الفصل الأول

دولة المغرب

(١) المغرب العربي

تمثِّل دولة المغرب إحدى الوحدات السياسية في شمال غرب أفريقيا، أو ما نعرفه في العالم العربي باسم «المغرب العربي»، الذي يشتمل على تونس والجزائر بالإضافة للمغرب، وهي في ذات الوقت تمثِّل قسمًا من الإقليم الطبيعي الأطلسي، ويتميز هذا الإقليم بوقوعه في العروض المعتدلة، وبنظام جبلي التوائي معقَّد، وبأمطار شتوية وجفاف صيفي، كما أنه من ناحية النشاط الاقتصادي يمثِّل إقليمًا تشترك فيه زراعة الحبوب التقليدية لنطاق البحر المتوسط وفواكهه المعروفة مع تربية الحيوان، في صورة تقليدية تتراوح بين البداوة الكاملة في الأطراف الصحراوية والرعي المتنقل بين الوادي والجبل في الهضاب الداخلية. ومن الناحية البشرية يمثِّل المغرب العربي اشتراكَ مجموعتين لغويتين وحضارتين في بيئتين مختلفتين تشتركان معًا في إطار الحضارة والديانة الإسلامية، هاتان المجموعتان هما: البربر سكان شمال أفريقيا القدامى، والعرب الذين وفدوا إلى الإقليم بعد الفتوح الإسلامية، وفي المجموع يسكن البربر المناطق الجبلية، ويسكن العرب مناطق السهول الساحلية، بالإضافة إلى عدد لا بأس به من العرب البادية في الإقليم الصحراوي.

وفي مجال التقدم الاقتصادي الحديث نجد المغرب العربي يسعى سعيًا حثيثًا لتطوير موارده الطبيعية، وإن كان لا يزال الجزء الأكبر من صادراته المعدنية عبارة عن خامات غير مصنَّعة، وأكثر الخامات المعدنية استغلالًا هي الفوسفات فالحديد والبترول، ومصادر الطاقة الكهربائية من القوى المائية كثيرة وغير مستغَلَة استغلالًا كاملًا، والصناعات الموجودة عبارة عن صناعات تحويلية فقط، وتمثِّل فرنسا القاسم المشترك في التاريخ الحديث لدول المغرب العربي الثلاث، ولا تزال آثار الارتباط الاقتصادي واضحة مع فرنسا، ولكن دور هذه الدول في مجموعة الدول العربية والأفريقية قد بدأ يتشكَّل ويأخذ صورة توجه هذه الدول داخل إطارات سياسية جديدة.

(٢) دولة المغرب

تحتل دولة المغرب ٤٤٥٫٠٥٠ كيلومترًا مربعًا في الركن الشمالي الغربي الأقصى من أفريقيا، وبذلك فهي تطل على البحر بواجهتين بحريتين، الطويلة منهما هي الواجهة الغربية المطلة على المحيط الأطلنطي، والثانية أقصر وتطل على البحر المتوسط، وتحدها شرقًا الجزائر، وجنوبًا الصحراء الإسبانية المسماة ريو دورو، وهناك أجزاء من الحدود المغربية ما زالت مثار نزاع مع الجزائر، وعلى وجه الخصوص منطقة الحدود الجنوبية الشرقية قرب كولمبشار وعبادلا ومنطقة وادي درعة وتندف، وهذه المناطق المتنازَع عليها عبارة عن ممر عريض يؤدِّي إلى اشتراك المغرب في حدود برية مع دولة موريتانيا التي تدعي المغرب عليها حق السيادة، هذا بالإضافة إلى أن ما في منطقة كولمبشار من ثروة معدنية قد ساعَدَ على الاحتكاك بين الجارتين المغرب والجزائر.

وهناك أيضًا نزاع بين المغرب وإسبانيا حول ملكية المغرب — وهذا حقها المشروع — لإقليم إفني الذي يكوِّن جيبًا إسبانيًّا على الساحل الأطلنطي من المغرب، وفي الوقت الحاضر جمدت كل أشكال النزاع على الحدود.

وتاريخ المغرب طويل جدًّا، ولا يسعنا تتبعه إلا في صورة مقتضبة على النحو التالي:

التاريخ ملاحظات
قبائل البربر المختلفة تحتل شعاب الجبال وسهول المغرب منذ تاريخ لا يُعرَف.
٨٠٠ق.م (؟) الفينيقيون يؤسِّسون مراكز ساحلية أهمها طينجي (طنجة)، وروسدير (الرأس الكبير وهي مليلية) وغيرها.
٥٠٠ق.م (؟) استيلاء قرطاجة على الأملاك الفينيقية في شمال أفريقيا.
٢٠٠ق.م (؟) ملوك البرابرة.
٤٠ق.م (؟) الرومان في شمال أفريقيا.
٤٢٩م عبور الفاندال جبل طارق إلى شمال أفريقيا، وسيادة ملوك القوط على طنجة وسبتة.
٦٨٣م عقبة بن نافع يفتح المغرب الأقصى وينهي حكم البيزنطيين، ويصبح المغرب جزءًا من ولاية المغرب. حاكم المغرب في تلك الفترة مقرُّه طنجة.
٧٨٩ تأسيس مدينة فاس، واتخاذها عاصمة لدولة الأدارسة.
١٠٦٠ تأسيس دولة المرابطين وتأسيس مدينة مراكش عاصمة الدولة الجديدة.
١١٤٥ سقوط فاس في أيدي الموحدين وتأسيس دولة الموحدين ١١٤٧م.
١٢٦٩ سقوط دولة الموحدين وتأسيس الدولة المرينية، وتأسيس فاس الجديدة في عهدهم، استمرت حوالي ٣٥٠ عامًا.
١٤١٥ احتلال البرتغاليين مدينة سبتة، ومدينة طنجة ١٤٧١م.
١٥١٠ تأسيس الدولة السعدية — حكمت قرابة قرن ونصف قرن.
١٥٧٨ الدولة السعدية تهزم حملة البرتغاليين الصليبية في وادي المخازن، ويُقتَل فيها ملك البرتغال.
١٦٥٩ قيام الدولة العلوية (الشريفية نسبة إلى الأشراف الحسينيين)، وتنتمي إليها الأسرة الحاكمة الحالية.
١٨٤٤ هجوم فرنسا على المغرب لمساندتها الزعيم الجزائري عبد القادر.
١٩٠٤ الاتفاق الودي بين بريطانيا وفرنسا، المغرب تدخل حوزة النفوذ الفرنسي.
١٩٠٥ قيصر ألمانيا ينادي بتأييد استقلال سلطان المغرب في زيارة له لطنجة.
١٩٠٧ فرنسا تحتل الدار البيضاء.
١٩١٢ فرنسا تحتل فاس وتعلن الحماية على المغرب.
١٩٢١ بداية ثورة الريف ضد الإسبان بقيادة عبد الكريم حتى ١٩٢٦.
١٩٢٧ السلطان محمد بن يوسف (محمد الخامس) يعتلي العرش.
١٩٥٣ نفي السلطان وقلاقل دامية.
١٩٥٥ عودة محمد الخامس.
١٩٥٦ استقلال المغرب الفرنسي ثم الإسباني (أبريل ١٩٥٦م)، وطنجة (أكتوبر من العام نفسه).
١٩٥٧ محاولة الحصول على مستعمرة إفني.
١٩٥٨ إسبانيا تخلي القسم الشمالي من ريو دورو وتسلمها لمملكة المغرب.
١٩٦١ الحسن الثاني ملكًا.

(٣) الدراسة الطبيعية

على الرغم من وقوع المغرب على ساحل الأطلنطي والبحر المتوسط، إلا أن مساحة السهول الساحلية قليلة جدًّا بالمقارنة بالمساحة الكبيرة التي تحتلها الهضاب وسلاسل الجبال العالية.

وأهم المظاهر التضاريسية بلا جدال سلاسل الأطلس العديدة، وقد تكوَّنت هذه السلاسل على فترات جيولوجية مختلفة، أولها سلسلة الأطلس الخلفية التي نشأت في عصر ما قبل الكمبري، كما ظهرت في تلك الفترة نواة الالتواء الذي تأكَّدَ نسبيًّا في حركة التواء هرسينية، ثم ظهر في صورته العظيمة الراهنة في التواءات الزمن الثالث الألبية — ولم يبقَ من مظاهر الحركة الهرسينية إلا هضبة الميزيتا المغربية.

وأعلى وأكبر السلاسل الأطلسية هي الأطلس الكبرى أو العليا، التي تمتد في محور شمالي شرقي جنوبي غربي في الجزء الجنوبي والأوسط من دولة المغرب، وترتفع هذه السلسلة بشدة من الهضبة المراكشية إلى ارتفاعات عالية فوق ٣٥٠٠ متر، وأعلى نقطة في السلسلة جبل توبكال (٤١٨٠ مترًا)، الذي يقع على بُعْد ٦٥كم جنوب مدينة مراكش، ثم كتلة جبل إيغيل مجون (٣٩٨٥ مترًا)، ويقع على بعد ١٦٠كم شرقي مدينة مراكش، وكتلة جبل عياشي (٣٧٧٠ مترًا) إلى الشمال الشرقي من إيغيل مجون. وتمتد الأطلس الكبرى من ساحل الأطلنطي عند أغادير (بمعنى الجدار؟) وبين كتلة جبل عياشي مسافة ٦٥٠ كيلومترًا، وتغطي الثلوج معظم قمم هذه السلسلة في الشتاء حتى ارتفاع ٢٤٠٠ متر، وتنقشع كلها في الصيف. وعلى الرغم من وعورة هذه السلسلة إلا أن هناك طريقين بريين جيدين يخترقانها من مدينة مراكش إلى تارودانت ثم أغادير عبر القسم الجنوبي غرب كتلة جبل توبكال (وتُسمَّى السلسلة تيزنتست)، والآخَر شرقي توبكال إلى إقليم وارزازات ومنابع وادي درعة.

figure
خريطة رقم (٥٢): دولة المغرب.

وتكون الأطلس الكبرى خط تقسيم مناخي وتصريف نهري على جانب كبير من الأهمية والوضوح، فالسفوح الغربية ممطرة وغابية بينما السفوح الشرقية جافة صحراوية، ومن هذه الكتلة تنبع عدة أودية نهرية دائمة وموسمية الجريان، فمن السفوح الغربية ينحدر أطول أنهار المغرب، وهو نهر أم الربيع الذي يبلغ طوله ٥٠٠ كيلومتر، وينبع من كتلة إيغيل مجون، ويصب في المحيط الأطلنطي جنوب غربي الدار البيضاء عند مدينة أزمور، ولأم الربيع روافد عديدة منها وادي العبد ووادي تاساوت. ويقسم سكان المغرب السهل الساحلي إلى قسمين: القسم الذي يقع إلى الشمال من نهر أم الربيع ويُسمَّى المغرب، والقسم الواقع جنوب أم الربيع ويُسمَّى الحوز، وإقليم الحوز تسيطر عليه مدينة مراكش، وتخترقه أنهار قليلة نذكر منها نهر تانسيفت الذي ينبع من كتلة توبكال، ويمر بمدينة مراكش ويتجه غربًا إلى المحيط، ولولا الثلوج التي تغطي الكتلة الجبلية لانقطع جريان النهر في الصيف.

وهناك وادي سوس الذي ينبع من جنوب توبكال وينتهي إلى المحيط قرب أغادير، ويفيض ماؤه صيفًا، ومن السفوح الشرقية للأطلس الكبرى ينبع وادي درعة الذي يتجه جنوبًا بشرق، ثم جنوبًا بغرب مع الحدود المغربية حتى يصب في المحيط جنوب إفني. وهذا الوادي الذي يجفُّ صيفًا يُعَدُّ فعلًا أطول أنهار المغرب؛ إذ يبلغ طوله قرابة ١٢٠٠ كيلومتر، وهو يدور جنوب سلسلة الأطلس الخلفية، ويرسم حدودها الجنوبية فاصلًا بينها وبين حمادة درعة.

وسلسلة الأطلس الخلفية — التي تُسمَّى جبل باني — تمتد جنوب الأطلس الكبرى، وتنفصل عنها بواسطة وادي سوس ونهر ماسة اللذين يكونان معًا سهلًا ساحليًّا لا بأس باتساعه صوب الداخل، وجنوب هذا السهل ومن منطقة إفني يمتد جبل باني في اتجاه الشمال الشرقي حتى إقليم وارزازات. ويتصل جبل باني بالأطلس الكبرى بواسطة كتلة جبلية بركانية (٣٥٠٠ متر) تُسمَّى جبل سيروة، ومتوسط ارتفاع جبل باني ١٢٠٠ متر فقط، وهو صحراوي المنظر باستثناء السفوح الشمالية التي تتلقى بعض الأمطار.

وإلى الشرق من الأطلس الكبرى تمتد هضاب وسلاسل جبلية أقل ارتفاعًا هي بداية الأطلس الصحراوية، وتُسمَّى بأسماء عديدة نذكر منها جبال كسور التي توجد في منطقة الحدود عند فجيج وكولمبشار، وفيما بين كسور والأطلس الكبرى يوجد إقليم تافلات الذي كان يُسمَّى في الماضي إقليم سجلماسة، وهو عبارة عن هضبة شبه صحراوية تتخللها أودية تنبع من الأطلس الكبرى، وتخترقها في اتجاه الجنوب، ومن أهمها وادي غريس ووادي زيز ومنابع وادي ساؤرا، وهو الطريق الرئيسي الممتد إلى واحات توات.

وإلى الشمال من الأطلس الكبرى تمتد الأطلس الوسطى في اتجاه الشمال، وتبدأ من منطقة جبل عياشي، وتنتهي عند ممر تازة الذي يفصل بينها وبين سلسلة أطلس الريف، وهذه السلسلة عبارة عن عدة سلاسل متوازية أقل في ارتفاعها من الأطلس الكبرى؛ إذ إن متوسط ارتفاعها ١٨٠٠ متر، وأعلى نقاطها يصل إلى ٣٣٠٠ متر في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من ممر تاز. وللأطلس الوسطى أهمية عظمى؛ إذ إنها تفصل بين القسم الأطلنطي من دولة المغرب والقسم الشرقي منها، كما أن أمطارها الغزيرة قد جعلتها مليئة بالحياة والنبات في صورة أغنى وأكثر من الأطلس الكبرى، كما أنها تُعَدُّ في الحقيقة همزة الوصل بين المغرب الحقيقي والجزائر.

ويحد هذه السلسلة شرقًا نهر مولوية الذي ينبع من السفوح الشمالية لجبل عياشي، ويتجه شمالًا بشرق، ثم شمالًا حتى يصب في البحر المتوسط بين الحدود الجزائرية ومليلية، وإلى الشرق من وادي مولوية إقليم «وجدة»، وهو عبارة عن هضبة عالية من هضاب الشطوط العليا التي تستكمل مساراتها في الجزائر بين الأطلس البحرية والصحراوية.

وتنبع من السفوح الغربية للأطلس الوسطى عدة أنهار أهمها نهر سِبو الذي ينبع جنوب شرق فاس، ويتجه شمالًا ثم غربًا حتى يصب في المحيط عند مدينة القنيطرة — سُمِّيَتْ مينا حسن الثاني حاليًّا — ولنهر سبو روافد عديدة أهمها وادي فاس الذي يخترق مدينة فاس، بالإضافة إلى أودية الرمان وأناون وورغة.

وقد ساعَدَ وادي سبو على تكوين سهل ساحلي كبير، هو في الواقع أكبر سهول المغرب من حيث امتدده واتساعه وتعمُّقه في الداخل، ولذلك كان من أهم مراكز العمران والتركُّز السكني، ويكوِّن وادي سبو مع ممر تازة ووادي مولوية منطقةً عرضية منخفضة، وبذلك يصبح ممر تازة ووادي سبو الرابطة الحقيقية بين الجزائر وسهول البحر المتوسط من ناحية، والمغرب وسهول المحيط الأطلنطي من ناحية ثانية، ويحكم هذا الطريق الشرقي الغربي عبر المغرب تازة في الشرق وفاس في الوسط، ومن ثَمَّ كانت أهمية فاس التقليدية التي تُعَدُّ من أقدم مدن المغرب، ومركزًا من مراكز العلم والدين والثقافة في المغرب.

ويفصل وادي سبو وممر تازة بين الأطلس الوسطى باتجاهاتها الشمالية الجنوبية، وبين سلسلة أطلس الريف التي تمتد في محور عام من الغرب إلى الشرق بحذاء الساحل، في صورة قوس كبير يبدأ من سبتة ويكمل مساره عبر وادي مولوية في شمال الجزائر وتونس، وأطلس الريف ليست عالية — أعلى قمة فيها جبل تدغين ٢٤٧٥ مترًا — ومع ذلك فهي وعرة المسالك جدًّا، ويشهد بذلك إمكانية ثورة الأمير عبد الكريم على الإسبان ست سنوات كاملة. وتمتد من هذه السلسلة ألسنة جبلية إلى البحر، مما يقطع السهل الساحلي الضيق على البحر المتوسط، وتتعذر معه وسائل الانتقال من الشرق إلى الغرب، ولكن هذه السلسلة لا تصل إلى شاطئ المحيط، وبذلك تركت سهلًا ساحليًّا متسعًا يتصل بسهل سبو ويكوِّنان معًا أكبر سهول المغرب، وتنبع من السلسلة أنهار قصيرة سريعة الجريان إلى البحر المتوسط وأنهار أطول تصب في المحيط الأطلنطي.

وفيما بين فاس ومكناس في الشمال، ومراكش في الجنوب، تمتد الهضبة المغربية المسماة الميزيتا المراكشية، والتي ترتكز قاعدتها الشرقية على المنحدرات الغربية للأطلس الكبرى والوسطى، وتتدرج في الهبوط إلى السهل الساحلي غربًا، وهذه الهضبة أقدم من التواءات الأطلس. ويعزى اتجاه الأطلس إلى الشمال الشرقي إلى مقاومة صخورها الصلبة لعملية الالتواء، وتغطي الصخور الأركية فيها طبقات رسوبية أحدث، ولكن الصخور الأركية تعود للظهور كلما كانت عوامل النحت والتعرية النهرية نشيطة. وتخترق الهضبة عدة أنهار سبق أن ذكرنا منها وادي تنسيف في الجنوب، وأم الربيع في الوسط، وأبي رقراق في الشمال الذي يصب شمال الرباط بقليل.

(٤) مناخ المغرب

يمثِّل المغرب مناخ البحر المتوسط خير تمثيل، ولكن وقوعه على الحافة الغربية لهذا الإقليم، وارتفاع الكثير من السطح، ومرور تيار كناريا البارد على سواحله الأطلنطية، قد جعل للمغرب ظروفًا مناخية مختلفة في أرجائه المختلفة.

وحرارة الإقليم الساحلي الغربي متوسطة في الصيف بتأثير مرور تيار كناريا، ومنخفضة نسبيًّا في الشتاء، وأقل درجة حرارة على الساحل (الدار البيضاء) تحدث في يناير (١٢ درجة مئوية)، وأعلى درجة حرارة تقع في أغسطس (٢٣°مئوية)، أما في الداخل فإن للارتفاع شأنًا في خفض درجات الحرارة نسبيًّا؛ في مدينة مراكش تبلغ أدنى درجة في يناير ١١٫٥ مئوية، وأعلاها في أغسطس ٢٩ درجة مئوية، وفي فاس تنخفض حرارة يناير إلى ١٠ درجات مئوية، وترتفع حرارة أغسطس إلى ٢٧ درجة مئوية، وبهذا يتضح لنا أن المدى الحراري الفصلي أقل ما يكون في الإقليم الساحلي، بينما يزيد في الداخل كثيرًا نظرًا لانخفاض حرارة الشتاء وارتفاع حرارة الصيف، وفي المناطق الداخلية كإقليم وارزازات أو تافلالت يزداد هذا المدى الفصلي بشدة لارتفاع حرارة الصيف، وقلة غطاء السحاب، بينما يقل المدى نسبيًّا في إقليم الريف.

وموسم الأمطار هو الشتاء، وتسقط على السواحل كمية مطر متوسطة تزداد في القسم الشمالي من الساحل الأطلنطي، وتقل تدريجيًّا في الجنوب، ومجموع مطر الدار البيضاء ٤٠٠مم سنويًّا، تتساقط أغلبها في شهور الشتاء وأوائل الربيع من أكتوبر حتى أبريل، ولكن قمة المطر تحدث في ديسمبر، وأمطار فاس ٦٣٥مم، وأمطار مراكش ٢٣٨مم، ويدل ذلك على التدرُّج السريع في قلة المطر من الشمال إلى الجنوب.

ويحدِّد المطر أقاليم مناخية متميزة في المغرب هي:
  • (١)

    إقليم الريف وسهول الغرب (سبو) والأطلس الوسطى: أمطارها أكثر من ٥٠٠مم.

  • (٢)

    إقليم وجدة: شبه جاف إذ يقع في ظل الإقليم الأول وأمطاره أقل من ٣٠٠مم.

  • (٣)

    إقليم الميزيتا الوسطى والشمالية وساحل الأطلنطي من الرباط إلى الصويرة والأطلس الكبرى: أمطار متوسطة بين ٣٠٠مم و٥٠٠مم في السنة.

  • (٤)

    الميزيتا الجنوبية والساحل الجنوبي وجبل باني: أقل من ٢٠٠مم سنويًّا.

وقد أدَّتْ هذه الاختلافات في كمية المطر إلى تنوُّع نباتي كبير؛ فالإقليم الجاف وشبه الجاف أصبح موطنًا لرعاة البادية، ومناطق الجبال العالية تسودها أيضًا حركة التنقُّل الرعوي الموسمي، بينما استقرَّ المزارعون في مناطق الارتفاعات الوسطى وأقاليم السهول الساحلية.

وقد أدَّتْ غزارة المطر نسبيًّا مع ارتفاع الجبال في الريف والأطلس الوسطى على وجه الخصوص، وفي بعض مناطق الأطلس العليا على وجه العموم، إلى نمو مساحات كبيرة من الغابات، من أشهر أشجارها الأرز الذي ينمو في مساحات كبيرة في الريف وأطلس الوسطى قُدِّرت بمائة ألف هكتار، وهناك أيضًا غابات العرعر ذات الأخشاب الجيدة لأعمال البناء، والزان الأخضر الذي يحول إلى فحم نباتي، والبلوط الذي يُستخرَج من لحائه الفلين، والصنوبر وغير ذلك من أنواع الأشجار التي تنمو في العروض المعتدلة.

(٥) الدراسة البشرية

يتكون سكان المغرب أساسًا من مجموعتين لغويتين وسلالتين هما: البربر والعرب، ويسكن البربر معظم المناطق الجبلية، بينما يسكن العرب السهول الساحلية والمناطق شبه الجافة والجافة في وجدة وتافيلالت ووادي درعة، وفيما يلي أهم القبائل البربرية والعربية.

القبائل البربرية

  • (١)

    قبائل الريف: وعددهم حوالي ثلاثة أرباع مليون شخص، مزارعون في غالبيتهم.

  • (٢)

    بني واريان: شرقي فاس في الأطلس الوسطى، وهم رعاة شبه متنقلين، وعددهم مائة ألف.

    figure
    خريطة رقم (٥٣): توزيع البربر والعرب في المغرب: اللون الفاتح يمثِّل توزيع الجماعات والقبائل العربية الأصول، واللون الداكن يمثِّل توزيع الجماعات والقبائل البربرية الأصول.
  • (٣)

    البرابر: في الأطلس الوسطى وشمال الأطلس الكبرى وهضبة الميزيتا بين مكناس ووادي أم الربيع، رعاة يمارسون التنقُّل بين الهضبة والأودية والجبل.

  • (٤)

    فيلالا: يسكنون واحات درعة الأعلى وإقليم وزازات وبعض مناطق تافيلالت، وهم مزارعون مستقرون في الواحات، عددهم قرابة مائة ألف.

  • (٥)

    عايط عطا: أقرباء البرابر، يسكنون في وازازات ودرعة الأعلى. رعاة متنقلون، عددهم خمسون ألفًا.

  • (٦)

    الدرعوة: في وادي درعة الأعلى، مزارعون في ما يشبه الواحات على طول الوادي، يبلغ عددهم قرابة ١٥٠ ألفًا.

  • (٧)

    شلوح: في الأطلس الكبرى وجبل باني، عددهم أكثر من مليون شخص، وغالبيتهم مزارعون.

  • (٨)

    تكنا: في أقصى جنوب غرب الدولة، ومعظمهم يمتد في الصحراء الإسبانية. أقرباء الشلوح لغويًّا وجيرانهم من الجنوب، ويختلفون عنهم فقط في أنهم بدو رُحَّل.

القبائل العربية

  • (١)

    الجبالة: يسكنون القسم الغربي السهلي من إقليم الريف (الإسباني سابقًا)، وهم مزارعون مستقرون، وعددهم مع سكان تطوان وسبتة العربيتين حوالي ثلثَيْ مليون شخص.

  • (٢)

    المغاربة: يسكنون معظم السهل الساحلي على الأطلنطي من طنجة حتى الصويرة، بما في ذلك سهل نهر سبو ومدينة فاس ومكناس والميزيتا الجنوبية ومراكش ومعظم المدن الساحلية، وهؤلاء عرب سلالةً ولغةً، وإن كان بعضهم من البربر المستعربين منذ فترة طويلة، وهؤلاء يكونون الجانب الكبير من سكان المغرب.

  • (٣)

    بني بويحي: يحتلون القسم الأوسط من وادي مولوية في منطقة تازة، مزارعون.

  • (٤)

    بني جيل: قبائل بدوية في شرق المغرب.

  • (٥)

    دوي مينيا: قبائل مستقرة في الواحات المنتشرة في إقليم تافيلايت.

وقد جاء في آخِر إحصاء عام (١٩٦٠) أن مجموع سكان المغرب، قد بلغ ١١٦٢٦٠٠٠ نسمة، ارتفع إلى ١٢٫٩ مليونًا في تقديرات ١٩٦٤، وإلى ١٥٫٣ مليونًا عام ١٩٧١، وإن نسبة النمو السنوي كانت ٢٫٧٪، مما يجعلها من الدول التي تزيد فيها أعداد السكان بدرجة عالية، إذا ما قورنت بدول أوروبا أو أمريكا الشمالية.١

وتبلغ الكثافة السكانية العامة ٣٤ شخصًا للكيلومتر المربع، ولكن هذه النسبة تزيد وتقل طبقًا لظروف المناطق المغربية المختلفة؛ ففي السهل الساحلي والريف والميزيتا ترتفع الكثافة، بينما تقل في الجبال العالية ومناطق الشرق والجنوب شبه الجافة والجافة، وترتبط الكثافة السكانية أيضًا بمدى السكن الزراعي والمدني؛ ففي الإقليم الساحلي والأودية الخصبة (أم الربيع – سبو)، يظهر تركُّز مدني كبير مما يؤدي إلى مضاعفة الكثافة السكانية في الإقليم الساحلي والسهول الداخلية والوديان.

ويقسِّم إحصاء عام ١٩٦٩ السكان من حيث سكن المدن ومناطق الزراعة على النحو التالي:٢
عدد سكان الريف عدد سكان المدن
٩٩٦٩٥٣٤ ٥٤٠٩٧٢٥

وعلى كثرة المدن المغربية، إلا أن أيًّا منها لم تبلغ المليون حتى أواسط الستينيات، لكن الدار البيضاء ارتفعت إلى مليون ونصف، كما شهدت مدنًا أخرى نموًّا سريعًا وخاصة مدينة الرباط.

جدول ١-١: تطور سكان المدن المغربية (العدد بالآلاف).*
المدينة ١٩٦٣ ١٩٧١
الدار البيضاء ٩٦٥ ١٥٠٦
الرباط ٢٢٧ ٥٣٠
مراكش ٢٤٣ ٣٣٢
فاس ٢١٦ ٣٢٥
مكناس ١٧٦ ٢٤٨
طنجة ١٤١ ١٨٨
وجدة ١٢٨ ١٧٥
القنيطرة ١٣٩
تطوان ١٠١ ١٣٩
صافي ١٢٩
المصدر السابق لعام ١٩٧١.

(٦) النشاط الاقتصادي

يتضح من كتاب الإنتاج السنوي ١٩٧٠ لهيئة الأغذية والزراعة، ومن الكتاب السنوي الإحصائي للأمم المتحدة ١٩٧١، أن القوة العاملة في المغرب قد ارتفعت من ٣٫١ ملايين عام ١٩٦٣ إلى نحو ٣٫٨ ملايين عام ١٩٧٠، وتتوزع هذه القوة على أوجه النشاط الاقتصادي بنِسَب متفاوتة، وأكبر عدد يشتغل بالقطاع الزراعي حيث تبلغ أكثر قليلًا من مليونَيْ شخص، بينما يعمل ٢٣٫٧ ألفًا في قطاع التعدين، ٩٠٫٨ ألفًا في قطاع الصناعة، والباقي يعملون في قطاع النقل والتجارة والخدمات، ويتضح من هذا أن حوالي ٥٤٪ من القوة العاملة تشتغل في الإنتاج الزراعي العام (زراعة وسماكة ونشاط غابي ورعوي) هذا وقد بلغت مساحة الراضي الزراعية ٥١ ألف كم٢ (١١٫٥٪ من مجموع مساحة الدولة).

ولا تتميز الزراعة المغربية بظهور محصول نقدي، وإنما غالبية المحاصيل للاستهلاك الذاتي، وأهم مناطق الإنتاج الزراعي هي بلا شك السهول الساحلية ووادي سبو التي تزرع حبوبًا، ومنطقة الميزيتا الجنوبية التي تنتشر بها زراعة الزيتون، وكذلك في وادي سوس حول أغادير، أما الكروم فمنتشرة في مناطق محدودة غالبًا حول المدن الكبرى.

وإلى جانب إنتاج الحبوب والكروم والزيتون التي يقوم بها المغاربة، فإن بعض المستوطنين الأوروبيين كانوا يزرعون — في مساحات صغيرة — عدة محصولات نقدية نذكر منها الموالح والتبغ، وقد أمكن لهذه المزارع أن تنتج كميات لا بأس بها نتيجة الاستثمار في ري هذه الملكيات، ولذلك تسعى الحكومة في الوقت الحاضر إلى زيادة مساحات الري وإقامة مشروعات هندسية لحجز وموازنة المياه على بعض الأنهار، بالإضافة إلى ما هو موجود الآن على نهر سبو ومولوية وأم الربيع من مشروعات صغيرة.

وفيما يلي جدول لأهم المحاصيل التقليدية وغيرها في المغرب:

جدول ١-٢: إنتاج المحاصيل المغربية.*
المحصول (المساحة ألف هكتار) الإنتاج (ألف طن) الإنتاجية
١٩٦٣ ١٩٧٠ ١٩٦٣ ١٩٧٠ كجم/هكتار
القمح ١٦٥٣ ١٩٤٠ ١١٩٦ ١٧٠٠ ٨٨٠
الشعير ١٩٣٥ ٢٠٥٠ ١١٦٨ ٢٠٣٢ ٩٩٠
الذرة ٤٦٢ ٤٧٠ ٣٢٠ ٤٥٦ ٩٧٠
البطاطس ٢٥ ٢٨ ٢٢٥ ٣٠٠
الكروم ٧٠ ٦٠ ٤١٧ ٣١٠
كروم النبيذ ٢٦٠ ٢١٦
الموالح ٦٢٦ ٨١٦
البلح ٧٩ ٩٠
الزيتون (٨ ملايين شجرة) ٢٠ ٣٤
المصدر: كتاب الإنتاج السنوي لهيئة الأغذية والزراعة ١٩٦٤، ١٩٧١.
ونظرًا لوجود مساحات كبيرة صالحة للرعي (٧٦٫٥ ألف كم٢ حسب تقديرات هيئة الأغذية والزراعة ١٩٧١)، فإن المغرب تمتلك ثروةً لا بأس بها كما توضِّحه الأرقام التالية:٣
ماشية أغنام ماعز إبل خيول بغال حمير
العدد بالآلاف ٣٦٠٠ ١٤٥٠٠ ٧٨٠٠ ٢٠٠ ٣٢٠ ٢٢٠ ٩٦٠
figure
خريطة رقم (٥٤).

والبداوة الكاملة لا توجد في المغرب؛ نظرًا لأنه لا توجد مساحات ضخمة جافة، كما هو الحال في الإقليم الصحراوي، ولذلك فإن تربية الحيوان تتم غالبًا في صورة من التنقُّل المحدود مكانيًّا بين الوادي والجبل، أو في مناطق الواحات العديدة في جنوب الدولة، ويمكن بذلك أن نصف هذه الحياة عامةً بأنها نصف بدوية؛ لأن الرعاة غالبًا ما يمضون عدة أشهر من السنة في قرى ثابتة حول مصادر الماء، ثم ينتقلون مع المطر إلى السفوح العالية أو المناطق التي نبت بها العشب.

ومن أهم المصادر التي تستغل الثروة الغابية (٥٣٣٠٧كم٢)، وأهم شكل لاستغلال هذا المورد هو قطع لحاء أشجار الفلين. وفي المغرب حوالي ٣٥٠ ألف هكتار من أشجار البلوط المنتج للفلين، وبذلك فإن المغرب تحتل المركز الثالث عالميًّا من حيث مساحة غابات الفلين وإنتاجه، بعد البرتغال وإسبانيا.

وصيد السمك من الشاطئ المغربي الطويل، رغم قِدَمه، لا يزال حرفة تُمارَس فيها الوسائل التقليدية في الصيد، أما الصيد بواسطة السفن والأدوات الحديثة فمعظمه احتكار للأوروبيين، ويعمل في الحرفة حوالي تسعة آلاف شخص منهم قرابة ألف أوروبي، وأهم مراكز الصيد أسفي وأغادير.

وتحتل الثروة المعدنية مكانًا مرموقًا في الاقتصاد المغربي؛ إذ تبلغ قيمة المعادن المصدرة إلى جملة صادرات المغرب ٥٢٫٦٪ (١٩٦٩)، وتمتلك الدولة مناجم الفوسفات، أما مناجم الفحم وحقول البترول الصغيرة فملك لشركات تساهم فيها الحكومة، وبقية المعادن الأخرى تعدن لحساب شركات خاصة، ويتصدر الفوسفات قائمة المعادن المغربية من حيث الوزن والقيمة؛ فقد بلغت قيمة الصادرات منه (١٩٦٩) ٢٥٪ من قيمة صادرات الدولة، يليه الحديد والمنجنيز والرصاص والكوبالت.

ويوجد الفوسفات في مناطق عديدة منها خريبقة وكشكاط ووادي زور البروج وبن جرير، وكلها في الميزيتا الوسطى، وأهمها جميعًا مناجم خريبقة التي تأتي منها أربعة أخماس الفوسفات المنتج في المغرب، ويساعد على ذلك الخط الحديدي إلى الدار البيضاء، أما مناجم بن جرير — التي ينتظر أن تصبح الأولى في المغرب في الثمانينيات، فتصدر إنتاجها بواسطة الخط الحديدي المنتهي عند ميناء أسفي، وقد بلغ الإنتاج عام ١٩٧١: ١١٫٤ مليونًا من الأطنان، وبذلك فإن الإنتاج المغربي يربو على ثلاثة أضعاف الفوسفات المنتج من تونس والجزائر معًا.

وتأتي المغرب في المرتبة الثانية بين دول العالم في إنتاج الفوسفات، وذلك بعد الولايات المتحدة، وقد بلغ المنتج المغربي ١٣٪ من مجموع الإنتاج العالمي لسنة ١٩٧١.

وينتشر الحديد في مناطق كثيرة بعضها في الهضبة والبعض الآخَر قرب السواحل، وأهم المناجم الداخلية المستغلة توجد في خنيفرة، بينما توجد مناجم بو أفرور قرب مليلة، وفي منطقة تافيلالت مصادر كبيرة لم تُستغَل بعدُ. وفي عام ١٩٧١ بلغ الإنتاج ٥٢٣ ألف طن بعد أن كان نحو ٦٠٠ ألف في الستينيات، ويعدن الفحم في منطقة جرادة قرب وجدة، وهو من نوع جيد وبلغ إنتاجه ٤٣٣ ألف طن (١٩٧١)، ويكون البترول المصدر الثاني للطاقة، وقد وجدت حقول صغيرة في مثلث تازة-طنجة-الرباط، والمنطقة الرئيسية هي حقل سيدي قاسم قرب مكناس، وقد هبط الإنتاج من ١٥٠ ألف طن عام ١٩٦٣ إلى ٤٦ ألفًا عام ١٩٧١، وإلى جانب ذلك تنتج المغرب كميات قليلة من بعض المعادن أهمها الزنك (١٦ ألف طن)، والنحاس (٣٢٠٠ طن)، والنيكل (مائة طن)، وعدد من المعادن الهامة على رأسها المنجنيز والكوبالت.

ولا تزال نسبة كبيرة من العمالة الصناعية تشتغل في الصناعات والحِرَف التقليدية أو الصناعات التحويلية لمواد الغذاء، وهناك عدد من الصناعات الحديثة التي سجَّلت في عام ١٩٦٨ نموًّا ملحوظًا على أرقام ١٩٦٣، فإذا اعتبرنا أرقام ١٩٦٣ = ١٠٠ فإن النمو الصناعي العام لسنة ١٩٦٨ قد وصل إلى ١١٧، وقد سجلت صناعة الكيمياء وتكرير البترول أعلى نمو (١٣٤)، تليها إنتاج الكهرباء (١٣٠)، والمنسوجات (١٢١)، والأغذية والمشروبات والتبغ (١٢٠)، والمعادن الأساسية (١٢٠)، والصناعات غير المعدنية (١٠٦).

(٧) المواصلات والتجارة

وفي عام ١٩١٤ كانت أطوال السكك الحديدية ٤٦٠ كيلومترًا، زادت إلى ١٧٩١ كيلومترًا في عام ١٩٦٠، وأهم الخطوط الحديدية هي:
  • (١)

    خط الجزائر – وهران – وجدة – تازة – فاس – كناس – سيدي قاسم – الرباط – الدار البيضاء، ويقطع هذا المغرب من الشرق إلى الغرب، ويربط الجزائر بساحل الأطلنطي عبر ممر تازة.

  • (٢)

    خط الشمال: من طنجة إلى سيدي قاسم، ويخدم السهول الشمالية الغربية للدولة، ويتصل بالخط الرئيسي عند سيدي قاسم.

  • (٣)

    خط الجنوب: من الدار البيضاء إلى مراكش، ويربط القسم الجنوبي من الدولة بالساحل.

    ومن هذه الخطوط الثلاثة الرئيسية تتفرع عدة خطوط ثانوية الغرض، منها خدمة الموارد التعدينية المغربية، وهذه الخطوط الفرعية هي:

  • (٤)

    خط بن جرير إلى ميناء أسفي (تصدير الفوسفات)، ويتفرع من خط الجنوب.

  • (٥)

    خط سيدي العايدي (جنوب الدار البيضاء) إلى ودزم وعايط عمار (قريبة من مصادر الفوسفات في خنيفرة)، ويتفرع هذا الخط أيضًا من خط الجنوب.

  • (٦)

    خط وجدة إلى كولمبشار (في الجزائر)، ويخدم هذا الخط القسم الشرقي من المغرب فيما وراء الأطلس، وأهم مركز يخدمه قبل عبوره الحدود إلى الجزائر هو مدينة «بوعرفة»، ويتفرع هذا الخط من الخط الرئيسي.

  • (٧)

    خط القصر الكبير-العرايش: ويتفرع من خط الشمال عند القصر الكبير ليربط بينها وبين الساحل عند العرايش، ويبلغ طوله ٤٠ كيلومترًا.

  • (٨)

    خط سبتة-تطوان: وهو خط قائم بذاته طوله ٤٠٫٥ كيلومترًا.

وإلى جانب الطرق الحديدية فهناك ١٠٩٧٢كم من الطرق المرصوفة والممهدة، بالإضافة إلى ٣٥٢٠٠كم من الطرق غير الممهدة، معظمها في جنوب المغرب.

وتخدم الدار البيضاء ٨٠٪ من مجموع تجارة المغرب الخارجية؛ وبذلك فهي الميناء الرئيسي للدولة دون منازع، وإلى جانبها يوجد ميناء أسفي الذي يشتغل أساسًا في تصدير الفوسفات، وفي مجال الخدمة الجوية؛ فهناك مطارات في كلٍّ من: الدار البيضاء، الرباط، طنجة، وجدة، وأغادير، ومراكش، ولكن أكبرها وأهمها مطار الدار البيضاء، يليه الرباط، ثم طنجة.

جدول ١-٣: التجارة الخارجية للمغرب.*
الواردات القيمة بملايين الدولارات الصادرات القيمة بملايين الدولارات
   ١٩٦٠ ١٩٦٧    ١٩٦٠ ١٩٦٧
الجملة ٤٠٢٫٤ ٥١٤٫٨ الجملة ٣٥٤ ٤٢٤
أغذية ومشروبات وتبغ ٨٨٫٩ ١٢٤٫٧ أغذية ومشروبات وتبغ ١٦٢٫٧ ٢٠٩٫٤
مواد أولية ٤١٫٧ ٥٧٫٦ خامات أولية ١٥٧٫١ ١٧٧
مواد الطاقة ٣٠٫٥ ٢٥ مواد الطاقة ٣ ٢٫١
مواد كيميائية ٣٠٫٩ ٤٣٫٥ منتجات أخرى ٣١٫١ ٣٥٫٥
آلات مصنعة ٧٦٫٦ ١٢٥٫٩
منتجات شبه مصنعة ١٣٣٫٦ ١١٩٫٧
أرقام التجارة الخارجية مأخوذة عن المصادر التالية:
  • U. N. statistical Year book, 1964, 1971.
  • Economic Commission for Africa, Statistical Year book Part, II Foreign Trade, 1970, Addis Ababa.
  • أهم الواردات: السكر والتبغ والوقود والسيارات والمصنوعات الحديدية والخشبية.
  • أهم الصادرات: الفوسفات والموالح وزيت الزيتون والنبيذ والحديد والمنجنيز.

ويُلاحَظ أن تجارة المغرب الخارجية آخِذة في الزيادة بصورة توضِّحها المعدلات القياسية الواردة في جدول ١-٤ كما يلي:

جدول ١-٤: معدلات التجارة الخارجية للمغرب.
١٩٦٠ ١٩٦٣ ١٩٦٦ ٪ من مجموع تجارة الدول الأفريقية
١٩٦٠ ١٩٦٦
حجم الواردات ٩٤ ١٠٠ ٩٩
قيمة الواردات ٩٦ ١٠٠ ١٠٩ ٤٫٩٥ ٤٫٩٠
حجم الصادرات ١٠١ ١٠٠ ١٠١
قيمة الصادرات ٩٢ ١٠٠ ١٠٨ ٥٫٥٧ ٤٫٣٣

وتتجه معظم صادرات وواردات المغرب إلى دول أوروبا الغربية، وعلى رأسها فرنسا، بينما تشكِّل تجارتها مع الدول الأفريقية نسبة ضئيلة.

جدول ١-٥: اتجاه التجارة المغربية.
إجمالي ١٩٦٨ الواردات ٥٥٧ مليون دولار الصادرات ٤٥٥ مليون دولار
فرنسا ٣١٫٥٪ فرنسا ٣٨٫٤٪
الولايات المتحدة ١٣٫٦٪ ألمانيا ٨٫٣٪
ألمانيا ٧٫٧٪ بريطانيا ٥٫٩٪
إيطاليا ٥٪ إيطاليا ٥٫٩٪
بريطانيا ٤٫٤٪ هولندا ٣٫٥٪
الاتحاد السوفييتي ٣٫٦٪ الاتحاد السوفييتي ٣٫٥٪
ويتضح من هذا أن تركيب التجارة المغربية ما زال مرتبطًا بأوروبا، وبفرنسا بوجه خاص، أما العلاقة مع أفريقيا فهي ما زالت ضعيفة نتيجة لضعف المواصلات وطولها، وبحكم الخلفية الاقتصادية النامية لكافة أفريقيا، ويلعب الجوار المكاني دورًا هامًّا في التبادل التجاري بين المغرب ودول أفريقيا على نحو ما يصوِّره الجدول ١-٦:
جدول ١-٦: تجارة واردات المغرب من أفريقيا (١٩٦٩).
مصدر الواردات القيمة (م. دولار) ٪ من جملة التجارة مع أفريقيا أهم الدول ٪ من المصدر ٪ من إجمالي التجارة مع أفريقيا
كل أفريقيا ٢٢٫٧٨ ١٠٠
شمال أفريقيا ١٣٫٣٤ ٥٨٫٥ الجزائر ٩٤٫٨ ٥٥٫٥
غرب أفريقيا ٧٫٥٦ ٣٣٫٢ ساحل العاج ٨٥ ٢٨٫٢
وسط أفريقيا ١٫٦٦ ٧٫٣ جابون ٥٣ ٣٫٩

مراجع لمزيد من الاطلاع

  • Barbour, N., 1959. “A Survey of North-West Africa” London.
  • Bernard, A., 1937 “Afrique Septentrionale et occidentale” dans.
    “Geographic Universelle”, Paris.
  • Célérier, J. 1948 “Le Maroc” Paris.
  • Despois J. 1949 “l’afrique du Nord” Paris.
  • Feiland, R., 1958 “Marroko” Bonn.
  • Menshing, H., 1957 “Marroko” Stuttgart.
  • Oxford Regional Economic Atlas-Africa. Oxford 1965.
  • U. N. Statistical Year book 1964, 1971. New York.
  • U. N. Economic Commission for Africa: “Economic Bulletin for Africa” 1961–1969 Addis Ababa.
  • U. N. Ecomomic Commission for Africa: “Statistical Year book” 1970, Addis Ababa.
  • حسان عوض: المدن المغربية.

  • حسان عوض: الأشجار المثمرة في المغرب.

١  أرقام السكان مأخوذة عن الكتاب السنوي الديموجرافي للأمم المتحدة، سنوات متعددة.
٢  المصدر السابق لعام ١٩٦٩.
٣  عن الكتاب السنوي لهيئة الأغذية والزراعة لسنة ١٩٦٤.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤