معركة طريفة مع الكلاب

سمع «أحمد» صوت كلاب تقترب. لم تكن الكلاب تنبح، كانت تتقدم في صمت. لكن مخالبها فوق الأرض كانت تُعطي صوتًا، استطاع «أحمد» أن يسمعه، بالرغم من أنَّ بقية الشَّياطين لم يسمعوه، كان الظلام يُغطي المكان. وفكَّر «أحمد»: لقد أظلموا المكان حتَّى لا نرى الكلاب، وهم بذلك يضمنون انتصارًا مؤكدًا.

همس للشياطين: إننا أمام معركة رهيبة. إنَّ الكلاب في الطريق!

ابتسم «عثمان» وهو يقول: كلاب حقيقية!

ردَّ «أحمد»: نعم، وفي الظلام يُمكن أن نخسر المعركة.

قال «خالد»: إذن، لا بد أن ننتهي منها قبل أن تبدأ.

ابتسم «أحمد» وهو يقول: هذا ما قصدته تمامًا!

أضاف «رشيد»: إذن، فليس أمامنا سوى كرات الدُّخان!

قال «عثمان»: أو الطلقات المخدرة!

قال «أحمد»: سواء كانت كرات الدُّخان أو الطلقات المخدرة، فإننا يجب أن نُنهيَ المعركة قبل أن تبدأ!

قال «رشيد» بسرعة: أتصور أنَّ ذلك سوف يكشف إمكانياتنا من البداية. وهذا يُعطيهم فرصة أن يضاعفوا الهجوم علينا!

ردَّ «أحمد»: هي فكرة.

صمت قليلًا، ثم أضاف: إذن، ماذا يُمكن أن نفعل؟

قال «خالد»: ندخل معركة الكلاب مواجهة … إننا نملك قفازات خاصة، يمكن أن تساعدنا في هذه المعركة.

ولم يضف أحد من الشَّياطين كلمة أخرى، غير أنَّ «باسم» قال: إنني مع فكرة «أحمد»، إنَّ وقتنا سيضيع، بجوار أننا يجب أن ندخر جهدنا كله للمعركة الأخيرة!

كانت الكلاب تقترب، والشَّياطين يطرحون أفكارهم بسرعة. فجأة، علا نباح الكلاب … وكان تردده في المكان المغلق يبدو مضاعفًا، حتَّى كاد يهز المكان. فجأة، اندفعت الكلاب في اتِّجاه الشَّياطين، وكأنَّها قد خرجت من حبسها فجأة. ولم يكن أمام الشَّياطين إلا استخدام كرات الدُّخان، فهي أسرع، بجوار أنَّها سوف تصيب الكلاب بالدوار. ولهذا، أسرع الشَّياطين بإلقاء عدد من كرات الدُّخان، التي انفجرت بسرعة، وغطى الدُّخان المكان. وبدأ الشَّياطين يسمعون سعال الكلاب. ابتسم «أحمد»، وهو يقول: هذه معركة طريفة …

سكت لحظة، ثم أضاف: يجب أن نسرع إلى الداخل، فهم لا يرون ما يحدث الآن.

انطلق الشَّياطين إلى الأمام. ولم تمضِ سوى دقائق. حتَّى ظهرت بوابة حديدية، تُغلق بسرعة … هتف «رشيد»: لا بأس، سوف نجتازها بسرعة، فأنا أحمل جهاز الأشعة …

تقدم الشَّياطين، حتَّى وقفوا أمام البوابة الضخمة. أخرج «رشيد» جهازًا دقيقًا، ثبته على ماسورة المسدس، ثم وجهه إلى البوابة، ضغط الزناد، فانطلقت أشعة غير مرئية إلى البوابة الحديدية فاخترقتها. رسم «رشيد» مربعًا كاملًا بالأشعة، ثم ضغط بقدمه فوق المربع، فسقط في الداخل. أسرع «خالد» بإلقاء عدة قنابل دخانية من فتحة المربع. بينما انتظر الشَّياطين لحظة، ثم تقدم «أحمد»، ودخل من فتحة المربع، ثم تبعه الشَّياطين. كان الدُّخان يُغطي المكان، ولم يكن ذلك يعطلهم، بالعكس، كان يساعدهم على الحركة، لأنَّ أحدًا لم يكن يراهم. ولذلك، عندما انتهت المنطقة التي يغطيها الدُّخان، ألقى «عثمان» عدة كرات أخرى. وبذلك، كان الشَّياطين يتحركون داخل مساحة دخانية، وكأنَّهم يتحركون خلف ستارة. فكَّر «أحمد» بسرعة: قد يَلجئون إلى المسدسات، ما داموا لا يرَوْن الشَّياطين، وفي هذه الحالة يكون الموقف صعبًا …

همس للشياطين: يجب أن نمتنع عن استخدام كرات الدُّخان الآن، حتَّى لا نتعرض لطلقات الرصاص!

تحرك الجميع بسرعة. كانت هناك ردهة طويلة، أخذ الدُّخان يتسرب إليها، ولم يكن يظهر في الردهة أي شيء.

فكَّر «أحمد»: هل تكون أبواب الحجرات في بطن الجبل!

نظر إلى «خالد»، وقال: ينبغي أن نستخدم جهاز الأشعة الكاشفة، حتَّى نرى أين توجد الأبواب؟

وفي لمح البصر، كان «خالد» يستخدم جهازًا دقيقًا. ضغط زرًّا فيه، فأرسل أشعة اصطدمت بالجدار، ولم يُسجِّل الجهاز شيئًا. أخذ «خالد» يمر بالجهاز على أماكن متعددة … وفجأة، سجَّل الجهاز إشارة.

فقال «خالد»: يوجد هنا أحد الأبواب!

أسرع «أحمد» إلى المنطقة التي حددها «خالد»، وأخذ يتحسس الصخر. فجأة، توقفت يده … فقد عثر على باب لحجرة. ضغط الباب بكتفه مرة أخرى، ثم ضغط ضغطةً قويةً، فانفتح الباب، غير أنَّ «أحمد» لم يدخل مباشرة، فقد انتظر لحظة، كانت كافية ليهرب الشَّياطين من الكمين المعدِّ لهم. فما انفتح الباب حتَّى دوَّت طلقات الرصاص. أخرج «أحمد» عددًا من كرات الدُّخان، ثم دحرجها على الأرض. ازداد عنف الطلقات. ثم فجأة، تردد سعال عدد من الرجال، ثم أخذ يبتعد. في نفس اللحظة، تقدم الشَّياطين بسرعة، ودخلوا الحجرة، التي كان الدُّخان يغطيها في هذه اللحظة. تجاوز «أحمد» الباب الداخلي، وألقى نظرة سريعة. كان الرجال يتراجعون للخلف، ويأخذون أماكن بعيدة، وكأنَّهم في انتظار هجوم جديد.

أخرج «أحمد» طلقة مخدرة، ثم وضعها في المسدس. ألقى نظرة أخرى وهو يُشير إلى الشَّياطين بأن يستعدوا، ثم التصق بالجدار. وكان أحد رجال العصابة يقف في جانب قريب منه. صوَّب «أحمد» مسدسه نحوه، ثم ضغط الزناد. ولم تمر دقيقة، حتَّى تهاوى الرجل على الأرض. ابتسم «أحمد»، وقال: سقط واحد!

فجأة، امتلأت نهاية الممر بعدد من الرجال. صوَّبوا مسدساتهم إلى حيث يقف الشَّياطين، وانهالت الطلقات، إلا أنَّ الشَّياطين لم يكونوا في مرمى النيران.

قال «أحمد»: استعدوا بالطلقات المخدرة!

بسرعة … ثبَّت كل منهم طلقة مخدرة في مسدسه، وأصبحوا على استعداد للهجوم. كان «أحمد» يرقب الرجال، وهم يوالون ضرب طلقاتهم. بعد قليل، بدأت الطلقات تقل شيئًا فشيئًا، حتَّى توقفت تمامًا. عرف «أحمد» أنَّ ذخيرتهم قد فرغت، وأنَّهم يحتاجون لبعض الوقت لحشو مسدساتهم مرة أخرى. أعطى إشارة للشياطين، فقفزوا في لحظة واحدة. وقبل أن يستعد الرجال، كان الشَّياطين يواجهونهم، ضرب «أحمد» أقربهم إليه ضربةً قويةً، جعلته يتهاوى على الأرض، في حين طار «خالد» وهو يفتح ساقيه، ثم ضرب اثنين منهم، أمَّا «باسم» فقد اشتبك مع أحدهم مباشرة، أمسك ذراعه، ثم دار حول نفسه، فالتفَّت ذراع الرجل حول وسط «باسم»، وأصبح وجهه قريبًا من وجه الرجل. ضربه ضربةً عنيفةً، ثم ترك ذراعه. اهتز الرجل، ثم سقط على الأرض. ولم يكن «عثمان» ينتظر، فقد ضرب أحدهم عدة ضربات متتالية سريعة، لا تُعطي الرجل فرصة أن يستطيع أي حركة، ولم يكن أمامه سوى أن يُفلِت هاربًا.

غير أنَّ «رشيد» كان قريبًا منه، فوضع ساقه في طريقه، وكان «عثمان» قد اقترب منه … جذبه بعنف حتَّى أوقفه، ثم أمسك به وضربه عدة ضربات، جعلت الرجل يسقط بلا حراك.

لقد انتهت المعركة بسرعة، فلم يكن بين الرجال مَن يملك قوة الشَّياطين، وربما كانوا رماة مهرة، لكنَّهم أمام الشَّياطين يعجزون عن عمل شيء.

بسرعة تجاوز الشَّياطين المكان. فجأة، وجدوا أنفسهم أمام ساحة واسعة يقف في نهايتها عدد من السيارات … نظر «أحمد» إلى الساحة، وقال: إنَّ هذه الساحة تبدو مصيدة جديدة لنا، فهي مكشوفة تمامًا!

ردَّ «خالد»: إذن، نستعمل قنابل الدُّخان، إنَّها تمثل ساترًا بالنسبة لنا.

قال «أحمد»: بالعكس، سوف يكون الدُّخان مصيدتنا الحقيقية، فسوف نكون في وسطه هدفًا لنيرانهم!

لم يضف أحد من الشَّياطين كلمة، فقد كانوا ينظرون إلى الساحة وهم يفكرون في طريقة لاجتيازها. فجأة، قال «عثمان»: فليكن الدُّخان خدعة. علينا أن نُلقيَ بعض قنابل الدُّخان، ونرى!

وافق الشَّياطين على فكرة «عثمان». أخرج كل منهم قنبلة دخان صغيرة، ثم دحرجها في هدوء، مرَّت دقيقتان، وأخذ الدُّخان ينتشر. فجأة، توالت طلقات الرصاص، فهمس «أحمد»: فكرة رائعة، لقد انكشفت أماكنهم!

كان الشَّياطين يرصدون الأماكن التي يلمع فيها ضوء طلقات الرصاص. وكانت كلها تأتي من أماكن مرتفعة. فكَّر «أحمد»: «هل هناك طابق آخر، أو أنَّ هذه أماكن حراسة فقط!»

طرح أفكاره أمام الشَّياطين، في الوقت الذي كانت فيه طلقات الرصاص لا تزال تدوِّي في المكان. قال «باسم»: هل تكون هذه خطة يشغلوننا بها، في نفس الوقت الذي يتم فيه تهريب الذهب؟

ردَّ «أحمد» بسرعة: لن يتمكنوا من تهريب أي شيء، فقد تحدثتُ إلى رقم «صفر» عند انتهائنا من مغامرة «مدينة الرصاص»، وكل شيء في انتظارهم.

سكت لحظة، ثم سأل: ماذا ترَوْن؟ هل هناك طابق آخر، أو أنَّ هذه الأماكن التي يتم فيها انطلاق الرصاص هي أماكن حراسة فقط.

ردَّ «خالد»: أعتقد أنَّها أماكن حراسة فقط، فلماذا يقيمون بناء متعدد الطوابق في بطن الجبل؟!

أضاف «رشيد»: إنَّني أوافق «خالد»، فهذه مسألة شاقة، بجوار أنَّهم لن يحتاجوا إلى طوابق متعددة!

وقال «عثمان»: هذا حقيقي، إنَّ العمل كله يتم فوق الأرض، وليس في طابق آخر، وهذه فقط أماكن للحراسة!

قال «أحمد»: إذن، نحن في حاجة إلى استكشاف المكان.

سكت لحظة، ثم أضاف: إنني أعتقد أنَّ المعامل تقع خلف منطقة السيارات هذه.

قال «عثمان»: إنني أعتقد ذلك أيضًا.

كانت طلقات الرصاص قد توقفت، وكان الدُّخان قد بدأ يختفي، ولم تبقَ سوى آثاره الخفيفة … قال «أحمد»: أقترح أن ننقسم إلى مجموعتين، لنبدأ حركة واسعة داخل المكان، وسوف نكون على اتصال دائم!

وهكذا، انقسم الشَّياطين إلى مجموعتين، مجموعة تضم: «أحمد» و«عثمان» … ومجموعة تضم: «خالد» و«باسم» و«رشيد» … وعندما رفع «أحمد» يده اليمنى، ورسم علامة النصر. كانت هناك مفاجأة جديدة، لم تكن قد خطرت لهم بعد.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤