الباب الخامس

في الكلام على مملكة الروسية

(١) في تاريخها

اعلم أنه لم يُعرف في القديم من سكان هاته المملكة إلَّا أهل الجنوب، وكان الأقدمون يدعون هذه الجهة باسمَي سرماتيا وشيتيا على وجهٍ إجمالي من دون تحديد معلوم، ويقسمون القبائل القاطنة بها إلى سرمات وركسولان ويازيج وأغاتيرس وكيمريس وتاوري وماوت وغير ذلك. ثم في القرون الأولى من السلطنة الرومانية أغار السرمات وهم فرع من السلاف سكان شمال الروسية الأصليين على الجهة الجنوبية المذكورة وتملكوها، واستمرت في سلطتهم إلى أن خرجت عليهم في القرن الثالث من التاريخ المسيحي أمة الغوت من أرض سكندينافيا (وسيأتي ذكرها) واستولت على غالب القبائل المستقرة بين بحر البلتيك والبحر الأسود، فتكون من ذلك بين أنهر النييمَن والدنييبر والولغا والدون سلطنة كبيرة شملت جميع ما يسمى الآن روسية أوروبا، وفي سنة ست وسبعين وثلاثمائة أغار الهن المتقدم ذكرهم في الأبواب السالفة على هذه السلطنة وأسقطوها فاستمرت البلاد بعد ذلك مدة أربعة قرون ممرًّا للأمم الواردة على أوروبا من المشرق وميدانًا للاضطرابات المسترسلة. وبالجملة فقد استولت عليها أمم الهن والألان والبلغر والخزر على التعاقب وطرد بعضهم بعضًا، ومع ذلك الاضطراب فقد تأسست بها مدن في حدود القرن السادس وأشهرها نفوغورود الكبرى وكياف، ثم ظهرت بها أمة الفاراغ وهي من أمم جرمانيا الساكنين بشاطئ البلتيك وقدومهم إليها كان باستدعاء من أهل نفوغورود ليدافعوا عن حدودهم ضد أهل فينلاند.

ثم إن روريك رئيس الفاراغ استولى على نفوغورود ولقِّب بالأمير الكبير سنة اثنتين وستين وثمانمائة، ثم امتدت أيدي ذريته حتى استولوا في أقرب وقت على القسم الجنوبي من الروسية وعلى الغاليسيا واستقروا بكياف إلى أن ضيَّقوا على القسطنطينية وأخافوا أهلها، وازدادت شوكتهم ونمَت مكاسبهم في مدة الأمير فلاديمير الكبير الذي أدخل الديانة النصرانية إلى بلاده سنة ثمانٍ وثمانين وتسعمائة. واستمر ارتفاع شأنهم وزادت شوكتهم في مدة ياروزلاف الأول صاحب شريعتهم وأحكامهم، وذلك من سنة تسع عشرة وألف إلى أربع وخمسين وألف، ثم بعد ذلك اشتعلت بها نيران الحروب الأهلية بسبب ما كان لهم من العادة القبيحة من قسمة الممالك بين أمراء العائلة الملكية، فإن الأمير منهم كان يستولي على قطعة من الأرض بما فيها، وكذا تعطى قطع للبنات عند زواجهن، فنشأت من ذلك الحروب الأهلية التي انقسمت بها المملكة إلى أقسام يتعذَّر معها اتحاد الإمرة، فبقيت كياف التي هي تخت السلطنة مقرًّا للأمير الكبير وبقية الأقسام تحت سلطنة أمراء من تلك العائلة، وهي إمارة نفوغورود وبولوتسك وسمولانسك وتشرنغوف وبريزلاف وتموتركان وهاليكس وتفار وفلاديميرس وسوزدال، ثم موسكو التي تأسست في سنة سبع وأربعين ومائة وألف. ومع هذا الاضطراب الذي كان داخل المملكة كانت الغارات المشرقية تتداول عليها، فمن ذلك ما فاض عليها من أمة البشيناغ وأمة بولوفتس وأمة المغول.

ففي سنة أربع وعشرين ومائتين وألف اجتاز باتوخان ابن جنكزخان بجيش المغول وادي ولغا وافتتح قسمًا من الروسية الجنوبية، وأسس السلطنة الكبيرة المسماة بسلطنة كابشاك، وفي سنة أربعين ومائتين وألف استولى باتو بن توشي أحد أمراء المغول على مدينة كياف، وبعد مدة يسيرة انقاد لأحكامه البودوليا والفولينيا والغاليسيا الشرقية كما انقاد لطاعته أمراءُ الروسية الشمالية، ولم يبقَ منهم مستقل بأمره إلَّا أمير موسكو الذي تلقَّب في سنة ألف وثلاثمائة وثمانٍ وعشرين بلقب الأمير الكبير، وقد دامت سلطة المغول على الروس مدة مائة وخمسين سنة، وذلك من سنة ألف ومائتين وأربعين إلى سنة ألف وثلاثمائة وتسع وثمانين، ثم بوقوع حروب أهلية في المغول والتتار واستيلاء تيمور على بلدانهم اتسعت عن الروسية ربقة العبودية، ومع ذلك فقد ضيقوا على مدينة موسكو ونُهبت مرارًا ولم تتحرر تلك البلاد من رق التتار إلَّا في سنة ألف وأربعمائة وإحدى وثمانين على يد الأمير الكبير إيفان الثالث، وطوَّع هذا الأمير في ذلك العهد نفوغورود وبسكوف والبيارمية وضم إلى ممالكه عدة ولايات كانت لأمراء منها السفاريا، ثم أضاف أيضًا إلى مملكته القسم الغربي من سيبيريا. ثم إن بازيلي وإيفان الرابعين اللذين استوليا بعد الأمير المذكور شرعا في الحروب التي استمرت مدة طويلة مع أهل بولونيا وجماعة الكفالييرات التوتونيك وأهل السويد، وفي أيامهما افتتحت سمولانسك وقازان واستراكان وغالب سيبيريا، وعجز إيفان المذكور عن أخذ الليفونيا مع شدة اجتهاده وحرصه على أخذها.

ثم في سنة ألف وخمسمائة وثمانٍ وتسعين انقطعت عائلة روريك ووثب بوريس غودونوف على كرسي المملكة فنشأت من ذلك اضطرابات مع ما كان من تحارب بولونيا والسويد على أخذها، ولم يزل ذلك الاضطراب بها حتى أشرفت على الاضمحلال. ثم بولاية ميشال رومانوف في سنة ثلاث عشرة وستمائة وألف خمدت نيران الحروب وزال معظم الضرر، وقامت الروسية على ساقها شيئًا فشيئًا في مدة هذا الأمير. ثم في أيام الذي بعده استُرجعت سفاريا من أيدي البولونيين. ولما انتقلت الدولة لبطرس الكبير من سنة اثنتين وثمانين وستمائة وألف إلى سنة خمس وعشرين وسبعمائة وألف أخذ في توسيع دائرة المملكة وتهذيب أخلاق أهلها بالفنون والصناعات، وكان مطمح نظره تحرير أهل الروسية واستخلاصهم من ربقة الجهل والعبودية وتنمية عَددهم وعِددهم. وكان اقتضى الحال أن يزور بنفسه الممالك الأوروباوية ويشاهد الأمم الذين أحرزوا قصب السبق في ميدان التمدن، فتوجه أولًا إلى مملكة هولاندة وتعلم بها صناعة النجارة واصطناع السفن، وكان يخدم بترسخانة صاردم مثل آحاد الناس متسميًا باسم بطرس ميكايلوف، ثم توجه إلى إنكلترة واختار منها مهندسين حذَّاقًا ليصطنعوا له خليجًا بين واديَي دون وولغا، ومع ذلك فلم تُنقِص هذه الأشغال من ملاحظته لمصالح بلاده وأسباب عمرانها مع استرساله في الحروب الهائلة. ومن مآثره أنه هذَّب الأحكام ودوَّن لها قانونًا ونظم أحوال الضبطية وأجاد صناعة السفن وترتيب الحربي منها، وأعان أصحاب الصنائع وأبدل حكم البطرك الذي هو كبير الكنيسة المستبد بحكم المجلس الذي ركَّبه للنظر في أمور الديانة، وأسس أكدمية العلوم بمدينة بطرسبورغ واخترع كيفيات نياشين الافتخار لتمييز ذوي المناصب، وأسس المدينة المذكورة التي هي التخت الآن، ووسع نطاق المملكة إلى بحر البلتيك وبحر الخزر والبحر الأسود، وضعضع ملك بولونيا وأوقفها على السقوط وكسر من شوكة السويد وتداخل في سياسة أوروبا العمومية، وقوَّى سلطته ونفوذ كلمته داخل مملكته بجعل نفسه رئيسًا للديانة.

ثم لما أفضتِ الدولة في سنة اثنتين وستين وسبعمائة وألف إلى عائلة هولستين غوتورب الغربية من بنت رومانوف لانقراض عقب البيت المذكور وقفت الروسية عن التقدم هنية. ثم في مدة كاترينا الثانية من سنة ثلاث وستين وسبعمائة وألف إلى ست وتسعين عادت إلى التقدم وتوسيع الدائرة إلى أن بلغت ما بلغت من القوة والاشتهار وفتحت بلاد التتار الصغرى مع أرض القريم وافتكَّت الليتوانيا من يد البولونيين واستولت على الكورلاند والكوكاز أي الجركس، وظفرت بنصف مملكة بولونيا عند اقتسامها في سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة وألف، وابنها بولس الأول المستولي بعدها دخل في التحزب الأوروباوي على فرنسا وبعث جيشًا تحت رئاسة الجنرال سوفاروف سنة تسع وتسعين وسبعمائة وألف إلى السويسرة لمحاربة الفرنسيس هناك، فاسترسلت الحروب مع فرنسا حتى أوقفها إسكندر الأول بشروط تيلسيتس سنة سبع وثمانمائة وألف. ثم تجددت الحروب سنة اثنتي عشرة بين الدولتين حتى اضطرت الروسية إلى إحراق مدينة موسكو بنفسها إرغامًا لنابوليون الأول، ومع ذلك فلم تتنازل عن قوتها بل أخذت حينئذٍ فينلاند والبوتنيا الشرقية وباسرابيا الكرج. ثم في سنة خمس عشرة وثمانمائة وألف تسلَّطت على أكثر من ثلثي بولونيا الكبرى التي كان نابوليون قبل ذلك بثمان سنين أنشأها دولة مستقلة باسم غران دوكاتو وأرسوفيا، وأنشأت فيهما مملكة ذات كونستيتوسيون بلقب مملكة بولونيا.

وكانت الروسية في ذلك الوقت أكثر الدول الكبار سطوة ونفوذ الكلمة في أوروبا، ورئيسةً للحزب المعروف بصانت إليانس؛ أي المعاهدة المقدسة المنعقدة بينها وبين دول بروسية وأوستريا وإنكلترة وبعض الدول الصغار على محاربة نابوليون المذكور. ثم بعد انتقال السلطنة إلى الإمبراطور نيكولا استولت الروسية على القسم الأكبر من أرمينية وافتكَّتْه من يد الفرس وكذا إيالة أخالسيكي ومصب نهر التونة من يد الترك.

وفي سنة تسع وعشرين وثمانمائة وألف بلغ جيش نيكولا إلى نواحي القسطنطينية فأوقفه تداخل الدول الكبار، وقبل ذلك كانت هذه الدولة ضعَّفت الدولة التركية ضعفًا بيِّنًا بإعانتها الإغريق على تحصيل استقلالهم من سنة عشرين وثمانمائة وألف إلى سنة سبع وعشرين، وبسعيها في تحرير الصرب والفلاق والبغدان وجعلها تحت حمايتها. والحاصل أن الدولة العثمانية رأت الشدة عند عقدها مع الروسية شروط هنكار أسكله سي في سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة وألف، وقد ثار أهل بولونيا في ذلك الوقت على الروسية مع قيام أهل فرنسا على ملكهم في سنة ثلاثين وثمانمائة وألف إلَّا أنها قهرتهم وطوعتهم مع ما أظهره الثوار من قوة المدافعة، ومن ذلك الوقت صارت بولونيا قطعة من مملكة الروسية بعد أن كان لها نوع استقلال بشروط كانت بينهما.

ولما ظفر الإمبراطور نيكولا في سائر الوجهات ورأى خلو الجو له عزم في سنة ثلاث وخمسين وثمانمائة وألف على حماية النصارى القاطنين بإيالات الدولة العثمانية، فأنشأ حروبًا جديدة مع الدولة المذكورة أفضى الحال فيها إلى اتحاد فرنسا وإنكلترة مع الدولة العثمانية ووقوع الانكسار على جيش الروسية عدة مرات حتى انقادت إلى طلب المصالحة بعد فقدها مدينة سيبستبول في القريم، وتمت شروط الصلح وصححت في منتهى مارس سنة ست وخمسين وثمانمائة وألف، وكان النجاح فيها للدول المتحدة. وفي أثناء الحروب المذكورة ولي إسكندر الثاني ابن نيكولا وهو الذي عقد الصلح، ثم شرع في إصلاح ما فسد بالحروب المشار إليها وتقويم حال سلطنته فابتدأ بتحرير الرعايا من سلطة الأعيان عليهم ونظَّم كيفية تعليم العامة، وبينما هو بصدد تفقد حال بلاده إذ ثار عليه أهل بولونيا في سنة ثلاث وستين وثمانمائة وألف، ولم يستتب له تطويعهم إلَّا بعد سنتين بواسطة حروب أهريقت فيها دماءٌ غزيرة.

(٢) في ذكر ملوك الروسية على ترتيبهم في الولاية

سنة   
عائلة روريك
۸٦۲ روريك الأول أولًا مع أخويه سميوس وتروفر ثم وحده
۸۷۹ أوليغ نائب الدولة عن إيغور
۹۱۳ إيغور المذكور ابن روريك
۹٤٥ أولغا زوجة إيغور المذكور
۹٦٤ زفياتوزلاف الأول
۹۷۳ ياروبولك الأول
۹۸۰ فلاديمير الأول
۱۰۱٥ زفياتوبولك الأول
۱۰۱۹ ياروزلاف الأول
۱۰٥٤ إيزيازلاف الأول عُزل مرتين ورجع إلى ۱۰۷۸
۱۰٦۷ فزيزلاف
۱۰۷۳ زفياتوزلاف الثاني إلى ۱۰۷٦
۱۰۷۸ فزيفولود الأول
۱۰۹۳ زفياتوبولك الثاني
۱۱۱۳ فلاديمير الثاني
۱۱۲٥ مستيزلاف الأول
۱۱۳۲ ياروبولك الثاني
۱۱۳۷ فياتشيزلاف
۱۱۳۸ فزيفولود الثاني
۱۱٤٦ إيغور الثاني
۱۱٤٦ إيزيازلاف الثاني إلى ۱۱٥٤
۱۱٤۷ يوريي الأول في مدينة موسكو ثم في مدينة كياف من سنة ۱۱٤۹ إلى سنة ۱۱٥۷
ثم وقع خلاف وانشقاق بين ملوك موسكو وكياف واستمر مدة ست وثمانين سنة مبدأها ۱۱٥٤
۱۱٥٤ في كياف روستيزلاف الأول إلى ۱۱٦۲
۱۱٥٤ في مدينة موسكو أندريا الأول بوغوليوسكي إلى ۱۱۷٥
۱۱٥٦ في كياف إيزيازلاف الثالث إلى ۱۱٦۷
۱۱٦۷ فيها أيضًا مستيزلاف الثاني إلى ۱۱۷۰
۱۱٦۸ فيما ذكر غليب يوريا فيتش؛ أي ابن يوريي الأول إلى ۱۱۷۲
۱۱۷۲ فيما ذكر ياروزلاف الثاني إيزيازلافيتش إلى ۱۱۷٥
۱۱۷٥ في موسكو مكاييل الأول إلى ۱۱۷۷
۱۱۷۹ في كياف رومان الأول
۱۱۷۷ في موسكو فزيفولود الثالث إلى ۱۲۱۲
۱۱۷۹ في كياف زفياتوزلاف الثالث إلى ۱۱۹۳
۱۱۹۳ فيها إيضًا روريك الثاني إلى ۱۲۰۹
۱۱۹۳ فيها أيضًا رومان الثاني إلى ۱۲۰٦
۱۲۰٦ فيها أيضًا فزيفولود الثالث إلى ۱۲۱۲
۱۲۱۲ فيها أيضًا مستيزلاف الثالث إلى ۱۲۲٤
۱۲۱۳ في موسكو يوريا الثاني إلى ۱۲۳۸
۱۲۳۰ في كياف فلاديمير الثالث إلى ۱۲۳۹
۱۲۱۷ في موسكو قسطنطين إلى ۱۲۱۸
۱۲۳۹ في كياف ميكاييل الأول فزيفولودوفيتش إلى ۱۲٤۰
۱۲۳۸ في موسكو ياروزلاف الثاني أخو ميكاييل إلى ۱۲٤۰
وبعد حروب باتو بن توشي انتقل التخت أولًا إلى فلاديميرس ثم إلى موسكو
۱۲٤۰ ياروزلاف الثاني المذكور
۱۲٤۷ زفياتوزلاف الثالث فزيفولودوفيتش
۱۲٤۹ أندريا ياروزلافيتش
۱۲٥۲ صانت إسكندر الأول سمِّيَ نفسكي لانتصاره على السويد عند نهر النيفا
۱۲٦۳ ياروزلاف الثالث ياروزلافيتش
۱۲۷۲ بازيلي الأول
۱۲۷٦ ديمتري الأول إلى ۱۲۹٤
۱۲۹٤ أندريا الثاني إلى ۱۳۰٤
۱۲۹٥ دانيال
۱۳۰٤ بازيلي من سوزدال
۱۳۰٤ ميكاييل الثاني من تفار إلى ۱۳۱۹
۱۳۱۹ يوريي الثالث
۱۳۲۳ ديمتري الثاني من تفار
۱۳۲٦ إسكندر الثاني من تفار
۱۳۲۸ إيفان الأول كاليتا
۱۳٤۰ سيميون
۱۳٥۳ إيفان الثاني
۱۳٥۹ ديمتري الثالث من سوزدال
۱۳٦۲ ديمتري الرابع دونسكي
۱۳۸۹ بازيلي الثاني
۱٤۲٥ بازيلي الثالث الضرير
۱٤٦۲ إيفان الثالث الملقَّب بالكبير
۱٥۰٥ بازيلي الرابع
۱٥۳۳ إيفان الرابع الملقَّب بالمهول، وهو أول من تسمَّى كزاراي إمبراطور
۱٥۸٤ فادور الأول
۱٥۹۸ بوريس غودونوف من عائلة رومانوف
۱٦۰٥ فادور الثاني
۱٦۰٥ ديمتري الخامس واسمه الحقيقي غريغوريوس
۱٦۰٦ بازيلي الخامس شويسكي
۱٦۱۰ فلادزلاس من بولونيا
عائلة الرومانوف
۱٦۱۳ ميكاييل الثالث
۱٦٤٥ ألكسيس الأول
۱٦۷٦ فادور الثالث
۱٦۸۲ إيفان الخامس وبطرس الأول الكبير
۱٦۸٦ صوفيا مع المذكورَين إلى ۱٦۸۹
۱٦۸۹ بطرس الكبير وحده
۱۷۲٥ كاترينا الأولى زوجة بطرس المذكور
۱۷۲۷ بطرس الثاني
۱۷۳۰ حنَّى بنت إيفانوف
۱۷٤۰ إيفان السادس
۱۷٤۱ إلزبث أو إليصابات بنت بطرس
عائلة هولستين غوتورب
۱۷٦۲ بطرس الثالث من هولستين غوتورب حفيد إليصابات
۱۷٦۲ كاترينا الثانية من أنهالت زوجة بطرس الثالث المذكور
۱۷٦۹ باولو الأول أي بولس ابنها
۱۸۰۱ إسكندر الأول
۱۸۲٥ نيكولا الأول
۱۸٥٥ إسكندر الثاني الموجود الآن

(٣) في وصف مملكة الروسية

اعلم أن هذه المملكة هي أكبر ممالك الأرض لامتدادها في أوروبا وآسيا وأميركا من ست عشرة درجة وعشر دقائق إلى مائة وثلاث وثلاثين درجة من الطول الشرقي، ومن ثمانٍ وثلاثين درجة وأربعين دقيقة إلى إحدى وثمانين درجة من العرض الشمالي، وطولها من الشرق إلى الغرب خمسة عشر ألف كيلومتر وعرضها من الشمال إلى الجنوب خمسة آلاف كيلومتر، ويقال إنها مقدار تُسع سطح الأرض كما أنها جزءٌ من تقسيم جرم الكرة إلى ثمانية وعشرين جزءًا، وبها من السكان مقدار سكان ربع أوروبا وجزء من خمسة عشر جزءًا بالنسبة إلى جميع البشر. والبحور محيطة بها في غالب جهاتها، وفي جهة الشمال منها البحر الجامد. ويحدها في أوروبا من ناحية الغرب مملكة النمسة والمملكة البروسيانية وبحر البلتيك ومملكة السويد، ومن ناحية القبلة بعض مملكة الترك، وفي آسيا بعض مملكة الترك أيضًا، ومملكة الفرس والتركستان ومملكة الصين، ويحدها شرقًا أميركا الإنكليزية. وأعظم أقسامها الثلاثة آسيا لكن القسم الأوروباوي منها الذي يمكن أن يبلغ نصف قسم آسيا هو المهم المعتبر. وتكسير مساحتها أربعمائة ألف وأربعة وعشرون ألفًا واثنان وأربعون ميلًا مربعًا جغرافيًّا، أي ثلاثة وعشرون مليونًا ومائتان وستة وثلاثون ألفًا وسبعة وعشرون كيلومترًا مربعًا. وعدد سكانها ثمانون مليونًا ومائتان وأربعة وخمسون ألفًا وأربعمائة وثلاثون نفسًا، منهم واحد وستون مليونًا وواحد وستون ألفًا وثمانمائة نفس في أوروبا.

وجملة رعايا الروسية تنقسم باعتبار أمر الديانة إلى هذه الأقسام، وهي: تسعة وستون مليونًا ومائتان وخمسة وستون ألفًا على مذهب الإغريق، ومليون وتسعمائة ألف على مذهب البروتستانت، وثلاثة ملايين وستمائة ألف واحد وستون ألفًا على مذهب الكاثوليك، وأربعة ملايين وأربعمائة ألف وستة وستون ألفًا من الإسلام، والباقي يهود وغيرهم.

وكان تخت السلطنة في القديم مدينة موسكو، ومن سنة ثلاث وسبعمائة وألف صار التخت مدينة بطرسبورغ، وبعض أقسامها يسمى حكومة وبعضٌ إيالة وبعض مملكة، وهو قسم بولونيا القديمة. ويشتمل القسم الأوروباوي على خمسين حكومة، وبولونيا على خمس حكومات، وفينلاند على ثمانٍ، وكذا الكوكاز والسيبيريا على إحدى عشرة حكومة، فجملتها خمس وثمانون. وأما القسم الأميركاني فقد كان في ملك جمعية من تجار الروس ولذلك لم توجد له إدارة رسمية، والآن بيع لدولة أميركا، والبحور المحيطة بهذه السلطنة عظيمة منها البحر الأبيض في ناحية الشمال وبحر البلتيك في الناحية الغربية والبحر الأسود وبحر أزوف في ناحية القبلة وبحر الخزر فيما بين القبلة والشرق. وليس في القسم الأوروباوي جبال معتبرة إلَّا في الناحية الشرقية منها، فيوجد جبال أورال. أما قسم آسيا فكثير الجبال الكبيرة؛ منها بناحية الجنوب جبال الكوكاز وبناحية الشمال فروع جبال الأورال الممتدة إلى الناحية الشرقية، ثم جبال آلتاي الصغير وجبال سيانيان وجبال كانتي العليا وجبال داوري وجبال يابلونوي وجبال آلدان وستانوفوي. أما أوديتها فهي من أكبر الأودية، منها في قسم أوروبا الولغا والدنييبر والباتشورا والدوينتان والنيامن والدنييستر والدون، وغير هذه مما لا يختص بالروسية كواديي الفيستول والكور، وفي قسم آسيا الكوبان والأوبي واليانيسي واللينا وغيرها مما هو أقل طولًا منها كالأورال والخاقانغا وغيرهما.

هذا، وأما أسباب التواصل في الروسية فإنها إلى الآن لم تكن تامة مرضية، لكنها آخذة في التقدم والحسن، والدولة بصدد إتمام الطرق الحديدية لتواصل الإيالات وبلدان المتجر الكبار، وقد أوصلت طريقًا من بطرسبورغ إلى مدينة موسكو طوله ستمائة وأربعون كيلومترًا، وكان انتهاؤه سنة إحدى وخمسين وثمانمائة وألف، وطريقًا آخر من بطرسبرغ إلى فارسوفيا على ويلنا طوله مع الفرع الواصل إلى كانغزبرغ ببروسية ألف ومائتان وثمانية وأربعون كيلومترًا، وعما قريب توصل مدينة تيودوزيا إحدى مراسي القريم بمدينة موسكو بطريق يكون امتداده ألفًا ومائة وتسعة وخمسين كيلومترًا. وهناك طريق آخر يتوجه من موسكو إلى دونابورغ الكائنة على وادي الدوينا ليتصل منها بمدينة ليابو، وهي من أكبر مراسي الكورلاند على بحر البلتيك، وطول هذا الطريق ألف ومائتان وسبعة عشر كيلومترًا ثم يتضاعف بين الشمال والجنوب، ومجمع الطرق في كرسك الذي هو مركز بين وسط المملكة والناحية الجنوبية، وسينزل خط الطريق من هناك بين وادي الدون والدنييبر مع فرع طوله ثلاثون كيلومترًا يصل إلى قرب أوديسة، كما يخرج من موسكو طريق آخر يتوجه إلى الناحية الشرقية مارًّا بفلاديميرس وينتهي إلى نيجني نفوغورود، وطوله أربعمائة وستة وعشرون كيلومترًا، ثم يمتد إلى ناحية سيبيريا ليتصل بحدود الصين، وبالجملة فقد جمع بالطرق المشار إليها بين ثلاثة تخوت وهي فارسوفيا وبطرسبورغ ومدينة موسكو وبين ثلاثة بحور وهي بحر البلتيك وبحر الخزر والبحر الأسود وبين ثلاثة أقطار وهي القطر الشمالي والقطر المركزي والقطر الجنوبي من تلك السلطنة، كما جمع بها بين عدة بلدان كانت متصلة بالخلج المصنوعة، فقد حصل بها لدولة الروسية هيئة اجتماعية لا تحصل بدونها، واتصال بأوروبا من جهة بروسية والنمسة. أما الاتصال بالخُلج فلهم فيه كيفية مستحسنة بها قرب تواصل مراسي الروسية مع الإيالات الداخلية، فبحر البلتيك يتصل ببحر الخزر بخليجين وبالبحر الأسود بثلاثة خُلج كبار، كما يتصل هذا البحر ببحر الخزر بخليج واحد، ومن وادي ولغا والنيفا والدوينا والدون والدنييبر والنيامن تحصل اتصالات في غاية الامتداد.

هذا، وإن مملكة الروسية محتوية على عدة أمم مختلفة الأجناس أعظمها جنس السلاف، ومن هذا الجنس الروس والبولونيز؛ أي أهل بولونيا، ثم الليفونيان؛ أي أهل ليفونيا ثم الكورلنديون ثم الليتوانيون، ويوجد بكثرة بناحية القطب الشمالي من الروسية جنس الفينوي والاستوانيان واللابون، ويقال لهم ساموياد، وجنس التشراميس والأوستياك والتشوفاش والبيرميان وغيرهم، ثم بعد المذكورين جنس الألمان والإغريق واليهود والتتار والترك والأرمن والكرج وقبائل الكوكاز، وقبائل أخرى رحالة مثل المغول والكلموك والكورياك والكمشدال والتشوكوتش والأليوت. ويقال إنه يوجد بهذه السلطنة ثلاثون لسانًا في الأقل، والمذهب الإغريقي المنفصل عن الكاثوليكي هو المتسلطن بتلك المملكة، والكزار — أي الإمبراطور — هو رئيس الكنيسة من أيام بطرس الكبير ويُعِينه في إدارة أمورها المجلسُ الديني الذي يعبر عنه عندهم بالسيندوس المقدس، ويوجد بالروسية كثير من الإغريق التابعين لكنيسة رومة، وقد اعتنى الأهالي كل الاعتناء بتقليل أرباب هذا الاعتقاد.

ثم إن سكان الروسية منقسمون على خمس طبقات؛ وهي: جماعة النوبليس، أي الأعيان؛ والكلارجي، أي أهل الكنيسة؛ والبرجوي، أي سكان الحواضر؛ والبيزان أي أهل البادية والقرى، وهم قسمان: أحرار وسرف؛ أي مستعبدون تابعون لغيرهم. ولطبقة الأعيان مزيد سلطة على غيرهم خصوصًا فيما يملكون من الأراضي، وعددهم يبلغ أربعمائة ألف نفس، وعدد الطبقة الثانية يبلغ مائتين وخمسة وأربعين ألف نفس، وهاتان الطبقتان لا يدفع أهلهما شيئًا من الأداء للدولة. وأما طبقة السرف فقد خرجت من ربقة الرق بالأمر الصادر في التاسع عشر من فراير سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف.

وأمرُ التمدن في الروسية مختلف باختلاف البلدان ومواقعها وعاداتها، والعلوم والآداب وسائر الصناعات لا تنمو إلَّا في بلدان مخصوصة، ولا يوجد في المملكة كلها إلَّا تسعة مراكز أصلية لتعليم العلوم، لكن الإمبراطور الموجود الآن لم يزل مجتهدًا في تحرير إدارة لائقة فيما يتعلق بتعليم العامة.

ثم إن ناحيتي الجنوب والغرب من المملكة المذكورة أخصب وأغنى وأعمر من بقية الجهات، لكن من تجاوز مدينة موسكو ووادي ولغا يرى أن عدد البلدان والقرى والحرث قليل جدًّا، وأكثر الأراضي فلوات معطلة لا تنبت إلا الحشيش أو مناقع مغطاة بالثلج أو مقاطع أو أماكن حيوانات ينتفع بجلودها، ومن ذلك سيبيريا التي هي من آسيا لا يوجد بها إلَّا المتوحشون من الناس أو المنفيون إليها والذين يحرسونهم. واعلم أن وطأة البرد تشتد على ثلاثة أرباع المملكة في الأقل مدة تسعة أشهر من السنة ويعقبها صيف في غاية الحر والقِصَر، وفي الناحية القبلية من المملكة يعتدل الهواءُ، وتوريد وأرمينية وبسرابيا ذوات هواء طيب، وأرض أوروبا منها مختلفة اختلافًا بيِّنًا ولذلك اختلفت نباتاتها، وكتان الكورلاند والليفونيا في غاية الجودة، وهذا النوع مع القنب من جوالب الغنى المعتبر، وإيالة الأوكرانيا من أخصب مواضع المعمور في نبات الحبوب التي يحمل منها مقدار وافر إلى كثير من الممالك، ويوجد في غالب أرضها أجمات ممتدة ومنها يجلب الصمغ المعبر عنه بالرجينة والقطران وأخشاب السفن الفائقة. وفي آسيا بنواحي بحر الخزر ينبت الراوند وغيره من أنواع النباتات التي يُتداوى بها، ونبات الدخان كثير في الإيالات الجنوبية وكذا في إيالات الأوكرانيا والفاروناج وسراتوف وتوريد، ويزرع اللفت الأحمر في مقدار أربعين ألف إكتار (والإكتار عشرة آلاف متر مربعًا)، ويزرع في غالب أراضي المملكة الهبلون وبإيالة استراكان ينبت القرمز، وفي قبلي الكوكاز خصوصًا أرمينية ينبت القطن، وينبت الفلفل على شطوط وادي سامارا، وفي توريد ونواحي الكوكاز وإيالة استراكان توجد الثمار الجيدة ويستخرج من عنبها الخمر المعدودة عندهم من أنواعها الطيبة، كما يوجد بالمملكة المذكورة سائر الحيوانات المخلوقة لنفع الإنسان خصوصًا ذوات الشعر فلها بها شهرة عن بقية الممالك، ولهذه المملكة مقاطع عديدة لا سيما في سيبيريا. ومن جبال أورال يُستخرج الذهب والفضة والبلاتين (الذهب الأبيض) والحديد والقصدير، ومن شطوط البلتيك وغابات الليتوانيا يُستخرج الكهرباء الأصفر والرمادي، وبالناحية الأوروباوية من جبال أورال يوجد ألماس وأنواع من الأحجار الثمينة. وأما الصناعات فإن هذه المملكة متنازلة فيها عن الممالك الأوروباوية الغربية بكثير، ومع ذلك فلبعض بلدانها تقدم بيِّن فيها، فمن ذلك صناعة دبغ الجلود الطيبة الرائحة، منها: التلاتين والصابون وأقمشة السفن والأخبية واللبد وجمع الخاويار؛ أي بيض الحوت والغراء المعروف وزيت البالين المسمَّى حوت يونس عليه السلام، ومستقطرات الحبوب وصناعة الكراريس والصياغة والسلاح والبلور، وصناعة الأقفال وتذويب المعادن وصناعة الكاغد والفرفوري، وأنواع الكشمير والجوخ والأقمشة القطنية وغيرها، وأما التجارة فلها رواج تام في داخل الملكة وخارجها، ومراكزها البلدان التي على شواطئ الأبحر كأوديسة وريغا وأركانجل وكذا في البر، فلها تداول في المتجر مع بلدان أوروبا الغربية ومع الهند والصين، وقد بلغت قيمة المتجر دخلًا وخرجًا في سنة إحدى وستين وثمانمائة وألف ألفًا وثلاثمائة وثمانية وأربعين مليونًا وأحدًا وعشرين ألفًا ومائة وستة وثلاثين فرنكًا، وعدد المراكب المتجرية التي دخلت مراسي المملكة وخرجت منها في تلك السنة خمسة عشر ألفًا ومائة وثمانية وستون مركبًا، الداخل منها خمسة آلاف وثمانمائة وأربعة والخارج تسعة آلاف وثلاثمائة وأربعة وستون.

(٤) في نظام السياسة والإدارة

إدارة دولة الروسية بيد إرادة سلطانية واحدة لا تطالب بشيء ولا يجب أن تقف عند حد، وهي مبعث جميع السلطات، ويلقب السلطان عندهم بكزار أي إمبراطور أو بأوتوكرات وهو الرئيس الأكبر وصاحب شريعة الأمة والذي يوظف سائر متوظفي السلطنة، ويده العليا في الإدارة وفي أمر المال والأمور الداخلية والخارجية، وكذا في ديانة الأمة؛ لأن تصرفه يتعلق بالسياسة والديانة؛ إذ هو رئيس المذهب الإغريقي الذي يسمونه الأورتودكسي، وتحته مجلس السلطنة ويستشار في جميع الأمور المهمة غير المتعلقة بالسياسة الخارجية فإنها من خصوصياته بإعانة وزرائه، ثم إن مجلس السلطنة هو مجلس تشريع ومجلس إدارة ومجلس حكم جميعًا، فينظر في أمر القوانين ويكتبها ويعين المداخيل والمصاريف ويتأمل المحاسبات السنوية للوزارات، ويكون في الأحكام بمثابة مجلس أعلى وتركُّبه من الوزراء وأمراء العائلة الملكية ومن أعضاء ينتخبهم الإمبراطور لمدة حياتهم. وينقسم المجلس ثلاث طوائف:
  • أولاها: للنظر في التشريع وترتيب القوانين.
  • والثانية: للنظر في الأمور المدنية والدينية.
  • والثالثة: للنظر في الاقتصاد والتصرفات المالية.
ووراء هذه الطوائف ثلاث جمعيات:
  • إحداها: للنظر في أحوال الكوكاز.
  • والثانية: للنظر في أحوال بولونيا.
  • والثالثة: للنظر في تحرير السرف.
ومن أعضاء المجالس الذين هم مستشارو المملكة مَن لا يجلس بالمجلس إلَّا إذا استُدعي، وذلك في غير أوقات الخدمة الاعتيادية. وبعبارة أخرى الاجتماعات عندهم نوعان:
  • أحدهما: الاجتماع للخدمة الاعتيادية.
  • والثاني: اجتماع عمومي لداعٍ يقتضيه، وفي هذا الوجه يضاف إليهم بالاستدعاء من ليس له خدمة اعتيادية من مستشاري المملكة. وكل قسم يشتمل على رئيس وأربعة أعضاء إلى سبعة كلهم لهم حق الجلوس بالمجالس العامة، والإمبراطور يمضي ما يتفق عليه المجلس، وله أن لا يمضيه، ورئيس المجلس العام يرأس الوزراء.

ومجلس السناتو الذي كان تأسس بأمر بطرس الأول يتركَّب من أعضاءٍ ينتخبهم الإمبراطور من أعيان متوظفي المملكة، وهذا المجلس هو الحارس للقوانين والمحافظ على إمضائها والمراقب لسيرة الولاة وأعمال كبار متوظفي الدولة المكلفين بالخدمة العامة، وهو الذي يشهر القوانين والأوامر الصادرة من الإمبراطور ويقيدها ويعطي خطط النوبليس ويحكم حكمًا فاصلًا في نوازل الجنايات السياسة، وكذا في الأمور المدنية وسائر الجنايات، ويستثنى من ذلك نوازل قليلة تُعرض على خصوص الإمبراطور. ولمجلس السناتو إعادة النظر في الأحكام الصادرة من حكام الإيالات. وهو منقسم إلى عشرة أقسام، خمسة منها في مدينة بطرسبورغ وثلاثة في مدينة موسكو واثنان في فارسوفيا، وأُلحق قسمان آخران يجلسان بالمدينة الأولى؛ أحدهما ينظر في أحكام الأملاك والثاني في الأمور المتعلقة بخطة الأعيان. ولا يمضي حكم مجلس السناتو في اجتماعاته العامة إلَّا إذا اتفق عليه ثُلثاه فأكثر، وتكون مفاوضتهم سرية لا تحضرها العامة. والمحتسب بالسناتو هو وزير الحكم، والإمبراطور يُمضي ما يتفق عليه، ويمكنه أن لا يمضيه. وبجانب مجلسي السلطنة والسناتو توجد جمعية تنظر في المعاريض والمطالب التي تعرض على الإمبراطور، وتبين للمشتكين من الحكام ألهم عرض نوازلهم على المجلسين المذكورين أم لا.

وأما المجلس الديني المسمَّى بالسيندوس المستحدث في سنة إحدى وعشرين وسبعمائة وألف فهو مشتمل على أساقفة الإيالات الكبيرة، ومن أعماله تسمية كبراء الكنائس والنظر في إدارتهم لها وعرض ما يستقر عليه الرأي في ذلك المجلس على الإمبراطور ليمضيه، وبعد هاته المجالس الثلاثة الكبيرة مجلس الوزراء المكلف بأمور الإدارة المعتادة وعدد أعضائه موكول لاجتهاد الإمبراطور، والوزارات في نفسها تِسع كما تقدمت الإشارة إلى ذلك في غير هذه المملكة، وزيادة على ذلك يوجد هناك إدارة مركزية للبوسطة والتلغراف وإصلاح الطرقات وتيسير أسباب المواصلة. وهناك مجلس يسمى بالرقيب العام أعضاؤه مثل الوزراء.

وقد أشرنا في طالعة الكلام على الروسية إلى أن مملكتها منقسمة إلى حكومات وإيالات، وكل حكومة تنقسم إلى دوائر، والدوائر تنقسم إلى مشيخات، والمشيخة تحتوي على قسيمات صغار، وكل حكومة يرأسها الوالي المدني وهو أكبر متوظفيها والمطالَب بتصرفاته فيها، وله مجلس مركَّب من نائبه وثلاثة مستشارين وجليسين. ويعطي هذا المجلس رأيه تحت رئاسة الوالي في أحوال الإيالة العامة لكن ليس له إلَّا إعطاء الرأي، فللوالي أن يعمل برأي المجلس وأن لا يعمل، حيث كان هو المطالب بما ينشأ عن تصرفه، وفي النوازل المتعلقة بالتاج ونوازل الجنايات يضاف لمجلس الوالي ثلاثة أشخاص من المتوظفين يسميهم وزير الحكم ويحضر ذلك المجلس نائب الحق العام مع معينين له للنظر في إجراء القوانين، ويوجد مع ذلك في كل مركز حكومة رئيس ضبطية ورئيس أطباء ورئيس مهندسين، وللوالي أيضًا رئاسة صندوق المال وعلى البناءات والقناطر والطرقات. وجمعية الأعيان في كل حكومة طائفة متحدة مرؤسة بماريشال منهم، عددهم على عدد الدوائر والمشيخات التي توجد بها طوائف الأعيان. وهذه الجمعيات تعين غالب متوظفي الإدارة المدنية والحكمية كخطة ماريشال الأعيان ورئيس الضبطية ورؤساء مجالس الأحكام وأعضائها وحكام الصلح، ويكون التعيين في كل ثلاث سنين، لكن تقرُّر الخطة موقوف على موافقة الإمبراطور، ويكفي موافقة الوالي إذا لم يكن في الخطة مزيد اعتبار.

ثم إن أهالي البلدان ينقسمون إلى طوائف منها أعيان البلدية ومنها الباعة ومنها أواسط الناس ومنها جمعيات الصناع المعلمين. ومن البلدية أحرار إيالات البلتيك وإيالات بولونيا القديمة ثم سائر الخدمة، لكن هؤلاء لهم من البلدية مجرد الاسم، فبلدية البلدان يختارون أعضاءَ مجلسهم البلدي ورئيسه كما يختارون مشايخهم وجلساء المجالس وهم مستشارو الحكام، وللمجلس البلدي زيادة على ما له من الخدمة وإدارة الأشغال فصلُ سائر النوازل التي تحدث بين البلدية في متعلقات التجارة، ويوجد في المجالس المدنية ومجالس الجنايات نواب عن المجلس البلدي في البلدان الكبار، وتتجدد المجالس البلدية في كل ثلاث سنين، وفي البلدان الصغار يكون اختيارهم من عامة البلدية وفي البلدان الكبيرة يختارهم من أداؤه في العام مائتا فرنك فأكثر ممن بلغ خمسًا وعشرين سنة كاملة. هذا، وبكل مشيخة بالبادية جمعية من كبار عائلات المكان تكون هي المجلس البلدي هناك، ويعبر عن رئيسهم بستاروست، وهذا المجلس هو الذي يعين أداء المشيخة اللازم للدولة أو لمصالح بلدهم ويعين اللائق بالخدمة العسكرية في قسمه، ويترجح رأيهم بالأكثرية ورئيسهم هو الواسطة بين جمعية الكانتون أي القيادة وبين حكام الصلح والمشيخة، وهو الذي يجيب عما استقر عليه رأيهم، وله شيء من تصرفات الضبطية. وكل مشيخة بها تريبونال يسمى تريبونال الأمان مركَّب من المار الذي هو رئيس المجلس البلدي ومن عضوين مختارين من سكان المشيخة. وهذا التريبونال يحكم في سائر النوازل ما عدا نوازل الجنايات.

وأما الكانتون فإدارته بيد جمعيته المستقرة بأوسط بلدانه أو أكثرها سكانًا أو أشهرها في الحِرَف والصنائع، وتشتمل على متوظفي المشيخات وعلى نواب منها يكون كل واحد منهم نائبًا عن عشر ديار، ونظر هذه الجمعية يتعلق بجميع الفوائد العامة للكانتون كالمارستانات ونحوها وتحرير حسابات المتوظفين وتصحيح دفاتر أخذ العسكر وتوظيف الأداء والعمل على ما يستقر عليه رأي الأكثر منهم، ورئاستهم تكون للشيخ الأسبق في الخطة، وهو الذي يتولى إدارة الكانتون وحفظ راحة السكان، وهو في ذلك مثل رئيس المجلس البلدي إلَّا أنه أكبر منه خطة. ومن أعماله: مراقبة إجراء التراتيب العامة والبحث عن الجناة وإمساكهم ومنع ارتكاب الأمور الممنوعة بإنهائها لمَن له النظر فيها، وله فصل ما يكون مرجعه لنظر الضبطية وفي إعانته مجلس مركَّب من أعيان الكومون الكائن تحت قيادته مع معينيه وقبَّاض المداخيل، ومع ذلك فهو المطالَب بما يقع في إدارته، حيث كان له الابتداء بعرض الأمور، وليس على المجلس إلَّا إعطاء الرأي فيها وتعيين المقادير اللازمة من المال وفي نحو بيع أملاك بعض الناس بطلب من خزانة الدولة أو من أرباب الديون، وفي تسمية المتوظفين أو تأخيرهم.

ويشتمل المجلس المشار إليه على أربعة إلى اثني عشر عضوًا على نسبة عدد السكان لفصل الأحكام يختارهم المجلس المذكور من أعضائه ويتبدلون في كل سنة، ويصدر الحكم من مجموعهم أو على التناوب بحسب ما يقتضيه نظر المجلس المعين لهم، ويكون اجتماعهم مرتين في الشهر، وقد يقتضي الحال أكثر من ذلك فيجمعهم رئيس القيادة. ويحكم هذا المجلس في نوازل البوادي التي لا تتجاوز مائة روبل، وهي مبلغ أربعمائة فرنك، وإذا تعلقت نازلة بإنسان أجنبي عن الكانتون فإن نازلته ترفع إلى المجالس المعتادة إلَّا إذا تراضى الخصمان فتفصل هناك، كما إذا تراضيا في أكثر من المقدار المذكور، وبحكمهم تنتهي النازلة بحيث لا ترفع بعدهم لمجلس آخر، ولو في الجنايات التي يحكم فيها ذلك المجلس، ويصدر حكمهم مشافهة بدون كتب. ولأهل البادية التحاكم في غير الجنايات لدى حَكَم يتفق عليه الخصمان الرشيدان، وما يحكم به يكون العمل عليه ويقيد ذلك الحكم بدفتر خصوصي يكون بمجلس القيادة، ويُشترط في جميع المتوظفين المشار إليهم أن لا ينقص عمر الواحد منهم عن خمس وعشرين سنة وأن يكون صاحب عرض، وليس لأحد أن يمتنع من قبول خطة ما إلَّا إذا كان له من العمر ستون سنة أو عذر بدني معتبر أو سبقية في الخدمة. ويوجد بالديستريكت مجلس مركَّب من حكام الصلح دائرة حكمه أوسع من دائرة حكم حكام الصلح بفرنسا، ومن أعمالهم أنهم يقبلون شكاية البوادي من متوظفيهم سواءٌ كانوا مجتمعين أو منفردين، ولهم توبيخ المشتكي بهم وإلزامهم غرامة ما ضاع بحكمهم وتعطيلهم عن مأموريتهم، وحكام الصلح تحت نظر ولاة الحكومة والسناتو.

وبما ذكرنا يُعلم أن كثيرًا من الإدارات الداخلية يتولاه أهل المملكة، وأن الأعيان وطوائف الباعة والبلدية وأهل البوادي يسمون متوظفيهم بأنفسهم، هذا وإن الإيالات الكائنة بحدود المملكة يوجد بها مع كل والي مدينة والٍ عسكري، ولكلٍّ منها مجلس إدارة ومكتب سياسي، وهذا الأمر متقرر بمملكة بولونيا وفينلاند وسيبيريا، وتمتاز فينلاند بوجود وزارة لها خصوصية ببطرسبورغ ومجلس سناتو أعضاؤه يسميهم الإمبراطور في كل ثلاث سنين. ولهذا المجلس تصرفان: تصرُّف مشرع من حيث ترتيب القوانين وتصرُّف مجلس أعلى من حيث فصل النوازل في تلك المملكة.

(٥) في إدارة الأحكام بدولة الروسية

أحكام هاته المملكة متشعبة جدًّا، وقد تقدم في أثناء بيان الإدارة الداخلية الإشارة إلى أن كل طبقة من طبقات الناس لها تصرُّف في متعلقات الأحكام، ولا حاجة لإعادة ذلك هنا، بل حسبنا أن نقول في معنى قاعدة كلية أنه يوجد في كل قسم من إيالة تريبونال أول يبتدئ الحكم في النوازل، وهو منقسم على طائفتين؛ إحداهما تحكم في الجنايات والأخرى في الأمور العرفية، وأعضاء هذا التريبونال ينتخبون من الأهالي ويحقق حكمه المجلس العالي المستقر بالبلدة الرئيسة من تلك الإيالة، وهو أيضًا منقسم إلى طائفتين إحداهما للجنايات والأخرى للأمور العرفية. وفوق هذه المجالس مجلسُ السناتو وكومسيون المعاريض المكلَّف بعرض النوازل على السناتو أو على مجلس السلطنة، وفوق الكل الإمبراطور.

ومن مستحدثات قوانينهم إبطال الحكم بالقتل، وكذا بالضرب إلَّا في نوازل نادرة، وقد عوضت هاتان العقوبتان مع عقوبات أخرى بالنفي إلى سيبيريا. هذا بيان إدارة المملكة، فإذا تأملت ذلك ترى أن الإدارة بها مضبوطة بقوانين ومجالس كغيرها من الممالك الأوروباوية إلَّا أن الفرق بينها وبين هذه الممالك من وجهين؛ أحدهما: أن أعضاء المجالس السياسية كمجلس السلطنة ومجلس السناتو ينتخبهم الإمبراطور لا الأهالي، الثاني: أن ما يتفق عليه غالب أعضاء المجلسين للإمبراطور أن يوافق عليه أو يخالف، وهذا هو السبب في تسميته بالسلطان المطلق التصرف؛ لأنه لم يرخص لرعاياه في التداخل في الأمور السياسية مما أشرنا إليه عند شرحنا للحرية في المقدمة.

(٦) في قوة دولة الروسية المالية والعسكرية

بيان دخلها وخرجها والدَّين الذي عليها.
٤۰٤۰٦۸۰۰٤ جملة الدخل روبل تساوي ۱٦۱٦۲۷۲۰۱٦ فرنكًا
٤۰٤۰٦۸۰۰٤ جملة الخرج روبل تساوي ۱٦۱٦۲۷۲۰۱٦ فرنكًا
۱۹۲۲۲۱٦۳۱۹ جملة الدَّين الذي عليها تساوي ۷٦۸۸۸٦٥۲۷٦ فرنكًا
القوة العسكرية البرية سنة ۱۸٦٤.
جملة الجيش بلطاجية طوبجية خيالة عسكر تريس أصناف الجيش
۸۰۸٦۷۰ ۱٦۲۰۳ ٤۸۷۷۳ ٤۹۱۸۳ ٦۹٤٥۱۱ تحت السلاح
۷٤٥٦۱ ۷٤٥٦۱ عسكر وطني
٥۳۳٦۲ ٥۳۳٦۲ عسكر في الحراسة
۱۹۹۳۸۰ ۱۹۹۳۸۰ يداك
۱۱۳٥۹۷۳ ۱٦۲۰۳ ٤۸۷۷۳ ٤۹۱۸۳ ۱۰۳۱۸۱٤ الجملة
القوة البحرية بدولة الروسية سنة ۱۸٦٤.
جملة المراكب ومدافعها ۳٦۹۱ مراكب قلاع فابورات بها قوة خيل ۳۷۰۰۷ جملة البحرية أمراءُ البحر البحرية وأصناف المراكب
      بالعجلة حديد         
۹٥ ۹٥ أميرالات وجنرالات
۲۳٤٥ ۲۳٤٥ فسيالات كبار وصغار
۹٦٦ ۹٦٦ متوظفون سياسيون
٥٥۲۱٦ بحرية وعسكر معد للبحر
۱٦۹ حراس المراسي
۱۸ ۹ ۹ أجفان
۲٥ ٥ ۲۰ فراقط
۲٥ ۳ ۲۲ قرابط
۱۲ ۱۲ كليبر
۱ ۱ بطرية عوامة
۳ ۳ أبركة
۳۸ ۱۳ ۲٥ سكاين
۱ ۱ شالوب
۷۹ ۷۹ شالوب كنوبيير
۱٤ ۱۲ ۲ ياكت
۲ ۲ طاندير
۲۲ ۱۳ ۹ مراكب لحمل الأثقال
۷۰ ۷۰ مراكب صغار
۳ ۳ دوك عوامة
۳۰۰ ۳۰۰ لخدمة المراسي تقريبًا
٦۱۳ ۳٦۳ ۲٤۸ ۲ ٥۸۷۹۱ ۳٤۰٦ الجملة

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤