجو أنْ تُثبِتَ صدقَ أُبوَّتِكَ الآنَ
وتكتبَ لي الميراثَ لكي أتزوجَ ممَّن أهواها … بيانكا!١١٥
التاجر :
اصبرْ يا ولدي. واسمحْ لي أنْ أتكلَّمَ يا سنيور بابتيستا
إنِّي جئتُ إلى بادوا لأُحصِّلَ بعضَ ديونٍ لي عند الناسْ،
فإذا بِابْني لوسنتو يكشفُ لي عن سرٍّ هائلْ، (٢٥)
وهو الحبُّ القائمُ بين ابنتِكُم وابني هذا،
وأنا أسمعُ عنكم كلَّ الخير،
وأقدِّرُ عُمقَ الحبِّ الرابطِ بين القلبَين،
ولذلك قررتُ بألَّا أجعلَهُ يصبرُ أكثرَ مما صبرَ وأنْ
أرضى بزواجهْ … مدفوعًا بالحبِّ الأَبويِّ لهُ، (٣٠)
فإذا أحببتَ مُصاهرتي … حتى إنْ لم أكُ أفضلَ خَلْقِ الله،
فلنا أنْ نتفقَ على أن نُبرمَ عقدًا يرضى عنه الطَّرَفَانْ،
وأنا مسرورٌ وعلى استعدادٍ أنْ أَقبلَ هذي الزيجةَ
من دون الإصرارِ على تقديمِكَ ما يُتوقَّعُ منكَ هنا (٣٥)
يا سنيور بابتيستا … فأنا يكفيني حُسنُ السُّمعة.١١٦
بابتيستا :
أرجو أنْ تَصفَحَ عنْ قولي ما أرغبُ في قولِه،
فأنا مسرورٌ وسعيدٌ بصراحتِكَ وإيجازِك،
فالواقع فِعلًا أنَّ ابنَكَ لوسنتو الموجودَ هنا
يُضمِرُ حُبًّا لفَتَاتي وتُبادِلُهُ الحُب، (٤٠)
أو قُلْ إنَّهما بَلَغَا الغايةَ في الإيهامِ بهذا الحُبِّ،
وإذَنْ إنْ لم تذكرْ أكثرَ من هذا …
أيْ إنَّكَ سوف تُعامِلُهُ بحنانِ الآباءْ،
وتُقدِّمُ لفَتَاتي ما يكفي من بائنةٍ،
فالخِطبةُ قد تمَّتْ وبذا قُضِيَ الأمر١١٧ (٤٥)
وليتزوَّجْ ولدُكَ بفَتَاتي في ظلِّ رِضاي.
ترانيو :
لكَ منِّي كلُّ الشكر! ما خيرُ مكانٍ في رأيكَ نَعقِدُ
فيهِ الخِطبةَ بوجودِ شُهودٍ١١٨ ونُقرُّ التسويةَ الماليةَ
وَفْقَ المُتَّفقِ عليه هنا بين الطَّرَفَين؟
بابتيستا :
في غير منزلي! فللإبريقِ آذانٌ١١٩ كما تعرفْ، (٥٠)
ومنزلي يغصُّ بالخدمْ … وذا جروميو العجوزُ لا يزالُ
فاتحًا عيونَهُ وربما أتى فقاطَعَ الذي نسيرُ فيه.
ترانيو :
إذَنْ بمَسكَني إذا أحبَبْتَ. فوالدي يُقيمُ فيه،
ونستطيعُ في هذا المساءِ إنجازَ المهمَّةِ التي نُرِيدُها (٥٥)
على أتمِّ وجهٍ وحدَنا. أرسلْ رسولًا لابنَتِكْ …
أرسلْ لها هذا الغلامْ١٢٠ … أمَّا أنا فسوفَ أستدعي
مُوثِّقَ العُقودِ مُرسِلًا غُلامي١٢١ دون إبطاءٍ إليه،
وشرُّ ما في الأمرِ أنَّ أهلَ الدارِ لم يُتَحْ لهم وقتٌ
لإعدادِ الوليمة … وربما لم تلْقَ غيرَ مَشربٍ ومأكَلٍ هزيلْ. (٦٠)
بابتيستا :
بل ذاك يُرضيني. يا كامبيو! أسرِعْ إلى المنزلْ
أخبرْ بيانكا أنَّها لا بدَّ أنْ تكونَ فورًا جاهزة،
ولو سَمَحْتَ قُلْ لها ماذا حدَثْ …
أعني وصولَ فنشنتو إلى بادوا … فذا أبو لوسنتو
وأنَّنا نرجِّحُ اقترانَها بلوسنتو. (٦٥)

(يخرج لوسنتو.)

بيونديلو : أدعو الأربابَ بأنْ تتزوجَهُ من كلِّ فؤادي.
ترانيو :
اترُك تلكَ الأربابَ الآنَ وأسرِعْ! هيَّا!
(يخرج بيونديلو.)
سنيور بابتيستا … هل أتقدَّمُكَ لإرشادِكْ؟
أهلًا أهلًا! الأرجحُ ألَّا تجدَ سوى نوعٍ أوحَدَ
من أطعمةِ المنزلْ. لكنَّا سوف نُعوِّضُ ذلك في بيزا. (٧٠)
بابتيستا :
سأسيرُ إذَنْ خلفك.
(يخرج ترانيو وبابتيستا.)
(يدخل لوسنتو المتنكر في زيِّ كامبيو خارجًا من مخبئه
مع خادمه بيونديلو الذي كان مختبئًا مثله.)
بيونديلو : تعالَ يا كامبيو!
لوسنتو : ماذا لديك يا بيونديلو؟
بيونديلو :
فهل رأيت سيدي (ترانيو) أثناء غمزه وضحكه وإيمائه إليك
الآن؟ (٧٥)
لوسنتو : نعم فماذا كان مرماه؟
بيونديلو :
لا شيء في الحقيقة. إلا أنَّهُ تركني وراءه لأشرحَ معنى أو
مغزى إشاراته ورموزه.
لوسنتو : أرجوك فسِّرْها إذَن. (٨٠)
بيونديلو :
أصبح بابتيستا مأمونَ الجانب. إذ يتحادث مع والدٍ زائفٍ
لولدٍ مُخادع.
لوسنتو : لكنْ ما شأنُه؟
بيونديلو : عليك أنْ تجيء بابنته إلى العَشاء. (٨٥)
لوسنتو : وبعدها؟
بيونديلو : الكاهن العجوز في كنيسة القدِّيس لوقا جاهزٌ في أيَّة ساعةٍ تريد.
لوسنتو : وما معنى هذا كلِّه؟
بيونديلو :
لا أدري. إلا أنهم مشغولون بإعداد عَقدِ ضمانٍ زائفٍ للمَهر،
وعليك أنت أنْ تعقد عليها فتضمن «حقوق تأليف كتابك (٩٠)
لك»، أيْ أنْ تَصحبَ الكاهن إلى الكنيسة مع عددٍ كافٍ من
الشهود. فإنْ لم يكُنْ ذلك ما تسعى لتحقيقه فما عليك إلا أنْ
تودِّعَ بيانكا أبدَ الدهر وما بعد الأبد بيومٍ واحد! (٩٥)
لوسنتو : فهل سمعت يا لوسنتو أن …
بيونديلو  (مقاطعًا) :
لا لا! لا أستطيع التأخُّر. إني سمعتُ عن فتاةٍ
تزوجَتْ في عصر أحد الأيام أثناء جمعها بعض المقدونس في
حديقة منزلها، لتحشو به أرنبًا تطبخه. وتستطيع أن تحاكيها يا
سيدي. إلى اللقاء إذَن! سيدي (ترانيو) أمرني أنْ أذهب إلى
كنيسة القدِّيس لوقا، وأنْ أطلب إلى الكاهن أنْ يتجهَّز (١٠٠)
لقدومك مع «مُلحق كتابك».١٢٢،١٢٣

(يخرج بيونديلو.)

لوسنتو :
لي أنْ أقترنَ بها وسأقترنُ بها إنْ رَضِيَتْ
هذا يُسعِدُها … فلماذا أتشكَّكْ؟ فليحدُثْ ما يحدُث!
سأُثيرُ الموضوعَ بكلِّ صراحة … سأُفاتِحُها،
سيشُقُّ عليَّ تقبُّلُ إخفاقي في الفوزِ بها.

(يخرج.)

المشهد الخامس

(يدخل بتروشيو وكاترينا وهورتنسو وبعض الخدم.)

(وجروميو.) ١٢٤
بتروشيو :
هيَّا! هيَّا نستأنفْ رِحلتَنا باسمِ اللهِ إلى منزلِ والدِنا
يا لله! ما أجملَ ما يسطعُ هذا القمرُ الفتَّانُ علينا بضيائه!
كاترينا : هذا القمرُ؟ ألا تعني الشمس؟ ما هذا ضوء القمرِ الآن!
بتروشيو : أقولُ إنَّهُ البدرُ الذي يُشعُّ نورَهُ الساطع.
كاترينا : وأنا واثقةٌ أنَّ النورَ الساطعَ نورُ الشمس. (٥)
بتروشيو :
قسمًا … وبمَن ولدَتْهُ أمِّي … أيْ بكياني
إنِّي لن أرحلَ لمقرِّ الوالدِ حتى يُصبحَ هذا
ضوءًا للقمرِ أو النجمِ الساطعِ أو ما يحلو لي.
 (إلى جروميو)
اذهبْ حتى ترجعَ بالخيلِ إلينا! لا أَلقَى منها
غير مناوأةٍ ومعارضةٍ دومًا! لا شيءَ سوى هذا! (١٠)
هورتنسو (إلى كاترينا) : قولي قولَهْ! ذاك وإلَّا لن نذهبَ أبدًا لأبيك.
كاترينا :
أرجو أنْ نستأنفَ رِحلتَنا … ما دُمنا قد سِرْنا وقَطَعْنا
هذي المرحلةَ الآنْ! وليَكُن الضوءُ ضياءَ الشمسِ أو القمرِ …
أو ما يُرضيكْ … حتى لو بثَّتهُ أرخصُ شمعة،
فمن الآن سأُقسِمُ أنْ أَقبلَ ما ترضاهُ. (١٥)
بتروشيو : أقولُ إنَّهُ القمرْ.
كاترينا : لا شكَّ عندي أنَّهُ القَمَر.
بتروشيو : إذَنْ فأنتِ كاذبة … فإنَّما هي الشمسُ المباركة.
كاترينا :
تباركَ اللهُ القديرُ إنَّها الشمسُ المباركة،
لكنَّها ليست بشمسٍ إنْ نَفَيْتَ ذلك، (٢٠)
بل إنَّ أوجُهَ القَمَرْ … لا تهتدي إلا برأيك.
أطلقْ على الأشياءِ ما تهوى من الأسماءِ تَصدُقْ!
ولن تكونَ غيرَ الصدقِ عند كاترينا.
هورتنسو : أحسنتَ يا بتروشيو … النصرُ دانَ لك.
بتروشيو :
تقدَّموا! فقد أصابَتْ كُرتي انعطافَ هذا المُنعطف، (٢٥)
فإنَّما انحرافُ سَيرِها يحقِّقُ الوصولَ للهدف١٢٥
(يدخل فنشنتو.)
ولكن انظُروا! مَنْ ذا الذي أتانا ها هنا؟
عِمِي صباحًا يا فَتَاتي الرقيقة! أنَّى عساكِ ذاهبة؟
والآنَ قُولي كيت يا حبيبتي وأَصدِقيني القولَ هل
رأيتِ قبل الآنَ من كرائمِ النساءِ مَن تفوقُها نُضرة، (٣٠)
وفوق خدِّها الصراعُ دائرٌ بين البياضِ والحُمرة؟
وهل تألَّقتْ في صفحةِ السماءِ من نجومِ الحُسنِ نجمتانْ
مثلُ عينيها اللتين زانَتَا مُحيَّاها السماوي؟ أقولُ مرةً أخرى١٢٦
عِمِي صباحًا … يا غادةً فتَّانةً حسناءْ!
من أجلِ ذلك الجمالِ عانقيها يا حبيبتي كيت. (٣٥)
هورتنسو : سيُجَنُّ الرجلُ إذا عُومِلَ مُعامَلةَ المرأة.١٢٧
كاترينا :
فيا بُرعمًا في زهرةٍ ما تفتَّحَتْ
على غُصنِها عذراءُ فذٌّ جمالُها
فما غايةُ التَّرحالِ؟ أينَ مُقامُها؟
وما أسعدَ الآباءَ إذ رُزقا بمَن (٤٠)
تتيهُ بحسنٍ يزدهي بدلالها
وأكثرُ سَعدًا مَنْ تبَّسمَ طالعُهْ
فأضحى رفيقًا هانئًا لفِراشِها.
بتروشيو :
كنت أرجو كيت ألَّا تَنزِعي نحو الجنونْ
إنَّما ذلك شيخٌ قد كسَتَ بشرتَهُ الغُضُونْ
وهْو ذاوٍ ذابلٌ … لا فتاةٌ مثلما قد تَزعُمينْ. (٤٥)
كاترينا :
اصفَحْ أبانا الشيخَ عن عيني إذا انحرفَتْ فَضَلَّتْ
من بعد أنْ عَشِيَتْ بضوءِ الشمسِ ثم اختلَطَتْ١٢٨
فيها الرؤى فتَخيَّلَتْ كلَّ الذي تلقاهُ أخضَرْ١٢٩
الآنَ أُدْرِكُ أنَّكَ الشيخُ المُبجَّلُ والمُوقَّرْ
أرجوكَ فاعفُ عن اختلاطٍ في الرؤى إنْ كنتَ تغفرْ.١٣٠ (٥٠)
بتروشيو :
يا أيُّها الأبُ الكريمُ اصفَحْ وأَفصِحْ
عن مسارِ رِحلتِكْ ومَقصِدِكْ. فإنْ يكُنْ مسارُنا مسارَكْ
فلسوف تُفرِحُنا هنا صُحبَتُكم.
فنشنتو :
يا سيِّدي الكريمْ! وأنتِ يا سيَّدتي المَرِحة!
إنِّي دُهِشتُ بل ذُهِلتُ عندما سَمِعتُ هذه التحيةَ الغريبة،١٣١ (٥٥)
اسمي أنا فنشنتو … وموطني بيزا،
وغايةُ التَّرحالِ عندي بادوا … حتى أزورَ ابْني الذي
لم أَلقَهُ من مُدَّةٍ طويلة.
بتروشيو : وما اسمُهُ؟
فنشنتو : لوسنتو! يا أيُّها الكريم!
بتروشيو :
هذا لقاءُ السعدِ بيننا … لكنَّما يزيدُ فرحُ ولدك.١٣٢ (٦٠)
فإنَّني أصبحتُ في موقعِ ولدك. وذا بحُكمِ السنِّ والقانونْ،
وإنْ أقُلْ «يا والدي المُحب!» كان ذاك حقِّي!
لزوجتي التي تَراها ها هنا … هذي الكريمةُ الأصيلة …
شقيقةٌ تزوجَتْ من فترةٍ من ابنِكْ،١٣٣
لا تُبدِ دهشةً ولا حزنًا. فإنها طيبةُ السُّمعة، (٦٥)
كريمةُ المَحتِدْ … ومَهرُها كبير،
وزِدْ عليهِ ما يَزِينُها من الشمائلِ العُليا التي
تليقُ بالتي تكونُ زوجةَ النبيل ذي الشرف،
أودُّ أنْ أعانقَ الوَقورَ فنشنتو،
لننطلقْ حتى ترى ابنَكَ الكريمْ (٧٠)
وما أشدَّ فرْحَهُ بمَقْدِمِ الأبِ العظيمْ.
فنشنتو :
لكنْ تُرى هذا صحيحٌ؟ أم تريدُ مُتعةً وحَسْب
مثلَ المسافرينَ من ذوي المَرحْ … أيْ مَن يُدبِّرون «المقالبْ»
ليَسخَروا ممَّن يقابلونهم فوق الطريقِ من مسافرين؟
هورتنسو : دعني أؤكِّدْ — والدي — بأنَّهُ عينُ الحقيقة! (٧٥)
بتروشيو :
إذَنْ فصاحِبْنا لكي ترى الحقيقةَ التي ذكرتُها بعينِكْ
ما دامَ لهْوُنا في مطلعِ اللقاءِ قد أثارَ رِيبتَكْ.

(يخرج الجميع باستثناء هورتنسو.)

هورتنسو :
فعلًا! ذلك يا بتروشيو قد شجَّعَني. أمَّا أرمَلَتي
فإذا كانت في مَسلَكِها ذاتَ شُموسٍ وشراسة
فلقد عُلِّمْتُ بأنْ أحكُمَها١٣٤ بمُشاكَسَةٍ وسياسة. (٨٠)

(يخرج.)

١  كان الشاعر ألكسندر بوب أول محرر يحدِّد موقع هذا المشهد في القصر الريفي لبتروشيو، وهذا تحديد يُرجع أصداء الكوميديات الشيكسبيرية الأخرى، حيث تنتقل الأحداث في العادة من المدينة (أو من القصر الملكي) إلى الريف (أو إلى الغابة) حيث يجري التحول في الشخصية والحدث. ولمَّا كان بتروشيو سيدًا من مُلَّاك الأراضي، فإن هذا القصر الريفي يعتبر قصرًا مُنيفًا يذكِّرنا بمنزل اللورد في المدخل بمشهديه. وتقول آن طومسون إن المكان نفسه لا أهمية له، فالمهمُّ هو ما يحدُث في طريق العودة إلى منزل بتروشيو بعد الزفاف، وهذا هو العنصر المهمُّ والشائع في القصة الشعبية الخاصة بترويض الشرسة، أي الحكايات التي كانت تروى عن أمثال هذه القصة، ولقد سمعت في طفولتي عشرات القصص الخاصة بمكائد النساء والزوجات، وأظن أن دارسي الأدب الشعبي قد أولوها ما تستحقُّ من اهتمام.
٢  «كالقِدْر الصغيرة سرعان ما تسخن»:
A little pot is soon hot.
ولكن معنى المَثَل المُشار إليه يختلف إذ يُطلق على الشخص الضئيل الحجم الذي ينضب بسرعة، وليس هذا ما يفيده السياق إلا إن كان جريميو يريد الإشارة إلى هذا المعنى من طرف بعيد.
٣  يقول أوليفر إن صورة التصاق اللسان بسقف الحلْق مأخوذة من الكتاب المقدَّس، المزمور ١٣٧ / ٦.
٤  «سوف أنفخ على النار حتى أدفأ»: يقول المَثَل «فلْينفخْ في الجمر مَن يشعر بالقُر.»
(Let them that be a cold blow at the coal).
٥  شرحتُ الأسلوب النثري الذي يستخدمه جروميو لتصوير أهوال الرحلة، اهتداءً بما ذكره بريان فيكرز (Vickers) العظيم في كتابه عن نثر شيكسبير (١٩٦٨م)، وأهم ما فيه هنا استعماله للأمثال السائرة والمصطلح اللغوي الشائع دون تغييرٍ يُذكر، مع محاولته محاكاة أسلوب التوازي في العبارات المتوالية، على نحوٍ ما نجد في الكتب المقدَّسة وفي التراث الديني أو ما يُسمَّى parataxis بدلًا من بناء جُمل مركبة طويلة تتضمن عباراتٍ رئيسيةً وأخرى ثانوية وهو ما يُسمَّى hypotaxis، فالجملتان الوحيدتان اللتان تُوحيان بمثل هذا البناء الأصيل في الإنجليزية الحديثة وإنجليزية شيكسبير تبدآن بحرف الشرط «لو»، وجملة الشرط قصيرة، وفعل الشرط (protasis) مفرد، وجواب الشرط (apodosis) عبارات متوالية متوازية، والمصطلحان الأخيران مشتقَّان من التقاليد المسرحية الخاصة بالبناء الدرامي.
٦  «كما يقول الموال»: المقصود بالموال هنا (عندي) أغنية شعبية يورد الجزء المقتبَس منها موريس، وتقول: «اسكتلندا تحترق! انظرْ وتحقَّقْ! صُبَّ الماءَ عليها … ألقِ عليها الماء!».
٧  «حامية»: الأصل hot وهذا هو المعنى من بين عدَّة معانٍ وهي وفق ما يقوله النقاد والشرَّاح «غاضبة، عنيفة، مشبوبة الإحساس، ضيقة الصدر، متوترة، حادة الطبع.» إلى جانب احتمال المعنى الحرفي للحرارة. وأظن أن الصفة التي أوردتُها تفي مجازيًّا بمعظم هذه الدلالات.
٨  «الشتاء يروِّض الرجل والمرأة والحيوان»
(Winter tames man, woman and beast).
الإحالة هنا إلى مَثَل له صورتان؛ الأولى تقول «ففي العمر الطويل والزواج ما يروِّض الإنسان والدواب.» وهذه هي الصورة المشهورة، والثانية تستبدل «الشتاء» بالعمر الطويل، أيْ بالشيخوخة، أيْ «فليس كالشتاء والزواج ترويض لنا وللدواب.»
٩  «يا نصف شبر»: المقصود التعريف بقصر قامة جروميو، ولكن بعض الشرَّاح يفرضون تفسيراتٍ خارجةً على العبارة وعلى صورة القرن (علامة الديوث) في السطر التالي.
١٠  «جزاء لا يُثلج الصدر»: هذا تحوير ثقافي للمصطلح الشائع cold comfort وهو مَثَل يُضرب لمَن ينال مكافأةً أبعد ما تكون عن إرضائه، ويقول موريس إن «مصدر» هذا المَثَل ربما يكون شرح المفسر جولدنج (Golding) للمزمور العاشر حيث يقول إن الجهَّال يتصورون أنهم لا يَلقَون جزاءً وفاقًا من الله، مستعملًا هذا التعبير، ويشير إلى خاتمة مسرحية الملك جون لشيكسبير حيث يصور الملك وهو يشعر بالحرارة في بدنه بسبب السُّم، فيخاطب ريح الشمال، داعيًا الريح إلى أن تقبِّل شفتيه المتحرقتين «وتريحه بالبرد!» مضيفًا أنه لا يطلب الكثير، بل يطلب «راحة البرد!» وهو هذا التعبير المستعمل هنا. وأمَّا معنى «التحوير الثقافي» الذي ذكرته، فإن أبناء الشمال يرون البرد عدوًّا ونرحِّب نحن به بسبب مناخنا الحار، وما يُثلج الصدر عندنا يصفونه بأنه يدفئه (warms the cockles of the heart).
١١  «الموال يقول الولد هو الولد»: المراد أنه لا توجد أخبار، أو أنه لا يعتزم إيراد أيِّ أخبار، فأمَّا الموال فأغنية شعبية (catch) مفادها عدم وجود أخبار.
١٢  «المراوغة» (cony-catching): والتعبير عادةً يُقصد به الخداع، ولكن المراوغة هي ما يعنيه كيرتيس في هذا السياق.
١٣  «سقَطَا» (fallen out): هذا هو المعنى الحرفي، وما يفهمه كيرتيس من كلام جروميو، ولكن المعنى المجازي الشائع قائم في التعبير وهو «تشاجرا» أو «اختلفا».
١٤  «ولهذا قصة» (thereby hangs a tale): مَثَل شائع وتركيب اصطلاحي معروف ولا يزال يُستخدم.
١٥  «أعرني أذنك» (Lend thine ear): تعبير شائع، إلى اليوم.
١٦  يتلاعب جروميو بكلمة «وقعها» فيقول إن القصة «واقعية» (والتورية في sensible التي تعني معقولة، وتومئ إلى «الإحساس» بوقع اللطمة).
١٧  «أولًا» imprimis: مصطلح قانوني لاتيني.
١٨  ٦٥–٧٤: لاحظ بناء القصة الذي يُبرز براعة جروميو في الصياغة، مستخدمًا الحيلة الكلاسيكية التي تُسمَّى occupatio وهي التظاهر بعدم ذكر شيء وذكره في الوقت نفسه، فهو ينكر في البداية أنه سوف يقول أيَّ شيء ثم يذكر ما كان يمكن أن يقوله.
١٩  «أعلاكم قامة» (the proudest of you all): وهو مَثَل سائر.
٢٠  ناثانيل (Nathaniel) وجوزيف (Joseph) ونيكولاس (Nicholas) وفيليب (Philip) ووولتر (Walter) وشوجرسوب (Sugarsop) خدم في قصر بتروشيو إلى جانب جروميو، وكيرتيس، وجابرييل (Gabriel) وبيتر، وآدم، ورافي (Rafe) وجريجوري (Gregory) الذين سنسمع عن بعضهم في السطور ١١٨–١٢٣ أدناه، أيْ إن العدد الكلي ١٣ خادمًا، ومن المُحال تخصيص ممثل للقيام بكل دور أو حتى بالقيام بأكثر من دور، وتقول آن طومسون باحتمال وجود تحريف في النَّص، وترجِّح أنه لا يلزم أن يظهر هؤلاء جميعًا على خشبة المسرح بل يكفي دخول بعضهم وخروجه طول الوقت للإيحاء بأن المنزل حافل بالخدم والحشم، ولا يلزم تقنين الحركة الدائبة بل تركها للمُخرج لتحقيق الانطباع المطلوب، وتقول موللي ماهود في كتابها عن الأدوار الصغرى في شيكسبير (١٩٩٢م) إن المُخرج يستطيع إبراز التضاد بين منزل بابتيستا ومنزل بتروشيو إذا جعل الخدم أنفسهم يظهرون في هذا المنزل وذاك (ص٤٦–٤٨). وكلمة «شوجر سوب» تعني شرائح من الخبز الأبيض المُحَلَّى والمتبَّل والمغموسة في النبيذ.
٢١  تقبيل الأيدي علامة احترام.
٢٢  الإرشاد المسرحي يقول يدخل أربعة أو خمسة، ورغم أن مَن يشاركون في الحوار أربعة فقط، فإن دخول عدد كبير يوحي بكثرة الخدم. انظر الحاشية على ٧٨-٧٩.
٢٣  «يا أصحابَ عقولٍ مُقفَلةٍ ونفوسٍ.
you loggerheaded and unpolished grooms.
أمَّا الاسم الأخير فقد ناقشته من قبل في الحاشية على ٣ / ٢ / ١٥١، وأمَّا الصفة الأولى الواردة بصيغة اسم المفعول فمن ابتكار شيكسبير، لأن loggerhead اسم وليست فعلًا حتى يُشتق منه اسم المفعول المذكور، ولكن هذه الصيغة يوردها المعجم OED a. 1 موازيًا إياها بصيغةٍ أخرى تعرفها في الإنجليزية الحديثة أيضًا بصورة اسم لا فعل وهي blockhead، والمعنى في الحالتين يفيد الغباء، في الاستعمال المجازي، فأمَّا المعنى الحقيقي لكلمة loggerhead فهو أيُّ قضيبٍ له رأس معدني يسخن لصهر القطران مثلًا، كما يشير إلى نوع من السلاحف البحرية، ونستخدمه في اللغة المعاصرة في عبارة at loggerheads ليشير إلى الخلاف بين طرفين، أو القول بأن بينهما «ما صنع الحداد!» (مجدى وهبة).
٢٤  «فرس الطاحون الأخرق» (malthorse drudge): كانت مطاحن الشعير تُدار بأحصنةٍ قويةٍ قبل بناء الآلات الحديثة التي تُدار بالكهرباء، مثلما تُدار «الساقية» عندنا، التي تُسمَّى waterwheel بحيوانات الجر كالثيران والجواميس في الريف المصري، وربما بالجِمال أيضًا، وشيكسبير يستخدم هذا الاسم مضافًا إلى اسم آخر يفيد مَن يقوم بأعمالٍ شاقَّة (من العبيد الأذلاء خصوصًا) والمعنى الموحى به يوحي بالخَرَقِ، أي الحمق أو عدم «الرفق» في العمل، من الفعل خرِقَ يخرَقُ خَرْقًا، أيْ إن الشاعر يستخدم الاسم المضاف إليه ليوحي بهذه الصفة فصرحتُ بها في الترجمة.
٢٥  «الزفت» (link): ليس المقصود القطران تحديدًا بل مزيج منه ومن سُخَام المشاعل (الهباب) الذي كان يُستخدم في إصلاح القبعات القديمة، أيْ بصبغها باللون الأسود، والكلمة الأصلية توحي للسامع بالمعنى القبيح الذي تحمله كلمة الزفت خصوصًا في العامية المصرية مثل «الهباب» (السناج) والسُّخام. والفكاهة مقصودة.
٢٦  «أشعث أغبر» (ragged … and beggarly): انظر الحاشية على ٣ / ٢ / ١٦٦ أعلاه.
٢٧  ١١٨–١٢٤: يستخدم جروميو النظم هنا بدلًا من النثر أو الشعر الركيك، ويبدو من الذرائع التي يوردها لتبرير غياب الخدم أنه «جهَّزها» لإرضاء بتروشيو، فالواضح أنها مصطنعة.
٢٨  يورد النقاد مطلع هذه الأغنية الشعبية التي يتحسر فيها الشاعر على فقدان حريته، وشيكسبير يورد البداية فقط، ولذلك وضعت بين قوسين ما يتجه الرأي إلى أنه المعنى المحذوف.
٢٩  يقطع الغناء حينما يرى كيت؛ هذا الإرشاد المسرحي مستوحًى من شرح النقاد للموقف المسرحي.
٣٠  هذا السطر (وهو بيت كامل من الخفيف) يتكون من جزأين؛ الأول يخاطب فيه زوجته، والثاني يستكمل فيه الأغنية، وهو استكمالٌ يتكون من ترديد كلمة واحدة soud أربع مرات. وبعض الطبعات تفسرها بأنها تعني الطعام، بل إن طبعة نيوكيمبريدج تأتي بالكلمة في صورة food استنادًا إلى خطأ عامل المطبعة، ولكن أوليفر يبين خطأ ذلك، والأرجح عندي ما قاله قدامى المحررين من أن بتروشيو ما زال يهمهم بلحن الأغنية لنفسه، وأن الكلمة الموجودة في النصِّ صورة من صور كلمة sold لأن اللام لينة وأحيانًا لا تُنطق مثل would/should والمعجم الكبير يؤيد ذلك، ولذلك ترجمتُها «بعتها» وكررتها مع إضافة «الليالي» لإيضاح المعنى.
٣١  يبدأ بتروشيو أغنيةً شعبيةً جديدةً عن راهبٍ يُغوي راهبة.
٣٢  لم يستطع أحد الشرَّاح تفسير دعوته لهذا «القريب» الغريب!
٣٣  لاحظ اختلاط غناء بتروشيو بسباب الخدم.
٣٤  «دماغه كالمطرقة» (beetle-headed): المقصود المطرقة الخشبية، وهي قضيبٌ من الخشب له رأس خشبية، واسمها المشهور mallet والاسم الأمريكي لها gavel مخصَّص لاستعمال القاضي مثلًا إذ يطرق المنضدة بها حين ينتهي من النطق بالحكم، أو حين يودُّ لفت أنظار المتقاضين، أو لاستعمال القائم على المزاد حين «يرسو» العطاء على أحد المتنافسين، ونحن نعلم أن كلمة «الصفقة» العربية تشترك في استخدام «الصوت» للإعلان عن التوصل إلى اتفاقٍ على السعر، فكان البائع يصفق بيديه صفقةً عالية، وتحولت الدلالة المادية إلى دلالةٍ تجريدية.
٣٥  «تدلَّت الآذان كالكلاب»: المقصود الكلب الإسباني الذي تتدلى أذناه الليِّنتان على جانبي رأسه، ويقول أحد الشرَّاح إن الصورة مستوحاة من كلبه الإسباني الذي سبق أن أشار إليه باسم طرويلوس!
٣٦  «الطباخ»: الأصل dresser والمعنى الحديث هو الصوان (الدولاب) الذي توضع فيه الأطعمة، ولكن الشرَّاح يقولون إن الكلمة كانت تعني أيضًا الشخص الذي قام بإعداد الطعام، وبتروشيو يسأل أولًا عن الطباخ باعتباره المسئول عن «حرق» اللحم (في نظره) ويواصل هجومه على الخادم الذي قَبِل أن ينقل هذا الطعام «المحروق» من الطباخ إلى سيده، فالسياق يفرض المعنى الثاني للكلمة.
٣٧  «الصحاف»: الأصل trenchers وهي صحافٌ من الخشب.
٣٨  «يا ذوي رءوس فارغة»: الأصل jolt-heads، وبعض الطبعات تكتب الحروف بكلمة واحدة، والصورة مبنية على معنى jolt القديم الذي كان يفيد هذا الشيء أو الوعاء أو الضرب عليه لإفراغ ما فيه، ولا يزال معنى الهزِّ والرجرجة والخضخضة قائمًا في الكلمة (اسمًا وفعلًا)، ولكن الصورة تركز على أن الرجَّ قد أفرغ الرأس من المخ، ومن ثَم أتيت بالصورة، وأمَّا المعنى المراد وهو الغباء فأوضح من أن أضيفه.
٣٩  «عميتم»: في الأصل heedless، أيْ غير منتبهٍ أو لا يرى، ومن ثَم أتيت بالمقصود.
٤٠  «افتقرتم للسلوك الأقوم»: الأصل unmannered، أيْ إنني حولت الصفة إلى جملة كاملة، وأمَّا الموصوف وهو slaves فقد قدمتُه في آخر السطر السابق «الحقراء».
٤١  «ما دام طبعنا أنا وأنت صفراويًّا»: الأصل:
Since, of ourselves, ourselves are choleric.
كانت تلك عقيدة شائعة في العصر الإليزابيثي، أيْ إن أكل اللحم «المحروق»، أو الذي طال شواؤه يؤدي إلى زيادة الصفراء (bile) في الجسم، وكان الأطباء و«علماء النفس ووظائف الأعضاء» آنذاك يقولون إن زيادة الصفراء في الدم تورث الغضب، وفقًا لما كان يُسمَّى «علم أخلاط البدن.»
٤٢  «وتصحبيني في الصيام هذه الليلة»: بعض المُخرجين يتجاهلون ما يقوله بتروشيو، مع أن مشاركته زوجته الصيام عاملٌ مهمٌّ من عوامل «الترويض»، مثل مشاركة أنثى الصقر السهر، أيْ إن الترويض لا بدَّ أن يعتمد على الصحبة، ولذلك فكلمة company في هذا السطر مهمة، وفي مسرحية ترويض امرأة شرسة إرشاد مسرحي يقول إن الخدم يخرجون حاملين الطعام ويلتهمونه!
٤٣  «بالحيلة»: الأصل politicly وهذا هو المعنى الذي يورده معجم أوكسفورد الكبير OED adv. 2، ولكن مايكل سايبري (Siberry) الذي قام بدور بتروشيو في العرض الذي أخرجته جيل إدواردز (Gaie Edwards) عام ١٩٩٥م، نطق الكلمة بإضافة المقطع الذي يجعلها متفقةً مع هجائها الحديث، متمهلًا في النطق بحيث يؤكد كل مقطع هكذا po-lit-i-cal-ly ويجعل المعنى مرتبطًا بالسياسة وعبارة «تولى الحكم» التي يصفها هذا التعبير، وبذلك يمهِّد للصورة السياسية في حديث كاترينا الأخير، خصوصًا في السطور ٥ / ٢ /  ١٦١–١٦٦.
٤٤  «هدَّها جوعٌ شديد»: الأصل Sharp and passing empty والصفة الأولى تعني «تتضور جوعًا»، والعبارة التالية تؤكد المعنى بالإشارة إلى خَوَاء البطن الشديد، واجتماع الكلمات التي تبدو مترادفة يولد صورة الضعف التي عبَّرتُ عنها بالفعل «يَهُدُّ»، وهو ظلٌّ للكلمة التي سوف ترِد في السطر التالي أيْ «تستكين» (stoop)، فالانحناء يوحي بالضعف الشديد.
٤٥  ١٨٠-١٨١: السطران يعتمدان على مَثَل شائع يقول «إنْ يَشبع الصقرُ يزهدْ في الطُّعم.»
٤٦  ١٨٣-١٨٤: «أن أحرمها النوم»: الأصل to watch her، والمعنى الحرفي أن أذيقها السُّهاد (بصحبتي)، وهذا دليل على التزام بتروشيو بفن ترويض الصقور، فالمروِّض يسهر بجوار أنثى الصقر حتى لا تنام وإن غفلت عيناها أيقظها، والمعنى المُضمَر أنه سوف يذوق السهاد هو الآخر ويحرم نفسه الرقاد! والفعل to watch الذي يستخدم هنا متعديًا فعل لازم أيضًا، والفعل الذي يجمع بين صفتَي التعدي واللزوم يُسمَّى في الإنجليزية ergative، وقد يقابله في العربية ما نطلق عليه أفعال المطاوعة، أي الفعل الذي يكون المفعول به في الحقيقة فاعلًا في النحو، مثل صيغة انكسر الزجاج أو انصفق الباب، فالزجاج والباب مفعولان في الحقيقة ولكنهما فاعلان نحويان، ومثل صيغة «انفعل» وصيغة «تفعَّل»، بل و«تفاعل»، أحيانًا، مثل «تحطَّم التمثال» (فهو لم يحطم نفسه) بل هو مفعول به ولو لعوامل الطبيعة! ومثل «تكاثر الظلم» فالظلم غير ذي قدرة على التكاثر، بل هو نتيجة فاعل ظالم كثر ظلمه فتكاثر! وعلى هذا فإن watch هنا تعني «يسهر» ويجعل غيره يسهر، وإن كان المعنى الأول مُضمَرًا، ونحن نذكر قول القسِّ لورنس في روميو وجوليت «يسهر الهمُّ في عيون الكبار.»
(Care keeps his watch in every old man’s eyes) (II.iii.35)
٤٧  «لم تنم في ليلة الأمس» (Last night she slept not): لم تمضِ أيَّة ليلة منذ عقد القِران، وربما يفترض بتروشيو — وفق تفسير آن طومسون — أن كاترينا كانت متوترةً في الليلة السابقة إلى الحدِّ الذي حرمها النوم. «و ربما ضحَّى شيكسبير بالاتساق الصارم في سبيل التأثير الدرامي.» والشارحون الآخرون لا يعلِّقون على هذا «التجاوز» لمنطق الحياة في سبيل منطق المسرح، ففي المسرح لا يلتفت المشاهدون إلى أمثال هذه التجاوزات.
٤٨  «فإذا أغمضت العين هنيهة … قمتُ من فوري إليها»: ومعنى هذا أن بتروشيو سيسهر إلى جوارها ويحرم نفسه الرقاد. انظر الحاشية على ١٨٣-١٨٤ أعلاه.
٤٩  «إن هذا مذهبٌ يكفل بالتدليل قتل الزوجة»: يستند هنا بتروشيو إلى المَثَل السائر الذي يقول: «قد يقتل التدليل.» (To kill with kindness) والمعنى أن الإنسان قد يُسرف في رعاية شخصٍ ما (زوجة أو ابنة خصوصًا) إلى حدِّ التدليل بإجابة جميع مطالبه، فيؤدي التدليل إلى إفساد طبعه وتمرده، وبصفة خاصة حين يواجه بعد ذلك حالاتٍ لا يستطيع أن ينال فيها ما يطلب، فيوقع بنفسه في مشاكل قد تكون مهلكة، ولكن بتروشيو يقصد العكس بطبيعة الحال، أيْ إن حرمان زوجته من الضروريات سوف يقضي على العناد والمشاكسة اللتين قد تكونان ناجمتين عن التدليل.
٥٠  ١٩٨–٢٠٠: المعهود في مراسم الزواج الإنجليزية التقليدية أن يخاطب الكاهنُ الحاضرين في الكنيسة قائلًا: «ومن ثَم، إن كان بينكم رجل يعرف سببًا وجيهًا يحول دون ارتباط هذين بالرباط الحلال فليتكلم الآن أو فليصمت إلى الأبد» (كتاب الصلوات العامة، ص٢٩١). واستخدام صيغة عقد الزواج «الرسمية» الآن تستبق إشارة كاترينا في حديثها الختامي إلى علاقة الزوجة بزوجها وفقًا للكتاب المقدس في ٥ / ٢ / ١٥٢–١٧٠، وتقول هودجدون «إن مخاطبة الممثل للجمهور في وسط المسرحية غير مألوف في شيكسبير.» مشيرةً إلى مخاطبة بانداروس للجمهور في طرويلوس وكريسيدا ٣ / ٢ / ٢٠٥- ٢٠٦، مبيِّنةً أن بتروشيو يختلف عن بانداروس في أنه يطلب من الجمهور الردَّ عليه. ولكن هذا القول مردودٌ عليه بأن هذه من حيل الميتامسرح، أيْ إشعار الجمهور بأنه «يمثل» دورًا معيَّنًا، وليس جادًّا إلى حدِّ الاندماج التام في الدور.
٥١  ١٧٧–٢٠٠: سبق أن ألقى بتروشيو مونولوجًا منفردًا مثل هذا، ومن البحر نفسه، ٢ / ١ /  ١٦٧–١٧٩، وهو الذي يكشف فيه عن خطته لخِطبتها أو على الأقل لعدم معارضتها تودُّده إليها، وفي المونولوج الحالي نسمعه يعرض خطته لترويضها، وهو يعبِّر عن الترويض بالفعل man في السطر ١٨٢، وذلك بالأسلوب الذي يتبعه «الصياد» المحترف في ترويض أنثى الصقر التي يستعين بها في الصيد. وتقول فرانسيس دولان (Dolan) في كتابها الزواج والعنف: تراث مطلع الحداثة (٢٠٠٨م) إن هذه الخطط لم تكُن تقتصر على كونها مجرد وسائل للسيطرة على كائن بري متمرد (دائمًا ما يكون أنثى)، ولكنها كانت كذلك وسيلة يميز الرجل بها نفسه عن غيره من الرجال (ص٣٠٥). وتورد هودجدون مقتطفًا من كتابٍ صدر عام ١٦١٤م بقلم سايمون ليثام (Latham) يقدِّم فيه تعليماتٍ تفصيليةً عن ترويض الصقر، وينصح فيه المؤلِّفُ المروِّضَ بأن يتيح لأنثى الصقر أن تستريح، وأن يغطي عينيها ثم ينزع الغطاء «حتى تكتسب الحُبَّ للغطاء ولك … وهي تتناول الطعام طوال هذا الوقت … حتى تتعلم أنها عندما تسمع صوتك فسوف يأتيها الطعام.» ويضيف المؤلِّف «اتبع هذا النظام حتى تكتشف أن الألفة قد توافرت بينكما، وأن «معدتها» بلغت الكمال (أي أصابت الشبع)، فإن المعدة وحدها هي التي ترشدها وتكبحها، وهي الزمام والشكيمة التي تتحكم فيها وتُبقيها خاضعةً للإنسان، وهي المهماز الذي يدفعها إلى الانطلاق لأداء الواجب الذي تدين به لصاحبها … فإذا لم تحافظ على هذا الشيء وحده حتى يظل دومًا ناضجًا، كاملًا، حادًّا وفي خير انضباط، لن تستطيع تحقيق خضوعها، ولن تَلقى الرضى بل ستَلقى العصيان الحقير والعدوان الشديد» (مقتطف في هودجدون، ٢٠١٠م، ص٢٥١). وعندما أخرج جريجوري دوران (Doran) المسرحية عام ٢٠٠٣م لفرقة شيكسبير الملكية، على مسرح شيكسبير الملكي في ستراتفورد أبون إيفون، جعل بتروشيو في هذا المشهد يقف أمام لوحة من قماش بسطها وعلَّقها بشريطٍ أسود، تصور والده واقفًا وعلى معصمه صقرٌ مروَّضٌ، كأنما ليبين للجمهور مصدر صوره المجازية الخاصة بترويض أنثى الصقر. وفي نهاية المونولوج، رفع الممثل يده بالتحية إلى والده!
٥٢  النصُّ الأصلي، طبعة الفوليو (١٦٢٣م) لا يتضمن مشهدًا جديدًا، أو فصلًا جديدًا، ولكن الشاعر بوب رأى أن المنطق يقضي بأن يزور هورتنسو صديقه بتروشيو قبل نبذه حبيبته بيانكا، وهكذا بدَّل موقعي هذين المشهدين أي الثاني والأول، أيْ جعل هذا المشهد يسبق المشهد الأول، وجعل الفصل الخامس يبتدئ هنا.
٥٣  بيانكا خدعتني إذ أوحت لي أجمل إيحاء بهواها.» الأصل She bears me fair in hand.
التعبير الإنجليزي كان شائعًا في عصر شيكسبير وقد استخدمه أيضًا في ضجة فارغة (٤ / ١ / ٣٠٢) وفى دقة بدقة (١ / ٤ / ٥٠-٥١) وهو يقابل التعبير في اللغة الإنجليزية المعاصرة she leads me on أيْ تمنِّيني بهواها وتوحي لي خداعًا بأن أتوقع وصالها، والمَثَل الشائع المقابل للصيغة الحديثة هو to bear one in hand وشيكسبير يضيف إليه صفة الجمال fair، وهو ما أضفتُه في الترجمة.
٥٤  «كتاب فن الحب»: هو المعروف باسمه اللاتيني Ars Amatoria ومؤلِّفه أوفيد، وكان هذا الكتاب المنظوم أي الذي يمكن اعتباره قصيدةً طويلةً من الكتب المشهورة في ذلك العصر بالخروج عن أصول «اللياقة»، بسبب ادِّعاء مؤلِّفه أن «الحبَّ» علم، والمعروف أن كلمة «فن» في العنوان تفيد هذا المعنى، وهو ما لم يكُن يُرْضِي دُعاة البيوريتانية، أي الحركة الدينية الأصولية التي بدأت في تلك الآونة.
٥٥  «أستاذًا لفنِّك»: الأصل master of your art يتضمن التعبير توريةً من المحال إخراجُها بالعربية لأن معنى الكلمة الإنجليزية الأولى (إلى جانب المعلِّم) الحاصل على درجة الماجستير، فالحاصل على الماجستير يلقب ﺑ … master of، ولو جاءت كلمة art بعد ذلك أصبح التعبير يعني الحاصل على ماجستير في الآداب. وردُّ لورسنتو يَقبل التورية ويتلاعب باللفظة نفسها حين يقرنها بكلمة «قلبي» («صاحبة قلبي») (master of my heart)، والمعنيان الموحى بهما هما «أستاذة» و«حبيبة»، وقد أتيتُ بهما معًا بسبب استعصاء الجمع بينهما في كلمة واحدة.
٥٦  سطور هورتنسو الثلاثة تتخذ صورة النَّظم في جميع الطبعات باستثناء طبعة أوكسفورد التي تطبعها نثرًا استنادًا إلى تحويلها إلى النثر في طبعة الفوليو الثالثة للمسرحية عام ١٦٦٤م، وأوليفر محقٌّ في جعلها نثرًا، فالموسيقى، أي الإيقاع الشعري، لا يكاد يبين، ولكنني انصعتُ لرأي الغالبية وترجمتُها نظمًا وإن استحال إخراج التورية التي تجمع الجميع على وجودها، وهي القائمة على كلمة master المُشار إليها في الحاشية السابقة، فقوله «وصولًا للغاية وبسرعة» (Quick proceeders) لها معنًى باطن وهو أنهما «تقدَّما» من الحصول على «الليسانس» إلى «الماجستير» بسرعة، إذ إن التقدم من الدرجة الجامعية الأولى إلى الماجستير كان يُشار إليه بهذا الفعل، ونحن اليوم نستخدم حرف جر بعده فنقول to proceed to an M.A، أمَّا آنذاك فكان التعبير لا يزيد عن To proceed Master of Arts، ويقول أوليفر إنه ما دام المرء يتقدم من درجة الليسانس أو البكالوريوس التي تُسمَّى (.B.A) أيْ Bachelor of Arts إلى درجة الماجستير، فإن كلمة Bachelor مُضمَرة وتفيد العزب في أحد معانيها، ومن ثَم فهنا تورية دفينة، أيْ غير مصرَّح بها، ولكنني أرى في كل هذا حذلقةً لأن المستمع لن يخطر على باله أيٌّ من هذا.
٥٧  «من أجل ذلك الفَدْم الذي تؤلِّهه» (And makes a god of such a cullion): آخر كلمة في السطر الإنجليزي تعني الحقير بصفة عامة، بسبب بطء فهمه أو عجزه عن الفهم، ووجدت أن كلمة الفدم تأتي بهذا المعنى، وهي على عدم شهرتها أيسر في النطق من كلمة «العييِّ»، لأن الياءين حرفان يثقُل نطقهما، وقد يفي بالمراد قول «العيِّ» بياء واحدة مشدَّدة، فهي تفيد الغباء أو الجهل خصوصًا، ولاحظ أن الكلمة التي نستخدمها صفةً للمريض وهي «عَيَّان» صفة من الفعل عيَّ نفسه، وجمعها الذي لا أظننا نستخدمه هو عَيَايَا، ووصفه «للمعلِّم» بأنه جاهل وثقيل الفهم هجاءٌ نابعٌ من احتقاره مهنة التدريس، فهو يَعجب كيف تترك بيانكا سيدًا ماجدًا مثله وتنحدر إلى مستوى المعلِّم. الطريف هنا، والمؤثر دراميًّا، أن ترانيو خادم يتنكر في صورة أحد السادة (لوسنتو) وهورتنسو الذي ينتمي إلى السادة يتنكر في شخصية معلِّم، وهي مهنة يحتقرها.
٥٨  يستجيب ترانيو فورًا لاعتزاز هورتنسو بطبقته الاجتماعية فيخاطبه بلقب «سنيور» الإيطالية التي تفيد مرتبة السادة.
٥٩  «كيف تلاطفه في شغفٍ حيواني»: الأصل how beastly she doth court him. الصفة الإنجليزية تعامل معاملة الحال، والمقصود أن ملاطفتها ذلك المعلِّم تنبئ عن اشتهاءٍ ينبغي للإنسان «الراقي» أن يترفع عنه.
٦٠  عن مزايا الأرملة انظر المقدمة.
٦١  «أنثى صقر تتباهى في خُيلاء»: الأصل proud disdainful haggard ولاحظ أن هذه الصفات لم يكُن يراها هو نفسه في بيانكا في البداية، بل كان الجميع يرون فيها نقيض ذلك، من تواضع ووداعة وطاعة.
٦٢  ٤٤–٤٨: هذه السطور الخمسة تقابل أربعة أسطر في الأصل تتميز بالتلاعب بالتفعيلات والقافية، وعندما وجدتُ أن ترجمتي تتضمن تحويراتٍ مختلفةً للبحر الخفيف لم أحاول ضبط إيقاع البحر من حيث عدد التفعيلات (المتناوبة من فاعلات ومستفعلن)، فالبيت يزيد سببًا خفيفًا وتفعيلةً كاملةً، ويمكن تصحيحه هكذا «بارك الله يا بيانكا فيك … إلخ»، ويزيد الثاني تفعيلة (مستفعلن) والثالث يزيد تفعيلة أخرى (فاعلاتن) والرابع يزداد (فعولن) والخامس منتظم. وفي ظني أن هذه التحويرات تمثل لحظة صدق مع النفس، إذ تختلط في خاطره الإيقاعات، وتؤثر في أول ما تقوله بيانكا.
٦٣  «غافلتك» (I have ta’en you napping): وهذا مَثَل سائر، وأظن أنني قرأته أخيرًا في بعض النصوص الإنجليزية الحديثة، أي انتهزتُ فرصة غفوتك وفعلتُ ما أردت.
٦٤  ٤٨-٤٩: في الأصل سطرٌ واحد، ولذلك وحَّدتُ البحر الشعري حتى يُقرأ النصفان كأنهما سطرٌ واحد: (ذا صحيحٌ قد نجَوْنا من أخينا ليسيو).
٦٥  «طرائق ناجعة فعالة»: الأصل tricks eleven-and twenty long إشارة إلى لعبة من ألعاب الورق، الفائز فيها مَن يجمع أوراقًا مجموعها ٣١ ويُشار إليها عادةً باسمها الفرنسي، وهو trente-et-un، وهذه إشارة ثقافية لا مقابل لها لدينا، ولا أظن أن لها مقابلًا عند الإنجليز اليوم، ولذلك أتيتُ بالمعنى وحسب.
٦٦  أيْ ألسنة الشرسات الثرثارة.
٦٧  «صرت كالكلاب المنهكة»: يستند هذا إلى المَثَل الشائع «منهك كالكلب» (As weary as a dog).
٦٨  «كأنه الملاك أو كأنه دينار»: الصورة مزدوجة فأتيتُ بشقَّيها، فالأصل يقول An ancient angel أمَّا كِبَر السن الذي تفيده الصفة فأتيتُ به في السطر السابق، وأمَّا الموصوف فقد يعني «الملاك»، أو يعني الدينار الذي كانت تُضرب على أحد وجهيه صورة ملاك، ويُشار إليها بهذا اللفظ.
٦٩  «يفي بالغرض» (serve the turn): وهو مصطلح مبني على مَثَل، ولا يزالُ يُستخدم حتى الآن في صورة to serve one’s turn: أن يؤدي المطلوب.
٧٠  «تاجر» (mercatant): هذا السطر هو الشاهد الوحيد الذي يورده معجم أوكسفورد الكبير، وانظر حواشي الشخصيات أعلاه.
٧١  «تلك مسألةٌ خطيرة»: الأصل that goes hard وهذا هو معنى التعبير المهجور بإجماع الشرَّاح.
٧٢  «تشبه التفاحة المحارة»: لا يوجد شبهٌ بين التفاحة والمحارة، وهو من الأمثال التي تُضرب لشدة الاختلاف، وقد أخذتُ برأي معظم المحررين الذين يجعلون هذه العبارة توجَّه إلى الجمهور.
٧٣  «حتى أكسوك كساءً يضمن إنجاح المشروع»: قول ترانيو يدل على تركيز المسرحية على المظهر ودلالات الملابس، فتغيير الملبس «يكفي» في نظره لتغيير الهُويَّة واكتساب «موقع» مختلف للذات.
٧٤  هذا هو مشهد الترويض المشهور بالحرمان من الطعام والملابس الفاخرة، وأهمُّ ما يركز عليه المُخرجون جوُّ الفكاهة الذي يسوده وشعر كاترينا الرقيق، فالسطور الستة عشر التي يبدأ المشهد بها شعرٌ منمَّقٌ تتخلله بعض القوافي العارضة، وأهمُّ ما فيه «التقسيم»، منذ السطر الأول، وأنا أستعين في نقل إبداع كاترينا بالقافية التي أرى أنها تُرضي الأذن العربية وقد يُستعاض بها عن ملامح النَّظم الإنجليزي الأخرى، فما بالك إن كانت القافية هنا تتسرب إلى داخل الأبنية الشعرية نفسها! انظر إلى حركة الكسر الممدودة في marry me وfamish me وبعدهما entreaty وcharity تجد أن هذه الحركة تهيمن على السطور الأولى، وربما تأثرتُ بها دون وعي فأتيتُ بالياء داخل الكلام وخارجه مستعينًا بسلاسة الرَّمَل وعذوبته. وعندما عدتُ إلى الترجمة حتى أكتب الحواشي وجدتُ أنني أستعين بحروف العلة العربية لنقل ما أحسستُه في كلام كاترينا، وقلتُ إن ذلك قد لا يكون عمدًا، فتقطيع الكلام وفقًا لهذه الحروف (التي تحكمها التفعيلات) عملٌ لا تحكمه إلا الأذن: كان يلقي / في حمانا / كل ما يسأل (٥) وهلمَّ جَرًّا.
٧٥  «الكوارع البقرية»: الأصل a neat’s foot، وكلمة neat كانت تعني البقرة أو الثور أو العجل، فالصفة تُغني عن التحديد، وأمَّا foot فالمقصود الكُراع، أيْ ما دون الركبة إلى الكعب من الإنسان، وأصدقائي السودانيون يستخدمون مثنى الكلمة للدلالة على الساقين أو الرجلين، والجمع أكرُع وأكارع، التي حولناها عن طريق تبادل الحروف metathesis إلى كوارع، وعلى المستوى الشعبي يطلقها الرجال على سيقان المرأة من باب التفكه، والمَثَل المعروف يقول «لا تطعم العبد الكراع، فيطمع في الذراع.» ولم أشأ أن أستخدم الفصحى هنا لأن جروميو خادم بذيء ولا نتوقع منه فصاحةً ولا بلاغة.
٧٦  ٣٤-٣٥: قارن القافية الإنجليزية الضعيفة في misery وI say بالقافية العربية بين «ابتلائي» و«شقائي».
٧٧  «حزينة»: الكلمة الإنجليزية amort مشتقَّة من الفرنسية à la mort، ويورد معجم أوكسفورد الكبير alamort باعتبارها الصورة الإنجليزية للتعبير، وبعض الشرَّاح يفسرونها بأنها تعني «كسيرة» وبعضهم يقول إن المعنى «مكتئبة»، استنادًا إلى دلالتها الاشتقاقية، ولكن السياق يرجِّح أنها تفيد «الحزن» بمعناه الواسع وعلى هذا ترجمتُ الكلمة.
٧٨  «وليته يعود بالخير العميم»: يمكن أن تكون هذه العبارة موجَّهة إلى هورتنسو (حسبما ترجمتُها) أو إلى كيت.
٧٩  «حتى نقيم الاحتفال في أبهى الصور»: الأصل يقول: (And revel it as bravely as the best).
المعنى الأساسي للسطر، ولكن أوليفر يضيف أن «أبهى الصور» خاصة بالملابس بدليل توسُّع بتروشيو في وصف الملابس في السطور التالية، ولكن وجود هذه التفاصيل لا ينفي المعنى العام الذي يريده المتحدث، فالتفاصيل تبني توقعات زينة ظاهرية مما تحبُّه كاترينا، وهو يتعمد بناءها حتى يهدمها عند دخول الحائك والخردواتي.
٨٠  ٥٧-٥٨: «وبالإزار المنتفش … كأنه الخيمة»: هذا هو معنى farthingales، وقد اضطررتُ إلى الشرح لأن العربية تخلو من المقابل الدقيق لهذا المَلبس.
٨١  «وبالبدائل الجميلة التي تَزِين كل حليةٍ بحلية»: هذا هو معنى التعبير المضغوط:
And double change of bravery.
وقد يرى القارئ في استعمال bravery هنا تأكيدًا لما يراه أوليفر فيها من إشارة إلى الملابس، ولكن بتروشيو قد انتقل الآن من وصف الملابس إلى وصف الزينة والحلي.
٨٢  ٥٩–٦٢: نقلت القافية بين ٥٩ و٦٠، وبين ٦١ و٦٢، لتبيان مدى «الصنعة» في كلام بتروشيو.
٨٣  لاحظ سخرية بتروشيو التي تبدأ هنا وتستمر عندما يتدخل جروميو في الحديث.
٨٤  «رخيصة بذيئة»: الأصل lewd and filthy يقول هيبارد إن هذه الصفة المزدوجة تعادل الثنائية الحديثة cheap and nasty ويورد الشرَّاح معاني أخرى مرادفة، وقاموس أوكسفورد الكبير يورد ما يؤكد تفسير هيبارد، مُبيِّنًا أن الصفة الأولى يمكن أن تعني «السوقية» والثانية «مقززة»، فأردت أن أحتفظ بمذاق كلمتَي بتروشيو في الصياغة العربية، على الرغم من قول أوليفر إن بتروشيو غير دقيق فيما يستخدمه من ألفاظ.
٨٥  «زينة تافهة» (knack).
٨٦  «حيلة» (trick).
٨٧  «اللطيفة المهذبة»: الأصل gentlewomen تقصد كاترينا من تلقت قدرًا من التربية التي تفرضها طبقتها الاجتماعية، أيْ مثل بنات الأُسر الراقية، ولكن بتروشير في الردِّ عليها يفصل الصفة عن الموصوف، منكرًا أنها «لطيفة مهذبة» أيْ دون إشارة إلى الطبقة.
٨٨  ٧٥–٨٢: هذه سطورٌ ثمانيةٌ ترجمتها في ستة عشر سطرًا، بمعنى أن كل سطر يقابله بيت شعري من شطرين. وأهمُّ ما فيها هنا هو النطاق الدلالي (register) أيْ جو التحدي الذي احتفل به النقاد النسويون ولا يزالون يولونه أهميةً كبرى، وقد ترجمتُه بما يتفق والشعر العربي (من البحر البسيط) وتغيير القافية، إذ إن الممثلة التي تقوم بدور كاترينا عادةً ما تتوسط المسرح عند إلقاء أبياتها الثمانية، وشيكسبير يساعد على ذلك بأن جعل كل بيت شبه مستقلٍّ بمعناه، وهو ما يتفق أيضًا مع الشعر العمودي العربي.
٨٩  لاحظ كيف يغير بتروشيو المعنى المقصود، مستعينًا بتغيير البحر الشعري (إلى المتقارب).
٩٠  ٨٣–٨٥: هذه الأبيات الثلاثة تبيِّن أسلوب تعديل «التقطيع» في الصياغة العربية عند ترجمة الشعر في سبيل إخراج نصٍّ يجمع بين دقة النقل والإيقاع الشعري:
أصبْتِ فما أحقرَ القبَّعة … رُقاقة فالوذَجٍ تافهة!
فطيرٌ ولكنْ حريرْ! وحُبِّي يزيد إليكِ
لأنَّكِ تُبدينَ هذا النُّفورْ.
Why, thou sayst true—it is a paltry cap,
A custard-coffin, a bauble a silken, pie,
I love thee well in that thou lik’st not.
فالسطر الإنجليزي الأول كله يخرج عندي نصف سطر، وبقية السطر يشرح الصورة الواردة في أول السطر التالي، وبقية هذا السطر الإنجليزي تشغل الجزء الأول من السطر التالي بالعربية، والسطر الأخير بالإنجليزية يشغل بقية السطر العربي الثاني والسطر العربي الأخير، وهذا التقطيع يتيح إبراز وقع القافية الداخلية (حرير / نفور، فالياء والواو حرفان متبادلان في القافية العربية)، ويتيح التقطيع بأعدادٍ متسقة من تفعيلات البحر المتقارب، وأمَّا المعاني فلا خلاف عليها، فالفالوذج (البالوظة) حلوى نعرفها باسمها الفارسي المعرَّب وتعني custard، والتركيب هنا custard-coffin يعني أن الرقاقة أو رقائق الفطيرة دُفنتْ فيها البالوظة، مثلما نرى في الفطائر المحشوَّة بمادة حلوة مثل «العجمية» أو العسل الأبيض أو «الكريمة» (معرَّبة عن cream)، ومثل الكعك المحشوِّ (والكعك فارسي معرَّب) ونسميه «الكحك المحشي»، وقد تتكون الفطائر كما ذكرتُ من رقائق أو من طبقات مثل كعك «الميل فيي» (Mille-Feuille) وهو تعبير فرنسي يعني «ألف ورقة»، وكذلك شأن الفطير الذي نبتاعه ساخنًا من دكان «الفطاطري»، محشوًّا أو غير محشو، وهو عادةً حلو ومنه أنواع دسمة تُسمَّى الفطير «المشلتت»، وقد عرف العرب ذلك كله، يقول ابن الرومي:
إنْ أنْسَ لا أنْسَ خبَّازًا مَررْتُ بهِ
يدْحُو الرُّقاقةَ وَشْكَ اللَّمْحِ بالبَصَرِ
ما بينَ رُؤيتِها في كفِّهِ كُرةً
وبينَ رُؤيتِها قَوْراءَ كالقَمَرِ
إلا بمِقدارِ ما تَنداحُ دائرةٌ
في لُجةِ الماءِ يُلقَى فيه بالحَجَرِ
٩١  ٨٤–٨٦: عندما تغير كاترينا البحر في موقفها المتحدي، (إلى الخبب)، يسايرها بتروشيو بالحديث من نفس البحر مع تغيير المعنى المقصود.
٩٢  لاحظ الصور الشعرية التي يستخدمها بتروشيو في سخريته من الملابس.
٩٣  «فوَّهة مَدافِعنا الصغرى»: الأصل يقول demi-cannon وهو تعبير يعني حرفيًّا نصف مدفع، ولكن المراد أنه مدفع صغير، ومع ذلك فإن فوَّهته واسعة إذ يبلغ عيارها (bore) نحو ١٧سم، والعيار هو طول القُطر (diameter) والقُطر خطٌّ وهمي يصل بين أيِّ نقطتين على محيط الدائرة مارًّا بالمركز، ونحن نترجم radius بتعبير نصف القُطر. وأهمُّ ما لاحظته هنا أن بتروشيو يعترض على سعة فتحة الكُمِّ وما به من زركشات في السطر التالي، وهي الزركشات التي نعهدها على وجه الفطائر، خصوصًا ما ينبئ عمَّا في داخلها، فكذلك كان الكُمُّ به فتحاتٌ تنبئ عن الأنسجة المتعددة التي اشتركت في تكوينه، وهو ما يهاجمه بتروشيو الآن وفيما بعد. وهو يحدِّد نوع النقوش الطولية up and down التي يعافها (السطر ٩١)، ويلاحظ النقاد تعمُّد الربط بين الملابس الفاخرة والطعام، وهما العنصران اللذان لا يوفرهما لزوجته كاترينا.
٩٤  في هذا السطر يستعرض بتروشيو براعته اللغوية باستخدام ثنائيات مسجوعة، مترادفة المعنى تقريبًا (انظر الحاشية على ٣ / ٢ / ١٦٦ أعلاه)، والغرض واضح؛ وهو إخراج إيقاع ذي نبرات «وثابة»، ولا بأس من تذكير القارئ به:
Here’s snip, and nip, and cut, and slish and slash.
أيْ إن عندنا خمس تفعيلاتٍ منتظمة تبدأ أربعٌ منها بالحرف and ومن ثَم يكون النَّبرُ واقعًا على الكلمة الرئيسية في التفعيلة، وترتبط الكلمتان الأوليان بسجع الباء (ب) والأخيرتان بصوت الشين، ولمَّا كانت جميعها تفيد القطع بصور متعددة فقد حاولت أن أرى إن كانت تتبع نهجًا في التتابع الدلالي فلم أجد، بعد أن تحققتُ من معنى كل كلمة، وبعد أن اكتشفتُ أن كلمة slish لا وجود لها في أيِّ معجم إنجليزي، ولم أفهم سرَّ تجاهل جميع الشرَّاح لهذا السطر وهذه الكلمة تحديدًا، وظني أنها صورة من صور slit بمعنى «يشق» أيضًا، وأن الشاعر ابتكرها من أجل حرف الشين الذي يوحي بصوت شقِّ القماش أو بالشرخ وما إلى ذلك. وعلى أيَّة حالٍ فقد حاكيتُ الإيقاع قدْر الطاقة وحافظتُ على السجع وجرس الألفاظ: وهنا قَطْعٌ وهنا جَذْعٌ، وهنا شَقٌّ وهنا مَزْقُ.
ولكن تبقى نتيجة كل هذا، وهي التي يحذفها الشاعر مكتفيًا بكلمة cithern في السطر التالي وهو العود الذي يحمل نقوشًا وتصاوير بارزة أو غائرة في «رقبته» (انظر الحاشية على ٣ / ١ / ٣٩) ولما كانت هذه الكلمة قد انفردت بها طبعة آردن ٢٠١٠م بناءً على دراسة لوري ماجواير (Maguire) التي نُشرت عام ١٩٩٨م، وتحلُّ هذا «العود الغريب»، محلَّ الكلمة المطبوعة في الطبعة الأولى للمسرحية (طبعة الفوليو ١٦٢٣م) وهي كلمة censer أي المبخرة، فقد أضفتها باعتبارها بديلًا محتملًا للعود ما دمت قد أوضحت الصورة المقصودة، أي صورة النقوش والرسوم البارزة أو الغائرة، وهي التي يعترض عليها بتروشيو. ومن الطريف أن الناقد العظيم هيبارد يقول في تعليقه على كلمة «المبخرة» عام ١٩٦٨م إنها «كلمة غير مرضية ولا تلائم السياق، ولكننا لا بد أن نقنع بها حتى نعثر على بديل أفضل» (ص١٨٨). وبدا لي أن كلمة «العود» أفضل، وإن كان من حق المبخرة أن تشغل مكانًا إلى جوارها أيضًا ولذلك أضفتها فالمراد الإشارة إلى النقوش والتصاوير التي يسخر منها بتروشيو، وهي التي لا يشير إليها صراحة في انتقاده للملابس.
٩٥  «الدمية» (puppet): الكلمة هنا وفي السطرين التاليين تحمل عدَّة معانٍ أولها الدُّمى الخشبية المرتبطة بخيوط يحركها اللاعب بشدِّ هذه الخيوط، وهو ما نسميه «العرائس» في مصر، على نحو ما نفهم من «مسرح العرائس» (puppet-show)، ومحرِّك الدُّمى يُسمَّى puppet-master، وهو المعنى الذي يفيد التحقير لأن الدمية لا إرادة لها، وهذا هو المعنى الأول في معجم أوكسفورد الكبير، ولكن المعجم يأتي بمعنًى آخر وهو الذي نترجمه أيضًا بالدمية (doll)، أيْ تلك التي يلعب بها الأطفال وقد تكون أيضًا «عروسة» (OED n. 2A; 1b, 3).
٩٦  «يا للغطرسة البشعة»: يطبعها بعض المحررين على سطر مستقل، وفق الطبعة الأولى للمسرحية (الفوليو ١٦٢٣م) ما دامت تخرج عن البحر الشعري الإنجليزي في هذا السطر، ويقول بعض المحررين إن السطور ١٠٩–١١١ منثورة، ولكنها تقبل الإيقاع المنظوم، وعلى هذا ترجمتُها.
٩٧  حولت الياردة إلى متر، وأمَّا ما ترجمته بكلمة «ثُمْن» فلفظ nail في الأصل، وهو مقياس خاص بالخياطين يساوي ١ / ١٦ من الياردة، وقد اختفى من عالم الخياطين و«عالم الحياة» (وهو تعبير هابرماس) فأتيتُ بما يستكمل السلسلة المتناقصة للأطوال بالعربية.
٩٨  «هل تتحداني»: الفعل هنا Braved يُستخدم بمعناه الحديث، فنحن قد نقول الآن إن فلانًا خرج بملابس خفيفة يتحدى الزمهرير (Lightly dressed, he went out braving the chill)، ولكن الفعل يتضمن توريةً لأنه قد يعني «زودني بأجمل الملابس»، وهو المعنى الذي يأتي به جروميو بعد ذلك وهو معنًى خاص، أي «التهذيب»، حتى يرادف «التشذيب» (face) الذي أتى به الحائك.
٩٩  «التشذيب» (to face): من المصطلح القديم للخياطين، أيْ قص الزوائد لضبط المقاييس.
١٠٠  يتلاعب جروميو بمعنى brave أيْ يزين أو يتحدى ومعنى face المُشار إليه، وينقل هذا التلاعب للجمهور من طريق التكرار، وهو ما فعلته في الترجمة.
١٠١  «إذَن» (Ergo): كلمة لاتينية مشهورة، بسبب شيوع مقولة ديكارت «أنا أفكر إذَن أنا موجود» (cogito ergo sum).
١٠٢  «أولًا» (Imprimis): لفظ لاتيني سبق شرحُه عاليه.
١٠٣  «مطرقة الخيوط ذات اللون البني» (a bottom of brown thread): كانت الخيوط تُلفُّ أحيانًا حول قضيب خشبي بحيث تشكل رأسه، الأمر الذي يجعله يشبه المطرقة (والمعنى في المعجم رقم ١٥ أ). ويرى بعض النقاد في الصورة إيحاءً جنسيًّا، لكنني لم أجد إلا اشتراك الكلمة مع معناها المشهور (إلى الآن) وهو العَجُز.
١٠٤  «حرملة صغيرة على شكل نصف دائرة» (With a small-compassed cape): وقد اعتمد الشرَّاح في تفسير المعنى المقصود على ما ذكره ستابز (Stubbs) عام ١٥٨٣م في أحد كتبه عن مثالب الموضة.
١٠٥  ١٤٤–١٤٧: جروميو يتحدث نثرًا لكنني لاحظت إيقاعات النَّظم في مُستهلِّه، ويبدو أن هذا ما دفعني إلى محاكاة هذه النبرات في البداية على الأقل.
١٠٦  «المؤشر ذو الخطَّاف» (bill): هذا هو المعنى الآخر للكلمة التي استُخدمت من قبل بمعنى لائحة الاتهام في ١٤٤. ويقول المعجم إن هذا المؤشر كان يشبه الحربة التي يستعملها الجنود والحراس، ولكن الخطَّاف في طرفه يُستخدم في الإتيان بلوازم الخياط من فوق الرفوف العالية.
١٠٧  «اذهب فارفعه»: أي اذهب فقدِّمه إلى رئيسك، ولكن جروميو يفهم الرفع هنا بالمعنى الحرفي، أيْ رفع طرف الإزار حتى يقضي رئيسه وطره منها! وهو معنًى بعيد وسخيف.
١٠٨  تقول آن طومسون إن بتروشيو يطلب من هورتنسو (جانبًا) أن يخبر الحائك أنه سوف ينال أجره غدًا حتى يذكِّرنا بأن سلوكه «محسوب» أيْ متعمَّد، ونحن نحسُّ هذا على أيَّة حال من متابعة لغته المصطنعة، فالعطف على الحائك، وهو شخصية ثانوية، من السمات المحبَّبة فيه (وفي شيكسبير) ولنا أن نرى عكسها حين ننظر في مصير هؤلاء الأشخاص في الكوميديا الرومانية إذ يَلقَون التجاهل التام بمجرد الانتهاء من أداء دورهم. ويعلِّق الدكتور جونسون على هذا الموقف قائلًا إن حرفة الحائك ذات مظهر يوحي بالأنوثة، وطالما كان يحظى بالتهكم والاحتقار من جانب الإنجليز الغِلاظ الأشداء.
١٠٩  «فيا خادمي»: الواضح أن بتروشيو يوجه الكلام إلى جروميو، فهذا ما تنصُّ عليه مختلف الطبعات بإضافة (إلى جروميو) قبل هذا السطر، باستثناء طبعة آردن، فلم أشأ قطع الحديث بإضافة هذا الإرشاد المسرحي ولكنني أدرجته في سياق النَّص، وإن أكُن قد أضفتُ الإرشاد المسرحي الآخر (ينظر في ساعته) لأن الموضوع تغير وبه يبدأ بتروشيو «حادثة جديدة مع زوجته».
١١٠  ١٦٨–١٨٧: في هذه السطور العشرين ملمحان أساسيان؛ الأول موضوعه هو الهجوم على المظاهر ممثَّلةً في الملابس، أيْ إعلاء شأن الباطن على حساب الظاهر، وهو ما تقول هودجدون في دراسة لها (٢٠٠٧م) إنه يُرجع أصداء كتاب الصلوات العامة، وخصوصًا نصح الزوجات بعدم المبالغة في الزينة، والملمح الثاني أن بتروشيو يستعرض في هذه «الخطبة» بلاغته أيْ قدرته اللغوية بالميل إلى الأسلوب الرفيع، وهو ما أوحى إليَّ بالبحر الطويل، إذ سمعتُ في السطر الأول إيقاع شوقي «تَعالَيْ نَعِشْ يا لَيْلُ في ظِلِّ قَفْرَةٍ …» ومن ثَم توالت أنغام هذا البحر الجميل الذي يستخدمه بتروشيو في الإتيان بما يشبه الحِكَم والأمثال، وكلٌّ منها في بيتٍ واحدٍ قد يتكون من سؤال إنكاري، ولذلك لم تزد الترجمة كثيرًا في الألفاظ عن الأصل (٣٠ سطرًا) وأظنُّ أني وجدت في إيقاعات البحر الطويل ما يحقِّق الخطوات المتَّئدة لفكر بتروشيو ومشاعره، ووجدت في القوافي العارضة تأكيدًا لحرصه على البلاغة.
١١١  «فندق بيجاسوس» (Pegasus): هو الجواد المجنَّح في الأساطير الكلاسيكية، وتظهر صورته على درع النبالة الخاص بإحدى الهيئات القضائية، كما كان يستخدم رمزًا للعديد من الفنادق آنذاك. وقد أضفتُ الإرشاد المسرحي لأوضح سبب نسبة هذه العبارة لترانيو في الطبعة الأولى للمسرحية، وهو ما تشرحه طبعة آردن ٢٠١٠م، ولكن طبعة آردن الثانية وطبعة نيو كيمبريدج وطبعة سيجنت، وطبعة فولجر تتبع طبعة تيبولد (١٧٣٣م) في نقلها إلى كلام التاجر، ويقول هيبارد في طبعة بنجوين: «إن نسبة هذه العبارة إلى ترانيو في الطبعة الأصلية نتيجة للإهمال في تحديد أسماء المشتركين في الحوار، ولكنه قد يكون دليلًا على أن هذا السطر يقوله ترانيو مع التاجر في الوقت نفسه، دليلًا على تواطئهما» (ص١٩١).
١١٢  «وقار الوالد»: الصفة هنا austerity في الأصل، ومعنى الوقار فيها منصوصٌ عليه في معجم أوكسفورد الكبير (المعنى الخامس) والشواهد التي يأتي بها المعجم تؤيده.
١١٣  «أنت غلام رائع»: الصفة في الأصل tall، وكانت من التعابير الاصطلاحية التي تجري مجرى الأمثال، فيُقال a tall man (or fellow).
١١٤  «مصادفة ميمونة»: الأصل يقول happily met والحال هنا = haply كما يقول الشرَّاح، تمامًا كالكلمة التي ترجمتُها من قبلُ بلفظة «ربما» (١ / ١ / ٥٥) ولكن صمْت سائر الشرَّاح عنها يوحي بأن المعنى الحديث للكلمة قد يكون قائمًا، وهكذا جمعتُ بين المعنيين في التعبير الذي نألفه بالفصحى وبالعامية «يا محاسن الصدف!» أو «فرصة سعيدة!».
١١٥  تقول آن طومسون إن سطور ترانيو ٢٠–٢٢ قد تكون موجهةً إلى التاجر (وفقًا لما أخذتُ به في الترجمة) أو إلى بابتيستا، وفي هذه الحالة يتعين تغيير السطر الثالث بحيث يعني: «الآن وقد أكدت حقيقة ميراثي»، ثم تقول إنها ترجِّح المعنى الأول.
١١٦  ٢٣–٣٦: كلام التاجر يدل على أنه لا يكتفي بأداء الدور المطلوب بل يجتهد لنوال رضى بابتيستا الغني، والتاجر بطبيعته يحب الأغنياء!
١١٧  «فالخِطبة قد تمَّت وبذا قُضي الأمر»: الأصل سطر قصير يتكون من كلمات من مقطع واحد، وهو ما يوحي بالنتيجة النهائية:
(The mateh is made and all is done).
والترجمة تحاكيه في البناء والمفردات.
١١٨  «نعقد فيه الخِطبة بوجود شهود»: هذه الدلالات كلها قائمة في عبارة قانونية هي: We be affied.
وهو إجراءٌ رسمي مُلزِم للطرفين مثل الزواج تمامًا خصوصًا بسبب الإشارة إلى التسوية المالية، أيْ assurance في العبارة نفسها، ويقول الشرَّاح إن هذه الكلمة ترِد في هذه المسرحية أكثر مما ترِد في أيِّ مسرحية أخرى لشيكسبير (وموريس يتوسع في شرح ذلك وعلاقته بجو المال والتجارة الذي تجري فيه الأحداث).
١١٩  «فللإبريق آذان» (Pitchers have cars): المَثَل السائر يقول «للأباريق الصغار آذان كبار»: Small pitchers have wide ears، وفي العربية المعاصرة تعبيرٌ قريبٌ من هذا وهو «للجدران آذان».
١٢٠  «هذا الغلام»: المقصود لوسنتو المتنكر في شخصية كامبيو، ولذلك تضيف طبعة كيمبريدج الأولى وطبعة بنجوين، اهتداءً بما يقوله بيونديللو في السطر ٧٤، إرشادًا مسرحيًّا يقول: «ترانيو يغمز إلى لوسنتو.»
١٢١  «غلامي»: المقصود بيونديللو.
١٢٢  ٧٢–١٠١: يعلق النقاد على هذا المشهد الذي يصور سذاجة لوسنتو العاشق الرومانسي الخجول والمتردِّد، فبعد أن ساعده خادمه ترانيو في التقريب بينه وبين حبيبته وتدبير «والد» زائف له يؤكد حجم ميراثه واستعداده لتقديم المَهر اللازم، يساعده خادمٌ آخر هو بيونديللو في عقد الزواج سرًّا، بالاتفاق مع الكاهن الهرم الذي لا نراه أبدًا، ويكاد يدفعه دفعًا إلى تحقيق ما تصبو إليه نفسه. أسئلة لوسنتو ساذجةٌ تكاد تكشف عن البله، وأقوال بيونديللر بالغة التعقل وأسلوبه رصين، بل يستخدم تعبيرًا لاتينيًّا لا يتسنَّى لأمثاله أن يعرفوه وهو: cum privilegio ad imprimendum solum.
وهو ما يعني حرفيًّا «حقوق طبع الكتاب مكفولة لك وحدك»، والمقصود أنه سوف ينال بيانكا من دون علم أو مشاركة الخطَّاب الآخرين فيما يحدُث! الحركة (الفعل) في المشهد كله تنتمي إلى الخادم، فهو العقل المفكر والمدبر، ولا يتميز العريس إلا بالحسب والنسب. وبعض النقاد يؤكدون هنا ما كان شيكسبير يرمي إليه من الموازنة بين عريس ذكي (بتروشيو) وعريس غبي (لوسنتو) وبين ما يتميز به بعض أبناء الطبقة العليا من الغباء وما يتميز به الخدم من الذكاء.
١٢٣  هذه السطور الأربعة تلخِّص موقف لوسنتو على امتداد المسرحية، فعلى الرغم من جهوده المضنية في التودُّد إلى بيانكا، ورغم ما أبدته من دلائل مبادلته غرامه، نراه يتردَّد في عقد قِرانه عليها، ويتشكك في مدى رضاها، والجمهور ينفجر ضاحكًا منه عندما يقول «فليحدث ما يحدث!» (Hap what hap may) وبهذا نعرف أن إحدى الزيجات توشك أن تُعقد.
١٢٤  يشير النقاد إلى هذا المشهد باسم مشهد الشمس والقمر، وفي الصور الفولكلورية لقصَّة ترويض الشرسة نجد أن الزوج عادةً ما يقول أقوالًا واضحة الخطأ أو واضحة السخف بشأن ما يصادفه الزوجان أثناء الرحلة، إذ يشير إلى الفرَس باسم البقرة أو إلى الحمَام باسم الغربان، وكان لا بدَّ أن يغير شيكسبير هذه الأمثلة لأغراض درامية، وابتكاره للجدل حول الشمس والقمر، كما تقول آن طومسون، مناسب للمسارح المفتوحة، أي التي لا سقف لها، في العصر الإليزابيثي، وإن لم تكُن تناسب المشهد الداخلي الذي نراه في المدخل، أيْ مشهد الحانة. وتضيف طومسون أن هذا المشهد يتضمن سخريةً من الارتباط التقليدي بين القمر وبين تقلب أهواء المرأة، وكذلك بين القمر وفكرة التقلب والتغير بصفة عامة، ما دام هذا المشهد يبين تحوير موقف كاترينا.
ونحن نلاحظ أن المشهد لا يضمُّ جروميو في الطبعة الأولى، كما أنها لا تشير إلى وجود خدم، ولكن العُرْف جرى على مشاركتهم ولو لم ينطقوا على الإطلاق، وأمَّا هورتنسو (الذي يتعلم في مدرسة ترويض الزوجات) فهو يقوم بدور «الطالب» الذي يتابع أستاذه. والحوار يمثل صورةً أخرى للجدل بين بتروشيو وكاترينا في ٤ / ٣ / ١٨٦–١٩٤، فهو يتضمن بعض التكرار والأفكار الموازية في ذلك الموقف، ويعتبر تطويرًا للقاء الأول بينهما حيث التراشق اللفظي الممهِّد للتلاقي العاطفي. وطبعة آردن تضيف جروميو والخدم استنادًا إلى الممارسات المسرحية الفعلية.
١٢٥  ٢٥-٢٦: السطران يشيران إلى لعبة تستخدم فيها كُرة مُصمَتة غير متزنة الجوانب، أيْ إن أحد جانبيها أثقل من جانبها الآخر ولذلك فهي لا تسير في خطٍّ مستقيم مثل الكرات المنتظمة الجوانب، بل تسير وفق ميل الثقل في أحد جوانبها وهو ما يُسمَّى bias والكلمةُ تعني الانحراف والانحياز (وفي غير هذا السياق تعني التعصب). وهكذا يقول بتروشيو في السطر الأول إنه تعمَّد أن ينعطف سير الكرة حتى يلغي هذا الانعطاف ما بها من انحراف، وبذلك كما يشرح السطر الثاني تصل للهدف. وأمَّا التعبير الاصطلاحي الذي يستخدمه فهو أن «ينعطف ليلغي الانحراف»، أيْ To run against the biasTo run out of the bias ودلالة هذا القول أنه خرج عن طبيعته (أي انعطف) ليلغي انحراف كاترينا عن طبعها.
١٢٦  يبين بتروشيو أنه يحفظ أشعار الغزل الشائعة آنذاك، فالصور مستقاةٌ منها.
١٢٧  «معاملة المرأة»: في طبعة الفوليو الثانية عُدِّل هذا التعبير إلى «معاملة امرأة»، ويقول هيبارد إن المقصود هو الإشارة إلى المسرح، حيث كانت الغلمان تقوم بالأدوار النسائية، وهكذا يقول هورتنسو إن بتروشيو يكلف الرجل الهرم بأن يلعب دور المرأة في المسرحية الصغيرة التي يؤلِّفها ويخرجها الآن.
١٢٨  ٣٧–٤٣: كاترينا تثبت أنها قادرة على منازلة بتروشيو في ساحته البلاغية، فالسؤال في السطر ٣٨ يقول Whither away, or where is thy abode? وترجمته: «فما غاية الترحال أين مقامها؟» والسطور الأربعة التالية التي تتحدث عن سعادة أبويها بها قد تبدو، كما يقول أوليفر، فكرةً مألوفة، ولكن ستيفنز (Steevens) يقول إنها مقتطفة من ترجمة جولدنج لكتاب أوفيد مسخ الكائنات (٤ / ٣٩٦-٣٩٧)، ويقول أوليفر إن الجمهور الإليزابيثي من المُحال أن يكتشف ذلك الأصل، والأغرب من ذلك أن هودجدون تقول إن محرر طبعة آردن الأولى Bond يقول إن أوفيد نفسه قد اقتبس هذه الفكرة من ملحمة الأوديسية (٦ / ١٦٥–١٧١)، ولكن هودجدون تؤيد ما ذهب إليه أوليفر من أن المقتطف يقوم على عكس دوري الرجل والمرأة، فالحادثة، كما تقول الباحثة، تمثل محاكاةً مضغوطةً لمخاطبة سلماكيس لرفيقها هيرمافروديتوس (الزوج الشرس)، ومن ثَم فهي نموذج كلاسيكي لعكس دوري الجنسين وكذلك لمسألة الترويض. ويقول جوناثان بيت (Bate) في كتابه شيكسبير وأوفيد (١٩٩٣م) إن «كيت ترد العلاقة بين الجنسين إلى ما يتفق مع الأعراف فتحوِّل سعادة الزوجة إلى سعادة الزوج، ولكن التحول ينعكس مرةً أخرى، فيما يشبه المفارقة، حين نتذكر أن كاترينا، مثل سلماكيس، تخاطب في الحقيقة رجلًا! وهي، من زاوية معينة، تحقق فوزًا مؤكدًا على بتروشيو … إذ إن إثارة العلاقة القائمة بينهما تمكِّنها من عكس الأدوار التي اجتهد بتروشيو وبذل ما بذل في سبيل إقامتها. وهذا الانتصار اللغوي الصغير الذي حقَّقته يمكن اعتباره علامةً أولى على أن كيت تستطيع أن تقوم بالترويض، مثلما تخضع للترويض» (ص١٢٣-١٢٤). والمقتطف المُشار إليه من أوفيد هو «سعادة الأبوين لا تضارع سعادة ابنتهما التي اختارها زوجةً ورفيقةً لفِراشه.»
١٢٩  «أخضر»: المقصود معنى النضرة والشباب.
١٣٠  ٢٩–٥٠: تقول هودجدون إن الحوار في هذه السطور يشبه حوارات هزليات الفودفيل «الفاقعة» (vaudeville) التي يتراشق فيها المتحادثون بالفكاهات «المتَّفق عليها».
١٣١  «التحية الغريبة»: الأصل يقول strange encounter وهذا هو المعنى المقصود، لا معنى «اللقاء» بالدلالة الحديثة للكلمة.
١٣٢  «ولدك» (thy son): ظاهر المعنى أن المقصود لوسنتو، ولكن السطور التالية توحي بأنه يقصد نفسه ما دام قد اعتبر فنشنتو والدًا له، والمشكلة أننا في العربية لا نستخدم مقابلًا لعبارة father-in-law في الإشارة إلى زوج الأم (stepfather) أو إلى الصِّهْر أيْ حَمْو الزوج (والد زوجته) أو مَن يتخذ ولدًا بالتبنِّي (معجم أوكسفورد الكبير OED n. 1e)، وقِسْ على ذلك الأقارب بالمصاهرة أي الأنساب، فكون بيانكا قد تزوجت لوسنتر يجعل فنشنتو حمًا لها، وصِهرًا لأختها كاترينا وكذلك — بالتوسع بعض الشيء في المعنى — لزوجها بتروشيو.
١٣٣  «تزوجت من فترة بابنك»: الأصل يقول by this، ومعناها أوضح بالعامية المصرية أيْ «زمانها اتجوزت»، وأقرب مقابل لها بالفصحى هو «لا بد أنها الآن قد عقدت قِرانها على ابنك.» ولكنه مقابل غير دقيق، ومن ثَم أتيت بعبارة «من فترة» بسبب استعصاء التعبير عن المعنى الذي أوردتُه بالعامية، إذ يفيد أن بتروشيو كان يعرف بأنه سوف يحدث ويقول الآن «لا بدَّ أنه بحلول هذه الساعة أو اللحظة قد حدث.» وأحداث المسرحية لا تدل على تلك المعرفة، بل ولم يتزوج لوسنتو بيانكا بعد! وأمَّا هورتنسو الذي يؤيد مقولة بتروشيو في السطر ٧٥ فهو يجهل ذلك. أيضًا وكان ينبغي له أن يتذكر أنه تعهد مع الرجل الذي كان يظنه لوسنتو (أيْ ترانيو) أن ينبذ حُبَّ بيانكا إلى الأبد. ولكن مُشاهد المسرحية لا يلحظ هذه التجاوزات.
١٣٤  ٧٩-٨٠: عندما ينفرد هورتنسو على المسرح بنفسه يخاطب بتروشيو الغائب، معلنًا أنه قد تخرج في مدرسة الترويض، وهو هنا يخاطب الجمهور بطريق غير مباشر، كأنما يَعِد المشاهدين بالقدرة على ترويض الأرملة إذا بدا منها ما ينبئ عن الشراسة، وأمَّا القافية التي تتكون عندي في كل بيت من كلمتين، وفي الأصل من كلمة واحدة، الأولى forward بمعنى الشموس والشراسة، والثانية untoward بمعنى المشاكسة، فارجع لتفسير الازدواج إلى الحاشية على ٣ / ٢ / ١٦٦. ولمَن ينفر من الازدواج إليه هذا البديل (الأقل فصاحة):
فإذا كانت في مَسلَكِها ذاتَ شراسة،
فلقد عُلِّمْتُ بأنْ أُبدي بعضَ شماسة.
وارجع إلى المتن حتى ترى ما فقدت الترجمة بسبب التضحية بالثنائية الاسمية، ناهيك بأن كلمة شماسة لا تعترف بها المعاجم!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤