الفصل الثامن

الفاشية والأمة والعرق

لما كانت الفاشية أيديولوجية قومية متعصبة، فهي أيضًا عنصرية دون خجل؛ فالفاشيون لا يتعاملون مع جميع سكان إقليم ما على أنهم مواطنون، أو بشر أصحاب حقوق متساوية. فالمواطنة وما يصاحبها من منافع تُمنح أو تُمنع على أساس مطابقة الفرد سمات بعينها أو امتلاكه لها يُزعم أنها سمات «قومية»، سواء كانت بيولوجية أو ثقافية أو دينية أو سياسية. وتغلب القومية والعنصرية على جميع جوانب الممارسة الفاشية، من توفير الرعاية الاجتماعية وسياسة الأسرة إلى الدبلوماسية، أما الذين يُعتبرون من خارج الوطن فيواجهون مستقبلًا غامضًا، قد يحمل لهم الإبادة في أسوأ الأحوال.

كان الفاشيون في الماضي لا يجدون أي حرج في التصريح بتفوق بلدانهم، وكانوا يصنِّفون الأشخاص على أساس «العرق» عن طيب خاطر، أما الشعبويون القوميون المعاصرون فيجدون شيئًا من الغضاضة في وصف أنفسهم بأنهم عنصريون، وذلك لأن الوصف انحدر وبات مذمومًا إلى حد لا يجعل في استطاعة أي شخص يدَّعي أنه محترم أن يحمله. ومع ذلك، هم يفعلون مثلما يفعل نظام «الفصل العنصري» في جنوب أفريقيا، فيسترون تعصبهم الأعمى وراء الفكرة التي تقول بأن الأعراق (شأنها شأن الجنسين) «متساوية لكنها تختلف عن بعضها». لكن نظرة سريعة تكشف لنا أن هذه الاختلافات زائفة. ومع ذلك فإن العلاقة بين الفاشية والعنصرية تبقى معقَّدة ومتشابكة.

العنصرية البيولوجية والعنصرية الثقافية

أولًا، علينا أن نوضح بعض الفروق. أكثر أشكال العنصرية جمودًا يذهب إلى أن العرق يتحدد بيولوجيًّا؛ إذ من المستحيل أن يغير المرء قدره البيولوجي ويندمج في قومية أخرى. وعلى أرض الواقع، كان النازيون يعتقدون أن اليهود المندمجين في مجتمعهم أكثر خطورة؛ لأنهم يتصرَّفون في الخفاء. تعمل العنصرية البيولوجية أيضًا على تقسيم الشعوب إلى عليا ودنيا، والدنيا تكاد لا تختلف عن رتبة الحيوانات العليا. وقد تُستخدم البشر «الدنيا» فيما يحقق مصلحة الأجناس العليا، أو يمكن حتى قتلهم.

لا تتحدد الهوية القومية بيولوجيًّا في كل الأحوال؛ ففي أوائل القرن العشرين كان الأوروبيون المثقفون عادة يدركون مفهوم العرق من ناحيتي التاريخ والثقافة، فالفرد ينتمي إلى الأمة إذا كان يسكن أراضيها التاريخية، أو يتحدث لغتها القومية، أو يؤدي شعائر ديانتها. وهذا النوع من العنصرية أقل تطرفًا؛ لأنه يتيح «الاندماج» عن طريق تعلُّم اللغة القومية أو تغيير الديانة. وفي بعض الأحيان كان الاندماج مرتبطًا ببرامج تُعد تقدمية: ففي فرنسا والمجر الليبراليتين في القرن التاسع عشر كان اليهود يكتسبون كامل الحقوق المدنية، طالما لا يعبِّرون عن اختلافهم علنًا. وفي روسيا السوفييتية تسنَّم اليهود أعلى شجرة الوظائف الحكومية، لكن النظام قضى دون رحمة على أي شكل للتعبير عن الثقافة اليهودية.

ومع ذلك، يتوقف الاندماج على افتراضات عنصرية؛ فالمرء لا يمكن أن يكون مواطنًا يتمتع بحقوق متساوية ما لم تنطبق عليه الخصائص الثقافية المفترضة للأغلبية. والموقف الليبرالي الأصيل يتقبل التنوع الديني واللغوي والثقافي، بل وحتى الارتباط العاطفي بدول أخرى، على شرط أن يلتزم المقيم بالقانون الذي يطبَّق على الجميع سواء. الأهم من ذلك، أن كل من يخالف القانون يُعامل بالطريقة نفسها؛ فلا أحد يعامَل على أنه أكثر ميلًا لارتكاب جريمة بسبب أصوله العرقية. الجميع يتمتعون بنفس الحق في «المحاكمة العادلة»، ولا يستخدم الليبراليون «اختبارات ولاء» مثل الدراية بتاريخ الأمة أو دعم فريق كرة القدم الوطني.

ويكون الاندماج تمييزيًّا على نحو خاص حيثما يتضمن تدابير قمعية مثل إغلاق المدارس التي تدرِّس بلغات الأقليات، كما حدث في أحوال كثيرة في أوروبا ما بين الحربين العالميتين. الأمر مرهون بدرجة كبيرة بالزمن الذي يُفترض أنه لا بد من مروره كي يجري إدماج الفرد في المجتمع؛ على سبيل المثال، كان باريه يعتقد أن الفلاحين تشرَّبوا القومية الفرنسية عبر «قرون» من الارتباط بالتراب الوطني، وكان يرى أن اليهود كائنات حضرية لا يمكن أبدًا أن تكون فرنسية بالكامل؛ لأنها لم يسبق لها قط أن حرثت التربة. وقومية «الدم والتربة» هذه كانت سائدة على نطاق واسع داخل اليمين الأوروبي، الفاشي وغير الفاشي، خلال سنوات ما بين الحربين. ولما كانت هذه القومية لا تتيح للأقليات العرقية سوى مجال محدود لتغيير انتمائهم القومي، كانت إقصائية مثلما كانت العنصرية النازية.

ويزداد تواري الاختلافات بين العنصريتين البيولوجية والتاريخية/الثقافية بفعل الإدماج القسري الذي نفَّذه النازيون على جماعات سكانية اعتبروها قريبة للألمان من الناحية العرقية. فقد كانت «المنظمة الاشتراكية الوطنية للرفاه الشعبي» تعيد بالقوة توطين الأمهات الهولنديات والنرويجيات اللائي أنجبن أطفالًا لآباء ألمان في ألمانيا، وبلغ بها الأمر أنها كانت تختطف الأطفال من دور الأيتام البولندية، وتسعى «لألمنتهم» وقولبتهم في القالب الألماني من خلال الانضباط والعمل القسري. كان «الخبراء» النازيون يتناولون بالنقاش مسألة قابلية إدماج مجموعات سكانية بعينها في المجلات العلمية، وبذلك يضفون مسحة من الاحترام العلمي على سياساتهم.

وهكذا نجد أن هناك تدرجًا متسلسلًا بين الإدماج الليبرالي، والإدماج القسري، والعنصرية الإقصائية وعنصرية الإبادة. والفاشية لا تتسامح مع تنوع الهويات، أو الفكرة القائلة بأن المرء يستطيع أن يفي بواجباته كمواطن وفي الوقت نفسه يعتنق أي هوية أخرى. لكن الفاشية يمكن أن تقع في أي نقطة على امتداد هذا النطاق.

ثمة تعقيد آخر يتمثل في أن العنصرية لم تكن قط حكرًا على اليمين أو اليمين المتطرف؛ فالافتراضات العنصرية — التي تكون مباشرة ومُعلنة في بعض الأحيان ولاواعية في أحيان أخرى — كثيرًا ما أثَّرت في الفكر اليساري وممارساته أيضًا. لا يقع تاريخ العنصرية اليسارية ضمن نطاق هذا الكتاب، لكن تجدر الإشارة إلى أن العنصرية اليسارية تختلف عن الفاشية في جوانب هامة، فاليسار كان عادة متفائلًا إزاء إمكانية الإدماج، وكان نادرًا ما يؤمن بأن السياسة العنصرية علاج ناجع شافٍ لأمراض المجتمع. فالاشتراكيون مؤمنون بطبيعتهم بأن الطبقة تفوق العرق أهمية.

النازية

ربما كانت حالة النازية ستبدو أكثر وضوحًا لو لم تكن بعض المناهج التي استخدمها أكاديميون قد هوَّنت من أهمية العنصرية في النازية؛ فالماركسيون كانوا يميلون إلى تقديم معاداة السامية باعتبارها وسيلة يستخدمها الرأسماليون لإخفاء الأسباب الحقيقية لبؤس العمال. وكان أنصار «الفيبرية» يجادلون بأن اليهودي رمز ملائم للعالم الحديث الذي يكرهه الفاشيون كراهية شديدة. وهذه التفسيرات ليست باطلة، لكن العنصرية كانت أكثر من مجرد أداة تستخدم لتحقيق غايات أخرى.

وقد أظهرت تفسيرات أكثر حداثة للنازية أن مسألة العرق طغت على جميع جوانب النازية؛ فهتلر نفسه كان مؤيدًا لكل فرضيات العنصرية البيولوجية المسيَّسة. فقد صنف الأعراق في كتابه «كفاحي» في تراتب هرمي يحتل الآريون قمته، وذهب إلى أن الأعراق تتصارع صراعًا داروينيًّا على الهيمنة، وجادل بأن كل عرق يشعر برغبة في تنقية نفسه، وأن الأفراد والفئات الاجتماعية تحقق الكمال من خلال التضحية بالنفس في سبيل مصلحة العرق.

وكان هتلر يرى أن اليهود يكافحون بلا انقطاع لتقويض الجنس الآري، خاصة عن طريق الترويج للرأسمالية وللشيوعية العالميتين، وتشجيع الحرب بين الأمم «المتمتعة بالصحة». وكان هتلر أيضًا يعتبر الدعارة وسيلة يستخدمها اليهود لإفساد الآريين من خلال نقل مرض الزهري لهم. في الواقع، قيل إن اليهود هم المسئولون عن نشر جميع الأمراض الوراثية، ومن هنا ظهرت دعوته إلى تطبيق حلول يوجينية في التعامل مع المسألة العرقية، مثل: الاستيلاد الانتقائي، وتعقيم «غير الصالحين»، وإصدار التشريعات التي توفر الرعاية الاجتماعية للعناصر «الصالحة» من السكان، وتشجيع النساء صحيحات البدن على الإنجاب. صحيح أنه لم يذكر مسألة الإبادة، لكن مفردات اللغة التي استخدمها لوصف اليهود — البكتيريا العصوية والديدان الماصة للدماء والطفيليات — ربما كانت تضفي، بل أضفت بالفعل، مشروعية على الإبادة. وهكذا فإن معاداة السامية واليوجينية ومعاداة الرأسمالية والشيوعية لم تكن سوى أوجه مختلفة لسياسة واحدة.

وقد أصاب المؤرخون حينما أشاروا إلى أن اليهود لم يكونوا سوى فصيل واحد من أعداء عديدين هاجمهم النازيون (يُضاف إليهم أيضًا البولنديون والكاثوليك والشيوعيون والاشتراكيون) أثناء صعودهم إلى السلطة كجزء من سعيهم لنيل دعم المحافظين، وأشاروا أيضًا إلى أن النازيين لم يعتقدوا بأن اليهود يشكلون تهديدًا عاجلًا، وبالتالي لم يكونوا يعتبرونهم هدفهم الرئيسي في ذلك الوقت. لكن هتلر وكبار أتباعه كانوا مهووسين بمعاداة السامية التي كانت جزءًا هامًّا، وإن كان ضمنيًّا، من الدعاية النازية طوال الوقت. فقد كان برنامج عام ١٩٣١ الموجه للفلاحين يتحدث عن الحاجة إلى النضال العنصري ضد الشرق الزاحف (اقرأ عن اليهودية البلشفية) وطالب بسن قانون لحماية الفلاحين باعتبارهم «مصدر تجدد دماء الشعب الألماني». كان من التقليدي أن يجري تصوير الرأسماليين بملامح يهودية كاريكاتورية، وكانت معاداة السامية مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمعاداة الشيوعية أيضًا. خذ مثلًا أحد الملصقات الدعائية للانتخابات الرئاسية لعام ١٩٣٢ (انظر الشكل ٨-١)؛ يظهر في الجزء العلوي من الملصق مجموعة متنوعة من الاشتراكيين والشيوعيين تحت عنوان مكتوب بحروف تحاكي الكتابة العبرانية: «نحن سنصوت لهيندنبرج!» أما الصور التي في الأسفل فتظهر تحت عنوان بحروف جرمانية تقليدية، وتُظهر عددًا من القادة النازيين الذين سيصوتون لهتلر. هناك أيضًا ملصقات أخرى تُظهر الشيوعيين في صورة أبالسة والشياطين اليهود يوسوسون في آذانهم.
fig9
شكل ٨-١: «نحن سنصوت لهتلر.» ملصق دعائي من حملة الانتخابات الرئاسية لعام ١٩٣٢.1

لم تكن إبادة اليهود ضرورية ضرورة حتمية وقت الاستيلاء على السلطة، لكن النازيين بدءوا ينفِّذون خططهم العنصرية بمجرد أن فازوا بالسلطة. وكان الفضل الكبير الذي ينسب لهتلر بصفته المنتصر على الشيوعيين ومهندس البعث الوطني في ألمانيا يتيح له ولمؤيديه تنفيذ خططهم العنصرية؛ فقد حظرت بعضُ التدابير الأولى التي اتخذت نهج «قانون التمكين» عملَ اليهود في الدوائر الحكومية وبعض المهن، وفي عام ١٩٣٥ كان يحظر على اليهود أن يتزوجوا من الآريين أو يقيموا علاقات جنسية معهم. إضافة إلى هذه القوانين العنصرية على نحو مكشوف، كانت هناك تشريعات أخرى ترمي لأهداف عنصرية؛ فعلى سبيل المثال، أباح قانون «منع العليلين وراثيًّا من التناسل» (يوليو ١٩٣٣) التعقيمَ القسري لفئات معينة من السكان، وكان منح حوافز للمرأة لتشجيعها على تكريس نفسها للمنزل وللعائلة يهدف إلى زيادة عدد السكان المرغوبين من الناحية العرقية. كانت قروض إتمام الزواج وإعانات الأسر الكبيرة تُمنع عن «من هم أدنى من حيث المرتبة العرقية»؛ ففي عام ١٩٣٥ كان على كل من يرغب في الزواج أن يقدم شهادة رسمية تفيد بلياقته عرقيًّا. وقبل اندلاع الحرب بوقت قصير بدأ تنفيذ برنامج لقتل المرضى نفسيًّا والمعاقين ذهنيًّا، من دون أي عقوبة قانونية رسمية. وما إن استقر مبدأ أن جميع القوانين يجري تكييفها على نحو عنصري، حتى بات من المعتاد أن تحوي التشريعات اللاحقة بنودًا عنصرية. كانت جميع هذه التدابير جوانب لسياسة واحدة تستهدف خلق شعب نقي عرقيًّا، وصحيح بدنيًّا وعقليًّا، ومؤهل لشن الحرب على الأعراق الدنيا والاستيلاء على حيز معيشي في الشرق.

عند هذه المرحلة، أعلن هتلر صراحة بأن مصير اليهود أن يُعزلوا في الجيتوهات. في الواقع، كان الأمل معقودًا على أن عيش اليهود حياة غير مريحة سيدفعهم للهجرة، لكن رفض الحكومة السماح لليهود بأخذ أموالهم معهم، علاوة على رفض الحكومات الأجنبية استقبالهم، أحبط هذه الآمال. فأدى ضغط الناشطين النازيين إلى جانب تهافت جوبلز على منح هتلر مبتغاه إلى المذبحة المدبرة المعروفة باسم «ليلة الزجاج المكسور» في يومي ٩، ١٠ من شهر نوفمبر عام ١٩٣٨. أعقب ذلك نهب الدولة لثروات اليهود. ظلت هجرة اليهود هي الهدف الأساسي، لكن منح وحدة إس إس مزيدًا من السلطة فيما يتعلق بالمسألة اليهودية كان ينذر بما هو أسوأ.

يتفق العلماء على أن ما عجَّل بالتطرف الختامي للسياسة النازية تجاه اليهود كانت الحرب التي اندلعت في الشرق. لكن لا بد أن نتذكر أن الحرب ضد «اليهودية البلشفية» كانت دومًا هدف النازيين؛ ففي يناير عام ١٩٣٩ أعلن هتلر أنه إذا نجح التمويل اليهودي في الإلقاء بأوروبا في أتون الحرب، «فلن تكون النتيجة هي «بلشفة» الكرة الأرضية، وانتصار اليهود، وإنما إبادة الجنس اليهودي في أوروبا.» بعض النازيين ظل يفسر هذه الثورات الغاضبة على أنها إباحة للهجرة، ورأى آخرون أنها تقصد التهجير القسري إلى مدغشقر أو إلى بولندا؛ وهذه السياسات، التي كانت مقبولة، ستستتبع وفاة العديد من الضحايا. كما كانت تصريحات هتلر تبيح قتل اليهود في بولندا المحتلة، علاوة على أن تنفيذ سياسة العزل في الجيتوهات، والعمل القسري، والطرد في ديسمبر ١٩٣٩ مثل شطحة كبرى ابتعدت كل البعد عن القواعد التي تحكم السلوك البشري عادة. فيما بعد، واستعدادًا لغزو روسيا، صدرت تعليمات لفرق خاصة من وحدة إس إس — اسمها كتائب الإعدام المتنقلة «أينزاتسجروبن» — بقتل المسئولين الشيوعيين فوق مستوى غير محدد، واليهود الموجودين في الحزب الشيوعي وفي وظائف الدولة، والراديكاليين، والمخربين، ووكلاء الدعاية، وغيرهم آخرين. منحت هذه الأوامر كتائب الإعدام المتنقلة مساحة شاسعة للتحرك، لا سيما أنه كان من الصعب عمليًّا أن يحدد المرء بدقة مَن اليهودي ومَن الشيوعي.

fig10
شكل ٨-٢: وحدة من كتائب الإعدام المتنقلة «أينزاتسجروبن» تقتل عددًا من اليهود في شنياتن ببولندا (صارت الآن في أوكرانيا)، ١١ مايو ١٩٤٣.2

قتلت كتائب الإعدام المتنقلة مئات الآلاف من اليهود في «معارك» محلية. وبحلول نهاية العام، مثلما توقَّع هتلر ومرءوسوه أن تتحقق نبوءة يناير عام ١٩٣٩، لم يعد السؤال عما إذا كان اليهود سيُقتلون حقًّا، وإنما بات: أين سيقتلون؟ وكيف سيقتلون؟ ومتى سيقتلون؟ في مطلع عام ١٩٤١ تقرر أن يجري تشغيل اليهود في المعسكرات حتى الموت أو قتلهم مباشرة. أسفرت هذه الأحداث إجمالًا عن هلاك نحو ستة ملايين يهودي.

في الواقع، يستحيل أن يفي كتاب خُصص لمسألة الفاشية بالحديث عن أهوال العنصرية النازية، لكن لا يسعنا إلا أن نعترف بمحدودية نطاقنا هذا، وفي الوقت نفسه نتعمق في دراستنا للعلاقة المتشابكة بين الفاشية والعنصرية.

مسألة الفاشية الإيطالية

ما ذُكر للتو يقودنا إلى مسألة الفاشية في إيطاليا؛ إذ يتردد في كثير من الأحيان أنها لم تكن عنصرية؛ فالعداء للسامية لم يكن له جذور قوية في إيطاليا، واليهود هناك شغلوا مناصب مرموقة في الحزب والنظام الفاشيين، علاوة على أن إحدى عشيقات موسوليني — مارجريتا سارفاتي — كانت يهودية، وفي مقابلة شهيرة عام ١٩٣٠ سخر موسوليني من العنصرية البيولوجية. وخلال الحرب، كانت سلطات الاحتلال الإيطالي في فرنسا وكرواتيا ترفض تسليم اليهود للألمان. ويُقال إن إيطاليا لم تطبق القوانين العنصرية الألمانية عام ١٩٣٨ إلا لأن النظام قد صار خاضعًا للنازية. وبالتالي كثيرًا ما يقال إن الفاشية الإيطالية — والإيطاليين — بريئة من ذنب المشاركة في محرقة الهولوكوست.

لكن هذا الرأي بحاجة إلى تحقيق؛ فإذا نظرنا إلى أوروبا ككل، فسنجد أن عام ١٩٣٨ شهد تفشيًا لمعاداة السامية في كل أرجاء القارة، نتيجة لحالة الذعر الناجم عن الحرب والذي تفاقم بفعل المخططات التي أعدتها ألمانيا للنمسا وتشيكوسلوفاكيا. وحدث في العديد من البلدان أن اتهم الرأي العام اليميني اليهودَ والبلاشفةَ بأنهم يثيرون الحرب. ولما كانت هذه الأوهام تظهر مرارًا في بريطانيا وفرنسا — اللتين لم تكونا خاضعتين لتأثير النازية كما الحال في إيطاليا — فإننا يمكن أن نشك في أن معاداة السامية في إيطاليا لم تكن مجرد نسخة سطحية من نظيرتها الألمانية. في الواقع، كان رصيد الفكر السياسي مشتركًا بين الدول الأوروبية في أوائل القرن العشرين. وبينما اتخذت العنصرية أشكالًا مختلفة في مختلف البلدان، كانت «متاحة» للفاشيين في كل مكان.

يُضاف إلى ذلك أنه كان من الصعب الفصل بين العنصريات التاريخية والثقافية والبيولوجية على أطياف اليمين المتطرف. وإيطاليا ليست استثناءً لهذه القاعدة؛ فقد كانت الرغبة في إقامة مجتمع وطني موحد أساسية بالنسبة للفاشية في إيطاليا، ورغم أن العنصرية البيولوجية لم يجرِ استخدامها منهجيًّا لخدمة هذا المسعى، اعتنق النظام بالفعل أسطورة تفوق وطني تقوم على صفات عليا مزعومة يتصف بها العرق الإيطالي، ويُزعم أنها ستبعث أمجاد روما القديمة. ثمة أمر آخر كاشف على نحو خاص، هو أن إيطاليا الفاشية نفذت برنامج إدماج قسري لسكان ساوث تيرول الألمان، التي ضمتها إيطاليا إليها بعد الحرب العالمية الأولى. كانت الحكومات الليبرالية في ذلك الوقت تبرر حكمها للأغلبية الألمانية في الأقاليم بأسباب اقتصادية وعسكرية، وتمنح الألمان قدرًا كبيرًا من الاستقلالية. لكن النظام الفاشي اتخذ خطًّا مختلفًا؛ فقد راح يروج حججًا أنثروبولوجية وتاريخية مشكوكًا في صحتها كتلك التي كان يروجها أنصار الوحدة مع ألمانيا، قائلًا إن سكان ساوث تيرول إيطاليون في الأساس لكنهم جرت «ألمَنتهم» في ظل حكم إمبراطورية هابسبورج. هذه الأفكار دون سند منحت الشرعية لتدابير قاسية مثل «طَلْيَنة» ألقاب العائلات، ومنع الصحف الألمانية، وفرض استخدام اللغة الإيطالية في الدوائر الحكومية، وإغلاق المدارس الألمانية الخاصة. إزاء ذلك، أحجم هتلر — الذي عادة ما كان يهبُّ للدفاع عن اضطهاد الألمان في أي مكان خارج الرايخ — عن انتقاد هذه السياسة لأنه كان يرغب في الاحتفاظ بصداقة موسوليني، بل وأدان القوميين الألمان في ساوث تيرول ووصفهم بأنهم «يهود وعناصر برجوازية». في عام ١٩٣٨ بدأ هتلر برنامجًا لإعادة توطين سكان ساوث تيرول داخل أراضي الرايخ، لكن موسوليني تشبث بخطة «الطلينة» التي وضعها وقاوم إعادة التوطين.

كان النظام أيضًا يبرر برنامجه اليوجيني لتحسين «العرق» الإيطالي بضرورة التنافس مع «العرقين البني والأصفر». استتبعت هذه السياسة تمجيد سكان الريف الأصحاء، ذوي الجذور الضاربة لقرون في التربة الإيطالية. وقد انكشفت أهمية هذا التعريف الإقصائي للسيادة القومية عام ١٩٣٨، عندما أسقطت إيطاليا الجنسيات التي كانت قد منحتها لليهود بعد عام ١٩١٩. فبحلول ذلك الوقت كانت العنصرية الفاشية قد باتت أكثر وضوحًا من خلال غزو الحبشة، الذي أعلن موسوليني خلاله أن الفتوحات الإمبراطورية مستحيلة في غياب «الإيمان بالتفوق العرقي».

العنصرية الفاشية في بقاع أخرى

إن نظرة سريعة على العنصرية الفاشية خارج ألمانيا وإيطاليا تؤكد أن التعصب القومي يمكن أن يتخذ أشكالًا مختلفة؛ ففي بولندا، حيث كانت الكنيسة الكاثوليكية بالغة القوة، كان من الصعب على الفاشيين — أو أي شخص آخر — أن يعتنقوا المذاهب العنصرية العلمية. فالعنصرية في بولندا كانت تستند أكثر إلى كراهية اليهود لأنهم قتلة المسيح وعملاء العلمانية والليبرالية والاشتراكية، وتستند أيضًا إلى الدفاع عما قيل إنها الثقافة الكاثوليكية البولندية الخالدة. والفاشية الرومانية أيضًا كانت دينية بالقدر نفسه، وكان جنود «الفيالق» في بعض الأحيان يرفضون العنصرية البيولوجية. ومع ذلك، صوَّر «الفيلق» نفسه على أنه انبثاق من فلاحي إقليم «داتشيا»، وأن جنوده هم السكان الأصليون لما كانت ستصبح عليه رومانيا قبل الفتح الروماني. كان يُعتقد أن النخبة الرومانية انحدرت من قوات الاحتلال الرومانية اللاتينية أو التركية اليونانية، وأنها أفسدت البلاد من خلال تفضيلها التأثيرين اليهودي والفرنسي. بحلول أواخر ثلاثينيات القرن العشرين باتت أشكال التعبير عن معاداة السامية «الإفنائية» شائعة جدًّا في رومانيا. كانت الجيوش الرومانية في روسيا ستمارس منتهى الوحشية في ملاحقتها اليهود.

في البلدان التي احتلها النازيون، عادة ما كان هناك فاشيون وغيرهم آخرون على استعداد لغض الطرف عن الأعمال الوحشية، أو لمساعدة النازيين في قتل اليهود، ومع ذلك، ليس مرجحًا أن أيًّا من هذه البلدان كانت ستبدأ برامج الإبادة الجماعية حسبما ترتئي، وذلك لأسباب ليس أقلها أن الفاشيين نادرًا ما حكموا البلدان المحتلة. كانت الأنظمة المحافظة الاستبدادية، بموقفها المتضارب إزاء معاداة السامية، كثيرًا ما تقوم على دعم النازيين. وسواء أكانت الديكتاتوريات المحافظة أكثر ارتباطًا بالعالمية الدينية، أو لا تزال تعتقد في الإدماج، فإنها بوجه عام لا تؤمن بالتطرف العنصري الفاشي. فقد ظل النظام المجري يرفض مطالب النازيين بترحيل سكانه اليهود إلى أن احتُلت البلاد عام ١٩٤٤. أما الحكومة الفرنسية فكانت مستعدة للتخلي عن اليهود المهاجرين أكثر من استعدادها للتخلي عن اليهود الفرنسيين.

الشعبوية القومية والعرق

ينكر الفاشيون المعاصرون عنصريتهم كجزء من حملتهم لنيل الاحترام؛ فهم يزعمون — على خطى اليمين الجديد — أن العنصريين الحقيقيين هم مهندسو العولمة والتعددية الثقافية، الذين يقوِّضون الاختلافات الوطنية. فيؤكد الحزب القومي البريطاني أنه ليس عنصريًّا لأن:

«العنصرية» هي أن «تكره» جماعة عرقية أخرى؛ ونحن لا «نكره» السود، ولا «نكره» الآسيويين، ولا نعارض أي جماعة عرقية بسبب ما خلقها الرب عليه، فهم من حقهم أن تكون لهم هويتهم الخاصة بقدر ما لنا نحن الحق في ذلك، كل ما نريد أن نفعله هو أن نحافظ على الهوية العرقية والثقافية للشعب البريطاني. إننا ننشد نفس الحقوق الإنسانية شأننا شأن كل الآخرين …

وبالمثل، أسس ديفيد ديوك — عضو سابق في «كو كلوكس كلان» — «الجمعية الوطنية من أجل النهوض بالبيض» كي يجعل القومية البيضاء أكثر قبولًا لدى الرأي العام؛ فقد أكدت الرابطة على أن «الجميع يجب أن ينالوا حقوقًا وفرصًا متساوية، بما فيهم البيض.»

ليس من الصعب فضح عنصرية افتراضات الشعبوية القومية. خذ مثلًا مذهب الحزب القومي البريطاني؛ أولًا: يعرِّف الأمة على أساس عنصري:

السكان الأصليون الذين عاشوا في هذه الجزر منذ ما قبل العصر الحجري، والأعداد القليلة نسبيًّا من الشعوب التي تكاد تكون من نفس السلالة، مثل السكسونيين والفايكينج والنورمانيين، والأيرلنديين، الذين جاءوا إلى هنا واندمجوا في الأمة.

تتأكد الأسس البيولوجية لعنصرية الحزب القومي البريطاني من خلال معارضته الزيجات المختلطة، من منطلق أن «كل الأنواع والأجناس في الحياة على هذا الكوكب جميلة ويجب المحافظة عليها.» ومن قبيل المفارقة، أن الفاشيين المعاصرين رغم سعيهم لنيل الاحترام يدينون بالكثير من فكرهم إلى أكثر أشكال العنصرية البيولوجية إقصاءً.

ثانيًا: من المفترض أن كل عرق يجب أن يكون نقيًّا، وأن واجب الدولة هو تعزيز «تفرُّد» الشعب. وينادي أنصار الشعبوية القومية بفرض قيود صارمة على الهجرة وبتشجيع إعادة المهاجرين إلى أوطانهم الأصلية طوعًا أو كرهًا. أما في سوق العمل فالأفضلية للمواطنين «الأصليين»، بينما في مجالَي التجارة والصناعة فيجب أن تُسترد ملكية المشاريع وتعود للوطن «الأم». ربما من المنتظر — كما كان النازيون يأملون في بادئ الأمر — أن تشعر الأقليات العرقية بأن الحياة بالغة الصعوبة بدرجة ستدفعها للرحيل. ومما لا شك فيه أن «الجبهة الوطنية» الفرنسية تأمل في اقتناع المهاجرين بمغادرة البلدات التي تحكمها.

ثالثًا: كثيرًا ما تربط الشعبوية القومية بين العنصرية وحملة لرفع معدل إنجاب نساء الوطن «الأم». من الواضح أن الحزب القومي البريطاني يفضِّل تقديم نفقات يوجينية تنفق على «الأصحاء في المقام الأول [حسب نص التصريح]» بدلًا من الإنفاق على إجراء عمليات مكلفة «لمرضى طاعنين في السن» يعانون من «أمراض مزمنة».

رابعًا: بالنسبة لبعض الشعبويين القوميين، حلَّت صورة الرجل المسلم محل صورة اليهودي باعتبارها تجسيدًا للشر. لذلك، في سبتمبر عام ٢٠٠١، بعد أن فجر طيارون انتحاريون إرهابيون مركز التجارة العالمي في نيويورك، بات السياسيون الغربيون (عدا بيرلسكوني) يحرصون على التمييز بين رأي الأغلبية المسلمة والأقلية من المتعصبين. لكن الحزب القومي البريطاني أكد (باللغة الليبرالية نفسها ثانية) أن ليس كل المسلمين متعصبين خطرين، «لكن» الإسلام نفسه خطر. وكما كان هتلر يعتقد أن اليهود يشنون حملة هدفها «تهويد» ألمانيا، كذلك الحزب الوطني يعتقد أن الأصوليين الإسلاميين يسعون — من خلال ارتفاع معدلات إنجابهم، وتدفق الهجرة، و«التلقين» في المدارس (أي التعليم الديني الذي يروج للتسامح إزاء التعددية الدينية) — إلى تحويل بريطانيا إلى جمهورية إسلامية. ومثلما حدث في ألمانيا ما بين الحربين العالميتين، فإن شعور العداء للإسلام ينفصل على نحو متزايد عن الوجود الفعلي للمسلمين، وما يؤكد ذلك هو ما حققه «حزب الشعب الدنماركي» الكاره للأجانب من تقدم في نتائج الانتخابات. لكن ليس كل الفاشيين الجدد يكنون هذه الكراهية للإسلام؛ فقد رحب العديد من النازيين الجدد الألمان بهجمات الأصوليين الإسلاميين في الحادي عشر من سبتمبر ضد أمريكا؛ عدوهما المشترك.

تدَّعي الشعبوية القومية أنها «مناهضة للعنصرية» على أساس أنها تفضل تساوي الحقوق الممنوحة لجميع الأجناس، ومع ذلك، تطالب بتطبيق قواعد عنصرية على الهجرة والسياسة الاجتماعية، وتفضِّل رحيل من تعتبرهم غير مرغوبين من الناحية العنصرية. لكن قد يتخذ ذلك أشكالًا مختلفة، حيث يدعو الحزب القومي البريطاني إلى عودة المهاجرين لأوطانهم طواعية (وإن كان جريفين يعترف بأنه يفضِّل رحيل كل من هم ليسوا بيضًا). أما «الجبهة الوطنية» الفرنسية فتفضل ترحيل المهاجرين قسرًا. أما هايدر فيزعم أنه «لا يحمل شيئًا ضد أولئك الذين عاشوا هنا طوال ٢٠ إلى ٣٠ عامًا وكسبوا عيشهم»، لكنه فقط يريد أن يدرأ وفودًا آخرين جددًا.

من غير الواضح كيف يمكن تنفيذ سياسات كهذه على أرض الواقع. أحد أهم المواضيع الغامضة يتعلق بالكيفية التي سيجري بها التعامل مع «المهاجرين» الذين سيحجمون عن الرحيل والعودة لأوطانهم. هل سيلقون نفس المعاملة التي يلقاها المواطنون في سوق العمل ونظام الرعاية الاجتماعية؟ يستطيع المرء أن يتوقع نشوب نزاعات بين المتشددين و«المعتدلين» داخل الأحزاب الشعبوية القومية. ولا شك في أن من يُعتبرون من عرق أجنبي سيواجهون صعوبات حياتية في حال وجود حكومة شعبوية قومية.

ولعل العبرة المستفادة من التاريخ هي أن تحقيق التجانس العرقي هدف يصعب تحقيقه على أرض الواقع، ويتطلب ممارسة قدر هائل من الإكراه وخروجًا جذريًّا على القيم الديمقراطية. حتى النتائج التي أسفرت عنها أعمال النظام النازي كانت متناقضة؛ فقد اضطر النازيون إلى حشد موارد هائلة والتنكر لكل القيم المقبولة في ذلك الحين، كي يبيدوا اليهود. ومع ذلك كله، فشلوا في جعل ألمانيا متجانسة عرقيًّا. وقبل عام ١٩٤٤ فرض احتياج آلة الحرب للأيدي العاملة استقدام سبعة ملايين من العمال والعبيد الأجانب. صحيح أن هؤلاء العمال كانوا يتعرضون لمعاملة قاسية قسوة تفوق التصور، لكن النظام لم يستطع منع نشوء أواصر المحبة بين الألمان والأجانب. وما كان جنون الارتياب لدى النظام إزاء ما سيترتب عليه الاختلاط العنصري من آثار إلا ليدفعه إلى مزيد من الغلو، لكن بلا طائل.

يبين التاريخ أيضًا أن قمع العنصرية يزداد سوءًا جرَّاء طبيعته الاعتباطية؛ فما من أحد أثبت حتى الآن أن الاختلافات الجينية الطفيفة بين أناس يعيشون في دولتين متجاورتين أو بين أناس مختلفي لون البشرة أو الشعر لها علاقة «بسيكولوجية عميقة»، فما بالك بالسلوك اليومي! ولم يبيِّن أحدهم أيضًا أن الاختلافات الثقافية بين الشعوب أكبر من الاختلافات فيما بين أفراد الشعب الواحد. إن غموض مبادئ العنصريين تسمح لهم بتكييف عنصريتهم لأي غرض يطيب لهم أن يتبنوه؛ ففي أوائل القرن العشرين كان من المعتاد الاستشهاد بالسمات الجوهرية المميِّزة للآريين واللاتينيين. لكن الآن، بات يقال إن جميع الأوروبيين متحدون في صراع ضد الإسلام. والبعض يرى أن الإنجليز والأيرلنديين مختلفون اختلافًا جوهريًّا، والبعض لا يؤيد ذلك. وغني عن القول أن هذه الخلافات ليست من نتائج البحث والتقدم العلميين؛ فالعنصرية لا تزال تشكل تحيزًا يمكن أن يظهر في ظل أي نظام.

يقول مايكل بيرلي فولفجانج ويبرمان في كتابهما «الدولة العنصرية» إن إخضاع الرايخ الثالث لجميع أشكال السياسات من أجل إقامة نظام جديد عنصري هرمي جعلت منه نظامًا استثنائيًّا. وأنا لا أرغب في إنكار تفرُّد النظام النازي — ولو أن جميع الأنظمة تعد فريدة من نوعها ويمكن بالمثل إخضاعها للتحليل المقارن — لكني أود أن أشير إلى أن إعلاء التعصب القومي، مع ما يتضمنه عادة من عنصرية قوية في داخله، يشكل سمة مشتركة بين جميع الحركات والأنظمة الفاشية.

هوامش

(1) German Propaganda Archive, Calvin College, Michigan.
(2) © AKG London.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤