الفصل الثالث عشر

العرق والتعداد السكاني

figure
شكل ١٣-١: مجموعة من الطلاب مع مستشار هيئة التدريس من كلية مكاليستر بسانت بول، بولاية مينيسوتا يَرتدون قمصانًا قطنية تُبيِّن كيف كانوا سيُصنَّفون عرقيًّا عبر المراحل المختلفة في التاريخ الأمريكي. الصف الأمامي، من اليسار إلى اليمين: سيون وولد-مايكل، سارة جانلي، جاونو شونج، كيم وورتمان. الصف الخلفي، من اليسار إلى اليمين: بيتر راكليف (مستشار هيئة التدريس)، كارمن فيليبس، تينبت إرمياس، كيمي أديمي، جيسيكا ماسترسن، دينيس هولمز، رومينا تاكيموتو (بتصريحٍ من متحف مينيسوتا للعلوم).

سوف يتتبَّع هذا الفصل، بإيجاز، تاريخ التعداد السكاني الأمريكي، وكيف تغير على مدار الزمن، خاصة فيما يتعلَّق بقضايا العرق والهوية. منذ بدئه لأول مرة في عام ١٧٩٠، كان كل تعدادٍ سكانيٍّ عَشري يُستخدم لحصر عدد الأشخاص المقيمين في البلاد. وسوف نَتناول كيف تغيرت تصنيفات العرق في التعداد السكاني على وجه الخصوص في القرن العشرين. كذلك سوف نَعرض معلومات تُبرز حياة المهاجرين الجدد. سوف يُسلَّط الضوء على الاختلافات بين تعداد سنة ٢٠٠٠ وتعداد ٢٠١٠، وسوف يُطلَب من القراء التفكير في الاستخدامات المُستقبلية للعرق في التعداد السكاني في القرن الحادي والعشرين.

(١) تاريخ التعداد السكاني الأمريكي والعرق

كان من ثوابت التعداد السكاني الأمريكي على مدار وجودِه الذي تَجاوز المائتي عام وبضع سنوات؛ ميوعة مفاهيم العرق والإثنية التي يُجسِّدها والتغيرات المناظرة في الأسئلة التي يطرحها. ولعل من أفضل الطرق لرؤية التأثير المرئي للفئات المتغيِّرة مطالعة شكل ١٣-١ المأخوذ من معرض العرق. تُجسِّد هذه الصورة مجموعة من الطلاب من كلية مكاليستر مقيَّدين في برنامج للنجاح الأكاديمي للطلاب الملوَّنين الذين يرغبون في أن يُصبحوا معلِّمين. المدهش في هذه الصورة أنها تُظهر كيف كان كل طالب من هؤلاء الطلاب يُصنَّف في التعدادات السكانية السابقة. لمَ كانوا سيُنسبون إلى فئاتٍ عرقية/إثنية مختلفة من تعدادٍ للذي يليه. استُخدِم التعداد من قِبَل الحكومة على مدار السنين من أجل جمع بيانات من شأنها توثيق السلطة السياسية لكل ولاية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية لمواطنيها وغير مواطنيها. وتُقدِّم لنا فكرةُ العرق وكيفية تعريفه واستخدامه في التعداد نظرةً عبر الزمن إلى عمليات التكوين وإعادة التكوين العرقي.

figure
شكل ١٣-٢: الفئات العرقية (و«اللونية») في التعداد السكاني الأمريكي، ١٧٩٠–٢٠١٠.

كان التعداد السكاني وليد أفكار الآباء المؤسِّسين للمؤتمر الدستوري بفيلادلفيا في عام ١٧٨٧. وقد وُضعَ بالأساس من أجل تحديد عدد المُمثِّلين الذين ستُرسلهم كل ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية الجديدة إلى الكونجرس. وفيما كان التعداد معدًّا بالأساس لأغراض التمثيل السياسي، أصبح في النهاية يقيس حجم الوعاء الضريبي، وحجم القوات المسلحة، بل وكيفية تصميم برامج السياسة الاجتماعية من ضمن أشياء أخرى. تولى إجراء التعداد السكاني الأول، والذي تمَّ تنفيذه في عام ١٧٩٠، ١٦ مارشالًا أمريكيًّا و٦٥٠ مساعدًا. واستغرق المارشالات ١٨ شهرًا لزيارة البيوت المُقامة في المُستعمَرات وتجميع سجلٍ نهائي يضم ٣٫٩ ملايين نسمة في الدولة الجديدة، من بينهم حوالي ٧٠٠ ألف عبد (أندرسون ١٩٨٨: ٨). كان الهدف من هذه الخطة ضمان ألا يَزيد عدد مُمثِّلي الولايات عن مُمثِّلٍ واحد لكل ٣٠ ألف ذكر حر. وقرَّر المؤتمر احتساب كل فرد مُستعبَد بثلاثة أخماس شخصٍ حُر (أندرسون ١٩٨٨: ٧–١٤).

(٢) لماذا يوضع العرق كسؤال في التعداد؟

اشتمل كل تعدادٍ سكانيٍّ أمريكي على سؤال يسأل عن العرق الذي يَنتمي إليه كل مواطنٍ مقيم منذ إجراء أول مسحٍ قومي في عام ١٧٩٠. فلماذا يوضع العرق كسؤال في التعداد؟ تُساعد البيانات الخاصة بالأعراق التي تُجمع بواسطة التعداد في تطبيق قوانين الحقوق المدنية، بعد أن كانت تُستخدم في وقتٍ ما من أجل تعزيز الممارسات التمييزية.

figure
شكل ١٣-٣: أسرة من العبيد الأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية (بتصريح من مكتبة الكونجرس، قسم المطبوعات والصور الفوتوغرافية).
  • ١٧٩٠: توافُقًا مع الدستور الأمريكي، وتماشيًا مع سياسة امتلاك الرقيق، الذي كان مشروعًا آنذاك، قام أول تعدادٍ سكاني أمريكي باحتساب كل فرد مُستعبَد بثلاثة أخماس الفرد الحر عند تحديد سكان الولايات. ولم يكن الأمريكيُّون الأصليون يُحدَّدون على نحوٍ منهجي في التعدادات السكانية من عام ١٧٩٠ حتى عام ١٨٤٠.
  • ستينيات القرن التاسع عشر: استعان علماء اليوم ببيانات التعداد لتأكيد دونية الأشخاص الذين يُعتبرون عرقًا مختلطًا. واستُخدمت مزاعمهم لتبرير القوانين التي تَمنع الزواج بين الأجناس المختلفة.
  • عشرينيات القرن العشرين: كانت بيانات التعداد تُستخدم لوضع حصصٍ نسبية كان من شأنها منع الهجرة من أفريقيا وآسيا وتفضيل الهجرة من دول أوروبا الشمالية.
  • أربعينيات القرن العشرين: من خلال تحديد المناطق التي يَقطن بها أعداد كبيرة من الأمريكيين ذوي الأصول اليابانية، استُخدمت البيانات من التعداد السكاني الأمريكي في أربعينيات القرن العشرين للمساعدة في تبرير الاحتجاز الجبري للأمريكيين اليابانيين إبان الحرب العالمية الثانية.
  • ستينيات القرن العشرين: جرَّم قانون الحقوق المدنية لعام ١٩٦٤ التمييز على أساس العرق، أو اللون، أو الدين، أو الأصل القومي؛ في الأماكن العامة. كما نادى بإلغاء التمييز العنصري في المدارس وساعَد في حماية الحقوق الانتخابية.
    figure
    شكل ١٣-٤: إغلاق الباب أمام المهاجرين الصينيين غير المرغوبين عرقيًّا. رسم كارتوني من مجلة ليتراري دايجست عدد ٥ يوليو، ١٩١٩.
    figure
    شكل ١٣-٥: ترحيل الأمريكيين اليابانيين إلى معسكرات الاعتقال (الصورة بعدسة كليم ألبرز. بتصريح من إدارة الأرشيف والوثائق الوطنية).

إذا كان الأمريكيون الأفارقة يُمثلون ١٢ بالمائة من السكان، ولكنَّهم يُمثلون ٥ بالمائة فقط من الملتحقِين بالكليات أو ١ بالمائة من قادة الأعمال بالدولة، فإنهم إذن غير ممثَّلين بالعدد الكافي في هذه المناطق؛ مما يشير إلى احتمال وجود تمييزٍ عنصري. ومن أجل تتبُّع أنماط وآليات التمثيل المنخفض بين جماعات الأقليات، تحتاج الدولة إلى مقامٍ للكسر؛ بمعنى النسبة المئوية التي يُمثلها الأمريكيون الأفارقة من إجمالي عدد السكان. والتعداد السكاني يضع هذا المقام.

كينيث برويت، مدير سابق لمكتب التعداد السكاني الأمريكي، من تواصُلٍ شخصيٍّ مع سارة إلزي، متحف مينيسوتا للعلوم، أغسطس ٢٠٠٦

(٣) فصل السُّود عن البيض

«في الماضي، كان تحديد عِرق الأطفال المُنحدِرين من أصلٍ مختلط ما بين الأسود والأبيض مسألة قوانين.»

(٣-١) حسابات العرق الأبيض

في العقد الأول من القرن التاسع عشر، حدَّدت قوانين «نسبة الدم» النسبةَ المئوية القصوى للأصل الأفريقي التي يُمكن أن يحملها شخصٌ ما ويظل في عداد البيض قانونًا. وكانت النسبة الأكثر شيوعًا هي نسبة الثُّمن. وأي شخص يُعتقد أن لديه نسبةً أكبر من تلك النسبة يُعتبر أسود.

التعداد السكاني وعلَم العنصرية

«كان إدراج العرق كفئة من فئات التعداد يبدو أمرًا طبيعيًّا تمامًا بالنسبة إلى كثيرين. بمرور الزمن، أدرك العلماء وآخرون غيرهم أن معلومات التعداد يُمكن استخدامها لتدعيم نظرياتهم حول طبيعة العرق. ومنذ القرن التاسع عشر، كان لهم تأثير على كيفية تصنيف العرق في التعداد السكاني الأمريكي.»

في منتصَف العقد الأول من القرن التاسع عشر، كان الطبيب جوسايا نوت، القادم من ألاباما، ضمن الساعين إلى إثبات أن الأعراق المختلفة تُمثِّل فصائل منفصلة، وأن الأشخاص ذوي الأصل المختلط مُستضعَفين من نواحٍ عدة. حثَّ نوت وآخرون بنجاحٍ على أن يشمل التعداد أسئلة حول درجات الاختلاط بين السود والبيض وأيضًا حول عدد الأطفال، الأحياء والمتوفِّين، الذين يُولَدون لكل امرأة من أجل إيجاد البيانات التي من شانها دعم هذه الفكرة.

من عام ١٨٥٠ حتى عام ١٨٩٠ أُدرجت فئة المولاتو، بمعنى شخص من أصل أبيض وأسود مختلَط، ضمن التعداد. وأُدخلت فئتان إضافيتان، هما الكوادرون (أي ربعه أسود وثلاثة أرباعه أبيض) والأوكتورون (أي ثُمنه أسود) في عام ١٨٩٠.

يجب الحرص، بنحوٍ خاصٍّ، على التمييز بين السود والمولاتو والكوادرون والأوكتورون. فينبغي استخدام كلمة «أَسوَد» لوصف أولئك الأشخاص الذين يَحملون ثلاثة أرباع أو أكثر من الدم الأسود؛ و«المولاتو»، وهم الأشخاص الذين يَحملون من ثلاثة أثمان إلى خمسة أثمان من الدم الأسود؛ و«الكوادرون»، هم أولئك الذين لديهم ربعٌ من الدم الأسود؛ و«الأوكتورون»، وهم أولئك الأشخاص الذين يحملون ثُمنًا من الدم الأسود أو أي أثر له (تعليمات موظَّفي التعداد السكاني، ١٨٩٠، استُشهد بها في معرض العرق، متحف مينيسوتا للعلوم).

شكل ١٣-٦: الطبيب جوسايا نوت من ألاباما (بتصريحٍ من قسم المجموعات التاريخية، في جامعة ألاباما ببرمنجهام).

إضافة الآسيويين

«إن إضافة جنسياتٍ آسيوية متنوِّعة إلى التعداد السكاني تعكس تاريخ الهجرة الآسيوية إلى الولايات المتحدة.»

مهاجرون جدد، فئاتٌ جديدة

أضيفت الفئات الآسيوية إلى التعداد السكاني استجابةً إلى تزايد الهجرة من دول بعينها.

•••

«١٨٧٠: الصينيون»

كان الصينيون في مقدمة الآسيويين الذين هبَطوا بأعدادٍ كبيرة في الولايات المتحدة، في بداية القرن التاسع عشر. وساهمت حمى الذهب في كاليفورنيا والعمل في السكك الحديدية العابرة للقارات في جلب آلاف آخرين في خمسينيات وستينيات القرن التاسع عشر. فقد وصل حوالي ٣٧٠٠٠ مهاجر آسيوي في عام ١٨٦٠ وحدها، أغلبهم صينيون.

•••

«١٨٩٠: اليابانيون»

أقامت اليابان والولايات المتحدة علاقات دبلوماسية في عام ١٨٥٤، وفي الأعوام التالية وصل الكثير من المهاجرين اليابانيِّين.

•••

«١٩٥٠: الفلبينيون»

وقَعت الفلبين تحت سيطرة الولايات المتحدة في عام ١٨٩٩ عقب الحرب الإسبانية الأمريكية؛ ما ترتَّب عليه زيادة الهجرة من الفلبين.

•••

«١٩٧٠: الكوريون»

وصلت موجة من المهاجرين الكوريين بعد الحرب الكورية التي استمرت من عام ١٩٥٠ إلى ١٩٥٣.

شكل ١٣-٧: وصول مهاجرين آسيويين إلى جزيرة أنجيل، حوالي عام ١٩١٠ (بتصريحٍ من مؤسسة كاليفورنيا ستيت باركس، ٢٠٠٦).

«١٩٨٠: الفيتناميون»

عَقِب حرب فيتنام، فرَّ لاجئون هاربون من الحكومات الشيوعية في فيتنام، وكمبوديا، ولاوس إلى الولايات المتحدة.

إحصاء جميع الآسيويين

منذ عام ١٩٧٧ تمَّ دمج جميع الجماعات الآسيوية المتنوعة داخل فئةٍ واحدة لأغراض خاصة بتقديم الإحصاءات التي تمَّ جمعها بواسطة مكتب التعداد والوكالات الفيدرالية الأخرى.

شكل ١٣-٨: رومينا تاكيموتو (بتصريحٍ من متحف مينيسوتا للعلوم، كرايج ثيزن).
هاجر أبواي إلى الولايات المتحدة في مرحلة الشباب واستقرَّا في هاواي. كانت والدتي قادمة من سول، بكوريا، فيما جاء والدي من يوكوهاما، باليابان. كانت نشأتي في هاواي، ولم أشعُر قطُّ بأي تمييز ضدي بسببٍ عرقي؛ لأن جميع مَن كنتُ أعرفهم كانوا يابانيين، أو صينيين، أو كوريين، أو فلبينيين، أو فيتناميين من أصل آسيوي. يوجد بالطبع العديد من القوقازيين في هاواي أيضًا، ونستخدم كلمة Haole (التي تعني فعليًّا «أجنبي» باللغة الهاوائية) للإشارة إلى البيض.
إنني مُدركة الآن وقد انتقلت إلى مينيسوتا أن كلمة Haole، وهي كلمة كنتُ أستخدمها في الماضي بكثير من الحذر والحيطة، محمَّلة بدلالاتٍ سلبية. لقد نبَّهتني الحياة في مينيسوتا إلى قدرٍ كبير من الخطاب العرقي وجعلتني أكثر انتباهًا للكلمات التي أختار استخدامها.

•••

أنا الآن أستخدم مصطلحات مثل «أمريكي آسيوي»، و«شخصٍ ملوَّن» على نحوٍ نشط، بينما في هاواي لم أكن أستخدم هذا النوع من المفردات مطلقًا؛ لأن الفئات العرقية لم تكن بهذا الاتساع. الآن وقد أصبحتُ أعيش مع طلابٍ من أنحاءٍ عديدة من العالم وأتعلم المزيد عن العرق، أحاول جاهدًا ألَّا أنقل معرفتي إلى والديَّ في هونولولو. بل أحاول أن أُبيِّن لوالدتي أن التكوينات العرقية مثل أن الأصل الأسود يُساوي الجريمة والأصل اللاتيني يساوي الفقر؛ خاطئة تمامًا، وأن ثمَّة عالمًا جديدًا تمامًا من التفكير لا بد أن تنفتح عليه.

رومينا تاكيموتو: معرض العرق، متحف مينيسوتا للعلوم

سؤال الهنود الآسيويين

«يكشف تصنيف التعداد السكاني للهنود الآسيويين عن وجود ارتباك بشأن المعايير التي ينبغي استخدامها لوضع فئاته العرقية.»

بِيض، أم هندوس، أم آسيويون؟

في فتراتٍ مُتعدِّدة، كان التعداد يُصنف الفتاة في شكل ١٣-٩ إما كبيضاء، أو هندوسية، أو آسيوية.

بِيض؟

بدءًا من القرن السابع عشر فصاعدًا، صنَّف العديد من العلماء الأشخاص من شبه القارة الهندية إما كأوروبيين أو قوقازيين. وتماشيًا مع هذا، كان الهنود من أصل آسيوي يُصنَّفون كبيض في التعداد السكني حتى عام ١٩٢٠.

هندوس؟

تلقَّى موظَّفو التعداد في عام ١٩٦٠ تعليمات بتصنيف الهنود من أصلٍ آسيوي باعتبارهم «آخرين» وتسجيلهم في فئة «الهندوس». وكان هذا تماشيًا مع الممارسة الشائعة من الإشارة إلى الهنود الآسيويين كهندوس. ولكن كان في ذلك خلط للعرق مع الدين وتجاهُل لحقيقة أن العديد من المهاجرين الهنود من أصلٍ آسيوي كانوا من السيخ أو المسلمين.

آسيويون؟

منذ عام ١٩٨٠ أدرجت فئة الهنود الفرعية ضمن فئة الآسيويين الأكبر، في التعداد. ويعكس هذا موقع الهند داخل قارة آسيا.

شكل ١٣-٩: فتاة من جنوب آسيا © iStockphoto.com/KailashSoni.

(٣-٢) «قاعدة القطرة الواحدة»

في مطلع القرن العشرين، تخلَّت معظم الولايات عن قوانين نسبة الدم لصالح قوانين أخرى تصنِّف أي شخص يعتقد أن لديه ولو «قطرة واحدة من الدم الأفريقي» كشخصٍ أسود. أما الأشخاص الذين كانوا يُعتبَرون بيضًا وفقًا لقوانين نسبة الدم، فصار يُقال عنهم إنهم «يجوز اعتبارهم» من البيض.

(٣-٣) التحديد الذاتي للهوية

يعدُّ التحديد الذاتي للهوية هو المُمارَسة المتعارَف عليها لمعظم الأغراض القانونية اليوم. فيمكن للأشخاص ذوي الأصل الأبيض والأسود المختلط تحديد ما إذا كانوا سيُصنِّفون أنفسهم كسود، أو كبيض؛ أو كليهما معًا.

(٣-٤) السعي إلى إدراج فئةٍ منفصلة

يُصنِّف التعداد السكاني الأمريكي اليوم الأشخاص القادمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كبيض. قبل تعداد عام ٢٠٠٠، طالب بعض الأمريكيين من أصلٍ عربي بإدراج فئةٍ مُنفصلة للعرب. وكانوا يأمُلون أن يتمَّ جمع بيانات من شأنها المساعدة في رصد التمييز ضدهم كأقلية، ولكن باء مطلبهم بالفشل.

خلال القرن العشرين، طرَأت تغييراتٌ جوهرية على التعداد أدَّت إلى توسيع فئاته وتسجيل وجود الجماعات العرقية والإثنية المتنوعة التي هاجرت إلى الولايات المتحدة في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. وبمرور الوقت صار التعداد أطول، ولكن تمَّ تقصيره مجددًا في عام ٢٠١٠. وفي النهاية أُدخلت أيضًا فكرة الاستبيانات المتعدِّدة، وطُرحت أسئلة مميَّزة قائمة على محل الميلاد، ومستوى التعليم، والمهنة، واللغة المستخدمة في البيوت، والعرق/الإثنية. وقد طَرَح تعداد عام ٢٠٠٠ ستة أسئلة فقط على النموذج المختصر الذي ذهب إلى حوالي ٨٣ بالمائة من البيوت الأمريكية. وشملت هذه الأسئلة: السن، والنوع، والعرق، والأصل الهسباني، والعلاقات داخل المنزل، ووضْع الساكن بوصفه مالكًا/مستأجرًا (مكتب المراجع السكانية ٢٠٠٩: ٢).

(٤) حصر الأصل المكسيكي

figure
شكل ١٣-١٠: المُرحَّلون ينتظرون في محطة قطار في لوس أنجلوس، ٩ مارس ١٩٣٢ (بتصريحٍ من مجموعة هيرالد إكزامينر، مكتبة لوس أنجلوس العامة).

لم يكن السكان المكسيكيُّون الأوائل في هذا البلد مهاجرين؛ فقد كانوا يَستوطنون أراضي ادَّعت الولايات المتحدة ملكيتها عقب الحرب المكسيكية الأمريكية التي استمرت من عام ١٨٤٦–١٨٤٨. وتعكس التصنيفات الرسمية المتغيرة للأشخاص ذوي الأصل المكسيكي عبر السنين الدور القوي الذي تلعبه السياسة في التعداد السكاني.

(٤-١) المكسيكيون: عرق في عام ١٩٣٠ …

صنَّف تعداد ١٩٣٠ المكسيكيين كمجموعةٍ عرقية. وفسَّر مكتب التعداد السكاني إضافة هذه الفئة بتزايُد الهجرة إلى الولايات المتحدة في أعقاب الثورة المكسيكية التي اندلعت في عشرينيات القرن العشرين.

(٤-٢) … ولكن ليسوا عرقًا في عام ١٩٤٠

خلال فترة الكساد الاقتصادي في ثلاثينيات القرن العشرين، تمَّ ترحيل ما يناهز ٤٠٠ ألف مكسيكي وأمريكي مكسيكي يعيشون في الولايات المتحدة إلى المكسيك. ورأى الكثير من الأمريكيين المكسيكيين صِلة بين الفئة العرقية المكسيكية في التعداد السكاني وهذا الترحيل الإجباري. ونجحوا في الضغط من أجل حذفها، ولم تظهر في تعداد ١٩٤٠. وفي ذلك العام، طُلب من موظفي التعداد احتساب المكسيكيين كبيض ما لم يكونوا هنودًا على نحوٍ جليٍّ أو ينتمون إلى عرقٍ آخر خلاف البيض.

(٤-٣) الأمريكيون المكسيكيون اليوم

يَشعر العديد من الأمريكيين المكسيكيين بأن وَضعهم كأمريكيين لا يزال محل شك، وأن المهاجرين المكسيكيين الجُدد يُعامَلون بلا إنصاف.

ينتمي جميع العمال المكسيكيون، عمليًّا، إلى خليطٍ عرقي يَصعب تصنيفه، على الرغم من أنهم عادةً ما يكونون معروفين جيدًا في المناطق التي يسكنون فيها. ومن أجل الحصول على أرقامٍ منفصلة لهذه المجموعة العرقية، تقرَّر أنه ينبغي احتساب جميع الأشخاص الذين ولدوا في المكسيك، أو ولد أبواهم في المكسيك، ما داموا لا ينتمون حتمًا إلى البيض، أو الزنوج، أو الهنود، أو الصينيين، أو اليابانيين؛ مكسيكيين.

تعليمات صدرت لموظَّفي تعداد ١٩٣٠ استُشهد بها في معرض العرق، متحف مينيسوتا للعلوم
figure
شكل ١٣-١١: احتجاج نشطاء إصلاح نظام الهجرة في واشنطن دي سي (مايو ٢٠١٠) © iStockphoto.com/rrodrickbeiler.
اشتمل النموذج الطويل لتعداد عام ٢٠٠٠ على ٤٦ سؤالًا إضافيًّا، وكان أقصر نموذج طويل منذ تعداد ١٩٤٠. وقد تغيَّر التعداد على مدار الزمن بطُرقٍ مختلفة للغاية. وكان يعكس نموَّ وتطور الأمة، واتجاهها نحو الغرب، واستيلاءها على أراضٍ جديدة بتهجير الأمريكيين الأصليين إلى محميات وأماكنَ موحشةٍ، ونمو مجتمعاتٍ سكانيةٍ جديدة، بما في ذلك استيعابها لمجموعاتٍ جديدة من المهاجرين من أوروبا في مطلع القرن العشرين (لمزيد من المعلومات عن التاريخ أو عن العرق والهجرة والقوانين، انظر الموقع الإلكتروني لمشروع العرق http://www.understandingrace.org/history/text_timeline.html#soc).

(٥) مشكلات تعداد عام ٢٠٠٠

يُمثل تعدادًا ٢٠٠٠ و٢٠١٠ مرحلةً جديدة من منهج الولايات المتحدة لإحصاء وتوثيق مواطنيها، لا سيما المواطنين الملوَّنين. كان تعداد عام ٢٠٠٠ يُرسَل بالبريد إلى جميع المنازل تقريبًا في عموم البلاد. غير أن ١٢ مليون أسرة «لم» تُرسِل المسح. ونتيجة لذلك، قام مكتب التعداد السكاني بتعيين أكثر من مليون موظَّف بنظام الدوام الجزئي لزيارة تلك الأسر. بلغَت تكلفة تعداد عام ٢٠٠٠ أكثر من ٤٫٥ مليارات دولار، وكان الإجمالي ٢٨١٤٢١٩٠٦ نسمة. كان ثمَّة تخوُّف من جانب العديد من جماعات الملوَّنين أن يُسجَّلوا بأقلَّ من أعدادهم في تلك السنة كثيرًا (خاصة الأمريكيين من أصول إسبانية، والسكان من المهاجرين الجدد، ومن لم تكن اللغة الإنجليزية لغتهم الأولى.) ثمة مشكلةٌ أخرى في تعداد عام ٢٠٠٠ وهي كيفية الاعتراف بالأعداد المتزايدة من الأشخاص المنحدرين من أصلَين أو أكثر من الأصول المعروفة في الولايات المتحدة؛ وقرَّرت الحكومة الفيدرالية أخيرًا إدراج مكانٍ في الوثيقة يستطيع فيه الناس كتابة أكثر مِن هويةٍ عرقيةٍ معروفة. وفي نهاية الأمر، كان المستفيدون من هذا الخيار يَزيدون قليلًا عن ٢ بالمائة من السكان. وما يلي من شأنه أن يُساعد قليلًا في توضيح كيف تعامَل التعداد السكاني مع الأصول المتعدِّدة على مدار الزمن.

(٦) سؤال الأعراق المتعددة

«لم تتغيَّر طريقة تصنيف الأشخاص ذوي الأصل المُختلط في فئات التعداد سوى مؤخرًا فقط.»

(٦-١) التصنيف في الخانات

قبل تعداد عام ٢٠٠٠، كان ينبغي تصنيف كل شخص بوصفه منتميًا لعرقٍ معين. وصدرت توجيهاتٌ مفصَّلة بشأن الكيفية التي ينبغي تصنيف شخص من أصلٍ مختلط بها. وفي التعدادات العديدة السابقة، كان بإمكان المشاركين في استبيان التعداد اختيار العرق الذي يَرغبون في تمييزهم به، ولكن ظلوا مقيَّدين بتسمية عرقٍ واحد فقط.

(٦-٢) «ضع علامة على واحد أو أكثر»

كان تعداد عام ٢٠٠٠ هو أول تعداد يُسمَح فيه للأشخاص بالاعتراف رسميًّا بجميع المصادر المعروفة أو المعتمَدة لأصلهم من خلال اختيار أكثر من فئةٍ عرقية. وقد اختار ما يقرب من ٦٫٨ ملايين شخص أكثر من عرق في تلك السنة.

(٦-٣) وقد حدَّدت تعليمات تعداد ١٩٣٠ الفئات التالية

figure
شكل ١٣-١٢: يستطيع الأطفال في هذه الأسرة الآن اختيار كيفية تصنيفهم في التعداد السكاني © iStockphoto.com/RonTech2000.
  • (١)

    «الزنوج»: أي شخص من دمٍ أبيضَ وزنجيٍّ مختلط ينبغي اعتباره زنجيًّا، مهما كانت نسبة الدم الزنجي لديه ضئيلة. ويُعتبر الأشخاص المنتمون إلى السود والمولاتو على حدٍّ سواء زنوجًا بدون تمييز. أما الشخص ذو الدم الهندي والزنجي المختلط، فينبغي اعتباره زنجيًّا، ما لم يكن الدم الهندي هو السائد ووضع الهنود مقبولًا بشكلٍ عام في المجتمع.

  • (٢)

    «الهنود»: ينبغي اعتبار الشخص ذي الدم الأبيض والهندي المختلط هنديًّا، إلا إذا كانت نسبة الدم الهندي ضئيلة للغاية، أو إذا كان يُعتبر شخصًا أبيض من جانب من يعيشون معه في المجتمع الذي يعيش فيه.

  • (٣)

    «المكسيكيون»: ينتمي جميع العمال المكسيكيين، عمليًّا، إلى خليطٍ عرقيٍّ يَصعُب تصنيفه، على الرغم من أنهم عادة ما يكونون معروفين جيدًا في المناطق التي يسكنون فيها. ومن أجل الحصول على أرقامٍ منفصلة لهذه المجموعة العرقية، تقرَّر أنه ينبغي احتساب جميع الأشخاص الذين ولدوا في المكسيك، أو ولد أبواهم في المكسيك، ما داموا لا ينتمون حتمًا إلى البيض، أو الزنوج، أو الهنود، أو الصينيين، أو اليابانيين؛ مكسيكيين.

  • (٤)

    «الأعراق المختلطة الأخرى»: ينبغي تسجيل أي شخص من عرقٍ مختلط من البيض وغير البيض وفقًا للعرق غير الأبيض لأيٍّ من الأبوَين. أما الأشخاص ذوو الأعراق الملوَّنة المختلطة، فينبغي تسجيلهم وفقًا للعرق الذي ينتمي إليه الأب، عدا الهنود-الزنوج (معرض العرق، متحف مينيسوتا للعلوم).

(٦-٤) تعليمات تعداد ١٩٩٠

قم بملء دائرةٍ «واحدة» للعرق الذي يُعتبر الشخص نفسه منتميًا له.

(٧) سؤال الأعراق المتعددة: مع أم ضد؟

أشعلت التعديلات المُقترَحة لتعداد عام ٢٠٠٠ جدالًا بشأن كيفية تصنيف الأفراد ذوي الأصل المختلط، وكذا بشأن المنطق وراء السؤال الخاص بالعرق.

(٧-١) تعداد عام ٢٠٠٠ وحركة التعددية العرقية

في تسعينيات القرن العشرين، عملت إحدى الحركات الشعبية، التي تألَّفت بالأساس من آباء أطفالٍ متعدِّدي الأعراق، بنجاح على تغيير أسلوب جمع البيانات من أجل التعداد؛ دافعين بضرورة إضافة فئةٍ جديدة لذوي الأعراق المتعددة. ولكن العديد من قادة حركات الحقوق المدنية عارَضوا إضافة فئة لمُتعددي الأعراق، خوفًا من أن تُصعِّب جمع البيانات اللازمة لتطبيق قوانين مكافحة التمييز العنصري.

في النهاية، أقرَّ مكتب التعداد السكاني سؤالًا يُتيح للناس اختيار أكثر من فئة لوصف أصلهم. ولكن هذا الضغط من أجل التغيير أدَّى أيضًا إلى سؤالٍ أكثر جوهرية ألا وهو: هل يَنبغي أن يكون الغرض الأساسي لسؤال العرق في التعداد هو جمع البيانات اللازمة من أجل تعقُّب التمييز العنصري وإلغائه، أم أن الأهم هو السماح للناس بإثبات هويتهم؟

(٧-٢) ماذا يقول الناس؟

من الأشياء التي صارت تُثير حنقي أكثر وأكثر في السنوات الأخيرة كيفية تصنيف نفسي إثنيًّا أو عرقيًّا في نماذج الطلب والمسوح. فلديَّ مشكلة في تحديد ما إن كان عليَّ وضع علامة على خانة «أبيض» أم خانة «آسيوي»؛ لعدم رغبتي في إنكار أيٍّ من جانبي أصلي. ولكني أواجه صراعًا أكبر حين أضع علامة على خانة «عرقٌ آخر». فأنا لست «عرقًا آخر» ولم أكن أبدًا «عرقًا آخر». أريد أن أُعرَف بالشخص المختلط عرقيًّا الذي أنا عليه. حتى الآن، لم تُتح لي الفرصة لوضع علامة على خانة «ثنائي العرق» سوى مرةٍ واحدة.

كانديس ريا، مقتبَس في جاسكينز ١٩٩٩
figure
شكل ١٣-١٣: كيمي أديمي (بتصريحٍ من متحف مينيسوتا للعلوم، كرايج ثيزن).

يحتاج الناس إلى مجموعات. ولكني الآن سوف أُؤيد وضع علامة على جميع الخانات التي تنطبق عليًّ. أعتقد أن أسوأ شيء يُمكن فعله هو إدراج فئة لمتعدِّدي الأعراق في التعداد؛ لأنك بذلك، في الواقع، ستكون داعمًا لنظام طالما بغضته طوال حياتك، نظام يَضغط عليك من أجل تصنيفك ضمن جماعةٍ ما؛ لذا أنت الآن لديك جماعة بالفعل، وتُصنَّف الآن ضمنها، ولكن بمَ سيُسهم ذلك في المشكلات العرقية في أمريكا؟ أكره أن أرى خلق المزيد من التقسيمات العرقية.

مونينا دياز، مقتبس في جاسكينز، ١٩٩٩

حين كنتُ طفلة، كان مَلءُ النماذج أمرًا قليل الحدوث، ولكنه كان حدثًا مُزعجًا. كنت أشعر بالقهر والحزن الشديد وأنا أُرغَم على الاختيار بين خانة الأبيض والأسود، وكنتُ أعتقد أنني الوحيدة التي عليها اتخاذ هذا الاختيار. عادة ما كنتُ أختار ما كان متوقَّعًا (أسود) وتمنيتُ ألا تضيع حقيقتي (أبيض). وفي الكلية، تعرَّضتُ إلى كثير من الأشخاص المختلفين بهوياتٍ مختلفة وأتيحت لي مساحة للتعبير عن تعقيد تجاربي الحياتية، مساحة للتوافُق مع مناقب «اختلاط العرق» بدلًا من التوافق مع مثالب محاولة [الانتماء] إلى خانةٍ واحدة على نحوٍ كامل.

كيمي أديمي: معرض العرق، متحف مينيسوتا للعلوم

ثمَّة مثالٌ آخر لنظرة الأمريكيين المُنحدِرين من أكثر من أصل إلى أنفسهم يُمكن أن نجده في عمل كيب فولبيك، وهو فنان وأستاذ بجامعة كاليفورنيا، سانتا باربرا. في مشروع هابا، يَبحث فولبيك في المقالات المصورة، الإرث الإثني المختلط للأشخاص المُنحدِرين من أصلٍ آسيوي أو سكان جزر المحيط الهادي الآسيويِّين وأصلٍ آخر.

(٨) كيف كان تعداد ٢٠١٠ مختلفًا بالنسبة إلى إحصاء العرق؟

كان تعداد عام ٢٠١٠ مختلفًا عن التعدادات السابقة على عدة أصعدةٍ مهمة؛ فقد كان يتألَّف، بادئ ذي بدء، من نموذجٍ قصير فحسب. وكانت تلك أيضًا المرة الأولى منذ عام ١٩٤٠ التي يُستخدم فيها النموذج القصير. لماذا قرَّر مكتب التعداد السكاني الأمريكي استخدام النموذج القصير في عام ٢٠١٠؟ حدَث هذا، لأن النموذج الطويل الذي كان تاريخيًّا يُرسَل عبر البريد إلى عددٍ مختار من الأسر؛ قد حلَّ محله مسحٌ قوميٌّ جديد في عام ٢٠٠٧ يُسمى «مسح المجتمع الأمريكي». ومسح المجتمع الأمريكي هو عبارة عن مسحِ مُتواصِل على مستوى البلاد صُمِّم لتوفير بياناتٍ ديموغرافية، وإسكانية، واجتماعية واقتصاديةٍ موثوقة ومحدَّثة أولًا بأول كل عام، وليس كل عشرة أعوام. وقد صمَّم مسحُ المجتمع الأمريكي لتوفير صورةٍ أدقَّ ومُتواصلة للحياة في الولايات المتحدة (مكتب المراجع السكانية ٢٠٠٩: ١). ويُقدِّم مسح المجتمع الأمريكي، وفقًا لليندا جاكوبسن، نائب رئيس مكتب المَراجع السكانية للبرامج المحلية، بالفعل بياناتٍ غايةً في الأهمية للحكومات الفيدرالية والمحلية والهيئات غير الحكومية، بما في ذلك تعقُّب احتياجات الأطفال المُهاجِرين داخل البلاد ومن خارج البلاد. على سبيل المثال، ساهَم المسح في تحديد العدد اللازم من نماذج التعداد للإسبان الإنجليز ثُنائيِّي اللغة لتعداد عام ٢٠١٠. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتمُّ فيها توفير نماذج الإسبان الإنجليز للمنازل (مكتب المراجع السكانية، ٢٠٠٩: ١-٢). من جانبٍ آخر، تعرَّض مسح المجتمع الأمريكي إلى النقد؛ لاستخدامه حجم عينةٍ أصغرَ من التي يستخدمها التعداد التقليدي. ولكن حقيقة إمكانية توفير البيانات على نحوٍ مُنفصل وفقًا للفئة العمرية، والعرق، والأصل الإسباني، والنوع يُعتبَر ميزةً إضافية لصُناع السياسة والمشرِّعين. ويدَّعي مكتب التعداد أنه لا يوجد مصدر تعداد آخر سوف يُوفِّر مثل هذه المعلومات الاجتماعية، والاقتصادية، والإسكانية الوفيرة عن أفراد المجتمع الأمريكي أكثر مما سوف يَفعله مسح المجتمع الأمريكي على أساسٍ دائم (مكتب المراجع السكانية ٢٠٠٩: ١).

مشروع هابا: رؤية وتنفيذ كيب فولبيك

«ما ماهيتك؟» سؤالٌ شائع بين متعدِّدي الأعراق في دولة تُركِّز على تنظيم الفئات العرقية.

شكل ١٣-١٤: «أنا شخص». استُخدمت الصورة بإذن من كرونيكال بوكس إل إل سي، سان فرانسيسكو. زر موقع ChronicleBooks.com.
شكل ١٣-١٥: «أنا رجلٌ ناضج كشفتُ عن صدري للتوِّ أمام شخصٍ غريب عني تمامًا.» استُخدمت الصورة بإذن من كرونيكال بوكس إل إل سي، سان فرانسيسكو. زر موقع ChronicleBooks.com.
هابا hapa: صفة. (١) عامية: من أصل إثني مختلَط وجذور تعود جزئيًّا إلى أصلٍ آسيوي و/أو سكان جزر المحيط الهادي. اسم. (٢) عامية: شخص من أصل كهذا [اللغة الهاوائية: hapa haole: (نصف أبيض)].

نشأتُ في لوس أنجلوس خلال سبعينيات القرن العشرين. والدتي وأربعة من أشقائها من الصين، وكذا أبناء خالاتي وأخوالي. أما والدي، فمن نيويورك، وهو ابن لمهاجرين من إنجلترا وأيرلندا. ويعدُّ هو وأنا الأفراد غير الصينيِّين الوحيدين في العائلة الممتدة.

كنتُ في المنزل الطفل «الأمريكي»؛ أي الذي لا يستطيع التحدُّث بالصينية، ولا يحب الطعام، ولا يستوعب الثقافة. ولكن عندما التحقتُ بالمدرسة، لم أكن أصنَّف كأبيض تمامًا. أُطلق عليَّ ألقابٌ وأسماءٌ عنصريةٌ عديدة غير لائقة. شعرت من نواحٍ عدة وكأنني لا أنتمي لأيٍّ من العالمين. إن الانتماء مُهم للجميع، ولكن له أهمية خاصة بالنسبة إلى الأطفال.

لم يكن أحد يتحدَّث آنذاك عن التعدُّدية العرقية. أذكر حين كُنا نملأ نماذج الاستمارات كان يُطلب منِّي تحديد عرقي بوضع علامة على «خانة واحدة فقط» لم يكن لذلك أي معنًى، سوى مطالبتي باختيار أمي فقط أو أبي فقط. لم يكن خيار وضع علامة على خانة «عرق آخر» أفضل بأي حال. فقد ساعَدني على معرفة أن هناك أشخاصًا آخرين لديهم نفس شعوري. وحتى الآن، حين تُناقَش مسألة التعددية العرقية، أجدها تُوضع على نحوٍ شبه دائم في إطار نموذج البيض والسود، تاركة الكثير منا خارج نطاق الحوار.

لقد بدأتُ «مشروع هابا» في عام ٢٠٠١، بالتقاط صور فوتوغرافية لأكثر من ١١٠٠ شخص ينحدرون جزئيًّا من سكان جزر المحيط الهادئ الآسيويين على مستوى البلاد. تم تصوير جميع المتطوِّعين بنفس الشكل: دون ملابس من عند الترقوة إلى أعلى، دون حُلي، أو نظارات، أو تجميلٍ مُفرط، أو تعبيرٍ متعمَّد. لقد أردتُ أن يبدو الناس كما هم. كان على كل مشترك الموافقة على صورته، ثم كتابة إجابته الخاصة على سؤال «ما ماهيتك؟» بخطِّ اليد. فقد أردتُ أن أعزو القرار بالمشاركة في هذا الحوار إلينا. وبلغ المشروع أوج ازدهاره في أحد المعارض المتنقِّلة وفي كتاب «نصف آسيوي، ١٠٠٪ هابا»، وهو الكتاب الذي تمنَّيتُ لو اقتنيته وأنا طفل.

إن الهابا الآن بصدد اختراق الثقافة الشعبية، من كيانو ريفز، إلى تايجر وودز وصولًا إلى آن كوري، وميشيل برانش، وذا روك. يوجد الملايين منا، ولكن يظل الوعي بشأن الهابا عند الحد الأدنى على أقصى تقدير. أتمنى أن يساعد مشروعي في رفع درجة هذا الوعي (كيب فولبيك، فنان).1

(٩) أفريقيٌّ أم أمريكيٌّ أفريقي؟

«تضمُّ فئة «الأمريكيين الأفارقة» أشخاصًا من خلفياتٍ مختلفة تمامًا.»

(٩-١) الأمريكيون الأفارقة القدماء والجدد

حتى عهدٍ قريب، كان معظم الناس الذين يَعتبرون أنفسهم سودًا أو أمريكيين من أصلٍ أفريقي مُنحدِرين من أشخاصٍ مُستعبَدين. وعلى الرغم من كونهم مجتمعًا سكانيًّا متنوعًا، فقد جمعهم تاريخٌ مشترك. على مدار العقود العديدة الماضية، هاجر العديد من الأفارقة إلى الولايات المتحدة، حاملين معهم مجموعةً كبيرة من الثقافات، واللغات، والسجلات التاريخية. بالإضافة إلى ذلك، تختلف الكثير من خبراتهم في الولايات المتحدة عن خبرات الأمريكيين الأفارقة في ظلِّ امتلاك الأمريكيين الأفارقة تاريخًا عائليًّا في البلاد يمتد لمئات السنين.

لهذه الأسباب، تساءل المهاجرون الأفارقة والأمريكيون من أصلٍ أفريقي عما إذا كان تجميعهم معًا على التعداد سيكون له أي معنًى؟ من المحتمَل في السنوات القادمة أن يتعرض مكتب التعداد إلى ضغط للتفكير في هذا السؤال.

يقول مكتب التعداد الأمريكي إن فئاته العرقية «تعكس عمومًا تعريفًا اجتماعيًّا للأعراق المُعتمدة في هذا البلد. وهم لا يَسيرون وَفق أي معايير بيولوجية، أو أنثروبولوجية، أو وراثية.»

figure
شكل ١٣-١٦: أشخاص يُمثلون نطاقًا واسعًا من الثقافات، والديانات، والتآريخ، والأشكال الجسمانية يُصنَّفون معًا ضمن فئة «السود، أو الأمريكيين الأفارقة، أو الزنوج» في التعداد (بتصريحٍ من (أ) ماري بيجمان. (ب) © iStockphoto.com/keeweeboy. (ﺟ) كريس ماكجريفي).

إن كيفية تصنيف نفسي على التعداد مسألةٌ معقَّدة. ففضلًا عن حقيقة أن عائلتي قادمة من إثيوبيا، فإنهم لا يَعتبرون أنفسهم من السود أو الأمريكيين الأفارقة؛ ومن ثم يُصنِّف أغلب أفراد عائلتي أنفسهم ﮐ «عرقٍ آخر» على التعداد، ثم يُكتبون «إثيوبيين». أما أنا، فنظرًا لأنني نشأتُ في الولايات المتحدة، فقد صُنِّفتُ كأشياءَ عديدة. يتساءل الناس عما إذا كنتُ شرقَ أوسطيٍّ، أم هنديًّا، أم من الكاريبي، أم ثنائي العرق، أم مزيجًا من أيٍّ من هذه الأمم/الأعراق، بناءً على شكلي. والآن وبعد أن ذكرتُ ذلك، فأنا أُصنِّف نفسي كأمريكيٍّ أفريقي؛ لأنني أشعر أنني كذلك؛ شخصٌ من أصلٍ أفريقي ولد ونشأ في الولايات المتحدة. ولكن عائلتي وآخرين كثيرين غيرهم هنا في الولايات المتحدة (حتى الأمريكيين الأفارقة) قد لا يتَّفقون معي في الرأي بالضرورة.

تينبت إرمياس، من تواصُلٍ شخصي مع سارة إلزي، متحف مينيسوتا للعلوم، يوليو ٢٠٠٦

كما ذكرنا في موضعٍ سابق في هذا الفصل، كان يوجد أيضًا مجموعة من المشكلات بشأن العرق والتعداد مؤجَّلة من تعداد عام ٢٠٠٠ لزم مواجهتها. كان أولها مشكلة انخفاض التمثيل أو إحصاء الأقليات بأقل من أعدادها عمومًا. فقد كانت جماعات سكان المحيط الهادئ الآسيويون، والأمريكيون الأفارقة، وذوو الأصول الإسبانية متخوِّفين من عدم الوصول الشامل إلى هذه المجتمعات لضمان تلبية احتياجاتها. ولتهدئة هذا التخوف، أنفق مكتب التعداد السكاني ملايين الدولارات من أجل الوصول إلى المجتمعات الإثنية القديمة والحديثة، المحلية والمُهاجرة على حدٍّ سواء. على سبيل المثال، أنشأ المكتب «مجموعة أدوات جاهزة» مصمَّمة لاستخدامها من قِبَل مجموعات توعيةٍ خاصة تُسمى «لجان الإحصاء الكامل». صُمِّمت هذه الأدوات لاكتساب القدرة على تخصيص الرسالة لتتلاءم مع المجتمعات المتنوِّعة المختلفة من أجل حث الناس على ملء نماذج التعداد خاصتهم (النموذج القصير) وإرسالها عبر البريد (التعداد الأمريكي لعام ٢٠١٠: ص١–٤).

شكل ١٣-١٧: تينبت إرمياس (بتصريح من متحف مينيسوتا للعلوم، كرايج ثيزن).

في مثالٍ آخر، تعاون مكتب الإحصاء مع مجموعة قنوات «تليموندو» التليفزيونية الدولية الناطقة بالإسبانية، التي تصل إلى أكثر من مليون شخصٍ ناطق بالإسبانية كل ليلة في الولايات المتحدة؛ للترويج لتعداد ٢٠١٠ في واحد من أشهر مسلسلاتها التليفزيونية «ذا ديفل نوز بست» (مونتجمري ٢٠٠٩: ١–٣). في مثالٍ آخر، عقَد المكتب، في إطار سعيه للوصول إلى الأمريكيين الأصليين الذين يتم إحصاؤهم بأعدادٍ أقلَّ من أعدادهم على نحوٍ روتيني ومزمن، شراكة مع جماعات مثل المؤتمر الوطني للأمريكيين الهنود. كان ذلك نهجًا للتعاون بين مؤسستين حكوميتَين؛ حيث قام مندوبون من مكتب التعداد بتقديم عروض إلى ٥٦٤ قبيلة معترفًا بها فيدراليًّا، وطلبوا السماح لهم بإجراء عمليات تعدادٍ على الأراضي القبَلية. وفي مقال كُتب في مايو ٢٠١٠، يُقدر جريج جوديل أنه من خلال جهود توصيل خدمات التعداد على نحوٍ شامل، رفَعت قبائل تولاليب وحدها معدَّل إرسال نماذج التعداد المملوءة بالبريد إلى ٧٠ بالمائة، حتى قبل وصول موظَّفي التعداد إلى هناك. ويأتي ذلك على عكس ما حدث في تعداد عام ٢٠٠٠؛ حيث بلَغ معدَّل الإرسال النهائي ٥٤ بالمائة فقط بين القبائل (جوديل ٢٠١٠: ١٠٢).

نقلَت الحكومة الأمريكية أهمية جمع بيانات تعداد عام ٢٠١٠ إلى قطاعٍ عريض من الجماعات المشمولة في التعداد. وساقت الحكومة الأسباب التالية لتبرير الحاجة إلى معلومات التعداد: (١) الحاجة إلى معرفة كيفية تخصيص ما يزيد على ٤٠٠ مليار دولار للولايات والمجتمعات. (٢) الحاجة إلى معرفة كيفية تخصيص الموارد للمساكن، والطُّرق، والبرامج التعليمية الجديدة. (٣) الحاجة إلى جمع البيانات لاستخدامها من قِبَل صُناع القرار وصناع السياسات الأمريكيين الأصليين عند التقدم للحصول على منح ووضع خطط العمل لإنشاء مجموعةٍ جديدة من الطُّرق، والمساكن، والمستشفيات، ودور رعاية الأطفال والمسنين، والمدارس، وغير ذلك المزيد (مكتب التعداد السكاني الأمريكي ٢٠٠٩). وهكذا كان للتركيز على استخدام بيانات التعداد المجمَّعة لمساعَدة المجتمعات التي كانت محرومة مردودٌ إيجابي.

(٩-٢) التعداد ومجتمَعات المثليين، ومُزدوَجي الميول الجنسية، والمتحوِّلين جنسيًّا

لأول مرة في تاريخ التعداد السكاني، بذَل مكتب التعداد جهدًا منظَّمًا للوصول إلى جميع مجتمعات المثليين، ومُزدوَجي الميول الجنسية، والمتحوِّلين جنسيًّا في الولايات المتحدة، لا سيما مجتمعات المثليين ومُزدوَجي الميول الجنسية والمتحوِّلين الملوَّنين. على سبيل المثال، في مجتمع الأمريكيين ذوي الأصول اللاتينية، ساعَدت مؤسسة «اتحاد مساواة اللاتينيين»، و«صندوق الدفاع القانوني والتعليمي الأمريكي المكسيكي» على إثارة القضية. كذلك كانت منظمة «الاتحاد القومي لسكان جزر المحيط الهادئ الآسيويين الشواذ» و«اتحاد حركات فخر السود» من المنظمات التي تعاونت مع مكتب التعداد السكاني لإحصاء عناصرها ضمن تعداد ٢٠١٠. فقد أرادت جميع هذه المنظَّمات أن يتم إحصاء الأشخاص في دوائرها بغرض الحصول على موارد لهم ولعائلاتهم. وعلى حسب تعبير ماثيو ألدر بصندوق الدفاع القانوني والتعليمي الأمريكي المكسيكي: «يُشكل التعداد أهميةً قصوى لمجتمعات الملوَّنين والمهاجرين، لا سيما اللاتينيِّين. فغالبًا ما يكون القابعون في مُفترَق مجتمعات الأقلية مثل مثليِّي الجنس ومُزدوَجي الميول الجنسية والمتحوِّلين جنسيًّا الملوَّنين هم أكثر من يفتقرون إلى التوثيق؛ ومن ثم الأقل استفادة من الموارد المخصَّصة من قِبَل مكتب التعداد» («عائلاتنا مهمة» ٢٠١٠). ويعكس بنجامين ديجوزمان بالاتحاد القومي لسكان جزر المحيط الهادئ الآسيويين الشواذِّ نفس الآراء في قوله: «إنها لحظةٌ فارقة لمكتب التعداد، تلك التي يصل فيها إلى مجتمعاتنا. فعلى الرغم من التوتُّر المتصاعد الذي تخلقه القوانين الجديدة في أريزونا لدى المهاجرين وأي شخص قد تعتقد سلطات الولاية أنه «يبدو كمهاجرٍ شرعي»، فإننا بحاجة إلى الاستجابة إلى عمليات التعداد وأن يتمَّ إحصاؤنا أكثر من أي وقت مضى» («عائلاتنا مهمة» ٢٠١٠).

(٩-٣) القلق بشأن المشرَّدين والعمال غير الموثقين

قام التعداد فقط بإحصاء مَن كانوا موجودين بالبلاد خلال الأسابيع حول يوم ١ أبريل عام ٢٠١٠ الذي يوافق اليوم الوطني للتعداد. ويقوم التعداد بحصر الأشخاص الموجودين في المنازل، وليس المواطنين بالضرورة. بعبارةٍ أخرى، لا يوجد ما يقضي بأن يكون لديك إقامة دائمة أو لك وضع قانوني كمُواطنٍ أمريكي لكي يتم إحصاؤك. وغالبًا ما كان موظَّفو التعداد يجدون صعوبة خلال السنوات الماضية في العثور على أشخاص لإحصائهم يَخشون أو لا يُريدون إحصاءهم. على الجانب الآخر، يوجد أولئك الذين يعتقدون أن ولايات مثل كاليفورنيا تنتهك الدستور بإحصاء أشخاص سوف يكون من شأنهم منح الولاية مَقاعدَ إضافيةً بناءً على أشخاصٍ ليسوا مواطنين أمريكيين. فمنذ عام ١٩٨٠، لا يُميِّز التعدادُ المواطنين عن أولئك الموجودين على نحوٍ غير شرعي. ويتحدث بيكر وستونسايفر (٢٠٠٩) بأساليبَ محدَّدة للغاية عن كيفية استفادة ولاية مثل كاليفورنيا، ربما عن غير استحقاق. فيُشيران إلى أنه «وفقًا لأحدث مسح للمجتمع الأمريكي، تضمُّ كاليفورنيا ٥٦٢٢٤٢٢ شخصًا مقيمين، غير مواطنين، بين سكانها البالغ عددهم ٣٦٢٦٤٤٦٧ نسمة. وبناءً على تقديرنا التقريبي لعدد السكان في تلك الولاية بنهاية العقد، والذي يصل إلى ٣٧ مليون (منهم ٥٧٥٠٠٠٠ غير مواطنين) فقد انحرف مكتب التعداد بعيدًا عن جذوره الدستورية، وسوف يسفر تعداد ٢٠١٠ عن ترتيبٍ خاطئ للأوضاع في الكونجرس» (بيكر وستونسايفر ٢٠٠٩: ١-٢).

(١٠) مشكلاتٌ لغوية: من يدخل ضمنَ التعداد وماذا يطلق عليه؟

ثمة العديد من المشكلات المتعلِّقة باللغة وبالهُوية أثارها تعداد ٢٠١٠، من بين هذه المشكلات الجدل حول استخدام كلمة «زنجي». كان لدى البعض تخوف من استخدام تعداد ٢٠١٠ لكلمة «زنجي» إلى جانب كلمتي «أسود»، و«أمريكي أفريقي». وكما أشرنا سابقًا في هذا الفصل، كانت المُصطَلحات العرقية تُستخدم على نحوٍ غاية في المرونة والتغيُّر في التعداد السكاني الأمريكي، وكان التعداد السكاني على مستوًى ما يُعدُّ انعكاسًا لقيم وتقاليد المجتمع الأمريكي، لا سيما المرتبطة بالعرق، والإثنية، والهوية، والمكانة الاجتماعية في أيِّ مرحلة معيَّنة من الزمن في تاريخ الأمة. في عام ١٩٦٠ لم يحتوِ التعداد على كلمة أسود؛ إذ لم تُستخدم سوى كلمة زنجي. في تلك الفترة من التاريخ، كان العديد من الأمريكيين الأفارقة يُعرَّفون ﮐ «زنوج». وبحلول عام ١٩٧٠ كان يمكن وضع علامة على خانة «زنجي» أو «أسود». وكان هذا أول ظهور لكلمة «أسود» في التعداد منذ عام ١٩٢٠. ولم يكن واضحًا لمَ استُخدمت كلمة أسود في عام ١٩٢٠؟ وفي عام ١٩٨٠ تغير الترتيب لتُصبح خانة «أسود» أولًا يليها «زنجي». وفي عام ٢٠٠٠، سُمح للناس باستخدام أكثر من مجموعة عرقية على نموذج التعداد لأول مرة.

(١١) إحصاء الأصول الهسبانية واللاتينية

«في عام ١٩٧٠ أضيف سؤال عن الإثنية الهسبانية إلى التعداد الأمريكي.»

(١١-١) الحاجة

للاطمئنان على أن التشريع الاجتماعي كان يعمل على نحوٍ فعَّال في الستينيات، كان على الحكومة الفيدرالية جمع بياناتٍ موثوقة عن مجموعات الأشخاص التي تستهدف القوانينُ مساعدتهم؛ من بينهم الهسبان الأمريكيون (أي المُنحدرين من شبه الجزيرة الأيبيرية التي تضمُّ كلًّا من إسبانيا والبرتغال). على سبيل المثال، استَخدمت برامج التمييز الإيجابي إحصاءات عن عدد العاملين المُنتمِين إلى الأقليات في مجتمعٍ ما لتحديد ما إذا كانت جميع الجماعات تحصل على نصيبٍ متساوٍ من فرص التوظيف.

(١١-٢) إضافة السؤال

منذ أواخر الستينيات وحتى السبعينيات، عمل القادة الأمريكيون المكسيكيون على إضافة سؤال عن العرق الهسباني إلى التعداد. في البداية، رفَض مكتب التعداد الفكرة؛ لأن مصطلح الإثنية الهسبانية بدا شخصيًّا للغاية. ولكن أضيف سؤالٌ عن الإثنية إلى بعض نماذج تعداد ١٩٧٠، وبعد عشر سنوات ظهر واحد على جميع استبيانات تعداد ١٩٨٠. أما بالنسبة إلى تعداد ٢٠٠٠، فقد توسع السؤال ليشمل مصطلح الأصل اللاتيني.

(١١-٣) إثنية، وليس عرقًا

figure
شكل ١٣-١٨: جيسيكا ماسترسون (بتصريح من متحف مينيسوتا للعلوم، كرايج ثيزن).

وفقًا لمكتب التعداد، يُعدُّ الأصل الهسباني واللاتيني مسمياتٍ إثنية، وأولئك الذين يعرِّفون أنفسهم كهسبان يُمكن أن ينتموا إلى أي عرق. والفارق بين الإثنية والعرق غير واضح لكثيرين. فثمة عدد ممَّن يَختارون «هسباني» كإجابة عن سؤال الإثنية في استبيان التعداد يَختارون «عرقًا آخر»، بينما يَملئون خانة «الهسبان»، أو «لاتيني»، أو «شيكانو» (وهو مُسمًّى للأمريكي المكسيكي)، أو اسم دولةٍ أمريكيةٍ لاتينية عند الإجابة عن سؤال العرق.

جعل القادة الهسبان موظفي التعداد الأصليين ثنائيي اللغة يعملون في الأحياء الهسبانية. ودفعوا الحكومة إلى تعيين غرباءٍ كموظَّفي تعداد مؤقَّتين، كما حصَلوا على تعهداتٍ حكومية من مسئولين فيدراليِّين رفيعي المستوى بأن هيئة خدمات الهجرة والتجنيس لن تشنَّ حملات على أحياء الإسبان بينما لا يزال التعداد جاريًا (كولدين ١٩٨٦).

لديَّ كراهيةٌ شديدة لمصطلح «هسباني»؛ لكونه يدلُّ ضمنًا على وجود صلة بإسبانيا التي لا تنتمي إليها عائلتي بالمرة. بالطبع كانت اللغة التي نتحدث بها لغتهم في الأساس، ولكن بمرور الوقت أعتقد أنها قد تطوَّرت لتُصبح أكبر بكثير من لغة المُضطهَدين. لقد صارت لغتنا نحن. وقطعًا أُفضِّل كلمة «لاتيني» عند الحديث عن الأشخاص الذين تعود أصولهم إلى أمريكا اللاتينية (جيسيكا ماسترسون، من تواصلٍ شخصي مع سارة إلزي، متحف مينيسوتا للعلوم، يوليو ٢٠٠٦).

أما المشكلة الكبيرة الثانية المتعلقة باللغة، وهي أيضًا مشكلة في تعداد عام ٢٠٠٠، فتمثَّلت في كيفية إحصاء الهسبان. فعلى الرغم من تاريخ الهسبان الطويل في الإقامة في الولايات المتحدة، لم يُبذَل جهد منهجي لإحصاء هذه المجموعة على نحوٍ منفصل في التعداد حتى أواخر القرن العشرين. يُشكِّل الأمريكيون الهسبان ١٦ بالمائة أو ٤٨ مليون من المقيمين في الولايات المتحدة اليوم، ويُشكِّلون أكبر أقليات البلاد. وكان قد تمَّ إدراج «المكسيكيين» كعرق مرةً واحدة في تعداد ١٩٣٠. فقد كان مسجلو التعداد يُعرِّفون الناس على أساس العرق على نماذج التعداد حتى ما قبل عام ١٩٧٠. غير أنه في عام ١٩٧٠، سُمح للمقيمين بتعريف بأنفسهم، أو تحديد هويتهم العرقية ذاتيًّا، على نموذج التعداد، دون ترك المهمة لموظف التعداد. وقد مثَّلت صياغة السؤال المتعلق بالهوية الهسبانية أو اللاتينية إشكالية. فكانت مُحيِّرة للغاية على نحوٍ واضح للجميع، وليس فقط للهسبان. في عام ١٩٨٠ تم نقل السؤال الخاص بالهوية الهسبانية إلى النموذج القصير وأُعيدت صياغته. وفي تعداد عام ١٩٨٠، جرى حصر ١٤٫٦ مليون هسباني/لاتيني واعتبَره مكتب التعداد ناجحًا نوعًا ما. في عام ١٩٩٠، كان السؤال الخاص بالأصل الهسباني شبه مطابق لسؤال ١٩٨٠ وأحصى أكثر من ٢٢ مليون هسباني. غير أن نموذج هذا التعداد احتوى على سطر أقحم لتحديد أصول «إسبانية/هسبانية أخرى». كذلك اختصر النموذج مُسمَّى فئة المكسيكيِّين الأمريكيين من Mexican Amer إلى Mexican Am، مما ساعد على التعامل مع مشكلة قيام غير الهسبان بالإجابة عن الجزء الخاص بالأمريكيين في نموذج التعداد.
figure
figure
شكل ١٣-١٩: استبيان مكتب التعداد السكاني الأمريكي لعام ٢٠١٠ (بتصريح من مكتب التعداد السكاني الأمريكي).

حصر تعداد ٢٠٠٠ أكثر من ٣٥ مليون هسباني، وشهد بعض التعديلات في البند الخاص بالأصل الهسباني. فأُضيفت كلمة «من أصل لاتيني»، وبذلك صارت صياغة السؤال على نموذج التعداد: «هل الشخص إسباني/هسباني/أمريكي لاتيني؟» وكان السؤال الخاص بالأصل الإسباني سابقًا على سؤال العرق، وكان الناس يُنصَحون بالإجابة على «كلا» السؤالين. وكان مطلوبًا من الأشخاص وضع علامة على خانة «لا» إذا لم يكن الشخص «إسبانيًّا/هسبانيًّا/لاتينيًّا».

شهد تعداد ٢٠١٠ تعديلَين آخرَين. فقد جاء ترتيب المصطلح مختلفًا. فجاء ترتيب كلمة «إسباني» الثالث بعد أن كان الأول، إلى جانب إضافة كلمة «أصل». وتمَّ تعديل صيغة فئات الإجابة لتعكس صيغة الأسئلة. ففي مقدمة السؤال، يُوجَّه المستطلعون إلى الإجابة عن «كل» من بند الأصل الإسباني «و» العرق، وتحديدهما بالاسم وليس مجرد ترقيمهما. كذلك نصَّت التعليمات على أن «الأصول الهسبانية ليست أعراقًا.» وأخيرًا حُذفت التعليمات الخاصة ﺑ «ضع علامة على خانة «لا»، إذا لم تكن هسبانيًّا.» وسوف نُضطر إلى الانتظار لنرى تأثيرًا لهذه التغيرات، إن وُجد أي تأثير (انظر شكل ١٣-١٩ لتُلقي نظرة على الأسئلة التي وردت في النموذج القصير بتعداد ٢٠١٠).

(١٢) هل حالف النجاح تعداد ٢٠١٠ في قضايا توثيق العرق؟

تفترض مبادرة «الأعراق البشرية: هل نحن حقًا على هذا القدر من الاختلاف؟» أن مفهوم العرق ليس حقيقيًّا من الناحية البيولوجية ولكنه حقيقي للغاية كمفهومٍ اجتماعي وثقافي. وهدفنا كعلماء أنثروبولوجيا هو التأكُّد من إدراك طلابنا وعامة الناس لمدى التغير الذي طرأ على هذا المفهوم المرن عبر الزمن، وأنه خاضع للتغير اليوم أيضًا. ثمة علماء أنثروبولوجيا وعلماءُ آخرون يعتقدون أن أسئلة العرق في نماذج التعداد الأمريكي لعامي ٢٠٠٠ و٢٠١٠ مزعجة، وغير دقيقة، وغير وافية؛ خاصة في ارتباطها برصد خبرات الأشخاص ذوي الأصل المُختلَط. على سبيل المثال، انظر كتاب كيم ويليام: «ضع علامة في خانةٍ واحدة أو أكثر: الحقوق المدنية في أمريكا متعددة الثقافات» (٢٠٠٦). يُؤرِّخ هذا الكتاب الشائق للحركة الشعبية السياسية التي أسفرت عن إجازة تعداد ٢٠٠٠ للأمريكيين، لأول مرة على الإطلاق، تسجيل أكثر من هُوية.

الأمر الأكثر إزعاجًا لنا كعلماء وإنسانيين هو الأسئلة التالية: (١) من الذي يُقرر ما يوضع في نماذج التعداد؟ (٢) ما مدى جدوى بيانات التعداد بالنسبة إلى توثيق نبض الأمة، بتحديد الناس لهويتهم بأنفسهم؟ لقد أمضينا ساعات وساعات في النقاش والحوار والجدل بشأن هذه القضية بين أعضاء المجلس الاستشاري لمشروعنا بينما كنا نَعكُف على تجميع المعرض، والموقع الإلكتروني، ومواد التدريس معًا. وفي النهاية، قمنا أخيرًا بتوثيق الحقائق التي توضح أن الناس في الولايات المتحدة قد نزحوا وعاشوا خارج إطار هذه الفئات الثابتة الجامدة للهوية التي نجدها على نماذج التعداد الحالية. والأمر يرجع إلى الحكومة (بمساعدة الشعب) في تحديد كيفية رصد تلك التغيرات وأساليب التفكير وأساليب الحديث الجديدة بشأن «العرق».

يُتاح لزوار المعرض أيضًا فرصة الإدلاء بآرائهم بشأن مُستقبَل التعداد الأمريكي. فهم يُطالَبون بالتفكير في أربعة خيارات: (١) «البقاء على المسار» — أي الاستمرار في استخدام الفئات العرقية المستخدمة حاليًّا. (٢) «التبسيط» — أي استخدام فئاتٍ أقل وإدراجها في قائمة وفق ترتيبٍ أبجدي. (٣) «اجعلها على طريقتك» — أي السماح لكل شخص بتحديد فئاته الخاصة. (٤) «عدم وضع أي سؤال على الإطلاق» — أي حذف سؤال العرق من التعداد الأمريكي تمامًا. ما الخيار الأفضل في اعتقادك؟

يعتقد كين برويت، أحد أعضاء المجلس الاستشاري لمشروع العرق والمدير السابق لمكتب التعداد الأمريكي، أن أسئلة العرق على تعداد ٢٠١٠ لا تزال «منقوصة»، خاصة فيما يتعلق بسؤال العرق والإثنية الهسبانية. وبينما يعترف بالحاجة إلى جمع بيانات التعداد وفقًا للعرق والإثنية من أجل تسليط الضوء على الفروق والتمييز القائم على اللون، أو الأصل، أو وضع الهجرة؛ يشير إلى ضرورة أن يتم هذا بمزيد من الحرص. فيقول: «[لو] أن نموذج التعداد يطرح سؤال «ما الأصل القومي، أو الإثنية، أو القبيلة، أو المجموعة اللُّغوية، أو الأصل الذي تَعتبِر نفسك منتميًا إليه؟» (ويُدرج كل الفئات التي تُهمك في هذا الإطار)، لترَكنا الشعب الأمريكي يتحدث عن نفسه» (برويت ٢٠١٠). وكان هذا، بحسب برويت، ليخرج التعداد في النهاية من الهرمية العرقية التي وُضعت في مسح عام ١٧٩٠. بل إنه يذهب إلى أنه كان لَينأى بنا عن استخدام مصطلح «العرق» ذاته ويُتيح للناس تحديد هُوياتهم بأنفسهم، ويُتيح للناس في النهاية ادعاء هوياتهم المتعددة. ويمضي في حديثه قائلًا:

إن هذا السؤال لا يفترض أن إثيوبيًّا وصل مؤخرًا ينتمي إلى نفس العرق (الاجتماعي) الذي ينتمي إليه الجيل العاشر من سلالة العبيد القادمين من ساحل الذهب في أفريقيا. ولا يَضع الجيل الخامس من الأمريكيين الصينيين في نفس الخانة مع الجيل الأول من الفيتناميين. ولا يَحتسب أرجنتينيًّا يتحدث الإنجليزية فقط مثلما يتعامل مع مُهاجر ماياني.

برويت ٢٠١٠

لسوء الحظ، فهو لا يعتقد أنَّ الكونجرس الحالي أو البيت الأبيض تحت إدارة أوباما سوف يتوسَّطان لإجراء نقاشٍ جادٍّ أو حوارٍ وطني في هذا الوقت. وبينما قد لا يكون لدى الحكومة الإرادة السياسية لتبنِّي هذا التحدي، فإنه يضع على عاتق الجامعات، والباحثين، والإعلام، والمنظمات التوعوية، والمثقفين من العامة مسئولية الضغط من أجل إجراء هذه التغييرات.

ويتَّفق برويت وآخرون، من بينهم المساهمون في هذا الكتاب ومُحرِّروه، على أن الجمع المتواصل للبيانات من أجل فهم مواضع توجيه الموارد الحكومية ضروري للغاية. ولكن لا بد أن يَعكس أسلوبُ تنفيذ ذلك الواقعَ العرقي والإثني وواقع الهوية للولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين. نَختتم هذا الفصل بمقالٍ سوف يساعدنا على التأمل وإعمال الفكر في واحدة من هذه الحقائق المعقدة. فتتحدانا آرلين توريس في مقالها «الثقافة الأفرو-لاتينية في القرن الحادي والعشرين» لكي نرى التنوع اللغوي والثقافي القائم بين هذه المجموعة التي نطلق عليها «اللاتينيين».

إن هدف هذا المقال هو حثُّنا على التفكير في الوجود اللاتيني في الولايات المتحدة، والهجرة، والتمييز على أساس اللون، والمُمارَسات القائمة على التمييز العرقي، وتطور العلاقات والمؤسسات الاجتماعية.

أبدى ويليام إدوارد بورجاردت دو بويز الملاحظات التالية في خمسينيات القرن الماضي: «إن هذا الجنوب الأحدث، بالنظر إلى ماضيه الاستعبادي، يؤمن بأن رخاءه في الحاضر والمستقبل يُمكن بناؤه على أفضل ما يكون على فقرِ وجهل جماعاته المحرومة المنتمية إلى الفئات الدنيا؛ وهؤلاء العُمال ذوو الأجور المتدنِّية الآن لا يشملون الزنوج فحسب، بل أيضًا المكسيكيين، والبورتوريكيين، والبيض غير المؤهَّلين وغير المنتمين للنقابات. فالتقدم بواسطة هذا الفقر هو عقيدة الجنوب الحالي.» إن هذا المقتطف يُطلعنا على بعض القضايا والمشكلات التي نصارع معها، وسوف تكون محل اهتمام في جنوب الولايات المتحدة وسائر أنحاء البلاد خلال القرن الحادي والعشرين. إن التحليلات الاجتماعية لم تَستوعِب بعدُ على نحوٍ وافٍ كيف يعمل الوجود اللاتيني، وبصفةٍ خاصة مجتمعات المهاجرين الداخليين والخارجيين والمستوطنين، على تغيير وجه البلاد. كذلك سوف تُساهم كيفية تصدينا للتحديات التي يستتبعها هذا في تحديد أسلوب معيشتنا في المواقع التي تشكل مستقبل الجميع.

ذهب دو بويز إلى أن المشكلة الجوهرية للقرن العشرين تمثَّلت في التمييز على أساس خطِّ اللون. كيف تُساهم الهجرة الداخلية، والخارجية، والاستيطان في تشكيل العلاقات الاجتماعية، وقاعدة القَطرة الواحدة، والخط اللوني ما بين الأسود والأبيض؟ في الولايات المتحدة، كان الأفراد من أي أصل أفريقي يُعتبرون سودًا، فيما كان الأفراد ذوو العرق المختلط يُصنَّفون كمولاتو، أو غير بيض. غير أن درجة اندماجهم داخل مجتمعاتهم كانت تتحدَّد بفعل التقاليد القانونية، والاجتماعية، والثقافية التي تغيَّرت على مر الزمن. وقد دفعَتْنا الزيادات في معدل الهجرة الداخلية والخارجية والاستيطان للاتينيين في مناطق لم تكن منظورة فيما سبق؛ إلى التفكير في تأثيرها على طبيعة خط اللون. إن مشكلة القرن الحادي والعشرين هي الطبيعة المتغيرة لخط اللون. فالخطُّ الذي كان محدَّدًا بصرامة بات الآن أكثر غموضًا وأصبح مؤهلًا للترويج للعنصرية والإثنية وممارستهما تحت ستار الاختلاف القائم على المواطنة، والطبقة، واللون، واللغة، والممارسات الثقافية. وبينما قد يجادل البعض بأن خط اللون قد بدأ في التلاشي، يُمكننا أن نجادل بأن خط اللون المتدرِّج ما بين الأبيض/غير الأبيض الذي يشمل آثار الماضي من شأنه تشكيل المشهد العرقي المعاصر.

ونظرًا لكون العرق مفهومًا اجتماعيًّا، فإن كيفية تحديد الأمريكيين للشخص المنتمي إلى جماعةٍ عرقيةٍ ما عُرضة للتغيير ويتغيَّر بالفعل. فبينما يُدمج المهاجرون في المجتمع الأمريكي، فإنهم يُدمَجون على نحوٍ مختلف بناءً على تصورات بشأن إرثهم العرقي ومكانتهم. ويذهب بعض الباحثين إلى أن اللاتينيين، على سبيل المثال، يُدمَجون على نحوٍ مختلف بناء على المفاهيم المُدرَكة للانتماء العرقي عبر خط اللون المتدرج ما بين الأبيض/غير الأبيض. ويذهب باحثون آخرون إلى أن اللاتينيين يسعون وراء الانتماء إلى العرق الأبيض. وهنا تظهر تساؤلاتٌ غاية في الأهمية: إذا كان اللاتينيون يسعون وراء الانتماء إلى العرق الأبيض، فكيف يُحدَّد هذا السعي وكيف يُدرك؟ أو هل يُمارس اللاتينيون استراتيجياتٍ أخرى سعيًا نحو حراكٍ اجتماعي صاعد حيث يتمُّ إلغاء الحدود العرقية/الإثنية والإبقاء عليها على نحوٍ انتقائي؟ علاوة على ذلك، كيف تتشكَّل هذه الانتقائية، في ظل التاريخ، والمجتمع، والمكان، وهيمنة سلطة لون البشرة، واستمرار العرقية؟ كيف يستجيب أولئك المصنَّفون كإثنياتٍ بيضاء لهذا؟ نحن نعلم أن أولئك الساعين إلى الحفاظ على الحظوة والسلطة يَدمجون بالفعل بعض الجماعات الإثنية/العرقية دون غيرها على نحوٍ انتقائي لضمان موقعهم المميَّز في تسلسلٍ هرمي عرقي. وإذا تعقبنا هذا أكثر قليلًا، يصبح لزامًا علينا أن نبحث باستمرار في كيفية دمج أعضاء جماعةٍ إثنية ما، فيما يهمش آخرون أو يُمارس ضدهم تمييزٌ صريح بناءً على إسنادات سلبية ارتبطت بكون الشخص أسود أو غير أبيض.

يتشكَّل سلوك اللاتينيين بفعل ممارساتٍ قائمة على التمييز العرقي قادمة على المستوى التاريخي والمعاصر من بلادهم الأصلية سواء كانت الولايات المتحدة القارية، أو أمريكا اللاتينية، أو جزر الكاريبي. ويُشكِّل استعباد الأفارقة والسكان الأصليِّين جزءًا من تراث أمريكا اللاتينية والكاريبي؛ مما يُشكل دافعًا لإعادة التفكير في الطرق التي يُشكِّل بها الاستعبادُ في أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي خبراتِ وتجاربَ المهاجرين المنحدرين من أصولٍ أفريقية في الولايات المتحدة. وتزداد الأمور تعقيدًا بفعل التجسيد المادي لأيديولوجيات الامتزاج العرقي، والتكوين الاجتماعي للأشخاص المختلطي الأعراق، والنزعة الطبيعية نحو إثارة صراع من أجل إثبات هويةٍ سوداءَ غرقت في الماضي السحيق وانعزلت في أماكنَ معينة داخل هذه الدول القومية.

وشعور التهجير الذي واجهه المهاجرون اللاتينيون إلى الولايات المتحدة، الذين يؤمنون بأنهم بيض في إطار الفئات والممارَسات العرقية السائدة في بلادهم الأم؛ عميق للغاية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه اللاتينيون الأفارقة الذين تختلف تجربتهم مع العرقية في أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي حالاتٍ من الانفصام أيضًا، بينما يسعون إلى فهم كيفية تموضُعِهم على المستوى الاجتماعي في مشهدٍ عرقي تشكَّل وفق قاعدة القطرة الواحدة. وهذا يُحتِّم إجراء استكشاف لأنواع الاستراتيجيات والقيود التي يصارع معها اللاتينيون في مواجهة الممارسات ومؤسسات السلطة القائمة على التمييز العرقي في الأمريكتين. وفي محاولة منهم لتأكيد هويتهم، ينأى بعض اللاتينيين بأنفسهم عن الأمريكيين الأفارقة وأقرانهم من اللاتينيين الأفارقة، وفي حالاتٍ أخرى يسعى اللاتينيون وأولئك ممن يُعرِّفون أنفسهم كلاتينيين أفارقة إلى الانضمام إلى صفوف جماعات تعاني أيضًا من العرقية والتمييز. ومع انهيار الفوارق وتصنيفهم تحت فئة اللاتينيين، صار لدى الجماعات العرقية والإثنية القدرة على تطوير تحالُفات مُثمرة أحدهم مع الآخر.

من يُحتسب كلاتيني في القرن الحادي والعشرين؟ ما الأمور التي على المحكِّ في ضوء الإطار العرقي الأمريكي الذي لم يدعم الامتزاج العرقي على الرغم من وجود مُمارَساتٍ محدودة له في أماكنَ معينةٍ عبر تاريخ البلاد؟ هل يُعرَّف البورتريكيون، والدومينكيون، والبنميون، والمكسيكيُّون، والكولومبيون، والفنزويليون، والنيكاراجويون، والبرازيليون المنحدرون من أصلٍ أفريقي كلاتينيِّين وكأفرو-لاتينيين؟ كيف لنا أن نُحدِّد من ينحدر من أصلٍ أفريقي ومن ليس كذلك في ضوء تراث العبودية والامتزاج العرقي الاجتماعي والثقافي في أمريكيا اللاتينية، أو في جزر الكاريبي؟ لا تزال الافتراضات، والخرافات، والمفاهيم الخاطئة النمطية إلى اليوم تتخلَّل وسائل الإعلام في الولايات المتحدة، وأمريكا اللاتينية، وجزر الكاريبي، وتشكل الإدراك فعليًّا. وتكشف اللغة المجازية المعرقنة في التلفزيون، والقصص المصورة، وغيرها من وسائل الإعلام الناطقة باللغة الإسبانية والإنجليزية عن النزعة الطبيعية نحو دعم سلطة لون البشرة التي تُقلِّل من البشرة السوداء. فأيديولوجية العرق الأبيض تُنسب سلبية إلى ملامح ارتبطت بالسود وآخرين ممن يعتبرون من غير البيض. حتى لو كانت أيديولوجية الامتزاج العرقي قائمة ونشطة، يوجد مُتَّصلٌ عرقي ما بين الأسود والأبيض يَمنح قيمةً أعلى للموجودين على الطرف الأكثر بياضًا من المتصل. غير أن هذا لا يعني أن الحركات الاجتماعية وأيديولوجيات السود ليس لها وجود؛ فهي موجودة فعليًّا. والادعاءات بالانتماء إلى العرق الأسود، والعرق اللاتيني، والعرق الأفرو-لاتيني في أمريكا اللاتينية، والكاريبي، والولايات المتحدة ممكنة. وهذه عملياتٌ اجتماعية وثقافيةٌ معقَّدة تَتشكَّل أيضًا بفعل الفِكَر المُتغيِّرة بشأن العرق، والتاريخ الإقليمي، وأنماط الاستيطان، والتفاعلات الاجتماعية التي لا بد من فحصها ودراستها من خلال البحث والاطلاع المستمرَّين.

المراجع

  • Anderson, M. J.:
    1988 The American Census: A Social History. New Haven, CT: Yale University Press.
  • Baker, S. and Stonecipher, E.:
    2009 Our Unconstitutional Census California could get nine House seats it doesn’t deserve because illegal aliens will be counted in 2010. Wall Street Journal, August 9. http://online.wsj.com/article/SB10001424052970204908604574332950 796281832.html, accessed January 24, 2012.
  • Choldin, Harvey M.:
    1986 Statistics and Politics: The “Hispanic Issue” in the 1980 Census. Demography, August.
  • Gaskins, Pearl Fuyo:
    1999 What Are You?: Voices of Mixed Race Young People. New York: Henry Holt and Company.
  • Guedel, G.:
    2010 2010 Census Count Improving For Native Americans. Native American Legal Update, May 28. http://www.nativelegalupdate.com/2010/05/, accessed June 15, 2010.
  • Montgomery, D.:
    2009 To engage Latinos about census, telenovela steps up to be counted. The Washington Post, October 7. www.washingtonpost.com/wp-dyn/content/article/2009/10/06/AR2009100601643.html, accessed October 7, 2009.
  • Our Families Count:
    2010 LGBT Communities of Color Unite for the 2010 Census Fear doesn’t count El miedo no cuenta. Washington, D.C.: Our Families Count. May 6, http://ourfamiliescount. org/, accessed December 13, 2011.
  • Population Reference Bureau:
    2009 About the American Community Survey. Washington, DC: Population Reference Bureau.
  • Prewitt, K.:
    2010 How to fix Census’ broken race question. USAToday. com, July 12. http://www.usatoday.com/news/opinion/forum/2010-07-13-column13_ST_N.htm, accessed January 24, 2012.
  • U.S. Census Bureau:
    2009 A Journey of Many Voices, July 2009. July 7. Washington, DC: U.S. Census Bureau.
  • U.S. Census Bureau:
    2010 Take 1: Turnkey Kit. Washington, DC: U.S. Census Bureau.
  • William Kim,:
    2006 Mark One or More: Civil Rights in Multicultural America. Ann Arbor: University of Michigan Press.

هوامش

(1) For more information, visit www.thehapaproject.com.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤