رجل التلال

كان رجل التلال، بعينَيه الذهبيتَين الكبيرتَين كصحون الفناجين وجسمه المَحني، يسير عَبْر غابة السرو على جبل نيشاين بحثًا عن الأرانب.

لكن لم يكن أرنبًا ما قد اصطاده، بل طائر درَّاج.

كان الدرَّاج قد طار لتوه لأعلى مذعورًا، عندما أمسك به رجل التلال بيدَيه بسرعة وبقوة، فأصبح ذلك المخلوق المسكين نصف مسحوق.

بوجهٍ متورِّد وفمٍ كبير ملتوٍ في ابتسامةٍ عريضة تدُل على الفرح، خرج رجل التلال من الغابة وهو يلُف الدرَّاج ذا العنق المتدلي على يده.

بعد ذلك، ألقى رجل التلال فريسته على منحدرٍ جنوبي مشمس من العشب الجاف، ثم استلقى مُتكوِّرًا على الأرض وقد أخذ يحُك شعره الأحمر الأشعث.

غرَّد طائرٌ صغير في مكانٍ ما، وتمايلَت أزهار البنفسج الخجولة هنا وهناك في العشب.

تقلَّب رجل التلال ليستلقي على ظهره، ثم أخذ يُحدِّق لأعلى في السماء الزرقاء الصافية. كانت الشمس تبدو ككُمَّثرى برية مرقَّطة باللونَين الأحمر والذهبي، وقد انتشرَت في الأرجاء رائحة العشب الجاف الذكية؛ وعلى سلسلة الجبال الممتدة من خلفه تمامًا، كوَّن الثلج هالةً بيضاءَ لامعة.

«أعتقد أن حَلوى غزل البنات الآن ستكون لذيذة. وبالرغم من أنَّ الشمس العجوز تصنع كثيرًا منها، فإنها لا تُقدِّم لي أيًّا منها أبدًا.»

كان رجل التلال يفكر في شرود في مثل هذه الأفكار عندما مرَّت غيمةٌ بيضاءُ خفيفة غير واضحة المعالم دون هدفٍ عَبْر السماء الزرقاء الصافية تمامًا باتجاه الشرق. أصدر صوتًا عميقًا أجشَّ من حلقه وقال في نفسه ثانيةً: «إذا سألتَني، فسأقول لك إن الغيوم أشياءُ مضحكة. اعتمادًا على الريح، إنها تأتي وتذهب، تتلاشى — بوف — ثم فجأةً تظهر مرةً أخرى. لهذا السبب يُطلِقون وصف «رأس سحابة» على الرجل الذي يتجوَّل في الأنحاء دون فعل شيء.»

بينما كان يفكر في ذلك، شعَر بخفةٍ شديدة في ساقَيه ورأسه، وانتابه إحساسٌ غريب، كما لو أنه كان يطفو مقلوبًا رأسًا على عقب في الهواء. الشيء التالي الذي أدركه أنه هو من قد أصبح «رأس سحابة». وسواء كانت الريح تحمله معها أم كان يتحرَّك من تلقاء نفسه، فقد كان ينجرف بخفة في الهواء دون أي مكانٍ محدَّد يذهب إليه.

قال لنفسه: «عجبًا، تلك هي التلال السبعة. هناك سبعةٌ منها، جميعها مغطَّاة بالأشجار؛ أحدها مغطًّى بالكامل بأشجار الصنَوبَر، والآخر مغطًّى بأشجارٍ جرداءَ من أعلى وصفراء. … لكن بهذا المعدل، سرعان ما سأكون في البلدة. وإذا كنت سأذهب هناك، يجب أن أتحوَّل إلى شيءٍ آخر وإلا فسيضربونني حتى الموت.»

عندئذٍ، حوَّل نفسه إلى حطَّاب. وخلال وقتٍ قصير وجد نفسه عند حافة البلدة. كان لا يزال يشعُر بخفة رأسه الشديدة، حتى بدا أن جسده كله قد اختل توازنُه، لكنه مع ذلك استمر في تقدُّمه.

من بين المنازل الأولى التي مرَّ بها متجرٌ لبيع الأسماك، حيث تُوجد منصَّات عليها سلالُ قشٍّ غير منتظمة مليئة بالسلمون المُملَّح وحُزَم من السردين وما شابه، بالإضافة إلى خمسة أخطبوطاتٍ مسلوقة ذات لونٍ أحمر مائل للأسود متدلية من الحافة السفلى البارزة للسقف. استوقفه منظر الأخطبوطات فحدَّق بها. قال في نفسه: «انظر فقط إلى المنحنى على تلك الأرجل الحمراء المتعرجة … هناك شيءٌ مختلف فيه! إنها حقًّا مثيرة للإعجاب أكثر حتى من ذلك المسئول في مكتب المقاطعة في سروال ركوب الخيل الخاص به. فقط تخيَّل واحدًا من هذه الأخطبوطات وهو يزحف وعيناه مفتوحتان على مصراعَيهما في القاع المظلم للبحر الهائل!»

وقف رجل التلال هناك مُحدقًا في الأخطبوطات، وهو يضع إبهامه في فمه دون وعي منه.

وبينما هو على هذه الحال، دخل رجلٌ صيني يرتدي رداءً قذرًا ذا لونٍ أزرقَ فاتح، ويحمل على ظهره صُرةً كبيرة، وأخذ يُحدِّق فيما حوله بعصبية. قال وهو يَنقرُ على كتف رجل التلال دون سابق إنذار:

«أنت … هل تُحب القماش الصيني؟ تُوجد حبوب «الآلهة الستة» أيضًا … إنها رخيصة جدًّا.»

التفَت رجل التلال مذهولًا.

وردَّ بصوتٍ عالٍ: «لا، شكرًا لك!» ثم لاحظ أن ارتفاع صوته قد جعل صاحب محل الأسماك، الذي لديه شعرٌ مفروق من المنتصف بعناية، يأتي منتعلًا قبقابًا خشبيًّا في قدمَيه ويحمل في يده خُطافًا منحني الشكل. ظهر بعضٌ من سكان البلدة أيضًا، وأخذوا يراقبونه، فلوَّح بيدَيه وقال بسرعة بصوتٍ أهدأ:

«أنا آسف … لم أقصِد ذلك. سآخُذ بعض القماش، نعم سآخذ بعضه.»

قال الرجل الصيني وهو يضع صُرَّته في منتصف الطريق: «لا تشترِ، ليس مهمًّا أن تشتري. فقط ألقِ نظرةً صغيرة.» لم يسَع رجُلَ التلال إلا الشعورُ بالخوف من عينَيه الورديتَين الدامعتَين، اللتين ذكَّرتاه بطريقةٍ ما بالسحلية.

وبينما هو كذلك، كان الرجل الصيني قد فك، بسرعة، العقدة حول صُرَّته، ورفع قطعة القماش التي تُوجد بأعلى محتوياتها، وبعد ذلك رفع الغطاء عن سلة الخيزران بالداخل، ليكشف عن صفوفٍ عديدة من الصناديق الكرتونية الموضوعة فوق القماش. من بينها أمسَك بما بدا وكأنه زجاجةُ دواءٍ حمراءُ صغيرة.

قال رجل التلال في نفسه: «يا إلهي! كم هي طويلةٌ ورفيعةٌ أصابعه! وأظافره مدبَّبة للغاية، الأمر الذي يُخيفُني أكثر.»

الآن أخرَج الرجل الصيني من صُرَّته كأسَين صغيرَتَين لا يزيد حجمُهما عن طرف إصبعك الصغير، وقدَّم إحداهما لرجل التلال.

وقال له: «أنت … تناوَل الدواء. هذا ليس سمًّا. هذا ليس سمًّا على الإطلاق. أُقسِم لك بذلك! تناوَلْه! أنا سأتناوَلُه أيضًا … لا داعي للقلق. أنا أشرب الجِعَة، وأشرب الشاي … ولا أشرب السم. هذا الدواء من أجل عيش حياةٍ طويلة. تناوَلْه!»

ثم ابتلع هو جُرعةً منه.

كان رجل التلال يتساءل فيما إذا كان فعلًا من الصواب أن يشربه عندما وجد، وهو ينظر حوله، أنه لم يعُد موجودًا في البلدة، بل في منتصف منطقةٍ مفتوحة من الريف لها اللون الفيروزي نفسه مثل السماء، وأنه كان يقف مُقابِل الرجل الصيني بعينَيه الحمراوَي الحواف. كان الاثنان بمفردهما وقد وُضعت الصُّرة بينهما، وكان ظِلاهما مُلقيَين على العُشب باللون الأسود.

«هيَّا … تناوَلْه! إنه جيد من أجل عيش حياةٍ مديدة. اشرب!»

بحماسة، وجَّه الرجل الصيني أحد أصابعه نحوه حاثًّا إياه على تناوُل الدواء. ودون أن يعرف ما يجب فعله، قرَّر رجل التلال أخيرًا أنه من الأفضل تجاوُز الأمر والمغادرة. لذلك شرب الدواء دفعةً واحدة. ثم ما حدث بعد ذلك يمكن القول إنه غريب؛ فقد بدا أن كل الكتل والتجاويف في جسده قد بدأت بالاختفاء، وتقلَّص جسدُه وأصبح أكثر سلاسة، حتى إنه في النهاية عندما فحَص نفسه بعنايةٍ وجد أنه قد أصبح أشبه بصندوقٍ صغير مُلقًى على العشب.

«تبًّا، لقد وقعتُ في الفخ في النهاية! كنتُ أعرف أن هناك شيئًا مريبًا فيه، بأظافره المدبَّبة تلك. لقد نجح في خداعي!»

غاضبًا، حاول المقاوَمة، ولكن قد كان من الواضح أن ذلك دون جدوى؛ فقد أصبح منذ الآن مجرد صندوقٍ صغير من حبوب الآلهة الستة.

لكن كان الرجل الصيني سعيدًا. وقد أخذ يقفز لأعلى وأسفل، رافعًا بخفة كلًّا من ساقَيه بالتناوب، وموجهًا ضرباتٍ قوية إلى باطن قدمَيه بيدَيه. كان صدى الصوت يرنُّ في الريف كما لو أن أحدهم يقرع طبلةً يدوية.

ثم، فجأة، ظهرَت يد الرجل الصيني الضخمة أمام عينَيه، وفي اللحظة التالية سُحب لأعلى حتى وصل إلى صُرة الرجل الصيني ليستقرَّ بين الصناديق الأخرى.

قال لنفسه عندما نزل غطاءُ سلة الخيزران بقوةٍ فوق رأسه: «يا إلهي! لقد أصبحتُ في النهاية داخل السجن.» وعلى الرغم من أن رجل التلال حاول أن يبتهج عند رؤية ضوء الشمس، الذي كان لا يزال يسطع من خلال شبكة السلة، فإنه حتى ذلك سرعان ما اختفى.

قال رجل التلال بهدوءٍ قَدْر استطاعته: «أوه، أوه … لقد وضع غطاء الصُّرة. يبدو أن الأمور تسير نحو الأسوأ. ستكون هذه رحلةً مظلمة.»

لكن بعد ذلك، ولدَهشتِه، تحدَّث أحدهم بجانبه مباشرةً قائلًا:

«وأين أمسَك بك؟»

في البداية اندهش رجل التلال، لكن بعد ذلك بلحظةٍ قال لنفسه: «لقد فهمتُ … إن حبوب الآلهة الستة هي جميع البشر الذين تحوَّلوا إلى دواءٍ بنفس الطريقة التي تحوَّلتُ بها. هذا هو تفسير ما يحدُث!» تشجع وأجاب:

«أمام محلٍّ لبيع الأسماك.»

سمعَه الرجل الصيني فصرَخ متوعدًا من الخارج:

«الصوت عالٍ جدًّا … اسكت!»

لكن رجل التلال كان يشعُر بالغضب الشديد من الرجل الصيني حتى إنه انفجر قائلًا:

«ماذا؟ أسكُت؟ يا لك من لصٍّ ملعون! حالما نذهب لقرية، سوف أقول بصوتٍ عالٍ: «هذا الرجل الصيني شرير!» ما رأيك في هذ؟!»

لزم الرجل الصيني الصمت. واستمر الصمت لفترةٍ طويلة. بدأ رجل التلال في تخيُّله وهو يبكي وذراعاه مطويتان على صدره حسب الطريقة الصينية. وهذا ما جعله يفكر أن جميع الرجال الصينيين الذين كان قد قابلهم قبل ذلك على المسارات فوق التلال أو في الغابات وصُررهم على الأرض، والذين كانوا يَبْدون كما لو أنهم في حالة تفكيرٍ عميق، قد تحدَّث إليهم شخصٌ ما بنفس الطريقة. وهذا جعله يشعر بالأسف من أجلهم لدرجة أنه كان على وشك أن يقول: «لم أقصِد ذلك» عندما سمع الرجل في الخارج يقول بصوتٍ أجشَّ حزين:

«كما ترى، لا أحد يُعيرُني اهتمامه. أنا لا أكسب المال. لا أتناول الأرز. وربما سأموت. لذا لا أحد يهتم بي.»

عندها أشفق رجل التلال عليه للغاية، وشعَر أنه سيفعل أي شيء لمساعدته في كسب القليل من المال، بحيث يستطيع الذهاب إلى مطعمٍ ما وتناوُل وجبةٍ من رءوس سمك السردين وحَساء الخضراوات.

قال له: «كل شيء سيكون على ما يُرام، فلا داعي للبكاء هكذا. عندما نصل إلى قرية سوف أكون حريصًا على عدم صُنع كثير من الضوضاء. لا تقلق.»

بدا أن هذا قد جعل الرجل الصيني يهدأ أخيرًا، وسمع رجل التلال تنهيدةً عميقة تُعبِّر عن الارتياح مع صوت الصفع على القدمَين. إذَن لا بد أن الرجل الصيني قد حمل صُرَّته مرةً أخرى على ظهره؛ لأن عُلب الحبوب الكرتونية كانت تصطدم بعضها ببعضٍ بصخب.

قال رجل التلال: «مرحبًا … أيٌّ منكم تحدَّث معي الآن؟»

فجاء الردُّ من جواره مباشرةً: «أنا. ولمتابعة ما كنتُ أقوله، إذا كان قد وجدك الرجل الصيني أمام متجر أسماك، كما قلت، فبإمكانك، على الأرجح، أن تُخبرَني كم تكلفة سمكة القاروس ومقدار زعانف سمك القرش التي تحصُل عليها مقابل عشر تيلات، أليس كذلك؟»

«لا أعتقد أنه كان يُوجد أي شيء من هذا القبيل في متجر الأسماك ذلك. رغم أنه كان يُوجد لديهم أخطبوط.» وأضاف بحزن: «إن له سيقانًا سمينة وجميلة.»

«حقًّا؟ لقد كان جيدًا، أليس كذلك؟ أنا أفضِّل الأخطبوط أيضًا.»

«ومن ليس كذلك؟ أيُّ شخص يقول إنه لا يحبه عليه التأكد من سلامة عقله.»

«أوافقُكَ الرأي. لا يُوجد شيءٌ في العالم أفضل من قطعةٍ جميلة من الأخطبوط.»

«بالتأكيد، على أي حال، من أين أنت؟»

«أنا. من شنغهاي.»

«هذا يجعلك إذَن صينيًّا أيضًا. أشعُر بالأسف تجاهكم، أنتم الأشخاص الذين تعملون على تحويل بعضكم بعضًا إلى صناديق حبوب وبيع بعضكم بعضًا.»

«أنت مخطئ. إن الذين تراهم هنا هم من أدنى المستويات، مثل تشين هذا. لكن هناك العديد من الأشخاص الشرفاء اللطفاء بين الصينيين الحقيقيين. كما ترى، نحن جميعًا منحدرون من القديس العظيم كونفوشيوس.»

«حسنًا، لا أريد أن أعرف شيئًا عن ذلك. … لكنك تقول بأن الرجل الذي بالخارج يُدعى تشين؟»

«هذا صحيح. … آه، لكن الطقس حارٌّ هنا! يا ليتَه يرفع الغطاء.»

«نعم … يا سيد تشين! إن الجو خانق هنا بنحوٍ مريع. هل تسمح بدخول قليل من الهواء إلى هنا؟»

قال تشين: «عليك أن تنتظر.»

«إذا لم تسمح بدخول بعض الهواء حالًا، فسوف نختنق جميعًا. وستكون أنت الخاسر!»

عندها، نظر تشين إلى الداخل مضطربًا.

وقال: «سأقع في مشكلةٍ كبيرة. لا تموتوا أرجوكم.»

«لا تموتوا؟! أنت لا تعتقد أننا نريد الاختناق، أليس كذلك؟ هيا ارفع الغطاء، بسرعة.»

«عليكم الانتظار عشرين دقيقةً أخرى.»

«أوه حسنًا، أسرِع في مَشْيك إذَن، تبًّا لك!» والتفَت إلى الصندوق المجاور له. وسأل: «هل أنت الوحيد الآخر هنا؟»

«لا، هناك الكثير. إنهم يَبْكون طوال الوقت.»

«يا للمساكين! إن تشين هذا شخصٌ سيئ. أليست هناك طريقةٌ ما نستعيد من خلالها أشكالنا الأصلية؟»

«حسنًا، في الحقيقة تُوجد طريقة. أنت لم تصبح بعدُ تمامًا حبةً من حبوب الآلهة الستة؛ لذلك عليك فقط تناوُل حبةٍ مغايرة لتعود إلى شكلك الطبيعي. انظر، هناك، بجانبك تمامًا، زجاجة الحبوب السوداء.»

«حسنًا، هذا يَبعث على الارتياح. سوف أتناوَل واحدة، إذَن. لكن ماذا عنك وعن الآخرين … أليست الحبوب مجديةً لكم أيضًا؟»

«كلا. لكن بمجرد أن تأخذ واحدة وتتعافى، أريدك أن تنقعَنا جميعًا في الماء حتى نصبح أكثر نعومة. بعدها عندما نتناول الحبوب، أنا على يقينٍ من أننا سنعود جميعًا إلى حالتنا الطبيعية أيضًا.»

«حقًّا؟ حسنًا، سوف أقوم بذلك، لا تقلق … قريبًا سوف أجعلكم جميعًا في حالةٍ جيدة مرةً أخرى، أعِدُكم بذلك. تلك هي الحبوب، أليس كذلك؟ وهذا السائل الذي في الزجاجة هو المادة التي تُحوِّل الأشخاص لحبوب الآلهة الستة، أليس كذلك؟ لكن تشين تناول هذا الدواء السائل معي في الوقت نفسه … أتساءل لماذا لم يتحوَّل إلى حبة من حبوب الآلهة الستة أيضًا؟»

«ذلك لأنه تناول واحدةً من الحبوب السوداء معه.»

«أوه، لقد فهمت. ماذا كان سيحدث إذَن لو أن تشين تناول هذه الحبة السوداء فقط؟ أشك في أنه لن يظل شخصًا طبيعيًّا، أليس كذلك؟»

عندها سمعوا صوت تشين في الخارج يقول:

«هل تُحب القماش الصيني؟ أنت … هل تشتري القماش الصيني؟!»

قال رجل التلال بصوتٍ منخفض: «أوه، أوه … لقد عاد لذلك مرةً أخرى»، وكان بانتظار أن يرى ماذا سيحدث عندما رُفع الغطاء فجأةً ولم يعُد يرى جيدًا من شدة الضوء. فأمعن النظر جاهدًا، ورأى طفلًا بشعرٍ مسترسل على الجبهة يقف هناك أمام تشين وعلى وجهه تعبيرٌ بليد.

كان لدى تشين بالفعل حبة دواء بين أصابعه، وكان ممسكًا بها بالقرب من فمه عندما قدَّم الدواء السائل.

وقال: «الآن، اشرب. هذا دواء لعمرٍ مديد. الآن، اشرب!»

قال أحدهم من داخل سلة الخيزران: «ها هو ذا مرةً أخرى … القصة القديمة ذاتها.»

«أنا أشرب الجِعَة، وأشرب الشاي، ولا أشرب السُّم. الآن، من الأفضل أن تشرب. أنا سأشربه أيضًا.»

في تلك اللحظة، حصَل رجل التلال على إحدى الحبوب بهدوء. فبدأ ينتفخ وينتفخ … وفي وقتٍ قصير عاد بالكامل لحالته القديمة مرةً أخرى بشعره الأحمر وجسمه القوي. أما تشين، الذي كان على وشك أن يبتلع الحبة مع الدواء السائل، فبدا مذهولًا بشدة لدرجة أنه سكب الدواء السائل وتناول الحبة فقط.

كان هذا هو ما حدث: بدأ رأس تشين يكبر بنحوٍ واضح وأصبح بضعف حجمه الطبيعي، أما جسمه فازداد طوله أكثر فأكثر. ثم حاول الانقضاض على رجل التلال بصرخةٍ جامحة. تملص منه رجل التلال وركَض بكل ما أوتي من قوة، لكن رغم محاولته الهروب بكل قوة، بدا أن ساقَيه كانتا تُهروِلان في المكان نفسه دون أن تتحرَّكا إلى أي مكان، إلى أن أمسكَت به أخيرًا يدٌ من الخلف.

صرخ بصوتٍ عالٍ: «النجدة! آآآه! …»

•••

كانت الغيوم تسير لامعةً عَبْر السماء، وكان العشب الجاف دافئًا وطيب الرائحة.

لفترةٍ من الوقت رقد رجل التلال خالي البال، مُحدِّقًا بريش طائر الدرَّاج اللامع الذي كان يرقد في المكان حيث رماه، وكان يفكِّر أنه يجب أن ينقع صندوق الكرتون الخاص بحبوب الآلهة الستة في الماء، مما يجعلها أكثر نعومة. لكن بعد ذلك أطلق تثاؤبةً كبيرة وقال:

«هاه! ماذا؟ … لقد كان مجرَّد حلم! إذَن فليذهب تشين إلى الجحيم. وليأخذ معه حبوب الآلهة الستة الخاصة به!» وتثاءب مرةً أخرى.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤