الراحة

إذن أين رجائي؟ رجائي من يَراه؟
إنه يهبِط إلى أبواب الجَحيم، لا جرمَ إن في التراب لرَاحة …
(أيوب، ١٧: ١٥ و١٦)
أفي كل يومٍ أنت ناشدُ غايةٍ
يُظَنُّ بها مما تراوِغُك السِّحرُ
حريصٌ عليها إن يُلمَّ بها البِلى
إذا كدَّرتْها عندك المحنُ الغُبر
وما الحِرصُ إن لم تستقلَّ لك المنَى
بأسرارِها أو يستتبَّ لك الأَمر
تمتَّعتَ من دنياكَ حتى تنكَّرت
عليك وجوهُ العُمر وانقلَب العُمر
وحتى دعاك اليأسُ منها إلى الهُدى
وليس الهُدى إلَّا الحفيظةُ والذِّكر١
فهل فُزتَ من غاياتها بسِوى الأسَى
وكان الأسى ذخرًا لوَ انَّ الأسى ذُخر
حبَتك المُنى أسرارَها وتواطَأَت
لخِدمتك الأيامُ وانقطع الغَدْر
وعُدنَ كما أبدأنَ لا فيكَ مَطمعٌ
بهنَّ ولا فيهنَّ عُرفٌ ولا نُكر
فأنتَ وهُنَّ الأمسُ واليومُ بالمَدى
قريبان لكن دونَ لُقياهما الدَّهرُ
لقد أتعبتْك الحادثاتُ وأجهَزت
عليكَ ولا خيرٌ بهنَّ ولا شَر
سوى ضِيق صدرٍ أثقلتْكَ همومُه
وإن الليالي لا يُحيط بها الصَّدر
وأنت على الأيام تنشُدُ راحةً
فيا جاهلَ الأيامِ راحتُكَ القَبرُ
١٢ أبريل سنة ١٩١٦

هوامش

(١) الحفيظة: الحَميَّة والغضب.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤