عقد الجواهر

أخذ الأصدقاء الخمسة يفكرون في طريقة يصلون بها إلى رقم «٣»، وهو في نفس الوقت زعيم العصابة، وأدرك الأولاد أنهم إذا استطاعوا الوصول إلى هذا الرجل، فسوف يصلون عن طريقه إلى لغز العقد المختفي.

كانت المسألة صعبة جدًّا، فزعيم العصابة يعرف أن الشرطة في أثره، فسيهرب، وفي نفس الوقت فإن العقد ليس شيئًا كبيرًا يصعب إخفاؤه، بالعكس فمن الممكن أن يختفي في مكان صغير، ولا يمكن العثور عليه.

قال «عاطف»: أعتقد أن أفضل طريقة أن نعاود مراقبة الرجل العجوز، فسوف يدلُّنا على مكان رئيس العصابة، بطريق الرسائل أو أي طريق آخر.

تختخ: هذه فكرة عظيمة يا «عاطف»، وعلينا أن نراقب كلنا العجوز، ولكن واحدًا منا فقط سيتبع رئيس العصابة حتى لا يشك فينا.

وهكذا انطلق الأصدقاء إلى الكورنيش، يركبون دراجاتهم، ووصلوا إلى الكازينو، وجلسوا هناك في انتظار قدوم الرجل العجوز في موعده، وفي الثانية تمامًا ظهر الرجل العجوز، وكان «مُحب» و«عاطف» و«لوزة» و«نوسة» يجلسون في الكازينو، بينما وقف «تختخ» قريبًا من مكان الرجل العجوز، متظاهرًا بأنه يصلح دراجته.

جلس الرجل العجوز مكانه، ووضع عصاه بين ساقيه، وبدا كأنه استغرق في النوم، وأخذ الأصدقاء ينظرون إليه دون أن يحولوا أعينهم عنه، حتى إنهم نسوا الجيلاتي في الأطباق، وتركوه يسيح دون أن يتناولوا منه شيئًا.

وفجأة ارتفع صوتٌ جعلهم يقفون جميعًا، كان صوت نفير، وشاهد الأصدقاء زعيم العصابة قادمًا من بعيد، وهو يركب دراجته.

ووصل الرجل إلى مكان العجوز، وأطلق النفير، ثم وقف، وركن دراجته، ونزل وذهب إلى العجوز، وجلس بجواره.

لم يلتفت العجوز إلى الرجل إطلاقًا؛ فقد أمسك بعصاه، وأخذ يكتب بها على الأرض في حركات بطيئة.

ولم تمضِ سوى دقيقة أخرى، ثم وقف رئيس العصابة، وذهب إلى دراجته ثم ركبها واتجه إلى الكازينو.

حبس الأصدقاء أنفاسهم؛ فقد كان الرجل يتجه إليهم رأسًا، ورأت «لوزة» أذنه المثقوبة، وتأكدت أنه الرجل المطلوب، تقدم الرجل من الكازينو ثم دخله، وطلب كوبًا من الليمونادة، واشترى علبة سجائر، وعلبة كبريت، ثم خرج وركب دراجته، وانطلق في اتجاه مدينة الملاهي.

ركب «تختخ» دراجته، وتبع الرجل بعد أن ترك مسافة بينهما.

وصل الرجل إلى متحف الشمع، وقطع تذكرة ودخل، فدخل «تختخ» وراءه، كان كل شيء مكانه حتى نابليون عاد إلى قاعدته، وكان مرشد المتحف يحدِّث الناس عن المفاجآت التي حدثت في متحف الشمع، وكيف أن التماثيل تحركت من مكانها ليلًا، وقضت الليل في الدولاب، فصاح رجل: هذا كذب … كيف يمكن أن يتحرك تمثال من مكانه؟!

وكان «تختخ» يستمع إلى كل هذا سعيدًا؛ لأنه الوحيد الذي يعرف الحقيقة، بل إنه هو نفسه الذي صنع كل هذا.

وقف رئيس العصابة قليلًا يستمع، ثم ترك المكان، وأخذ يتجول في الملاهي فتبعه «تختخ»، وكان الرجل يدور ويدور ثم يعود إلى متحف الشمع، فيقف أمامه قليلًا ثم يستأنف تجوله.

وسأل رئيس العصابة حارس المتحف: لماذا يزدحم المتحف اليوم؟

الحارس: هذه رحلات مدارس يا سيدي، وسوف تنتهي جميعًا في الرابعة بعد الظهر.

أسرع الرجل إلى دراجته التي كان قد تركها وخرج يتجول في الشوارع، فتبعه «تختخ»، رغم أنه كان متأكدًا أن الرجل سيعود، وسار خلفه من بعيد، وأطلق الرجل نفير دراجته، وفي تلك اللحظة برز الشاويش «فرقع»، وسمع النفير، فسار هو الآخر خلف الرجل على دراجته، وأحسَّ «تختخ» بالضيق، وأدرك أن الشاويش سيسبقه ويقبض على الرجل، ويعثر على عقد الجواهر الثمين.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤