الفصل الخامس

نفسية الناقد

١

قلت فيما سلف: إن الموازنة نوع من القضاء، والآن نريد أن نبين أن الناقد كالقاضي، فكما يجب على الحكم أن ينزه نفسه عن جميع الأغراض حين يتقدم للحكم بين الناس، كذلك يجب على الناقد أن يبرئ نفسه من جميع الأغراض حين يتقدم للموازنة بين الشعراء.

فإذا أردت أن توازن بين شاعرين فامتحن نفسك قبل ذلك، فإن رأيت في نفسك الميل لتفضيل أحدهما على الآخر لسبب لا تسيطر عليه الحاسة الفنية، فاعلم أنك في ترجيحك متهم ظنين، وإن رأيت نصرة الأدب والحق تغلب على جميع ما لك من النوازع، وآنست في نفسك القدرة على مقاومة ما يعترضك من التقاليد — ولعالم الأدب أيضًا رسوم وتقاليد — فتقدم إلى الموازنة وثق أن الرغبة في نصرة الحق حليفة الفوز المبين.

وأنا ذاكر لك من الشواهد على ما يفعل الغرض بالموازنة ما نقله صاحب زهر الآداب عن الخاتمي إذ قال:

جمعني ورجلين من مشايخ البصرة، ومن يؤبه إليه في علم الشعر، مجلس بعض الرؤساء، وكان خبره قد سبق إليّ في عصبيته للبحتري، وتفضيله إياه على أبي تمام، ووجدت صاحب المجلس مؤثرًا لاستماع كلامنا في هذا المعنى، فأنشأت قولًا أنحيت فيه على البحتري إنحاءً أسرفت فيه، واقتدحت زناد الرجال: فتكلم وتكلمت، وخضنا في أفانين من التفضيل والمماثلة، غلوت في جميعها غلوًّا شهده جميع من حضر، وخضنا في أفانين في المجلس، وكانوا جلة الوقت وأعيان الفضل، فاضطر إلى أن قال: ما يحسن أبو تمام أن يبتدئ، ولا أن يخرج، ولا أن يختم، ولو لم يكن للبحتري عليه من الفضل إلا حسن ابتدائه، ولطف خروجه، وسرعة انتهائه، لوجب أن يقع التسليم له، فكيف بأوابده التي تزداد على التكرار غضاضة وجدة؟

ثم أقبل عليَّ فقال: أين يُذْهب بك عن ابتدائه:

عَارَضْنَنا أصُلاَ فَقُلْنا الرَّبْرَبُ
حَتَّى أضَاءَ الأُقْحُوانُ الأشْنَبُ١
واخضَرّ مَوْشِيٌّ البُرُودِ وقَدْ بَدا
مِنْهُنّ ديبَاجُ الخُدودِ المُذْهَبُ

وأين لأبي تمام مثل خروجه حيث يقول:

أدَارَهُمُ الْأولَى بدارَةِ جُلْجُلٍ
سَقَاكِ الْحَيَا رَيْحانُهُ وَبَوَاكرُهُ
وَجَاءَكِ يَحكِي يُوسفَ بْنَ مُحَمَّد
فَروَّتْكِ رَيَّاهُ وجَادَكِ مَاطِرُهْ

وأنَّى لأبي تمام مثل حسن انتهائه حيث يقول:

إِلَيْكَ الْقَوافي نَازعَاتِ شَواردًا
يُسَيَّرُ ضافي وَشْيِهَا وَيُنَمْنَمُ
وَمُشْرِقَة في النَّظُمِ غُرًّا يَزِيدُها
بَهاءً وَحُسْنًا أنَّها لَك تُنْظَمُ

وقوله في هذا المعنى:

ألسْتُ الْمُوالِي فِيكَ نَظْمَ قَصَائِد
هي الأنجم اقتادتْ مع الليل أنجُمَا
ثناءً تَخَالُ الرَّوْضَ فيهِ مُنَوِّرًا
ضُحًىً وتَخالُ الوَشْيَ فيه مُنَمْنَما

ولقد تقدم البحتري الناس كلهم في قوله:

لَوْ أن مُشْتاقًا تَكَلَّفَ فَوْقَ ما
في وُسْعِهِ لَسَعَى إلَيْكَ الِمنْبَرُ

هذه خلاصة الجزء الأول من هذه المحاورة التي وضعت في الموازنة بين أبي تمام والبحتري، وقبل عرض الجزء الثاني نلفت نظر القارئ إلى اختبار «نفسية» الحاتمي صاحب هذا الحديث، فإنا نجده يذكر أنه كان يعلم عصبية مناظرته للبحتري، وتفضيله إياه أبي تمام، ويذكر أنه تعمد الإنحاء على البحتري ليقتدح زناد خصمه وأنه غلا في المماثلة غلوًّا شهده جميع من حضر، وأنه اضطر خصمه إلى أن يزعم أن أبا تمام لا يحسن الابتداء، ولا الخروج، ولا الانتهاء، إلى آخر ما قال.

فكيف إذن تقبل هذه الموازنة، وهي مصحوبة بهذا العمد، ومسبوقة بذلك الإصرار؟ ثم قال: «وكنت ساكتًا إلى أن استتم كلامه، وكأن الجماعة أعجبهم ذلك عصبية عليَّ لا على أبي تمام؛ لأني كنت كالشحا معترضًا في لهواتهم، وأسر كل واحد منهم إلى صاحبه سرًّا يومئ به إلى استيلاء الوجل عليّ، فلما استتم كلامه، وبرقت له بارقة طمع في تسليمي له ابتدأت فقلت: لست ممن يُقَعقع له بالحصى، أو تقرع له العصا، لا إله إلا الله! استنت الفصال حتى القرعى! هل هذه إلا عوان مقترعة، قد تقدم أبو تمام إلى سبك نضارها، وافتضاض أبكارها: وجرى البحتري على وتيرته في انتزاع أمثالها وأتباعها».

وهذه القطعة تدل كذلك على أن هذه ليست موازنة بين شاعرين، وإنما هي مقارعة بين خصمين يريد كل منهما أن يقهر صاحبه، وأن يفوز بإعجاب الحاضرين، ألا ترى كيف فطن الحاتمي إلى رضا الجماعة عن فوز البحتري، وأن ذلك كان عصبية عليه لا على أبي تمام، وكيف أسر كل واحد منهم إلى صاحبه مشيرًا إلى استيلاء الوجل عليه، ثم انظر كيف غضب وكيف ثار: لترى أنه لم يغضب للحق، وإنما غضب لنفسه ولم ينتصر للأدب، وإنما انتصر لهواه.

ثم اندفع يذكر أن قول البحتري في صفة الغيث مخاطبًا الدار:

وَجَاءَكِ يَحكِي يُوسفَ بْنَ مُحَمَّد
فَروَّتْكِ رَيَّاهُ وجَادَكِ مَاطِرُهْ

مأخوذ من قول أبي تمام:

وبُيُوتُهَا في الْقَلْبِ نُؤْيٌ شَفَّهُ
وَلَهٌ بِظاعِنِها وَبِالْمُتَخَلَّفِ
وَكأنَّما اسْتَسْقَى لَهُنَّ مُحَمَّدٌ
مِنْ سَوْمِهنّ مِنَ الْحَيا في زُخْرُفِ

وأن البحتري أخذ قوله:

لَوْ أن مُشْتاقًا تَكَلَّفَ فَوْقَ ما
في وُسْعِهِ لَسَعَى إلَيْكَ الِمنْبَرُ

من قول أبي تمام الذي تقدم فيه كل أحد لفظًا رشيقًا ومعنى دقيقًا:

دِيمةٌ سَمْحَةُ الْقِيَادِ سَكُوبُ
مُسْتَغيثٌ بِها الثَّرَى المَكْروبُ
لَوْ سَعَتْ بُقْعَةٌ لإِعْظامِ نُعْمى
لَسَعَى نَحْوَها الْمَكانُ الْجَديبُ

وأن قوله في صفة القوافي:

يُسيَّرُ ضَافي وَشْيَها وَيُنْمَنَمُ

وقوله في صفتها:

ثناءً تَخَالُ الرَّوْضَ فيهِ مُنَوِّرًا
ضُحًىً وتَخالُ الوَشْيَ فيه مُنَمْنَما

إنما أخذه من قول أبي تمام:

حَلُّوا بَها عُقَدَ النَّسيمِ وَنَمْنَموا
مِنْ وَشْيها نَثرًا لَها وَقَصيدا

ومن قوله الذي أبدع فيه:

وَوالله لا أنْفَكُّ أهْدي شَوارِدًا
إليْكَ تَحَمَلْن الثَّنَاءَ الْمُبَجَّلا
تَخالُ بِهِ بُرْدًا عَلَيْكَ مُحَبَّرًا
وَتَحْسَبُهُ عِقْدًا عَلَيْكَ مُفُصَّلا
ألَذَّ مِنَ السَّلْوَى وَأطيَبَ نَفْحَةً
مِنَ المِسْكِ مَفْتونًا وأيْسَرَ مَحْمَلا
أخَفَّ عَلَى قَلْبي وَأثْقَلَ قيمةً
وَأقْصَرَ في قَلْبِ الْجَليسِ وأطْوَلا

وأن قول البحتري:

هي الأنجم اقتادتْ مع الليل أنجُمَا

مأخوذ من قول أبي تمام مقصرًا عن استيفاء إحسانه حيث يقول:

أصِخْ تَسْتَمِع حُرَّ الْقوافي فإنَّها
كَواكِبُ إلَّا أنَّهنَّ سُعُودُ
ولا يُمْكِنُ الإخْلاقُ مِنْها فإنَّما
يَلذُّ لِباسُ البُرْدِ وهْوَ جِديدُ
وبعد بيان هذه المآخذ يذكر الحاتمي أنه قال لمناظره:

فهذه خصال صاحبك فيما عددته من محاسنه التي هتكت بها ستر عواره، ونشرت مطوي أسراره. حتى استوضحت الجماعة أن إحسانه فيها عارية مرتجعة، ووديعة منتزعة.

والعناد ظاهر في هذا الكلام.

ثم أخذ يسرد طائفة من ابتداءات أبي تمام وانتهاءاته، ونماذج من حسن تخلصه، ولطف اقتضابه، وبراعة وصفه للقوافي، فاستحسن ابتداءه إذ قال:

لا أنْتِ أنْتِ ولا الدِّيارُ دِيارُ
حَفَّ الْهَوى وَتَقَضَّتِ الأوْطارُ

وزعم أن لن يستطيع أحد أن يبتدئ بمثل ابتدائه حيث يقول:

طَلَلَ الْجَميعِ لَقَدْ عَفَوْتَ حميدا
وَكَفَى عَلَى رُزْئي بَذاكَ شهيدا
دِمَنٌ كأنَّ الْبَيْنَ أصْبَحَ طَالِبًا
دَينًا لَدَى آرامِها وَحقودا

وحيث يقول:

ما في وقوفِك ساعَةٌ مِنْ باسِ
نَقْضي حقوقَ الأرْبٌعِ الأدْراسِ
فَلْعَلَّ عَيْنَكَ أنْ تَجودَ بِدَمْعَها
وَالدِّمْعُ مِنْهُ خاذِلٌ وَمواسي

واستملح اقتضابه حين قال:

الحَقُّ أبْلجُ والسُّيوفُ عَوارِ
فَحَذارِ مِنْ أسْد الْعَرينِ حَذارِ

واستجاد تخلصه إذ يقول:

إنَّ الَّذي خلق الْخلائِقَ قاتَها
أقْواتَها لتَصَرُّفِ الأحْرَاسِ
فالْأرْضُ مَعْروفُ السَّماءِ قِرًىٌ لَها
وَبَنُو الرَّجاءِ لَهُمْ بَنو العَبَّاسِ
القَوْمُ ظِلُّ اللَّهِ أسكَنَ دِينَه
فِيهمْ وهُمْ جبَلُ المُلوكِ الرَّاسي

وزعم أن أبا تمام هو الذي وصف القوافي بما لم يستطع أحد وصفها به فقال:

جَاءَتْكَ مِنْ نظْمِ اللِّسَانِ قِلادَةٌ
سِمْطاَنِ فيهَا الُّلؤلُؤ المكْنُونُ
إنْسِيَّةٌ وَحْشِيَّة كَثُرَتْ بَها
حَرَكاتُ أَهْلِ الأرضِ وَهْيَ سَكون
يَنْبوعُها خضِلٌ وَحَلْيُ قَريضِها
حَلْيُ الْهُدَى وَنسيجُها مَوْضونُ
قدْ حَاكَهَا صَنَعُ الضّمِيرِ يَمُدُّهُ
حَسَبٌ إذَا نَضَبَ الكلاَمُ مَعِينُ
أمَّا المعانيِ فهْيَ أَبْكارٌ إِذَا
نُصَّتْ وَلَكنَّ الْقَوَافِيَ عُونُ
هذا أهم ما ورد في حديث الحاتمي، وهو طويل ذكره برمته صاحب الآداب، والذي يعنيني منه هو ما فيه من العمد إلى النيل من البحتري والإصرار على كبت منافسه، وظهوره عليه، وظفر به، وانظر كيف يقول في ختام الحديث: «هل يستطيع أحد أن ينسب هذا، أو شيئًا منه إلى السرقة والاختلاس؟ وهل يستطيع مماثلته بشيء من شعر البحتري، أو أشعار المحدثين في عصره، من قبله؟ فعيي عن الجواب قصورًا، وأحجم المساجلة تقصيرًا، وحكمت الجماعة لي بالقهر، وعليه بالنصر، ولم ينصرف عن المجلس حتى اعترف بتقديم أبي تمام في صنعة البديع واختراع المعاني على جميع المحدثين، وكان يومًا مشهودًا»٢.

٢

وهذا النوع من النقد لا قيمة له، ولكنه مع الأسف ظاهر كل الظهور مناهج القدماء، فقد كان بشار يقول: أنا أشعر الناس، فإذا سئل في ذلك أجاب بأن له اثني عشر ألف قصيدة لا تخلو واحدة منها عن بيت نادر، ومن ندر له اثنا عشر ألف بيت فهو أشعر الناس. وكانوا يختلفون في الموازنة بين جرير والفرزدق؛ ثم يفضلون جريرًا لأنه قال:

إن الَّذينَ غدَوْا بِلُبَّكَ غادَروا
وَشَلًا بِعَيْنِكَ مَا يَزَالُ مَعِينَا
غيَّضْنَ مِنْ عَبَرَاتِهِنَّ وقُلْنَ لي
مَاذَا لَقِيتَ مِنَ الْهَوَى ولَقِينَا

فإذا سألتهم كيف سما جرير بهذين البيتين حتى بذّ الفرزدق؟ أجابوك: الفرزدق في فسوقه وفجوره، لم يجد التشبيب كما أجاده جرير في تحرجه وعفافه.

وقد يقولون: جرير أشعر؛ لأن الفرزدق ماتت امرأته فلم يبكها إلا برائية جرير في امرأته، وهي القصيدة التي مطلعها:

لوْلا الحَياءُ لهاجَني اسْتِعْبارُ
وَلزُرْتُ قَبْرَكِ وَالْحَبيبُ يُزارُ

وكانوا إذا ذكر شعراء الجاهلية قدم فريق منهم امرأ القيس لقوله:

قِفا نبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبيبٍ وَمَنْزِلِ
بِسِقْطِ اللِّوى بَيْنَ الدَّخولِ فحَومْلِ

وقالوا: إنه بكى واستبكى وذكر الأحبة في بيت واحد!!

وقدم آخرون النابغة الذبياني لقوله:

نُبِّئْتُ أنَّ أبا قابوسَ أوْعَدَني
وَلا قرَارَ عَلى زأرِ مِنَ الأسَدِ

أو لقوله:

فإِنَّكَ كاللَّيْلِ الَّذي هوَ مُدْرِكي
وإِنْ خِلْتُ أَنَّ المُنْتأى عَنْكَ واسِعُ

ومنهم من زعم أن أغزل بيت قاله العرب قول بشار:

أنا واللهِ أشْتَهي سِحْرَ عَيْنيـ
ـكِ وَأخْشى مَصارعَ الْعُشَّاقِ

وأن أحكم بيت قاله العرب قول أبي ذؤيب الهذلي:

والنَّفْسُ راغِبةٌ إذا رَغَّبْتَها
وَإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تقْنَع

٣

وكان يجدر بأدباء هذا العصر أن يضعوا خطة جديدة، لنقد الشعر والنثر غير ذلك المنهج الذي يرتكز على تأمل الشطرة في نقد الشعر، والفقرة في نقد النثر، ولكنهم نسجوا على منوال المتقدمين، فتراهم يعنون حين يظهر كتاب جديد بالبحث عن مسلكه في استعمال الألفاظ وربما رجعوا إلى معجم اللغة؛ ليتبينوا الفرق بين الوضع القديم والوضع الجديد، وقد أذكر أن الأستاذ صادق عنبر نقد كتاب البؤساء، فلم يجد وجهًا لتخطئة المترجم غير استعمال بعض الألفاظ، فرد عليه الأستاذ علام سلامة يصحح استعمال تلك الألفاظ، فحافظ إبراهيم مخطئ في نظر صادق عنبر لبعده عن معجم اللغة، وهو مصيب في نظر علام سلامة لقربه من المعجم!

والحق أن الاعتماد على نقد الشطرة، والفقرة، واللفظة، لا يقدم ولا يؤخر في الموازنة بين الكتاب والخطباء والشعراء، فلا يمكن أن تصبح الخطة، أو الرسالة، أو القصيدة جيدة: لأن ألفاظها جميعًا مختارة، ولا أن تمسي سقيمة؛ لأن فيها ألفاظًا نابية، وإن كان تخير اللفظ من أهم ما يعنى به الكاتب، والشاعر، والخطيب، وسأعود إلى هذا البحث حين أشرح نظرية: «الصور الشعرية». وحين أتكلم عن إعجاز القرآن.

وأرجو أن يكون القارئ اقتنع بما بينته من عقم تلك الطريقة التي ترتكز على استقراء الأبيات المختارة في الموازنة بين الشعراء، فإن كان في ريب مما أسلفناه فليجب على هذا السؤال: أيرضيه أن أقول: إن شوقي أشعر الناس لقوله:

وطًني لَوْ شُغِلْتُ بِالْخُلْد عنْهُ
نَازعَتْنْي إليْه في الْخُلْد نفْسي

ومطران أشعر الناس لقوله:

بناتِ الدَّهْرِ عوجي لا تهابي
خلا الْوادي مِنْ الأسْدِ الْغِضَابِ

وحافظ أشعر الناس لقوله:

عَمِلْتُمْ عَلى عِزِّ الْجَمادِ وَذُلِّنا
فأغْليْتُمُو طِينًا وَأرْخصْتُمُو دَمَا

إنك أيها القارئ لا ترضى عن هذه الخطة المبهمة؛ لأنها تبيح لمثلي أن يزعم أنه أشعر الناس؛ لأنه يقول:

بَقيَّةٌ مِنْ صِباكَ الغضِّ باقِيَةٌ
وَجَذْوَةٌ مِنْ غَرامي وَقْدُها باقي
تَعَالَ نُحْي شهِيدَ اللَّهْوِ ثانِيَةً
وَنصْرَعِ الْهمَّ بَيْنَ الكاسِ والسَّاقي
١  الأشنب: من الشنب بفتحتين، وهو برد ورقة وعذوبة في الأسنان.
٢  ومع هذا التحامل كان الحاتمي من أئمة النقد الأدبي. انظر ما كتب عنه بالجزء الثاني كتاب «النثر الفني»؛ لترى قيمة هذا الناقد، وتعرف ما له وما عليه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤