معركة النهاية

كان السؤال الذي طرحه «أحمد»، حول توقعات ما سوف يحدث، حافزًا طيبًا ليفكر الشَّياطين بسرعة. فمن خلال التوقعات، يمكن أن يرسم الشَّياطين خطواتهم القادمة. مرَّ بعض الوقت، ثم قال «عثمان»: إنَّ ضربتنا يجب أن تكون سريعة، ونهائية. فنحن لا نعرف ماذا يمكن أن يفعلوا بنا.

وردَّ «خالد»: أعتقد أنَّ الاتفاق سوف يفتح أمامنا الباب لصراعات جديدة، ولا أظن أننا في حاجة إليها!

أضاف «باسم»: أعتقد أنَّ اتصالنا برقم «صفر» يمكن أن يفيدنا كثيرًا، خصوصًا وأنَّ موقفنا محدد بخطوتين، لا ثالت لهما!

تساءل «رشيد»: ماذا تعني بخطوتين لا ثالث لهما؟

أجاب «باسم»: إمَّا الاتفاق، وهذه مرحلة طويلة، وإمَّا الانتهاء من العصابة، وهذه الخطوة الثانية.

كان «أحمد» يستمع إلى حوارهم، وهو يزن كل ما يقولون. نظروا إلى «أحمد»، الذي قال: إنَّني أقترح أن ننتهي من مغامرتنا الليلة.

سكت لحظة، ثم أضاف: وأظن أنَّ اتصالنا برقم «صفر» سوف يكون مفيدًا.

ناقش الشَّياطين كل الاقتراحات التي قِيلت، ثم انتهوا إلى ضرورة الاتصال برقم «صفر»، قبل أن يعود «برامز». بسرعة، أرسل «أحمد» رسالة شفرية إلى رقم «صفر»، شرح فيها كل شيء، وقال في نهايتها: «٦٠٠-٦٠٠-٦-٢-٢٠» وقفة «٨-٤٠٠-٦-١-١٧٠-٥٠٠-٨-٦» وقفة «٤-٤٤-٢٠-١-٧٠٠» انتهى … ولم تمضِ دقيقتان حتَّى كانت رسالة رقم «صفر» قد وصلت إليهم، كانت رسالة شفرية تقول: «٨-٣٠٠-٥٠٠-٤٠٠-١٥٠-٨» وقفة «٨-١٦٠-٦-١٣-٨-٢٠٠» وقفة «١٦-١٧٠» وقفة «١٧٠-٦٠٠-٦-٧٠٠-١٧٠» وقفة «٨-٤٠٠-٤٠٠-١٧٠-٧٠» وقفة «٨-٤٠٠-٤-١٥٠-١٧٠-٤٤» وقفة «٨-٤٠٠-١٢-١٥٠-٤٠٠-١٧٠» وقفة «١٣-١٧٠-٨-٤٠٠-٧٥-٢٠-١٧٠-٢٠٠» انتهى.

ترجم «أحمد» الرسالة للشياطين، فعلَّق «باسم»: هذا هو الموقف. تمامًا كما قلت!

ابتسم «رشيد»، وقال: هذه ستكون أسهل نهاية حدثت في كل مغامراتنا!

ردَّ «أحمد»: بالعكس، إنَّني أرى أنَّها أعقد نهاية لمغامرتنا، لأننا لا نعرف ما سوف يحدث الآن …

فقد رسمنا خطواتنا القادمة على أساس الاتفاق، وربما ما يحدث يكون عكس ذلك!

فجأةً، أُضيء سهم في اتِّجاه مكتب «برامز»، فقال «رشيد»: لقد وصل «برامز»!

وعلَّق «خالد»: الجولة الأهم في المحادثات!

قال «أحمد»: ينبغي أن تحاوره جيدًا؛ حتَّى نكسب وقتًا، وحتَّى يتم ما حدده رقم «صفر!»

أخذ «عثمان» طريقه إلى حيث مكتب «برامز». في نفس الوقت، ظلَّ الشَّياطين في أماكنهم يراقبون المكان جيدًا … ووضع «أحمد» السماعتين في أذنيه، ليسمع ما سوف يدور. عندما وقف «عثمان» عند باب مكتب «برامز»، التفت للشَّياطين، فرفع «أحمد» يده بعلامة النصر. ابتسم «عثمان»، فانفتح الباب، وخطا «عثمان» خطوة واحدة إلى الداخل، فانغلق الباب.

فكَّر «أحمد»: هل سوف يتم الاتفاق؟ أم أنَّ شيئًا جديدًا غير معروف سوف يفاجئهم!

توقف عن التفكير، فقد جاء صوت «برامز»، يسأل: هل توصلتم لشيء؟

ردَّ «عثمان» بسرعة: إنَّنا في انتظار ما سوف تعرضونه!

قال «برامز»: هذا يعني أنَّكم لم تفكروا في الاتفاق واعتمدتم على أفكارنا نحن!

ردَّ «عثمان»: إنَّ لنا أفكارنا، لكن حسب الاتفاق، فنحن في انتظار أفكاركم، لقد طلبت الاتصال بزعيمكم، وها نحن في انتظار نتيجة الاتصال!

مرَّت فترة صمت، ثم قال «برامز»: الزعيم سوف يلتقي بكم؛ حتَّى تتحدثوا معه في كل التفاصيل.

كانت مفاجأة ﻟ «عثمان». سمعها «أحمد» من خلال السماعتين، ولم يكن هذا ما فكروا فيه. انتظر ما سوف يقول «عثمان»، الذي جاء صوته يقول: لا بأس، وكيف نلتقي بالزعيم؟

قال «برامز» بسرعة: سوف تكون طائرة الزعيم في انتظاركم بعد نصف ساعة، وسوف تأخذكم إلى حيث يوجد الزعيم!

فكَّر «أحمد» بسرعة: هل يمكن أن يركبوا طائرة العصابة، فيكونوا في قبضتهم؟

انتظر رد «عثمان»، الذي قال: لا أظن أنَّ ذلك من قواعد الاتفاق، فنحن لا نستطيع أن نذهب إلى الزعيم في مقره، ولا نطلب منه في نفس الوقت أن يأتيَ إلى مقر منظمتنا. لكن، يجب أن نتفق على مكان نلتقي فيه معًا. ليس عندكم، وليس عندنا، وهذه هي قواعد الاتفاقات!

ابتسم «أحمد» ابتسامة عريضة؛ فقد استطاع «عثمان» أن يرد ردًّا جيدًا. في نفس الوقت، وضع «برامز» في مأزق. مرَّت دقيقة قبل أن يقول «برامز»: هذا الرأي يحتاج إلى أن أعود للزعيم مرة أخرى!

ردَّ «عثمان»: لا بأس، وسوف أعود أنا أيضًا لزعيمي، حتَّى نرى!

قال «أحمد» في نفسه: لقد استطاع «عثمان» أن يكسب هذه الجولة أيضًا، وأرجو ألا تتأخر ترتيبات رقم «صفر». فجأة، فُتح باب مكتب «برامز»، وظهر فيه «عثمان»، ثم أُغلق الباب مرة أخرى. وأخذ «عثمان» طريقه إلى الشَّياطين. وعندما اجتمعوا، عرض «أحمد» الموقف، ثم قال: أظن أننا سوف نكسب الجولة!

سأل «باسم»: وإذا طلب «برامز» تحديد المكان، فأين يكون؟

ردَّ «أحمد»: إننا فقط نكسب وقتًا، فليس هناك مكان، وليست هناك مفاوضات!

قال «خالد»: إنَّني أفكر في أنَّهم قد يخدعوننا، وقد نتعرض بعد قليلٍ لهجومٍ من أي نوع!

ردَّ «أحمد»: لا أظن أنَّهم سوف يفعلون بنا أيَّة خدعة، فهم يعرفون الآن أنَّ لنا منظمة، وأننا نعرف عن عصابة «اليد الحديدية» كل شيء، هذه مسائل سوف يحسبون حسابها تمامًا!

فجأة، فُتح باب مكتب «برامز»، فأضاء المكان. قال «أحمد»: لا اتفاق. فقط، اكسب وقتًا!

هزَّ «عثمان» رأسه، ثم أخذ طريقه إلى مكتب «برامز». وعندما دخل، ظلَّ الباب مفتوحًا. لفتت هذه الحركة نظر «أحمد»، فهمس: ماذا تعني هذه الحركة؟ وهل يقصد بها «برامز» أي شيء؟

ردَّ «رشيد»: أظنها للاطمئنان فقط!

أضاف «باسم»: ربما تعني أنَّ الاتفاق سوف يتم!

وضع «أحمد» السماعتين في أذنيه، وبدأ يسمع. جاء صوت غريب يقول: الزعيم سوف يصل في خلال نصف ساعة، وسوف يتم التفاهم الليلة.

ردَّ «عثمان»: لا أظن أننا يمكن أن نتفق هنا. فالزعيم «ألبرت» ليس هو الرأس الكبير، إنَّه المساعد فقط، ونحن نُطلق عليه الزعيم تقديرًا لدوره!

قال الصوت: ماذا يعني هذا؟

ردَّ «عثمان»: يعني أنَّ السيد «ألبرت» لا بد أن يعود للرجل الكبير، قبل أن يعقد أي اتفاق يا سيد «جيم»!

عرف «أحمد» أنَّ بعض الحوار قد فاته في البداية، وأنَّ الذي يتحدث الآن، ليس هو «برامز». إنَّه شخصية جديدة، ولا بد أنَّها شخصية أهم من «برامز» … جاء صوت «جيم» يقول: لا بأس، تستطيعون العودة للرأس الكبير حتَّى يصل الزعيم!

قال «عثمان»: اسمح لي أن أنصرف الآن … على أن أعود إليك بعد قليل!

كان «أحمد» يفكر: «ماذا يمكن أن نفعل الآن، حتَّى نكسب الوقت؟»

طرح أمام الشَّياطين ما دار بين «عثمان» و«جيم». فقال «خالد»: لا بأس، سوف نتصل برقم «صفر» لعرض الموقف عليه. إنَّ ذلك يستغرق بعض الوقت … وما دام زعيمهم سوف يصل في خلال نصف ساعة، فأظن أنَّ ذلك سوف يحقق الغرض تمامًا!

وصل «عثمان»، وانضم إليهم. كان باب المكتب لا يزال مُضاءً … همس «عثمان»: ماذا يكون الموقف الآن؟

فجأةً، شعر «أحمد» أنَّ جهاز الاستقبال يُسجِّل رسالة، نظر إلى الشَّياطين، وقال: يبدو أنَّ هناك شيئًا!

استقبل الرسالة، ثم بدأ يترجمها … كانت الرسالة من رقم «صفر»، تقول: عشر دقائق فقط، ثم تنتهي المغامرة!

برقت عينا «أحمد»، فهمس «خالد»: ماذا هناك؟

نقل لهم رسالة رقم «صفر»، ثم قال بسرعة: إنَّ مهمتنا الآن هي بوابة المنطقة. إنَّ علينا أن نفتحها حتَّى يكون الطريق ميسَّرًا!

ردَّ «عثمان» بسرعة: نستطيع أن نطلب الخروج من المكان … للتفاهم مع زعيمنا. وأظن أنَّهم لن يرفضوا!

فكَّر «أحمد» لحظة، ثم قال: هي فكرة على كل حال. ويجب أن ننفذها بسرعة. فإذا لم يوافق «جيم» فإنَّ علينا أن نخوض معركة سريعة لفتح البوابة!

أسرع «عثمان» متجهًا إلى المكتب، حيث يوجد «جيم»، واختفى داخله. في نفس الوقت، وضع «أحمد» السماعتين في أذنيه … ليعرفَ ما يدور لكي يكون مستعدًّا للموقف. جاء صوت «عثمان» يقول: ينبغي أن نعود للزعيم، وهذا يحتاج إلى العودة، والخروج من هنا!

قال «جيم» بعد لحظة: أظن أنَّني لا أملك الآن أن أُعطيَكم هذه الفرصة، فالزعيم في الطريق إلى هنا، وهو الذي يملك ذلك الآن!

قال «عثمان»: أعتقد أنَّ ذلك سوف يجعل الأمور صعبة أمامنا، فنحن لا نملك فرصة التصرف في شيء!

ردَّ «جيم»: إذن، عليكم بالانتظار!

فجأةً، ظهر «عثمان» في باب المكتب، متجهًا إلى الشَّياطين. وبسرعة كانوا يتحركون إلى البوابة، التي كانت تبعد بعض الشيء. كان الشَّياطين ينظرون حولهم في كل اتِّجاه، حتَّى لا يفاجئهم شيء. في نفس الوقت، جاء صوت «برامز» يقول: لا داعي لأي عمل. فأنتم لن تخرجوا من هنا، حتَّى يصل الزعيم.

غير أنَّ الشَّياطين لم يتوقفوا … كان المكان مُضاء بضوء خافت. فجأةً، انسحب الضوء تمامًا، وغرِقَ المكان في الظلام. توقف الشَّياطين لحظة. وهمس «أحمد»: علينا أن نتحرك في سرعة وبهدوء!

تقدَّم الشَّياطين. فجأةً، شعر «أحمد» وكأنَّ ثقلًا هائلًا قد سقط عليه، إلا أنَّ «عثمان» كان سريع التصرف، فقد أضاء مصباحًا صغيرًا، فشاهد عملاقًا يُمسك بخناق «أحمد»، ويكاد أن يقضي عليه. وبسرعة، كان الشَّياطين يهجمون في لحظة واحدة، إلا أنَّ عددًا من الرجال كان قد ظهروا فجأةً، ومع ظهورهم غرق المكان في ضوء شديد. ولم يكن أمام الشَّياطين إلَّا الاشتباك معهم، وبسرعة حتَّى لا تنقضي الدقائق العشر.

قفز «عثمان»، وضرب أولهم ضربةً قويةً، فسقط بعيدًا، ثم أسرع إليه. في نفس اللحظة، كان «خالد» قد اشتبك مع آخر … سدد إليه ضربةً قويةً، ثم تلاها بأخرى، وثالثة، كانت ذراعاه كالبرق. فلم يستطع الرجل أن يرد عليه بأي ضربة. أمَّا «رشيد» فقد أمسك أحدهم من ذراعه، ثم أخذ يدور به بسرعة، فيصطدم بكل من يقابله. وكان «باسم» قد أمسك رجلًا آخر، ثم ضربه ضربةً قويةً، جعلت الرجل يترنَّح. أمَّا «أحمد» فكان لا يزال راقدًا على الأرض، كان يشعر بدوار شديد. وكان العملاق يقف بجواره، وكأنَّه ينتظر أن يُفيق … رفع واحد منهم «خالد» إلى أعلى، ثم قذفه في الهواء في اتِّجاه «أحمد». ولمَّا كان العملاق يقف في نفس المكان، فقد فاجأه «خالد» بضربة مزدوجة، جعلته يهتز. سقط «خالد» قريبًا منه، فدار حول نفسه وهو راقد، ثم ضرب العملاق في ساقيه … فسقط على الأرض … كان «أحمد» قد أفاق، فقفز بسرعة في اتِّجاه العملاق. وقبل أن يقف عاجله بعدد من الضربات السريعة. في نفس الوقت، كان «عثمان» قد قفز قفزات سريعة في اتِّجاه البوابة. وكانت هناك إشارة متفق عليها، قد ظهرت. ضغط زرًّا في الحائط فتحركت البوابة. وفي لحظة، كان عدد من السيارات المصفحة و«الموتوسيكلات» يدخل من البوابة. وقال قائد السيارة الأولى: كلمة السر «١٣»!

ثم تردد صوتٌ في المكان: سلِّموا أنفسكم، نحن شرطة «تنزانيا» القومية!

وتوقفت المعركة فجأةً … فلم يعد هناك مبرر لاستمرارها … تقدَّم قائد المجموعة من «أحمد»، وقال: إنَّنا نشكر لكم هذا المجهود العظيم، الذي أنقذ اقتصاد البلاد من الدمار!

وردَّ «أحمد»: إنَّ هذا واجبنا يا سيدي!

في نفس اللحظة، وصلت برقية شفرية من رقم «صفر» يهنئ فيها الشَّياطين بنجاح المغامرة، ويتمنى لهم إجازة طيبة في ربوع «تنزانيا».

نقل «أحمد» الرسالة للشَّياطين، ثم ركبوا إحدى سيارات العصابة، وغادروا المكان، وعندما تجاوزوا البوابة بعدة أمتار، كانت الطائرة تُحلِّق في الفضاء، وهي ترسل لهم إشارة، ثم هبطت قريبًا منهم. فركبوها بسرعة. وعندما ارتفعت في الفضاء، رفع قائد الطائرة يده بعلامة النصر، فردَّ الشَّياطين برفع أيديهم؛ فقد كانت مغامرة ناجحة ككل مغامرات الشَّياطين …

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤