ساق الزنابق

«يُقال إن الإله بوذا، عند الساعة السابعة من صباح يوم غد، سوف يعبُر نهر هيموكيا ويدخل البلدة.» هذا هو الخبر الذي وصل مع النسيم العليل، وانتشر في جميع المنازل في بلدة هاموكيا المُسوَّرة.

تحمَّس الناس الذين يعيشون هناك كثيرًا لدى سماعهم ذلك؛ فقد كانوا ينتظرون بوذا منذ فترةٍ طويلة، وبلهفةٍ شديدة. هذا بالإضافة إلى أن كثيرًا منهم كان قد ذهب للانضمام إليه، والتتلمُذ على يدَيه.

«يُقال إن الإله بوذا، عند الساعة السابعة من صباح يوم غد، سوف يعبُر نهر هيموكيا ويدخل البلدة.»

تساءلوا كيف سيكون شكل وجه بوذا وما هو لون عينَيه. هل ستكون لديه عينان ذواتا لونٍ أزرقَ داكن مثل بتلات اللوتس، كما أشيع؟ وهل حقًّا ستلمع أظافر أصابعه كالنحاس؟ ماذا سيقول الرجال الذين ذهبوا للانضمام إليه من البلدة، وكيف ستبدو ملابسهم؟ … بشغَف الأطفال، رتَّب الأهالي منازلهم، وعندما انتهَوا من ذلك خرجوا للشوارع ونظفوها جيدًا. هنا وهناك وفي كل مكانٍ كان يمكن رؤيتهم وهم يحملون المقشَّات خارج منازلهم. لقد أُزيلَت كل الأحجار وروث البقر بعناية، وبعد ذلك رُشَّت الأرض بالماء، ثم نُثر فوقها رمل الكوارتز الأبيض.

«يُقال إن الإله بوذا، عند الساعة السابعة من صباح يوم غد، سوف يعبُر نهر هيموكيا ويدخل البلدة.»

خلال وقتٍ قصير، كانت الأخبار قد وصلَت بالطبع إلى القصر الملكي.

«جلالة الملك، عند الساعة السابعة من صباح يوم غد، يُقال إن الإله بوذا سوف يعبُر نهر هيموكيا ويدخل هذه البلدة.»

سأل الملك متناسيًا نفسه، حتى إنه نهض عن عرشه المرصَّع بالعقيق: «حقًّا؟! هل أنت متأكد من ذلك؟»

«يبدو الأمر كذلك بالفعل يا سيدي. فهناك تاجران من بلدة هامورا يزعُمان أنهما قد سمعاه يَعِظ هذا الصباح على ضفة النهر البعيدة.»

«حقًّا؟ إذَن لا بُد أن الأمر كذلك. أوه، كم من الوقت انتظرناه! أَعطِ الأمر حالًا بتنظيف البلدة.»

«سيدي، جرى تنظيف البلدة بالفعل: لقد كان الأهالي مسرورين بشدة، لدرجة أنهم قد نظفوها بمقشاتهم دون انتظار أوامر جلالتك.»

هَمْهَم الملك كما لو كان غير مقتنع. وقال: «اذهب مع ذلك وتأكَّد من عدم إغفال أي شيء. ثم أصدر أمرًا بأن يُعَد طعامٌ لألف شخص.»

«حسنًا، يا صاحب الجلالة. كان رئيس المطابخ الملكية يَذرَع صعودًا وهبوطًا المطابخ لفترةٍ طويلة وهو ينتظر أمر جلالتك.»

«حسنًا. …» ثم فكر الملك لبُرهة. وأضاف: «الأمر التالي هو بناء مساكنَ مناسبة. اذهب الآن واطلب من النجارين بناء مكان إقامة يتسع لألف شخص في أيكة البلوط خارج الأسوار.»

«تمام، جلالة الملك. جلالتك مهتمٌّ بأدق التفاصيل. في الحقيقة، النجارون بدءوا بالفعل في مسح الغابة، متوقعين مثل هذا الأمر الملكي.»

تمتم الملك متفاجئًا: «فعلًا؟! حقًّا إنَّ تعاليم بوذا تصل للناس بسرعة الريح. في صباح يوم غد سأذهب شخصيًّا إلى ضفة النهر لاستقباله. انشُر هذا الخبر على الملأ. وعليك أن تَحضُر عند الساعة الخامسة، مع بزوغ الفجر.»

«حسنًا يا جلالة الملك.» غادر رئيس الوزراء ذو اللحية البيضاء القصر الملكي مبتهجًا متورِّد الوجنتَين كطفل.

بزَغ فجر اليوم التالي.

من خلف ستائره، سمع الملك الوقع الخفيف لقدمَي رئيس وزرائه عند دخوله، وعلى الفور نهض جالسًا.

«يا صاحب الجلالة … إنها الساعة الخامسة تمامًا.»

نخر الملك. وقال: «لم أنَم طَوال الليل، ومع ذلك فإن ذهني صافٍ بشدةٍ هذا الصباح. ماذا عن الطقس؟» ثم انسَلَّ من بين ستائره وانتصب واقفًا.

«الطقس جميلٌ بالفعل يا صاحب الجلالة. يمكن رؤية اللازَوَرد على الجانب الجنوبي من جبل سوميرو بوضوح كوضوح الرؤية من خلال البلورة. سيبدو بوذا، بكل تأكيد، وسيمًا بشدة في مثل هذا اليوم!»

«هذا جيد. هل البلدة نظيفة كما كانت البارحة؟»

«جلالتك، إنها نظيفةٌ كشاطئ البحيرة النقية.»

«هل الطعام جاهز؟»

«كل الاستعدادات كاملة.»

«ومكان الإقامة في أيكة البلوط؟»

«سيكون جاهزًا على أتمِّ وجه قبل انقضاء فترة الصباح. لم يتبقَّ سوى تثبيت النوافذ وتنظيفها.»

انطلَق الملك إلى ضفاف نهر هيموكيا مصطحبًا معه الجميع.

هبَّت الريح محدِثةً حفيفًا، ولمعَت الأوراق على الشجر.

قال الملك: «هذه الريح يُمكِن أن تُنبئ المرء بحلول شهر سبتمبر.»

«هذا صحيح يا صاحب الجلالة. فالغبار الذي يحمله الهواء هو غبار الخريف؛ لاسعٌ وواضحٌ مثل شذرات البلور.»

«هل أزهرَت الزنابق؟»

«لقد نمَت جميع البراعم. إن الغبار الآن يُبلي العُقد الذهبية النامية عند أطرافها: يبدو من المُرجَّح أن جميع الزهور سوف تتفتَّح معًا هذا الصباح.»

«بلا شك. لديَّ رغبة بأن أقدِّم لبوذا زنبقةً كقربان.» التفَت نحو وزير الخزانة الذي كان وجهه مختبئًا وراء لحيةٍ سوداء. «أيها الوزير، اذهب إلى الغابة، وأحضر لي زنبقةً مزهرة.»

«حسنًا، يا جلالة الملك.»

انطلق الوزير وحدَه إلى الغابة. كانت الغابة كلها صامتةً وزرقاء، فأمعَن النظر في أنحائها قَدْر ما يستطيع، لكن لم يستطِع العثور على زَنبَقة.

تجوَّل الوزير في الغابة حتى وجد منزلًا كبيرًا مختبئًا بين الأشجار. كانت الشمس مشرقةً وبيضاء، وبدا المنزل نصف ساطع كما لو كان في حُلم. تحت شجرة كستناء أمام المنزل كان يقف طفلٌ حافي القدمَين يراقبه، ممسكًا في يده ساقًا تحمل عشر زنابقَ بيضاء، والتي كانت ناصعة البياض كما لو كانت منحوتةً من الصدف.

تقدَّم الوزير للأمام.

وقال: «بِعني هذه الزهور، هلَّا فعَلتَ؟»

قال الطفل وهو يزمُّ شفتَيه أثناء كلامه: «ليس لديَّ مانع.»

سأل الوزير بابتسامة: «كم ثمنُها؟»

قال الطفل بسرعة وبصوتٍ عالٍ: «عشرة بنسات.»

قال الوزير الذي شعَر حقًّا أنها غالية الثمن للغاية: «عشرة بنسات كثيرٌ جدًّا.»

أجاب الطفل بسرعة مرةً أخرى: «خمسة بنسات.»

قال الوزير بابتسامة، معتقدًا حقًّا أنها كانت لا تزال باهظة الثمن: «خمسة بنسات كثيرٌ جدًّا.»

صاحَ الطفل وقد احمرَّ وجهه: «بنس واحد.»

«اتفقنا. بنسٌ واحد. إذَن، أتخيل أن هذا سيفي بالغرض، أليس كذلك؟» خلع الوزير قلادتَه التي من الياقوت القرمزي.

صاح الطفل في سعادة وهو ينظر إلى الأحجار الحمراء: «رائع!» أعطاه الوزير القِلادة، وأخذ منه الزنابق.

سأله الطفل كما لو أنه قد خطر بباله للتو أن يتساءل: «ما الذي تُريد تلك الزهور من أجله؟»

«أريد إعطاءها للإله بوذا.»

«أوه، إذَن لا يمكنني السماح لك بالحصول عليها.» ورمى الطفل بالقِلادة على الأرض.

«لمَ لا؟»

«فكَّرتُ في منحها له بنفسي.»

«هل فعلتَ ذلك حقًّا؟ إذَن سأعيدها إليك.»

«لا، يمكنك الحصول عليها.»

«هل لي أن آخذها؟» وأخذ الوزير الزهور مرةً أخرى. وقال للطفل: «أنت ولدٌ صالح. عندما يصل الإله بوذا، تعالَ معه إلى القصر. أنا وزير الخزانة.»

قال الطفل بابتهاج: «حسنًا، سوف آتي.»

عاد الوزير عَبْر الغابة إلى ضفة النهر.

قال الملك آخذًا الزهور منه، ورافعًا إياها بوقارٍ أمام جبهته: «شكرًا لك. إنها مثالية.»

فجأة، شاهدوا تدفقًا خافتًا من الذهب يرتفع في السماء مثل قوس قُزح فوق هذا الجانب من الغابة الخضراء فيما وراء النهر. سجَد جميعهم. وجثا الملك معهم هناك على الرمل. …

أنا متأكِّد من أن كل هذا حدث، في مكانٍ ما، منذ مائتَي مليون سنة مضت أو ما يُقارِب ذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤