سر الرجل العجوز

قضى الأصدقاء الخمسة ثلاثة أيام يراقبون الشاويش «فرقع» طول النهار. لقد قسَّموا العمل بينهم بحيث استطاعوا مراقبة الشاويش منذ خروجه من منزله في الصباح، حتى عودته إليه ليلًا.

وبهذه الطريقة لاحظوا شيئًا هامًّا؛ إن الشاويش يراقب العجوز الأصم مراقبة دقيقة؛ فالعجوز يجلس على الكورنيش، والشاويش يجلس في «الكازينو» يراقبه. كما لاحظوا شيئًا آخر؛ أن الرجل العجوز لا يحضر إلى مكانه إلا بعد الظهر فقط.

وقرر «تختخ» أن يتنكَّر في شكل الرجل العجوز، وأن يجلس مكانه من الصباح حتى الظهر، وأن يجلس الأصدقاء في الكازينو لمراقبته؛ فقد يصلون إلى شيء.

ونفَّذ «تختخ» خطته بدقة شديدة؛ فقد تنكَّر في شكل العجوز تمامًا، الملابس القديمة، واللحية الطويلة، وتمرَّن على طريقة سعال الرجل، وطريقة تدخينه للسجائر، وكيف يقول كلمة «واه» التي يردُّ بها الرجل على كل من يحدثه.

واستعدَّ الجميع لبدء المغامرة، فخرج «مُحب» لاستكشاف الطريق، وبعد أن اطمأنَّ إلى خلو الطريق أمام منزل «تختخ» خرج «تختخ» في شكله الجديد، بينما سار الأصدقاء بعيدًا عنه، يراقبونه في إعجاب وهو يسير ببطء، ويقلِّد الرجل العجوز في كل شيء.

ووصل «تختخ» إلى حيث يجلس الرجل العجوز عادةً وانحنى في تعبٍ مثله تمامًا، ثم جلس، بينما دخل الأصدقاء الكازينو وجلسوا هناك يراقبونه.

ولم يكد الأصدقاء يجلسون حتى فوجئوا برجل يركب دراجة يقف عند «تختخ» وينزل ثم يتجه إليه، وخفقت قلوب الأصدقاء والرجل يقترب من «تختخ» ثم يجلس بجواره. وقالت «نوسة» هامسةً: لقد اكتشف الرجل حقيقة «تختخ» وسوف نقع في المتاعب.

شعر «تختخ» بالقلق والرجل يجلس بجواره، وفي عينيه نظرة دهشة، وسأل «تختخ» نفسه: لماذا يجلس هذا الرجل بجواري، ولماذا هذه الدهشة؟ لا بد أنه يشك فيَّ!

وفجأة تحدَّث الرجل في صوت خافت: ماذا تفعل هنا في الصباح؟ لقد قلت لك ألا تخرج إلا بعد الظهر، هل حدث شيء؟ هل وصلت تعليمات جديدة؟

وذهل «تختخ» وهو يسمع الحديث، وكاد يرد عليه، لولا أنه تذكر أن العجوز أصم، فوضع يده خلف أذنه كما يفعل العجوز تمامًا وقال: واه … واقترب الرجل أكثر، وفجأة حدث شيء هام، لقد وصل الشاويش «فرقع» واتجه فورًا إلى «تختخ» وإلى الرجل الذي يحدثه، كانت مفاجأة حبست أنفاس الأصدقاء، و«تختخ» أيضًا، وأدركوا أن خطتهم قد انهارت تمامًا، ولكن الكلب «زنجر» الذي اعتاد معاكسة الشاويش انطلق كالصاروخ، وأمسك بقدم الشاويش، وثار الشاويش وهو يحاول التخلص من الكلب العنيد، وانتهزها «مُحب» فرصة وأسرع هو الآخر يشغل الشاويش متظاهرًا بأنه يحاول إبعاد الكلب عنه، وفي هذه اللحظات كان «تختخ» قد أسرع بالاختفاء في أقرب شارع … وأخيرًا عندما استطاع الشاويش تخليص نفسه من الكلب، ونظر إلى حيث كان «تختخ» والرجل الذي كان يحدثه، لم يجد أحدًا.

جُنَّ جنون الشاويش «فرقع» عندما وجد المكان خاليًا، وأخذ يصيح في الأصدقاء: أنتم السبب، لقد ضيعتم عليَّ فرصة العمر، إنني سأتقدم بشكوى ضدكم، إنكم تعطلون أعمالي.

وأخذ الأصدقاء الأربعة ينظرون إليه في براءة شديدة، وكأنهم لم يفعلوا شيئًا على الإطلاق.

هدأ الشاويش قليلًا وسأل: أين ذهب الرجلان؟

مُحب: لا نعرف.

الشاويش: لقد كانا هنا من لحظات، لا بد أنكم شاهدتم إلى أين اتجها.

نوسة: أبدًا يا شاويش، لم نرَ أحدًا!

الشاويش: إذن سوف تأتون معي إلى كوخ الرجل العجوز لنسأله عن الشخص الذي كان يتحدَّث معه، إنكم شهود معي حتى لا ينكر أنه كان يتحدث مع هذا الشخص الغريب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤