الفصل الثالث

اجتزاء البنية

أولًا: المصنَّفات الجزئية

ومن الصعب التفرقة بين اجتزاء البنية في موضوعاتٍ مستقلة كالإجماع والقياس، وبين الموضوعات المستقلة الوافدة من القرآن والحديث التي دخلت على علم أصول الفقه وهو في طور النشأة والتكوين، مثل الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول المستمَدة من علوم القرآن، والتواتر والآحاد المستمَدة من علم مصطلح الحديث.

ولا يكفي في «اجتزاء البنية» عرض الشكل فقط، أي بنية الموضوع الجزئي، بل يتم تحليل المضمون لمعرفة أوجه الخلاف حولها. ويتفاوت حجم تحليل المضمون؛ يكون تفصيليًّا إذا كان النص صغيرًا، ويكون مجمَلًا إذا كان النص طويلًا؛ لأنه يُستعمل أيضًا مع المصنَّفات الكاملة لمزيد من التفصيل.

ولا تعني المصنَّفات الجزئية اجتزاء فقرات أصولية من مصنَّفات غير أصولية، كلامية أو فلسفية أو صوفية، فهذه الفقرات الأصولية تدخل ضِمن وحدة العلوم التي تظهر في المصنَّفات غير الأصولية، كما تظهر فقراتٌ كلامية وفلسفية وصوفية داخل المصنَّفات الأصولية دون أن تكون مصنَّفات كلامية أو فلسفية أو صوفية؛١ فابن تيمية مثلًا لم يدوِّن مصنَّفًا في علم أصول الفقه، وربما استعمل في مؤلَّفاته الكلامية والفلسفية المنهج الأصولي باعتباره منهجًا إسلاميًّا من أجل نقد الكلام والفلسفة والمنطق والتصوف، وربما لأن علم الأصول أقل العلوم عُرضةً للنقد في حين أن النقد كله قد تم توجيهه إلى الكلام في «منهاج السنة»، والفلسفة والمنطق في «الرد على المنطقيين» و«نقض المنطق»، كما أن التجميع لفقرات في الأصول في أربع قواعد؛ الأولى المصالح والمفاسد، وتدخل في موضوع القياس. والثانية التفاضل والأفضلية، وهو ليس موضوعًا أصوليًّا خالصًا، بل هو موضوعٌ كلامي في المفضول والأفضل، والموضوع الأصولي هو التعارف والتراجيح كأحد ملحَقات القياس. والثالثة العقل والنقل، وهو موضوعٌ كلامي خالص عرضه ابن تيمية في «درء تعارض النقل والعقل» و«موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول». والرابعة الأصول والفروع، وهي مقدمةٌ عامة في تصنيف العلوم الفقهية. وهذه القواعد الأربعة أقرب إلى علم القواعد الفقهية منها إلى علم الأصول. وتجمع هذه الاقتباسات بين المتن والشرح، بين النص والدراسة؛ مما يجعل المحاولة كلها أقرب إلى الدراسة الثانوية في علم الأصول عند ابن تيمية مستشهدةً ببعض فقرات أصولية من خلال بعض مؤلَّفاته، كما أنها تهدف إلى تبجيل ابن تيمية باعتباره أحد مصادر التيار السلفي المعاصر، وأقرب إلى التقريظ والمدح منه إلى التحليل والوصف، ترويجًا لابن تيمية من السلفيين المُحدَثين.
تعني اجتزاء البنية إذن المصنَّفات الأصولية التي تناولت أحد الموضوعات الجزئية في علم الأصول إما بالعرض والتعميق، أو بالجدل والرفض والإبطال والتفنيد.٢ وقد كان الدافع على ذلك الاختلاف حولها، وقد كان الاختلاف حول شرعية القياس أولًا ثم الإجماع ثم السنة خاصةً خبر الواحد، ولم يقع الخلاف حول القرآن.
ويمكن عرضها بعدة طرق:
  • (أ)

    الترتيب التاريخي لمعرفة متى تنشأ الحاجة إلى هذه الموضوعات الجزئية والجدال حولها في عصرها.

  • (ب)

    الترتيب الموضوعي من أجل معرفة الجدال حولها عبر العصور، مثل الجدال حول مراتب الإجماع بين ابن حزم وابن تيمية.

  • (جـ)

    الترتيب الأصولي في نسق الأدلة في علم الأصول بدايةً بالمصطلحات الأصولية التي تدخل في المقدمات، ثم الأدلة الأربعة والخلاف حول الإجماع والقياس، ثم مباحث الألفاظ، طرق الاستثمار، مثل مباحث العموم والخصوص.

ثانيًا: المؤلَّفات الاصطلاحية

وهناك مجموعة من المؤلفات الأصولية خاصة بالمصطلحات وحدها؛ فكل علم يضع مصطلحاته؛ وضع الفلاسفة مصطلحاتهم مثل الكندي والرازي وابن سينا وابن حيان والخوارزمي والآمدي والجرجاني،٣ ووضع الصوفية مصطلحاتهم مثل القشيري، بل وُضعت مصطلحاتٌ خاصة ببعض الكتب الرئيسية، مثل وضع الجرجاني لمصطلحات «الفتوحات المكية» لابن عربي، ووضع ابن فورك «ملحق» في شرح بعض المفردات والمصطلحات الشرعية المستخرَجة من «تفسير القرآن» له.

(١) «الحدود في الأصول» أو «الحدود والمواصفات» لابن فورك (٤٠٦ﻫ)٤

وتضمُّ المصطلحات علم أصول الدين وعلم أصول الفقه، وعلم أصول الدين أكثر. وهي حدودٌ عقلية خالصة لا تعتمد على أية أدلة نقلية من قرآن أو حديث، ولا تتضمن أسماء أعلام أو أصحاب فِرق ومذاهب، بل تضم أحيانًا بعض مصطلحات الفقه والحديث والتصوف.

ويسبق لفظ الحد قبل المحدود في كل الحدود باستثناء حدَّين يسبقان بلفظ «معنًى»، وحدَّين بلا لفظ «حد» أو «معنًى».٥ ولا تخضع لترتيبٍ أبجدي في حين تخضع مصطلحات «تفسير القرآن» لترتيبٍ أبجدي. وقد أُلِّف الكتاب بناءً على سؤال وطلب؛ مما يدل على مدى الحاجة إلى معرفة المصطلحات التي يقوم عليها كل علم.٦

(٢) «كتاب الحدود في أصول الفقه» للباجي الأندلسي (٤٧٤ﻫ)٧

وهو مقالٌ سيَّال، بلا تقسيم لأبواب أو فصول، ودون ترتيب أبجدي. كل الألفاظ المتقاربة حول موضوع واحد تُجمَع تباعًا. وتضم علم أصول الفقه وعلم أصول الدين والفقه والحديث والمنطق؛ فهي مصطلحاتٌ مستعمَلة في أكثر من علم، وعددها ليس كبيرًا.٨ وتُذكَر بعض الاختلافات في الحدود؛ مما يدل على تباين المذاهب والاتجاهات. ويقوم الباجي بذكر الحد ثم شرحه؛ فهو المشروح والشارح. وتختلف الحدود فيما بينها كمًّا؛ أطولها الاستحسان لأنه حدٌّ مالكي مثل المؤلف.٩
ويعتمد على عديد من الآيات القرآنية أكثر من الأحاديث النبوية،١٠ ويعتمد على لغة العرب وكلام العرب كمعيار لفهم النص الديني.١١ والمصدر الرئيسي له من المتكلمين هو أبو بكر الباقلاني، ومن الفقهاء مالك وأنصاره، ثم أبو حنيفة والشافعي، ولا يذكر أحمد بن حنبل.١٢

ثالثًا: مباحث الألفاظ

(١) «العقد المنظوم في الخصوص والعموم» للقرافي (٦٨٤ﻫ)١٣

فقط في أحد مباحث الألفاظ «الخصوص والعموم» كمبحثٍ جامع لمباحث الشرط والشرط، والمستثنى منه والمستثنى، والمطلَق والمقيَّد، دون الحقيقة والمجاز، والظاهر والمئول، والمحكم والمتشابه، والمجمل والمبين. يتضمن خمسة وعشرين بابًا، بعضها ينقسم إلى فصول فقط، والبعض الآخر إلى فصول وأقسام، وثالثة إلى فصول وأقسام ومسائل، ورابعة إلى فصول ومخصصات ومسائل، وخامسة إلى مسائل فقط.١٤ وأكبرها الرابع عشر «الدليل على أن هذه الصيغ للعموم»، وأصغرها الثاني «في بيان أنهم يُطلِقون لفظ العام والأعم»، والسابع «في الفرق بين العموم اللفظي والعموم المعنوي».١٥ وتبدأ بعض الأبواب بلفظ «بيان»، والبعض الآخر بلفظ «الفرق» وهو الأعم، بينما تبدأ بعض الأبواب بألفاظٍ أخرى مثل «حقيقة»، «حد»، «دليل»، «تقرير»؛ فالغرض من الكتاب هو الإيضاح والتمييز والتحديد.١٦ وخلال الأبواب والمسائل تظهر ألفاظ «تنبيه» و«فائدة» و«سؤال».١٧
وبالرغم من أن المؤلف مالكي المذهب إلا أنه عقلي لغوي منطقي الاتجاه، يحلِّل في العمق وليس على الاتساع. اختار اللغة كمدخل لعلم الأصول كما هو الحال في المنطق القديم، فلا فرق بين مباحث الألفاظ في علم الأصول وبين أول مبحثين في المنطق القديم، المقولات والعبارة، قبل أن يتحول إلى منطقٍ شكلي في القياس والبرهان، كي يعود من جديد إلى منطق المضمون في الجدل والسفسطة والخطابة والشعر. لا يقطع بشيء، بل يضع احتمالات عدة، لا يكفِّر ولا يستبعد، ولا يُصدِر أحكامًا بالصواب والخطأ أو الصحة والفساد. وقد يكون المختار مذهبَ آخر.١٨ والغاية من التأليف التوضيح والبيان والتمييز؛ فقد وقع خلط في فهم العموم لفظًا ومعنًى في اللغة والاصطلاح، بين العام والمطلَق، واحتار الناس في عدد صيغه ومخصصاته ودرجات العموم والكلى والكلي؛ لذلك سُمي الكتاب «العقد المنظوم»؛ أي التوضيح والجلاء عن طريق إعادة التنظيم والترتيب والتمييز بين حبات العقد.١٩
وبالرغم من هذه الدرجة العالية من التنظير إلا أن التحليل يعتمد على عديد من الشواهد النقلية من الآيات والأحاديث التي غالبًا ما تتكرر في عديد من الاستعمالات.٢٠ والآيات أكثر؛ نظرًا لأنها تتعلق بالأصول أكثر من الفروع. كما يستشهد بالشعر العربي وتحديد بحوره، الطويل أو الرجز … إلخ، وهو الذخيرة الأولى للمبادئ اللغوية، والذي على أساسه يتم تفسير الآيات.٢١ الشواهد من القرآن والشعر والمعقول، كما يتم الاستشهاد بلسان العرب وقول العرب ولغة العرب والقبائل العربية وباللغويين والنحاة اللغويين وأئمة اللغة والنحاة الأصوليين؛ لذلك كانت هناك صلة بين علم الأصول وعلم التفسير عن طريق مباحث الألفاظ.٢٢ ويستعمل المحاجَّة العقلية، ويرد على الاعتراضات، ويسرد الحجج والحجج المضادَّة حتى ينتهي إلى الاستدلال السليم والبرهان. جمع بين التنظير المغربي والوضوح المصري.٢٣ يُحصي الأفكار لدرجة ذكر مائتَي وخمسين صيغة للعموم، مالكي يقول بالمصالح العامة ويُدرك منطق الألفاظ.٢٤
ويتقدم فخر الدين الرازي كعلَم من أعلام الأشاعرة الشافعية، ثم الرازي في «المحصول» على وجه التحديد، الأصولي الأشعري الشافعي، أو الرازي بمفرده، أو «المحصول» بمفرده، يتلوه الحنفية وعظماؤهم، والقرافي مالكي، تعظيمًا وإجلالًا للمذهبين الرائدين التاليين للمالكية، الحنفية والشافعية، يتلوه الشافعي أصوليًّا ومذهبًا والشافعية، ثم الباقلاني، ثم الغزالي من الأشعرية الشافعية، ثم الغزالي في «المستصفى» مثل الرازي في «المحصول»، ثم أبو الحسين البصري ثم على التخصيص في «المعتمد»، ثم سيف الدين الآمدي ثم على التخصيص في «الإحكام»، ثم ابن عصفور على التخصيص في «المقرب»، وأحيانًا «صاحب المقرب»، ثم الكرخي إمام الحنفية وصاحب الأصول وحججه، ثم مالك ومذهب مالك والمالكية التي ينتسب إليها القرافي. وينضم المفسرون كالزمخشري ثم على التخصيص في «المفصل»، ثم ينضم اللغويون والنحاة مثل سيبويه وابن جني في «الخصائص». ويظهر أبو هاشم ثم الجبائي من المعتزلة كمُنظِّرين لأصول الفقه الاعتزالي، ثم يتداخل الأصوليون من المذاهب الأربعة مما يدل على وحدة العلم وعموم الأصل، مثل الشريف المرتضى من الشيعة، وعيسى بن أبان والصيرفي من الحنفية، وأحمد رائد الحنابلة، ويُحال إلى «الملخص» لعبد الوهاب المالكي،٢٥ ومن اللغويين والشعراء يظهر ابن دريد، ومن النحاة يونس والخليل والمبرد.٢٦
ومن الفِرق والطوائف والمِلل يظهر العلماء أولًا على الإطلاق، ثم الأصوليون على التخصيص، ثم الفقهاء، ثم النحاة؛ مما يدل على أن الأصوليين هم الصلة بين الفقهاء والنحاة.٢٧ وتقلُّ الفِرق الأخرى كالظاهرية والمعتزلة والدهرية، ثم تظهر مدارس الفقه والنحو والمنطق في الكوفة والبصرة.٢٨ ويبرُز المذهب الذي ينتمي إليه المؤلف في «الفضلاء منا»، «أصحابنا»، «مذهب القاضي منا»، في مُقابل مذهب الجمهور،٢٩ وتقلُّ الإشارات على أن مذهبه هو المذهب الصحيح.٣٠ ومن الفِرق غير الإسلامية يُحال إلى اليهودية والنصرانية، ومن الأنبياء إسحاق والمسيح.٣١
ويُحال إلى عديد من مؤلَّفات الأصول السابقة للمؤلف ولغيره؛ مما يدل على بداية التراكم الفلسفي وعصر الشروح والملخصات، وأكثر المؤلفات ذكرًا هي «المحصول» للرازي وشروحه المختلفة، ثم «المستصفى» للغزالي، ثم «المقرب» لابن عصفور، ثم «الإحكام» للآمدي، و«البرهان» للجويني، ثم مشاهير كتب النحاة،٣٢ ويذكر القرافي خمسة من مؤلَّفاته السابقة.٣٣ أما الناشر الحديث فإنه يُسهب في التعليقات والتخريجات؛ مما يوحي بأن عصر الشروح والملخصات قد بدأ ولم ينتهِ بعد.٣٤

رابعًا: الإجماع

(١) «الإجماع» للقاضي عبد الوهاب المالكي (٤٢٢ﻫ)٣٥

وهو دفاع عن حجية الإجماع، إجماع الصحابة، ضد مُنكريه من المعتزلة والرافضة؛ لذلك امتلأ بأسماء الفِرق، وفي مقدمتهم الصحابة ثم المعتزلة والرافضة والشيعة واليهود والنصارى والكفار والروم والهند.٣٦ ويعتمد على الأحاديث أكثر مما يعتمد على الآيات.٣٧ ويُحيل إلى «شرح كتاب اللمع» لأبي الفرج.٣٨ وبطبيعة الحال يُذكَر النظَّام نموذج مُنكري الإجماع، والشافعي وأبو بكر للمُثبتين. كما يُذكَر صلب المسيح وشجاعة علي وسخاء حاتم وحلم معاوية على حقائق معروفة بالإجماع. وهو كتابٌ سجالي حِجاجي نظرًا لطبيعة الموضوع، ويقوم على تخيُّل الاعتراض مسبقًا والرد عليه، ويعتمد على جدل النفي والإثبات، أولًا بإيراد حجج النفي، وهي سبع، والرد عليها، ثم إيراد حجج الإثبات، وهي ثلاثة، والرد على الاعتراضات عليها مسبقًا. وقد يتم الجواب على الاعتراض، ثم الاعتراض على الجواب، ثم الجواب على الاعتراض، عدةً مرات في حججٍ مُتداخلة ومُتشابكة بحثًا عن اتساق الفكر وسلامة المنطق.
ولا خلاف في الصدر الأول وفقهاء الأمصار وأئمة العلم من سائر الأعصار على حجية الإجماع واتباع السلف الصالح لقدرتهم على التأويل والاستنباط، حتى ولو اختلفوا فيما بينهم. إنما وقع الخلاف بين المعتزلة والرافضة والنظام في أربعة طرق؛ الأول استحالة وقوعه ومنع وجوده أصلًا. والثاني منع الشريعة الإجماع على حادثة نظرًا لاختلاف الرؤى والتأويلات بين البشر وإن أمكن ذلك عقلًا. والثالث جواز وقوعه، ولكن ليس حجة لقدحه في الصحابة ونسبة الشبه إليهم، وترك العمل بالصواب طلبًا للرئاسة ومحبة للسيادة، وهو موقف النظام. والرابع استحالة نقله إن وقع. وحجج النفي سبع:
  • (أ)

    استحالة القطع على أن الجماعة الكبيرة تتفق على اختيار الحق والصواب والعدول عن الباطل في كل الأوقات، واستحالة الاتفاق على الصدق في الإخبار عن الغيوب، واستحالة الصدق في كل الأقوال والأفعال.

  • (ب)

    إن جاز الخطأ على الواحد جاز على الجماعة، فالجماعة مجموع الآحاد، ويستحيل القول بأن الجماعة لا تُخطئ مع خطأ الآحاد، كما يستحيل الإجماع بالأغلبية دون الأقلية ولو كان واحدًا؛ فالحق كيفٌ وليس كمًّا.

  • (جـ)

    تجري العادة على استحالة اتفاق الجماعة على أمرٍ واحد من أمور الدنيا، والأولى ألا تتفق في أمور الدين؛ فأمور الدنيا تحكمها المصالح في حين أن أمور الدين يختلف فيها الناس على الشيء الواحد مصلحةً أو مفسدة.

  • (د)

    تعذُّر دخول أية جماعة تحت العد والحصر، واعتبار قولهم حجة مبني على وجوده، ووجوده مشروط بالعلم به وهو أمرٌ مُتعذر. ونظرًا لتكاثُر الأمة وزيادة آحادها فمن الصعب القول بأن هذا القول يمثِّل جميع الأمة، فيجوز وجود آحاد من المجتهدين لم يدخل في الحصر.

  • (هـ)

    لم يكن إجماع الأمم السالفة حجة، فالظن واحد في الأمم السابقة وفي هذه الأمة.

  • (و)

    لا يجوز أن يكون الإجماع تخمينًا أو حدسًا حجة. وإن كان الإجماع عن دليل أو أمارة فالحجية فيهما وليس في الإجماع، وإن كان خبرًا واحدًا أو اجتهادًا أو عمومًا قابلًا للخصوص أو مجملًا في حاجة إلى بيان فالإجماع لا يصح.

  • (ز)
    إجماع الأمة على أمور الدنيا ليس حجة على من بعدهم نظرًا لتغيُّر المصالح طبقًا لتغيُّر الزمان، والأولى أن يكون ذلك في أمور الدين. والدليل على ذلك إجماع الأمة السابقة على القتال والجهاد، والأمة الحالية على الهُدنة والمصالحة.٣٩
أما حجج الإثبات فإنها حججٌ نقلية خمسة، ترد على الاعتراضات العقلية مسبقًا، مثل:
  • (أ)
    وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ؛ إذ تتوعَّد الآية من يتَّبع غير سبيل المؤمنين ومن يُشاقق الرسول؛ وبالتالي فإن اتباعهم وطاعته واجبة. واعتراضات النُّفاة على هذه الحجة كثيرة، منها الآية تدل على المنع وليس على الفرض؛ أي إنها حجةٌ سلبية وليست حجةً إيجابية، استدلال يقوم على برهان الخُلف، ويمكن اتباع سبيلهم دون الموافقة على أحكامهم. والجواب أن قبول حكم من أحكامهم هو اتباع للسبيل، كما أن الاتباع يقتضي صفة الإيمان وهو شرط الموافقة. وإذا عُلق الوعيد على اتباع السبيل بشرط بيان الهدى فإن القرينة في الدليل وليس في الإجماع. والجواب أن الشرط عائد إلى مشاقَّة الرسول بعد رؤية المعجزة، كما أن الآية جملةٌ مستقلة غير مشروطة، ولا يتطلب الاتباع معرفة صحة السبيل؛ فالإجماع لا يكون إلا عن صواب. وإذا كان الوعيد معلَّقًا على مشاقَّة الرسول واتباع غير سبيل المؤمنين فإنه يكون في الأمرين معًا، ولا ينتج عن ذلك مفسدة. ولا يُقال ولو كانت الآية تقتضي الاتباع لوجبت حين توفَّر شرط الإيمان؛ لأن الإيمان لا يكون إلا بالدليل، ولا يُقال إن الاتباع في الصلاح، بل في كل شيء، ولا يُقال إن الاتباع ندب لأن الاتباع في الشكل وليس في المضمون. والصيغة تدل على الاستغراق لجميع المؤمنين حتى يوم الدين، وليس بعد انقراض الأمة، وإلا كان مُتعذرًا. والاتباع يكون لسبيل المؤمنين دون غيرهم، وعن يقين وليس عن ظن، ولا يخلو عصر من المؤمنين، والاتباع للجماعة وليس للآحاد، للاتفاق وليس للاختلاف.٤٠
  • (ب)
    يدل الحديث المشهور «لا تجتمع أمتي على خطأ» وصياغاته المتعددة، «لا تجتمع أمتي على ضلال» أو «ضلالة»، على أنه إذا انتفى الخطأ أو الضلال وقع الإجماع. ومع أنه خبر آحاد إلا أن الصحابة قبِلوه، يوجب العمل وإن لم يوجب العلم. والإجماع على خبر آحاد بمثابة حجة للخبر، يتحول به من الظن إلى اليقين. ولا يُحتج بإجماع اليهود والنصارى على صلب المسيح وهو باطل، فلكل أمة طرقُ نقلها والتحقق من صِدقه دون السؤال حوله بالرغم من تشكُّك علم النقد التاريخي للكتب المقدسة فيه، والسؤال حوله، وحجة الخبر مستمدة من حجة الآية. ولا مانع من قطع تواتر الخبر، يكفي إجماع الأمة على العمل به دون أن يقتضي ذلك تحويل تواتر خبر الآحاد إلى تواتر على العموم وعلى نحوٍ إلزامي. وجواز الإجماع على رأي لم يُنقل مع جواز نقل إجماع لم يتم يُنافي إجماع الأمة على أخبار مثل «لا ميراث لقاتلٍ عمد».٤١ كما لا يجوز على الأمة التواطؤ والكتمان، وقد أجمع الصحابة عليه، وكان إجماعهم بمثابة السنة المقطوعة ونص الكتاب، وهي أمةٌ عظيمة كبيرة يستحيل عليها التواطؤ والكتمان، وقد وردت أحاديث أخرى بهذا الصدد.٤٢ وتُجمِع الأمة على شجاعة علي وسخاء حاتم وحلم معاوية بأخبارٍ متصلة أصلُها خبر آحاد مع اتفاق معانيها. ولم يعترض أحد من الصحابة وإلا كان تم نقله بالرغم من توفُّر الدواعي على إظهار غيره، ولا يُقال إن الإجماع في الشكل ولكن في المضمون. قد تكون هناك أشياء تنهى عن الصواب والخطأ لأن الفعل قصد والقصد حكم. وليس المقصود بالضلالة السهو فحسب كما هو الحال في باقي الأمم، بل الخطأ العمد. وليس المقصود أيضًا الكفر، بل الخطأ في الحكم. وليس نفي الخطأ في حكمٍ واحد، بل كفعلٍ ذاتي يتكرر في الأحكام. والاحتجاج بالإجماع على أن الإجماع حجة ليس وقوعًا في الدَّور، بل استدلال بالخبر على أن الإجماع حجة. وإذا اجتمعت اليهود والنصارى على صلب المسيح فلا تجتمع الأمة الإسلامية على اتساع رقعتها وكثرتها على خطأ. وقد منعت عصمة الأنبياء وقولهم في الخطأ مما لا يمنع أن تكون أمة الإسلام كذلك، مثل الإجماع على إمامة أبي بكر وقتال أهل الردة. والجماعة تُفارق الواحد وتصوِّبه لأنها ليست مجرد مجموعة أفراد.
  • (جـ)
    كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ. وهو دليلٌ نقلي يدل على عدم اجتماعها على خطأ في كل الأحكام وليس في بعضها، فلا تخصيص في الحكم. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، شرط التفضيل، يمنع من الاجتماع على خطأ. ومدح الأمة ليس مجرد ثناء، بل لسببٍ فِعلي هو صواب الحكم، وليس مجرد وصف بالعدالة والفضيلة مع احتمال وقوعها في السهو الغلط؛ لأن ذلك يقدم في العدالة.٤٣
  • (د)
    وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا. وهو أيضًا دليلٌ نقلي، ويعني الوسط العدالة والخيرية والنزاهة؛ مما يؤدي ذلك كله إلى الصواب في الحكم. وهو خطابٌ عام يتجاوز عصر الصحابة طبقًا لخصوص السبب وعموم الحكم. والشهادة على الناس في لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ للجميع وليس للبعض.٤٤
  • (هـ)
    وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ. وهو دليلٌ نقلي ثالث يُشير إلى الأمة الحالية حتى ولو كانت أمة الصحابة وليست الأمة الماضية، وبالرغم من وجود النبي فيها. والصيغة في المضارع وليست في الماضي.
ويُحيل المؤلف إلى مزيد من الأدلة عن حجية الإجماع في «شرح كتاب اللمع» لأبي الفرج.٤٥

(٢) «مراتب الإجماع» لابن حزم (٤٥٦ﻫ)٤٦

وفيه عرض الموقف الظاهري من الإجماع، وهو الإجماع الخاص وليس الإجماع العام، إجماع الصحابة وليس إجماع كل عصر، مثل إجماع أهل «العترة»، إجماع آل البيت عند الشيعة. وهو مقالٌ سيَّال مثل «الملخص» يقسَّم لكتب وأبواب دون ترقيم.٤٧ وهو أقرب إلى الفقه منه إلى الأصول، هو فقهٌ تطبيقي. يعرض لموضوع الإجماع أولًا ثم يبيِّن الموضوعات التي تم فيها الاتفاق أو الاختلاف ثانيًا بين المذاهب الفقهية والكلامية؛ مما يدل على ارتباط العلمين، أصول الفقه وأصول الدين،٤٨ بل إن الباب الأخير في الإجماع في العقائد؛٤٩ لذلك كانت موضوعات الكتب والأبواب موضوعاتٍ فقهيةً خالصة.٥٠
ويكاد يخلو من الأدلة النقلية والعقلية باستثناء أربع آيات، كما يخلو من المحاجَّة، إنما يرصد فقط موضوعات الاتفاق والاختلاف بين المذاهب الفقهية، ويسبق الاتفاق والاختلاف؛ فالاتفاق هو الأصل، والاختلاف هو الفرع.٥١ وصيغ الاتفاق هي: اتفقوا، أجمعوا. وصيغ الاختلاف: اختلفوا، لم يتفقوا، اختلف القائلون، اختلف الموجبون، لا إجماع. ليت الاتفاق أو الاختلاف كان على الأصول وليس على الفروع، على الكليات وليس على الجزئيات. كما يخلو من الشواهد الشعرية التي تفسِّر ألفاظ القرآن والحديث. والهدف من ذلك كله إبطال الإجماع بسبب الاختلاف حوله، وكأن الاتفاق لا وجود له مع أنه أكثر من الاختلاف، وكأن الاختلاف يطعن في مبدأ الإجماع وليس أحد نتائجه الطبيعية، بل إن الاختلاف حول فهم القرآن وحجية السنة خاصةً خبر الواحد لم يطعن فيهما كدليلين شرعيين.٥٢

(٣) «نقد مراتب الإجماع» لابن تيمية (٧٢٨ﻫ)٥٣

وهو موضوعٌ جزئي ردًّا على موضوعٍ جزئي؛ مما يدل على التراكم في كل علم.٥٤ وهو أيضًا مقالٌ سيَّال، يخلو من أي تقسيم أو ترقيم لأبواب أو فصول. ويكاد يخلو أيضًا من الأدلة النقلية والعقلية باستثناء أربع آيات وحديثين. وتُذكَر أسماء بعض مؤسِّسي المذاهب والفِرق، ويُذكَر اسم ابن حزم في أول المقال.٥٥ ويعتمد الرد على اقتباس النصوص للرد عليه كما فعل الغزالي في «تهافت الفلاسفة»، وابن رشد في «تهافت التهافت». وهو أصغر حجمًا من «مراتب الإجماع» بأقل من العُشر.٥٦

(٤) «الانتصار لأهل المدينة» لابن الفخار (٤١٩ﻫ)٥٧

ومن «إجماع أهل المدينة» أو «عمل أهل المدينة» يمكن اعتباره إحدى صور الإجماع، الإجماع الخاص المحدَّد بالمكان، أو اعتباره من المصادر التي لم يُجمِع عليها المسلمون بعد القياس. ولما كان الشائع هو لفظ «إجماع» فإنه اعتُبر إحدى صور الإجماع، وهو عمل أهل المدينة عند مالك والدفاع عنه.٥٨ وهو أيضًا ردٌّ على ما صنَّفه «بعض المُتعسفين والمُتفيقهين» من الشافعية بانتفاصهم مالكًا وأهل المدينة وتجهيلهم، وجعل المدينة كسائر الأمصار، وأنهم يُخالفون أحاديث الرسول، طعنًا على أهل المدينة واتباعًا لأهواء الناس، وحسدًا لأئمة المسلمين؛ فالجهلاء أعداء العلماء، وكل ما نسب إلى أهل المدينة غير صحيح. مذهب أهل المدينة هو مذهب المالكية والشافعي الذي نصح يونس بتقسيم ما جاء من أهل المدينة قسمين؛ الأول ما نُقل عنهم وقفًا عن النبي، والثاني ما ينتشر فيهم من عمل. وهو حجة على كل الناس؛ فهي مدينة الرسول وحرمه ومهاجره، بها أُحكمت الأحكام واستقرَّت، ومنها انتشرت الشرائع، ومنها أُخذت السنن، فُتحت سِلمًا، وبها عاش الصحابة المهاجرون والأنصار، وفيها خيار التابعين وأزواج الرسول، لم تضل بعد الهداية، ولم تنشأ فيها غواية، ولا ظهرت فيها بدعة. رأى فيها كل الناس أفعال الرسول وسمعوا أقواله، ونقل أهلها ذلك خلفًا عن سلف، ألقى فيها عمر خُطَبه.

هذا هو مذهب مالك وصحبه، دون الإجماع عن طريق الاجتهاد والاستنباط والاستدلال، فليس لأهل المدينة على غيرهم من علماء الأمصار فضلٌ فيه؛ لأن الاستدلال لكل العلماء بالرغم من تفضيل بعضهم على بعض في الفهم. أما الرواية عن الرسول فأهل المدينة حجة على غيرهم ومصدر للمسلمين فيها، وهو ليس مذهب مالك وحده، بل أيضًا مذهب أبي حنيفة، وقد رجع إليه صاحبه أبو يوسف بعد مناظرته لهارون، كما احتجَّ مالك على مذهب أهل الكوفة بمذهب أهل المدينة في الأذان والإقامة وزكاة الخضر وغير ذلك ما ثبت بالنقل. وما نقله غير أهل المدينة ليس نقلًا مُتواترًا باستثناء نقل الشاهد العدل. وفي قبول خبر الواحد العادل يتساوى أهل المدينة وأهل سائر الأمصار.

ويعتمد النص على عدد من الآيات دون الأحاديث.٥٩ وبطبيعة الحال يتقدم مالك، ومالك وأصحابه على أبي يوسف والشافعي وهارون وأبي حنيفة،٦٠ كما يتقدم أهل المدينة على أهل الكوفة وأهل مكة.٦١ ومن الجماعات والفِرق يتقدم الصحابة والتابعون على الأئمة والمجتهدين والخوارج.٦٢

(٥) «إجماع أهل المدينة» للقاضي عبد الوهاب بن نصر البغدادي (٤٢٢ﻫ)٦٣

وهو مقتبَس من كتاب «الملخص»، كما أن «إبطال الاستحسان» للشافعي ملحق لكتاب «الأم»؛ فقد نشأ علم الأصول من رحم الفقه. وهو دفاع عن إجماع أهل المدينة عن طريق عرضه عرضًا عقليًّا خالصًا، وعلى نحوٍ استدلالي منطقي. وهو على ضربين؛ نقلي واستدلالي. والنقلي على ثلاثة أضرُب؛ الأول نقل شرع من النبي قولًا أو فعلًا أو إقرارًا، وهو حجة تجب بالأخبار والمقاييس. والثاني إجماع عن طريق الاستدلال، وهو ليس بحجة عند ابن بكير وأبي يعقوب الرازي والقاضي أبي بكر وابن السمعاني والطيالسي وأبي الفرج والأبهري؛ لأنه ليس مذهب مالك، وهو ليس بحجة عند فريق آخر، ولكن يرجِّح به أحد الاجتهادين، ورضي بذلك بعض الشافعية، وهو عند فريق ثالث حجة لا يحرم خلافه، مثل أحمد ابن المعدل وأبي مصعب والحسن ابن أبي عمر من البغداديين وجماعة من المغاربة والمالكية. وهو مقدَّم على خبر الواحد والقياس، ويُعزى إلى مالك، وهو غير صحيح. وهي بنيةٌ ثنائية أو ثلاثية محكمة.٦٤ ولا يعتمد على أي دليل نقلي من قرآن أو حديث أو أثر. ومن الأعلام لا يُذكَر إلا مُمثِّلو القسمة، ومن الفِرق يُذكَر البغداديون والمغاربة و«أصحابنا»؛ أي المالكية.

(٦) «إجماع أهل المدينة» للإمام علي بن إسماعيل الأبياري (٦١٨ﻫ)٦٥

وقد ظل السِّجال حول حجية عمل أهل المدينة إلى عصرٍ مُتأخر، القرن السابع، وإثباته من المالكية ضد الشافعية، وهو ما فعله الأبياري مُعلقًا على قول إمام الحرمين في «البرهان». والقول باتفاق أهل المدينة مشهور عن مالك، وهو «إجماع أهل المدينة»، وهو لا ينزل منزلة إجماع الأمة حتى يفسق المُخالف. هو أقرب إلى القياس وخبر الواحد. وله خمس صور:
  • (أ)

    نقل عمل مُستفيض كابرًا عن كابر مثل مسألة الأحباس التي أنكرها شريح وهو لم يقم في المدينة، وأقرَّها الصحابة والتابعون، وأصبحت سنةً حية في الممارسة اليومية التاريخية.

  • (ب)

    سماع أخبارها ومخالفتها يُسقط حجة الرواية؛ فالأولى بقاء عمل أهل المدينة ونسخه للأخبار المخالفة التي لم تعش في الممارسة، نُقلت أم لم تُنقَل، وهو بمثابة خبر تم الاتفاق عليه.

  • (جـ)

    نقل خبر يُناقض حكمًا، ولكن غلبة الظن تقضي بأن الخبر لا يخفى عن الجميع لنزول الوحي بالمدينة ومعرفة أهلها بالسنة؛ لذلك كان الناس إذا اختلفوا في شيءٍ احتكموا إلى أهل المدينة.

  • (د)

    نقل خبر على خلاف القضاء والقياس على غير ذلك يوقع النفس في التردد بين الخبر والقياس، مثل القصاص بين الحر والعبد وبين الكافر والمسلم «يجري في النفوس من أحد الجانبين»، في حين لا يجري القصاص بينهما في الأطراف إذا وقعت فيها الجراح؛ فالنفس مقدَّمة على الأطراف، تقديم الكل على الجزء. وهو قول جمهور الفقهاء، الفقهاء السبعة، وإن كان القياس يقضي إلحاقها بالنفوس. ولمالكٍ قولٌ مُشابه، ولكن الأشهر الأول بناءً على خبر. وقد أقرَّ الشافعي بإقراره خبرًا عن علي لأنه لا يفعل إلا عن توقيف؛ فما أُنكرَ على مالك هو عين مذهب الشافعي وطريقته في تغليب جهة الظن.

  • (هـ)

    أن يُصادف القضاء لا على خلاف خبر منقول أو قياس يدعو إلى التمسك بالخبر لأجل مخالفة القياس. والصواب عدم ترجيح العمل المنقول وترجيح النظر سواء كان مُوافقًا أو مُختلفًا معه. وقول أحد المُناظرين إنه أعلم من الغير جنوحًا إلى التقليد من غير دليل، وهو مُناقض للاجتهاد.

والمقال يخلو من الأدلة النقلية لأنه تنظيرٌ عقلي خالص أشبه بالإبداع الخالص في علوم الحكمة. ومن أسماء الأعلام يتقدم بطبيعة الحال مالك ثم الشافعي والجويني وشريح وعلي،٦٦ ومن الفِرق والجماعات يتقدم بطبيعة الحال أهل المدينة ثم الصحابة والتابعون ثم الأصحاب والفقهاء،٦٧ ويُحال إلى «البرهان» للجويني،٦٨ كما يُحيل العمل إلى ذاته تأكيدًا لوحدة الرؤية.٦٩

(٧) «مسألة مرسومة في إجماع أهل المدينة» للقاضي الربعي المالكي (٦٣٢ﻫ)٧٠

وهو دفاع عن مالك؛ فقد نسب الغزالي وغيره من الشافعية إلى مالكٍ أنه يقول بأنه لا حجة إلا في إجماع أهل المدينة عن رأي واجتهاد، وطعنوا في مقاله وازدرَوا مذهبه. وهو جهل ونقلٌ غير صحيح عن مالك. يقصد مالكٌ النقل الصحيح عن الرسول طبقًا لما كان ساريًا من عمل في المدينة، وهو ما نقله أئمة المالكية مثل الأبهري، والقاضي البغدادي، والقاضي عبد الوهاب، والطرطوشي، وهو ما أثبته أيضًا إسماعيل ابن أبي أويس حين سأل مالكًا واستفسر عما قاله في «الموطأ»؛ فإجماع أهل المدينة ليس إجماعًا عن رأي واجتهاد، وهو يُفيد العلم الضروري مثل التواتر. والنص خالٍ من الأدلة النقلية أو العقلية، بل مجرد تنبيه على عدم تشويه مذهب مالك في عمل أهل المدينة.٧١

(٨) «عمل أهل المدينة» للإمام القرافي (٦٨٤ﻫ)٧٢

ويسمَّى «إجماع أهل المدينة» وأيضًا «عمل أهل المدينة» وهو الأغلب. والهدف من هذه الرسالة تصحيح المفهوم لدى الرازي، وهو من الشافعية، لقوله «الأماكن لا تؤثر في كون الأقوال حجة»، وهو ما لم يقله مالك؛ إذ اختلف أصحابه في تقرير مذهبه على قولين:
  • (أ)

    المقصود من تلك الأقوال أو الأفعال المنقولة عن الرسول من السلف إلى الخلف، ومن الآباء إلى الأبناء. وقد سأل مالك أبا يوسف الذي سأل أبناء الصحابة عن الأذان وأوقاف الصحابة فأقرُّوها، فرجع أبو يوسف عن مذهب أبي حنيفة؛ ومن ثَم يخرج الحديث المنقول عن الواقعة عن الظن والتخمين إلى حيِّز العلم واليقين، وعلى أقل تقدير يرتقي عمل أهل المدينة إلى مستوى خبر الآحاد الذي يؤسِّس العمل اليقيني وإن بقي العلم ظنيًّا.

  • (ب)
    المقصود أكثر من ذلك، وهو الاتفاق على نقلٍ سواء كان فعلًا أم لا. ويقوم على الأحاديث التي قد تكون منسوخة، ويكون النقل المتفَق عليه ناسخًا. ولا عبرة بالمكان، ولو تغيَّر المكان لظل النقل صحيحًا، لا خصوصية إذن للمكان. ومع ذلك يرجِّح أهل الحديث الأحاديث الحجازية على الأحاديث العراقية، حيث قال البعض «إذا تجاوز الحديث الحَرة انقطع نخاعه». فالمدينة مهبط الوحي، والضبط فيها أكثر، وإذا بعُد المكان كان احتمال الخلط أكثر. ولو سكن هؤلاء الرواة بغير الحجاز لظلَّت روايتهم صادقة. ولا تُستعمل أدلةٌ نقلية، بل الاعتماد على العقل وحده في هذا العصر المتأخر. ومن الأعلام يتقدم مالك على أبي يوسف الذي يتقدم على أبي حنيفة،٧٣ ومن الفِرق يُذكَر أهل الحديث والمحدِّثون والعلماء وأبناء الصحابة وأوقافهم،٧٤ ومن الأماكن الحَرة والحجاز.٧٥

خامسًا: القياس

(١) «إبطال الاستحسان» للشافعي (٢٠٤ﻫ)٧٦

وقد بدأ الجدال حول القياس الشافعي نظرًا لموقفه من تثبيت الأدلة النقلية، الكتاب والسنة، على حساب الأدلة العقلية مثل القياس، خاصةً إذا كان في شكله الحر، وهو الاستحسان في قوله الشهير «من استحسن فقد شرَّع»، وهو في العادة ملحق لكتاب «الأم» في الفقه. وهو كتابٌ صغير يضمُّ عنوانين «كتاب إبطال الاستحسان» و«باب إبطال الاستحسان». وهو مُتقطع إلى فقراتٍ يفصلها «قال الشافعي»، وكأن شخصًا آخر هو الذي روى عن الشافعي؛ فهو جزء من «الأم» وليس كتابًا مستقلًّا، وكأن أصول الفقه قد تولَّد من رحم الفقه، ومجموعة من المبادئ الكلية لتنتظم الأفعال الجزئية؛ لذلك تظهر فيه بعض الأمثلة الفقهية. يُقيم تعارضًا بين القرآن وما دونه، ويجعل الاستحسان تعبيرًا عن الأهواء البشرية اعتمادًا على تفرقة القرآن بين «الحق» و«الهوى»، وهو في النهاية لفظٌ قرآني يصعب شكلًا وموضوعًا، لفظًا ومعنًى، أصلًا وفرعًا. يعتمد على القيل والقال والرد مسبقًا على الاعتراضات من أجل قدر ولو بسيط من الاتساق العقلي. ينقد المشرقيين من أهالي خراسان لأنهم يعتمدون على العقل أكثر من النقل، ويقصد بهم الفقهاء الأحناف.

وهو مملوء بالآيات والأحاديث، والآيات أكثر.٧٧ يعتمد على النقل أكثر من العقل. وهو ضعيف نظريًّا، والحجج العقلية لصالح الحجج النقلية. فقط كتب في عصر تدوين الحديث، وغلب الحرص عليه؛ لذلك يبدو خارج الموضوع وبعيدًا عن العنوان. ومع ذلك يقوم على الاستبعاد والإقصاء، ضد أستاذه مالك الذي كان يقول بالاستحسان، «ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن». لم تُذكَر كلمة «الاستحسان» إلا نادرًا، والقياس دونه، مع أن الاستحسان فرع منه وأحد أشكاله الحرة. والقرآن خطاب من الله إلى النبي، وليس إجابة على سؤال في الواقع، وما الرسول إلا المبلِّغ والأداة.

ولا تُذكَر أسماء أعلام من الفقهاء أو المتكلمين باستثناء الرواة لإثبات صحة السند؛ فالحديث حجةٌ قطعية مثل القرآن، وما دون النص وخارجه يبطل.

(٢) «القياس الشرعي» لأبي الحسين البصري (٤٣٦ﻫ)٧٨

وهو ملحق للمعتمد في أصول الفقه له أيضًا، وهو كتابٌ صغير مستقل عن «المعتمد»، مع زياداته.٧٩ ويضم ستة فصول تشمل موضوعات القياس، مثل: حد القياس، الحكم، العلة، صحة العلة، ما يخص العلة من الوجوه المُفسدة لها، ترجيح علة الأصل على علةٍ أخرى، وترجيح قياس على قياس، وضميمة في القلب أي نقيض العلة. وأكبرها مباحث العلة، وتشمل ثلثَي الكتاب.٨٠ وهو كتابٌ نظري خالص، تغلب عليه الحجج العقلية أكثر من الحجج النقلية، تقلُّ فيه الشواهد النقلية، ولا يظهر من أسماء الأعلام إلا الشافعي.٨١ ويقوم على القسمة والعد والإحصاء خاصةً لشروط صحة العلة ووجوه فسادها. هدفه نقل سجال الفقهاء ومناظراتهم إلى تحليلٍ نظري محكَم يتجاوز الخلاف المذهبي إلى البنية النظرية، والمؤلف على وعي بها.٨٢ وتوضع التعريفات بين قوسين قبل شرحها. والأسلوب هادئ بلا استبعاد أو إقصاء أو تكفير.

(٣) «ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل» لابن حزم (٤٥٦ﻫ)٨٣

ونظرًا لأهمية إبطال القياس في المذهب الظاهري عند ابن حزم فإنه لخَّص باب «إبطال القياس» من «الإحكام» في هذا الكُتيب الجزئي الخاص، وهو في الحقيقة موضوعٌ واحد، هو الدليل الرابع في علم الأصول الاجتهاد في صيغة القياس الذي يقوم على التعليل عند الشافعية وكل أشكال الاجتهاد الأخرى، مثل الرأي عند الحنفية والاستحسان عند المالكية.

والتلخيص هنا، وهو نوعٌ أدبي، ابتدعه الفلاسفة أولًا، وسار فيه المتكلمون والأصوليون والصوفية بعد ذلك. وهو ليس مجرد اختزال لباب «القياس» في «الإحكام» كما فعل ابن سينا في تلخيص «الشفاء» في «النجاة»، وانتقاء فقرات دون أخرى، بل هو إعادة كتابة النص مع التركيز على الحجج دون إسهاب وتطويل.

ويتبع فيه ابن حزم نفس الأسلوب الحِجاجي؛ إذ تبدأ معظم الفقرات بأفعال القول مثل قال، قلنا، قالوا، قلت، نقول، قولهم. وقد تكون الأفعال مركَّبة مثل، قال، فإن قالوا. وتختفي الآثار المروية في إبطال الرأي والقياس والتقليد،٨٤ ثم تأتي بعدها أفعال السؤال والذكر والدعوى.٨٥
ويختلف تبويب التلخيص عن العنوان؛ فبينما يبدأ العنوان بإبطال القياس، وهو الدليل الرابع والموضوع الأصلي الذي يتفرع منه الرأي والاستحسان والتعليل، يبدأ الكتاب بإبطال التعليل والعلة أصل القياس وركنه، الركن مع الأصل والفرع والحكم، ثم إبطال الاستحسان والتقليد والرأي، ثم ذكر الآثار في القياس والتقليد مع قولٍ جامع أخير؛ فالمهم ليس في بنية الدليل الرابع، بل إبراز الموقف المذهبي. ويُضاف في البداية مقدمةٌ عامة للتعريف بالمصطلحات الخمسة تُبرز الموقف والمذهب أكثر مما تُعرف وتُحدد. وتختلف هذه الأقسام فيما بينها كمًّا؛ أطولها المقدمة الأولى التي لا عنوان لها، ثم الآثار في إبطال الرأي، ثم تتعادل تقريبًا موضوعات إبطال التقليد وإبطال الاستحسان والآثار في القياس والتقليد، وأصغرها القول الجامع في النهاية الذي يعتبر القياس تكليف ما لا يُطاق.٨٦
وهو أقرب إلى المقال السيَّال دون تقسيم أو ترقيم إعلانًا عن موقف، ودفاعًا عن مذهب، ورفضًا للمذاهب الأخرى كما هو الحال في الفِرق الكلامية؛ فِرقة واحدة ناجية، والأخرى هالكة. وقد يتناقض المذهب بين إبطال الرأي والقياس والاستحسان والتعليل مع إبطال التقليد، تقليد المذاهب الفقهية؛ لأن الظاهرية تقليد للنص، وتبعية مُطلَقة له، وتضحية بالعقل والمصلحة، وهما بُعْدا النص ورُكْنا الوحي، وقد قاس الرسول كما هو معروف في «أقيسة المصطفى».٨٧
ويجمع «الملخص» بين الحجج النقلية والحجج العقلية، والآيات القرآنية أكثر من الأحاديث النبوية، ضِعفها تقريبًا.٨٨ وهو منهجٌ ضعيف يقوم على الانتقاء، ويمكن إعادة تأويله النقل بحيث يُرَد على صاحبه؛ فهو سلاحٌ مزدوج ضد الخصم وضد النفس. والحجج العقلية وحدها لا تكفي؛ لأنها حججٌ صورية منطقية خالصة مقطوعة الصلة بالمصلحة؛ فالمنطق صورة ومضمون.
والأهم هو استعمال ابن حزم المنهج التاريخي في مقدمة الملخص لبيان كيفية الانحراف عن النص الديني في الرأي والقياس في اتجاه العقل، أو في الاستحسان والقياس في اتجاه المصلحة، أو في التقليد في اتجاه المذهب المغلَق؛ فالتاريخ انحراف في حاجة إلى تصحيح بالعودة من جديد إلى النص الخام. الظاهرية بهذا المعنى حركةٌ سلفية؛ فالتاريخ سلب، والتقدم انحراف، والتطور اغتراب. كان النص سائدًا في القرن الأول ثم حدث القياس في القرن الثاني، والاستحسان في القرن الثالث، والتعليل والتقليد في القرن الرابع، لم يقُل أحد بالاستحسان قبل أبي حنيفة، ثم حدث التعليل عند أصحاب الشافعي ثم أصحاب أبي حنيفة، وحدث التقليد عند أصحاب الشافعي بالرغم من تضارُب أقواله؛٨٩ لذلك فإن أكثر الأسماء ذكرًا هو الرسول ثم البخاري ثم أحمد بن حنبل وعمر بن الخطاب ثم الذهبي ثم الشعبي ثم أبو بكر الصديق ثم الدارمي ومالك بن أنس ثم أبو حنيفة والشافعي،٩٠ وحوالَي ستين آخرين من أهل السلف.٩١ وكانت أكثر المجموعات ذكرًا هم الصحابة ثم العلماء ثم التابعون ثم الحنفيون والشافعيون ثم القياسيون ثم المالكيون ثم أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الرأي، والفقهاء والعرب.٩٢
والنص رواية حتى وصلت إلى ابن عربي؛ فلا فرق بين الظاهر والباطن، بين التنزيل والتأويل.٩٣

(٤) «شفاء الغليل في بيان الشَّبه والمخيل ومسالك التعليل» للغزالي (٥٠٥ﻫ)٩٤

وهو مِثل كتاب ابن حزم مع اختلاف المواقف؛ الأول يُثبته، والثاني ينفيه. ويقوم على بينةٍ خماسية طبقًا للتعريف التقليدي للقياس، تعدية الحكم من الأصل إلى الفرع لتشابُه بينهما في العلة، كل ركن لتحديد معنى لفظ من الألفاظ الخمسة الواردة في التعريف.٩٥ الركن الأول «في طريق معرفة كون الوصف الجامع علة لحكم الأصل حتى يترتب عليه وجودها الحكم في الفرع»، وهو معنى لفظ «التعدية»، والثاني العلة، والثالث الحكم، الرابع الأصل، والخامس الفرع. أكبرها الأول، وأصغرها الخامس؛ لذلك يتكوَّن الركن الأول من خمسة مسالك، والمسلك الثاني من خمسة أنواع، والركن الثالث من أربع مسائل. ويتخلل الأركانَ والمسالك والأنواع والمسائل «مقالٌ وتنبيه». وهي ألفاظ ابن سينا في «الإشارات والتنبيهات». والكتاب يستقصي «الشبه والمخيل» في مسالك التعليل؛ أي أوجه التعليل الفاسدة بسبب الشبه المخيل في الذهن، وهو تحليلٌ نفسي منطقي للمعرفة.٩٦ وهو ما يدل أيضًا على جمال العنوان؛ لما فيها من ألفاظ السلوك عند الصوفية. كما يتضح الأسلوب الصوفي في المقدمة، في الابتهالات والدعوات وأساليب البيان والبديع، ثم يتضح تأسيس العلم وشرط المعرفة، مثل كمال آلة الإدراك، واستكداد الفهم، والانفكاك عن داعية العناد؛ أي التخلي عن الأحكام المسبقة.٩٧ والغالب على الأسلوب هو الإسهاب والاستطراد وكثرة الكلام، كما هو الحال في أصول الحنفية للجصاص والبزدوي والسرخسي، بالرغم من الحرص على اصطلاحات الفقهاء. وقد كُتب بعد «المنخول» الذي كُتب بطريقة الجويني ومن تعليقاته، واستعمل فيه الغزالي أسلوب الجدال والرد على الخصوم اعتمادًا على مؤلفات الدبوسي. وهو على وعي بالكم؛ لا يريد التطويل والحشو بما لا فائدة فيه.٩٨ ويُحال إلى كتاب «مآخذ الخلاف»، ثم «تحصين المآخذ» و«المنخول» للغزالي، ثم إلى كتاب «البيوع القديم» و«الرسالة» للشافعي، وكتاب «التقويم» للدبوسي، وكتاب «التقريب» ربما للقفال الشاشي أو لأبي الفتح سليم بن أيوب الرازي.٩٩
وبالإضافة إلى وحدة العمل، والإحالة إلى أجزائه، والتذكير بالسابق، وعرض «التمفصلات»، وبيان خطة الكتاب وسط عرض الموضوع إعدادًا له، يُحال إلى وحدة المشروع الأصولي للغزالي ولغيره من الأصوليين الحنفية والشافعية.١٠٠
وهو ذو طابع سجالي بين الشافعية والحنفية، وكأن الشافعي وأبا حنيفة خصيمان،١٠١ ويظهر ذلك في أسلوب «فإن قيل … قلنا». وقد يتجاوز الجدال إلى المذاهب الفقهية الأربعة كلها، الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية، بالرغم من صدارة المذهبين الأولين على المذهبين الآخرين؛ لذلك يظهر لفظ الجدال والجدليين.١٠٢ ونظرًا للطابع الحِجاجي تكثُر الأدلة النقلية والعقلية، وتشمل الأدلة النقلية القرآن والحديث. ولأول مرة تزيد الأحاديث النبوية على الآيات القرآنية، ربما لدخول الغزالي في الفروع والتفصيلات والجزئيات وطرق الاستدلال،١٠٣ وتقلُّ الأدلة النقلية تدريجيًّا حتى تختفي كليةً في نهاية الكتاب اعتمادًا على العقل الخالص، كما تظهر بعد الشواهد الشعرية واللغوية.١٠٤
ويتوحد الغزالي مع فِرقة بعينها هي الأشعرية في الكلام، الشافعية في الأصول، ويتكلم عن أصحابنا.١٠٥ وتظهر أمثلته الأثيرة وتشبيهاته المفضلة، السلطان.١٠٦
ومن الفِرق يتقدم الحشوية ثم المراوزة ثم المعتزلة والسوفسطائية والطردية.١٠٧ ومن فقهاء المناطق يظهر أهل بغداد وسمرقند والعراقيون وصنعاء والعراق ومكة ونيسابور، بين الأمصار والمدن،١٠٨ كما تظهر مجموعاتٌ غير محدَّدة مثل «آخرون».١٠٩ ومن الفِرق غير الإسلامية يظهر اليهود والنصارى.١١٠ والسؤال هو: إذا كانت الشافعية أشعرية، والحنفية اعتزالية، فهل الحنبلية حشوية، والمالكية مرجئة؟
ومن تحليل أسماء الأعلام يبدو سجال الشافعي ضد أبي حنيفة وأبي زيد الدبوسي ثم مالك بن أنس. ومن الصحابة يتصدر عمر بن الخطاب ثم ماعز ثم الباقلاني مُتصدرًا المتكلمين والفقهاء الأشاعرة، مثل الإسفراييني والجويني، ثم ابن سريج، ومن المعتزلة أبو هاشم، ثم يتداخل المتكلمون والفقهاء والصحابة الصوفية على التوالي.١١١

ويتَّضح من «شفاء الغليل» أن علم أصول الفقه قد نشأ ليس فقط لضبط أحكام القرآن كما هو الحال عند الشافعي والجصاص، بل أيضًا من أجل ضبط الخلافات الفقهية عند المُجتهدين، وإيجاد منطق مشترك للفقهاء؛ منطق لغة مثل الشافعي، أو منطق استدلال مثل الجصاص، أو جمعًا بينهما مثل الغزالي.

(٥) «رسالة المصالح المرسلة» لنجم الدين الطوفي (٧١٦ﻫ)١١٢

وتَعرِض موضوعًا جزئيًّا هو المصالح المرسلة، وهي أحد أبواب القياس، وأحد أشكال الاستدلال الحر. تُكثِر من الاعتماد على الشواهد النقلية دون العقلية، وكأن النص والمصلحة شيءٌ واحد؛ النص بالاستنباط، والواقع بالاستقراء. ويتقدم القرآن الحديث، ويُذكَر حديث «لا ضرر ولا ضرار».١١٣ ولا يُذكَر من الأصوليين والفقهاء أحد، ولا يُذكَر من الصحابة إلا عمر وأبو هريرة، ومن الفِرق إلا الشيعة والفلاسفة.١١٤ وتتوارى الأدلة العقلية أمام الأدلة النقلية، ويتَّهم الفلاسفة بأنهم تعبَّدوا بالعقل الخالص دون الشريعة.
وتقسم الأدلة بالاستقراء إلى تسعة عشر؛ الكتاب والسنة وإجماع الأمة، ويُزاد عليه إجماع أهل المدينة، وإجماع أهل الكوفة، وإجماع أهل العترة عند الشيعة، وإجماع الخلفاء الأربعة؛ ومن ثَم يصبح المصدر الثالث، وهو الإجماع، خمسة مصادر. أما القياس فيشمل المصلحة المرسلة، والاستصحاب، والبراءة الأصلية، والعادات، والاستقرار، وسد الذرائع، والاستدلال، والاستحسان، والأخذ بالأخف، أي عشرة مصادر، ويُضَم إليه قول الصحابي عند السنة، والعصمة عند الشيعة.١١٥ ومعظمها مستمَد من المالكية؛ فالحنبلية تمثِّل النص، والمالكية تمثِّل المصالح المرسلة. وإن خالف النص الواقع المصلحي وجب تخصيص النص، تفرض المصلحة نفسها على النفس كما تفرض الرحمة نفسها على الله كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ.

(٦) «القياس في الشرع الإسلامي» لابن تيمية (٧٢٨ﻫ)١١٦

وهي فتوى فقهية مثل فتوى ابن رشد عن النظر وحكمه الشرعي في «فصل المقال» بناءً على سؤالٍ مُشابه، وهو حكم القياس في الشرع الإسلامي بعد تردد قول الفقهاء «هذا خلاف القياس»، وهو ما ثبت بالنص أو قول الصحابة أو بالإجماع،١١٧ والأمثلة على ذلك كثيرة؛١١٨ فهل يُعارض القياس الصحيح النص الصحيح؟ وهو نفس موقف ابن تيمية السابق في «درء تعارض النقل والعقل»، و«موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول»؛ فالقياس الصحيح لا يُعارض النص الصحيح نظرًا لتطابُق النص والعقل، أو الوحي والعقل، وكما قال المعتزلة والشيعة من قبلُ في الحسن والقبح العقليين.١١٩
الغرض من الفتوى إذن الدفاع عن اتفاق القياس مع النص، والنص مع القياس، وإزالة التعارض الظاهر بينهما، والاتفاق بين الحجة النقلية والحجة العقلية بالرغم من غلبة الحجة النقلية عليها من أجل إثبات الاتفاق بين النقل والعقل. وتغلب الآيات على الأحاديث،١٢٠ ويغيب الشعر. ويتم الرد على الاعتراضات مسبقًا بطريقة القيل والقال تأكيدًا على الاتساق العقلي والبداهة النظرية. ويُستعمل أسلوب المتكلم التزامًا بالقضية بطريقة الفقهاء، وليس عرضًا وتأسيسًا لها كموضوعٍ مستقل.
وجاءت الفتوى طبقًا للمسائل الفقهية، وليس طبقًا للقياس وأركانه الأربعة. وتعدَّدت المسائل دون عد أو إحصاء أو ترقيم أو ترتيب أو تبويب طبقًا لأركان القياس الأربعة؛ الأصل والفرع والعلة والحكم.١٢١ وأكبرها الإجارة. وهي أقرب إلى الفقه التطبيقي باستثناء تصنيف ما عدَّه المسلمون مُخالفًا للقياس في نوعين.١٢٢ ويتنوع الفقه وتتعدد أحكامه طبقًا للأمصار؛ فهناك فقه العراق وفقه الحجاز، وكما فعل الشافعي بين العراق ومصر.١٢٣ ونظرًا لارتباط القياس بمباحث الألفاظ فإنه تتم المقارنة بين الألفاظ الفارسية والرومية والعربية.١٢٤
والقياس به خطأ وصواب بالرغم من وقوع ابن تيمية أحيانًا في التعليلات الأسطورية للظواهر الدينية الاجتماعية؛ فالوضوء يدرأ الغضب، ومن مس الذكر أو النساء لما فيه من الشهوة؛ فالغضب من الشيطان، والشيطان من النار.١٢٥ وقد يكون هناك تفسيرٌ علمي بأثر البرودة على الحرارة كما هو الحال في وضع الثلج على رأس المُصاب بالحمَّى أو فوق الورم.
ويُحيل إلى المذاهب الأربعة على عكس الصورة الشائعة عن السلفية أو الحنبلية المعاصرة المتزمِّتة الحرفية النصية التي ترفض الحوار، وتقوم على الاستبعاد والإقصاء، وتعتبر نفسها الفِرقة الناجية. صحيحٌ أن أحمد هو أكثر الفقهاء إحالة له، مذهبًا وأصحابًا وأصولًا ونصوصًا وظاهرًا وراويًا ومُمثلًا لأهل الحديث، يتلوه الشافعي قولًا ومذهبًا، ثم مالك مذهبًا، ثم أبو حنيفة أصحابًا، ومع أهل الظاهر مذهبًا. ولأحمد أكثر من رواية، ولمذهبه أكثر من وجه، وله أكثر من قول في الموضوع الواحد. وبطبيعة الحال تتم الإحالة إلى مشاهير الحنابلة، مثل ابن عقيل والقاضي وأبي يعلى والزهري.١٢٦ ولما كان الحنابلة مُتمسكين بالسنة وأهل السلف تكثُر الإحالة إلى الصحابة، وهو مذهب جمهور العلماء وجمهور الأمة وعامة الفقهاء،١٢٧ ومن الصحابة عمر وأبو بكر وعثمان وابن مسعود وأبو سفيان، ومن الخلفاء عمر بن عبد العزيز،١٢٨ ومن الرواة الشاليخي، ومن الشُّراح الجوزجاني وآخرون،١٢٩ ومن الأنبياء داود وسليمان.١٣٠
والحنابلة لا يمثِّلون فِرقةً ناجية أو مذهبًا مغلَقًا، بل يتفق معهم في الآراء أبو حنيفة والشافعي وأحمد، ومالك والشافعي وأحمد، وأبو حنيفة ومالك، ومالك وأحمد، ومذهب أهل الحديث ومالك؛١٣١ فالنص والمصلحة شيءٌ واحد كما وضح في رسالة «الطوفي» الحنبلي؛ فأحمد يدخل في علاقات مع مالك والشافعي، وأبي حنيفة والشافعي، وأبي حنيفة ومالك، كما يدخل في علاقة مع كلٍّ من الفقهاء الأربعة، مالك وأبي حنيفة والشافعي، كما يُضَم إلى أحمد الثوري أو أبو عبيد.
ومن مجموع الفِرق والطوائف والجماعات يُحال إلى الصحابة ومُتأخريهم ثم الفقهاء ثم الخلفاء الراشدين ثم فقهاء الحديث وأهل العلم.١٣٢ كما ينقد الفلاسفة والمتكلمين لقياساتهم الفاسدة في الإلهيات والعقليات.١٣٣

(٧) «القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد» للشوكاني (١٢٥٥ﻫ)١٣٤

وهو من لواحق القياس، لنقد التقليد وإثبات الاجتهاد؛ مما يدل على أن الاجتهاد، الأصل الرابع، يمكن أن يكون مصدرًا من مصادر الحركة الإصلاحية، وهو ما يتفق مع الحكم الشائع في العصور المتأخرة بغلبة التقليد و«قفل باب» الاجتهاد. والشوكاني يمنيٌّ يكتب في بيئةٍ جعلت تقليد الإمام أحد مصادر التشريع بدلًا من الدليل الرابع. ولما كان التقليد للمذاهب والأئمة فإنه تم الاحتماء بالنص ضد التقليد، فشاعت السلفية، وارتبط الإصلاح بالمدرسة السلفية كما عبَّر عنها ابن القيم، والتقليد آفة كل عصر، «وهكذا حال سائر الديار في جميع الأمصار».١٣٥ وتكثُر الشواهد النقلية، والقرآن أكثر من الحديث.١٣٦
ويقوم الكتاب على تفنيد حجج أنصار التقليد «على نمط علم المناظرة»؛ لذلك غلبت صياغة السؤال والجواب، وصيغ القول. وطبقًا لعلم الجدل فإن الكتاب يبدأ بتفنيد حجج الخصوم، أنصار التقليد، ثم يُعطي حجج الاجتهاد، ثم يذكر حججًا ضد التقليد، ويُدافع عن الحجج ضد الاجتهاد في جدلٍ رباعي، ويوضَع كل ذلك في وحدة العمل ووحدة العلم.١٣٧
وتكثُر الإحالة إلى الشافعي بعد أن أصبحت الشافعية المذهب المختار، ثم مالك وأحمد بن حنبل احتماءً بالنص، ثم أبي حنيفة والأوزاعي كمصادر للحجج العقلية،١٣٨ ثم يُذكَر باقي الأصوليين والمتكلمين،١٣٩ كما يُذكَر أعلام المدرسة السلفية وكثرة من الصحابة والتابعين والرواة،١٤٠ ويُحال إلى زيد بن علي والزيدية والهادي يحيى بن الحسين من أئمة الزيدية في اليمن.١٤١ وقد أجمع أهل المذاهب على تقديم النص على آرائهم.١٤٢ ويتم الاعتماد على الشعر خاصةً المتنبي. ويُحال إلى «القواعد» لابن الوزير، و«تهذيب الآثار» للطبري.١٤٣

(٨) «القول السديد في الاجتهاد والتجديد» لرفاعة رافع الطهطاوي (١٨٧٣م)١٤٤

وهي رسالة في موضوعٍ جزئي هو الأصل الرابع المَنوط به الاجتهاد والتجديد عكس التقليد مثل رسالة الشوكاني. تمتلئ بالشواهد الشعرية أكثر من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. وتكثُر أسماء الأعلام من فقهاء ومتكلمين ومؤرخين وصوفية وصحابة وتابعين ما يقرب من المائتين، كما هو الحال في «البحر المحيط» للزركشي، وكما يفعل ناظر المدرسة.١٤٥ كما تكثُر الاقتباسات وعلامات الانتهاء. ويتقدم الشافعي الجميع، فهو نموذج المجدِّد المصلِح، وكأن علم الأصول يبدأ من جديد، ويتلوه باقي الفقهاء مثل السيوطي، ثم أبي حنيفة، ثم سفيان الثوري، ثم ابن حنبل، ثم الغزالي، ثم السبكي، ثم ابن دقيق العيد والمزني وأبي يوسف ومحمد، ثم القفال، ثم إمام الحرمين، ثم الأوزاعي وابن حزم والكرخي والرازي والحنفي وآخرين.١٤٦ ومن الفِرق يتقدم الأحناف ثم الفقهاء ثم المتكلمون والصوفية،١٤٧ ومنهم متقدمون ومتأخرون، مُحدَثون وقدماء. وتُحيل الرسالة إلى عديد من النصوص.١٤٨ والرسالة تاريخيةٌ تقليدية لا جديد فيها إلا العنوان.
١  شيخ الإسلام ابن تيمية، فصول في أصول الفقه، الجمع والترتيب والعناية لأبي الفضل عبد السلام بن محمد بن عبد الكريم، المكتبة الإسلامية، القاهرة ١٤٢٠ﻫ / ٢٠٠٠م.
٢  من النوع الأول:
(أ) ابن فورك، الحدود في الأصول (٤٠٦ﻫ).
(ب) الباجي، الحدود في الأصول (٤٧٤ﻫ).
(ﺟ) أبو الحسين البصري، القياس في الشرع الإسلامي (٤٣٦ﻫ).
(د) الغزالي، شفاء الغليل في بيان الشَّبه والمخيل ومسالك التعليل (٥٠٥ﻫ).
(ﻫ) القرافي، العقد المنظوم في الخصوص والعموم (٦٨٤ﻫ).
(و) الطوخي، المصالح المرسلة (٧١٦ﻫ).
(ز) الشوكاني، القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد (١٢٥٥ﻫ).
(ﺣ) الطهطاوي، القول السديد في الاجتهاد والتجديد (١٢٧٣م).
ومن النوع الثاني:
(أ) الشافعي، إبطال الاستحسان (٢٠٤ﻫ).
(ل) ابن حزم، ملخص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل (٤٥٦ﻫ).
(ﺟ) ابن حزم، مراتب الإجماع (٤٥٦ﻫ).
(د) ابن تيمية، نقد مراتب الإجماع (٧٢٨ﻫ).
٣  من النقل إلى الإبداع، مجلد ١ النقل، ج٢ النص، الفصل ٢ المصطلح الفلسفي، ص١٨١–٢٥٠.
٤  ابن فورك، الحدود في الأصول، قرأه وقدَّم له وعلَّق عليه محمد السليماني، دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٩٩٩م، ص١٦٣–١٩٤.
٥  يسبق لفظ حد المحدود في ٢٠٠ حدًّا، ومعنًى مرتين، وبلا حد أو معنًى مرتين.
٦  «سألتم، أدام الله توفيقكم، أن أُملي عليكم حدود ومواصفات ومعاني ومعاني عبارات دائرة بين العلماء بأصول الدين وفروعه، مما ارتضاها شيوخنا، رحمهم الله، وقام الدليل عندي بصحتها، وأُوجزها ليقرب تناولها ويسهل حفظها، فأجبتكم إلى ذلك رغبة في الثواب، وجزيل الأجر عند المآب، فأقول والله الهادي للصواب.» الحدود في الأصول، ص٧٥.
٧  الإمام الحافظ أبو الوليد سليمان بن خلف الباجي الأندلسي، كتاب الحدود في الأصول، تحقيق د. نزيه حماد، مؤسسة الزعبي للطباعة والنشر، بيروت ١٣٩٢ﻫ / ١٩٧٣م.
٨  الحدود (٧٣).
٩  الحدود في الأصول، ص٦٥–٦٨.
١٠  الآيات (١٠)، الأحاديث (٢).
١١  لغة العرب، كلام العرب (١).
١٢  الباقلاني (١١)، مالك (٣)، مالكي (٦)، مالكيون (١)، أبو حنيفة (٣)، الحنفي (٢)، محمد بن خويزمنداد (٢)، الشافعي، ابن عبد الحكم، القاضي أبو محمد، أشهب (١).
١٣  شهاب الدين أبو العباس أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الصنهاجي المصري المعروف بالقرافي، العقد المنظوم في الخصوص والعموم، تحقيق الشيخ علي محمد معوض والشيخ عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، بيروت ١٤٢١ﻫ / ٢٠٠١م (وهي طبعة تخلو من أي فهارس).
١٤  باب فقط (١٩)، باب وفصول فقط (١)، باب وفصول وأقسام (١)، باب وفصول وأقسام ومسائل (١)، باب وفصول ومخصصات ومسائل (١)، باب ومسائل فقط (٢).
١٥  الترتيب الكمي للأبواب (رقم الباب بين قوسين ثم عدد الصفحات): (١) (١٤) الدليل على أن هذه الصيغ للعموم (١٥٥). (٢) (٢٠) المخصصات المتصلة (١٠٨). (٣) (٢١) المخصصات المنفصلة (٤٤). (٤) (٩) الأسباب المفيدة للعموم (٤٢). (٥) (٥) حقيقة مسمَّى العموم وحده (٣٩). (٦) (١٠) الفرق بين ثبوت الحكم في الكلي وبين نفي الكلي والنهي عنه، (١٩) في جواز التخصيص ومسائله (٣٨). (٧) (١٠) الفرق بين العام والمطلق (٢٨). (٨) (٢٣) ما ظن أنه من مخصصات العموم (٢٧). (٩) (٨) خواص العموم اللفظي (٢٣). (١٠) (١٧) الفرق بين المخصص والمؤكد (١٨). (١١) (١٦) حد التخصيص وتمييزه وقبول اللفظ العام (١٧)، (٢٢) بناء العام على الخاص (١١). (١٢) (١٣) صيغ العموم المستفادة من النقل العرفي (١١). (١٣) (٤) في الفرق بين الكلي والكلية والكل، (٢٤) في حمل المطلق الكلي على المقيد (١٠). (١٤) (١٥) تقرير الجمع بين أقوال العلماء (٨). (١٥) (٢٥) تحقيق الفرق بين حمل المطلق (٧). (١٦) (١١) الفرق بين نفي المشترك أو النهي عنه مطابقةً وبين النفي أو النهي عنه التزامًا، (١٢) سرد صيغ العموم (٥). (١٧) (١) إطلاقات العلماء العام والأعم، (٣) بيان أن العموم من عوارض الألفاظ والمعاني (٤). (١٨) (١٨) ما يصير به العام مخصوصًا (٣). (١٩) (٢) بيان أنهم يطلقون لفظ العام والأعم، (٧) الفرق بين العموم اللفظي والعموم المعنوي (٢).
١٦  الفرق (٥)، بيان (٢)، حقيقة، أسباب، سرد، حد، دليل، تقرير (١).
١٧  تنبيه (٢)، فائدة، سؤال (١)، العقد المنظوم، ص٣٥-٣٦، ١٠٦، ٢١٧، ٧٢٦، ٧٢٩.
١٨  السابق، ص٤٤–٥٠. «و المختار قول أبي الحسين البصري»، ص٥٤٢.
١٩  «فقد رأيت كثيرًا من الفقهاء النبلاء الذين يشتغلون بأصول الفقه، ويزعمون أنهم حازوا قصب السبق، لا يُحقق معنى العموم والخصوص في موارده حيث وجده، ويلتبس عليه العام والمطلق إذا انتقده، ولم أجد في كتب الأصوليين وغيرها من صيغ العموم إلا نحو عشرين صيغة، ومُقتضى ذلك ألا يكون ما عداها صيغة في لسان العرب، والعموم أكثر من ذلك يعضدها النقل والاستدلال … ووجدت مسمَّى العموم في اللغة خفيًّا جدًّا على الفضلاء، حتى إني حاولت تحريره مع من تيسَّر لي الاجتماع به منهم فلم أجده يجد لتحرِّي ذلك سبيلًا، بل يدور عنده اللفظ العام بين أن يكون موضوعًا لقدرٍ مشترك بين أفراده فيكون مطلقًا لا عامًّا، وبين أن يكون قد تعرَّض الواضع فيه لخصوصيات تلك المحال فيكون اللفظ مشتركًا، مع أن صيغ العموم ليست مشتركة على الصحيح من المذاهب، ومجملًا مع أنها غير مجملة عند مُثبتيها، وبين أن يكون اللفظ العام موضوعًا لمجموع الأفراد من حيث هو مجموع، فيتعذَّر الاستدلال به في حالة النفي والنهي. والحق في صيغ العموم وراء ذلك كله. ووجدتهم يعدون المخصصات المتصلة أربعة في لغة العرب، ووجدتها نحو العشرة. ووجدتهم يُسوُّون بين استعمال العام والأعم، وبين النية المؤكدة والنية المخصصة، وهو خطأ. ووجدتهم في حمل المطلق على المقيد يسوُّون بين الكل والكلي، والأمر والنهي، والنفي والثبوت، وهو لا يصح، إلى غير ذلك من المباحث المتعلقة بالعموم والإطلاق مما يتعين تمييزه وتحريره. فأردت أن أجمع في ذلك كتابًا يقع التنبيه فيه على غوامض هذه المواضع واستنارة فوائدها وضبط فرائدها، بحيث يصير للواقف على هذا الكتاب ملَكةٌ جديدة في تحرير هذه القواعد وضبط هذه المعاقد … وسمَّيته «العقد المنظوم في الخصوص والعموم».» السابق، ص١٩–٢٣.
٢٠  الآيات (٣٤٨)، الأحاديث (٧٧).
٢١  الشواهد الشعرية (٣٤).
٢٢  العرب (١٥)، لسان العرب (١١)، قول العرب (٣)، القبائل العربية (٢)، لغة العرب (١)، اللغويون (٣)، النحاة اللغويون (٢)، جماهير النحويين، أئمة اللغة، النحاة الأصوليون (١). العقد المنظوم، ص٥٩٢.
٢٣  يتحدث المؤلف عن حياته في صنهاجه قبل قدومه إلى القاهرة. السابق، ص٣١٩.
٢٤  العقد المنظوم، ص١١١–١١٣، ٢٢١–٣١٦.
٢٥  فخر الدين الرازي (٥٧)، الحنفية (٢٦)، الغزالي (٢٥)، الشافعي (٢٣)، أبو حنيفة (١٩)، الباقلاني (١٨)، الشافعية (١٤)، إمام الحرمين (١٢)، سيف الدين الآمدي (٩)، أبو الحسين البصري، الكرخي، الزمخشري، المازري، المالكية (٨)، ابن عصفور، سيف الدين الأبياري، أبو بكر الصيرفي (٧)، سيبويه، أبو هاشم (٦)، الجبائي (٥)، الشريف المرتضى (٤)، النقشواني، ابن القاصري، أحمد بن حنبل، ابن العربي، العز بن عبد السلام، ابن سريج، الخرقي، مذهب الحنفية (٣)، ابن جني، مالك، مذهب مالك (٢)، عبد الوهاب المالكي، ابن السكيت، الكراع، أبو ثور، تاج الدين الأرموي، الجرجاني، القفال الشاشي، أبو علي الفارسي، التبريزي، ابن عطية، ابن الزعبري، عيسى بن أبان، ابن برهان، عبد الملك بن الماجشون المالكي، الجرجاني، الأبهري، القاضي عبد الجبار، أبو عبد الله البصري، النفري، ابن الشميل، الكسائي، الجوهري، أبان بن عثمان، ابن يعيش، الشيرازي، التبريزي، قاضي القضاة صدر الدين، القاضي أبو ليلى، شرف الدين التلمساني، شمس الدين الأبياري، المدخل لابن طلحة الأندلسي، المحصول، أبو سعيد الإصطخري، الشيرازي، ابن يونس الموصلي، ابن الفارض، المرتضى من الشيعة (١).
٢٦  ابن دريد، النابغة (٢)، يونس النحوي، صاحب الصحاح، الخليل، المبرد، لبيد، عثمان بن مظعون، البطليوسي، ابن الأنباري، أبو إسحاق، المغني (١).
٢٧  العلماء (١٢)، الأصوليون (١١)، الفقهاء (٨)، النحاة (٥)، الرافضة (٢)، أهل الظاهر، الدهرية، المعتزلة، النحاة والأصوليون، أئمة اللغة، أهل طبرستان (١).
٢٨  الكوفيون، البصريون، المنطقيون، المفسرون، النحاة، الحنبلية (١).
٢٩  الفضلاء منا، الأصحاب، أصحابنا (٣)، مذهب القاضي منا (١)، مذهب الجمهور (٢).
٣٠  مثل: «وقد بيَّنا فساد هذا الطريق»، السابق، ص٣٦٥. «فالصواب في هذه المسألة ما حددته بها»، ص٥٥٥.
٣١  النصارى، اليهود (٢)، النصرانية، المجوس (١)، المسيح، إسحاق (١).
٣٢  المحصول للرازي (٢٤)، المستصفى للغزالي (١٠)، المقرب لابن عصفور (٧)، الإحكام لسيف الدين الآمدي، البرهان لإمام الحرمين (٥)، شرح البرهان للمازري (٤)، الملخص لعبد الوهاب المالكي، إصلاح المنطق لابن السكيت، المنتخب للكراع، شرح الإيضاح للجرجاني، المعتمد لأبي الحسين البصري، شرح المحصول للنقشواني، الإقرار في الفروع للخرقي (٣)، الفصل للزمخشري (٢)، الخصائص والجامع لابن جني، الأوسط لابن برهان، شرح المفصل لابن يعيش، اللمع للشيرازي، اختصار المحصول للتبريزي، العمدة للقاضي أبي يعلى، شرح المحصل لشرف الدين التلمساني، شرح البرهان لشمس الدين الأبياري، المدخل لابن طلحة الأندلسي، طبقات الأطباء للشيرازي، تعليق على المحصول لابن يونس الموصلي، إصلاح الخلل في شرح الجمل للبطليوسي، النحو لابن الأنباري، المغني، المعالم لفخر الدين الرازي، الشيرازيات لأبي علي الفارسي، الأوسط لابن برهان، والمفتاح وأدب القضاء والمواقيت والتلخيص لابن القاضي (١).
٣٣  وهي: شرح المحصول، التنقيح، شرح التنقيح، الاستغناء في أحكام الاستثناء. السابق، ص٤٧٦، ٥٤٥، ٦٠٦.
٣٤  السابق، ص٣٠-٣١، ٥١–٧١، ٧٤-٧٥، ٩٧-٩٨، ١٢٦–١٢٨، ١٤٢، ١٤٧، ١٩٩-٢٠٠، ٢٠٣–٢١٢، ٢٢١-٢٢٢، ٢٥٧–٢٧٨، ٢٩٤–٣١٤، ٣٨٣-٣٨٤، ٣٩٢–٣٩٩، ٤١٤–٤٢٠، ٤٨٩–٤٩٧، ٥٢٦–٥٣٤، ٥٧٣–٥٧٧، ٥٨٣-٥٨٤، ٦٤١–٦٤٣، ٦٨٨–٦٩١، ٦٩٨–٧٠١، ٧٢٠–٧٢٥.
٣٥  القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر المالكي، الإجماع، المقدمة في الأصول لابن القصار، قرأها وعلَّق عليها محمد بن الحسين السليماني، دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٩٩٦م، ص٢٥٩–٢٨٧.
٣٦  الصحابة (٧)، أصحابنا (٣)، اليهود، النصارى، الكفار (٢)، الروم، الهند، المعتزلة، الرافضة، الشيعة، فقهاء الأمصار، أئمة العلم، أهل الاجتهاد، الفقهاء الأصوليون، أهل الردة، الأنبياء (١).
٣٧  الآيات (٨)، الأحاديث (١٦).
٣٨  الإجماع، ص٢٨٦.
٣٩  السابق، ص٢٦٠–٢٦٤.
٤٠  السابق، ص٢٦٤–٢٧٠.
٤١  السابق، ص٢٧١-٢٨٢.
٤٢  مثل: «من سرَّته بُحبوحة الجنة فليلزم صلاة الجماعة»، «من فارَق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه»، «عليكم بالسواد الأعظم»، «من فارق الجماعة مات ميتةً جاهلية»، «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق» … إلخ.
٤٣  السابق، ص٢٨٢–٢٨٤.
٤٤  السابق، ص٢٨٤.
٤٥  السابق، ص٢٨٤–٢٨٧.
٤٦  ابن حزم، مراتب الإجماع، بعناية حسن أحمد إسبر، دار ابن حزم، بيروت ١٤١٩ﻫ / ١٩٩٨م.
٤٧  عدد الكتب (١٧)، الأبواب (٢).
٤٨  يُذكَر من الفِرق الكلامية القدري والشيعي والإباضي والمرجئي. مراتب الإجماع، ص٣٢.
٤٩  ابن حزم، مراتب الإجماع، ص٢٦٧–٢٧٤.
٥٠  أسماء الكتب: الصلاة، الطهارة، الجنائز، الزكاة، الصيام، الحج، الأقضية، التفليس، الحجر، الغصب، الرهن، النكاح، الرضاع والنفقات والحضانة، البيوع، الفرائض، الوصايا والأوصياء، الحدود. والبابان باب الاعتكاف بين كتابَي الصيام والحج، وباب من الإجماع في الاعتقادات يكفُر من خالفه بإجماع.
٥١  اتفقوا (٩٦٣)، أجمعوا (٣٢)، اختلفوا (٣٧٠)، لم يتفقوا (٦)، لا إجماع (٤)، اختلف القائلون، اختلف الموجبون (١).
٥٢  «فهذه مسائل من الأحكام والعبادات، لا سبيل إلى وجود مسمَّى الإجماع لا في جوامعها ولا في أفرادها.» مراتب الإجماع، ص٢٤.
٥٣  الإمام الحافظ ابن تيمية حفظه الله تعالى، نقد مراتب الإجماع، بعناية حسن أحمد إسبر، دار ابن حزم، بيروت، ط١، ١٤١٩ﻫ / ١٩٩٨م.
٥٤  مثل الرد على ابن الراوندي المُلحد للخيَّاط في علم الكلام، ورد «تهافت التهافت» الشهير لابن رشد على «تهافت الفلاسفة» للغزالي.
٥٥  ابن حزم (٣)، أبو حنيفة (٥)، الشافعي (٤)، أحمد بن حنبل (٣)، البخاري (٢)، مسلم، مالك، القدرية (١).
٥٦  مراتب الإجماع (٢٥٢)، نقد مراتب الإجماع (٢٣).
٥٧  أبو عبد الله محمد بن عمر الأندلسي المعروف بابن الفخار (٤١٩ﻫ)، كتاب الانتصار لأهل المدينة، في «المقدمة في علم الأصول» لابن القصار، قرأها وعلَّق عليها محمد بن الحسين السليماني، دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٩٩٦م.
٥٨  السابق، ص٢١٩–٢٢٦.
٥٩  الآيات (٩).
٦٠  مالك (٧)، مالك وأصحابه (٢)، أبو يوسف (٣)، الشافعي، هارون (٢)، أبو حنيفة، عمر، عبد الرحمن بن عوف (١).
٦١  أهل المدينة (١٢)، أهل مكة، أهل الكوفة (١).
٦٢  الصحابة، التابعون (٣)، الأئمة، المجتهدون، الخوارج (١).
٦٣  القاضي عبد الوهاب بن علي بن نصر البغدادي (٤٢٢ﻫ)، إجماع أهل المدينة، المقدمة في الأصول لابن القصار، قرأها وعلَّق عليها محمد بن الحسين السليماني، دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٩٩٦م، ص٢٥٣–٢٥٥.
٦٥  الإمام علي بن إسماعيل الأبياري (٦١٨ﻫ)، إجماع أهل المدينة، المقدمة في الأصول لابن القصار، قرأها وعلَّق عليها محمد بن الحسين السليماني، دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٩٩٦م، ملحق ص٣٠٩–٣١٤.
٦٦  السابق، مالك (٧)، الشافعي (٣)، إمام الحرمين، شريح، علي (٢).
٦٧  أهل المدينة (٤)، الصحابة، التابعون (٢)، الأصحاب، الفقهاء (١).
٦٨  البرهان (١).
٦٩  السابق، ص٣١٢-٣١٣.
٧٠  القاضي أبو علي الحسين بن عتيق بن رشيق الربعي المالكي (٦٣٢ﻫ)، مسألة مرسومة في إجماع أهل المدينة، المقدمة في الأصول لابن القصار، قرأها وعلَّق عليها محمد بن الحسين السليماني، دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٩٩٦م، ملحق ص٣١٥–٣١٩.
٧١  من أسماء الأعلام: مالك (٥)، القاضي عبد الوهاب (٢)، أبو حامد، الأبهري، القاضي البغدادي، الطرطوشي، إسماعيل بن أويس، عائشة، حفصة (١). ومن الفِرق والجماعات: أهل المدينة (٣)، الشافعية (١). ومن أسماء الكتب: الموطأ (٢).
٧٢  الإمام أبو العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي المعروف بالقرافي (٦٨٤ﻫ)، عمل أهل المدينة، المقدمة في الأصول لابن القصار، قرأها وعلَّق عليها محمد بن الحسين السليماني، دار الغرب الإسلامي، بيروت ١٩٩٦م، ملحق ص٣٢١–٣٢٥.
٧٣  مالك (٣)، أبو يوسف (٢)، أبو حنيفة (١).
٧٤  أهل الحديث، المحدِّثون، العلماء، أبناء الصحابة، أوقاف الصحابة (١).
٧٥  الحجاز، الحرة، الأحاديث الحجازية، الأحاديث العراقية (١).
٧٦  الشافعي، كتاب إبطال الاستحسان، كتاب الأم، ج٧ (طبعة الشعب)، ص٢٦٧–٢٧٧ = (١٠) صفحات.
٧٧  الآيات (٥٠)، الحديث (١٨).
٧٨  أبو الحسين البصري، كتاب المعتمد في أصول الفقه، ويليه «زيادات المعتمد» و«القياس الشرعي»، اعتنى بتهذيبه وتحقيقه محمد حميد الله، بتعاون أحمد بكير وحسن حنفي، المعهد العلمي الفرنسي للدراسات الشرقية، ج٢، دمشق ١٣٨٥ﻫ / ١٩٦٥م.
٧٩  السابق، ج٢، ١٠٣١–١٠٥٠ = (١٠) صفحات.
٨٠  مباحث العلة (١٦)، حد القياس، الحكم (٢).
٨١  القرآن، الحديث، الشافعي (١).
٨٢  «اعلم أن الغرض من هذه المسألة أن نُورِد الوجوه التي يُتكلم بها في القياس الشرعي على قسمةٍ ملخصة، ونذكر ما يدور بين الفقهاء في مناظرة الفقه دون ما يختص أصول الفقه، نحو الدلالة على المنع من تخصيص العلة وما أشبه ذلك …» القياس الشرعي، ج٢، ١٠٣١.
٨٣  ابن حزم، ملخص القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل، للإمام الحافظ ابن حزم الأندلسي، بتحقيق سعيد الأفغاني، ط٢ ومنقَّحة، دار الفكر، بيروت ١٣٨٨ﻫ / ١٩٦٩م.
٨٤  قالوا (٩)، قلنا (٥)، قولهم، قال (٤)، نقول (٣)، فإن قالوا (٢)، فإن قيل، قلت، يقال (١).
٨٥  نسألهم، وذكروا، دعواهم (١).
٨٦  المقدمة الأولى (٤٤)، الآثار في إبطال القياس (١٣)، إبطال التقليد، الآثار في القياس (٣)، إبطال الاستحسان، الآثار في التقليد (٢)، قول جامع (١).
٨٧  أقيسة المصطفى.
٨٨  الآيات (٥٤)، الأحاديث (٣٣).
٨٩  الملخص، ص٣–٤٦.
٩٠  الرسول (٤٧)، البخاري، أحمد بن حنبل، عمر بن الخطاب (١٤)، الذهبي (١١)، الشعبي (١٠)، أبو بكر الصديق (٩)، الدارمي، مالك بن أنس (٨)، أبو حنيفة، الشافعي (٧)، ابن عباس، الزهري، شعبة، عبد الله بن عمر (٦)، الأعمش، سفيان الثوري، علي بن أبي طالب (٥).
٩١  مثل: أبو إسحاق الشيباني، حماد بن زيد، ابن سعد، سعيد بن المسيب، مجالد بن سعيد الهمداني (٤)، حماد بن سلمة، الخزرجي، أبو داود، داود ابن أبي هند، ابن سيرين، عبد الله ابن أبي الزبير، عمر بن الحارث، الليث بن سعد، ابن ماجه (٣)، وحوالَي أربعين علَمًا (٢)، وحوالَي مائة وستين علَمًا (١).
٩٢  الصحابة (٢٢)، العلماء (٨)، التابعون (٦)، الحنفيون، الشافعيون (٥)، المالكيون (٤)، القياسيون (٣)، أصحاب أبي حنيفة، أصحاب الرأي، العرب، الفقهاء (٢).
٩٣  «رواية أبي الحسن شريح بن محمد بن شريح الرعيني عنه كتابةً. أنبأني به أبو محمد عبد الله بن هارون الطائي من تونس عن أبي القاسم أحمد بن زيد بن عبد الرحمن البقوي عن شريح إذنًا، محيي الدين ابن عربي»، «عُلق من خط محيي الدين ابن عربي محمد ابن الذهبي وردت عليه في أماكن يسيرة»، السابق، ص١.
٩٤  الشيخ الإمام حجة الإسلام أبو حامد الغزالي محمد بن محمد بن محمد الطوسي، شفاء الغليل في بيان الشبه والمخيل ومسالك التعليل، تحقيق د. حمد الكبيسي، ديوان الأوقاف، بغداد ١٣٩٠ﻫ / ١٩٧١م.
٩٥  التعدية (٤٣٣)، العلة (٤٤)، الأصل (٣٨)، الحكم (٣٥)، الفرع (٨).
٩٦  «خيال وتنبيه» (١٦). شفاء الغليل، ص٦١، ٩٧، ١٠٠، ١٠٢، ١١٤، ١١٨، ١٢٦، ٥٧٣، ٥٧٧، ٥٧٨، ٥٨١، ٥٨٥، ٦٢٢، ٦٦٦، ٦٦٨، ٦٧٦.
٩٧  السابق، ص٥–٨.
٩٨  السابق، ص٩، ١٨.
٩٩  مآخذ الخلاف (٤)، تحصين المآخذ، المنخول (٣)، البيوع القديم، الرسالة، التقويم، التقريب (١).
١٠٠  شفاء الغليل، ص٩، ١٦، ٨٢، ٢٧٧، ٥٤٧.
١٠١  السابق، ص١١١–١١٤، ١٢٢–١٢٦، ٣١٧، ٣٢٨، ٣٣١، ٣٦٢، ٤١٧–٤١٩، ٤٢٥–٤٣٤.
١٠٢  السابق، ص٣٠٤، ٣١١؛ جدل المتكلمين، ص٤٨٣؛ للجدليين خلاف، ص٥٠٥؛ طريقة المآخذ كافية في الجدال، ص٥٦٤.
١٠٣  الأحاديث (٩٤)، الآيات (٤٤).
١٠٤  الشعر، شفاء الغليل، ص٧، ٨، ١٠؛ قول العرب، ص١٩؛ كلام العرب، ص٤٢.
١٠٥  السابق، ص٥٦، ٤٠٣، ٥٠٦.
١٠٦  السابق، ص٢٠١.
١٠٧  الحشوية (٣) المراوزة (٢)، السوفسطائية، الطردية (١).
١٠٨  أهل بغداد، أهل سمرقند، العراقيون، المعتزلة، صنعاء، العراق، مكة، نيسابور (١).
١٠٩  شفاء الغليل، ص٤٥٩.
١١٠  السابق، ص٢٢٢.
١١١  الشافعي (٨٩)، أبو حنيفة (٦١)، أبو زيد الدبوسي (٢٤)، مالك بن أنس (٢١)، عمر بن الخطاب (١٢)، الباقلاني (٦)، الإسفراييني، الجويني، ماعز (٤)، ابن المسيب، معاذ (٣)، ابن سريج، بشر المريسي، سلمة، أم سلمة، عائشة، عبادة، عثمان العتبي، أبو حنيفة العراقي (٢)، أبو بردة، أبو بكر الصديق، أبو بكرة، أبو بكر الفارسي، أبو سعيد الخدري، أبو سفيان، أبو قتادة، أبو هريرة، أبو يوسف، ابن عباس، ابن عمر، ابن الماجشون، أسامة بن زيد، بريرة، حمنة، الحنفي، خالد، خزيمة، سالم، عروة، علي، فاطمة بنت أبي حبيش، قاسم بن محمد، الكعبي، الشيباني، المزني، المغيرة، هند (١).
١١٢  الشيخ نجم الدين الطوفي الحنبلي، رسالة في المصالح المرسلة، ص٣٩–٦٩.
١١٣  القرآن (٢٢)، الحديث (٨).
١١٤  عمر، أبو هريرة، الشيعة، الفلاسفة (١).
١١٥  وهي: الكتاب، السنة، إجماع الأمة، إجماع أهل المدينة، القياس، قول الصحابي، المصلحة المرسلة، الاستصحاب، البراءة الأصلية، العادات، الاستقراء، سد الذرائع، الاستدلال، الاستحسان، الأخذ بالأخف، العصمة، إجماع أهل الكوفة، إجماع أهل العترة عند الشيعة، إجماع الخلفاء الأربعة.
١١٦  ابن تيمية (شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية)، القياس في الشرع الإسلامي، وإثبات أنه لم يَرِد في الإسلام نص يُخالف القياس الصحيح، المطبعة السلفية ومكتبتها، القاهرة ١٣٨٥ﻫ. وقد تم استبعاد نص ابن القيم لأنه مقتبَس من «أعلام الموقِّعين».
١١٧  «سئل شيخ الإسلام ابن تيمية، رضي الله عنه، عما يقع في كلام كثير من الفقهاء عن قولهم هذا خلاف القياس لما ثبت بالنص أو قول الصحابة أو بعضهم، وربما كان حكمًا مُجمَعًا عليه»، السابق، ص٦.
١١٨  «فمن ذلك قولهم: تطهير الماء إذا وقع فيه نجاسة خلاف القياس، بل وتطهير النجاسة خلاف القياس، والتوضؤ من لحوم الإبل على خلاف القياس، والإجارة والحوالة والكتابة والمضاربة والمزارعة والمساقاة والقرض وصحة صوم المفطر ناسيًا والمضي في الحج الفاسد، كل ذلك على خلاف القياس، وغير ذلك من الأحكام.» السابق، ص٦.
١١٩  «فهل هذا القول صواب أم لا؟ وهل يُعارض القياس الصحيح النص أم لا؟» السابق، ص٦.
١٢٠  الآيات (٣٢)، الأحاديث (٢٤).
١٢١  بلغت ٢١ مسألة، هي: (١) المضاربة والمساقاة والمزارعة. (٢) الحوالة. (٣) القرض. (٤) إزالة النجاسة، النكاح. (٥) تطهير الماء. (٦) التوضؤ من لحوم الإبل. (٧) الوضوء من النجاسة الخارجة من غير السبيلين. (٨) الفطر من الحجامة. (٩) فصل في التيمم. (١٠) السَّلم. (١١) مكاتبة الرقيق. (١٢) الإجارة. (١٣) العقل والدية. (١٤) ما عدوه على خلاف القياس نوعان. (١٥) إعادة المُصلي وحده خلف الصف. (١٦) نفقة الرهن المركوب والمحلوب. (١٧) الحكم فيمن وقع على جارية امرأته. (١٨) المضي في الحج الفاسد. (١٩) الأكل ناسيًا. (٢٠) أقوال الصحابة والقياس. (٢١) الحكم في امرأة المفقود.
١٢٢  القياس في الشرع الإسلامي، ص٣٥–٣٧.
١٢٣  السابق، ص١٣-١٤.
١٢٤  السابق، ص٢٤.
١٢٥  السابق، ص١٧.
١٢٦  مذهب أحمد (١٣)، أصحاب أحمد (٧)، رواية أحمد (٣)، أصول أحمد، نصوص أحمد (٢)، مذهب أهل الحديث وأحمد، رواة أحمد في مسائل ابنه صالح، ظاهر مذهب أحمد (١)، الشافعي (١٠)، أصحاب الشافعي (٣)، مالك (٥)، أبو حنيفة (٣)، أبو حنيفة وأصحابه، أبو حنيفة وأهل الظاهر (١)، ابن عقيل، القاضي أبو يعلى (٧)، الزهري (٣).
١٢٧  بعض الصحابة (٦)، مذهب جمهور العلماء (٤)، الجمهور (٢).
١٢٨  عمر (١٠)، أُسيد بن حضير، أبو بكر (٢)، ابن مسعود، العباس، أبو سفيان، ابن عباس، ابن عمر، سعد، أبو هريرة، ابن الخطاب (١).
١٢٩  أبو الزناد، ربيعة، أبو عبد الله ابن حامد، الخرقي (١)، ومن المحدِّثين البخاري والترمذي وأبو أحمد ابن المني.
١٣٠  داود، سليمان (٢).
١٣١  مالك والشافعي وأحمد، أبو حنيفة والشافعي وأحمد، أحمد والثوري وأبو عبيد (١)، أبو حنيفة ومالك، مالك وأحمد (٥)، مذهب أهل الحديث ومالك، أبو حنيفة والشافعي، الشافعي وأحمد (٢).
١٣٢  الصحابة (٨)، الفقهاء (٧)، الخلفاء الراشدون (٣)، فقهاء الحديث، أهل العلم، الفلاسفة، المتكلمون (١).
١٣٣  القياس الشرعي، ص٢٨.
١٣٤  إمام الأصوليين، وحافظ المحدِّثين، وقدوة المجتهدين، محمد بن علي الشوكاني صاحب «نيل الأوطار»، القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد. وعليه تعليقاتٌ مفيدة لرئيس التصحيح الشيخ إبراهيم حسن الإنبابي الشافعي، خادم العلم بالأزهر الشريف، البابي الحلبي، القاهرة (د. ت.).
١٣٥  القول المفيد، ص١٢، ٢٠.
١٣٦  القرآن (٦٠)، الحديث (٣٩).
١٣٧  السابق، ص٦، ٢٩، ٤٨.
١٣٨  الشافعي (١٤)، مالك (١١)، أحمد بن حنبل (٦)، أبو حنيفة، ابن القيم، الأوزاعي (٥).
١٣٩  ابن خويزمنداد، أبو يوسف، ابن دقيق العيد، المزني، الجويني، الشعراني، الثوري (١).
١٤٠  سحنون، الخطيب الذهبي، ابن الجوزي، أبو داود، ابن سيرين.
١٤١  الهادي بن الحسين (٢)، الزيدية، زيد بن علي (١).
١٤٢  القول المفيد، ص٢٣.
١٤٣  الشعر (٣)، المتنبي (١).
١٤٤  حضرة رفاعة بك ناظر قلم الترجمة وروضة المدارس، القول السديد في الاجتهاد والتجديد، مطبعة وادي النيل، القاهرة ١٢٨٧ﻫ.
١٤٥  الشعر (١٧)، الحديث (٧)، القرآن (٥).
١٤٦  الشافعي (٣٦)، السيوطي (١٩)، أبو حنيفة (١٨)، مالك (١٤)، سفيان الثوري (١٢)، ابن حنبل (١٠)، الغزالي (٨)، تقي الدين السبكي، عمر بن عبد العزيز (٧)، تاج الدين السبكي، ابن دقيق العيد، الزملي، المزني، أبو يوسف، محمد (٥)، القفال، الرافعي، النووي (٤)، محمد (الرسول)، ابن سريج، ابن حجر، زفر، عمر، عبد الله بن عباس، علي، السراج البلقيني، إمام الحرمين، ابن الأثير (٣)، الطبري، الحفيد، سفيان بن عيينة، الأوزاعي، ابن حزم، الكرخي، الرازي الحنفي، ابن كمال باشا، البويطي، ابن عمر، الباقلاني، زكريا الأنصاري، ابن سيرين، المقتدر (٢)، الشعراني، الصفدي، ابن جريج، البكري، ابن عبد السلام، البيهقي، أبو تمام، الشعبي، ابن علقمة، الليث بن سعد، ابن السبكي، الأشعري، الحسن البصري، ابن فورك، وعشراتٌ آخرون (١).
١٤٧  الحنفية (٧)، الفقهاء (٤)، الشافعية (٢).
١٤٨  تبلغ حوالَي خمسة عشر نصًّا، مثل: طبقات الشافعية (تاج الدين)، حُسْن المحاضرة، الرد على من أخلد إلى الأرض ويجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض (السيوطي)، شرح الرملي (الشوبري)، مختصر الكفاية (النقيب)، جمع الجوامع (السبكي)، الاقتصاد في مراتب الاجتهاد (البكري)، الهداية (المقدوري)، جامع الأصول (ابن كثير)، المناقب (البيهقي)، ونصوص أخرى مثل: الكنز، الفتوحات، الدر المختار … إلخ.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤