ذكرى الآلام

يَا مَنْ تَرَى الدُّنْيَا بِثَغْرِ فَتَاةِ
إِيَّاكَ أَنْ تَمْشِي عَلَى خُطُوَاتِي

•••

فِي الثَّغْرِ شَهْدٌ حُلْوُهُ مُرُّ
وَلَكَمْ سَقَانِي ذَلِكَ الثَّغْرُ
فِي مِرْشَفَيْهِ يَنْطَوِي سِرٌّ
يُخْفِي الدُّمُوعَ وَيُظْهِرُ الْبَسَمَاتِ

•••

لَا تَجْتَهِدْ فِي الْأَرْضِ كَيْ تَرْتَاحَا
الْأَرْضُ لَيْلٌ لَا يُرِيكَ صَبَاحَا
خُذْ فِي يَمِينِكَ دَائِمًا مِصْبَاحَا
كَيْمَا يَقِيكَ غَوَائِلَ الْعَثَرَاتِ

•••

كَمْ قَدْ رَقَبْتُ مَطَالِعَ الْأَقْمَارِ
مَا مِنْ سَمِيرٍ لِي سِوَى أَشْعَارِي
حَتَّى إِذَا حَطَمَ الْهَوَى قِيثَارِي
أَوْتَارُهُ انْقَطَعَتْ عَنِ النَّغَمَاتِ

•••

لَمَّا شَعَرْتُ بِأَنَّ لِلْحُبِّ
قَبْرًا جَوَانِبُهُ مِنَ التُّرْبِ
وَارَيْتُ فِي أَعْمَاقِهِ قَلْبِي
وَخَلَوْتُ بَعْدَئِذٍ لِتَذْكَارَاتِي

•••

جَسَدِي انْضَنَى لَمْ يَبْقَ إِلَّا نِصْفُهُ
وَالنِّصْفُ مُقْتَرِبٌ إِلَيْهِ حَتْفُهُ
وَمِنَ الْهَوَى لَمْ يَبْقَ إِلَّا عَرْفُهُ
يَسْرِي إِلَيَّ ضُحًى مَعَ النَّسَمَاتِ

•••

بِالْأَمْسِ كُنْتُ وَفِي يَدِي كَاسِي
أَرْعَى الْهَوَى فِي قَلْبِهَا الْقَاسِي
وَالْيَوْمَ صِرْتُ وَفِي يَدِي رَاسِي
أَذْرِي الدُّمُوعَ وَأُطْلِقُ الزَّفَرَاتِ

•••

بِالْأَمْسِ كُنْتُ وَكُلُّ آمَالِي
مَطْرُوحَةٌ فِي صَدْرِهَا الْغَالِي
وَالْيَوْمَ وَا أَسَفِي عَلَى حَالِي
أَمْسَتْ وَقَدْ بَلِيَتْ مَعَ الْأَمْوَاتِ

•••

يَا مَنْ تَرَى الدُّنْيَا بِثَغْرِ فَتَاةِ
إِيَّاكَ أَنْ تَمْشِي عَلَى خُطُوَاتِي

•••

إِيَّاكَ أَسْيَافَ الرَّدَى مَسْلُولَةْ
وَقُلُوبُ أَصْحَابِ الْهَوَى مَقْتُولَةْ
انْظُرْ إِلَى حَالِي وَخُذْ أُمْثُولَةْ
أَوَمَا ضَلَلْتُ عَلَى طَرِيقِ حَيَاتِي؟
في ١ تشرين٢ سنة ١٩٢٢

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤