«عثمان» في مكتب مغلق

جاء صوت «برامز» يقول: أنا «جون ماكدونالد»، زميل رحلتك يا سيد «ألبرت»!

دُهش «أحمد» لصوت «برامز»، وتذكر «جون ماكدونالد»، الذي قابله في الطائرة، في مغامرة «مدينة الرصاص»، ذلك الرجل الذي قدَّم نفسه على أنَّه يتعامل مع إحدى شركات التعدين في «تنزانيا» … ثم قابله «أحمد» مرة أخرى في مدينة «موانزا»، داخل منجم الذهب، وعرف أنَّه أحد الأعضاء الكبار في عصابة «اليد الحديدية»، وأنَّ اسمه الحقيقي «برامز». تردد صوت «برامز» مرة أخرى: لقد خدعتني خدعة كبيرة، منذ التقينا في الطائرة، وكنت أظن أنك وحدك … وأنَّك من «تنزانيا» … فعلًا … لكن تقديمك للمرشد «ماندا» … أظنك تذكُره … جعلني أتشكك … وفي النهاية … عرفت أنَّك ومجموعة من الزملاء تقومون بأعمال خاصة!

نظر الشَّياطين إلى بعضهم … وفكَّر «أحمد»: «لقد أُصيب «برامز» في معركة المناجم … كيف استطاع أن يصل هنا بهذه السرعة؟!»

قطع تفكيره صوت «برامز» يقول: لقد راقبت معارككم مع رجالنا هنا … ولم أكن أعرف أنَّكم قوة ممتازة … وهذا ما يجعلني أفكر في أن أُقدِّم لكم عرضًا، أعتقد أنَّه عرض طيب … وأنَّه سوف يجعلكم تفكرون كثيرًا!

سكت «برامز» لحظة … ثم أضاف: إنني سأطرح عليكم سؤالًا … بعدها يمكن أن أعرض عليكم ما فكرت فيه!

نظر الشَّياطين إلى بعضهم. كانت نظرة «أحمد» تعني: «سوف أتحدث، فلا يشترك أحدكم في الحديث، حتَّى لا يحدث أي تضارب!»

قال «برامز»: مع مَن تعملون؟

صمت قليلًا، ثم أضاف: أقصد مع أي مجموعة!

انتظر قليلًا، ثم قال: قد ترفضون تسمية مَن تعملون معهم «سادة العالم» مثلًا … أو الأصابع الذهبية، أو غيرهما … الذي أريد أن أعرفه … هل تعملون مع واحدة من هذه الجماعات؟

نظر الشَّياطين إلى «أحمد»، الذي كان يُفكر بسرعة … فقد كان عليه أن يجد الإجابة التي سوف يستفيدون منها … كان «أحمد» يُفكر … هل أقول له إننا فعلًا نعمل مع مجموعة … أو أقول إننا نعمل لحسابنا الخاص!

نظر «عثمان» إليه نظرة، فهمها «أحمد» … كانت نظرة «عثمان» تعني أننا نعمل لحسابنا الخاص!

فكَّر «أحمد»: هل تكون هذه هي الإجابة الصحيحة؟ … أو يقول إنَّهم يعملون مع إحدى العصابات ولا يذكر اسمها؟

فكر أيضًا: لو قلت إننا نعمل مع إحدى العصابات فقد يشك في أننا سوف نتعامل معهم.

قطع تفكيره صوت «برامز» يقول: لقد فكرت كثيرًا … هل من إجابة؟

ردَّ «أحمد»: وهل يُفيد أننا نعمل وحدنا أو لحسابنا أو مع أي جهة أخرى؟

كان «أحمد» يُعطي لنفسه فرصة للتفكير أكثر، حتَّى يمكن استغلال الموقف كاملًا لصالح الشَّياطين … ردَّ «برامز»: نعم، هذا سوف يحدد ما أعرضه عليكم!

قال «أحمد» بعد لحظة: نحن نعمل لحسابنا الخاص!

سأل «برامز»: هل أنتم تنظيم جديد؟

ردَّ «أحمد»: لسنا تنظيمًا جديدًا … فنحن نعمل منذ سنوات!

سأل «برامز»: وهل لكم أعمال معروفة؟

ردَّ «أحمد»: لا أظن أننا سوف نكشف أنفسنا …

قال «برامز»: هذا يعني أنَّكم لن تُعلنوا عن اسم منظمتكم!

ردَّ «أحمد» بسرعة: نعم؟

سكت «برامز» لحظة، ثم سأله: هل هي إحدى المنظمات المعروفة؟

قال «أحمد»: لا أظن أننا سوف نكشف أنفسنا يا سيد «برامز»، وأقترح أن تعرض ما سوف تعرضه حتَّى يُمكن أن نناقشه!

سكت «برامز»، ولم يرد للحظة … كان الشَّياطين ينظرون إلى بعضهم … وكانوا يفكرون … هل يكون «برامز» يجهز لعملية مفاجئة، وهو يشغلهم بهذا الحوار.

فجأة، قال «برامز»: إنَّ ما أعرضه عليكم شيء واحد.

سكت لحظة، بينما كان الشَّياطين ينتظرون ما سوف يقوله … قال: ما رأيكم في أن تنضموا إلينا؟

كان العرض مفاجأة للشياطين … وكان في نفس الوقت فرصة يجب استغلالها … نظروا إلى بعضهم، وكانت نظراتهم تعني … أنَّها ربما تكون خدعة … جاء صوت «برامز» يقول: أرجو ألا تفكروا كثيرًا، وأرجو ألا تظنوا أنَّها خدعة، إنني فعلًا في حاجة إليكم!

تبادل الشَّياطين نظرات تفاهموا بها … كان «عثمان» يقول: إنَّها خدعة حقيقية!

وقال «رشيد»: إننا لو وافقنا فإنَّ ذلك يحتاج إلى وقت طويل حتَّى يثقوا بنا!

وقال «خالد»: قد يكون الاتفاق لإبعادنا عن منطقة المعامل!

قال «باسم»: يجب أن نتفق معهم، ثم نرى!

وكان على «أحمد» أن يتخذ القرار، ولذلك عندما قال «برامز»: هل تحتاجون إلى وقت للتفكير؟

كان رد «أحمد»: إننا فقط نريد أن نفهم أكثر.

سكت لحظة … ثم أضاف: ماذا يعني أن ننضم إليكم؟

ردَّ «برامز» بسرعة: أعني أن تعملوا معنا!

قال «أحمد»: وكيف نعمل معكم؟

«برامز»: أن تكون لكم أتعابكم في كل عملية!

ثم أضاف بسرعة: إنَّ حديثنا هذا يحتاج إلى تفاصيل … وأظن أننا لن نستطيع أن نقول كل شيء الآن …

سكت قليلًا، ثم قال: إنني أدعوكم إلى اجتماع في مكتبي للتفاهم.

نظر الشَّياطين إلى بعضهم، وهمس «عثمان»: إنَّها خطة مكشوفة، حتَّى يمكن أن يضعنا في سجن واحد …

وهمس «خالد»: إنَّها تجربة، وأظن أنَّها لن تُخيفنا!

لكن «رشيد» قال: ربما تكون تجربتنا الأخيرة!

وقال «باسم»: أقترح أن يذهب أحدنا فقط للحديث معه … ويبقى الآخرون في انتظار إشارة!

كان اقتراحًا طيبًا … همس «أحمد»: إنَّه اقتراح جيد.

جاء صوت «برامز»: ما رأيكم … أرى أنَّكم تتشككون فيما أقول!

ردَّ «أحمد» بعد لحظة: هذا صحيح!

قال «برامز»: إذن، قدموا اقتراحاتكم أنتم … ما دامت اقتراحاتي لا تعجبكم!

كانت مفاجأة للشياطين … إنَّ عليهم أن يفكروا الآن بسرعة … وأن يعرضوا اقتراحاتهم على «برامز». نظروا إلى «أحمد»، الذي همس: هل أنفذ اقتراح «باسم»؟

ردَّ «باسم» بسرعة: إنَّه أكثر ضمانًا!

وتساءل «رشيد»: هل يذهب «أحمد» ليتفاهم مع «برامز»؟

لم يُعلق أحدهم على سؤال «رشيد»، غير أنَّ «أحمد» قال بعد لحظة: إنني أقترح «عثمان» للتفاهم!

ابتسم «عثمان»، وقال: كنت سأعرض ذلك فعلًا!

مرَّت لحظة، قبل أن يقول «خالد»: أظن أنَّ الذي سيذهب سيكون رهينة في أيديهم!

قطع صوت «برامز» حوارهم، وهو يقول: أرى أنَّكم تشكون فيما أعرض … ولذلك فإنني أعرض عليكم رهينة، على أن ترسلوا اثنين للتفاهم!

همس «عثمان»: يبدو أنَّه جاد فعلًا!

وقال «رشيد»: إنَّه يبحث عن طريقة … فهو لا يهمه أن يقدم لنا أيَّة رهينة … لكن الذي يهمنا تمامًا ألا يخدعنا.

قال «أحمد» بسرعة: سوف نرسل «عثمان» للتفاوض معه.

ثم قال يخاطب «برامز»: سوف يتفاوض معك زميلنا «جون سنج».

سكت لحظة، ثم سأل: كيف يصل إليك؟

قال «برامز» بسرعة: يتبع الأسهم التي تُضيء الطريق، فيصل إلى مكتبي فورًا!

نظر الشَّياطين إلى بعضهم … وابتسم «خالد» وهو يقول: على الصديق «جون سنج» أن يكون حذرًا في تفاوضه!

قال «أحمد»: سوف نكون قريبين منك … وعليك أن ترصد الأماكن جيدًا … وأن تكون يدك فوق جهاز الإرسال … اضغط «الزر ٤»، وسوف نسمع كل ما يُقال.

نظر «عثمان» حوله، لمع سهم على يمين المكان، فاتجه «عثمان» إليه … كان الشَّياطين يراقبون تقدمه، وعندما ابتعد عنهم حوالي عشرة أمتار، بدءوا يتحركون خلفه، كانوا يتقدمون في حذر … ظهر سهم آخر، فتبعه «عثمان». همس «أحمد»: أخشى أن نكون في طريقنا إلى مصيدة!

تساءل «خالد»: هل ننتشر في المكان؟

أجاب «رشيد» بسرعة: إنَّ هذه ستكون فرصتهم الكاملة … لو أننا تفرقنا!

فقال «باسم»: هل نستطيع أن نرقب كل الأماكن بحذر، خاصةً ونحن ندخل الآن إليهم؟ أخشى أن نكون محاصرين تمامًا. لم يرد أحد … كان «عثمان» لا يزال يتقدم … والشَّياطين يتابعونه عن قرب … فجأة، ظهرت لافتة صغيرة فوق الحائط، وكان مكتوبًا عليها: مكتب … فهِمَ الشَّياطين أنَّ هذا هو المكان … توقف «عثمان» لحظة، ونظر في اتِّجاه الشَّياطين. فجأة، فُتح الباب، فتقدم «عثمان» خطوة داخله … فأُغلق … ونظر الشَّياطين إلى بعضهم … لقد كان يدور في خاطرهم سؤال: ماذا سوف يحدث داخل هذا المكتب المغلق؟

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤