ماذا يدور في رأس «أحمد»؟

انسحب «مصباح» من بين زملائه، وطلب من «أحمد» أن يقوم هو بإحضار البراق، وقبل أن يركب سيارته كان «عثمان» قد وضع له فيها الكلاب.

وعندما نظر له مستفسرًا قال له: لم يعد لها عمل هنا.

وبعد انصراف «مصباح» قال لهم «عثمان»: اسمعوني يا زملائي، إن بقاءنا هنا جميعًا لم يعد له جدوى الآن، بالذات ولدينا ثلاث مهام.

زبيدة: إن مهمتنا الرئيسية الآن هي «ريما».

أحمد: «عثمان» لديه حق؛ فكل منا له عمل في هذه المهام.

هدى: وما هي هذه المهام؟

عثمان: أولًا البحث عن «بيتر»، وهي مهمة ليست يسيرة.

أحمد: وثانيًا زيارة موقع الانفجار الآخر، وأشعر أن هذا سيقرِّبنا كثيرًا من «ريما».

إلهام: ومهمتنا هنا هي المهمة الثالثة.

أحمد: نعم، ويمكنك يا «عثمان» أن تقود مجموعة البحث عن «بيتر»، وستكون معك «زبيدة» و«هدى» و«بو عمير».

إلهام: وأقوم أنا بزيارة موقع الانفجار الآخر …

فقال «أحمد» مقاطعًا لها: لا بل ستكونين معي أنت و«خالد» و«فهد».

قيس: لم يتبقَّ غيري و«رشيد» و«باسم».

أحمد: ستقودهما أنت يا «قيس» وسيكون معكم «مصباح».

عثمان: وكيف سأبدأ البحث عن «بيتر» ومن أين؟

أحمد: هذه مسئوليتك أنت، وقم بإدارتها كيفما ترى.

قيس: وهل سأنتظر أنا و«مصباح»؟

أحمد: لا بل تحرَّكوا وعند عودته سأرسله إليكم.

قطع صمتَ الصحراء هديرُ سيارات الشياطين، وطوى ظلامَ ليلها نورُ كشافاتها. وبعد تحية الضابط الجَسور والجنود المخلصين، انطلقوا في مجموعتَين؛ الأولى في اتجاه «الفيوم»، والأخرى في اتجاه ميدان الرماية، ممَّا جعل «إلهام» تسأل «أحمد» قائلة: إلى أين يذهب «عثمان»؟

أحمد: إلى المقر.

إلهام: هل سيبحث عن «بيتر» هناك؟!

أحمد: بل سيبدأ البحث من هناك.

وعندما وصل «عثمان» إلى المقر، طلب من مجموعته أن يراجعوا الأحداث التي وقعت في الفترة الأخيرة مراجعةً دقيقة، وأن يسجِّلوا ما وصلوا إليه من معلومات.

وبالطبع تطلَّب ذلك التواجد في مركز معلومات المقر، والذي كان خاليًا تمامًا من رواده، وجلس «عثمان» ومعه فريق العمل إلى أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، وانشغل كل منهم في عمله.

وغرقت القاعة في هدوء شديد، لم يقطعه غير تكات أزرار لوحة مفاتيح الأجهزة، ولكن ذلك تغيَّر فجأةً عندما قطع هذا الصمتَ «بو عمير» وهو يقول: لماذا لا نتصل ﺑ «بيتر» في إنجلترا؟

عثمان: كيف نتصل به هناك وهو هنا؟!

بو عمير: وما أدراك أنه لا يزال هنا؟

ثبتت عينا «عثمان» في عينَي «بو عمير» للحظات قبل أن يقول له: قد يكون لك الحق في ذلك.

هدى: وإن لم نجده … نسأل المراقبة الجوية إن كان قد خرج من مصر أم لا؟

زبيدة: ولماذا لا نقوم بذلك أولًا؟

عثمان: بماذا؟

زبيدة: نتأكَّد من أنه لم يغادر مصر!

عثمان: سأطلب من قيادة المقر ذلك.

وبالفعل قام «عثمان» بالاتصال بقيادة المقر، وحصل منهم على وعد بتلبية رغبته فورًا، وبعدها اتصل ﺑ «أحمد» في موقعه يطمئن منه على مجريات الأمور عنده، ويبلغه بالخطوة التي اتخذها … غير أنه لم يجِبه.

فأعاد الاتصال أكثر من مرة، فلم يتلقَّ ردًّا منه.

فرأى أن يتصل ﺑ «إلهام» ليعرف المانع الذي عطَّل «أحمد» عن أن يجيب على اتصاله، لكنه لم يتلقَّ ردًّا أيضًا، فاندهش لذلك، وطلب من زملائه مداومة الاتصال بمجموعة «أحمد».

وبعد محاولات كثيرة أجابهم «خالد»: إننا نطلبكم منذ فترة.

خالد: هل هناك أخبار خطيرة يا «بو عمير»؟

بو عمير: أخبار ماذا؟

وهنا قاطعه «عثمان» قائلًا: أي أخبار يا «بو عمير»؟

بو عمير: لم يخبرني بعد.

عثمان: إذن افتح الخط من فضلك.

وضغط «بو عمير» زرًّا بجهاز الكمبيوتر، فتردَّد صوت «خالد» في القاعة وهو يقول: هل أنت معي يا «بو عمير».

عثمان: وأنا أيضًا معك يا «خالد».

خالد: نحن الآن في موقف لا يمكِّنني من الحديث معكم.

عثمان: موقف ماذا؟

خالد: نحن الآن …

وبدا صوت «خالد» غير واضح … والحروف تصل مفكَّكة، ثم علا صفير حاد … وبعد ذلك انقطع الاتصال تمامًا … ممَّا أثار أعصاب «عثمان»، فقال ﻟ «بو عمير»: تابع الاتصال به.

بو عمير: لقد تركت المحاولة للكمبيوتر، ولكن ألَا ترى أن ما يحدث أمر غريب.

عثمان: نعم … فهم ليسوا بعيدين عنَّا كثيرًا.

هدى: حتى وإن كانوا بعيدين … فما لدينا من أجهزة هي أحدث أجهزة اتصال في العالم.

زبيدة: ألَا نتصل بها عبر القارات؟!

عثمان: معك كل الحق … ولكني أقصد أنهم حتى لو تعرَّضوا لمحاولات التشويش فلن تنجح لقربهم منا.

بو عمير: إنهم داخل مبنًى معدني.

عثمان: وأين هذا المبنى؟ … وكيف ولماذا دخلوه؟

بو عمير: قد يكونون الآن أسرى.

عثمان: والضابط الذي كان معهم والجنود … لا … لا … أنا لا أصدِّق ذلك.

ومرةً أخرى نجح الكمبيوتر في الاتصال ﺑ «خالد»، الذي ناداهم بصوت عالٍ قائلًا: ألَا زلت معي يا «بو عمير»؟

بو عمير: نعم يا «خالد»، أنتم بخير؟

خالد: لا أعرف.

انزعج «عثمان» جدًّا لإجابة «خالد»، فسأله قائلًا: لماذا ينقطع الاتصال بيننا؟

خالد: لأن الاتصال هنا صعب.

عثمان: وماذا تقصد بذلك؟

خالد: إننا نسير في نفق مظلم.

عثمان: وأين هذا النفق؟

خالد: إنه في … انفجر … ت.

ومرةً أخرى انقطع الاتصال به.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤