دخول الفيلا الغامضة!

فجأةً ظهر «المغامرون» من خلف الفيلا، وأصبحوا أمام «تختخ»، امتلأَت وجوههم بالدهشة، فقد كان «تختخ» يجلس أمام مدخل «الجراج»، كادت «لوزة» تتحرك نحوه، إلا أنَّ «نوسة» أمسكَت بيدها، وهمس «عاطف»: لقد نجح «تختخ»، هيَّا نبتعد.

ابتعد المغامرون بينما كان «تختخ» يتابعهم بعينَيه، ويُخفي ابتسامة، فجأة ظهر «فاروق» يحمل صينية عليها كوب شاي، ويقترب من مكان «تختخ»، الذي قلَّد «عثمان»، فوضع ساقًا على ساق …

أصبح «فاروق» أمامه، نظر إليه قليلًا، ثم قال:

فاروق: أنت «رجب»؟

ابتسم «تختخ»، ولم يردَّ، فقال «فاروق»: هل عملتَ مع عم «عثمان»، أم أنَّك بلدياته؟

تختخ: الاثنان: بلدياته، وعملت معه …

فاروق: لا تغضب مني … فلم يُعجبني شكلك من البداية، وظننتك من أولاد الشوارع، والمقهى للكبار فقط.

ابتسم «تختخ»، ومدَّ يده وهو يقول: هات الشاي.

قدَّم له «فاروق» كوب الشاي، فقال «تختخ»: كان يجب أن تتعاطف معي … فأنا صبي مثلك، بجانب أنني غريب عن المدينة.

فاروق: لا بأس … وأعتذر لك … اسمي «فاروق»، وينادوني «روقة» …

تختخ: شكرًا يا «روقة» … وأعتقد أننا سنصبح أصدقاء.

فاروق: هل ستبقى هنا؟!

فكَّر «تختخ» بسرعة، ثم قال: نعم … وسوف أبيت في الجراج.

ظهرت الدهشة على وجه «فاروق»، وهمس ﻟ «تختخ»: هل ستبيت وحدك؟!

ابتسم «تختخ»، وقال: نعم سوف أنام في إحدى السيارات.

تطلَّع «فاروق» حوله، وكأنَّه يخشى أن يسمعه أحد، ثم قال: ألَا تعرف ماذا يحدث في عمارة العفاريت؟

ضحك «تختخ»، وقال: أي عمارة … وأي عفاريت؟

اقترب «فاروق» أكثر من «تختخ»، وقال بصوت لا يكاد يُسمع: هذه العمارة التي تجلس أمامها … إنَّها مسكونة بالعفاريت، وقد رأيت العفاريت بنفسي.

ضحك «تختخ» من جديد، وقال: أتمنى أن أقابلهم.

امتلأ وجه «فاروق» بالدهشة، وهمس: تقابل العفاريت؟!

تختخ: نعم … وسوف أجعلهم يفرُّون من أمامي …

جاء صوت ينادي «فاروق»، فقال بسرعة: سوف أعود إليك آخر النهار!

انصرف «فاروق»، وغرق «تختخ» في الضحك، وقال في نفسه: لم يستطع «فاروق» التعرف عليَّ … بدأ يشرب الشاي وهو يفكر: هل أذهب إلى درجات السلم لأرى إلى أين تتجه؟ أجاب عن سؤاله: قد يعود «عثمان» … يجب أن أنتظر حتى يطمئن لي.

ولم تمرَّ دقائق حتى كان «عثمان» يقترب فعلًا … ووقف «تختخ»، فسأله «عثمان»: هل جاء أحد؟!

تختخ: لا، يا معلم …

فجأة تردَّد صوت تليفون … وضع «عثمان» يده في جيبه، وأخرج تليفونه المحمول … ركز «تختخ» اهتمامَه على «عثمان»، وسمعه «تختخ» يردُّ على الطرف الآخر من المكالمة التليفونية ويقول:

عثمان: لا يا باشا … إنَّه ولد صغير، يساعد في تنظيف السيارات …

صمت «عثمان» … فعرف «تختخ» أنَّه يستمع للطرف الآخر. ثم قال:

عثمان: تعبت يا باشا وأحتاج لمن يساعدني، وهو ولد غلبان وغريب عن البلد.

ثم بدأ يسمع من جديد، و«تختخ» ينظر إلى بعيد، وكأنَّه غير مهتم بما يدور … في حين كان يركز اهتمامه كاملًا … ثم ردَّ «عثمان»: لا يا باشا … سوف ينصرف آخر النهار … أمرك يا باشا …

انتهت المكالمة … نظر «عثمان» إلى «تختخ»، وقال: هل سمعت؟

أبدى «تختخ» دهشته، وقال: سمعت ماذا؟

عثمان: المكالمة التي كنت أرد عليها.

تختخ: لا، فهي لا تعنيني … وأنا لا أتنصت على مكالمات.

عثمان: «حمدي» باشا … لا يريدك أن تبات هنا …

أبدى «تختخ» حزنه، وقال: المشوار طويل حتى بحري.

عثمان: لا بأس … سوف أجد لك حلًّا … المهم أن تأتي كل يوم في الصباح، تقوم بغسل السيارات وتنصرف آخر النهار.

بهدوء قال «تختخ»: كما ترى يا معلم …

جلس «عثمان» على الكرسي، وظلَّ «تختخ» واقفًا، كان يفكِّر: كيف عرف «حمدي» أنني موجود؟! هل أخبره سائق السيارة النقل؟ إنَّ «حمدي» لم يقترب من الجراج … فهل العمارة مراقبة؟

فجأة سأله «عثمان»: هل أنت جائع؟

ابتسم «تختخ»، وقال: يعني …

وضع «عثمان» يده في جيبه، وأخرج عدة جنيهات … سحب منها جنيهًا وقدَّمه ﻟ «تختخ» وهو يقول: خذ هات لك ساندوتش.

ابتسم «تختخ» وأخذ الجنيه، فقال «عثمان»: خلف العمارة يوجد مطعم فول، اذهب ولا تَغِب.

شكره «تختخ» وانصرف متجهًا إلى حيث يوجد المطعم، الذي كان يقع في مواجهة عمارة العفاريت … وقف «تختخ» يتأمل العمارة … كانت الحركة نشيطة خلف العمارة … والمساكن حولها مملوءة بالحياة، دخل المطعم وطلب ساندويتشًا … ثم عاد، ما إن وصل إلى الجراج. حتى وقف «عثمان»، وقال: سوف أذهب ولن أغيب … لا تتحرك من أمام الجراج.

تختخ: هل ستأتي سيارات للجراج؟

عثمان: لن تأتيَ الآن … وسوف أعود قبل أن تَصِل أيُّ سيارة.

انصرف «عثمان» … ظلَّ «تختخ» يراقبه، حتى غاب عن نظره، فكَّر «تختخ» أنَّها فرصة قد لا تتكرر، دخل «الجراج» بسرعة، واتجه إلى الباب الداخلي، صَعِد عدة درجات … لكنَّه فوجئ بباب حديدي … هزَّ الباب بيدَيه، كان الباب متينًا جدًّا!

فجأة جاء صوت ينادي: «عثمان»، أين أنت؟!

فكَّر «تختخ» بسرعة: ماذا يفعل الآن … إنَّ ذلك قد يُبعده عن «الجراج»، ويُضيع عليه فرصة وجوده داخل «عمارة العفاريت».

أسرع يُمسك ﺑ «الفوطة» التي كان ينظف بها السيارة الصغيرة، وبلَّلها بالماء، وأعاد تنظيف السيارة، جاء الصوت ينادي مرة أخرى: أين أنت يا «عثمان»؟

بسرعة اتَّجه إلى باب «الجراج» وهو يعصر الفوطة المبللة بالماء … رأى رجلًا عجوزًا وبجواره ولد وفتاة … فَهِم أنَّه سائق من ملابسه، سأله الرجل: ماذا تفعل هنا؟

تختخ: أقوم بتنظيف السيارات.

الرجل: وأين «عثمان»؟

فكَّر «تختخ» بسرعة، ثم قال: نائم.

الرجل: منذ متى تعمل هنا؟ إنني لم أرَك من قبل.

قال: من اليوم فقط.

الرجل: وهل نظفت السيارة الحمراء؟

تختخ: نعم … وهي جاهزة.

دخل السائق العجوز، بينما ظلَّ الولد والفتاة واقفَين عند مدخل «الجراج»!

سأل الولد: ما اسمك؟

رد «تختخ» وهو يبتسم: «رجب».

الولد: هل أنت في المدرسة؟

فكَّر «تختخ»، وقال: نعم … وأعمل في الصيف فقط.

الولد: لقد رأيناك منذ الصباح.

ابتسم «تختخ»، وقال: لا بد أنَّك رأيتني وأنت تقف في نافذة الفيلا.

الولد: لا، رأيتك على الشاشة.

دُهش «تختخ»، وقال: كيف؟ إنني لم أظهر في التلفزيون من قبل!

ارتفع صوت موتور السيارة داخل «الجراج»، ثم ظهرَت، ووقفَت أمام الولد والفتاة، ونزل السائق يفتح لهما باب السيارة، وقبل أن يركب الولد، قال ﻟ «تختخ»: اسمي «هاني»، وأختي اسمها «هالة»، سوف نراك عندما نعود من النادي.

ثم ركبَا السيارة، فأغلق السائق الباب، أشار «هاني» ﻟ «تختخ»، وهو يقول: إلى اللقاء!

رفع «تختخ» يده، يُشير إلى «هاني»، وهو يهمس: إلى اللقاء!

ابتعدَت السيارة الحمراء. كان «تختخ» يقف مذهولًا، فكَّر أنَّ الأمور تسير أسهل مما توقَّع … وقد يكون «هاني» طريقًا لمعرفة الحقيقة! جلس وأمسك ﺑ «الساندويتش»، كان يشعر بالجوع فعلًا … تذكَّر كلمات «نوسة» عندما تقول: إنَّ «تختخ» لا يستطيع التفكير ومعدته خالية. ابتسم ووضع «الساندويتش» في فمه، لكنَّه توقَّف … فقد عادت إلى ذاكرته كلماتُ «هاني»: رأيتك على الشاشة. تساءل بينه وبين نفسه: هل العمارة مراقبة فعلًا؟

إنَّ كلمات «هاني» تدل على أنَّ هناك كاميرات سريَّة تُراقب العمارة و«الجراج» … و«حمدي» يرى الحركة أمام العمارة وداخل «الجراج» من داخل الفيلَّا، ماذا يعني هذا؟!

قال لنفسه: سوف أعرض هذا على «المغامرين». قضم قضمةً من «الساندويتش»، لكنَّه لم يَستسِغ طعمَه … فتوقف عن المضغ. فكَّر: لو أنَّ «عثمان» رأى «الساندويتش» فقد يشك في أمري، ولا بد من إخفائه داخل «الجراج»، وأخفى «الساندويتش» في مكان، ثم عاد إلى الكرسي وجلس، كان يشعر بالجوع فعلًا … قال في نفسه: لقد تسرعتُ في الذهاب إلى المطعم … كان يمكن أن أشتريَ بسكويتًا مثلًا، لكن لا بأس … عليَّ أن أحتمل الجوع.

مضَت ساعة و«تختخ» يجلس أمام «الجراج». جاءه «فاروق» ليأخذ كوب الشاي الفارغ، وسأل «تختخ»:

فاروق: هل ستبيت في العمارة الليلة؟

تختخ: لا … لكني سآتي كلَّ يوم في الصباح لغسل السيارات.

فاروق: أحسن … أراك غدًا.

ثم أخذ كوب الشاي الفارغ، وانصرف ولم تمضِ دقائق حتى عاد «عثمان» … ما إن رآه «تختخ» حتى وقف، فسأله «عثمان»: إن كان أحد قد جاء … فأخبره «تختخ» بما حدث … ابتسم «عثمان»، وقال وهو يربِّت على كتف «تختخ»: أنت ولد ذكي … هيَّا الآن انصرف … وتعالَ غدًا! …

في حديقة فيلَّا «المعمورة»، اجتمع المغامرون ومعهم «تختخ» بعد أن أبدل ثيابه، وحكى لهم ما حدث منذ وصوله «عمارة العفاريت» ورؤيته ﻟ «هاني» و«هالة»، وما قاله «هاني» من أنَّه رآه على الشاشة … قالت «نوسة»: إنَّ هذا يعني أنَّ «حمدي» يراقب «الجراج» بكاميرا سرية … وهذا يعني أيضًا اهتمامه الشديد بالعمارة، ويؤكد الشك فيه كما توقعنا … وإلَّا، فلماذا يراقب العمارة، خصوصًا وأننا قلنا إنَّه الوحيد الذي استأجر «الجراج»، كل ذلك يؤكد أنَّ سر «العفاريت» عند «حمدي»!

فقال «عاطف»: إنَّ ظهور «هاني» و«هالة» يمكن أن يكون طريقًا لمعرفة السر.

تختخ: هذا ما فكرت فيه.

قالت «لوزة»: هل «هالة» صغيرة مثلي؟

ابتسم «تختخ»، وقال: أكبر قليلًا، لكنَّها صامتة، فلم تنطق بكلمة.

ظهر الحزن على وجه «لوزة»، وقالت: هل تعني أنَّني ثرثارة؟

ضحك «تختخ» وهو يربِّت عليها ويقول: لا … لا أقصد ما تفكرين فيه … إنني فقط ذكرت حقيقة ما حدث.

ثم داعبها، وقال: أنتِ فاكهة المغامرين الخمسة.

ابتسمت «لوزة» … فقال «محب»: إنني أفكر في طريقة تُدخلنا الفيلا الغامضة!

سألت «لوزة»: وما هي الطريقة … إنني أريد أن أرى «هالة»، التي لا تتكلم.

وبدأ «محب» يشرح الطريقة التي يفكر فيها، والتي يمكن أن يدخل بها الفيلا الغامضة!

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤