ذيل أول

بحث في رواية إسلام نابوليون

كثيرًا ما أشرنا في مواقف عديدة من هذا الكتاب إلى رواية إسلام نابوليون أو رغبته في اعتناق الدين الإسلامي، أو اعتقاده الشخصي في دين محمد عليه الصلاة والسلام، ووعدنا بأن نخصص بحثًا في هذا الموضوع لما له من الأهمية العظمى من الوجهة التاريخية، ومن وجهة رأي رجل من أعظم عظماء الرجال، في الدين الإسلامي، رجل فتح مصر للعالم الأوروبي، وتولى الحكم فيها، بل وضع أسس النظامات والمباحث التي سارت في طريقها مصر، منذ ذلك العهد إلى يومنا الحاضر، وسنحاول التحقيق والتدقيق ما استطعنا، معتمدين في هذا المبحث العويص على تصريحات نابوليون وآرائه الشخصية في منفاه بسانت هيلانة، وكذلك على آراء الذين عاشروه في مصر وفي أوروبا، أو في منفاه أيضًا، فنقول:

تناقل بعض المؤرخين رواية إسلام نابوليون بونابرت في مصر، وردد هذه الرواية كثيرون ممن لا يمحصون الحقائق، بحيث صارت، بغير حذر ولا تحفظ، كأنها حقيقة تاريخية، على الرغم من أن حياة نابوليون، بعد مبارحته أرض مصر نهائيًّا، معروفة مفصلة، وتمسكه بالمسيحية، وتتويج البابا له، وزواجه من ماري لويز بجميع المظاهر والطقوس المسيحية، من الحوادث المقررة المعروفة في صحائف التاريخ، ونحن نقرر هنا قبل الدخول في الموضوع، أو إطالة البحث:
  • أولًا: أن نابوليون بونابرت لم يعتنق الدين الإسلامي مطلقًا.
  • ثانيًا: أن نابوليون ابن الثورة الفرنسية لم يكن له اعتقاد صحيح في دين من الأديان.
  • ثالثًا: أنه كان ينوي التظاهر باعتناق الدين الإسلامي إذا استحالت عليه العودة إلى فرنسا.
  • رابعًا: أنه كان يرى في سهولة الدين الإسلامي وموافقته للفطرة الإنسانية ما حببه فيه وأمال قلبه إليه.

ولدينا تصريحات نابوليون نفسه فيما أملاه على الجنرال برتران في مذكرات سانت هيلانة عن فتح مصر، وعن فكرة اعتناق الدين الإسلامي، وهي الحجة القاطعة في هذا الباب.

قال عن لسان برتران ما تعريبه:

«كان دهاة السياسيين الذين خبروا مصر ووقفوا على أحوال سكانها وطباعهم يعدون الدين أكبر عقبة تعترض توطيد أقدام الفرنسيين في مصر، وقد قال «فولتي» الرحالة في سنة ١٧٨٨: «للبقاء في مصر تجب مواجهة حروب ثلاثة أولاها ضد إنجلترا، والثانية ضد الباب العالي، والثالثة — وهي أشد صعوبة — ضد المسلمين الذين يتألف منهم شعب مصر.» وقد سببت هذه الأخيرة للفرنسيين بلاء شديدًا، وكبدتهم خسائر جسامًا، وكانت أشد العقبات التي يصعب تذليلها.

وضع الفرنسيون أيديهم على الإسكندرية والقاهرة، وانتصروا في شبراخيت وإمبابة، ومع ذلك بقي مركزهم مزعزعًا يعبث به المسلمون الذين أذهلتهم سرعة الحوادث، فخضعوا واستسلموا أمام القوة، ولكنهم لبثوا ينظرون بعين الكراهية والمقت إلى فوز «الكفار» الذين دنسوا بوجودهم مياه النيل المقدسة، وكان المسلمون يعدون من الفضيحة والعار وقوع الطريق الأول لبلد الكعبة المقدسة، بيد غير المؤمنين، وظل العلماء والأئمة يرددون الآيات التي تنص على مقاومة الكفار.

ومن المبادئ الأساسية التي سار عليها الأتراك والمماليك في سياستهم، أنهم أبعدوا المشايخ عن المناصب الإدارية والقضائية، ولذلك دهش العلماء والمشايخ الأجلاء، حينما رأوا أنفسهم في «زمن الفرنسيين» يولون القضاء والمناصب الإدارية، ويحكمون بين الناس، وعلا مقامهم في أعين الشعب ولم يمر شهر واحد من دخول الجيش الفرنسي إلى القاهرة، حتى تغير إحساس المشايخ نحو الفرنسيين، وتعلقوا تعلقًا شديدًا «بالسلطان الكبير»!! وأخلصوا له الود، وما كانت أشد دهشتهم حينما رأوا الفرنسيين الذين انتصروا في موقعة إمبابة يظهرون اهتمامًا كبيرًا بقرى هؤلاء المشايخ وأملاكهم الخاصة، ويحافظون عليها محافظة كبيرة، ولم يتمتع أولئك المشايخ من قبل بمثل الاحترام والإنصاف والرعاية التي تمتعوا بها تحت حكم الفرنسيين، بل سعى الناس إلى العلماء يطلبون حمايتهم، لا المسلمون وحدهم فحسب، بل المسيحيون أيضًا من الأقباط واليونانيين والأرمن الذين كانوا يقيمون في مصر.

وكان المسيحيون قد انتهزوا فرصة دخول الجيش الفرنسي، وأرادوا أن يطرحوا عن أعناقهم النير القديم، وأن يخرجوا عن تقاليد البلاد وعاداتها وأن يحتقروا المسلمين أو يناوئوهم، فلما بلغت هذه الأخبار آذان القائد العام عنف أولئك المسيحيين، وأغلظ لهم القول، وأكرههم على مراعاة العادات القديمة وعدم الإخلال بها،١ فقوبل عمله هذا من المسلمين بالفرح، ونال القائد العام ثقتهم التي لا حدَّ لها.

لم يحفل الجيش الفرنسي بالدين منذ الثورة، ولم يدخل رجاله الكنائس في إيطاليا، ولم يغشوا كذلك كنائس مصر، ولم تغب هذه الملاحظات عن أعين العلماء والمشايخ الذين كانوا يغارون على الدين الإسلامي، وطربوا لهذا الأمر، واعتقدوا أن الفرنسيين، إن لم يكونوا من المسلمين، فهم على الأقل ليسوا من الكافرين، وأن «السلطان الكبير» من غير شك يحميه النبي! وجعلوا يذيعون هذه الفكرة، ويعملون على ترويجها بين الشعب، ويقولون للناس: إن الفرنسيين لم يكونوا لينتصروا على المؤمنين ويقهروهم، لو لم يكن قائدهم متمتعًا بحماية النبي ورعايته، وأن جيش المماليك، وهو أقوى جيش في الشرق دون جدال، لم يستطع أن يقف أمام الجيش الفرنسي إلا لأن المماليك كانوا من الملحدين، وأن هذا الانقلاب ورد ذكره عدة مرات في القرآن.

وجعل نابوليون بعد ذلك يضرب على الوتر الحساس ويتكلم عن الوطنية العربية، قائلا: «لماذا تخضع الأمة العربية للأتراك؟ وكيف تكون مصر، جنة الله في أرضه، وبلاد العرب المقدسة، مهبط الوحي، خاضعتين لشعب يخرج من القوقاز؟ وإذا هبط الآن النبي من السماء فإلى أين يذهب؟ أيذهب إلى مكة، وهي لم تبق عاصمة المملكة الإسلامية؟ أم يذهب إلى الآستانة وهي مدينة دنسة يزيد فيها عدد الكافرين على المؤمنين؟ ولو ذهب إليها لكان في وسط أعدائه!! إنه بلا شك يفضل مياه النيل المقدسة، وينزل في الجامع الأزهر وهو أول مفتاح للكعبة المقدسة.»

وكان المشايخ الأجلاء يسمعون هذه الأقوال وعلى وجوههم علامات الفرح وأيديهم مشتبكة على صدورهم وهم يتمتمون «طيب! طيب!».

ولما فر مراد بك من أمام نابوليون إلى الصعيد قال لهم نابوليون: «إنني أريد أن أعيد مملكة العرب، ومن يمنعني من ذلك؟ لقد أهلكت المماليك وجيشهم أقوى جيش في الشرق بأسره، ومتى تفاهمنا وعرف المصريون ما أريده من الخير لهم، فإنهم سيظهرون إلى الود والإخلاص، وحينئذ أعيد إلى مصر مجد الفاطميين.» وكان هذا الحديث الذي فاه به نابوليون موضوع سمر كبار المصريين في القاهرة، وكان الذين شاهدوا منهم موقعة الأهرام يعززون ذلك القول، ويقولون للناس: إنه سهل هين على الفرنسيين.

وكان الشيخ المهدي أفصح المشايخ لسانًا، وأوسعهم معرفة، وأصغر علماء الأزهر سنًّا، وأكبرهم ثقة بنابوليون، فعرب أقواله هذه ونظمها شعرًا حفظه الناس وتغنوا به في صحاري إفريقيا وبلاد العرب!!!

وكان يرد على العلماء الذين كانوا يؤلفون الديوان الكبير، تقارير من الأقاليم تنبئ بانتشار الفوضى التي كان سببها سوء التفاهم، ولأن الناس كانوا يسمون الفرنسيين بالكافرين، وبدأ «السلطان الكبير» يشكو مر الشكوى في حديثه مع العلماء مما كان ينشره أئمة المساجد، ويذيعونه بين الناس وتحريضهم إياهم على الفتنة.

وفي ذات يوم وجد نابوليون الفرصة سانحة فقال لعشرة من كبار المشايخ الذين كان يثق بهم: «يجب وضع حد لهذه الحال، ولا بد إذن من فتوى تصدر من الجامع الأزهر تأمر الناس أن يقسموا لي يمين الطاعة.»

فاصفرت وجوه المشايخ، وتولاهم رعب شديد، وارتبكوا في أمرهم، وارتج عليهم القول، وكان الشيخ الشرقاوي شيخ الجامع الأزهر، أربطهم جأشًا فقال لنابوليون «إنك تريد حماية النبي وهو يحبك، وتريد أن يسرع المسلمون للانضواء تحت بنودك، وتريد إعادة مجد العرب، وتقول: إنك لست من الكافرين، فاسلم إذن وادخل في دين النبي، وحينئذ يهرع إليك ١٠٠ ألف من المصريين و١٠٠ ألف من العرب يأتون من مكة والمدينة، وينضم الجميع تحت لوائك ويلتفون حولك، ومتى مرنتهم على أساليبك، ودربتهم على القتال، استطعت أن تفتح بهم الشرق كله، وتنقذ وطن النبي.» فانبسطت أسارير المشايخ وركعوا جميعهم على الأرض يطلبون المعونة من السماء … ودهش نابوليون وأخذه العجب؛ لأنه كان يرى أن الإنسان يجب أن يموت على دينه، ولكنه أدرك بثاقب فكره وسرعة خاطره أنه يستطيع أن يستغل ذلك القول لفائدته، فأجاب:

إن عقبتين من أصعب العقبات تعترضاني ورجالي لنصير مسلمين، أولاهما الختان، والثانية الخمر الذي تعود جنودي منذ الصغر احتساءه، وأنا لا أستطيع أن أقنعهم بالعدول عنه.

فاقترح الشيخ المهدي أن يعرض المسألة على ستين عالمًا من علماء الأزهر للمناقشة فيها، وذاعت الإشاعة في كل الجوامع أن كبار المشايخ يعملون ليلًا ونهارًا لتعليم «السلطان الكبير» وقواده قواعد الدين الإسلامي، وأنهم يريدون إصدار فتوى يسهلون بها اعتناق الفرنسيين للدين الحنيف، فطرب المسلمون وفرحوا وأذيع أن الفرنسيين يعجبون بالنبي محمد، وأن القائد العام يحفظ القرآن، ويعتقد أنه مذكور فيه الماضي والحاضر والمستقبل، وأن الكتاب يحوي كل الحكمة، وأنه يريد اعتناق الدين الإسلامي، ولكن تحول بينه وبين بغيته مسألة الختان وشرب الخمر، وظل أئمة المساجد والمؤذنون متحمسين مدة أربعين يومًا لهذا الخبر، وأفادت هذه الحادثة الفرنسيين فائدة كبيرة؛ إذ لم يعد المصريون يعدونهم من الكافرين.

وذاعت أشاعات كثيرة بين الشعب، فمن قائل: إن النبي محمد ظهر «للسلطان الكبير» وقال له: «إن المماليك لم يحكموا إلا طبق أهوائهم، ولذلك أعنتك عليهم وأنت تحفظ القرآن وتحبه، وقد أعدت السلطة للعلماء والمشايخ، ولكن يجب عليك أن تتم ما بدأت به فاعتنق مبادئ شريعتي واعمل بها، إنها مبادئ الله نفسه، إن العرب لا ينتظرون غير هذه الإشارة وسأعهد إليك بفتح آسيا كلها.»

وقد اغتنم نابوليون فرصة رواج هذه الإشاعات، ورد على العلماء قائلًا: إنه طلب من النبي أن يمهله سنة لتهيئة جيشه، وإعداده للدخول في دين الإسلام، فأجابه النبي إلى ما طلب، وأنه وعد ببناء جامع كبير، وأنه سينجح في حمل جيشه كله على اعتناق الدين الإسلامي، وأنه منذ الآن يعده الشيخان السادات والبكري كذلك.» ا.ﻫ.

•••

هذا ما أملاه نابوليون بونابرت بنفسه على الجنرال برتران لينشره في كتابه الذي سبقت إليه الإشارة في هذا الكتاب، وفي هذه الأقوال يصف نابوليون نفسه «بالسلطان الكبير» حين كان بمصر، مع أن هذا اللقب كان كبيرًا عليه أيام وجوده في هذه الديار، حتى إننا شككنا في أنه خوطب في مصر بهذا اللقب الذي لم يذكره الجبرتي، ولا المعلم نقولا الترك وهما معاصران، والأخير منهما سوري مسيحي ممن مالئوا الفرنسيين في ذلك الزمن، وله في مدح نابوليون قصيدة كلها مبالغة وإغراق وفيها يقول:

الشهم بونابرته
ليث الوغى والاقتدار
من فاق قدرًا وارتقى
أوج العلام وسما الفخار

إلى غير ذلك من مبالغات الشعراء، ومع ذلك لم يذكر ذلك اللقب! والخلاصة هي أن هذه التصريحات الصريحة من نابوليون بونابرته، وهو في منفاه في سانت هيلانة وعلى حافة القبر، بعيدًا عن مظاهر السياسة ومطالبها وأكاذيبها، دليل قاطع على أن نابوليون لم يعتنق الإسلام، وإنما كان يفكر فيما يفعله لو قضت عليه الظروف بالبقاء في مصر مقطوع الصلة بفرنسا، وهو ما كان يريد طبعًا إلا أن يتخذ من اعتناق الدين الإسلامي هو وجيشه في مصر، وسيلة للتغرير بالمصريين والمسلمين في الشرق.

فإذا ضممنا إلى هذه التصريحات الغريبة، ما ورد في بعض منشورات نابوليون في القاهرة عن معتقداته الدينية، وإشاراته العديدة إلى الدين الإسلامي، تحقق لدينا أن نابوليون، ابن الثورة الفرنسية، لم يصح له اعتقاد في دين من الأديان.

فقد ورد في منشور المشايخ الذي صدر بعد عودة نابوليون من حملته على سوريا قول المشايخ:
ولما حضر ساري عسكر إلى مصر٢ أخبر أهل الديوان من خاص وعام، أنه يحب دين الإسلام، ويعظم النبي عليه السلام، ويحترم القرآن، ويقرأ فيه كل يوم بإتقان … وعرفنا أن مراده يبني لنا مسجدًا عظيمًا بمصر لا نظير له في الأقطار، وأنه يدخل في دين النبي المختار، عليه أفضل الصلاة وأتم السلام.

وهذا القول ينطبق تمام الانطباق على ما رواه نابوليون، فيما نقلناه آنفًا، عن نفسه في سانت هيلانة، بعد تاريخ هذا المنشور بواحد وعشرين عامًا!

أما اعتقاد نابوليون في الأديان وخاصة في الدين الإسلامي، فأمر يرجع فيه إلى تصريحات نابوليون وآرائه الخاصة التي نطق بها في أوقات مختلفة من حياته، وخصوصًا في الجزء الأخير منها؛ أي: في السنوات الست التي قضاها في جزيرة سانت هيلانة منفيًّا، وحين كان يعتقد بقرب انفراط عقد الحياة ودنوه من حافة القبر، وقد لخص اللورد روزبري معتقدات نابوليون الدينية، من أحاديثه المختلفة مع لاس كاس، وانتوماراشي وجوجو وغيرهم٣ فقال ما تعريبه:

«ولقد كان من أهم النقط التي تدور حولها أحاديث نابوليون في منفاه مسألة الدين، وكان الإنجيل من الكتب التي كان نابوليون يحب تلاوتها بصوت عالٍ …

وليس من الغريب أن تتجه أفكار نابوليون في تلك الساعات المظلمة إلى مسائل الاعتقادات الدينية … ويؤكد «برتران» بلهجة صارمة أنه لم يحدث قط أن سمع نابوليون — سواء أكان ذلك في فرنسا أم في جزيرة ألبا، أم في جزيرة سانت هيلانة، — ينكر وجود الخالق، أو يشك في «ألوهية» المسيح، وكان نابوليون على الدوام يمنع المناقشات التي تدول حول موضوع معتقده الديني، ويقول: إنه يؤمن بما يؤمن به قسيس كنيسته!

ولكن العالم لا يقتنع بهذه المواربة، ويحب أن يقف على حقيقة اعتقاد نابوليون ورأيه في الدين، ولا نظن أن «جورجو» اخترع من عنده جميع ما كتبه في مذكراته عن أحاديث نابوليون وآرائه الدينية في سانت هيلانة.»

ثم انتقل اللود روزبري إلى بيان موجز عن اعتقاد نابوليون فذكر فيما ذكر أنه كان يميل إلى الدين الإسلامي، ويعترف أن علماء الأزهر في مصر زعزعوا أفكاره بآرائهم وحججهم، وأقنوعه بأن من يعبد ثلاثة آلهة لا يكون إلا وثنيًّا … ومن معتقدات نابوليون في المسيح أنه لم يوجد، وغاية ما في الأمر أن واحدًا من الناس الكثيرين الذين يتحمسون ادعى أنه نبي أو مسيح — وفي كل زمان كثيرون من هذا الطرارز — وأنه قتل أو صلب لذلك السبب، وكان يعتقد نابوليون في موسى كزعيم شعب وقائد، ولكن اليهود كانوا قساة وجبناء، وبلغ اعتقاد نابوليون في المسيح إلى درجة أنه كان يقول: إنه لا يستطيع أن يتصور أو يصدق أن رجلًا ذكيًّا مثل البابا ليوس السابع يعتقد حقيقة في المسيح! وأما الدين الإسلامي فإنه بعكس ذلك سهل، وأرقى من المسيحية؛ لأنه افتتح نصف العالم في عشر سنوات، في حين أن المسيحية لم توطد قدمها قبل ثلاثمائة عام، وصرح نابوليون في وقت آخر بأن الدين الإسلامي أحلى وأظرف الديانات الموجودة، وقال عن نفسه مرة: «نحن المسلمون»!

•••

ويرى القارئ من هذه المعلومات المستقاة من مصادرها الأصلية ما يُؤيد بجلاء آراءنا التي أثبتناها في صدر هذا البحث، وأن ما ادعاه بعضهم، من أن نابوليون أسلم، لا حقيقة له على الإطلاق، وأن الرجل لم يكن إلا من أصحاب الآراء الحرة، المتشككين في جميع الأديان.

هوامش

(١) قارن هذا التصريح بما شرحناه عن المسلمين والأقباط في عهد بونابرت.
(٢) لقب ساري عسكر وأمير الجيوش هو غاية اللقب الذي سمح به المشايخ لنابوليون، وليس «السلطان الكبير».
(٣) Las Cases, Antomaraehi, Gourgaud.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤