رحيل الفتى ماكلين

لن يُصدِّقَني أحدٌ بالطبع حين أقول إنَّ ميليش كان مُواطنًا مثاليًّا ورجلًا طيبَ القلب؛ وذلك على كل الأصعدة باستثناء صعيدٍ واحد. كان الرجل سخيًّا حَدَّ الإسراف، وكَم من رفيقٍ شابٍّ أعطاه ميليش مبلغًا كي يبدأ به حياته حين يكون في حاجةٍ إلى بعض المال أو بعض الكلمات المُشجِّعة. وكان يُعاقر الشراب بالطبع، لكنه كان خبيرًا فيما يتعلَّق بأمور الشراب، والخبراءُ لا يُسرفُون أبدًا في تناول الشراب. وقليلٌ هم مَنْ يُمكنهم أن يَقصُّوا قصة ظريفة بطريقة شيِّقة كما يفعل ميليش، وكان نادرًا ما يقع في المآزق. وأيُّ رجلٍ يُتحِفُ أصدقاءَه بقصةٍ قديمة، ويقول لأحد معارفه إنها حدثت، ويدَّعي أنها حدثت في اليوم السابق؛ لا يُمكن لمثله أن يكون سيئًا بكُلِّيته.

وإذا أردتُ أن أكتبَ مقالًا يَفطر القلب عن مساوئ القمار والمقامرة، فإنَّ ميليش هو الرجل الذي سأذهب إليه من أجل الحُصول على الحقائق وعلى الدرس الأخلاقي لقصَّتي. لقد قضى الرجل حياته في إقناع أصدقائه بألَّا يُقامِرُوا. وحسبما قال، فإنه لم يُقامِر هو نفسه قطُّ. لكن إذا لم يكن أحدٌ يولي اهتمامًا إلى نصيحتِه، فلِمَ إذن كان يُزوِّد المقامرين بأندية القمار الأكثر عزلة وفخامة في المدينة؟ كان من المفترض أن ميليش يقف في صفِّ الشرطة، وهو ما كان بالطبع محضَ كذب وافتراء. فكرة أن حُماة المدينة يقفون في صف مُقامِر أو نادٍ للقِمار! إنَّ هذه الجملة عَبثية وسخيفة في ظاهرها. وإذا سألتَ أيَّ شرطيٍّ في المدينة عن مكان نادي ميليش للقمار، فسرعان ما ستُدركُ أن أحدًا منهم لم يَسمع حتى باسم هذا المكان من قبل. وهذا كلُّه الغرضُ منه هو توضيح كيف أنَّ الناس سيتحدَّثون دائمًا بكلام شائن، وإذا كان نادي ميليش للقمار بعيدًا عن مُداهمات الشرطة، فهذا لحُسنِ حظِّ ميليش ليس إلا. وعلى أيِّ حال، في نادي ميليش للقمار، يُمكنك أن تلعب القمار في هدوءٍ وعلى مستوًى رفيع وعلى رهاناتٍ كبيرة بقدر ما يُمكنك، وأنت واثق تمامًا أنَّ أحدًا لن يُحدِث جلبة حول الأمر وأنَّ اسمك لن يظهر في الصحف صباح اليوم التالي.

ذات ليلة بينما كان ميليش يَجُول بنظره في الغرفة الرئيسية المُمتلئة عن آخرها لاحظ فتًى غريبًا يجلس إلى طاولة الروليت. كان ميليش يتمتَّع بنظرٍ حادٍّ وثاقب فيما يتعلَّق بالتعرُّف على الغرباء، وكان عادةً ما يَتمكَّن من معرفة شيءٍ عنهم بأسلوب غير مُتطفِّل. فالغرباءُ في أندية القمار يَجلبُون معهم إحساسًا معينًا بالخطر إلى روَّاد المكان.

همسَ ميليش إلى ساقِي الحانة قائلًا: «مَنْ ذلك الفتى؟» وكان ساقي الحانة هذا مُلاكِمًا محترفًا سابقًا، ويُعرَف عمومًا باسم سُوتي، وهو رجلٌ من الخطر التعامُل معه إذا وصَلَ الأمر إلى حدِّ المشاكل والأزمات. وكان من النادر أن تحدث مشكلة أو أزمة في ذلك المكان، لكن سُوتي كان إلى حَدٍّ ما هو الرمز الصامت للقوة الجسدية، فكان ظهيرًا لمعايير ميليش الأخلاقية الدمثة المَعرُوفة.

أجابه سُوتي: «لا أعرفُه.»

«مع مَنْ دخل إلى هنا؟»

«لم أرَه وهو يَدخُل. لم ألحظه حتى الآن.»

نظرَ ميليش إلى الفتى بضع لحظاتٍ. كان للفتى وجه نضر صحيٌّ رقيقٌ، وكأنَّه وجه صبي ريفي، وخلافًا للعادة بدا أنه غير مُتكيِّف مع المكان في ظل الأجواء الساخنة في تلك الغرفة، تحت وهَج المصابيح الغازية. تنهَّد ميليش وهو يَنظر إليه، ثم التفت إلى سُوتي وقال:

«أَبعِده عن هنا في هدوء واذهب به إلى حجرة البوكر الصغيرة. أريد أن أتحدَّث إليه قليلًا.»

أما سُوتي، الذي كان يشعر بازدراءٍ كبير لمشاعر رب عمله الإنسانية، فلم يَنبس ببنتِ شفة لكن كانت هناك نظرة ازدراء تَعتلي ملامحه المُتورِّدة بينما كان ذاهبًا لتأدية مهمَّته. ولو كان الأمر بيده، لما أفلت أحدًا من الشبَّاك مهما كان. لقد عَرفَ أن ميليش حاول كثيرًا إقناع بعض الشباب الصغار بمُغادَرَة المكان والعودة إلى منازلهم، وذلك بإعطائهم الكثير من المال، كما أعطى الأوامر على الأبواب المزدوجة للمكان بعدم إدخالهم مرة أخرى.

نهضَ الفتى من مكانه وقد بدا على وجهه شيءٌ من الخوف وتَبِع سُوتي. حَدَثَ ذلك في هدوء، وكان كلُّ مَنْ حولهم منهمكين في اللعب حتى إنهم لم يُولوا الأمر اهتمامًا كثيرًا.

قال ميليش حين كانوا وحدَهم: «اسمع يا فتى، مَنْ جاء بك إلى هذا المكان؟»

قال الفتى وقد بدَت على وجهه أمارات الامتعاض: «أعتقد أنني في سنٍّ تَسمح لي أن أذهب إلى أي مكان أريدُه من دون أن يَصحبني أحد.»

قال ميليش في دبلوماسية وهو يعرف أنَّ الكثير من الفتيان لا يُحبُّون أن يُتهَموا بأنهم حديثو السن: «أوه، بكلِّ تأكيد، بكل تأكيد. لكنَّني أحب أن أعرف كلَّ زوار هذا المكان. ولا يُمكنك أن تدخل إلى هنا إلا إذا كنت مع شخص معروف لدى حارس الباب. مَنْ يضمنك هنا؟»

قال الفتى في غضب: «اسمع أيها السيد ميليش، ما الذي تَرمي إليه؟ إذا كان حرَّاس بابك لا يَعرفون كيف يؤدُّون أعمالهم، فلِمَ لا تذهب وتتحدث إليهم بهذا الشأن؟ هل ستأمر بطردي خارج المكان؟»

قال ميليش مُحاولًا تلطيف الأجواء، وهو يضع يده بطريقة أَبويَّة على كتف الفتى: «لا شيءَ من هذا القبيل. لا تُخطئ فهم مقصدي. حقيقة وجودك هنا تُثبت أنَّ لديك كل الحق لتكون هنا. لن نتحدَّث في هذه النقطة أكثر من هذا. لكن خُذْ نصيحتي وأقلِع عن المقامرة هنا والآن. كنتُ أقامر من قبل أن تُولَد أنت، لكنني لم أعد أقامر الآن. خُذْ بنصيحة رجل خبير بالأمور. لا طائلَ من ذلك ولا جدوى تُرتجى.»

«يبدو أنَّ الأمر حقق جدواه تمامًا معك.»

«أوه، أنا لا أَنفي ذلك. إنَّ للقمار مُميزاته وعيوبه كأي عمل آخر. ومع ذلك، فإنَّ الأمر لم يُحقِّق جدواه كثيرًا كما يُهيأ لك، ويُمكنك أن تَثق في كلامي حين أقول لك إنَّ الأمر لن يُجديَك نفعًا إطلاقًا على المدى الطويل. كم معك من مال؟»

قال الفتى في فظاظة: «ما يَكفي لأسدِّد إنْ خسرت.» ثم أضاف في نبرة أكثر تهذيبًا حين رأى نظرة الألم التي ارتسمَت في مرور عابر على وجه ميليش:

«معي ثلاثمائة أو أربعمائة دولار.»

«إذن، خُذْ نصيحتي وعُدْ إلى منزلك. ستكون في حالٍ أفضل إنْ ظلَّ المال معك في الصباح.»

«ماذا! ألا تَلعبون هنا بإنصاف؟»

ردَّ ميليش في سخط قائلًا: «بالطبع نلعب بإنصاف هنا، أتظنُّ أنني أتبع سُبُلَ الغش؟»

«بل إنك تبدو واثقًا تمامًا من خسارتي، فكنتُ أتساءَل ليس إلا. والآن، يمكنني أن أتحمَّل خسارة كل ما لديَّ من مال ولا أشعر بالندم. فهل ستسمح لي بأن ألعب، أو أنك ستأمر بإخراجي من هنا؟»

«أوه، يُمكنك أن تعلب إذا أردتَ. لكن لا تأتِ إليَّ شاكيًا باكيًا حين تخسر. لقد حذَّرتُكَ.»

قال الفتى: «لست بشكَّاء بكَّاء. إنما أتجرَّع هزيمتي كالرجال.»

قال ميليش مُتنهِّدًا: «صحيح.» وقد أدركَ أنَّ الفتى ربما واقعٌ في الرذيلة أكثر مما يبدو عليه لحَداثة سنه، وكان يعلم أنَّه لا جدوى من النصيحة في مثل هذه الحالة. دخلَ ميليش والفتى إلى الغرفة الرئيسية معًا، فتركَ الفتى طاولة الروليت وبدأ يلعب عند إحدى طاولات ورق اللعب برهاناتٍ آخذة في التزايد. وظلَّ ميليش يُتابعه بعضَ الوقت. وكان الصبيُّ يتمتَّع بحظ المبتدئين. فقد لعبَ لعبًا مُتهوِّرًا، لكنه فاز بسرعة كبيرة. وبينما كان أحدُهم يَكتفي من اللَّعب وينهض من مكانه، كان يجلس آخر مكانه في حماس بالغ، لكن انتصارات الفتى لم تعرف فترة توقف أو استراحة.

كان بوني رويل دائمًا ما يصل مُتأخرًا إلى أندية القمار. وفي تلك الليلة دخلَ المكان بأسلوبه الهادئ الرفيع المعهود، وكان يَرتدي ملابس نزيهة. وكان من المعروف عن هذا المقامر المُحترف أنه لا يفقد رباطة جأشه أبدًا. وكان يصير أكثر هدوءًا عن ذي قبل حين يغضب، هذا لو أمكن لأحدٍ أن يُغضبه. وكانت الإشارة الوحيدة على غضبه الداخلي هي علامة تشبه جرحًا قديمًا، تمتد من صَدْغه الأيمن، حيث تبدأ من فوق العين وتَختفي بين شعره القصير خلف أذنه. وعندما كانت الأمور تئول إلى ما لا يُرضيه، تتحوَّل تلك العلامة إلى اللون الأحمر من الغضب، فتبرز من شُحُوب وجهه العام. وتحدَّث رويل بصوتٍ خفيض إلى ميليش قائلًا:

«ما الشيء المُثير عند الطرف الآخر من الغرفة؟ يبدو أنَّ الجميع يحتشدون هناك.»

فأجابه ميليش: «أوه، إنه فتًى … غريب … وهو يتمتَّع بحظِّ المبتدئين الوافر. وسيكون دمارُه في هذا الأمر.»

«أيُقامِر على مبالغ كبيرة؟»

«كبيرة؟ يُمكنني القول بأنها كبيرة. إنه يلعب بطريقةٍ مُتهوِّرة تمامًا. ولكن ستأخذ الأمور معه مُنعطفًا عنيفًا وسيأتي إليَّ ليقترضَ المال كي يرحل عن المدينة. لقد رأيتُ تذبذبَ حال كهذا من قبل.»

قال بوني في هدوءٍ: «في تلك الحالة، لا بد أن أذهبَ إليه. أحبُّ أن ألاعب الشباب في أولى فورات النجاح والمكسَب لهم، لا سيَّما إذا كانوا شبابًا مندفعين ومتهورين.»

أجابه ميليش: «ستحظى بفرصتك سريعًا؛ فحتى راجستوك يعرف متى يكون قد نالَ كفايته. وسيهب واقفًا في غضون دقيقة. أنا أَعرف أمارات ذلك.»

وبمظهر رجلٍ نبيل يتمتَّع بوقتِ فراغ كبير ويبدو عليه أنه سئم نوعًا ما من تفاهات هذا العالَم، سار رويل في بطءٍ باتجاه الحشد المُجتمِع. وبينما كان ينظر من خلفهم إلى الفتى، لمعت عيناه الثاقبتان بطريقة غريبة، وضغط على شفتَيه، رغم أنه في الغالب يُسيطر عليهما سيطرة تامة. بدأت العلامة الحمراء تبرز بينما شحبَ وجهُه. وكان من الواضح تمامًا أنه لا يَنوي أن يتحدَّث وأنه كان على وشكِ أن يَبتعِد مجدَّدًا، لكن يبدو أنَّ جاذبية نظرته الثاقبة قد أزعجت اللاعب الذي رفعَ بصرَه فجأة ونظرَ من فوق كتف خصمه فالتقت عيناه بنظرة رويل العابسة.

فعل الفتى ثلاثة أشياء. وضع ورق اللَّعب على الطاولة ووجهه للأسفل، ووضعَ يده اليمنى على كومة المال، وحرَّك كرسيه إلى الوراء.

صاحَ راجستوك: «ماذا تعني بفعل ذلك؟»

تجاهل الفتى سؤاله، وكان لا يزال يُثبِّت عينيه على رويل.

وسأله: «هل تحتجُّ؟»

قال بوني: «أحتج.» مهما كان معنى السؤال وإجابته. ثم صاحَ رويل، رافعًا صوته قليلًا حتى يستطيع الجميع سماعه:

«هذا الرجل هو الفتى ماكلين، وهو أشهر غشاش محترف ولص وقاتل في الغرب. ولا يُمكنه اللعب بإنصاف، حتى لو حاول ذلك.»

ضحك ماكلين. وقال: «أجل، وإن أردتم أن تُشاهدوا علامتي المسجَّلة، فانظروا إلى وجه جريجز.»

نظر الجميع إلى بوني، وقد علموا للمرة الأولى أنه كان يعيش باسم آخر لفترة من حياته.

وأثناء ما حدث من إلهاء مؤقَّت، أخذ ماكلين كلَّ المال الموجود على الطاولة ووضَعَه في جيوبه.

صاحَ راجستوك، وقد بدا عليه أنه لم يفهم الموقف بعد: «انتظر، أنت لم تفُز هذه المرة بعد.»

ضحكَ ماكلين مرة أخرى.

«كنت سأحرز النتيجة نفسها في غضون عشر دقائق.»

ثم هبَّ واقفًا، وقد تناثر الحشد من خلفه.

صاحَ بوني: «أغلِقوا الأبواب. لا تدعُوا هذا الرجل يخرج.»

واجه ماكلين الحائط بظهره. ومن تحت معطفِه سحبَ مسدَّسَيْن دوَّارَيْن وأمسكَ بكلٍّ منهما في يد.

وقال: «ينبغي أن تكون قد عرفتني أفضل من ذلك يا جريجز. أتريد مني أن أُطلق النار عليكَ مرة أخرى؟ لن يخيب تصويبي هذه المرة. ألقِ بهذا.»

وقد أعطى أمره الأخير هذا بصوتٍ رنَّان جذبَ انتباه الجميع نحو سُوتي. كان قد أمسكَ بمسدَّس دوَّار من مكان ما خلف المشرب، وخرجَ به في يده. بدت عينا ماكلين وكأنهما تلتقطان كلَّ حركة تحدث في أرجاء الغرفة، وسرعان ما وجَّه أحد مسدَّسَيْه إلى ساقي الحانة بينما كان يُصدِر أمره.

قال ميليش: «ألقِ به. لا مجال لإطلاق النار هنا على الإطلاق. يُمكنُك الذهاب في هدوء. لن يعترضَك أحد.»

قال ماكلين ضاحكًا: «من الأفضل لك بكل تأكيد ألا يفعلوا ذلك.»

وأضافَ ميليش: «أيها السادة، سيتحمَّل المكان الخسارة. إنني وإنْ سمحت لمحتال أن يدخل إلى هنا فمن الصائب تمامًا أن أتحمَّل أنا وحدي عاقبة ذلك. والآن أبعِد مسدَّسَيْك وارحل.»

زمجرَ ماكلين قائلًا: «يا لكَ من عجوز طيب يا ميليش. ينبغي لك أن تدير مدرسة دينية.»

وعلى الرغم من حصول ماكلين على الإذن بالانصراف ومُغادرة المكان، فإنه لم يُخفِّف من احتياطاته ولو للحظة واحدة. فراحَ يكشط الجدار بكتفه وهو يَتحرَّك شيئًا فشيئًا نحو الباب. وظلَّ مُوجِّهًا المسدس في يده اليسرى نحو بوني، في حين كان المسدس اللامع في يَمينه يجول باستمرار في كل أرجاء الحجرة، مما أثار الذعر في نفوس الكثير من الأشخاص المُحترمين الذين راحوا يَرتعدُون وهم في مَرْمَى مسدسه. وعندما وصلَ ماكلين إلى الباب قال موجِّهًا حديثه إلى بوني:

«آمل أنك ستَعذُرني يا جريجز، لكن هذه فرصة سانحة للغاية ولا يُمكنني أن أفوِّتها. سأقتلك وأنت واقف في مكانك.»

قال بوني وهو يضع يده خلف ظهره ولا يزال واقفًا في مكانه فيما كان مَنْ حوله يُحاولون الابتعاد: «هذا هو حجمُك الطبيعي. أنا لا أحمل سلاحًا؛ ولذا سيكون قتلي آمِنًا تمامًا. وستضمن ألَّا يُقبَض عليك سريعًا.»

«اذهب تحت الطاولة إذن، وسأُخلِّي سبيلك.»

عَرَضَ عليه بوني أن يتَّخذ السماء مَسْكنًا مُستقبليًّا له.

ضحكَ الفتى كثيرًا مرةً أخرى، ثم أنزلَ فوَّهة مسدسه. وبينما كان يرتدي قبعته الناعمة، رأى ميليش — الذي كان الأقرب إليه — أنَّ شعر صدغيه كان رماديًّا. ويبدو أنَّ خطوط القلق قد ارتسمَت على وجهه الفتيِّ بينما كان يكشط الجدار بكَتفيه نحو الباب.

وصاحَ بهم وهو على الدَّرج: «طابت ليلتكم جميعًا.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤