رحلة في المعسكر!

كعادته كل يوم … عندما استيقظ «تختخ» من نومه أجرى بعضَ التمرينات الرياضية في شرفة غرفته … ثم أخذ دشًّا باردًا وجلس للإفطار … كان يفكِّر: أنَّ المغامرين الخمسة لم يقابلوا لغزًا جديدًا منذ فترة … وقد بدأت الإجازة الصيفية، فماذا سوف يفعلون؟!

أجاب على سؤاله: يستطيعون القيام برحلات أو الاشتراك في أنشطة نادي «المعادي» وكلُّهم أعضاءٌ فيه.

أنهى أفكارَه ثم أخذ طريقَه إلى غرفته. عندما دخلها وقعَت عيناه على الساعة الموجودة على الكومودينو بجوار السرير، وكانت تُشير إلى التاسعة.

تذكَّر مجموعة الصبَّار الجديدة التي أحضرها والده منذ يومين، وضمَّها إلى مجموعة الصبَّار في الحديقة، ارتدى ثيابه ثم نزل إلى الحديقة، ما إن رآه «زنجر» حتى أقبل عليه في نشاط.

احتضنه «تختخ» وقال له: هل تناولتَ إفطارك؟ زام «زنجر»، فقال «تختخ»: أعرف أن دادة «نجيبة» لا تنساك.

تحرَّك إلى حيث مجموعة الصبَّار الجديدة التي كانت على شكل قنفذ، ووقف يتأملها؛ فقد كان معجبًا بها، وهي نوعٌ مختلف عن بقية الصبار الذي يحتلُّ ركنًا في الحديقة … فجأةً رنَّ تليفونه المحمول … فنبح «زنجر» نباحًا هادئًا … كان المتحدث «محب»، جاء صوته في التليفون يقول:

محب: صباح الخير يا «تختخ»، ماذا تفعل؟!

تختخ: صباح الخير … إنني في الحديقة.

محب: منذ فترة لم نذهب للنادي، ما رأيك لو يلتقي «المغامرون» هناك؟!

تختخ: فكرة طيبة … خصوصًا أنني عرفت أن النادي سوف ينظم رحلات إلى معسكره في «أبي قير»، وهي فرصة أن نجرِّب الحياة في المعسكر.

محب: هذه فرصة جيدة، نفرضها على «المغامرين»، متى ستكون هناك؟

تختخ: سوف أتحرك مباشرة، وسوف تجدونني في النادي الاجتماعي!

وما إن انتهَت المكالمة، حتى قفز «تختخ» فوق دراجته، فقفز «زنجر» خلفه، وأخذ طريقه إلى النادي.

كان الصباح هادئًا، ولم تكن حركةُ الحياة قد نشِطت بعدُ، عندما وصل «تختخ» إلى النادي، ترك دراجته حيث مكان الدراجات خارج النادي ودخل من البوابة.

لفتَ نظرَه تجمُّعُ عددٍ من الأعضاء أمام لافتة، فكَّر: قد تكون إعلانًا عن رحلات الصيف إلى المعسكر.

أخذ طريقَه إلى حيث التجمع، وتحقَّق ما فكَّر فيه … لقد كانت اللافتة تحمل إعلانًا عن معسكر «أبي قير» … أخذ يقرأ تفاصيل الإعلان، فعرف أن مدة المعسكر عشرة أيام لكل فوج … والفوج يضم خمسين عضوًا، وبين الرحلات رحلة مخصصة لطلائع النادي، فمَن هم في عمر «المغامرين» … وبسرعة اتجه إلى إدارة النادي، ليحجز مكانًا ﻟ «المغامرين»، لكن فجأة رنَّ تليفونه المحمول وكان المتحدث «عاطف» يقول: كان والدي في النادي أمس، وعرف عن رحلات يُقيمها النادي للطلائع، فاتصل بي وأخبرني إن كنت أحب أن يذهب «المغامرون الخمسة» إلى «معسكر نادي المعادي». وأن هناك طلباتٍ كثيرةً من أعضاء النادي للاشتراك في المعسكر. فطلبتُ منه أن يحجز لنا. ولكن والدي عاد متأخرًا، ولم أكن أعرف أنه حجز لنا. وأخبرني في الصباح. فما رأيك؟

تختخ: وهل تم الحجز؟

عاطف: نعم.

تختخ: إنني في النادي الآن … وسوف أتأكد من الحجز.

عاطف: لقد أخبرني «محب» أننا سنلتقي في النادي … ونحن في الطريق إليك!

انتهت المكالمة، فاتَّجه «تختخ» إلى مكتب الاشتراكات، وعرف أنه تم الحجز للمغامرين الخمسة فعلًا … فأخذ طريقه إلى النادي الاجتماعي … ولكن فجأةً رنَّ تليفونه، وكان المتحدث «محب» الذي جاء صوتُه منفعلًا!

محب: إنني في حالة مطاردة لشابَّين خطفَا حقيبة إحدى السيدات.

تختخ: أين مكانك؟

محب: في شارع ٢٤ قريبًا من النادي.

تختخ: وأين «نوسة»؟

محب: اتجهت إلى النادي.

تختخ: إنني في الطريق إليك.

وبسرعة أخذ «تختخ» طريقَه إلى حيث دراجته، وقفز فوقها، فقفز «زنجر» خلفه.

قال «تختخ» ﻟ «زنجر»: لقد جاءك العمل يا صديقي العزيز.

كان «تختخ» منطلقًا بسرعة، فجأةً اصطدمَت به دراجة بخارية، أطاحَت به، لكنه عرف كيف يتلقَّى الصدمة، فقد سقط على الأرض متحاملًا على يدَيه … في حين قفز «زنجر» من خلف «تختخ» ولم يُصَب بأذًى. في نفس اللحظة دارَت الدراجة البخارية حول نفسها، فسقط الجالس من الخلف، وفي يده حقيبة. وقبل أن يقف كان «زنجر» قد هجم عليه وأمسكه من ذراعه، بينما قائد الدراجة قد اختفى بها، صرخ الشاب وهو يحاول أن يخلِّص ذراعه من بين أسنان «زنجر» … وتردَّد صوت سيارة النجدة، ثم وصلَت إلى حيث يقف «تختخ». في نفس الوقت وصل «محب» وحده. نزل ضابط شرطة من سيارة النجدة ومعه السيدة التي كانت تصرخ.

السيدة: الحقيبة فيها أوراق مهمة.

وانقضَّت على الشاب، الذي كان يجلس على الأرض وأمامه حقيبة السيدة … أمسك به الضابط، فتركه «زنجر» … أخذَت السيدة حقيبتَها … بينما اقتاده شرطيٌّ كان يتبع الضابط إلى سيارة النجدة … شكر الضابط «تختخ» على دوره في الإيقاع باللص، وربَّت على «زنجر» الذي رفع رأسه إلى الضابط، ثم رفع يده، اندهش الضابط، ومدَّ يدَه يُسلِّم على «زنجر» وهو يقول:

الضابط: طلب مدهش! زام «زنجر»، فضحك الضابط، ومدَّ يده ﻟ «زنجر» مرة أخرى، فرفع «زنجر» يده، ووضعها في يد الضابط. من جديد شكر الضابط «تختخ» و«محب»، وهو يقول لهما: لقد أديتما عملًا ساعدتما به الشرطة، وليت الشبابَ كلَّه مثلكما.

ثم ودَّعهما وانصرف. كان «تختخ» يشعر بألم في ساقه التي صدمَتها الدراجة البخارية.

فقال «محب»: لا داعي لركوب الدراجة، فنحن قريبان من النادي.

رنَّ تليفون «محب»، وجاء صوت «نوسة» يقول: ماذا فعلت … إنَّني في النادي.

محب: نحن في الطريق إليكِ، هل وصل «عاطف» و«لوزة».

نوسة: نعم … ونحن في النادي الاجتماعي.

مشى «تختخ» و«محب» وبجوارهما «زنجر» … كان بعض المارة قد تجمَّعوا من البداية، فوقفوا ينظرون إلى «تختخ» و«زنجر» بإعجاب … وقال أحدهم: هكذا يكون الشباب.

ورفع آخرُ يدَه يحيِّيهما بينما هما يمشيان … في النادي اجتمع «المغامرون الخمسة» في النادي الاجتماعي، وسألت «لوزة»: ماذا حدث؟!

حكى لها «محب» ما حدث … قال: إن سيدة كانت تمشي في الشارع، وفي يدها حقيبتها، فجأةً ظهرت دراجة بخارية مسرعة، يركبها شابان؛ واحدٌ يقود والآخر خلفه، وعندما اقتربَا من السيدة، خطف الذي في الخلف حقيبتَها من يدها، ولاذَا بالفرار … بينما كنت و«نوسة» في طريقنا للنادي … وعندما رأيت ما حدث طاردتهما، واتصلت ﺑ «تختخ» الذي أسرع إلينا، وبينما كان «تختخ» قد انتهى من سور النادي ودخل في الشارع الرئيسي، كانت الدراجة البخارية تهرب في اتجاهه، ويبدو أنَّ سائقها فوجئ «بتختخ» على دراجته، فاصطدم به، وسقط اللص الذي يجلس في الخلف، لكنَّه أراد أن يهرب، إلا أنَّ «زنجر» كان قد أسرع إليه، فقبض عليه.

كانت «لوزة» تسمع ما حدث وهي سعيدة، مدَّت يدها وربَّتت على رأس «زنجر»، الذي كان يقف بجوارها. فزام يردُّ تحيتها له. نظرت «لوزة» إلى «تختخ»، وسألته: هل تشعر بألم؟

تختخ مبتسمًا: قليلًا … المهم أننا أعدنا للسيدة حقيبةَ يدِها، وكانت تحمل أوراقًا هامة كما قالت.

لوزة وهي تبتسم: الآن، أدعوك أنت و«محب» على كوبَي ليمون مثلَّج على حسابي.

ضحك «المغامرون»، وقالت «نوسة»: لقد كنت معهما … ألَا أستحقُّ أنا أيضًا؟

ضحكت «لوزة»، وقالت: احتفالًا بالمغامرة السريعة، أدعو «المغامرين» إلى حفلة ليمون مثلج.

وضحك «المغامرون الخمسة»، فقال «عاطف»: ما رأيكم في رحلة المعسكر؟

تختخ: إنها لفتة ظريفة من والدك … وهي رحلة تستحق أن نعيشها، فحياة المعسكرات كما قرأت عنها تدعو للدهشة وتبدو ممتعة تمامًا.

قالت «نوسة»: قرأت في الإعلان المعلَن عند مدخل النادي أن هناك كتيبًا يُوزَّع على مَن يشترك في المعسكر.

وقفَت «لوزة» وهي تقول: سوف أطلب لكم الليمون المثلَّج، وأمرُّ على مكتب الاشتراكات لأرى هذا الكتيب، فلا بد أنَّ به تعليماتٍ يجب أن نُلِمَّ بها.

انصرفت «لوزة» فتَبِعها «زنجر» في هدوء، نظرَت له بامتنان، بينما راقب «المغامرون» تصرُّفَ «زنجر» بكثير من الإعجاب، فقالت «نوسة»: «زنجر» … صديق حقيقي ﻟ «المغامرين».

مرَّت دقائق ووصل الجرسون يحمل صينية عليها خمسة أكواب من الليمون المثلج، وضعها أمامهم.

ابتسمت «نوسة»، وقالت: لو كانت بعض الساندويتشات مع الليمون … أليس كذلك يا «تختخ»؟

لوزة: إننا مقبلون على مغامرة جديدة تمامًا.

سأل «عاطف» بسرعة: ماذا تقصدين بمغامرة جديدة؟

ابتسمت، ليست مغامرة جديدة بالنسبة لنا، ثم قرأت: العمل في المعسكر يقوم على الأعضاء المشتركين فيه، تنظيف المعسكر مسئولية الأعضاء، يجب الالتزام بمواعيد المعسكر التزامًا كاملًا، هناك حراسة خارجية للمعسكر، لكن هناك حراسة داخلية يقوم بها أعضاء المعسكر.

قالت «نوسة»: شيء جميل، لأنه يجعلنا نعتمد على أنفسنا.

استمرَّت «لوزة» في القراءة: الإفطار في تمام الثامنة، الغداء في الثالثة، العشاء في الثامنة … يجب الالتزام بالمواعيد، ومَن يتأخر لن يجدَ طعامًا.

سأل «عاطف»: أليست هناك حفلات سمَر؟!

ردَّت «لوزة»: هناك برنامج للسَّمر. ثم قرأت: أعضاء الفوج هم الذين يعدُّون حفلات السَّمر، وسوف يُقسَّم الفوج إلى خمس مجموعات، كل مجموعة سوف يكون عليها إحياء حفلة سمر.

توقَّفَت عن القراءة وسألَت: ماذا تعني حفلة سمر؟

تختخ: حفلات للترويح عن الأعضاء … مَن يملك موهبة الغناء يُغنِّي … مَن يمتلك موهبة التمثيل يشترك مع زملائه في تقديم تمثيلية.

لوزة: آه … كالحفلات التي نُقيمها في المدرسة.

محب: إذن علينا أن نُعدَّ برنامجًا للحفلة التي سوف نُقيمها من الآن … وقد قرأت مسرحية من فصل واحد ﻟ «توفيق الحكيم» تصلح لأن نحفظَ أدوارها ونؤدِّيَها معًا.

عاطف: فكرة جيدة … هل يمكن أن أستعيرَها لقراءتها؟

محب: سوف أقوم بتصويرها مع كل واحد من «المغامرين الخمسة» نسخة منها.

فكَّر «تختخ» قليلًا، ثم قال: لديَّ اقتراح.

سألت «لوزة»: ما هو؟

تختخ: نمثِّل الفصل الأول من مسرحية «مدرسة المشاغبين»، وكلُّنا شاهدناها أكثر من مرة، بجوار أنها ملائمة لجو المعسكر.

لوزة: لكننا لا نحفظها.

تختخ: لا يهمُّ، المهم أننا نعرف أحداثها، وكل واحد يعبِّر بطريقته.

ضحكت «نوسة» وقالت: طبعًا «تختخ» سوف يقوم بدور «يونس شلبي».

ضحك «المغامرون» وبدءوا يوزِّعون أدوار المسرحية عليهم وهم يداعبون بعضهم، فجأة وقف «تختخ» فاندهش «المغامرون»، لكنَّه ابتسم لهم، وقال: عصافير بطني تصوصو.

وقف «المغامرون» وأخذوا طريقهم للانصراف، بعد أن اتفقوا أن يجهزوا حقائبهم لرحلة معسكر «أبي قير»، التي كانت ستبدأ بعد أيام.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤