الفصل الخامس

زائيري

جمهورية الكنغو سابقًا

(١) وسط أفريقيا

يمتد هذا الإقليم الطبيعي على ساحل الأطلنطي فيما بين جبل الكمرون على رأس خليج بيافرا، إلى ميناء لواندا — عاصمة أنجولا — ويتوغل في الداخل بحيث يكوِّن الأخدود الغربي حدوده الشرقية، أما حدوده الشمالية فتتكون من خط تقسيم المياه بين حوض الكنغو من ناحية والنيل وشاري من ناحية أخرى، ولا يوجد هذا الوضوح في الحدود الجنوبية، التي تتكون في الواقع من إقليم انتقالي يتدرج إلى إقليم الهضاب المدارية الجنوبية، وعلى هذا يمكن أن نتخذ خط تقسيم مياه الكنغو والزمبيزي حدًّا فاصلًا بين الإقليمين.

ويحتلُّ حوض الكنغو ونظامه النهري الجزءَ الأعظم من وسط أفريقيا، بالإضافة إلى الأحواض النهرية الصغيرة التي تنبع من الهضبة القديمة وتنصرف إلى المحيط مباشَرةً، ومن أهمها ساناجا ونيونج في جمهورية الكمرون، وكومو والأجوي في جابون، وكويلو في كنغو برازافيل، ولوكونجا وكوانزا في أنجولا، ويمكن أن نقسِّم إقليم وسط أفريقيا إلى قسمين: القسم الكبير الداخلي هو ما نسميه إقليم الكنغو، ويتميز بانخفاض السطح وسيطرة نظام الكنغو النهري عليه، وتشغله جمهورية الكنغو، أما القسم الثاني فأصغر مساحةً ونسمِّيه إقليم غانا السفلي، ويتكون من الهضبة الأفريقية وسهل ساحلي ضيق، وتتقاسمه جمهوريات الكمرون وجابون وكنغو برازافيل، والقسم الشمالي الغربي من مستعمرة أنجولا، بالإضافة إلى القسم الأدنى من الكنغو وإقليم كابندا البرتغالي.

والإقليم في مجموعه استوائي المناخ والنبات، ويتدرج في الجنوب إلى نطاق الغابات الجافة والسفانا، ويسكن الإقليم كله زنوج الغابات الذين يتكلمون لغات كثيرة جدًّا من عائلة البانتو اللغوية، ويستثنى من ذلك أولًا الطرف الشمالي من الإقليم، حيث توجد مجموعات عديدة من زنوج السودان بلغاتهم المختلفة، وثانيًا الأطراف الهضبية والجبلية الشرقية التي تمتد فيها مجموعات من الرعاة الحاميي اللغة الذين ينتشرون أصلًا في أوغندا ورواندا بوراندي.

وبالرغم من أن البرتغال كانت أول دولة أوروبية تتصل بهذا الإقليم، إلا أنها لانشغالها ببناء إمبراطوريتها في المحيط الهندي وفي البرازيل، قد انصرفت عن هذا الإقليم فترة طويلة، وحينما اتجهت إليه كانت علاقاتها بالإقليم علاقة تدمير الطاقة البشرية الأفريقية في صورة الاستغلال البشع لتجارة الرقيق، وحينما ولَّتْ مرحلة الرقيق كانت فرنسا وإسبانيا قد وضعت يدها على جزء كبير شماليَّ مصب الكنغو، وأخذت أطماع ليوبولد — ملك بلجيكا — تشمل الحوض الهائل الداخلي بواسطة تشجيع الكشف الجغرافي من جانب، وتحريك الدول الأوروبية لتثبيت ادعاءاته على الكنغو من جانب آخَر (مؤتمر برلين). وحينما أطل القرن العشرون كان إقليم وسط أفريقيا قد تقاسمته بلجيكا (نصيب الأسد) وفرنسا والبرتغال وإسبانيا وأخيرًا ألمانيا، وقد استقلت كل الأقسام السياسية لوسط أفريقيا (آخِرها الكنغو عام ١٩٦٠)، فيما عدا مستعمرات البرتغال وإسبانيا.

وقد اختلف النمط الاستغلالي لموارد هذا الإقليم الواسع، ففيه أقدم الحِرَف الأفريقية التقليدية (جمع الغذاء وصيده عند الأقزام، والزارعة المتنقلة عند البانتو)، وفيه أحدث الحِرَف الصناعية (صهر المعادن في كاتنجا)، وتجتمع في هذا الإقليم أيضًا أضداد من وسائل الاستغلال: جمع المطاط البري وزراعته علميًّا، جمع وعصر ثمار نخيل الزيت كما تنمو طبيعيًّا، وكما تزرع في مزارع علمية واسعة، زراعة محاصيل الغذاء للاستهلاك المحلي وزراعة محاصيل نقدية للتجارة الخارجية، تربية الحيوان بالأساليب الأفريقية التقليدية وتربيته بالأساليب الحديثة في مزارع المستوطنين الأوروبيين، وبعبارة أخرى يجمع هذا الإقليم صورتين متباينتين تمامًا في أنماط ووسائل الاستغلال الاقتصادي الأفريقية القديمة والأوروبية الحديثة. وإذا كانت هذه الأنماط المتباينة هي الطابع المميِّز لغالبية أشكال الاقتصاد في كل الدول الأفريقية، فإنها في جمهورية الكنغو تتخذ صورة أشد وضوحًا وتختلف في تركيبها عن الدول التي سبقت دراستها (المغرب، السودان، إثيوبيا، نيجيريا)، ففي تلك الدول يمارس هذان النمطان في الاقتصاد بواسطة السكان الأفريقيين، أما في الكنغو فإن الأفريقيين يقتصرون على ممارسة أنماط ووسائل الاستغلال التقليدية، بينما تقتصر الوسائل والأنماط الحديثة على المستوطنين الأوروبيين، ونشاط المستوطنين الأوروبيين يتمثَّل في نوعين:
  • النوع الأول: وهو عبارة عن النشاط الاستيطاني الزراعي للأفراد والأُسَر، وهو في حقيقته أقل أهميةً من النوع الثاني.
  • النوع الثاني: يتمثَّل في صورة احتكارات هائلة، لا نظير لها، لمجموعة من الهيئات والشركات الضخمة المتشابكة والمتشعبة عن التمويل المالي لبنوك عديدة بلجيكية وأمريكية وفرنسية وبريطانية … إلخ.

وقد أمسكت هذه الاحتكارات بزمام أنواع الاقتصاد الحديث في إحكام غير مألوف؛ فربطت التعدين والزراعة واستغلال الغابات والنقل برباط لا تعرف أعتى الائتلافات الرأسمالية أقوى منه، ولهذا كانت هذه الاحتكارات هي حكومة الكنغو الحقيقية، وحينما تنازلت بلجيكا عن سيادتها السياسية في الكنغو كان الظن الغالب أن الكنغو ستظل كما كانت، خاضعة لهذا الاحتكار مع تغيُّر طفيف في شكل السيادة الاسمي، ولكن ذلك لم يتحقق؛ إذ سرعان ما وضح تمامًا أن حكومة الكنغوليين — سواء حكومة باتريس لومومبا، أو حكومة سيريل أدولا أو حكومة مويس تشومبي، أو حكومة الجنرال موبتو — لا يمكن أن تتعايش سلميًّا مع الاحتكار الأوروبي للشركات الكبرى؛ وذلك لأن تاريخ نمو هذه الشركات وطريقة تكوينها وتركيبها ووظيفتها، تتعدى حدود الاستغلال الاقتصادي إلى الهيمنة على أشكال الإدارة والحكم.

وفضلًا عن الصراع بين حكومة كينشاسا الكنغولية والاحتكار الاقتصادي، فإن خروج عدد كبير من المستوطنين الأوروبيين وموظفي الشركات وخبرائها، قد ساعد على إحداث التدهور الاقتصادي الذي تعيشه الكنغو منذ ستِّ سنوات، بالإضافة إلى النزاع السياسي الذي حدث بين الزعامات الكنغولية المختلفة — التي ساعدت الشركات على حدته.

وفي ديسمبر عام ١٩٦٦ صادرت حكومة كينشاسا شركات التعدين البلجيكية في الكنغو، بعد أن تبيَّنَ للحكومة أن الشركات ترفض نقل مقارِّها الرئيسية إلى الكنغو، وأنها تحتجز أرباحها في الخارج، ولا تسوق الإنتاج إلا لحسابها الخاص، وحاولت الكنغو بالاتفاق مع بنك لامبير البلجيكي إنشاءَ ائتلافٍ دولي (كونسورتيوم) للمساهمة مع «شركة اتحاد المناجم الكنغولية» — التي أنشأتها حكومة الكنغو كشركة وطنية تحل محل الشركات القديمة التي صُودِرَتْ — في استغلال معادن الدولة، وكانت مساعي بنك لامبير متجهة إلى إشراك مؤسسة بينورايا الفرنسية ونيومونت الأمريكية في الائتلاف الجديد، ولكن المساعي فشلت في فبراير ١٩٦٧، بعد أن هدَّدت الشركة العامة وشركة اتحاد مناجم كاتنجا (المُصادَرتين) باتخاذ إجراءات قانونية ضد الائتلاف الجديد، بالإضافة إلى الإيعاز إلى الخبراء الأوروبيين بمغادرة الكنغو على الفور لخلق فراغ يصعب سده.

ولا يمثِّل الكنغو قمة هذا الشكل من أشكال الاقتصاد في أفريقيا، بل إن له مثيلًا بصورة مصغرة في المستعمرات البرتغالية وفي كينيا، وبصورة مماثلة في روديسيا، ولكن القمة تظهر في جنوب أفريقيا، حيث تضيف الاحتكارات الاقتصادية الكبرى إلى نفسها دعامة لا توجد في غيرها من دول أفريقيا، تلك الدعامة هي العدد الكبير من المستوطنين الأوروبيين الذي يزيد عن عشرين ضعفًا عمَّا كان في الكنغو من أوروبيين قبل عام ١٩٦٠ — كان في الكنغو قرابة تسعة أوروبيين لكل ألف من الأفريقيين، وفي جمهورية جنوب أفريقيا تبلغ النسبة الآن ٢١٠ أوروبي لكل ألف أفريقي.

ومهما كانت صورةُ التخلُّص من الاحتكارات الأوروبية في هذا الجزء من العالم قاتمةً، إلا أن الجهود الخالصة لن تعدم حلًّا لها ينبني في الغالب على التعايش المثمر بين كل فئات السكان، في ظل نُظُم ديموقراطية حقَّة وحكومات ممثلة للغالبية الأفريقية.

(٢) جمهورية زائيري

تقع هذه الدولة بين خطَّيْ عرض ٢٠ ٥° شمال خط الاستواء، وعرض ٢٨ ١٣° جنوب خط الاستواء، وبين خطَّيِ الطول ١٠ ١٢° شرقًا، و١٥ ٣١° شرقًا، وبذلك فإن الجمهورية تمتد فيما بين ٤٨ ١٨° درجة عرضية، و٥ ١٩° درجة طولية، ولولا أنها تقع كلها داخل العروض الاستوائية والمدارية لَكان في الكنغو تنوُّعٌ طبيعي كبير. وتشتمل هذه الجمهورية — التي كانت تُعرَف إلى وقت قريب (١٩٦٠) باسم الكنغو البلجيكية — على معظم حوض الكنغو الطبيعي.
وتبلغ مساحة الدولة ٢٣٤٤٩٣٢ كيلومترًا مربعًا، وهي بذلك ثالث دولة أفريقية من حيث المساحة بعد السودان والجزائر، ومما يدل على عشوائية التخطيط السياسي لحدود المستعمرات؛ أن الكنغو رغم هذه المساحة الكبيرة، لا يتمتع إلا بواجهة بحرية صغيرة جدًّا على المحيط الأطلنطي يبلغ طولها ٣٥ كيلومترًا فقط؛ وذلك لأن الضفة الجنوبية للمصب الخليجي لنهر الكنغو ملك لأنجولا من متادي حتى البحر.١

(٣) الدراسة الطبيعية

(٣-١) التكوين والتضاريس

يتكون القسم الأوسط من حوض الكنغو من صخور بحرية النشأة ترجع إلى الزمن الثالث، وبدراسة الخريطة رقم (٥٨) نجد أن معظم المساحة التي تقع تحت خط كنتور ٥٠٠ متر، كانت تكوِّن قاع بحيرة عظيمة احتلت هذا الجزء ثم انصرفت مياهها في أواخر الزمن الثالث، بعد أن تمكَّنَ النحتُ التراجعي لنهر ساحلي صغير (الكنغو الأدنى حاليًّا) من شق طريق مليء بالشلالات (شلالات لفنجستون الحالية) عبر الحافة البلورية الأفريقية والوصول إلى مياه البحيرة الداخلية. ولا تزال بقايا البحيرة القديمة واضحة في: (١) وجود بحيرتَيْ تومبا وليوبولد الثاني الضحلتين. (٢) وجود منطقة مستنقعات هائلة في الإقليم الاستوائي عند التقاء الأوبانجي والكنغو وجيري وتشوابا وبحيرة تومبا. (٣) بطء جريان الأنهار في القسم الأول من الحوض، مما يدل على أن المجاري المائية هنا تسير فوق قاع شديد الاستواء، ومثل هذا الاستواء لا يحدث غالبًا إلا في قاع البحيرات الضحلة.

وتظهر تحت التكوينات البحيرية في هذا الإقليم تكوينات جنداونا القديمة، وهذه التكوينات تظهر على سطح الأرض في النطاقات الهضبية التي تحيط بالحوض الأوسط في كل الاتجاهات. وتظهر تكوينات كندولونجو وتكوينات لوالابا-لوبلياش في أقسام معينة من الحوض الداخلي، وخاصة في أطرافه الجنوبية الشرقية، كما يظهران بكثرة في كاتنجا، وتتكون من طبقات أفقية سميكة ومتعاقبة من الشيست والحجر الرملي. وفي القسم الجنوبي من إقليم كينشاسا تظهر تكوينات رملية عديدة، وكذلك في حوض زانكورو وكساي، بينما يظهر الشيست الطيني في منطقة لومامي ولوالابا الأدنى. وقد تأثَّرَ شرق الكنغو بحركة الانكسارات الكبرى التي أدَّتْ إلى تكوين الأخدود الأفريقي الغربي، الذي تحتلُّ أجزاء من باطنه بحيرات تنجانيقا وكيفو وإدوارد وألبرت.

figure
خريطة رقم (٦٦): التضاريس والتصريف في وسط أفريقيا.

ويرتفع سطح الحوض الداخلي للكنغو — مساحته حوالي ٨٠٠٠٠٠ كيلومتر مربع؛ ويساوي حوالي ثلث مساحة جمهورية الكنغو — ما بين ٢٥٩ مترًا و٥٠٠ متر عن سطح البحر، ويحيط بالحوض الهضاب التي يختلف ارتفاعها من ٥٠٠ متر إلى ألفَيْ متر.

ففي الشمال تظهر هضبة الزاندي التي تكون خط تقسيم الماء مع النيل وشاري، ومتوسط ارتفاعها ٥٠٠ متر، ولكنها تعلو عن ذلك كثيرًا في عدة مناطق، أعلاها جبال بوندو Bondo (١٥٠٠ متر شمال نهر الأويلي)، وفي الغرب تظهر الجبال البلورية الصخر بين الحوض والمحيط الأطلنطي، ومتوسط ارتفاعها قرابة ٧٥٠ مترًا، وأعلى نقاطها تبلغ ألف متر (جبال ليكيتي على حدود جابون الجنوبية الشرقية).

وفي الجنوب الغربي ترتفع الأرض تدريجيًّا إلى هضبة بيهي (٢٦٢٠ مترًا)، ولكنها تنخفض نسبيًّا في اتجاه الجنوب، حيث نجد الهضاب التي تكون أراضي اللوندا جنوب إقليم كساي، ومن بيهي ولوندا تنبع روافد الكساي العديدة فضلًا عن كساي ذاته، مما يجعل معظم هذه الأنهار كثيرة الشلالات، سريعة الانحدار. وإلى الشرق من هضبة لوندا وجنوبها الشرقي ترتفع الأرض في زامبيا وكاتنجا ارتفاعًا لا بأس به، وقد قطع مسار نهر لوالابا وروافده العديدة العليا هضبة كاتنجا تقطيعًا شديدًا أدى إلى ظهور حوافَّ جبلية وتلال عديدة، ومن أشهر هذه المرتفعات جبال ميتومبا بين المسارات العليا لأنهار لوالابا ولوفيرا وروافدهما، ويتراوح ارتفاع ميتومبا بين ١٥٠٠ و١٧٠٠ متر، وتنتهي في الشمال عند سهل كامولوندو بما فيه من مستنقعات وبحيرات — أشهرها بحيرتي أوبمبا وكيزالي — بينما تمتد جنوبًا عبر حدود الكنغو وزامبيا، وإلى الشرق من مسار نهر لوفيرا ترتفع جبال كوندولونجو بين هذا النهر ونهر لوابولا وبحيرة مويرو، ويبلغ أقصى ارتفاع في هذه الجبال قرابة ١٧٠٠ متر، وتمتد جبال مارونجا المرتفعة بمحاذاة الساحل الجنوبي الغربي لبحيرة تنجانيقا، ويبلغ متوسط ارتفاعها ألفَيْ متر، وأعلى قممها يصل إلى ٢٥٠٠ متر، ويُعرَف القسم الشمالي من هذه الجبال باسم جبال ماليمبا.

وترتفع الأرض بسرعة من قاع حوض الكنغو صوب الشرق إلى حافة الأخدود الغربي — متوسط الارتفاع بين ألفين وثلاثة آلاف متر — وتعتبر جبال مارونجا وماليمبا القسم الجنوبي من حافة الأخدود داخل حدود الكنغو، وتنتهي هذه الجبال عند الوادي الضيق لنهر لوكوجا — الذي يصرِّف مياه بحيرة تنجانيقا إلى الكنغو. وإلى الشمال من مسار لوكوجا تعود الحافة الجبلية إلى الظهور بمحاذاة ساحل بحيرة تنجانيقا، وتزيد في الارتفاع بمحاذاة ساحل بحيرة كيفو الغربي حيث تصل قرابة ٢٤٠٠ متر، ثم ترتفع إلى الشمال من كيفو إلى ٤٠٠٠ متر عند براكين فيرونجا، وتنخفض الحافة تدريجيًّا إلى الشمال، ولكنها تعود إلى الارتفاع إلى متوسط ألفَيْ متر بمحاذاة الساحل الغربي لبحيرة ألبرت، تعود بعدها إلى الانخفاض التدريجي صوب الشمال حتى تلتحق بهضبة الزاندي.

وأعلى نقطة في الكنغو هي قمة مرجريتا (٥١٢٧)، وهي أعلى قمة في كتلة روينزوري الجبلية، وتقسم حدود أوغندا والكنغو هذه الكتلة الجبلية العالية الواقعة فيما بين بحيرتَيْ ألبرت وإدوارد، شرقي مسار نهر السمليكي، ويغطي الجليد الدائم كلَّ ما يزيد ارتفاعه عن ٤٥٠٠ متر في كتلة روينزوري — وبعبارة أخرى فإنه يغطي قرابة ٦٠٠ متر في منطقة قمة مرجريتا — وفوق ذلك فإن كتلة روينزوري تمثِّل منطقة من أجمل مناطق أفريقيا، إن لم تكن أجملها قاطبةً؛ فالتدرج المناخي والنباتي قلما كان له نظير: النوع الاستوائي ذو الغابات الكثيفة التي يسكنها الأقزام يملأ السفوح الدنيا من الكتلة، يتلوه حشائش السفانا، ثم غابات الجبال، ثم أعشاب المنطقة الباردة، وأخيرًا ثلاجات هائلة. وعلى هذا النحو من الجمال الطبيعي، ولكن بدرجات أقل، كل الحافة الغربية للأخدود الغربي، وخاصة حول بحيرة كيفو، وفي إقليم رواندا، مما أكسب المنطقة طابعها السياحي الممتاز.

ويربط النظام النهري لحوض الكنغو هذه المناطق الشاسعة بعضها بالبعض الآخَر؛٢ فهناك النهر ذاته الذي ينبع من جبال ميتومبا باسم نهر لوالابا، ويتجه شمالًا حتى ستانلي فيل وهو يحمل هذا الاسم، ويجمع لوالابا مياه روافد الجنوب الشرقي كلها: لوفيرا ولوابولا (الذي يصل بين بحيرتَيْ بنجويلو ومويرو)، ولوفوا (الذي يصل بحيرة مويرو بلوالابا)، ولوكوجا (الذي يصرف مياه الأخدود الغربي وبحيرتَيْ كيفو وتنجانيقا)، وأنهار عديدة صغيرة تنبع من المنحدرات الغربية للحافة الغربية للأخدود الغربي، بالإضافة إلى نهر لومامي.

ومن ستانلي فيل حتى المصب يحمل النهر اسم الكنغو، وهو نهر عريض جدًّا — خاصة في مساره داخل الإقليم الاستوائي — كثير الجزر والمستنقعات، ويجمع الكنغو في مساره الاستوائي أنهارًا عديدة تنبع من المنحدرات الغربية لحافة الأخدود الغربي (أكبرها أرويمي ووايتمبيري والأويلي)، ومن هضبة الزاندي وخط تقسيم المياه بين النيل وشاري والكنغو (أعظمها نهر الأوبانجي وروافده العديدة)، ومن داخل المنطقة الاستوائية الكنغولية (مثل مونجالا وجيري ولولونجا وتشوابا وسالونجا)، ومن الجبال البلورية في جابون وكنغو برازافيل (أكبرها نهر سانجا).

وقبل موقع كينشاسا (ليوبولد فيل سابقًا) يلتقي الكنغو بأهم روافده الجنوبية ذلك هو نهر كساي، وهذا النهر في حد ذاته عبارة عن شبكة نهرية ضخمة تصرف هضاب كاتنجا الشمالية (نهر زانكورو ولوبلياش)، وهضبتَيْ لوندا وبيهي (كساي ولولوا ولويبو وتشيكابا وكويلو وكوانجو)، كما يصرف أيضًا مياه القسم الحوضي الأوسط بواسطة عدة أنهار أكبرها نهر لوكيني (الذي يصرف أيضًا بحيرة ليوبولد الثاني).

ويضيق مجرى الكنغو بعد مدينة كينشاسا مباشَرةً لينحدر فوق مجموعة كبيرة من الشلالات التي تُسمَّى إجمالًا شلالات لفنجستون، وبعدها يصب في المحيط بخليج ضيق. وليست شلالات لفنجستون هي الوحيدة التي يتعرض لها النهر في مساره الطويل، بل هناك أيضًا شلالات ستانلي جنوبي ستانلي فيل، وشلالات كندو وشلالات بوابة الجحيم Hoellentor، إلى الشمال من كونجولو.

(٣-٢) المناخ

يسيطر المناخ الاستوائي على معظم جمهورية الكنغو، بينما تبدأ أحوال المناخ المداري ذي المطر الفصلي في الظهور في جنوب كساي وإقليم كاتنجا.

ومتوسط درجة الحرارة يتراوح بين ٢٥°م في النطاق الاستوائي، وبين ٢٠°م في إقليم المرتفعات الشرقية وكاتنجا. أما المدى الحراري السنوي فصغير في النطاق الاستوائي؛ فأحر الشهور مارس (٢٥٫٦°م)، وأبردها أغسطس (٢٤٫٢°م)، ومتوسط سقوط المطر في هذا الإقليم بين ١٥٠٠ و٢٠٠٠مم في السنة، وتقل كمية المطر إلى الشمال والجنوب من النطاق الاستوائي؛ فمتوسط المطر في إقليم الأوبانجي حوالي ١٦٠٠مم، وفي إقليم كساي وشمال كاتنجا بين ١٠٠٠ و١٥٠٠مم، وتقل الأمطار إلى ألف مليمتر في سواحل بحيرة تنجانيقا، وإلى ٨٠٠مم في منطقة مصب الكنغو، بينما يسقط أغزر المطر في منطقة مرتفعات كيفو (بين ٢٢٠٠ و٢٦٠٠مم).

figure
خريطة رقم (٦٧).

وفي المنطقة الاستوائية الوسطى يسقط المطر كل شهر على مدار السنة مقدار أكثر من مائة مليمتر، بينما إلى الشمال من مسار نهر الكنغو بين ستانلي فيل وكوكلهاتفيل يسقط المطر بمقدار أكثر من مائة مليمتر شهريًّا طول السنة، فيما عدا الأشهر بين ديسمبر وفبراير، وفي منطقة عروض بحيرة ليوبولد ومدينة كندو يسقط المطر بمقدار أكثر من مائة مليمتر خلال الأشهر من سبتمبر إلى مايو، وفي بقية الجمهورية (حوض كساي كله ولوالابا الأوسط)، تسقط أمطار أكثر من مائة مليمتر في الأشهر التسعة من أكتوبر إلى يونيو، وفي الجنوب الشرقي (كاتنجا حتى نهر لوكوجا) تسقط أمطار أكثر من مائة مليمتر من نوفمبر إلى أبريل فقط.

وبما أن درجة الحرارة لا تكاد تتغير طوال السنة، فإن المطر وحده هو الذي يحدِّد فصول السنة؛ فالأمطار الاستوائية — كما عرفنا من دراسة المناخ (راجع الفصل: السادس – بالجزء الأول) — أمطار ذات موسمين للسقوط، يتخللها موسم جاف يطول ويقصر حسب موقع الإقليم من درجات العرض (راجع شكل رقم، ٢٦ بالجزء الأول)، وبمراجعة الخريطة رقم (٥٩) تتضح لنا الفصول المناخية في الأقاليم التالية:
  • (١)

    القسم الشمالي من الجمهورية (شمال خط الاستواء): تسقط الأمطار من منتصف مارس إلى آخِر يونيو، يتلو ذلك فصل جاف قصير في يوليو، ثم تعود الأمطار في أغسطس إلى منتصف نوفمبر، ويحل الفصل الجاف الطويل من منتصف نوفمبر إلى منتصف مارس.

  • (٢)

    بقية الجمهورية عدا الجنوب الشرقي (جنوب كساي وكاتنجا): تسقط الأمطار في مواسم مغايرة للقسم الشمالي، يبدأ موسم المطر الطويل من منتصف سبتمبر إلى نهاية ديسمبر، يلي ذلك فصل جفاف قصير خلال شهر يناير والنصف الأول من فبراير، ويعقب ذلك فصل مطير من منتصف فبراير إلى منتصف مايو، يعقبه فصل الجفاف الطويل من منتصف مايو إلى منتصف سبتمبر.

  • (٣)

    الجنوب الشرقي (جنوب كساي وكاتنجا): يبدأ فصل المطر ببداية أكتوبر وينتهي في أوائل يناير، ثم يعقب ذلك فصل جاف قصير في يناير، وتعود الأمطار من فبراير إلى نهاية أبريل، ثم يأتي فصل جفاف طويل من مايو إلى آخِر السنة.

(٣-٣) النبات الطبيعي

تغطي الغابات الاستوائية الدائمة الخضرة حوض الكنغو بين درجات العرض ٤ شمالًا وجنوبًا، وإذا أضفنا المناطق التي قطع منها الإنسان الأشجار، فإن المساحة التي كانت تحتلها الغابات الاستوائية تُقدَّر بحوالي ١٫٧ مليون كيلومتر مربع من مجموع مساحة الدولة (٢٫٣ مليون كيلومتر مربع)؛ أي قرابة ٦٠٪ من المساحة الكلية.٣ وتمتد هذه الغابات بلا انقطاع بين الأوبانجي وكساي، وتتوغل مع شبكة أنهار كساي الهائلة جنوبًا إلى هضبة لوندا، ولكن الغابة الكثيفة حقًّا توجد أساسًا في القسم الشمالي الغربي بين بحيرة تومبا والأوبانجي في الغرب والأخدود في الشرق. وينمو في الغابات الاستوائية قرابة ألف نوع من الأشجار والمتسلقات، أما الغابات التي نمت طبيعيًّا بعد أن اجتثَّ الإنسان الأشجار الأصلية، فإنها تتميز بقلة الكثافة والتنوع الشجري، وتظهر فيها أعداد أكبر من أشجار نخيل الزيت الذي يحافظ عليها الإنسان فلا يقطعها لقيمتها الغذائية، وتتميز الغابات الاستوائية عامةً بنمو العديد من الأشجار ذات الأخشاب الراقية، ولكن استغلالها لا يتم إلا إذا كانت قريبة من طرق المواصلات، وأهم الطرق الطبيعية داخل الغابة الاستوائية هي الأنهار، وهي التي استخدمها الإنسان للتوغُّل في أعماق هذه الغابات الصعبة الاختراق.
figure
خريطة رقم (٦٨).

ويحيط بالغابة الاستوائية نطاق من السفانا الشجرية التي تظهر في هضبة الزاندي وإقليم الأويلي والأوبانجي حتى مدينة بانجي في شمال الكنغو، كما تظهر في لوالابا الأوسط وكساي ومنطقة كينشاسا ومصب الكنغو في الغرب.

وفي جنوب كساي وكاتنجا تظهر الغابات الجافة والسفانا القصيرة، أما في الهضاب والجبال الشرقية، فتظهر نباتات الجبال التي تبدأ بالغابات والحشائش الحارة حتى ارتفاع ٢٥٠٠ متر، فغابات البامبو، ثم نطاق النباتات الألبية الذي يظهر فوق ٣٥٠٠ متر.

ونظرًا لضخامة مساحة الكنغو وقلة سكانه، ووقوعه في قلب الغابات الاستوائية، ووقوع بعض الجبال العالية في داخل المنطقة الاستوائية؛ فقد خصَّصَتْ بلجيكا عدةَ مناطق أسمتها الحدائق الوطنية National Parks، وأكبر هذه الحدائق هي حديقة ألبرت التي تمتد من بحيرة ألبرت إلى إدوارد بما فيها نهر السمليكي وجبل روينزوري، وتبلغ مساحتها ثمانية آلاف كيلومتر مربع، وتضم نطاقًا جميلًا من الغابات الاستوائية في حوض السمليكي (غابة إيتوري) وبراكين فيرونجا وبحيرتَيْ إدوارد وجورج ومستنقعاتهما الشمالية، وجبل روينزوري الذي تكلِّل قمتَه الثلوجُ، وتتدرج على سفوحه أنواع النباتات المختلفة، وتشتمل سفوح روينزوري وبراكين فيرونجا على أهم مواطن الغوريلا الضخمة. والحديقة الثانية: هي جارامبا التي توجد على حدود السودان والكنغو، وتبلغ مساحتها قرابة خمسة آلاف كيلومتر مربع، وتتميز بوجود عدد كبير من وحيد القرن. أما الحديقة الثالثة: فهي حديثة أوبمبا في أعالي لوالابا، وتبلغ مساحتها ١١ ألف كيلومتر مربع، وهي بذلك أكبر الحدائق الوطنية في الكنغو.

(٤) الدراسة البشرية

(٤-١) المجموعات القبلية واللغوية

ينتمي سكان الكنغو، من ناحية الأصول السلالية إلى مجموعة متباينة غالبيتها الساحقة من زنوج الغابات (البانتو)، والباقي موزَّع على مجموعات عديدة صغيرة، هي زنوج السودان والنيليين والأقزام وبعض الحاميين والقليل جدًّا من الساميين.

ويبلغ عدد البانتو قرابة عشرة ملايين شخص، ويسكنون في معظم أرجاء الدولة إلا الأطراف الشمالية وبعض المناطق الوسطى والشرقية، وينقسمون إلى قبائل عديدة أهمها ما يلي:
  • (١)
    الباكونجو: يسكنون القسم الأدنى من الكنغو (ابتداء من كينشاسا وبرازافيل حتى المحيط)، وقسم كبير منهم يسكنون شمال غرب أنجولا، حيث توجد عاصمتهم القديمة التي تُسمَّى سان سلفادور، وقد كان للباكونجو مملكة قديمة قبل وصول البرتغاليين عام ١٤٨٢. وعلى الرغم من اعتناق ملك الباكونجو — المُسمَّى ماني كونجو٤ — المسيحية ودخوله في معاهدة أخوة مع ملك البرتغال، إلا أن معظم الشعب رفض التعاون مع البرتغال، ورفض المسيحية (فيما يبدو بسبب منع المسيحية لتعدُّد الزوجات).٥ ولم تمنع معاهدة الصداقة من أن يصبح الباكونجو هدفًا رئيسيًّا لغارات تجار الرقيق، وقد انهارت مملكة الباكونجو نتيجة الصراع الديني داخلها وغزوات القبائل المجاورة (الياكو) وتجارة الرقيق. والباكونجو قبائل عديدة منها الباكونجو على مسار النهر، والموشيكونجو والموزيرونجو وبابمبا في شمال غرب أنجولا، والكونجي والكامبا في كنغو برازافيل.
  • (٢)

    الباكوبا (البوشونجو): يحتلون المنطقة بين نهرَيْ زانكورو وكساي، وهم قليلو العدد، ولكن لهم أهمية خاصة من حيث تكوينهم السياسي كمملكة ائتلافية من عدة قبائل نواتها الكوبا، ولهم أهمية خاصة من ناحية الفنون التشكيلية، بحيث يذكروننا بمهارة قبيلة البنين الفنية في نيجيريا.

  • (٣)

    البالوبا: يسكنون معظم كاتنجا، ومركزهم الرئيسي لوالابا الأوسط، وقسم كبير من لوالابا الأعلى، ولهم امتداد كبير في شرق إقليم كساي، وانتشرت لغتهم بين قبائل كاتنجا وكساي كلغة تخاطب — من سواحل بحيرة تنجانيقا إلى وسط أنجولا — وقد كوَّنَ البالوبا مملكةً واسعة في جنوب الكنغو في القرن الخامس عشر، ونظَّموا مملكتهم تنظيمًا لا مثيل له في ممالك هذا القسم من أفريقيا؛ فقد كان هناك دواوين حكومية، وجيش دائم لحماية الحدود الواسعة، ومعاهدات مع القبائل المجاورة، وكان للملك كونجولو، مؤسِّس المملكة، قدسية كبيرة لدى البالوبا، ولكن الخلافات على العرش قد أدَّتْ إلى تدهور المملكة.

  • (٤)

    البالوندا: إلى الجنوب من البالوبا، موطنهم الأساسي هضبة لوندا في أنجولا حاليًّا، وقد كوَّن البالوندا مملكة واسعة في القرن السابع عشر بمساعدة البرتغاليين، وكان للنساء شأن كبير في وظائف وزعامات المملكة؛ فإلى جانب الملك تأتي أخته في ترتيب الأهمية.

وإلى جانب هذه المجموعات الأربع نجد مجموعات قبلية بانتوية عديدة، نذكر منها: مجموعة «كوانجو-كويلو» بين كساي وكينشاسا، ومجموعة «مونجو-كوندو» بين بحيرة ليوبولد ومسار الكنغو، وتشمل أراضيها معظم أحواض الأنهار الصغيرة في هذه المنطقة (مثل تشوابا ولوكولو ولولونجا)، ومجموعة «نجالا» على نهر الكنغو بين مستنقعات جيري ونهر إيتمبيري، و«بواكا» على الأوبانجي (مركزهم ليبنجي)، و«الباتيتله» في المنطقة بين زانكورو ولومامي، و«الباليجا» بين لوالابا وبحيرة كيفو، وغير ذلك كثير جدًّا من القبائل المتفرقة.

ويسكن «زنوج السودان» حوض الأوبانجي الأعلى وحوض الأويلي — أي إن القسم الشمالي من الدولة هو وطنهم الرئيسي، ويبلغ عددهم قرابة أربعة ملايين، وأهم تجمعاتهم القبلية هي المانجبتو والزاندي من حوض الأويلي إلى حدود السودان، ونجباندي وبوندو في حوض الأوبانجي.

figure
خريطة رقم (٦٩): المجموعات القبلية واللغوية في زائيري.
ويسكن «المانجبتو» حوض الأويلي، وخاصة الضفة الجنوبية منه، ولقد اكتشفهم شفاينفورت في رحلته إلى شمال الكنغو، ووصف دولتهم وصفًا دقيقًا، وأشهر ما يُعرَف عن المانجبتو إطالة الرأس إلى الخلف بطريقة متعمدة منذ الصغر، كذلك نظام الدولة، ودرجة الفن العالية.٦ وقد بلغت مملكة المانجبتو أوجها في القرنين ١٨ و١٩م، ولكنها تفكَّكت بعد ذلك إلى ممالك صغيرة، على رأس كل مملكة واحد من أعضاء الأسرة الحاكمة القديمة.
أما «الزاندي» فيسكنون إلى الشمال من المانجبتو، ويتوغلون إلى القسم الجنوبي من بحر الغزال في جمهورية السودان. ولقد تكوَّنت دولة الزاندي نتيجة ترؤُّس مجموعة غريبة (ربما حامية) لهذه القبائل تُسمِّي نفسها الأفونجارا، وقد توزَّع أعضاء من الأفونجارا في رئاسات القبائل المختلفة التي تنتمي إلى مجموعة الزاندي السياسية. ولأخت الملك عند الزاندي أهمية كبيرة — كما كان الحال عند الباكوبا والبالوندا.٧

ويُلاحَظ من توزيع الممالك القديمة في حوض الكنغو — سواء كانت ممالك بانتوية أو سودانية — أنها نشأت كلها على أطراف الغابة الاستوائية في الجنوب والشمال، بينما ظلت المناطق الوسطى ذات النمو النباتي الكثيف مناطق قبائل صغيرة متفرقة، لم تستطع أن تكون وحدات سياسية كبيرة، ولا أدل على ذلك من انتشار مجموعات «الأقزام» داخل النطاق الاستوائي. ويتركز الأقزام في مجموعتين داخل جمهورية الكنغو، هما: أقزام الشرق أو البامبوتي والأكاوالايفي، ويعيشون داخل أوطان المانجبتو والزاندي، ويمتدون جنوبًا حتى نهر السمليكي. والمجموعة الثانية هي مجموعة الباتوا التي تسكن مناطق متفرقة من الأوبانجي إلى تشوابا، وإلى لوالابا الأوسط.

أما مجموعات «النيليين» فتسكن أساسًا في أوغندا، وتمتد منهم مجموعات داخل الكنغو فيما بين بحيرة ألبرت والسودان، وأهم قبائلهم في الكنغو هم الألور. ويظهر «الحاميون» في صورة الطبقة الحاكمة لشعب متكوِّن من البانتو المزارعين في رواندا بوراندي، ويمتدون أيضًا إلى إقليم كيفو، ويُعرَف هؤلاء باسم الواتوتسي الذين يشتهرون في العالم بطول القامة والبأس في القتال. وأخيرًا فإن «الساميين» الموجودين في الكنغو هم بقايا الأسر العربية التي استقرت في شرق الكنغو، حينما كانت هذه المنطقة مجالًا لنفوذ التجَّار العرب القادمين من زنجبار والساحل الشرقي، ويتركزون الآن في ستانلي فيل وكاسونجو — على لوالابا قرب التقائه بنهر لوكوجا — ويبلغ عددهم قرابة مائة ألف شخص.

ويتكلم هذا العدد الكبير من المجموعات القبلية عدة لغات، نلخِّصها في مجموعتين رئيسيتين: هما مجموعة لغات البانتو، ومجموعة اللغات السودانية، أما المجموعات الصغيرة فهامشية (المورو-مادي، ثم الألور النيلية الشلكاوية … إلخ). وفي داخل المجموعتين الرئيسيتين لغات ولهجات عديدة جدًّا، ولكن «لغات التخاطب» هي:
  • (١)

    الكيكونجو: في إقليم كينشاسا (لغة الباكونجو).

  • (٢)

    اللنجالا: في الإقليم الاستوائي (لغة قبيلة نجالا).

  • (٣)

    البانجالا: في الإقليم الشرقي (خليط سواحلي وكنغولي شرقي).

  • (٤)

    تشيلوبا: في الجنوب الشرقي (كاتنجا وكساي)، وهي لغة البالوبا.

  • (٥)

    السواحلية: في إقليم كيفو وأجزاء من كاتنجا.

ومن ناحية «الديانة» فإن الغالبية الساحقة من الكنغوليين ما زالوا على دياناتهم القديمة، ولكن الاتصال بالبرتغاليين منذ فترة طويلة، ثم بالأوروبيين عامةً ابتداء من أواخر القرن الماضي، قد أدَّى إلى تزايد حركة التبشير في الكنغو بشدة. ويبلغ عدد المسيحيين عمومًا قرابة أربعة ملايين ونصف موزَّعين على النحو التالي: ٣٫٨ ملايين يتبعون الكنيسة الكاثوليكية، و٧٠٠ ألف يتبعون الكنيسة البروتستانتية، وتبلغ أعداد المراكز التبشيرية الكاثوليكية (عام ١٩٥٩) ٥٢٥ مركزًا تضم ٢٩٨٤ من القساوسة، و٢٤٩٩ من الراهبات، بالإضافة إلى عددٍ من غير الأوروبيين هم ٣٠٤ من رجال الدين الزنوج، وهناك أيضًا أربعة معاهد عليا، و٢٣ معهدًا متوسطًا، و٤٥ معهدًا ابتدائيًّا لتخريج رجال الدين الكاثوليك، أما المراكز التبشيرية البروتستانتية، فقد بلغ عددها (عام ١٩٥٦) ٢٥٥ مركزًا، تضم ٥٨٧ من القساوسة، و٩٥٢ من الراهبات — كلهم من الأوروبيين — وألف مساعد زنجي، وهناك ٣٨ معهدًا لإعداد رجال الدين من الزنوج، وأهم الهيئات الكاثوليكية في الكنغو هي آباء ميل هيل Mill Hill، والآباء البيض، والآباء الأوغسطين، والبندكتيين والجزويت والفرنسسكان والدومنكان والكابوشان والقلب المقدس، أما أهم الهيئات البروتستانتية فهي هيئة المعمدانيين الأمريكيين، والإرسالية السبتية الأمريكية.

وقد أدى انتشار التبشير إلى نشوء بعض الاتجاهات الدينية المتطرفة، ومن أشهرها في الكنغو حركة «سيمون كيبانجو» التي اشتهرت باسم الكيبانجوية.

وقد دعا مؤسِّسها إلى منع تعدُّد الزوجات، وأعلن تأسيس طائفته الدينية وأسمى قريته «أورشلييم»، وأحرق كنيسة كاثوليكية في تيزفيل بالقرب من كينشاسا، وقد سُجِن ومات في السجن عام ١٩٥١.

وإلى جانب المسيحية نجد أقلية إسلامية تُقدَّر بحوالي ربع مليون ومعظمهم في الشرق، ولهم مدارس إسلامية في كجوما على بحيرة كيفو.

(٤-٢) أعداد السكان

بلغ عدد سكان زائيري حسب آخِر إحصائية (١٩٥٧) ١٢٫٨ مليونًا، وتدل تقديرات الأمم المتحدة على أنهم تزايَدوا إلى نحو ١٥ مليونًا في منتصف عام ١٩٦٣، حيث كانت نسبة النمو السكاني ٢٫٢٪ سنويًّا، ثم ارتفعت هذه التقديرات إلى قرابة ٢٢٫٥ مليونًا عام ١٩٧١ بنسبة نمو سنوي قدرها ٤٫٢٪، ومن الطبيعي ألا يتضاعف عدد سكان دولة ما — مهما كانت نسبة الخصوبة عالية — في فترة قصيرة كهذه الفترة الممتدة ١٥ عامًا من ١٩٥٧ إلى ١٩٧١، ولهذا فالمفترض أن هناك أخطاء واضحة إما في إحصاء عام ١٩٥٧، وإما في تقديرات ١٩٧١، خاصةً وأن نسبة النمو السنوية قد رفعتها تقديرات القسم الديموجرافي بالأمم المتحدة إلى نحو الضعف في نحو ثمان سنوات، وليس ثمة من سبب يدعو إلى أن ترتفع الزيادة السنوية كثيرًا عمَّا يوجد في الدول المجاورة لزائيري راجع خريطة رقم (٤١)، ومن ثَمَّ فلعل تقديرات عام ١٩٧١ أعلى من الواقع بعض الشيء. وعلى كل حال فإن أرقام السكان في أفريقيا عامةً ما زالت في حاجة إلى مزيدٍ من الوقت لكي تقترب من الواقع.

وتختلف كثافة السكان داخل الكنغو من منطقة إلى أخرى؛ فهناك مناطق تشتد فيها الكثافة مثل مصب الكنغو ومنطقة كينشاسا، ومنطقة كوانجو كويلو، وكساي وزانكورو، ومنطقة ستانلي فيل ولوالابا الأوسط وجنوب كاتنجا، وأخيرًا منطقة ثنية الأوبانجي الكبيرة، ولكن أكثف المناطق توجد غربي بحيرات ألبرت وإدوار وكيفو، وهي امتداد طبيعي للكثافة العالية في أوغندا ورواندا بوراندي، كذلك يتكاثف السكان في عدد من المدن الكبيرة ومراكز التعدين الرئيسية في كاتنجا (كولويزي، ليكاسي «جادو تفيل»، كبوشي، لوبومباشي)، وفي كساي (كاتنجا وباكوانجو)، وفي الإقليم الشرقي (أكيتي، وإيزيرو «باوليس»).

وقد ارتفع عدد المدن التي يزيد سكانها عن مائة ألف شخص من أربع عام ١٩٦٣، إلى عشر مدن عام ١٩٧١، هي: كنشاسا ١٫٣ مليون، كاتنجا ٤٢٨ ألفًا، لوبومباشي ٣١٨ ألفًا، مبوجي مايي ٢٥٦ ألفًا، كيزانجاني ٢٢٩ ألفًا، ليكاسي ١٤٦ ألفًا، بوكافو ١٣٤ ألفًا، كيكويت ١١٢ ألفًا، متادي ١١٠ آلاف، مبنداكا ١٠٧ آلاف، ولكن هناك مدنًا أخرى يزيد عدد سكانها عن ٥٠ ألفًا، مثل كاليمي (ألبرت فيل)، ومدن التعدين الأخرى في كاتنجا.

وإلى جانب هذه الأعداد من الأفريقيين كان في الكنغو، حسب إحصاء ١٩٥٩، ١١٥ ألفًا من المستوطنين الأوروبيين، ٨٠٪ منهم بلجيكيون والباقي موزعون على عدد كبير من الجنسيات الأوروبية، أهمهم: اليونانيون ثم الألمان والهولنديون.

وكان هذا العدد يكون قرابة ٨٪ من المجموع الكلي لسكان الكنغو، وكانت أكبر نسبة من الأوروبيين تستوطن إقليم كينشاسا، حيث كان فيها ٣٤ ألفًا، ثم كاتنجا ٣٣ ألفًا، ثم الإقليم الشرقي ١٨ ألفًا، وكيفو ١٤، وكساي تسعة آلاف، وأخيرًا سبعة آلاف أوروبي في الإقليم الاستوائي، وهناك عدة أسباب لتركُّز المستوطنين في إقليمَيْ كينشاسا وكاتنجا؛ فإن إقليم كينشاسا يضم عدة مدن هامة يعمل فيها الأوروبيون في المزارع وتربية الحيوان، نذكر منها: شيلا وبوما وتيزفيل وكيزانتو، وإلى جانب ذلك فالإقليم يضم العاصمة التي يتركز فيها مقر الحكم والإدارات المركزية للشركات، كما أنها المركز الرئيسي للنقل النهري في الكنغو، وأخيرًا فإن الموانئ الكنغولية وعلى رأسها متادي، تقع داخل هذا الإقليم، أما إقليم كاتنجا فهو أهم مركز تعديني في الكنغو، وأغنى إقليم به.

وقد لا تعبر الأعداد وحدها عن أهمية الأوروبيين في الكنغو، بل تزداد هذه الأهمية وضوحًا إذا عرفنا نسبة أعداد الأوروبيين إلى أعداد الأفريقيين؛ ففي كاتنجا يكون الأوروبيون قرابة ٢٠٪ من مجموع السكان الأفريقيين، وفي كينشاسا يكونون ١٠٪، بينما يكونون ٧٪ في الإقليم الشرقي، و٦٪ في كيفو، و٤٪ في كلٍّ من كساي والاستوائية.

وإلى جانب تقسيم الكنغو إداريًّا إلى ستة أقاليم (كينشاسا، الاستوائي، الشرقي، كيفو، كساي، كاتنجا — راجع الخريطة رقم ٦٨)، فإن الإدارة البلجيكية قد قسَّمَتْ أراضي هذه الأقاليم إلى قسمين: أولًا المناطق التقليدية milieu coutumier، وثانيًا المناطق غير التقليدية milieu extra coutumier، والمناطق التقليدية تركت الحكم للزعماء القبليين والعادات القبلية الاجتماعية والنظم القبلية أو التقليدية الأفريقية في الإنتاج، بحيث إن معظم الإنتاج في هذه المناطق (محاصيل زراعية أفريقية، وصيد أسماك وحيوان) كان يذهب إلى الاستهلاك داخل هذه المناطق، والباقي (٣٥٪ على وجه التقريب من الإنتاج)، كان يذهب إلى التجارة الداخلية (مراكز التعدين والمدن). أما المناطق غير التقليدية فإنها كانت تُحكم مباشَرةً بواسطة الأوروبيين، ويُمارَس فيها الإنتاج التجاري والزراعي المعدني.

وفي عام ١٩٦٧ أُعِيد تقسيم الدولة إلى تسعة أقاليم كانت عواصمها وسكانها (تقديرات ١٩٦٧) على النحو التالي:

الإقليم العاصمة السكان بالمليون
كنشاسا كنشاسا ١٫٢
باندوندو كيكويت ٢٫١
كساي الغربية كاتنجا ١٫٦
الشرقية كيزانجاني ٢٫٤
كاتنجا لوبومباشي ١٫٨
الكنغو الأوسط متادي ١
الاستوائية مبنداكا ١٫٧
كساي الشرقية مبوجي مويي ١٫٧
كيفو بوكافو ٢٫١
جدول ٥-١: الموقف السكاني في الكنغو.*
المجموع كينشاسا كاتنجا كساي الاستوائي الشرقي كيفو
السكان (مليون) ١٣٫٩ ٣٫٣ ١٫٧ ٢٫٢ ١٫٨ ٢٫٥ ٢٫٣
الكثافة (شخص/كم) ٥٫٩ ٩٫١ ٣٫٤ ٦٫٨ ٤٫٦ ٥ ٩
الأوروبيون (ألف) ١١٥ ٣٤ ٣٣ ٩ ٧ ١٨ ١٤
نسبة الأوروبيين للأفريقيين ٨٪ ١٠٪ ٢٠٪ ٤٪ ٤٪ ٧٪ ٦٪
سكان المناطق التقليدية (مليون) ١٠٫٨ ٢٫٤ ١٫١ ١٫٩ ١٫٥ ١٫٩ ١٫٩
نسبة سكان المناطق التقليدية الأفريقيين ٧٨٪ ٧٣٪ ٦٧٪ ٨٧٪ ٨٠٪ ٧٧٪ ٨٣٪
La Situation Economique du congo Belge et du Ruanda-Urandi 1959 Bruxelles.

(٤-٣) القوة العاملة والتركيب الاقتصادي الكنغولي

تدل أرقام الأمم المتحدة على أن عدد الأشخاص الذين يعملون في الكنغو هو ٦٣٠٩٩٤١ شخصًا منهم ٣١٦٢٦١٢ من الذكور، والباقي من الإناث — وهم أكبر قليلًا في العدد من العاملين من الذكور — ويتوزع هؤلاء على الحِرَف الرئيسية كما يلي (الأرقام بالآلاف):

جدول ٥-٢: القوة العاملة موزَّعة على الحِرَف الأساسية.*
الزراعة والغابات والصيد التعدين الصناعة البناء الاجارة النقل الخدمات
الذكور ٢٢١٠ ٧٦ ١٩٠ ١٦٠ ٨٢ ١٠١ ١٩٢٠
الإناث ٣٢٣٩ ٠٫٢ ١ ٠٫٣ ٠٫٧ ٠٫٧ ٤
U. N. Demographic Year book 1964. P P. 240-241.

وتدل هذه الأرقام على أن أعداد العاملين في حقل الزراعة يكون قرابة ٨٠٪ من مجموع العاملين، وأن الباقي — ومعظمه يتكون من الذكور — يعمل في مختلف أنواع القطاعات الأخرى، وعلى هذا فإنه رغم ما يُعرَف عن ثروة الكنغو المعدنية، إلا أن الغالبية الساحقة من العمالة زراعية، ومعظمها متجهة إلى الزراعات التقليدية، والقليل هو الذي يعمل في زراعة المحصولات النقدية.

وتختلف مساهمة القوة العاملة الأفريقية في كل إقليم من أقاليم الكنغو في الحِرَف الأساسية، ويتضح ذلك جليًّا من الجدول التالي (ديسمبر ١٩٥٧):٨
جدول ٥-٣: العمالة الأفريقية بالحرفة والإقليم.
الحرفة عددالعاملين النسبة المئوية من مجموع العاملين في كل حرفة
بالآلاف ٪ كينشاسا كاتنجا كساي الاستوائي الشرقي كيفو
المجموع ١١٤٨ ١٠٠ ٢٧ ١٥ ٩ ١٢ ١٩ ١٩
الزراعة ٢٩٥ ٢٦ ١٢ ٦ ٤ ٢٢ ٢٨ ٢٨
التعدين ١٠١ ٩ ٣١ ٢٠ ١٤ ٣٥
الصناعة ١٢١ ١١ ٣٤ ٢٤ ٣ ١٠ ١٩ ١١
التجارة ٧١ ٦ ٢٣ ٢٢ ١٣ ١٠ ١٨ ١٣
النقل ٨٦ ٧ ٣٣ ٢٥ ٩ ٨ ١٤ ١١
أعمال مكتبية ٤٢ ٤ ٣٤ ٢٢ ١٠ ٨ ١٣ ١٤
البناء ١١٨ ١٠ ٣٠ ١٧ ١٠ ١١ ١٦ ١٧
غير ذلك ٣١٤ ٢٧ ٤٣ ١٠ ١١ ٨ ١٤ ١٤
ويتبيَّن من ذلك أن:
  • (١)

    العمالة الزراعية عالية في الأقاليم الاستوائي والشرقي وكيفو، ويؤكِّد هذه الحقيقة أن الذين يعملون بالزراعة في هذه الأقاليم على التوالي: ٥٠٪ و٣٩٪ و٣٨٪ من مجموع القوة العاملة بكل إقليم، ويرجع ارتفاع مساهمة الزراعة إلى أن هذه هي الأقاليم الاستوائية الحقة من الكنغو، بحيث إن نسبة كبيرة من الأرض عبارة عن أرض تقليدية تسودها الحياة التقليدية الاقتصادية (الزراعة والصيد). أما نسبة العاملين بالزراعة إلى مجموع القوة العاملة في الأقاليم الأخرى فهي: ٩٪ في كاتنجا، و١٢٪ في كلٍّ من كينشاسا وكساي.

  • (٢)

    ترتفع نسبة العمالة في التعدين في القسم الشرقي من الدولة (كاتنجا وكساي، وكيفو والشرقي)، بينما ينعدم التعدين في القسم الغربي من الدولة.

  • (٣)

    تكاد تقتصر العمالة في الصناعة على أقاليم كينشاسا وكاتنجا والشرقي، حيث توجد المدن الكبرى، وما يؤدي إليه ذلك من احتياجٍ للصناعات، وخاصةً الغذائية. كذلك توجد في كاتنجا بعض الصناعات الخاصة بتحويل الخامات المعدنية إلى معادن.

  • (٤)

    ونتيجة للأسباب التي أوضحناها في توزيع الصناعة، نجد أيضًا أن توزيع حِرَف التجارة والنقل والأعمال المكتبية (إدارات الحكومة والشركات) والبناء يتركز في إقليم كينشاسا وكاتنجا والشرقي.

أما العمالة الأوروبية فتختلف جدًّا في تركيبها وأنواعها عن العمالة الأفريقية؛ فهناك ٥٥٪ لا يعملون (زوجات وأطفال وكبار السن)، والباقي وعددهم قرابة أربعين ألف يعملون على النحو التالي:

جدول ٥-٤: العمالة الأوروبية في الكنغو بالحرفة والإقليم.*
الحرفة المجموع موظفو الحكومة أعمال حرة مبشرون مستوطنون زراعيون
المجموع ٤٠٠٠٠ ٧٧٠٠ ١٨٠٠٠ ٦٣٠٠ ٨٠٠٠
كينشاسا ١١٩٠٠ ٢٣٠٠ ٦٣٠٠ ١٦٠٠ ١٧٠٠
كاتنجا ١١٦٠٠ ٢٠٠٠ ٥٩٠٠ ١٠٠٠ ٢٦٠٠
كساي ٣٢٠٠ ٧٠٠ ١١٠٠ ٩٠٠ ٤٠٠
الاستوائي ٢٨٠٠ ٧٠٠ ٨٠٠ ٩٠٠ ٤٠٠
الشرقي ٦٠٠٠ ١٠٠٠ ٢٣٠٠ ١٢٠٠ ١٦٠٠
كيفو ٤٥٠٠ ٩٠٠ ١٦٠٠ ٦٠٠ ١٣٠٠
“La Stuation Economique du Congo Belge et du Ruanda-Unandi; 1959” Bruxelles.

ويوضِّح هذا الجدول اتجاه العمالة الأوروبية في الكنغو إلى الأعمال الحرة (التعدينية والصناعية والتجارية)، بالإضافة إلى الاستيطان الزراعي، وتكون هاتان المجموعتان من الأعمال الحرة ٦٥٪ من مجموع القوة العاملة الأوروبية، بينما يرتبط الباقي بالوظائف الحكومية والتبشير بنِسَب تكاد تكون متساوية.

وعلى الرغم من صِغَر القوة العاملة الأوروبية بالقياس إلى مثيلتها الأفريقية، فإن مساهمة كلٍّ منهما في مجموع الإنتاج التجاري لدولة الكنغو (القطاع الخاص وشبه الحكومي) غير متكافئة إطلاقًا؛ فنسبة الإنتاج الأوروبي ضخمة جدَّا (٨٦٪)، ويرجع ذلك بدون شك إلى توافر رأس المال والخبرة ومستوى التعليم العالي عند الأوروبيين، فضلًا عن تملُّكهم زمام الأمور الإدارية والسياسية، وتشغيلهم القوة العاملة الأفريقية نظير أجور ضئيلة.

جدول ٥-٥: النسبة المئوية لمساهمة الأفريقيين والأوروبيين في الإنتاج التجاري (القطاع الخاص وشبه الحكومي) بسعر التكلفة.* لعام ١٩٥٧.
نوع الإنتاج ٪ للحرفة من جملة الإنتاج ٪ لإنتاج الإقليم من الحرفة بالنسبة لإنتاج الإقليم عامة
كينشاسا كاتنجا كساي الاستوائي الشرقي كيفو
المجموع الكلي ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠ ١٠٠
الإنتاج الأفريقي
الزراعة والثروة الحيوانية والأسماك ١١ ١٢ ٤ ٢٠ ٢٢ ١٨ ١٦
التجارة والحِرَف اليدوية ٢ ٤ ٢ ٣ ١ ٣ ٢
مجموع الإنتاج الأفريقي ١٣ ١٦ ٦ ٢٣ ٢٣ ٢١ ١٨
الإنتاج الأوروبي
الزراعة والثروة الحيوانية ١٥ ١٥ ٣ ١٥ ٤٦ ٣٠ ١٧
التعدين ٢٧ ٥٥ ٣٦ ٨ ٢٣
الصناعة وإنتاج الكهرباء والغاز ١٤ ٢٣ ١٥ ٧ ٥ ١٠ ٩
البناء ٥ ٦ ٤ ٤ ٦ ٧ ١٠
النقل ١٤ ١٨ ١٥ ١٢ ١٣ ١١ ٩
التجارة والإسكان ١٦ ٢٣ ١٢ ١١ ١٤ ١٥ ١٧
خدمات أخرى (بنوك وتأمين وفنادق) ٧ ١١ ٥ ٥ ٥ ٩ ٩
٩٨ ٩٥ ١١٠ ٩٠ ٨٨ ٩٠ ٩٣
إنتاج مستورد −١٢ −١٠ −١٥ −١٢ −١١ −١١ −١١
مجموع الإنتاج الأوروبي ٨٦ ٨٥ ٩٤ ٧٨ ٧٧ ٧٩ ٨٢
“La Situation Economique du Congo Belge et du Ruanda-Urandi 1959” Bruxelles.
ويؤكِّد هذا الجدول الدور الرئيسي المسيطر الذي يلعبه الأوروبيون في إنتاج الكنغو قبل الاستقلال، وهذه السيطرة تأتَّتْ لهم عن طريق ملكية وإدارة كل وجوه النشاط الاقتصادي أو معظمه؛ فالدور الذي يلعبه الأفريقيون في الإنتاج ضئيل جدًّا، إذا استثنينا إنتاج المحاصيل التقليدية للكفاية الذاتية، وبعض أشكال تجارة القطاعي. ومهما قيل عن عدم دقة أرقام الجدول ٥-٥، فإن الحقيقة تظل ثابتة: إن اقتصاد الكنغو كان واقعًا تحت سيطرة الأوروبيين تمامًا، ولهذا حدثت الفوضى الاقتصادية والسياسية في الكنغو بعد أن نالت استقلالها عام ١٩٦٠، وهذه السيطرة الاقتصادية لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت نتيجة الشكل الاحتكاري الذي بُنِي عليه اقتصاد الكنغو منذ دخوله دائرة الاستعمار البلجيكي، فلقد منح الملك ليوبولد امتيازات هائلة من الأراضي لشركات عديدة، اندمجت كلها في عدة شركات كبرى هي:٩
  • أولًا: شركات حكومية: (١) الشركة الدولية للغابات والمعادن. (٢) شركة الأسماك البحرية. (٣) الشركة الزراعية. (٤) الشركة العقارية. (٥) هيئة استغلال النقل. (٦) سكة حديد كاتنجا-ديلولو-ليوبولدفيل. (٧) هيئة احتكار الماء والطاقة الكهربائية في شرق الكنغو. (٩) شركة الطاقة الكهربائية في الكنغو الأسفل. (١٠) شركة مناجم ذهب «كيلو-موتو». (١١) شركة التسليف للاستيطان والصناعة. (١٢) البنك المركزي.
  • ثانيًا: الشركات شبه الحكومية: (١) شركة كاتنجا واللجنة الخاصة لكاتنجا. (٢) اللجنة الوطنية لكيفو. (٣) شركة سكك حديد الكنغو الأعلى-البحيرات العظمى الأفريقية. (٤) شركة سكك حديد الكنغو الأسفل-كاتنجا. (٥) شركة السكك الحديدية المحلية.
  • ثالثًا: شركات القطاع الخاصة وائتلاف الشركات: (١) «مجموعة شركات الشركة العامة»: وتمتلك أربع شركات لأعمال البنوك والتمويل، وتسع شركات معدنية وكهربائية وصناعية في كاتنجا، وست شركات تعمل في كساي والإقليم الشرقي، وأربع شركات زراعية في مختلف أنحاء الكنغو، وشركات أخرى للغابات وتربية الحيوان والتعدين والبترول والأسمنت، وشركات إنتاج الأغذية والسكر والبيرة ومعامل أدوية، وشركات نقل نهرية وبحرية وحديدية. والشركة العامة هذه هي أكبر احتكار موجود في الكنغو، ورأسمالها يساوي ثلاثة أضعاف جميع الشركات الأخرى العاملة في الكنغو.١٠

    (٢) «مجموعة شركات البارون أمبان»: ومعظمها مرتبط بالتعدين وصناعة الأغذية والاستثمار العقاري في الإقليم الشرقي، وتتكون من ١٤ شركة. (٣) «مجموعة شركات ديو لونوا»: التي يمولها بنك بروكسل، وتضم سبع شركات مالية وعقارية وتجارية وتعدينية. (٤) «مجموعة شركات لامبير»: وتضم تسع شركات مختلفة التخصُّص بين صناعات الأغذية والبيرة، إلى تعدين الذهب وتربية الحيوان. (٥) «مجموعة شركات كومينيير»: المتكونة من سبع شركات معظمها يعمل في إنتاج الغابات والأخشاب والعقارات، ثم مجموعات فان رونزه وفان جيزل للنسيج والمطاط.

(٥) دراسة الإنتاج

(٥-١) الإنتاج الغذائي والتجاري

في تقسيم هيئة الأغذية والزراعة (الكتاب السنوي ١٩٦٤) لأنماط استغلال الأراضي في الكنغو، نجد أن مساحة الغابات تساوي مائة مليون هكتار، ومساحة أراضي الزراعة التي يمكن زراعتها ٤٩ مليون هكتار، إلى جانب مليونَيْ هكتار ونصف المليون منه أراضي الرعي، و٨٣ مليون هكتار أراضي غير مستغَلة.

ومن هذه المساحات الهائلة يحتل الأفريقيون الجانب الأكبر، ولكن نظم الاقتصاد التقليدية تؤدي إلى الكثير من الضياع الاقتصادي إذا ما قُورِنت بنُظُم الإنتاج الحديثة؛ ففي مساحة الغابات الهائلة نجد أن الاستغلال التقليدي يتخذ أحد شكلين: الأول الصيد والجمع كما يفعل الأقزام، والثاني قطع الأشجار في مناطق صغيرة، ثم زراعة الأرض فترة قصيرة بمحصولات الغذاء الشائعة، وأهمها الدرنيات، بالإضافة إلى جمع الثمار الطبيعية (الموز والأنانس وثمرة نخيل الزيت من بين أشياء أخرى)، والنتيجة الوحيدة لهذا النوع من الاستغلال الاقتصادي هو إنتاج الغذاء من أجل الكفاية الذاتية للقبائل والعشائر المختلفة.

ولذلك فمن الصعب دراسة هذا النوع من الإنتاج إلا في صورة أرقام تقريبية، مع العلم بأن نوع التربة والمناخ السائدين يجعلان التفاوت الإقليمي داخل الكنغو طفيفًا، بحيث لا يسمح بظهور تخصُّص إقليمي في إنتاج المحاصيل إلا في أضيق الحدود.

ومن أمثلة هذا التخصُّص الإنتاجي أن الماشية تتركز في إقليم كيفو المرتفع، حيث تلائم ظروف النبات (السفانا) رعي الحيوان، ويكون إقليم كيفو في هذا المجال امتدادًا للرعي السائد في المناطق التي تجاوره شرقًا: أوغندا ورواندا بوراندي.

كذلك نجد القمح — على صغر مساحته المزروعة — يتركز في جنوب كاتنجا، حيث تتيح الظروف الخاصة بهذا القسم من كاتنجا زراعةَ القمح (فصل جفاف طويل مع شمس ساطعة). ويتوزع القطن في نطاقين: الشمالي ومركزه الأويلي وأعالي الأوبانجي، والجنوبي ومركزه شرق كساي حتى نهر لوالا بالأوسط.

وفيما عدا ذلك فإن الذرة والدخن ينتشران أساسًا في نطاق السفانا في كساي وهضاب الإقليم الشرقي، ويتركز الأرز في مناطق المستنقعات وحول ضفاف شبكة الأنهار في الإقليمين الشرقي والاستوائي، وبعض مناطق إقليم كساي. ويتوزع نخيل الزيت في مناطق أوسع بكثير من نطاقات الأرز داخل الإقليمين الاستوائي والشرقي (الأويلي وروافده، الكنغو وروافده، لوالابا الأسفل، كساي وكوانجو كويلو حتى أطراف مدينة كينشاسا)، ويتداخل إنتاج المطاط مع نطاق نخيل الزيت في أكثر الأحيان. وأخيرًا فإن الفول السوداني يتوزع في المناطق المرتفعة البعيدة عن الغابات الحارة في كل أقاليم الكنغو ما عدا الإقليم الاستوائي (مناطق زراعته الأساسية كساي وكاتنجا والشمال الشرقي من الإقليم الشرقي)، ولا يكاد يخلو حقل في الكنغو من أنواع الدرنيات المختلفة (يام وكسافا وبطاطا)، كما أن مزارع الموز الكبير الذي يُستخدَم في عمل الطحين للخبز (غير الموز الحلو الذي نعرفه) تنتشر بكثرة في النطاقين الأوسط والشمالي من الكنغو.

أما الإنتاج الزراعي التجاري فيتكون من البن والشاي والكاكاو والقطن وقصب السكر، وتكاد المزارع الأوروبية تحتكر هذه الأنواع من الإنتاج الزراعي باستثناء القطن الذي يزرعه الأفريقيون فقط، وكذلك يشارك الأوروبيون بنسبة كبيرة في إنتاج زيت النخيل والمطاط. وفيما يلي جدول يوضِّح الإنتاج الزراعي عامةً في الكنغو:

جدول ٥-٦: الإنتاج الزراعي في زائيري.*
المحصول المساحة (ألف هكتار) الإنتاج (ألف طن) الصادرات (ألف طن)
١٩٥٣ ١٩٧٠ ١٩٥٣ ١٩٧٠ ١٩٦٧
القمح ٤ ٤ ٣ ٤
الذرة ٣٣٧ ٣٣٠ ٣٢٤ ٣٥٠
الدخن ٩١ ٤٠ ٥٦ ٣٨
الأرز ١٥١ ١٣٥ ١٠٢ ١٤٠ ٥٠
الكاسافا ٦٥٥ ٧٠٠ ٥٩٣٥ ١٠٠٠٠
البطاطا واليام ٥٧ ٥٠ ٣٥٣ ٣٥٠
الموز ٨ ١٥ ١٦ ٥٠
زيت النخيل ٢٢٣ ٢٢٠ ١٧٩
نواة النخيل ١٠١ ؟
فول السوداني ٢٠٠ ٣٢٠ ١٢٠ ٢٠٠ ٢٨
السمسم ١٨ ٦
بذرة القطن ١٢١ ١٠٠ ٢٦ ٣٤
القطن ١٣ ١٧ ٨
المطاط ٤٠ ١٨ ٣٦ ٣٢٫٣
قصب السكر ؟ ١٣ ١٣٥ ٤٠٠
البن ٢١ ٢٠ ٥١ ٩٦ ٣٨٫٩
الشاي ٣٫٢ ٦ ٣٫١
الكاكاو ٨ ٨ ٢ ٤٫٧ ٥٫٣
التبغ ٣ ٢٫٥ ٢
الأرقام مجمعة عن: F. A. O., Production Year book 1964–1970.
Statistical Year book, U. N. 1964–1971.
†  أرقام الصادرات عن: Europa Year book 1970, Vol. 2.

ونستطيع أن نلخص الموقف الإنتاجي الأفريقي من المحصولات الزراعية على النحو التالي، معتمدين في ذلك على دراسة أنواع المحاصيل وتوجيهها للغذاء أو السوق، (أرقام ١٩٥٧):

(أ) محاصيل الغذاء (استهلاك محلي)

  • (١)

    القمح والأرز والبقول محاصيل يتركز إنتاجها كلها في مزارع الأفريقيين.

  • (٢)

    ٩٠ إلى ٩٩٪ من إنتاج الذرة والبطاطس والبطاطا واليام والكسافا وموز الدقيق والخضروات يتركز في المزارع الأفريقية، والباقي يُنتَج في المزارع الأوروبية، ربما لسدِّ احتياجات الغذاء للأفريقيين العاملين في المزارع الأوروبية، أو بالإضافة إلى ذلك تسويق هذا الإنتاج محليًّا.

  • (٣)

    حوالي ٢٠٪ أو أقل من إنتاج موز الفاكهة وقصب السكر يُنتَج في المزارع الأفريقية لسد الحاجة من ناحية، ولإعطاء المزارع الأفريقي مصدرًا للمال ببيع المحصول من ناحية أخرى.

(ب) محاصيل الزيت (محاصيل نقدية)

  • (١)

    يتركز إنتاج السمسم في أيدي الأفريقيين تمامًا، وحوالي ٩٨٪ من إنتاج الفول السوداني ينتج أيضًا من مزارع الأفريقيين، وهذان محصولان تجاريان يعودان بالفائدة على المزارع الأفريقي.

  • (٢)

    حوالي ثلث مساحة نخيل الزيت تدخل ضمن المزارع الأفريقية، والباقي في مزارع أوروبية واسعة، ولكن إنتاج المزارع الأفريقية ضئيل بالقياس إلى المساحة؛ فالإنتاج الأفريقي من الزيت يساوي ٩٪ من الإنتاج الأوروبي، أما إنتاج نواة نخيل الزيت فيتركز ٥٥٪ منه في المزارع الأفريقية، وسبب ارتفاع المساهمة الأفريقية ليس راجعًا إلى تفوُّق إنتاجي، بل هو نتيجة لأن معظم النواة في المزارع الأوروبية تُعصَر في المصانع الحديثة التي أنشأها الأوروبيون داخل المزارع، بينما لا تتوفر سوى الوسائل البدائية غير المجدية مع النواة في المزارع الأفريقية، مما يجعلهم يصدرونها للسوق كما هي. وللانخفاض الكبير في إنتاج زيت النخيل من المزارع الأفريقية سبب مزدوج، الأول: هو عدم وجود المصانع الحديثة التي يمكنها أن تستخرج كل محتويات الزيت من لحم الثمرة، والثاني: هو أن نخيل الزيت في المزارع الأفريقية ينمو في صورة طبيعية أو شبه طبيعية، مما يؤدي أولًا إلى طول النخلة فيتعذر الحصول على الثمار، ويؤدي ثانيًا إلى كبر حجم النواة وصغر كمية اللحم الحامل للزيت، أما في المزارع الأوروبية فإن نخيل الزيت قد زُرِع في مساحات واسعة في صورة مزارع كبيرة، مما يؤدي أولًا إلى سهولة جمع الثمار من الحقل ونقله، ويؤدي ثانيًا إلى قصر النخلة باستمرار معالجتها حتى لا تنمو عالية، ويؤدي ثالثًا إلى صغر حجم النواة وكبر كمية اللحم؛ مما ينجم عنه زيادة كبيرة في كمية الزيت المستخرجة.

    fig70
    fig70
    خريطة رقم (٧٠) و(٧١): الإنتاج الزراعي التجاري في زائيري: (١) نخيل الزيت. (٢) البن (روبستا). (٣) البن (عربي). (٤) الشاي. (٥) الكاكاو. (٦) قصب السكر. (٧) الفول السوداني. (٨) القطن. (٩) الأرز. (١٠) المطاط. (١١) التبغ.

(ﺟ) محاصيل الألياف (محاصيل تجارية)

  • (١)

    يتركز إنتاج القطن تمامًا في المزارع الأفريقية؛ وذلك لأن حكومة الكنغو البلجيكية قد أدخلت القطن عام ١٩١٧، وفرضته بقوة القانون على المزارعين الأفريقيين لكي يصبح لديهم مصدر دخل نقدي من ناحية، ولتغطية احتياج السوق المحلية من الأقطان من ناحية أخرى، وقد أثمرت هذه السياسة ثمرة طيبة، وظل إنتاج القطن ينمو بحيث كان يغطي كل الاحتياجات المحلية، ويصدر ١٨٪ منه للمناسج البلجيكية. وقد كان محصول القطن الكنغولي الرابع في أفريقيا بين ١٩٤٨ و١٩٥٣، ثم تناقص الإنتاج إلى أن أصبح ترتيب الكنغو السابعة بين الدول الأفريقية في موسم ١٩٦١-١٩٦٢ الزراعي، وظل يتناقص أيضًا بعد ذلك بدرجات محسوسة، والغالب أن الاضطراب السياسي الذي نجم عن الاستقلال والحروب في إقليمَيْ كساي والشرقي قد أدَّيَا إلى تناقص التصدير إلى بلجيكا بسبب الأحوال السياسية.

  • (٢)

    حوالي ١٥٪ فقط من إنتاج السيسال يتم في المزارع الأفريقية، ولكن إنتاجية هذه المزارع عالية جدًّا بالمقارنة بإنتاجية المساحة الضخمة للسيسال في المزارع الأوروبية، ورغم ذلك فإن إنتاج السيسال في الكنغو قليل جدًّا بالنسبة للإنتاج الأفريقي.

(د) محاصيل تجارية بحتة

  • (١)

    البن: هو المحصول التجاري الكبير في الكنغو، وينقسم إلى نوعين: البن العربي في المناطق المرتفعة الشرقية، وبن «روبستا» في المناطق الاستوائية المنخفضة، وفي الحالتين يساهم الأفريقيون بإنتاج ٢٠٪ فقط، بينما تصبح المساحة الباقية خاصة بالمزارع الأوروبية.

  • (٢)

    الشاي والكاكاو: يقتصر إنتاجهما على المزارع الأوروبية فقط.

  • (٣)

    التبغ: يتساوَى إنتاج التبغ من المزارع الأوروبية والأفريقية على السواء، مع العلم بأن مساحة التبغ في مزارع الأفريقيين ضعف مساحته في المزارع الأوروبية.

  • (٤)

    المطاط: تحتكر المزارع الأوروبية المطاط بحيث يوجد بها ٨٥٪ من مساحة المطاط، و٩٢٪ من إنتاجه.

ونستخلص من هذا أن إنتاج الغذاء يكاد يتركز في أيدي الأفريقيين، وأن المحاصيل النقدية الأساسية هي: نخيل الزيت (مشاركة أوروبية في الإنتاج أكبر من المشاركة الأفريقية)، والقطن (احتكار للمزارع الأفريقية)، والبن والمطاط والكاكاو (احتكار أو شبه احتكار للمزارع الأوروبية).

وبدراسة خرائط الإنتاج للمحصولات التجارية رقم ٦٢ و٦٣، نجد أن توزيع هذه المحصولات مرتبط في غالبيته بالظروف الطبيعية من حرارة عالية وأمطار كافية (بن روبستا في الغابات)، وحرارة منخفضة نسبيًّا وأمطار جيدة (البن العربي في الهضاب الشرقية)، وانحدارات تصرف المياه بسرعة (الشاي في مرتفعات إقليم كيفو)، أو تصريف بطيء (الأرز في الحوض الأوسط)، أو حرارة عالية وأمطار جيدة وحماية من الرياح (الكاكاو في وسط الغابات الاستوائية)، أو ظروف طبيعية استوائية محضة (المطاط ونخيل الزيت)، أما القطن فهو بأنواعه القصيرة الأمريكية صالح للإنتاج في ظروف مختلفة مدارية (نطاق الغابات الاستوائية في الشمال، وإقليم السفانا في الجنوب).

وعلى هذا يمكننا أن نلخص الموقف الإنتاجي للمحصولات التجارية حسب الأقاليم على النحو التالي:
  • (١)

    ضعف ملحوظ في إنتاج المحاصيل النقدية في كلٍّ من كاتنجا وكينشاسا، ولكن يعوضه كثير من زراعة الخضروات والبقول من أجل السوق الكبيرة في مدن التعدين في كاتنجا والمدن الرئيسية في إقليم كينشاسا، وخاصة العاصمة ومتادي، ويتركز إنتاج المحاصيل الغذائية والخضروات في كاتنجا حول الخط الحديدي من كولويزي إلى ديلولو في جنوب غربي كاتنجا، وكذلك يتركز هذا الإنتاج حول الخط الحديدي «متادي-كينشاسا»، وأهم مراكز هذه الزراعة يتركز حول مدينة تيزفيل. ويتميز إقليم كينشاسا أيضًا ببعض الإنتاج التجاري المتمثل أساسًا في البن والكاكاو في الكنغو الأدنى شمال النهر (إقليم مايومبي)، وقصب السكر في إقليم كوانجو وشمال مدينة كينشاسا، وبعض إنتاج زيت النخيل شمالي بوما وحول ضفاف أنهار كساي الأدنى وكوانجو-كويلو، وفي شمال كاتنجا يُزرَع بعض القطن، كما يُزرَع التبغ في شمالها الغربي.

  • (٢)

    الإقليم الاستوائي من الأقاليم الغنية زراعيًّا؛ ففيه يتركز إنتاج كبير من زيت النخيل والأرز والمطاط والكاكاو والقطن.

  • (٣)

    يتمتع الإقليم الشرقي أيضًا بنسبة كبيرة من إنتاج المحاصيل التجارية، وعلى رأسها البن والقطن والأرز وبعض زيت النخيل.

  • (٤)

    يكاد يحتكر إقليم كيفو إنتاج البن العربي — مع مساحة صغيرة من الإقليم الشرقي.

  • (٥)

    يكاد أن يكون القطن ونخيل الزيت المحصولين الأساسيين في كساي، مع مساهمة في إنتاج المطاط والأرز والتبغ والفول السوداني.

ومن هنا نستطيع أن نؤكِّد الاعتماد المتبادل لكلِّ الأقاليم في مضمار الإنتاج الزراعي على وجه العموم، ولكن نلاحظ أن الضعف الشديد في الإنتاج التجاري في كاتنجا على وجه الخصوص قد جعلها سوقًا رائجة للمحصولات الزراعية الغذائية وغيرها، وبالمثل وبدرجة أقل نجد أن الوضع في إقليم كينشاسا مرتبط بالإنتاج الزراعي ببقية أقاليم الكنغو، ولكن يعوض ذلك النقص أن التعدين مصدر الدخل الأساسي في كاتنجا، والصناعة والنقل هما أهم مصادر الدخل في كينشاسا. وأهم ما تشتريه كاتنجا من الإنتاج الزراعي هو الذرة والفول السوداني والتبغ من إقليم كساي، واليام والأرز من إقليمَيْ كيفو وكساي، وزيت النخيل من كساي والشرقي، والسكر من كيفو، والأخشاب من كساي وكيفو، والبن والقطن من كيفو والشرقي والاستوائي، وفي مقابل ذلك نجد أن التقدم الصناعي في كاتنجا كان يؤدي إلى أن تبيع السجائر والحلوى والبسكويت والبيرة والمنسوجات والمعادن المصنعة إلى بقية أقاليم الكنغو، وبالإضافة إلى ذلك فإن تقدُّمَ الإنتاج الزراعي والحيواني في المزارع الأوروبية كان من نتائجه أن تبيع كاتنجا إلى إقليمي كينشاسا وكساي الزبدَ والبيض والخضروات.

وعلى هذا النحو ارتبطت أقاليم الكنغو باعتماد متبادَل شديد التماسك، وحينما حدثت الفوضى السياسية عقب الاستقلال لم يكن بمقدور الحكومة المركزية أن تترك كاتنجا تنسلخ عن الدولة، فإليها ينصب جانب كبير من تجارة الكنغو الداخلية، ومنها يستمد الكنغو أكبر دخل له نتيجة صادرات كاتنجا المعدنية للخارج. ونلاحظ أيضًا أن إقليم كاتنجا قد عانَى كثيرًا من مشكلة توفير الغذاء خلال الحرب الداخلية بين حكومة تشومبي وحكومة الكنغو المركزية في عهد لومومبا، والقتال الذي نشب في تلك الآونة أيضًا بين قبيلة البالوبا (التي كان زعماؤها يؤيدون لومومبا، والتي تكون جزءًا كبيرًا من سكان كاتنجا)، وبين حكومة تشومبي التي استندت إلى قبيلة البالوندا (التي تسكن أطراف كاتنجا الجنوبية وينتمي إليها تشومبي)، وقد أدى هذا إلى حدوث مجاعة أو ما يشبهها بين أفراد البالوبا؛ لتوقُّف عمالتهم في المناجم وتوقُّف نقل الغذاء إليهم من بقية أنحاء الكنغو.

(٥-٢) الثروة الحيوانية

بالنظر إلى ظروف زائيري الإيكولوجية والبشرية، فإن الثروة الحيوانية قليلة، وقد كان تقدير هيئة الأغذية والزراعة لأعداد الحيوان عام ١٩٧٠ على النحو التالي: الماشية ٩٠٠ ألف، الماعز ١٫٦ مليون، الأغنام ٥٧٠ ألفًا، والخنازير ٤٤٢ ألفًا.

وحسب أرقام ١٩٥٧ كان توزيع الثروة الحيوانية على أقاليم الكنغو على النحو التالي:

جدول ٥-٧: الثروة الحيوانية موزَّعة على الأفريقيين والأوروبيين* (الأرقام بالآلاف).
الحيوان المجموع كينشاسا كاتنجا كساي الاستوائي الشرقي كيفو
الماشية ٩٦٦ ١١٤٫٥ ١٧٣٫٤ ٧٩٫٤ ٢٧٫٣ ٣٦٤٫٦ ٢٠٦٫٧
الأفريقيون ٥١٧ ١٣٫١ ٧ ٣٫٤ ٢٫٤ ٢٩٩٫٩ ١٩١٫٣
الأوروبيون ٤٤٩ ١٠١٫٤ ١٦٦٫٤ ٧٦ ٢٤٫٩ ٦٤٫٧ ١٥٫٤
الماعز ١٧٩٩٫١ ٣٠٦٫٨ ١٧٩٫٨ ٤٤٠٫١ ١٨٧٫٩ ٣٧٦ ٣١٧
الأفريقيون ١٧٩٣٫٧ ٣٠٥٫٢ ١٧٨٫٤ ٤٣٩٫٨ ١٧٧٫٩ ٣٧٥٫٤ ٣١٦٫٨
الأوروبيون ٥٫٤ ١٫٦ ١٫٤ ٠٫٣ ١ ٠٫٦ ٠٫٢
الأغنام ٦٣٦٫٤ ٧٤٫١ ١٣٧٫٢ ١٦٠٫٢ ٧٫٤ ٩٨٫٦ ١٥٥٫١
الأفريقيون ٦١٤٫٢ ٧٢٫٥ ١٣٠٫٤ ١٥٥٫٤ ٦٫٤ ٩٥٫٧ ١٥٣٫٧
الأوروبيون ٢٢٫٢ ١٫٦ ٦٫٨ ٤٫٨ ١ ٢٫٩ ١٫٤
الخنازير ٣٤٩٫٩ ١٢٩٫٩ ٢٣٫١ ١٠٥٫٤ ١١٫٣ ٣٠٫٢ ٤٩٫٤
الأفريقيون ٣٠٧٫٥ ١١٧٫٦ ١١ ١٠٣٫٥ ٤٥ ٢٤٫٤ ٤٦٫٦
الأوروبيون ٤٢ ١٢٫٣ ١٢٫١ ١٫٩ ٦٫٨ ٥٫٨ ٢٫٨
Kaufmann, H., 1959. “Kongo” PP. 96.

ويتضح من هذه الأرقام ما يلي:

(أ) من حيث التوزيع الإقليمي

  • (١)

    الإقليمان الشرقي وكيفو هما أغنى أقاليم الدولة في الثروة الحيوانية؛ ففيهما ٦٠٪ من الماشية، و٤٠٪ من الماعز والأغنام، ولكنهما يفتقران إلى الخنازير. هذا الغنى في الثروة الحيوانية ما هو إلا امتداد طبيعي لمناطق الرعي الكبيرة في أوغندا ورواندا بوراندي التي تجاور كيفو والشرقي من الشرق، كما أن الهضاب العالية في هذين الإقليمين تجعل المنطقة طبيعيًّا صالحةً للرعي نتيجة وجود حشائش السفانا في بعض أقسامها.

  • (٢)

    يمتلك إقليمَيْ كينشاسا وكاتنجا ثروة حيوانية لا بأس بها، نتيجة وجود عدد كبير من المستوطنين فيهما.

  • (٣)

    الإقليم الاستوائي أفقر الأقاليم من ناحية الثروة الحيوانية، لسيادة الغابات الاستوائية، وعدم ملائمتها للحيوان، وخاصة الحيوان الكبير.

(ب) من حيث توزيع ملكية الحيوان

  • (١)

    يكاد الأوروبيون أن يتناصفوا أعداد الماشية مع الأفريقيين، ويتركز أكثر من ٥٠٪ من ماشية الأوروبيين في إقليمَيْ كينشاسا وكاتنجا؛ لكثرة المستوطنين الأوروبيين، ولوجود سوق رائجة في المدن الكبيرة في الإقليمين، بينما يمتلك الأفريقيون في هذين الإقليمين ماشية قليلة جدًّا، وماشية الأوروبيين معتنى بها؛ ولهذا فإن إنتاجها من الزبد يساوي قرابة خمسين مرة من إنتاج ماشية الأفريقيين.

  • (٢)

    الغالبية الساحقة من ماشية إقليمَيْ كيفو والشرقي ملكٌ للقبائل الرعوية الأفريقية الكبيرة.

  • (٣)

    الماعز حيوان أفريقي قديم، ولهذا فإن الأفريقيين قد عرفوا الاستفادة منه إلى الحد الأقصى (اللحم والجلد والقرون والأضاحي)، ومن ثَمَّ فإنه احتكار كامل لهم.

  • (٤)

    وعلى النحو ذاته يمتلك الأفريقيون معظم الأغنام والخنازير، مع نسبة لا بأس بها من الخنازير في كينشاسا وكاتنجا لاستهلاك الأوروبيين في المدن والمزارع.

ولقلة أعداد الماشية بالكنغو فإنها تُستهلَك محليًّا، ولا تظهر في الصادرات الخارجية إطلاقًا.

(٥-٣) الثروة السمكية

إن قِصَر أطوال الساحل البحري الكنغولي قد أدَّى إلى ضآلة أسطول الصيد البحري، ولكن وجود نهر الكنغو وشبكته الضخمة الروافد قد جعل صيد السمك النهري بالغ الأهمية، ويكفي أن نعرف أن إنتاج السمك البحري عام ١٩٥٥ كان ٣٠٦٣ طنًّا، مقابل ٨٠٢٢٠ طنًّا من السمك النهري، وقد بلغ الإنتاج ١٣٦ ألف طن عام ١٩٥٨. والحقيقة أن إنتاج الأسماك النهرية ليس قاصرًا فقط على الأنهار، بل يزيد عليه إنتاج البرك الصناعية التي أُنشِئت في الكنغو والتي تُعرَف باسم مزارع الأسماك، وتبلغ مساحتها ٤٠٦٦ هكتارًا، وعددها ١٠٠١٧٤ حوضًا أو بركة، معظمها تُربَّى فيه أسماك البلطي التي تتميز بتكاثر هائل. أما مجالات الصيد النهري الرئيسية فتتركز في بحيرة مويرو ونهر لوابولا، ونهر لوالابا في كاتنجا، وبحيرة إدوارد في إقليم كيفو، ونهرَيْ لوالابا والكنغو في الأقاليم: الشرقي والاستوائي وكينشاسا.

وأهمية السمك واضحة بالنظر إلى النقص الكبير في اللحوم؛ فإلى جانب أهميته في غذاء الأوروبيين، فإن هناك جماعات تعيش على الأسماك كمصدر وحيد للحم، مثال ذلك الزاندي في الشمال الشرقي، وكثير من عشائر مجموعة مونجو-كوندو في أحواض أنهار لوكيلي وتشوابا وغيرهما في وسط الكنغو.

(٥-٤) إنتاج المعادن

تتولى الاحتكارات الكبرى التي سبقت الإشارة إليها إنتاجَ الثروة المعدنية في الكنغو، دون أن يكون هناك شريك أفريقي في الإنتاج، على عكس إنتاج القصدير في جوس بنيجيريا والماس في غانا.

وتنتج الكنغو معادن عديدة منها التنجستن واليورانيوم والفضة والكادميوم والرصاص والبلاتين، ولكن أهم المعادن الكنغولية هي النحاس والماس والذهب والقصدير والزنك والكوبالت والمنجنيز والفحم، ومن دراسة الخريطة رقم (٦٤) نرى أن الثروة المعدنية توجد في كاتنجا وكيفو والشرقي وكساي، ولكن أكبر تركُّزٍ للمعادن يوجد في كاتنجا، حيث تظهر التكوينات الصخرية الحاملة للمعادن (تكوينات كوندولونجو ولوالابا-لوبلياش).

وتبدو أهمية المعادن الكنغولية واضحة إذا عرفنا أن قرابة ٦٠٪ من قيمة الصادرات الكنغولية تتكون من المعادن، والثلث الباقي من المحصولات الزراعية التجارية على النحو التالي.

ويوضِّح الجدول التالي أهمية معادن زائيري التي تزيد عن ٨٠٪ من قيمة صادرات الدولة:

جدول ٥-٨: قيمة صادرات زائيري.
الصادرات المعدنية الصادرات الزراعية
السلعة القيمة (مليون دولار) السلعة القيمة (مليون دولار)
١٩٥٩ ١٩٦٩ ١٩٥٩ ١٩٦٩
٢٤٦٫٩ ٤٠٥٫٣ ١٤٧٫٦ ٨٢٫٤
النحاس ١٤٩٫٧ ٣٣٩٫٤ البن ٥٨٫٣ ٢٥٫٤
الكوبالت ٢٩٫٢ ٢٩٫٧ المطاط ٢٠٫٣ ٢٢٫٢
الماس ٣٠٫٧ ٢٢ زيت النخيل ٣٠٫٦ ١٧٫٤
قصدير ٢٤٫٦ ٣٫٤ نواة النخيل ١٫٦ ١١٫٤
زنك ١٥٫١* ٨ القطن ٢٥٫٧ ١٫٦
منجنيز ٢٫٨ كاكاو ٢٫٥ ١٫٩
ذهب ١٢٫٧ ٣٫٢§ شاي ٢٫٦||
أخشاب ٢٫٥
أرقام ١٩٦٧.
†  قيمة القطن لسنة ١٩٦٤، الجدول عن الكتاب السنوي للَّجنة الاقتصادية لأفريقيا عام ١٩٧٠، ومصادر أخرى.
‡  أرقام ١٩٦٧.
§  أرقام ١٩٦٧.
||  أرقام ١٩٦٧.
figure
خريطة رقم (٧٢): الثروة المعدنية في زائيري: (١) نطاق النحاس في كاتنجا. (٢) القصدير والمعادن المرتبطة به. (٣) نطاق الماس في كساي. (٤) مناطق الذهب الرئيسية. (٥) المنجنيز. (٦) حقول الفحم في لوالابا الأعلى ولوكوجا. (٧) محطات توليد الطاقة. (٨) منجم اليورانيوم في شنكلوبوي.

تعدين وصهر النحاس والمعادن المرتبطة به

أكبر مركز لهذه المعادن هو نطاق النحاس الذي يمتد في جنوب كاتنجا وشمال زامبيا، ويمتد هذا النطاق مسافة حوالي ٤٥٠ كيلومترًا من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي، ويبلغ عرضه ٢٥٠ كيلومترًا، ورغم أن قرابة أربعة أخماس النطاق يقع في كاتنجا والخمس في زامبيا، إلا أن إنتاج زامبيا ضعف الإنتاج الكنغولي (١٩٦٣)، ويعزى ذلك للفوضى التي حدثت في أعقاب استقلال الكنغو عام ١٩٦٣ — محاولة تشومبي الاستقلال في كاتنجا والاضطراب الذي نجم عن ذلك. ويُعدن النحاس من عدة مناجم أهمها: كيبوشي ولويشيا ورواشي ولويس ويشي في الجنوب من كاتنجا، وهناك مناجم ليكاس وشيتورو في وسط كاتنجا، ومناجم روييه وموسونوا وكولويزي إلى الغرب من نطاق النحاس، والمعدن في حزام النحاس نوعان: كبريتد نحاس وأكاسيد نحاس، والنوع الأول يُحصل عليه بطريقتين: الطريقة الأولى في صورة مناجم عميقة (٥٠٠ متر) في كيبوشي، ونسبة المعدن فيه ٤٪، والطريقة الثانية في صورة التركيز بطريقة التعويم، وهي أقل كلفة ولو أنه يخرج مختلطًا بالزنك والكوبالت والرصاص والكادميوم والجرمانيوم، ثم يُصهر هذا المزيج المعدني لفصل النحاس (٩٩٪ نقاوة) على مرحلتين، وتكمل العملية بالتكرير الكهربائي من أجل التنقية النهائية، واستخلاص الكوبالت وبعض الفضة، أما الزنك فيُحمص ويُنقَّى جزء منه بالكهرباء إلى درجة ٩٩٪ — وجزء منه يُرسَل إلى بلجيكا — وفي خلال هذه العمليات ينتج حامض الكبريتك، أما الكادميوم والجرمانيوم فيركزان محليًّا وفي بلجيكا.

وتختلف مناجم كولويزي وروييه وموسونوا في طبيعتها تمامًا عن المناجم السابق ذكرها؛ فالخام يظهر في صورة أكسيد على السطح يُستغَل في صورة مناجم مفتوحة تحتوى خامتها على نِسَب عالية من المعدن تتراوح بين ٦٪ و٨٪، وفي مقابل رخص استخراج النحاس من هذه المنطقة نجد أن تكلفة فصل المعدن عن الخام أغلى من تلك التي تتبع في نحاس الحزام، ولكن الناتج من الصهر والتكرير الكهربائي لهذه الخامات المتأكسدة هو نحاس وكوبالت عالي النقاوة جدًّا، وأكبر مركز للصهر والتحليل الكهربائي موجود في جادوتفيل إلى الشمال من إليزابت فيل.

وقد أدَّى صهر النحاس في كاتنجا إلى استغلال مناجم الفحم الفقيرة في حوض لوينا في وسط كاتنجا، ولكن الإنتاج لم يكن يكفي مما أدَّى إلى استيراد الفحم من حقول وانكي في روديسيا، وإلى جانب ذلك أُقِيمت الكثير من محطات الطاقة على الأنهار العديدة في كاتنجا، بعضها من القوة بحيث يصدر الطاقة إلى حزام النحاس عبر الحدود إلى زامبيا قبل إنشاء سد كاريبا على الزمبيزي، وقد ارتفع إنتاج النحاس إلى ٣٨٥ ألف طن عام ١٩٧٠، بعد أن كان قد تدهور في ١٩٦٣ إلى ٢٧١ ألفًا نتيجةَ الأحداث السياسية، وانتاب الزنك ارتفاع مماثل فوصل ١٠٥ آلاف طن ١٩٧٠ بعد هبوط نسبي؛ وبذلك فهو أكبر إنتاج في القارة يليه إنتاج زامبيا.

وفي زائري ثروة معدنية استراتيجية هامة؛ ففي ١٩١٣ عُثِر على «اليورانيوم» بالصدفة قرب لوبومباشي، ولم يُستغَل حتى ١٩٤٣، وخلال الحرب العالمية وحتى ١٩٥٠ كان كل سلاح ذري في العالم الغربي منتج من يوران زائيري الذي يمتاز بنسبة معدن عالية جدًّا (١–٤٪ مقابل ٠٫٠٢٪ في يوران جنوب أفريقيا)، لكن الاحتياطي يبدو قليلًا في مناجم شنكلو بوي — التي بلغ إنتاجها (برغم السرية المفروضة)، قرابة نصف إنتاج جنوب أفريقيا في عام ١٩٥٧ — ومن ثَمَّ أُقفِلَ المنجم عام ١٩٦١. وينتج «الراديوم» أيضًا في كاتنجا، وما زال مستغلًّا حتى الآن، وقد كان اليوران يُصدَّر إلى أمريكا، بينما يتجه الراديوم إلى معامل هوبوكن في بلجيكا. أما «الكوبالت» فهو الآن المعدن الاستراتيجي الهام في زائيري، وقد بلغ إنتاجه ١٠٥٠٠ طن عام ١٩٦٩، وهو ما يعادل ٦٠٪ من إنتاج العالم الغربي كله.

وتنتج زائيري «الماس» بنوعَيْه: الكمبرلي (الجواهر) والصناعي، والنوع الأول قليل بالقياس إلى الماس المستغَل في الأغراض الصناعية والذي تشتهر به زائيري، وكان الإنتاج ١٫٤ مليون قيراط عام ١٩٧٠، كان الصناعي منه ١٫٢ مليون؛ ولهذا فإنه رغم صدارة زائيري في إنتاج الماس العالمي كميًّا إلا أن قيمة هذا الناتج قليلة لسيادة كمية الماس الصناعي المنتج، وبذلك تأتي زائيري في المرتبة الثالثة من حيث قيمة الماس المنتج بعد جنوب أفريقيا وغانا.

وهناك منطقتان رئيسيتان في إنتاج الماس في زائيري: الأولى منطقة تشيكابا في كساي الجنوبية الغربية — وتمتد هذه المنطقة عبر الحدود إلى أنجولا — والثانية منطقة صغيرة حول مدينة باكوانجا في كساي الشرقية، وهي رغم صِغَرها تنتج حوالي ثلث ماس الكمبرلي الغالي القيمة في زائيري.

أما «الذهب» فينتشر تعدينه في الإقليمين الشرقي وكيفو من زائيري، ولكن منطقة الإنتاج الرئيسية للذهب توجد في منطقة نهر موتو في الإقليم الشرقي، التي تنتج نحو ٧٥٪ من ذهب زائيري. وإنتاج الذهب في تدهور مستمر في زائيري؛ فقد هبط من ١٧ ألف كيلوجرام عام ١٩٤٠ إلى ١١ ألفًا عام ١٩٥٧، إلى ٥٥٠٩كجم ١٩٧٠. (راجع جدول ٥-٨).

وإلى جانب ذلك فهناك خليط معدني من «القصدير» وغيره يُسمَّى كاسيتريت، وقد عُثِر على القصدير أولًا في كاتنجا (منطقة مانونو)، ثم في منطقة مانيما في كيفو، وقد بلغ إنتاج القصدير أعلاه عام ١٩٤٣ (١٧ ألف طن)، ثم هبط إلى ١٥ ألفًا عام ١٩٥٧، وإلى ٦٤٤٧ طنًّا عام ١٩٧٠ + (١٥٠٠ طن من المعدن المصهور)، وبذلك فهو يأتي في المرتبة الثانية بعد قصدير نيجيريا. ويرتبط بالقصدير عدة معادن نذكر منها: «التنجستن» و«الولفرام»، وينتجان مع قصدير مانيما (قرابة مائة طن لكلٍّ منهما) التانتاليت والكولمبيات.

«الفحم»: اكتُشِف الفحم في حوض نهر لوكوجا (كيفو)، وحوض لوينا (وسط كاتنجا)، ومنطقة واليكالي غربي بحيرة كيفو، وكميته متناقصة باستمرار من ٤٨٠ ألف طن عام ١٩٥٥، إلى ٩٢ ألف طن عام ١٩٦٣.

(٥-٥) الصناعة

بالرغم من قيمة الإنتاج المعدني والزراعي في الكنغو، إلا أن الصناعة ما زالت محدودة وضعيفة، وهي لا تكاد تكفي الاحتياجات المحلية، وأهم هذه الصناعات جميعًا صناعة تحويل الخامات المعدنية إلى معادن نقية أو شبه نقية، وقد جاء ذلك كضرورة حتمية بعد أن أصبحت تكلفة نقل الخام من كاتنجا البعيدة إلى الموانئ عبئًا ثقيلًا على التعدين وأرباحه، وسهلت المهمة بوجود مصادر الفحم المحلية وإنتاج الطاقة من المساقط العديدة في كاتنجا وغيرها من الأقاليم.

أما بقية الصناعات فمحدودة بصناعات الأغذية (البيرة والمطاحن)، والصابون، والمنسوجات القطنية، والسجائر، والبلاستيك، والكيميائيات، والأسمنت، ولكن كلها على نطاق صغير. وتبلغ العمالة الصناعية قرابة ربع مليون عامل مركَّزين في إليزابت فيل وكينشاسا.

(٦) النقل وطرق المواصلات

نظرًا لضيق الواجهة البحرية فإن الكنغو تستخدم موانئ الدول المجاورة بكثرة، فضلًا عن الموانئ الكنغولية، ويتضح ذلك من حمولة البضائع الكنغولية في الموانئ المختلفة على النحو التالي:

جدول ٥-٩: حركة الموانئ وتجارة زائيري الخارجية.
الميناء موانئ زائيري الحمولة (ألف طن) الميناء موانئ الدول المجاورة الحمولة (ألف طن)
١٩٥٩ ١٩٧٠ ١٩٥٩
المجموع ١٩٧٢ ١٣٢٩ ٨٠٢
متادي ١٤٥٨ ١١٧٦ لوبيتو (أنجولا) ٥٩٢
إنجو إنجو ٣٥١ بيرا (موزمبيق) ٩٥
يوما ١٦٣ ١٥٣ دار السلام (تنزانيا) ٦٨
بوان توار (الكنغو) ٢٩
ممبسة (كينيا) ١٨
وتوضح أرقام ١٩٥٩ أن بلجيكا أفلحت في تأمين ميناء قومي١١ لتجارة الكنغو (٧٠٪)، ومع ذلك فالظروف المكانية كانت تستدعي — وما زالت — اعتمادًا على موانئ الجيران، وقد كانت موانئ زائيري حتى ١٩٦٠ تخدم نصف الصادرات، و٨٠٪ من الواردات، وإلى عام ١٩٦٥ كان:

٦٠٪ من معادن كاتنجا تصدر من لوبيتو، منها ٢٢٪ من نحاس زائيري.

٢٥٪ من معادن كاتنجا تصدر من متادي، منها ٤٠٪ من نحاس زائيري.

١٥٪ من معادن كاتنجا تصدر من بيرا، منها ٣٣٪ من نحاس زائيري.

ويكوِّن «النقل النهري» أطول شبكة نقل داخلية في الكنغو، وتبلغ أطوال تلك الشبكة قرابة ٢٥ ألف كيلومتر، وتتكون السفن النهرية من أنواع مختلفة، بعضها من النوع القديم ذي العجلات الخشبية الدافعة من الخلف، ووقودها من الخشب، والبعض الآخَر من السفن الحديثة التي تعمل بمحركات ديزل، وهناك جرارات كبيرة تدفع أمامها صنادل عديدة، على عكس الجرارات القديمة التي تسحب من ورائها الصنادل. وفي الكنغو ٣٤٦٠ سفينة من مختلف الأنواع والوظائف، حمولتها الكلية ٣٠٠ ألف طن، وتمتلك بعض شركات التعدين سفنها الخاصة، ويلاقي النقل النهري للأشخاص عقبةً خطيرة غير عقبات الملاحة، تلك هي الذباب والناموس والهاموش وغير ذلك من حشرات المناطق النهرية والمستنقعية، ولم يثبت حتى الآن نجاح أيٍّ من وسائل الإبادة الكيميائية وغيرها في مقاومة هذه الحشرات المؤذية. وتمتلك ثلاث شركات كبرى وسائل النقل النهري، وأكبرها «أوتراكو» (مكتب استغلال النقل النهري)،١٢ تمتلك بعض الخطوط الحديدية (خط كينشاسا-متادي، وخط متادي-شيلا في إقليم مايومبي)، وتحتكر هذه الشركة النقل النهري بين كنشاسا وكيزانجاني وروافد زائيري (الكنغو) كالأوبانجي وكساي وروافدهما وبحيرة كيفو. والشركة الثانية هي «شركة سكك حديد الكنغو الأعلى والبحيرات العظمى»،١٣ وتحتكر الملاحة في لوالابا الأعلى وبحيرة تنجانيقا. وتقتصر خطوط الملاحة للشركة الثالثة١٤ على نهر إيتمبيري وميناء أكيتي، إلى جانب خطوطها الحديدية في الشمال الشرقي من الإقليم الشرقي. وأهم الموانئ النهرية: كنشاسا، كيزانجاني، وپونترفيل، وكندو، وكاليمي (ألبرت فيل).
أما «النقل الحديدي» في الكنغو فيتكون غالبه من خطوط حديدية قصيرة ومنفصلة فيما عدا شبكة حديد كاتنجا، وتمتلك الشركات التالية الخطوط الحديدية الآتية:
  • (١)

    شركة أوتراكو: تمتلك خط حديدي متادي-كينشاسا (٤٠٠كم)، وخط حديد مايومبي (بوما-شيلا؛ وطوله ١٤٠كم)، وخط حديد كيفو (٩٤كم).

  • (٢)
    شركة الخطوط الحديدية من الكنغو الأدنى إلى كاتنجا:١٥ وتمتلك ٢٥٥٦كم من أطوال السكك الحديدية التي تبدأ من خط زامبيا إلى كاتنجا، وتتفرع إلى فرعين: الأول حتى بورت فرانكي عند ملتقى نهر كساي ونهر زانكورو، والثاني في اتجاه لوالابا الأوسط حيث ينتهي عند كبالو.
  • (٣)

    شركة خطوط الكنغو الأعلى والبحيرات العظمى، وتمتلك خطوط لوالابا الأوسط إلى بحيرة تنجانيقا: من كندو إلى كبالو إلى ألبرت فيل على بحيرة تنجانيقا، كما تمتلك خط حديد ستانلي فيل-بونتير فيل (١٢٥كم). ومجموع أطوال الشركة ٨٣٩كم.

  • (٤)

    وتمتلك شركة «فيسي كونجو» ٨٤٠كم من الخطوط الحديدية في الإقليم الشرقي، تبدأ من ميناء أكيتي النهري إلى بوندو شمالًا، وإلى باوليس ومنجبيرو شرقًا. وفي ١٩٧٠ كانت الأطوال الحديدية ٥٧٩٥كم.

    أما «الطرق البرية» فيوجد منها ٤٠ ألفًا من الطرق الجيدة والمتوسطة، ومائة ألف من الطرق المحلية، وتحتل كاتنجا لأهميتها مركزًا ممتازًا في النقل؛ اذ تلتقي فيها أربعة اتجاهات: (١) إلى لوبيتو. (٢) إلى بيرا بالسكة الحديدية. (٣) إلى متادي (خط حديدي إلى إيلبو، ثم نهري إلى كنشاسا، وحديدي إلى متادي). (٤) وإلى دار السلام (حديدي إلى كاليمي وعبر بحيرة تنجانيقا، ثم حديدي إلى دار السلام). وهناك مشروع لاستكمال الخط الحديدي بين إيلبو وكنشاسا؛ لتجنُّب بطء وتكلفة إعادة الشحن نهريًّا عبر الخط من كاتنجا إلى متادي.

(٧) التجارة الخارجية

figure
خريطة رقم (٧٣): شبكة النقل في جمهورية زائيري.
بلغت قيمة الصادرات الكنغولية١٦ عام ١٩٥٩ قرابة ٥٠٠ مليون دولار مقابل ٣٠٧ ملايين دولار للواردات، والملاحظ أن هناك ما يشبه الثبات في قيمة الواردات والصادرات؛ ففي ١٩٦٦ كانت قيمة الصادرات ٤٦٦ مليون دولار، وقيمة الواردات ٣٣٦ مليون دولار — أي انخفاض طفيف في الصادرات، وارتفاع طفيف في الواردات.
وفي جدول ٥-٨ سبق أن أوضحنا أهم الصادرات وقيمتها، وتتجه معظم الصادرات إلى أوروبا الغربية، وخاصة بلجيكا التي كانت تستعمر زائيري إلى ١٩٦٠. وتتضح الصورة نفسها في الواردات، حيث تسيطر السلع الأوروبية على تجارة زائيري من الواردات.
جدول ٥-١٠: اتجاه تجارة زائيري ١٩٦٦.
الدولة الواردات ٪ من قيمة الواردات الدولة الصادرات ٪ من قيمة الصادرات
بلجيكا ٣٣ بلجيكا ٢٥
الولايات المتحدة ٢١٫٥ إيطاليا ١٠٫١
ألمانيا ٥٫٤ فرنسا ٧٫٥
فرنسا ٤ بريطانيا ٦٫٣
روديسيا – زامبيا ٣٫٨ ألمانيا ٢٫٨
جنوب أفريقيا ٣٫٧ جنوب أفريقيا ٢٫٨
إيطاليا ٣٫٢ الولايات المتحدة ١٫٨
بريطانيا ٢٫٤

وتشمل قائمة الواردات مجموعة كبيرة من السلع المصنعة وشبه المصنعة، كان على رأسها (سنة ١٩٦٦) الآلات والسيارات بما نسبته ٢٨٪ من قيمة كل الواردات، والأغذية (لحوم وحبوب وأسماك) بنسبة ١٦٫٧٪، ثم الأقمشة القطنية السادة والمطبوعة بنسبة ٧٫٨٪، والبترول ومشتقاته بنسبة ٥٫٦٪، والمعدات الطبية والأدوية بنسبة ٢٫٧٪.

ويلعب المكان الجغرافي دورًا هامًّا في رفع قيمة المبادلات التجارية بين زائيري وجاراتها الجنوبية الأفريقية؛ ففي ١٩٦٦ كانت واردات زائيري من روديسيا وجنوب أفريقيا وزامبيا ومالاوي وتنزانيا وأوغندا وكينيا حوالي ٨٪ من قيمة جملة وارداتها، بينما بلغت قيمة صادرات زائيري إلى جنوب أفريقيا وغيرها من الجارات حوالي ٤٪.

مراجع لمزيد من الاطلاع

  • Baumann, H., & R. Thurnwald, & D. Westenmann. 1940 “Voelkerkunde von Afrika” Essen.
  • Bulck, G. van., 1948 “Les Recherches Linguistigues au Congo Belge” Bruxelles.
  • Bulletin et Memoires de la Societé Royale Belge d’Anthropologie et de Préhistoire. Bruxelles.
  • Bulletin mensuel des Statistiques Générales du Congo Belge et du Ruanda Urandi. Bruxelles.
  • Centre d’Information et du Documentation du Congo Belge: “L’Exploitation des Richesses Minieres du Congo Belge et du Ruanda Urandi” 1955, Bruxelles.
  • Comité des Transporteurs au Congo Belge: “Transports au Congo Belge” 1959, Bruxelles.
  • Derkinderen, G., 1955 “Atlas du Congo Belge et du Ruanda Urandi” Bruxelles.
  • Dussart, F., & R. Contreras, 1955 “Geographie de la Belgique et du Congo”.
  • Bruxelles.
  • Hance, W. A., & I. S. Van Dongen “Matadi, Focus of Belgian African Transport” in “Annals of the Association of American Geographers”.
  • Kaufmann, H., 1959. “Kongo-Ruanda Urandi” Bonn.
  • Ministère des Affaires Africaines, Direction des Etudes Economique, La Situation économique du Congo Belge et du Ruanda Urandi en 1957. 1958, Bruxelles.
  • Ministère des Colonies Belge, “Investments in the Belgian Congo and Ruanda Urandi” 1956, Brussels.
١  راجع تاريخ الكنغو والاستعمار البلجيكي في [القسم الأول: الدراسة العامة لأفريقيا – الفصل الأول: مولد أفريقيا المعاصرة – الإستعمار الفرنسي] وفيه تتضح مجهودات ليوبولد للحصول على واجهة بحرية قصيرة للكنغو، وذلك بواسطة مؤتمر برلين. كذلك راجع [القسم الأول: الدراسة العامة لأفريقيا – الفصل الحادي عشر: النقل ومشكلاته في أفريقيا] الذي يوضِّح مساعي بلجيكا لتوسيع ميناء متادي بالاتفاق مع البرتغال.
٢  راجع الوصف التفصيلي لنظام الكنغو إجمالًا في [القسم الأول: الدراسة العامة لأفريقيا – الفصل الخامس: التصريف النهري].
٣  مساحة الغابات الحالية مليون كيلومتر مربع حسب كتاب الإنتاج السنوي لهيئة الأغذية والزراعة ١٩٦٤.
٤  معنى اللقب الملوك الصيادين؛ لأن كلمة كونجو تعني الصياد، وماني تعني السيد أو الزعيم.
٥  كان «بدرو الخامس اليلو» هو آخِر ملوك الباكونجو — توفي سنة ١٨٩١ — ورغم أنه كان يُسمِّي نفسه الملك الكاثوليكي للباكونجو، إلا أنه كان متزوجًا بعدد كبير جدًّا من النساء.
٦  راجع تأثير النظم الحضارية المصرية القديمة والفنون المصرية على الحضارات والفنون الأفريقية، في مقال كوثر عبد الرسول بعنوان: «الحضارات الأفريقية وفكرة الانتشار الحضاري وطرقه في أفريقيا»، حوليات كلية البنات بجامعة عين شمس ١٩٦٤، وكذلك مقال عن طقوس الوفاة في نيجيريا ومقارنتها بالطقوس المصرية القديمة:
Abdel-Rasoul “Funeral Rites in Nigeria” Wiener Voelkerkund-liche Mitteilungen, Vienna 1956.
٧  موضوع النظام الملكي ودور الأخت أو الأخت غير الشقيقة في القصر ونظام الحكم، وما إذا كان الملك يتزوج أخته أم لا، كل هذه الصفات التي تظهر في ممالك عديدة (الشلك والزاندي والمانجبتو والباجندا والباكوبا والبالوندا … إلخ) قد تكون — كما قال عدد كبير من الباحثين — بتأثير حضاري فرعوني انتقل جنوبًا من مصر إلى مملكة مروي، ثم إلى نطاق السفانا السودانية وهضبة البحيرات وجنوب الكنغو.
راجع ذلك في: M. Riad, 1960 “The Divine Kingship of the Shilluk and its Origin” in Archiv fuer Voelkerkunde. Vienna.
٨  “La Situation Economiquc du Congo Belge et du Ruanda-Urandi,” 1956, Bruxelles.
ويُلاحَظ اختلاف في أرقام هذا الجدول عن أرقام الجدول (٥-٢)، ويرجع الاختلاف إلى: أولًا أن عدد القوة العاملة في الزراعة في هذا الجدول أقل بكثير؛ لأنها في الغالب تستبعد العاملين في الزراعة في المناطق التقليدية. وثانيًا الاختلاف في عدد العمالة في الحِرَف الأخرى ربما مردُّه تغيُّر ظروف الكنغو من ١٩٥٩ إلى ١٩٦٤ بعد الاستقلال والفوضى التي حدثت في أقاليم الإنتاج المعدني في كاتنجا وكساي وكيفو والشرقي.
٩  راجع الدراسة التفصيلية لتركيب الشركات الاحتكارية ووظائفها في الصفحات ٣٨٨–٤٠٥ من كتاب «الاقتصاد الأفريقي» لمحمد رياض وكوثر عبد الرسول، القاهرة ١٩٦٣.
١٠  قُدِّرَ رأسمال الشركة العامة سنة ١٩٥٤، بما يقرب من ٦٥٠ دولارًا، وذلك حسب: Meerhaeghe, M., Van, “Economische Structuur van Belgisech-kongo en Ruanda-Urundi” Antwerpen 1958.
١١  راجع [القسم الأول: الدراسة العامة لأفريقيا – الفصل الحادي عشر: النقل ومشكلاته فى أفريقيا].
١٢  Otraco: Office d’Exploitation des Transport Coliniaux.
١٣  C. F. L.: Compagnie de Chemins de Fer du Congo Supérieur aux Grands Lacs.
١٤  Vicicongo: Société de Chemins de Fer Vicinaux du Congo.
١٥  B. C. K.: Compagnie du Chemins de Fer du Bas congo au Katanga.
١٦  هذه الأرقام خاصة بالكنغو ورواندا وبورندي معًا، فلم توجد حتى ذلك التاريخ أرقامٌ منفصلة لزائيري. وأرقام التجارة الخارجية عن النشرات للَّجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة، أعداد ١٩٦١–١٩٧٠.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤