«يا صلاة الزين»

كنت أبحث، كالعادة، عن الاستهلال فجاء، جاءني صوتها، أدَرتُ قرص الهاتف فتعجب الأثير إذ يسمع خرير ماء في الأسلاك. حدث ذلك بالخطأ أو بصدفة محض. كانت تتهيأ قبل المغادرة إلى قصور صباها فتُخوم مداها، وما خطر لها أن يفلت زمام البهاء من يدها وهو بجوارها فيأتي، يأتيني صوتًا قلت هو الميم لا محالة فهو مليح، هو الميم مديد، هو الميم نوم المُحارب ليستريح.

أنا تَخيَّلتُ الصوت وقد جاء نعاسًا. أصبح صورة، هامَةً وقامةً. تَكلَّم وهو ناعس. أو سينعس. يفرش صوته لحافًا، يمده إزارًا، يُرتِّبه وسادةً لينعس. آتي أنا مُتسلِّلًا على رءوس وَلَهِي لألثم صوته طويلًا، مديدًا حتى وشك انفضاحي بهبوب الكلام أمام التي رَعَتْني يومًا، فتَنَتْني أبدًا … وهيَّأَت لي سِرْب هذا اليمام.

أنا اندسستُ في نعاسها، فشاهدتُ البحر والنهر وطفولتي تكرع من أحلامها. كم من الغزلان الشاردة أَوَتْ تحت أهدابها، قالت: لو رأيت عينيها لفزت بالشهادة، وكانت روحي لم يَبقَ منها غير روحها. صار الصوت لي منها ولها ولهًا ياه، لو سجلوا آهات بنيلوب، وهي تغزل بنولها في انتظار عودة عوليس من تِيهِه، لقالوا صوتها. نفس في الأثير تلهث بعده الأنفاس، دافئ كماء المغطس يحوي الجسدين. هبَطْنا إليه، ربما خَليجًا أغاديرِيًّا أو فحيح شهوة زرعت حيتانها فيما بين النهرين. أنا سعيد بأن أطرد في نعاسها، هذه جنة أخرى وصوت الميم تفاحة؛ ولذا سأطرد وأطرد. لو كنت صينيًّا لقلت هو نديٌّ مثل طعم الكرز في مطلع الكرز في مطلع مايو. لو بقيت حيًّا إثره لاعترفت … ولكني هلكت.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥