قطر السفر

(حوار بين اثنين من الأمهات تتبادلان فيه أخبار بعض أقاربهم وأبنائهم ممن غابوا عنهم بالرحيل، وأخذتهم الحياة بأحداثها، ثم عاد منهم مَن عاد، ولم يكن معهم إلا ذكريات الماضي البعيد.) إنه قطار الحياة!

أوِّل ع منوَّل،
واد جمال عبد الرحيم،
سافر لجوص،
على وين يروح مِن بعدها؟
على بحري ويا خليل،
هيشتغلوا سوا،
يصطادوا يوم،
ويبيعوا يوم،
والجرشينات،
راح يبعتوها،
لست ابوها،
في حيِّها،
مرَّات سألني الولد بالمكتوب:
كيف حال أبوي والأرض والعنزات؟
وحشتني ريحة الأرض،
والتبن والزرعات،
لساني يا أماي،
عم بفكر في اللي فات،
شمس الشتا،
ريحة العصيدة والكانون،
جعدتنا تحت التوتة،
والحدوتة:
كان يا ما كان،
والجد جاعد،
ضحكته مالية المكان،
كان نفسي أجولُّه:
الغربة مُرة يا ولدي،
وركبني البكا،
وخفيت دموعي،
بطرف كمي،
ولا اشتكيت،
يسألني مالك؟
أجول مليحة وزين،
والجَلْب والله يا ولدي،
شال الطين!
رامح بخوفه وراك هناك،
لسَّاني سامعة،
حمحمة جطر السفر،
والزحمة وسلامنا الحزين،
ومجاطف الناس مليانين،
بحمولة مرة أو بزين،
واهو كله راح بحر البلد،
وما باجي غير لون السفير،
بتَّاوة ناشفة وحلتين والزير،
والنخلة وسط الدار،
وفخارة وحصير!
النعجة ماتت،
يوم رحيلك م البلد!
الخوف ركبني وجلت:
والله الفال ما زين،
ودعيت هناك،
ناحية مجام؛
الشيخ حسين،
ومليت هناك الجلتين،
يمكن تروح الخلعة،
عن جلبي الحزين،
كرهانة صوت البِسَّة،
أو نبح الكلاب،
اثنين نحيبهم والله شين!
زمجانة حتى م السواجي الديرانين،
والناي بيبكي،
والشادوف مليان أنين!
وانا عمْ بدوِّر ع اللي كان،
شيفاك وكانك بالمكان،
بالعمة والجفطان،
وجلابية أبوك،
وعصاية الجد،
اللي راح.
أيوب صبِر،
والصبر زين،
وانا إيش اكون،
راجع يا ولدي،
وحِّد الله،
وجول آمين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤