الفصل الثالث

(غرفة الجلوس في منزل سيريبرياكوف. ثلاثة أبواب: إلى اليمين وإلى اليسار وفي الوسط. الوقت نهار. فوينيتسكي وسونيا جالسان، ويلينا أندرييفنا تذرع الخشبة وهي تفكر في شيء ما.)

فوينيتسكي : تفضَّل الهر بروفيسور بإبداء رغبته في أن نجتمع كلنا اليوم في هذه الغرفة في الساعة الواحدة. (يتطلَّع إلى الساعة) الواحدة إلا ربعًا. يريد أن يطلع العالم على شيء ما.
يلينا أندرييفنا : في الغالب يريدكم لعمل ما.
فوينيتسكي : ليس لديَّ أيُّ أعمال. يكتب هراء، يتأفف ويغار ولا شيء أكثر.
سونيا (بنبرة لوم) : يا خالي!
فوينيتسكي : حسنًا، آسف، آسف. (يشير إلى يلينا أندرييفنا) تفضَّلوا، انظروا إليها، تترنَّح من الكسل. جميل جدًّا! جدًّا!
يلينا أندرييفنا : طول النهار تطنُّ وتطنُّ، ألَا تملُّ ذلك! (بأسًى) أكاد أموت من الملل، ولا أعرف ماذا عليَّ أن أفعل.
سونيا (تهزُّ كتفَيها) : وهل الأعمال قليلة؟ لو فقط تشائين.
يلينا أندرييفنا : مثلًا؟
سونيا : زاولي الشئون المنزلية … علِّمي، عالجي. الأعمال كثيرة. قبل أن تأتيَ مع بابا إلى هنا كنَّا أنا وخالي فانيا نذهب إلى السوق ونبيع الطحين.
يلينا أندرييفنا : لا أُجيد ذلك. ثم إنه غير شيِّق … في الروايات المثالية فقط يُعلمون الفلاحين ويعالجونهم، فكيف أذهب أنا فجأة، هكذا دون مقدِّمات، وآخذ في تعليمهم ومعالجتهم؟
سونيا : أما أنا فلا أفهم كيف لا نذهب إليهم ولا نُعلمهم. مهلًا، أنتِ أيضًا ستتعودين. (تُعانقها) لا تضجري يا حبيبتي. (تضحك) أنتِ تضجرين ولا تعرفين ماذا تفعلين، بينما الضجر والفراغ مُعديان. انظري، ها هو خالي فانيا لا يفعل شيئًا، اللهم إلا أن يسير خلفك كظلِّك، وأنا تركت أعمالي وهرعتُ إليكِ لأتحدَّث معكِ. أوَّه، كم أصبحت كسولة! في السابق كان الدكتور ميخائيل لفوفتش لا يزورنا إلا نادرًا جدًّا، مرَّة في الشهر، وكان من الصعب استمالته، أما الآن فيأتي كل يوم، وأهمل غاباتِه وطبَّه. يبدو أنكِ ساحرة.
فوينيتسكي : لماذا الضنى؟ (بحيوية) هيَّا أيتها الغالية، أيتها النفيسة، كوني عاقلة! في عروقكِ تجري دماء جنية البحر، فلتكوني جنيةَ بحر! أطلقي لحريَّتِك العنان ولو مرَّة في العمر، اغرقي في حب أحد ساكني مملكة البحر بسرعة، واقفزي في الغدير وغوصي قبل أن يتمكَّن الهر بروفيسور ومعه نحن كلنا من إبداء دهشتنا!
يلينا أندرييفنا (بغضب) : دَعْني وشأني … يا للقسوة! (تهمُّ بالذهاب.)
فوينيتسكي (يعترض سبيلها) : طيب، طيب، يا حياتي، سامحيني … أعتذر. (يقبِّل يدها) سماح.
يلينا أندرييفنا : حتى الملائكة ينفد صبرُها، صدقني.
فوينيتسكي : رمزًا للسلام والوفاق سآتيك الآن بباقة ورد. منذ الصباح أعددتها لكِ … ورود الخريف ساحرة … ورود حزينة.

(ينصرف.)

سونيا : ورود الخريف ساحرة … ورود حزينة …

(كلتاهما تتطلعان من النافذة.)

يلينا أندرييفنا : ها هو سبتمبر قد جاء … يا ترى … كيف سنُمضي الشتاء هنا!

(صمت.)

أين الدكتور؟
سونيا : في غرفة خالي فانيا. يكتب شيئًا ما. أنا سعيدة أنَّ خالي فانيا ذهب، أريد أن أتحدَّث معكِ.
يلينا أندرييفنا : عمَّ؟
سونيا : عمَّ؟! (تضع رأسها على صدرها.)
يلينا أندرييفنا : حسنًا كفى، كفى … (تُمسِّد شعرها) كفى.
سونيا : أنا قبيحة.
يلينا أندرييفنا : لديكِ شعر رائع.
سونيا : كلَّا! (تُدير رأسها لتتطلع إلى نفسها في المرآة) كلَّا! عندما تكون المرأة قبيحة يقولون لها: «لديكِ عينان رائعتان، لديكِ شعر رائع.» أنا أحبه منذ ست سنوات، أحبه أكثر من حبي لأمي. في كل لحظة أسمعه، أحسُّ بمصافحة يده، وأنظر إلى الباب منتظرة، ويخيِّل إليَّ أنه سيدخل الآن. وها أنا ذا، كما ترَين، آتي إليكِ دائمًا لأتحدَّث عنه. إنه الآن يزورنا كل يوم، لكنه لا ينظر إليَّ، لا يراني … يا لَه من عذاب! ليس لديَّ أيُّ أمل، أبدًا، أبدًا! (في يأس) يا إلهي … هَبْني القوة … ظللت أصلِّي طوال الليل … كثيرًا ما أقترب منه، وأبدأ في الحديث معه، وأحدِّق في عينيه … أصبحت أدوس على كرامتي، ولا حول بي للسيطرة على نفسي … بالأمس لم أُسيطر على نفسي واعترفت لخالي فانيا بحبِّي … الخدم كلهم يعرفون أنني أُحبُّه. الجميع يعرفون.
يلينا أندرييفنا : وهو؟
سونيا : كلَّا، إنه لا يحس بوجودي.
يلينا أندرييفنا (بتفكير) : إنه شخص غريب … اسمعي. دعيني أتحدَّث معه … بحذر، تلميحًا …

(صمت.)

بالفعل، إلى متى تظلِّين في المجهول … اسمحي لي!

(سونيا تهزُّ رأسها موافقة.)

رائع! ليس من الصعب معرفة إن كان يحب أم لا. لا تخجلي يا صغيرتي، اطمئني، سأسأله بحذر، ولن يلحظ. كل ما نريد أن نعرفه نعم أم لا!

(صمت.)

فإذا كان لا، فلا داعي لمجيئه إلى هنا، هكذا؟

(سونيا تهزُّ رأسها موافقة.)

من الأسهل التحمل عندما لا ترينه. لن نؤجل الأمر طويلًا، سنسأله حالًا. لقد كان ينوي أن يُطلعَني على بعض الرسومات الهندسية … اذهبي وخبِّريه بأنني أريد أن أراه.
سونيا (في انفعال شديد) : ستُخبرينني بالحقيقة؟
يلينا أندرييفنا : نعم، بالطبع … أعتقد أنَّ الحقيقة، مهما كانت، ليست مع ذلك فظيعة كالمجهول. اعتمدي عليَّ يا صغيرتي.
سونيا : نعم، نعم … سأقول له إنك تريدين رؤية الرسوم. (تذهب ثم تتوقف عن الباب) كلَّا، المجهول أفضل … فيه أمل على الأقل.
يلينا أندرييفنا : ماذا بكِ؟
سونيا : لا شيء. (تنصرف.)
يلينا أندرييفنا (وحدها) : ليس هناك ما هو أسوأ من أن تعرف سرَّ الآخرين دون أن تستطيع مساعدتهم. (متفكرة) إنه لا يحبُّها، هذا واضح، ولكن لماذا لا يتزوجها؟ إنها ليست جميلة، ولكن لطبيب ريفي، وفي مثل سنِّه، قد تكون زوجةً رائعة. ذكية، طيِّبة، نقية … كلَّا، ليس الأمر كذلك، ليس كذلك.

(صمت.)

إنني أفهم هذه البنيَّة المسكينة … فوسط هذا الضجر الفظيع، عندما تهوِّم بدلًا من الناس بُقع ما رمادية، ولا يسمع غير العبارات المبتذلة، ولا يعرف الناس شيئًا سوى أن يأكلوا، ويشربوا، ويناموا، يأتي هو أحيانًا، لا يُشبه الآخرين في شيء، جميلًا، شيقًا، جذابًا، فكأنما أشرق البدر الساطع وسط الظلام … من هنا الرغبة في الانجذاب إلى شخص كهذا، ونسيان كل شيء … يبدو أنني أنا أيضًا أُغرمت به قليلًا. نعم إنني أشعر بالضجر بدونه، وها أنا ذا أبتسم عندما أفكر فيه … هذا الخال فانيا يدَّعي أن في عروقي تجري دماء جنية البحر … «أطلقي لحريتك العنان ولو مرَّة في العمر» … وماذا؟ ربما كان ذلك هو المطلوب … أنا أطير كطائر طليق بعيدًا عنكم جميعًا، بعيدًا عن سحناتكم النعسانة، عن أحاديثكم، أن أنسى أنكم موجودون في الدنيا … لكني جبانة، خجول … سيعذبني ضميري … ها هو يأتي إلى هنا كل يوم، وأنا أخمِّن لماذا يأتي، فأصبحت أشعر بالذنب، ومستعدَّة أن أركع أمام سونيا، وأسألها الصفح، وأبكي.
أستروف (يدخل ومعه رسومات) : نهاركِ سعيد! (يصافحها) هل أردتِ أن تشاهدي تصاويري؟
يلينا أندرييفنا : بالأمس وعدتني أن تُطلعني على أعمالك … هل لديك وقت؟
أستروف : أوَّه، بالطبع. (يفرش الخريطة على طاولة لعب الورق ويُثبتها بالدبابيس) أين ولدت؟
يلينا أندرييفنا (وهي تُساعده) : في بطرسبرج.
أستروف : وأين تعلمتِ؟
يلينا أندرييفنا : في الكونسرفتوار.
أستروف : في الغالب لن يكون هذا ممتعًا لكِ.
يلينا أندرييفنا : ولِم لا؟ صحيح أنا لا أعرف الريف، ولكني قرأت عنه الكثير.
أستروف : في هذا المنزل توجد طاولة لي … في غرفة إيفان بتروفتش. عندما يهدُّني التعب تمامًا، إلى درجة التبلد الكامل، أهجر كلَّ شيء وأركض إلى هنا، وأتسلَّى بهذه اللعبة بضع ساعات … إيفان بتروفتش وصوفيا ألكسندروفنا يُدحرجان بكرات العداد الخشبي، وأجلس أنا بجوارهما خلف طاولتي وألون … فأشعر بالدفء، والسكينة، وصرَّار الليل يئزُّ. ولكني لا أسمح لنفسي بهذه المتعة كثيرًا، مرَّة في الشهر … (يشير إلى الخريطة) والآن فلتنظري هنا. هذه صورة إقليمنا كما كان منذ ٥٠ عامًا. اللون الأخضر القاتم والفاتح يعني الغابات. نصف المساحة الكلية مغطاة بالغابات. والمربعات الحمراء الصغيرة داخل اللون الأخضر تُشير إلى أماكن تواجد الوعول والماعز … إنني أبين هنا العالم النباتي والحيواني. وفي هذه البحيرة كان يعيش البجع والإوز والبط، وكما يقول العجائز، كان الطير هنا لا أول له ولا آخر، كان يطير كالغمام. وكما ترَين، بالإضافة إلى القرى والضياع تتناثر هنا وهناك الدور والبيوت المنفردة وصوامع طائفة المنشقِّين، وطواحين الماء … كانت الماشية والخيول كثيرة. يبدو ذلك من اللون الأزرق. مثلًا، في هذه المحافظة ترَين اللون الأزرق سميكًا؛ إذ كانت هنا قطعان كبيرة من الخيول، وكان متوسط عدد الخيول في كل منزل ثلاثة.

(صمت.)

فلننظر الآن أسفل قليلًا. هذا ما كان منذ ٢٥ عامًا. لم تَعُد الغابات تُغطي سوى ثلث المساحة. الماعز اختفى ولكن الوعول ما زالت موجودة. اللون الأخضر والأزرق أصبحَا خفيفَين، وهلمَّ جرًّا … فلننتقل إلى القسم الثالث صورة الإقليم الراهنة. اللون الأخضر متناثر هنا وهناك على شكل بُقع، وليس متصلًا. اختفَت الوعول والبجع ودجاج الغابة … ولم يبقَ أثرٌ للدور والبيوت المتناثرة وصوامع المنشقين، وطواحين الماء. باختصار، ترَين صورة للانحلال التدريجي المؤكد، الذي لم يبقَ أمامه في الغالب سوى ١٠–١٥ سنة ليُصبح تامًّا. ستقولين إنَّ ذلك من تأثير الحضارة، وإنَّ الحياة القديمة من الطبيعي أن تتخلَّى عن مكانها للجديدة. نعم، إنني أُدرك أنه لو مدَّت في مكان هذه الغابات المبادة طرق السيارات والسكك الحديدية، ولو قامت هنا المصانع والفبارك والمدارس، لأصبح الشعبُ أصحَّ وأغنى وأذكى، ولكنَّ شيئًا من ذلك لم يحدث! في الإقليم نفس المستنقعات القديمة، والبعوض، انعدام الطرق، والفقر، والتيفوس والدفتيريا، والحرائق … إننا أمام انحلال نتيجة الصراع القاسي من أجل الوجود، انحلال بسبب التخلف والجهل، بسبب الغياب التام للوعي الذاتي، عندما ينقضُّ الإنسان المقرور، الجائع، المريض، في محاولة منه لإنقاذ بقية حياته، ولحماية أبنائه، بصورة غريزية، لا واعية على كل ما يمكن أن يسدَّ رمقه ويُدفئ بدنه، فيقضي على كل شيء دون أن يفكِّر في الغد … لقد قضى على كل شيء تقريبًا، ولكن لم يخلق أي شيء بديل. (ببرود) أرى في وجهكِ أنَّ هذا لا يُثير اهتمامكِ.
يلينا أندرييفنا : ولكنِّي لا أفهم في هذا كثيرًا.
أستروف : ليس هنا ما يستعصي على الفهم، أنتِ ببساطة لا تهتمِّين.
يلينا أندرييفنا : بصراحة فكري مشغول بشيء آخر. اعذرني. أريد أن أُجريَ معك استجوابًا صغيرًا، ولكني محرجة، ولا أعرف كيف أبدأ.
أستروف : استجواب؟
يلينا أندرييفنا : نعم، استجواب، ولكن … بريء جدًّا. لنجلس!

(يجلسان.)

المسألة تتعلق بإحدى الآنسات. سنتحدث كأناس شرفاء، كأصدقاء، دون لفٍّ ودوران … سنتحدث ثم ننسى الأمر. حسنًا؟
أستروف : حسنًا.
يلينا أندرييفنا : المسألة تتعلق بابنة زوجي، سونيا. هل تُعجبك؟
أستروف : نعم، إنني أحترمها.
يلينا أندرييفنا : هل تُعجبك كامرأة؟
أستروف (بعد برهة) : كلَّا.
يلينا أندرييفنا : بضع كلمات أخرى وننتهي. ألم تلاحظ شيئًا؟
أستروف : كلَّا.
يلينا أندرييفنا (تُمسك يده) : أنت لا تحبُّها، أرى ذلك في عينَيك … إنها تعاني … فلتفهم هذا و… كُفَّ عن المجيء إلى هنا.
أستروف (ناهضًا) : زماني قد ولَّى … كما أني مشغول … (يهزُّ كتفَيه) لا وقتَ لديَّ. (يبدو عليه الارتباك.)
يلينا أندرييفنا : أف، يا لَه من حديث كريه! أشعر بالاضطراب، وكأني حملت على ظهري ألف بود. الحمد لله انتهينا. فلننسَ ذلك كأنما لم يكن و… وارحل عن هنا. أنت رجل ذكي، تفهم.

(صمت.)

وجهي قد احمرَّ تمامًا.
أستروف : لو قلتِ لي قبل شهر أو شهرين لربما فكرت قليلًا، أما الآن … (يهزُّ كتفَيه) وإذا كانت تُعاني فبالطبع … الشيء الوحيد الذي لا أفهمه هو: ما حاجتكِ إلى هذا الاستجواب؟ (يُحدِّق في عينَيها ويُهددها بإصبعه) أنتِ ماكرة!
يلينا أندرييفنا : ما معنى هذا؟
أستروف (ضاحكًا) : ماكرة! … لنفرض أن سونيا تُعاني، مستعد لتصديقكِ عن طيب خاطر، ولكن ما معنى استجوابكِ هذا؟ (يحول بينها وبين الكلام، يقول بحماس) أرجوكِ، لا ترسمي الدهشة على وجهكِ، فأنتِ تعرفين جيدًا لماذا آتي إلى هنا كل يوم … أنتِ تعرفين حقَّ المعرفة ولأجل مَن آتي إلى هنا … أيتها المتوحشة اللطيفة، لا تنظري إليَّ هكذا، فأنا غراب عجوز.
يلينا أندرييفنا (باستغراب) : متوحشة؟ لا أفهم شيئًا.
أستروف : نمسة جميلة ناعمة … أنتِ بحاجة إلى ضحايا! ها أنا ذا طوال شهر كامل لا أعمل شيئًا، هجرت كل شيء، وأبحث عنكِ بنهمٍ … وهذا يُعجبكِ جدًّا، جدًّا … فماذا بعد؟ إنني مهزوم، وكنتِ تعرفين ذلك حتى قبل الاستجواب. (يعقد ذراعَيه على صدره ويُنكس رأسه) سمعًا وطاعة … خذي، كليني!
يلينا أندرييفنا : لقد جننت!
أستروف (يضحك من بين أسنانه) : أنتِ خجول …
يلينا أندرييفنا : أوه … أنا أفضل وأسمَى مما تظن! أُقسم لك! (تهمُّ بالانصراف.)
أستروف (يعترض سبيلها) : سأرحل اليوم، ولن آتيَ إلى هنا، ولكن … (يُمسك يدَها ويتلفت حوله) أين سنلتقي؟ قولي بسرعة: أين قد يدخل أحدهم إلى هنا، قولي بسرعة … (بشهوة) كم أنت رائعة! فاخرة … قبلة واحدة … أُقبِّل فقط شعركِ العطر.
يلينا أندرييفنا : أقسم لك.
أستروف (يعوقها عن الكلام) : لماذا القسم؟ لا داعي للقسم. لا داعي لمزيد من الكلمات … أوَّه، يا لكِ من جميلة! يا لهما من يدَين! (يُقبِّل يدَيها.)
يلينا أندرييفنا : كفاك هذا … اخرج (تسحب يدَيها) لقد تماديت.
أستروف : قولي، قولي إذن، متى سنلتقي غدًا؟ (يطوِّق خصرها) هذا محتم كما ترَين، لا بد أن نلتقيَ. (يُقبِّلها. في هذه الأثناء يدخل فوينيتسكي بباقة ورود فيقف عند الباب.)
يلينا أندرييفنا (لا ترى فوينيتسكي) : ارحمني … دَعْني … (تضع رأسها على صدر أستروف) كلَّا! (تهمُّ بالانصراف.)
أستروف (يتشبَّث بخصرها) : تعالَي غدًا إلى الغابة … في حوالي الثانية … حسنًا؟ ستأتين؟
يلينا أندرييفنا (ترى فوينيتسكي) : دَعْني! (تبتعد نحو النافذة في حرج شديد) هذا فظيع.
فوينيتسكي (يضع الباقة على الكرسي. ينتابه الانفعال فيمسح وجهه وخلف الياقة بالمنديل) : لا بأس … نعم … لا بأس.
أستروف (باستفزاز) : الطقس اليوم لا بأس به يا إيفان بتروفتش المبجل. في الصباح كان الجو غائمًا، كأنما على وشَك أن يُمطر، أمَّا الآن فالشمس ساطعة. وإذا شئت الصراحة فهذا الخريف رائع … والمحصول لا بأس به. (يطوي الخريطة على شكل أسطوانة) لا عيب سوى شيء واحد. الأيام أصبحت قصيرة (ينصرف).
يلينا أندرييفنا (تقترب من فوينيتسكي بسرعة) : فلتحاول، فلتستخدم كل نفوذك لكي أرحل مع زوجي من هنا اليوم بلا إبطاء! أتسمع؟ … اليوم بلا إبطاء!
فوينيتسكي (يمسح وجهه) : هه؟ آه، نعم … حسنًا … لقد رأيت يا Hélène ! كل شيء … كل شيء.
يلينا أندرييفنا (بعصبية) : أتسمع؟ … ينبغي أن أرحل من هنا اليوم بلا إبطاء!

(يدخل سيريبرياكوف، وسونيا، وتيليجين، ومارينا.)

تيليجين : أنا نفسي يا صاحب المعالي لستُ على ما يرام … لليوم الثاني أشعر بالمرض … رأسي مصدع.
سيريبرياكوف : أين الآخرون؟ … لا أحب هذا البيت … مثل قصر التيه. ست وعشرون غرفة ضخمة، يتناثرون فيها فلا تستطيع أن تجد منهم أحدًا. (يدق الجرس) ادعوا إلى هنا مارينا فاسيليفنا، ويلينا أندرييفنا!
يلينا أندرييفنا : أنا هنا.
سيريبرياكوف : أرجو أن تجلسوا يا سادة.
سونيا (تقترب من يلينا أندرييفنا، تسأل بلهفة) : ماذا قال؟
يلينا أندرييفنا : فيما بعد.
سونيا : أنتِ ترتعشين؟ … أنتِ منفعلة؟ (تحدِّق في وجهها بتمعن) مفهوم … قال إنه لن يأتيَ إلى هنا بعد … نعم؟

(صمت.)

قولي نعم؟

(يلينا أندرييفنا تهزُّ رأسها بالإيجاب.)

سيريبرياكوف (لتيليجين) : يمكن للإنسان أن يتغاضى عن المرض، لا بأس، لكن ما لا أقدر على هضمه فهو نظام الحياة الريفية. عندي إحساس بأنني هويت من الأرض على سطح كوكب آخر. اجلسوا يا سادة، أرجوكم. سونيا!

(سونيا لا تسمعه، تقف وقد نكَّست رأسها بحزن.)

سونيا!

(صمت.)

لا تسمع. (لمارينا) وأنتِ أيضًا اجلسي يا دادة.

(المربِّية تجلس وتحوك جوربًا.)

أرجوكم يا سادة. علِّقوا، كما يقال، آذانكم على مسمار الانتباه. (يضحك.)
فوينيتسكي (بانفعال) : ربَّما لا حاجة إليَّ؟ يمكنني أن أذهب؟
سيريبرياكوف : كلَّا، نحن بحاجة إليك أكثر من الجميع.
فوينيتسكي : وما الذي تريدونه مني؟
سيريبرياكوف : لماذا تبدو غاضبًا هكذا؟

(صمت.)

إذا كنتُ مخطئًا في حقك أرجوك المعذرة.
فوينيتسكي : دعك من هذه اللهجة. فلندخل إلى الموضوع … ما الذي تريده؟

(تدخل مارينا فاسيليفنا.)

سيريبرياكوف : ها قد جاءت maman. إنني أبدأ يا سادة.

(صمت.)

لقد دعوتكم أيُّها السادة لكي أُبلغَكم بأن مفتشًا سيأتي إلينا.١ لكن دعونا من المزاح. القضية جدية. لقد جمعتكم يا سادة لكي أطلب منكم العون والمشورة، ولما كنت على علم بكرمكم الدائم فإنني أطمع في الحصول عليهما … أنا رجل عالم، أعيش مع الكتب وكنت دائمًا بعيدًا عن الحياة العملية. ولا أستطيع أن أتصرف بدون تعليمات من الخبراء بالأمور؛ ولذا أرجوك يا إيفان بتروفتش، وأنتِ يا إيليا إيليتش، وأنتِ يا maman … فالمسألة أن manet omnesuna nox،٢ أي أن أعمارنا جميعًا بيد الله. فأنا عجوز، مريض؛ ولذلك أجد أنه قد حان الوقت لكي أنظِّم شئون الملكية الخاصة بي لأنها تتعلق بأسرتي … أنا حياتي انتهت، ولا أفكر في نفسي، ولكن عندي زوجة شابة وابنة آنسة.

(صمت.)

يستحيل عليَّ مواصلة الحياة في الريف. نحن لسنا مخلوقين للعيش في الريف. أما الحياة في المدينة على الموارد التي نحصل عليها من هذه الضيعة فمستحيلة. فإذا بِعْنا الغابة مثلًا، فسيكون ذلك إجراءً استثنائيًّا، لا يمكن اللجوء إليه كل عام … لا بدَّ من البحث عن إجراءات تكفل لنا دخلًا دائمًا، محدَّدًا بهذه الدرجة أو تلك … وقد توصَّلت إلى إجراء كهذا وأتشرَّف بعرضه عليكم لمناقشته. سأشرحه لكم في الخطوط العامة، دون الخوض في التفاصيل. ضيعتُنا لا تُعطينا في المتوسط أكثر من نسبة ٢٪. أقترح بيعها. فإذا حوَّلنا النقود المتحصل عليها من البيع إلى أسهم، فسنحصل على فائدة بنسبة من أربعة إلى خمسة في المائة، بل وأعتقد أنه سيتبقَّى مبلغ إضافي يبلغ بضعة آلاف، يُتيح لنا أن نشتريَ بيتًا صيفيًّا في فنلندة.
فوينيتسكي : مهلًا … أظن أن سمعي خدعني … أَعِد ما قلته.
سيريبرياكوف : تحول النقود إلى أسهم، وبما يتبقى من المبلغ نشتري بيتًا صيفيًّا في فنلندة.
فوينيتسكي : ليس فنلندة … لقد قلت أيضًا شيئًا آخر …
سيريبرياكوف : إنني أقترح بيعَ الضَّيعة.
فوينيتسكي : بالضبط هو هذا تبيع الضَّيعة، ممتاز، فكرة عظيمة … وإلى أين تأمر بإرسالي أنا وأمي العجوز وسونيا؟
سيريبرياكوف : سنناقش كلَّ هذا في وقته. ليس كل شيء مرة واحدة.
فوينيتسكي : مهلًا … يبدو أنني حتى الآن لم أتمتَّع بأي تفكير راجح. حتى الآن كنت أظن بغبائي أن هذه الضيعة ملك لسونيا … اشترى المرحوم أبي هذه الضيعة لتكون بائنةً لأختي. الآن كنت ساذجًا، كنت أفهم القوانين ليس على الطريقة التركية، فظننت أن الضيعة انتقلت من أختي إلى سونيا.
سيريبرياكوف : نعم الضيعة ملك لسونيا. مَن يُنكر؟ ولن أُقدِم على بيعها بدون موافقة سونيا. وعلاوة على ذلك فأنا أتقدَّم بهذا الاقتراح من أجل مصلحة سونيا.
فوينيتسكي : هذا غير معقول، غير معقول، إما أنني جننت، وإما … وإما …
ماريا فاسيليفنا : لا تعارض ألكسندر يا جان. ثِق أنه يعرف أفضل منَّا ما هو الطيب وما هو السيِّئ.
فوينيتسكي : كلَّا … أعطوني ماء. (يشرب ماء) قولوا ما تشاءون، ما تشاءون!
سيريبرياكوف : لا أدري ما يُزعجك. أنا لا أدَّعي أن مشروعي مثالي. إذا اعتبره الجميع غير ملائم فلن أُصرَّ عليه.

(صمت.)

تيليجين (مرتبكًا) : إنني يا صحاب المعالي، أُكنُّ للعلم لا مشاعر التبجيل فحسب. بل ومشاعر القرابة. أخو زوجة شقيقي جريجوري إيليتش، ربما تعرفونه، قسطنطين تروفيموفتش لا كيديمونوف، كان ماجستيرًا.
فوينيتسكي : مهلًا يا وفل، إننا نتحدث في مسألة جدية … انتظر، فيما بعد … (لسيريبريا كوف) ها هو أمامك، فلتسأله. هذه الضيعة تم شراؤها من عمِّه.
سيريبرياكوف : آه، وما حاجتي لسؤاله؟ ما الداعي؟
فوينيتسكي : تم شراء هذه الضَّيعة في ذلك الحين بمبلغ خمسة وتسعين ألف روبل. ولم يدفع أبي سوى سبعين ألفًا … وبقيَ دَينٌ بخمسة وعشرين ألفًا … فلتسمعوا إذن … لو لم أتخلَّ عن نصيبي من الميراث لصالح أختي التي أحببتُها بحرارة، لمَا أمكن شراء هذه الضيعة. إنني عملت عشر سنوات كالبغل! حتى سددت هذا الدينَ كلَّه.
سيريبرياكوف : إنني آسف على إثارتي لهذا الموضوع.
فوينيتسكي : الضيعة ليست مدينةً ولم تتدهور أمورها فقط بفضل مجهوداتي الشخصية. وعندما أصبحت عجوزًا يريدون طردي من هنا شرَّ طردة!
سيريبرياكوف : لا أفهم ماذا تبغي!
فوينيتسكي : خمسة وعشرون عامًا وأنا أُدير هذه الضيعة، وأعمل، وأرسل لك النقود، كخولي أمين، وطوال هذه المدة لم تشكرني مرة واحدة. طوال الوقت — في شبابي والآن — كنت أتقاضى منك راتبًا خمسمائة روبل في العام … مبلغ تافه! ولم يخطر ببالك أبدًا أن تزيد مرتبي ولو روبلًا!
سيريبرياكوف : ومن أين لي أن أعرف يا إيفان بترفتش؟ أنا لست رجلًا عمليًّا ولا أفهم شيئًا. كان بوسعك أن تزيد مرتبك كما يحلو لك.
فوينيتسكي : لماذا لم أسرق؟ لماذا لا تحتقرونني كلكم لأنني لم أسرق؟ إذن لكان عدلًا منكم، ولما كنت الآن شحَّاذًا!
ماريا فاسيليفنا (بصرامة) : جان!
تيليجين (منفعلًا) : فانيا، يا صديقي، لا داعي، لا داعي … إنني أرتعش … لماذا تفسد العلاقة الطيبة؟ (يقبِّله) لا داعي.
فوينيتسكي : خمسة وعشرون عامًا وأنا محبوس مع هذه الأم، بين أربعة جدران، كحيوان الخُلْد في جحره … كل أفكارنا ومشاعرنا كانت لك وحدك. في النهار كنَّا نتحدث عنك، عن أعمالك، ونفخر بك، ونذكر اسمك بالتبجيل، ونبدِّد الليالي في قراءة المجلات والكتب، التي أحتقرها الآن من أعماق قلبي!
تيليجين : لا داعي يا فانيا … لا داعي … أنا لا أحتمل.
سيريبرياكوف (بغضب) : لا أفهم ماذا تريد؟
فوينيتسكي : كنت بالنسبة لنا مخلوقًا ساميًا، ومقالاتك كنَّا نحفظها عن ظهر قلب … أما الآن فقد فتحت عيني! أرى كل شيء! تكتب عن الفنِّ دون أن تفهمَ شيئًا في الفن! كل أعمالك، التي أحببتها لا تساوي خردة! أنت خدعتنا!
سيريبرياكوف : يا سادة! أسكتوه أرجوكم! إنني ذاهب!
يلينا أندرييفنا : إيفان بتروفتش، أُطالبك بالسكوت! أتسمع؟
فوينيتسكي : لن أسكت! (يسدُّ الطريق على سيريبرياكوف) قِف، أنا لم أفرغ! أنت دمرت حياتي! أنا لم أَعِش، لم أَعِش! بسببك أهدرت أفضل سنوات عمري، بددتها! أنت عدوي اللدود!
تيليجين : لا أستطيع، لا أستطيع … سأذهب … (يخرج في انفعال شديد.)
سيريبرياكوف : ماذا تريد منِّي؟ … وبأيِّ حقٍّ تخاطبني بهذه اللهجة؟ أيها التافه! إذا كانت الضيعة لك فخذها، لست محتاجًا إليها!
يلينا أندرييفنا : سأرحل فورًا من هذا الجحيم! (تصرخ) لا أستطيع أن أحتمل أكثر!
فوينيتسكي : ضاعت حياتي! إنني موهوب، ذكي، شجاع … لو عشت حياة طبيعية لربما أصبحت مثل شوبنهاور أو دوستويفسكي … يا إلهي، ماذا أقول! إنني أُجن … أُمَّاه يا للضياع! أُمَّاه!
ماريا فاسيليفنا (بصرامة) : اسمع كلام ألكسندر!
سونيا (تجثو أمام المربية على ركبتَيها وتلتصق بها) : يا دادة! يا دادة!
فوينيتسكي : أماه! ماذا أفعل؟ لا داعي، لا تقولي! أنا أعرف ما ينبغي عمله! (لسيريبرياكوف) سوف تذكرني! (يخرج من الباب الأوسط.)

(ماريا فاسيليفنا تتبعه.)

سيريبرياكوف : ما هذا كله يا سادة؟ أبعدوا عني هذا المجنون! لا أستطيع أن أعيش معه تحت سقف واحد! يعيش هنا (يُشير إلى الباب الأوسط) بجواري تقريبًا … فلينتقل إلى القرية، أو إلى الجناح الملحق، أو أنتقل أنا من هنا، لكني لا أستطيع أن أبقى معه في بيت واحد.
يلينا أندرييفنا (لزوجها) : سنرحل من هنا اليوم! أصدر التعليمات الآن فورًا!
سيريبرياكوف : هذا التافه!
سونيا (راكعة على ركبتَيها، تلتفت إلى أبيها، تقول بعصبية، من خلال الدموع) : كن رحيمًا يا بابا! أنا وخالي فانيا جِدُّ تعيسين! (تكتم القنوط) كن رحيمًا! رحيمًا! تذكَّر، عندما كنت أصغر سنًّا، كان خالي فانيا وجدتي يسهران الليالي في ترجمة الكتب لك ونسخ أوراقك … طوال الليالي، طوال الليالي! وعملت أنا وخالي فانيا دون أن نذوق طعم الراحة، كنَّا نخشى أن نُنفق على أنفسنا كوبيكًا واحدًا، ونُرسل لك كل النقود … لم نكن عالة! ليس هذا ما أريد أن أقوله، ليس هذا، ولكن افهمنا يا بابا. كن رحيمًا!
يلينا أندرييفنا (مضطربة، لزوجها) : ألكسندر، أرجوك، تفاهم معه … أتوسل إليك.
سيريبرياكوف : حسنًا، سأتفاهم معه … أنا لا أتَّهمه بأي شيء. لست غاضبًا منه، ولكن سلوكه، أقل ما يُوصف به أنه غريب. طيب، سأذهب إليه. (يخرج من الباب الأوسط.)
يلينا أندرييفنا : كُن لطيفًا معه … هدِّئه … (تنصرف خلفه.)
سونيا (ملتصقة بمربِّيتها) : يا دادة! يا دادة!
مارينا : لا بأس يا بنيتي … سيتصايح الإوز ثم يهدأ … سيتصايح ثم يهدأ …
سونيا : يا دادة!
مارينا (تمسح على رأسها) : ترتعشين كأنكِ في الصقيع! … طيب، طيب يا مسكينة، الله رحيم. قليلًا من شاي الزيزفون أو التوت البري وينتهي هذا … لا تحزني يا مسكينة … (تنظر إلى الباب الأوسط وتقول بغضب) انظر كيف هاجوا، ذكور الإوز، لتخطفكم الأبالسة! (يسمع خلف المسرح صوت طلقة، ثم صرخة يلينا أندرييفنا، سونيا تنتفض) عليكم اللعنة!
سيريبرياكوف (يندفع داخلًا وهو يترنح من الفزع) : أمسكوه! أمسكوه! لقد جُنَّ!

(يلينا أندرييفنا وفوينيتسكي يتصارعان في الباب.)

يلينا أندرييفنا (تحاول انتزاع المسدس منه) : هاته! قلت لك هاته!
فوينيتسكي : دعيني يا Hélène! دعيني! (يتملص منها فيدخل راكضًا وهو يبحث بعينَيه عن سيريبرياكوف) أين هو؟ آه، ها هو ذا! (يُطلق النار عليه) خذ!

(صمت.)

لم أُصبه … أخطأت ثانية! بغضب آه، يا للشيطان، يا للشيطان … فليخطفه الشيطان … (يقذف بالمسدس على الأرض ويرتمي على المقعد في إعياء.)

(سيريبرياكوف مذهول. يلينا أندرييفنا تستند على الحائط، تشعر بدوار.)

يلينا أندرييفنا : خذوني من هنا! خذوني، اقتلوني، ولكن … لا أستطيع أن أبقى هنا، لا أستطيع!
فوينيتسكي (في يأس) : أوَّه، ما الذي أفعله! ما الذي أفعله؟!
سونيا (بصوت خافت) : يا دادة! يا دادة!
(ستار)
١  العبارة من مسرحية جوجول «المفتش العام». (المعرب)
٢  الكل تنتظرهم ليلة واحدة (باللاتينية).

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤