رواية الطمبورة١

أوبرا ذات ثلاثة فصول، عرَّبها عن التليانية، حامد أفندي السيد، العرض الأول بتاريخ ٨ / ١٠ / ١٩٢٥

الفصل الأول

(يُرفَع الستار عن منظر ساحة وبها منزل على اليسار ببلكون مرتفع وعلى اليمين بار. أعني خمَّارة موضوع أمامها جملة مقاعد وتربيزات وفي الصدر منظر شارع. عند رفع الستار يكون بالمرسح جملة رجال وسيدات جالسين بالخمَّارة ويقولون لحنًا معناه أن هذا اليوم هو يوم عيد؛ ولهذا السبب اجتمعوا ليسكروا، وفي نفس اللحن يدخل المسيو بدرو المحافظ حاملًا سبَتًا به جمبري ومُتزَيًّا بزيِّ البائعين وينادي على الجمبري على الموسيقى … إلخ.)

الجميع :
الليله ليلة تفريح كل ما نعمله يجوز
ناكل ونتحظ صحيح عالوسكي ونهجم بالجكوز
موش بالكاس ولا بالطاس
وإحنا اسأل كل الناس لو نلتقي نشرب فنطاس
الغاية والغرض
انفردوا بلاش مرض
لا بدَّ ما نونن خالص لحد ما نخطرف
ولما نتجنن حالًا ندق كام بشرف
والرقص يدور بولكا وما تشيسن
على حسِّ العيد وإن شا الله تعيش باتاتي
باتاتا. لاميلو. لا ميلا
م السنة للسنة لما يجينا يوم زي ده تفرح له بلدنا
نجلي مزاجنا ونسكر طينة
إحنا ونسواننا وعيالنا
راح تاخد إيه يا عبيط
م الدنيا غير تنطيط وملاعبة ومر وطيط.
من حيث كده ياله نزيط
راح تاخد إيه يا عبيط م الدنيا غير تنطيط
وملاعبه وزمر وطيط.
في المارتل والقراوه
اغرقوا لودانكم ياهو
مبروكة الأعياد هلت
بون فيث ألا فوتر أيوه اتنغنغ نني وتلت
ما فيناش من قولة لو
ستين مجنون اللي يروح بيتهم ولا هوسة لام ألف
لذتنا الراس كده تتطوح
على كيف كيف كيف الكيف
دام بون سانتيه شن شن موسييه.

(بعد نهاية اللحن يجلس بدرو على كرسيٍّ ويضع سَبَت الجمبري بجانبه، ثم يصفق فتذهب إليه جانيت وكارولينة صاحبات الخمَّارة.)

جانيت (مقتربة منه) : نعم يلزم حاجة.
كارولين : من فضلك يا مسيو، شيل السَّبَت بتاعك من على التربيزة.
بدرو : إيه.
كارولين : أيوه لأنه وسخ.
بدرو (ضاحكًا) : الزبون حر على كيفه.
جانيت : عندك حق. لأ وموش كل الزباين اللي تكون حرة على كيفها. بس بياعين الجمبري اللي زي جنابك.
بدرو : إيه … إشمعنا بياعين الجمبري.
جانيت : أيوه. لأن الجمبري أصبح ما يبعوش دلوقت إلا عظماء الرجال.
كارولين : إيه عظماء الرجال (وهي ناظرة إليه باحتقار).
جانيت (ضاحكة) : معزورة لإنك مابقتيش فاهمة حاجة.
بدرو : يعني إيه؟
جانيت : يعني حضرتها معزورة؛ لأنها ما تعرفش مين بيَّاع الجمبري.
بدرو : وأنت عرفتيه؟
جانيت : مين مايعرفش المسيو بدرو محافظ البلد.
كارولين (بدهشة) : إيه. محافظ البلد. المسيو بدرو.
بدرو : طيب هس. لأني أنا موش عاوز حد من الموجودين هنا يعرفني.
كارولين : بردون سامحني لأني ماعرفتكش وأنت بالشكل ده.
بدرو : لا ماعلهش لأن الليلة دي مباح فيها كل شيء لمناسبة عيد مولاي الدون منتشوف حاكم مقاطعة البيرو هنا في أمريكا الجنوبية. وبالسبب ده أمرت كل أصحاب الحِرَف والملاهي يدوروا في جميع أنحاء المدينة بدون ما حد يعارضهم.
كارولين : عال عال.
جانيت : وبالسبب ده كل خمس دقايق بتجينا منهم أشكال وألوان. من بهلوانات ورقاصات. ومغنيات وغيره وعلشان كده الناس الموجودين عندنا هنا كلهم في حظ وسرور.
كارولين : ويضحكوا وبيشربوا ويغنوا.
بدرو : عال عال. حيث كده هاتولي وسكي علشان أشرب وأغني وأحمس الموجودين يغنوا وياي.
البنات : حاضر (يذهبن لإحضار الوسكي).
زبون ١ (مصفِّقًا) : يا مدمازيل.
جانيت (خارجة) : نعم. لازم حاجة.
زبون ١ : إيه ده. فين المزة؟
جانيت : حاضر (وتهمُّ بالخروج).
زبون ١ : وهاتي لنا شوية جمبري.
بدرو : إيه جمبري.
زبون ١ (مُلتفِتًا) : آه أنت لسه هنا يا بتاع الجمبري.
بدرو : أيوه. يلزم حاجة.
زبون ١ : قشر لنا …
بدرو (وهو جالس في مكانه) : لا أنا ببيعه بقشره.
زبون ٢ : إزاي ده. ليه إنت ما تعرفش تقشر.
بدرو : لأ وإن كنتوا عايزين خدوا وقشروا انتو لبعض.
زبون ١ : سيبو يظهر إنه سكران.
زبون ٢ : معزور لازم داير من الصبح في كل البارات، وكل بار يخش يشحت له منه كاس لحد ما سكر لدرجة إنه موش قادر يقشر الجمبري (يضحكون وفي أثناء ذلك تدخل جانيت حامله صنية عليها كاس وسكي وكباية ماء وبيدها سيفون ثم تضع الصنية على التربيزة التي بجوار بدرو وتشير إليه بحفاوة).
جانيت : أحط سيفون.
بدرو : لا هاتي زجاجة بيريه.
جانيت : حاضر (وتخرج).
زبون ١ (باستغراب) : إيه. بيريه (باستهزاء) أهه دا لسه أول واحد شفته بتاع جمبري بيشرب وسكي بالبريه (أثناء ذلك تدخل جانيت ومعها زجاجة البريه).
جانيت : يلزم حاجة تانية؟
بدرو : أيوه شوفي حضرتهم يشربوا إيه على حسابي (مشيرًا على الزباين ١، ٢).
جانيت : حاضر (ثم تقترب منهم) أجيب لكوا إيه على حساب حضرته.
زبون ١، ٢ : إيه. قال معقول نشرب على حساب بياع الجمبري.
زبون ٢ : فيها إيه. يجوز إنه كسب فلوس كتير النهارده وسوقه كان رابح ويَّاه بمناسبة العيد. وإحنا إيه يهمنا. أهه في الآخر إن ماكنش معاه فلوس أصحاب المحل يمسكوه يضربوه.
جانيت : لا يا مسيو ما تخافش دا زبون معروف عندنا.
زبون ١ : هاتي اتنين وسكي بالبريه.
جانيت : حاضر (وتخرج وفي أثناء ذلك يظهر من الخمارة أربعة أشخاص بحاله سكر وهم يغنون قطعة من اللحن السابق فيشترك معهم الموجودون. وفي أثناء ذلك يدخل السكرتير بتلاس وهو بزي بائع الصندوتش ويغني معهم على الصندوتش).
بتلاس (بعد اللحن مناديًا) : يا اللي عايز الصندوتش.
بدرو (هامسًا) : أنا اللي عايز يا جناب الكونت.
بتلاس : إيه غريبه. وانت إزاي عرفتني.
بدرو (هامسًا له) : إزاي ما أعرفش زميلي جناب الكونت بتلاس سكرتير الدون منتشوف حاكم البلد. وفوق كده من واجباتي إني أعرف كل شيء حاصل هنا في البلد ده بصفتي المحافظ.
بتلاس : إيه. المسيو بدرو.
بدرو : نعم. بس وطي صوتك.
بتلاس : غريبة. ولكن اسمحلي أقول لك إن فيه حاجات كتير بتحصل هنا وجنابك ما تعرفهاش.
بدرو : تقدر تقول لي هي إيه؟
بتلاس : أيوه. هل أنت عندك خبر باللي حصل من نص ساعة دلوقت في سراية الدون منتشوف.
بدرو (ضاحكًا) : أظن تقصد الشخص اللي خرج متنكر من جهة باب المطبخ تحت زي الدكتور يني.
بتلاس (مادًّا يده إليه مصافحًا) : برافو يا مسيو بدرو. وأظن جنابك تعرف مين هو الشخص ده.
بدرو : نعم. مولاي الدون منتشوف وعلشان كده أنا منتظر هنا للحفاظ عليه بدون ما يشعر. ولكن تسمحلي جنابك بسؤال بسيط.
بتلاس : اتفضل قول وامنع كل تكليف بيننا.
بدرو : أنت بصفتك سكرتير مولاي الدون تقدر تقول لي عالسبب اللي خلاه ينزل من قصره متنكر.
بتلاس : أهه دا السبب اللي أنا مندهش له وبدي أكتشف السر ده.
بدرو (ضاحكًا باستهزاء) : ها ها ها.
بتلاس : غريبة بتضحك ليه؟ لازم فاهم السر؟
بدرو : بالطبع. شايف البيت ده جنابك (مُشِيرًا على منزل).
بتلاس : أيوه.
بدرو : وتعرف مين صاحبه؟
بتلاس : أيوه الراجل بيترو الحلواني.
بدرو (ضاحكًا) : ها ها ها.
بتلاس : لازم البيت ده فيه سر.
بدرو : أيوه لأن البيت ده خصوصي لمولاي الدون. ومستأجره باسم بيترو الحلواني؛ ده علشان ماحدش يطلع على أسراره، وده متخذه زي ملهى خصوصي له بعد طلاق زوجته.
بتلاس : أوه. بدرو أنت داهية.
بدرو : وهو لما يحب يجي هنا بيجي متنكر. وموش بعيد أنه جاي هنا الليلة بخصوص شخص يميل له.
بتلاس : ومولاي الدون يعرف إن عندك الأخبار دي كلها.
بدرو : لا ولكن أنا بصفتي محافظ البلد دي يجب عليَّ أعرف كل حاجة وللسبب ده عملت كل الاحتياطات اللازمة، واديت تعليمات لكل رجال البوليس (تحصل ضجة من الخارج).
بتلاس : إيه الزيطة دي؟
بدرو : لا، دي إشارة من بعض أبنائي، أفهم منها إن مولاي الدون على بعد ميت خطوة من هنا.
بتلاس : وإيه العمل دلوقت؟ لايشوفني ويعرفني.
بدرو : لا ماتخافش. اتفضل أقعد جنابك هنا ونزل البرنيطه على عينك وهو مايعرفكش (ثم يجلس بجانبه).
جانيت (داخلة حاملة صنية عليها كأسان وسكي وزجاجتان بريه وتقدمهم للزباين) : الوسكي يا حضرات.
الزباين١، ٢ (يصبون البريه على الوسكي ويقرعون الكاسات) : إشرب في صحة بتاع الجمبري (أثناء ذلك يغنون لحنًا يدخل في أثنائه الدون وهو بزيِّ الدكتور يني).

اللحن

هو هس بص لدقنه العيرة.
هو بس أوعك تفتح سيرة.
من حيث إنه بيستحمرنا برضك نستلطخ وياه.
وإذا عمينا بنظرنا ولا شفناش وشه ولا قفاه.
متأكد وانا بالهيئة دي أن شافنى الجن ما يفقسنى
ولا عسكر وحاشية قصادي.
شغل الرسميات يفرسني.
أما عجيبه أما نجاسة على ماله وغناه.
دنيته موش عاجباه.
السرايات عند الأغنياء إيه لذة اللي ساكنها.
وإيه الجنة من غير حرية.
غارت السجن أفضل منها عيشة إن كان عالوصف ده تبعه.
بالتأكيد أهو شُرابة خرج ولعبة تحت الإيد.
مين بيدوم له مركز عالي.
وإيديه للآخر تنباس.
ممكن استغني عن مالي كله ولا استغناش عن الناس.
هس هس.
الدون (بعد اللحن مُصفِّقًا) : يا جرسون.
جانيت (متقدمة) : نعم. يلزم حاجة.
الدون : هاتي لي كرسي وواحد وسكي.
جانيت : حاضر يا دكتور (تذهب).
الدون (على حدة ضاحكًا) : ها ها ها ها. مظبوط أهه أنا شكل الدكتور يني بالحرف الواحد (في أثناء ذلك يتهامس بدرو وبتلاس، وبعدُ يتكلَّمان بصوت عالي).
بدرو : إنت تشتري الصندوتش دا بالوفه والا بالميه؟
بتلاس : لا والله، أنا بشتري العيش لوحده بالميه وبعدين أشتري السردين والأنشوقة والجبنة والزبدة والحاجات اللي تلزم ودول بالطبع يبقوا بالوقة.
بدرو : طيب تقدر تقول لي وقة الجبنة تعمل كام صندوتشايه؟
بتلاس : يا سلام. أظن دا كتير يا عزيزي. دانت زي ما تكون شايف واحد متخفي وتقول لي إعرف لي دا مين.
الدون (على حدة) : إيه. متخفي.
بدرو : أوه. دا شيء في غاية البساطة.
بتلاس : طيب تقدر تقول لي وقة الجمبري تطلع كام جمبريايه.
بدرو : موش كل الجمبري. فيه جمبري كبير وجمبري صغير. لكن الجبنة هي وقة واللي بتقطع إيديك فبالسبب ده يمكنك تعرف الوقة تعمل كام صندوتشايه يا أخ.
الدون (على حدة) : محاضرة غريبة. (يقترب منهما) بردون موسييه. تسمحولي جنابكم بالجلوس.
بدرو : العفو. اتفضل يا جناب الدكتور.
الدون (على حدة وهو يجلس) : الدكتور.
بدرو : أظن يصح إننا نقوم نقعد بعيد عن جناب الدكتور.
الدون : إزاي ده. أنا جاي أتآنس بكم.
بدرو : يا سلام على أدب الدكاترة يا سلام (لبتلاس) أظنك يا أخي ماسبقش لك معرفة بجناب الدكتور يني.
بتلاس : لي الشرف بس أسمع بإن جنابه حكيم مولاي الدون منتشوف حاكم البلد اللي الشعب بيحتفل بعيده النهارده.
بدرو : تعرف بمناسبة العيد ده أنا بعت جمبري قد إيه. يا سلام.
بتلاس : وتعرف أنا بعت صندوتش قد إيه. يا سلام.
الدون : على كده البلد مهتمه بالعيد دا قوي.
بدرو : لا وفوق كده جناب المحافظ صرح لجميع أصحاب الحرف والملاهي يمروا في الشوارع من غير أي معارضة لهم من رجال البوليس.
الدون : موش بطال (ويقف) وعلشان كده اسمحولي دلوقت أعمل لفة في البلد بقصد الفرجة.
بدرو وبتلاس (واقفان) : يا سلام اتفضل يا دكتور.
الدون : مرسي (ويخرج).
بدرو وبتلاس (ضاحكين) : ها ها ها ها.
بدرو : أحسن شيء دلوقت يا عزيزي إننا نتبعه.
بتلاس : بس أنا خايف لا يعرفنا.
بدرو : لا ما افتكرش (يصفق).
جانيت (داخلة) : نعم.
بدرو : خدي (يعطيها نقود ثم يخرج مع بتلاس).
جانيت : مرسي (تضحك).
كارولين (داخلة) : فيه حاجة يا أختي.
جانيت : فصل ما فيش كده.
كارولين : إيه هو؟
جانيت : المحافظ بياع الجمبري وسكرتير الدون بياع صندوتش وجناب الدون دكتور. أما حتة كرنفال (يضحكن، ثم تسمع ظيطة من الخارج وموسيقى بصوت واطي).
كارولين : يا ترى إيه الظيطة دي كمان؟
جانيت : أظن ماهم بهلوانات والا مغنيين.
كارولين : أف. داحنا النهارده اندوشنا خالص (هنا يدخل عثمان وجميل وكاترين وكل منهم حامل آلة موسيقية ويتبعهم الشعب من رجال وسيدات. وأول ظهورهم يقولون لحنًا ويشترك معهم الشعب. بعد نهاية اللحن).

لحن

ساعة البعد عليَّ طويلة
أطول منها ساعة الجوع
أعمل إيه ما بيديش حيلة
اللحظة كأنها أسبوع أسبوع
إيه وشهر إيه جاكو نيلة
جوليت روميو اختشوا ممنوع
يا قلة اللي يواسيني
يا قلة اللي يغديني
يا صبر فين أراضيك
أحارب الهوى بيك
يا عيش فين ألاقيك أعلق وأهبش فيك
أحب شيء في الدنيا عليَّ
ساعة ما أشوفك متهنية
تروق وتحلا لي المصافية
يا عمري على حلة ملوخية
مسبِّكة وفوقها التقلية
أكلها كده وألحس في إيديه
آه لو دريتي محبتك لية
هيامه طال ولا شاف لي نهاية
لكنتي قلت العطف عليه أجمل وسيلة وأحسن غاية الودودة في نني عنيَّه يسكنك يادي القمراية
أنا لو قالوا لي تتمنى إيه
أتمنى حبيبي معاية
وأنا لو قالوا تتمنى إيه
ولو من شقة وطعمياية
عن أهلي بعدت وأديني لأجلك فُت محبيني
هايم والعشق كاويني
كانت ألذ ليالي فاتت معاك يا غزالي
يا رب رجعها لي
وكوارع العجالي
إياهم اللي في بالي.
يا رب دوقها لي
أمانه قلبي وفته لك
قبل ما أودع أوعك تهينيه
خلاص أنا سلمته لك
ونهار ما أرجع تبقي ترديه.
كاترين : مين فينا اللي حايلم النقطة.
جميل : عم عثمان.
كاترين : يا سلام من غيرتك. طيب خد وشوف إن كان حد حايدي له حاجة.
عثمان (وهو يتناول منها الدف) : ليه. هو أنا وشي وحش ماحدش يديني حاجة. دانا وشي مصبح. دلوقت تشوف الفلوس اللي أنا راح نجيبه (ثم يمسك الدف ويقترب من الجالسين وهو يلعب الدف بيده ويتمحَّك في الموجودين فلم يُعطِه أحد شيئًا، فيعود وهو ساخط ويقول لجميل) عجبك؟ كده كويس؟ يعني الغيرة بتاعك راح تخلينا نموت من الجوع.
كاترين : علشان يعجبه.
جميل : ماهو أنا موش ممكن أقدر أشوف الحركات دي اللي بتحصل وأسكت. أعذريني يا حبيبتي.
عثمان : معزور. بس يالَّه بنا دلوقت نقول حتة تانية وخليها هي تلم النقطة علشان نجيب حاجة ناكل وبعدها أبقى غيَّر على كيفك ويبقى يحلها ربنا لما نجوع تاني.
جميل : آه يا عم عثمان طيب. (للجمهور رافعًا قبعته) دام مسييه. قطعة مغنى بين الشاب المصري والبنت الإسبانيولية.
الجميع (مُصفِّقين) : برافو برافو (هنا تبدأ الموسيقى ويغنون اللحن. بعد النهاية تتقدم كاترين وبيدها الدف تلمُّ النقطة).
عثمان (عندما يرى كاترين تتناول نقود من الموجودين يغمز جميل) : شايف الفلوس كنت عايز تموتنا من الجوع (تنتقل كاترين لآخر فيلقي لها نقودًا ويصفق عثمان ويتنطط فرحًا) برافو على دينك، النهارده راح ناكل عند الحاتي (فتنتقل كاترين لآخر فيضع يده على ذراعها وهي تتمايل عليه).
جميل (ناظرًا بحالة جنون) : شايف شايف (وهو يريد الهجوم فيعترضه عثمان).
عثمان : يا سيدي بس طول بالك لحسن يحمرقوا وياخدوا الفلوس تاني. دلوقت يشيل إيده. آه أهه شال إيده. مبسوط بقى.
جميل : أخ يا عم عثمان.
عثمان : عثمان إيه وزفت إيه. أنت راح تعمل فينا إيه زيادة عن كده (هنا تُسمَع موسيقى) إيه دي؟ مزيكة إيه دي كمان؟
جميل (وهو ناظر للخارج) : دول الجماعة البهلوانات (تدخل الرقاصات وترقص وأثناء ذلك تعود كاترين وتناول النقود لعثمان فيعدُّها. وبعد ذلك تخرج الرقاصات ويتبعهم الجميع وهم يصفِّقون استحسانًا).
الجميع : برافو برافو (ويخرجون ويبقى بالمرسح عثمان وجميل وكاترين).
عثمان : أربعة فرنك ونص ومعايا نص فرنك من الأول يبقى خمسة فرنك يالَّه عمر لما يدوبوا.
جميل : لكن إزاي يسبونا ويخرجوا كده ورا شوية بهلوانات زي دول.
عثمان : أمال حايناموا ويانا.
جميل : لا ولكن يجب أنهم يحترموا الفن. يظهر إن الفن هنا مالوش قيمة، قال يسبونا كده إحنا التلاتة زي الأنطاع.
عثمان : لا وعلى كده ما نبقاش تلاتة.
كاترين : أُمال نبقى إيه؟
عثمان : نبقى احنا أربعة.
كاترين : أربعة؟ مين ومين؟
عثمان : أنا وأنت وحضرته والفن (يضحك).
جميل : بتضحك على إيه؟
عثمان : بضحك عليك.
جميل : ليه؟
عثمان : أيوه؛ لأن أنت أبوك كان بعتك في بلاد الوشنطن علشان تتعلم طب، موش علشان تتعلم فن ومدوَّرنا نشحت في الشوارع.
كاترين : آه يا عم عثمان الكلام ده بيألمني.
عثمان : لا أنت ماتزعلش يا ست علشان أنت حضرتك مغنية من الأول، يعني بنت الفن وواخد على الفن، ولكن حضرته لو ماكانش حبك ووقع فيك كان في زمان بقى دكتور تمام.
جميل : بس بس يا عم عثمان.
عثمان : لكن أرجع أقول الحق عليَّ أنا اللي طاوعتك، وطاوعت أبوك، وجيت وياك في البلاد الزفت دي. قال علشان نخلي بالي منك أحسن تخسر، أديك خسرت في أمان الله وأنا بقيت أخسر من أبوك، وداحنا دايرين نتلطم من بلد لبلد لحد ما جينا هنا في بلاد البيرو دي، وبس أنا موش فاهم ابن كلب مين ده اللي بعت خبر لأبوك وعرَّفه أنك خسرت.
جميل : الغاية يا عم عثمان. وهه بفكرك دلوقت إن ماغنناش وعملنا العمل ده ناكل منين وأبويا قطع عنا كل المرتبات اللي كان بيبعتها.
عثمان : عنده حق. بعت لك النولون بتاع السفر ثلاث مرات وأنت تاخده تضيعه أنت وحضرتها ولا بتتجوزوا بعض ولا بتسيبوا بعض.
كاترين : وأنت يخلصك نسيب بعض يا عم عثمان. يظهر إنك ماجربتش حرارة الحب.
عثمان : لا والله أنا ماجربتش غير حرارة الجوع بس، ولما أنتم بتحبوا بعض بكل الحرارة دي. إيه المانع من كونكم تتجوزوا بعضكم.
جميل : المانع الأربعة جنيه.
عثمان : الأربعة جنيه؟ آه يعني الأربعة جنيه الرسوم بتاع الجواز.
كاترين : آه يا عم عثمان. أهم هما دول الأربعة جنيه.
عثمان : ويعني لازم جوازة برسوم. لازم تكون جوازة ميري. خليه جوازة أهالي. كده خالي الأربعة جنيه.
كاترين : أبدًا موش ممكن.
عثمان : موش ممكن. طيب خلينا على كده. ويستحيل طول ما إحنا في البلاد دي محناش شايفين ابن جنيه واحد من الأربعة جنيه. الغاية دلوقت خلونا في المهم.
جميل : مهم إيه تاني؟
عثمان : فكرو لنا كده في أكله ماتزدش عن الاتنين فرنك.
كاترين : أيوه أحسن أنا سخسخت من الجوع يا روحي، وأنت؟
جميل : أنا مغذيني حبك يا حياتي.
كاترين : آه (تقبِّله).
عثمان : عظيم، أنتو بوسو بعض، وأنا أرقص من الجوع.
كاترين : لك حق، طيب روح شوف لنا أي حاجة ناكلها وادحنا منتظرينك هنا.
عثمان : أنا اللي نروح؟
كاترين : أيوه.
عثمان : عظيم، إن رحت مانرجعش لكو تاني.
جميل : إزاي؟
عثمان : أيوه لأني مانعرفش شوارع اللبد دي، وإن كنتو عايزين تسربوني خلوني أروح لوحدي.
جميل : عندك حق (لكاترين) يالَّه بنا يا روحي نروح نشوف أكل في حتة تانية.
كاترين : أظن أنا من التعب والجوع مايمكنش أتحرك من هنا ولا خطوة.
عثمان : ويعني إيه الرأي؟
كاترين : الرأي تروحوا أنتو تجيبولنا حاجة ناكلها وأنا أرتاح هنا شوية لحد ما تيجو.
جميل : ونسيبك لوحدك؟
كاترين : ما تخافش كون مطمئن يا حياتي.
جميل : طيب إحنا رايحين ونرجع حالًا (وهو يقبِّلها من جبينها).
عثمان (بغيظ على حدة) : أف. الله يخرب بيت الحب وبيت اللي عملوه (لجميل) ماتيلله بقى يا أخي (يخرجون).

(كاترين تفرش سجاده صغيرة معها بجوار البلكون وتجلس ساندة رأسها للحائط. يُسمَع حركة أشخاص جالسين داخل الخمارة.)

أحدهم (من داخل الخمارة) : مين فيكم يعرف لينا قطعة الشاب المصري والبنت الإسبانيولية اللي سمعناها من المغنيين دلوقت؟
جملة الأشخاص (من داخل الخمارة) : كلنا نغنيها بس مانعرفش نقول الحتت بتوع البنت.
كاترين : إيه. الشاب المصري والبنت الإسبانيولية. ولا يعرفوش الحتت بتوع البنت. أخش أغنيها لهم. لكن لا، يستحيل ما دام حبيبي جميل موش موجود.
أحدهم (من داخل الخمارة) : موش ضروري حتت البنت نفوتهم على المزيكة إليه. (يغنون من الداخل وكاترين تغني قطعها من الخارج حتى يتلاشى صوتها وتنام).

لحن

إكمني عشقت المصري وأنا شابة إسبانيولية
بيعايروني المجانين مع أن الذوق العصري، الحب مالوش جنسية
ولا لوش ملة ولا دين الحب ملك ويسوي بالعدل ما بين الناس
عربي والا نمساوي. العبرة بالإحساس
واللي يعشق يا بلاوي اسمه لزقة برسراش
إن ضاع الذوق والرقة
تتبدل الراحة مشقة
والبوفتيك يجي من بعده الفول النابت والدُّقة
في الحب أبوكي ما هو أبوكي
وأنا أحسن عليك من أخوكي
حكم ومعناها جميلة. مثبوتة بألف دليل
يمكن من جنسي ويخونني
وأبيض أحسن منه البني. وغريب عن لغتي ويصونني
لغة العواطف بالعنين والحاجبين الطالعين النازلين
مش باللسان مهما رطبه
قالوا الغرام أوطانه فين
أوطانه فين
بين الصورين عند الحسين ماعرف منين
قلت الغرام مالوش وطن
أيوه الغرام مالوش وطن.

(بعد نهاية اللحن يخرجون الأشخاص الذين كانوا بداخل الخمارة وهم يتمايلون من السكر.)

أحدهم (يخرج من جيبه ساعة) : يا سلام الساعة ١٢ قوام.
نمرة ٢ : يا سلام فات الوقت من غير ما نحس.
نمرة ٣ : أي عيد يا عزيزي (يخرجون شمالًا).
الدون (داخلًا من اليمين يتبعه بتلاس وبدرو) : أظن يستحيل حد يشوفكم بالشكل ده ويقدر يعرفكم.
بدرو : ولكن جنابك عرفتنا إزاي.
الدون : معرفتكوش إلا لما لقيتكم متتبعني، وتفرست فيكم طيب ودا السبب اللي خلاني عرفتكم.
بتلاس : ولكن جناب المحافظ عرفك هنا من أول ما دخلت قبل ما تقعد جنبنا.
الدون : برافو مسيو بدرو.
بدرو : مرسي. دا واجب يا مولاي. وأظن دقن عيرة زي دي ما تغيرش شكلك عن اللي يعرفوك زيي. ودلوقت يسمح مولاي إننا نروح نغير ملابسنا ونرجع تاني.
الدون : يعني تلبسوا ملابسكم الرسمية.
بتلاس : لا ملابس اعتيادية. بس يعني تكون أنضف من كده شوية.
الدون : أيوه لأن ما يصحش تظهر شخصيتنا الحقيقية في وقت زي ده.
بدرو وبتلاس : وهو كذلك. عن إذن مولاي (يخرجون. هنا الدون يهم بدخول المنزل فيسمع كاترين تغني قطعة من التي كانت تغنيها من قبل بصوت منخفض كأنها تحلم. فيقف الدون باهتًا) إيه ده (يقترب منها ويحقق النظر في وجهها) غريبة. أمَّا جمال! لكن إيه النومة الوحشة دي سكرانة. لازم أصحيها وأستفهم منها عن السبب في وجودها هنا.
كاترين (تتحرك) : آه.
الدون : أيوه. أهه راح تصحى.
كاترين (تفيق تدريجيًّا) : آه يا ربي. جميل (ترفع رأسها وتنظر فترى الدون) إيه؟ إنت إيه؟ (تقف).
الدون (بغرام) : أنا ما تخافيش يا روحي، اسمحيلي أسألك عن سبب نومك بالشكل ده.
كاترين : وأنت إيه يهمك؟
الدون : يهمني جمالك لأن ما يصحش واحدة جميلة بالشكل ده وتنام النومة دي. هل أنت مالكيش أهل؟
كاترين : لا يا مسيو.
الدون : يا سلام. ولا زوج؟
كاترين : لأ، وبنت بكر.
الدون : أمال بتعيشي فين؟ يعني مين بيصرف عليك؟
كاترين : أنا بصرف على نفسي.
الدون : إزاي؟ لك صنعة؟
كاترين : مغنية.
الدون : وما عندكيش صاحب ولا حبيب؟
كاترين : هه، لأ.
الدون : لكن أنا سمعتك أول ما تنبهتي بتقولي جميل. مين هو جميل؟
كاترين : هه. لا، يعني الطقس هنا جميل لدرجة إني استحسنت الحتة دي ونمت فيها.
الدون : كويس خالص. أهه دلوقت بس تحقق سعدك.
كاترين : سعدي؟ إزاي ده؟
الدون : أيوه علشان حاخدك.
كاترين : تاخدني؟ تاخدني على فين؟
الدون : في سراية الدون منتشوف.
كاترين : سراية الدون؟ وأنا أعمل إيه في سراية الدون؟
الدون : يعني تكوني دموزيل شرف لمراة الدون.
كاترين (باندهاش) : لمراة الدون؟ دي مراة الدون ماتت يا مسيو.
الدون : مفهوم. ولكن أنا محافظ على شيء يخليني دائمًا أتذكرها وهو وجود وظيفة دموزيل الشرف بتاعتها.
كاترين : يخليك تتذكرها؟ على كده لازم تكون جنابك الدون منتشوف؟
الدون : نعم. أنا نفسي الدون منتشوف حاكم البلاد دي وأتعشم أنك ماترفضيش طلبي.
كاترين (على حدة) : آه يا ربي (عاليًا) وإيه اللي يثبت لي يا مسيو إنك أنت الدون منتشوف؟
الدون : اللي يثبت لك. اتفضلي (يخرج جنيه من جيبه ويعطيه لها).
كاترين (تتناول الجنيه) : إيه ده؟
الدون : دا جنيه من عملة البلد دي. حققي في الصورة اللي عليه. (تنظر في الجنيه وتقلِّبه) هي، عرفتي رسم مين اللي عليه ده؟
كاترين : فيه شبه منك، ولكن أنت بدقن.
الدون : عندك حق ولكن الدقن دي عيرة؛ لأني أنا نازل الليلة متخفي علشان لي غاية في كده ولحسن حظي إني عترت فيك.
كاترين (على حدة) : آه يا ربي. تلاتة جنيه على ده يبقوا أربعة ونعقد العقد.
الدون : هه، قلت إيه يا روحي؟
كاترين : قلت اتفضل الجنيه بتاعك وشوف لك مدموازيل شرف غيري.
الدون : إيه يعني بترفضي؟
كاترين : أنا حرة.
الدون (بحدَّة) : أنا الحاكم.
كاترين : يعني قصدك إيه؟
الدون : قصدي إذا ما قبلتيش ورفضتي أستعمل معاك الشدة وأرغمك على القبول، شاوري عقلك.
كاترين (على حدة) : آه يا ربي، الأحسن أوافق دلوقت وبعدين اجتهد إني أخلص نفسي.
الدون : هه، شاورتي عقلك؟
كاترين : مافيش مانع، ولكن عندك من صنف الجنيه دا كتير؟
الدون : أطلبي زي ما أنت عايزة. كل شيء تحت أمرك.
كاترين : لا، بس شيء بسيط علشان أتركه لواحدة عجوزة من معارفي، مالهاش حد وأنا اللي بصرف عليها.
الدون : طيب انتظريني برهه، أما أخش البيت ده وأرجع لك حالًا.
كاترين : اتفضل.
الدون : مرسي، ولكن احذري إنك تمشي لأنك إذا تحركتي من هنا أأمر البوليس بالقبض عليك مطرح ما تكوني (يخرج).
كاترين : لأ منتظرة. آه يا ربي. مافيش طريقة غير كوني أكتب جواب لحبيبي جميل وافهمه فيه الحقيقة (تخرج ورقة وقلم وتكتب) عزيزي جميل، بعد ما تركتني حضر لي الدون منتشوف حاكم هذه البلاد وعرض عليَّ الذهاب معه، فرفضت فأرغمني واستعمل سلطته، ولما وجدت أن لا فائدة من المعارضة قبلت مؤقتًا، واجتهدت حتى تحصَّلت منه على هذه النقود المرسلة إليك تساعد بها على زواجنا ببعض، وأما أنا سأجتهد في خلاص نفسي وبعد نتقابل خارج المدينة، حبيبتك المخلصة كاترين (بعد كتابة الجواب تصفق فتدخل جانيت).
جانيت : فيه حاجة يا مدموازيل؟
كاترين : أيوه. من فضلك، أنت شوفتي الاتنين المغنيين زملاتي؟
جانيت : أيوه موش الراجل الأسود والجدع الأبيض.
كاترين : مظبوط.
جانيت : مالهم؟
كاترين : من فضلك لما ييجو سلمي لهم الجواب ده، ولما أجيب لك فلوس تديها لهم ويَّا الجواب. وفي نظير الخدمة دي خدي الجنيه دا علشانك. بس احذري إنك تجيبي سيرة لحد.
جانيت : لا ما تفتكريش (هنا ترى كاترين الدون داخلًا فتهمس لجانيت بالسكوت).
الدون (داخلًا وبيده كيس به نقود لكاترين) : يكفيك الكيس دا يا روحي؟
كاترين (وهي تتناول الكيس) : مرسي. كفاية (لجانيت) الفلوس أهه إبقي اديها لها زي ما قلت لك. هه.
جانيت : ما تخافيش. أول ما تيجي أديها لها.
الدون (مشيرًا لها على المنزل) : اتفضلي يا عزيزتي.
كاترين : طيب بس أما ألم أدواتي (وهي تلف السجادة وتحمل الدف).
الدون : أظن دول مابقاش لهم لزوم دلوقت.
كاترين : أهم ينفعوا.
الدون : على كيفك (تحمل أدواتها وتدخل معه المنزل. جانيت وهي بالمرسح).
جانيت (تقلب الكيس بيدها) : يا ترى دا فيه كام؟
كارولين (داخلة) : جانيت. أنت بتعملي إيه هنا؟
جانيت (بفرح) : كنت بقبض فلوس (وهي تديها النقود).
كارولين (باستغراب) : فلوس. من مين؟
جانيت (وهي تضحك) : من مولاي الدون منتشوف.
كارولين : علشان إيه؟
جانيت : أنت شفتي البنت المغنية اللي كان وياها الراجل الأسود والجدع الأبيض.
كارولين : أيوه. مالها؟
جانيت : أخدها الدون وإداها الفلوس دي وهي إدتهم لي علشان أسلمهم للاتنين اللي كانوا وياها هم والجواب ده.
كارولين : غريبة. الدون منتشوف يتنازل ويحب واحدة مغنية زي دي.
جانيت : يمكن موش واخدها علشان يحبها.
كارولين : أمال واخدها علشان إيه؟
جانيت : يمكن واخدها علشان تغني له، ولكن إحنا يهمنا إيه، يحبها والا تغني له إحنا المهم دلوقت نسلم الجواب ده لحد من اللي وياها، وفي نظير الخدمة دي ناخد كيس الفلوس إيه رأيك في كده؟ تعالي بنا جوه نعده نشوف فيه كام (أثناء ذلك يدخل يدخل بدرو وبتلاس).
بتلاس : هو راح فين مولاي الدون?
بدرو : لازم دخل الفيلا بتاعته (مشيرًا على المنزل).
بتلاس : وإيه فكرك نخش له؟
بدرو : أظن ما يصحش. ربما يكون موش لوحده.
بتلاس : إيه يعني تفتكر كده؟
بدرو : موش بعيد.
بتلاس : آه، أهه جاي أهه.
الدون (داخلًا) : إنتوا جيتوا؟
بدرو : نعم وتحت أمر مولاي.
الدون : أسمعوا أنا عايز منكوا خدمة.
الاثنين : أؤمر.
الدون : بقى أنا عترت في بنت جميلة، ونويت أني أخدها عندي في قصري وأجعلها مدموازيل.
بتلاس : مافيش مانع. ولكن هي متجوزة؟
الدون : لأ.
بتلاس : أمال إزاي جنابك حاتدخلها القصر وقانون البلاد مايسمحش بدخول أي واحدة إلا إذا كانت متجوزة.
الدون : وللسبب ده أنا عاوز أنك تشوف لي واحد يتجوزها في الحال بأي طريقة، وأنت يا مسيو بدرو تجيب لنا المسجل علشان يعقد العقد دلوقت حالًا.
بتلاس : أمر مولاي.
الدون : ودلوقت حالًا تنفذولي المأمورية دي، وأنا داخل دلوقت أقنعها علشان تقبل العريس اللي حانقدمه لها. سامعين (يصفِّق فتدخل جانيت) يالَّه يا مدموازيل هاتي لي قزازة وسكي قوام.
جانيت : حاضر يا دكتور (ثم يدخل الدون وجانيت).
بتلاس (لبدور) : إيه رأيك بقى في الشغلانة دي؟
بدرو : والله رأيي أنا ما عليَّ إلا أروح أجيب المسجل من بيته وأنت تدبق لك على عريس من حيث كان.
بتلاس : وأي مغفل ده اللي حايقبل بأنه يكون جوز عيرة.
بدرو : إيه المغفلين كتير وكله بالفلوس. يالَّه بنا يالَّه (يخرجان).
عثمان (داخلًا يبكي) : أما أنا راح يتجنن. الولد تاه في الزحمة ما أعرفش راح فين، لا والمصيبة إني أديته الخمسة فرنك اللي كان وياي وبطني كركب من كثر الجوع. هو راح فين كاترين (وهو ناظر محل مأكولات) يا كاترين. هو راح فين. الله يلعن كاترين على اللي جاب كاترين في المشوار اللي زي الطين. أنت يا كاترين الزفت.
جانيت (داخلة) : أنت جيت يا ابو سمرة؟
عثمان : أيوه جيت. عاوز إيه أنت كمان؟ فيه حاجة؟
جانيت : أيوه.
عثمان : فيه إيه؟
جانيت : الست اللي كانت وياكم مشيت وسابت لكوا الجواب ده.
عثمان : جواب؟ وريني. جواب إيه دا كمان؟
جانيت (تُناوِله الخطاب) : خد افتحه وأنت تعرف فيه إيه (تعطيه الجواب وتخرج).
عثمان (يفتح الجواب ويقرؤه) : عزيزي جميل، بعد ما تركتموني حضر لي الدون منتشوف حاكم هذه البلاد وعرض عليَّ الذهاب معه، فرفضت فأرغمني واستعمل سلطته ولما وجدت أن لا فائدة من المعارضة قبلت مؤقتًا واجتهدت أني تحصلت منه على هذه النقود. هذه النقود؟ فين هي النقود؟ (يقلِّب في الظرف والجواب) لتساعد بها عند زواجنا ببعض، وأما أنا سأجتهد في خلاص نفسي، وبعد نتقابل خارج المدينة، حبيبتك المخلصة كاترين.
عثمان : آه يا ربي، إيه العمل دلوقت؟ الولد تاه، والبنت خده الدون، وفلوس مافيش، وغريب عن البلاد دي. نسرق؟ لأ، الأحسن نموِّت نفسي ونرتاح من العيشة المرة دي، نموِّت نفسي إزاي بقى؟ سم، مافيش فلوس علشان نشتريه. سكينة نضرب روحي بيه، مافيش. أحسن طريقة نحل الحزام ده ونشنق نفسي. أيوه مافيش غير كده (ويفك حزامًا من وسطه، ويربطه بالبلكون، ويضع كرسيًّا تحت قدمه، ويقف عليه، ويزيد ربط عنقه فيدخل بتلاس عليه).
بتلاس (داخلًا) : لحد دلوقت موش قادر أعتر في الشخص المطلوب مني، وكل ما أعرض الفكرة على أيِّ واحد يرفض، ما عليَّ إلَّا أقابل جناب مولاي الدون وأخليه يكلف واحد غيري بالمأمورية دي.
عثمان : أهه كده. دلوقت نزق الكرسي نتخنق تطلع روحي، وخالصين، أحسن من الجوع والغربة.
بتلاس : إيه ده اللي حاتطلع روحه (ناظرًا لعثمان) إيه أنت إيه؟
عثمان : وأنت عايز إيه؟
بتلاس : أنت بتخنق نفسك ليه؟
عثمان : وأنت مالك.
بتلاس : أنا مالي؟ أنا مالي يعني إيه. إنزل هنا كلمني.
عثمان (بحدَّة) : روح في حالك.
بتلاس : الظاهر عليك إنك مجنون.
عثمان : أوعى تطوِّل لسانك أحسن أنزل أخلص على عمرك وميِّت ميت. إتاخِر شوية خليني نزق الكرسي.
بتلاس : ارجع يا راجل يا مجنون.
عثمان : يا راجل روح بعيد خليني نشوف شغلي.
بتلاس : انزل هنا فهِّمني. علشان إيه راح تخنق نفسك؟ وبعدين ابقى ارجع تاني.
عثمان : ويعني لما أفهمك راح تعمل لي إيه؟
بتلاس : يمكن أريحك.
عثمان : طيب أديني نزلت (ينزل).
بتلاس : تقدر تقول لي لأي سبب عاوز تخنق نفسك؟
عثمان : أول سبب الجوع وتاني الغربة وتالت الناس اللي كانوا وياي راح.
بتلاس (على حدة) : أيوه. أهه دا المطلوب.
عثمان : هي، فهمت السبب. عن أذنك بقى (ويعزم على العودة للمشنقة).
بتلاس (يعترضه) : تعالى هنا رايح فين؟
عثمان : إيه، لسه عاوز تستفهم عن حاجة تاني؟
بتلاس : لا دا أنا حاقول لك على حاجة تجعلك سعيد إلى الأبد.
عثمان : إيه راح تشوف لي شغلانة؟
بتلاس : لا دا أنا حا أجوزك.
عثمان : أمَّا مغفَّل.
بتلاس (بحدَّة) : إيه؟
عثمان : إذا كنت بقول لك موش لاقي آكل. جاي تقول لي أجوزك.
بتلاس : لأ دا انت حاتتجوز وتاخد ميت جنيه.
عثمان : إيه. ميت جنيه. فين الجوازة دي؟!
بتلاس : بس على شرط إنك بعد ما تتجوز العروسة تسيبها.
عثمان : موش راح أخذ الميت جنيه؟
بتلاس : بالطبع.
عثمان : خلاص أنا أسيب أبوها (للجمهور) أهه بالميت جنيه دول ندوَّر على الولد جميل وناخده ونسافر على مصر أحسن من البلاد الزفت دي.
بدرو (داخلًا) : مسيو بتلاس. لقيت الراجل المطلوب منك.
بتلاس : أيوه أهه (مشيرًا على عثمان).
عثمان : إيه ده؟ هو دا اللي راح نتجوزه؟!
بدرو : بتقول إيه؟
عثمان : لا ما هي جوازة عيرة. أنا بس ناخد الميت جنيه ونسيبك على طول.
بتلاس (ضاحكًا) : الله يجازيك (لبدرو) وأنت جبت المسجل.
بدرو : حالًا جاي هو الشهود وجملة معازيم.
الدون (من البلكون) : هه. حضَّرتوا اللي قلت لكم عليه؟
الاثنين : أيوه يا مولاي.
بدرو : وأهم جايين أهم. اتفضلوا (مشيرًا للخارج فيدخل الجميع باللحن الختامي وتنزل الستار).

لحن

الورد أهه ملو القفف
جبناه وجنيالكم طفف
صيت الفرح مالي البلد حتى الحواري والعطف
يالَّه ما دام الحال هدي. لازم نخلي الزفة دي
هي البريمو في الزفف
عقبالنا يا أولاد جنجلوا هيصوا
الليلة دي وانجلوا
والعقد إحنا نسجله
بس اخلصوا بنا استعجلوا
حاكم بقى الطاسة يدوب سخنت قوي
والعبد لله خلطبيطة ومستوي
يا أهل البلد ممنون أنا
العاقبه عندكو في الهنا
توضيكو حاضر يا ترى
أمال هنعمل إيه هنا
الطبالين والزمارين جايين خصوصي مشمَّرين
والرقص ده خليه لنا
شطار في هزة وسطنا أشيا من حيث كده
هاتوا العروسه مسندة
يا أبهة حظك انضمن
وربنا هدالك الزمن يا ألف مبروك مننا
من الليله دي فهمت صحيح إن الخمرة دهليز التفريح
أم الحظوظ هي والبدع والنية. تجي الخمورجية
جناني فيك يا أمريكا
ثبت خلاص عثمان مهفوف
الوسكي وسكي من الماركة الأمريكاني
أبو خاروف أبو سمرة لون المكادام
وعروسته أبيض من العاج
اتجوز وبقت له مدام
قال يعني الواد يعني مزاج
عبد عبيد فرق بعيد
من حتة فحم لأسيبداج
دي عروستي جوازة ظهورات
عالكيف والا موش عالكيف حواليها شوية جنيهات
نشقطهم وادي وش الضيف
والنبي على قد سوادك
خفة يا مضروب وقيافة
ومن إمتى جدود أجدادك شافوا بالهيئة دي لطافة
القدر هيف والخصر نحيف والدم خفيف
والجيب له الحمد نضيف
وسداح ومداح طالب من ربنا رغيف
موش طالب أفراح
ليلاتي يجعل في بيتكو باللو
ويدوم جوازكم العمر كله
عريس حدق ياله نطبل له.

الفصل الثاني

(عند رفع الستار يدخل المركيز ترانولي وهو في حالة انفعال شديد ومعه مزانيلا ومانولتا، والمركيز مُتقدِّم في السن وهنَّ شابات ثم يقولون لحنًا.)

لحن

مالك يا جناب المركيز ملوي بعد الشر عليك
ربنا ما يجيب لك تبويز أبدًا
ما إحنا حواليك
نحب راحتك
لكن عيبك. عدم صراحتك
مع محاسيبك تخبي عنهم ليه
مالكش تحمل هم كثير
قول الحكاية إيه ولك علينا السر في بير
أنا بحكايتي لما أبوح
تبقى فضيحة وبهدلة زايدة. واشتكي وألا أقول أبوح
هلضمة ولا فايدة ولا عايدة
يمكن عندنا كلمة تصبر فيها الحل يجوز ألقاه
ربنا قبل ما يبلي يدبر. ولا داء لما خلق دواه
فضفض بهمومك ولا تكتم. ريحنا بدال ما توغوشنا
حتى إذا كان في المسألة ترتم
في الإمكان برضه توشوشنا
ماهي ترتم
وفي غاية الترتم
كلتها ترتم في ترتم ترتم ترتم ترتم.
المركيز (بعد اللحن) : أوه دا شيء وحش. دا شيء طمع فينا الدوَل المجاورة لنا لدرجة إني عرفت أنهم بيبعتوا جواسيسهم يتجسسوا على أحوالنا وسياستنا في بلادنا.
مزانيلا : جواسيس؟
مانولتا : لأ، إذا كانت المسألة حصلت لحد كده دا إحنا بقيت حالتنا خطرة.
المركيز : خطرة وبس. دا أنا بلغني اني النهارده جه واحد جاسوس من المكسيك، وتمكَّن من الاتفاق مع بعض الحراس على أنه يرتدي ملابسه ويدخل بها، ويتحايل على الحارس لما يسكَّره ويخليه طينة وبعدها يدخل في القصر ويتجسس علينا.
مزانيلا : يتجسس علينا علشان إيه؟
المركيز : علشان يتجسس على الحاكم لما يتأكد أنه راجل مهمل في وظيفته، متراخي في أشغاله، منصرف إلى لذَّاته الخصوصية. وشهواته النفسانيَّة يقوم يبعت تقرير بكرة لحكومته وحكومته تنتهز فرصة إهمال الحاكم لشئون البلاد وتطلب منا مطالب صعبة، وفي الحالة دي يا نكون مضطرين لتنفيذها أو نضطر لإعلان الحرب عليها.
مانولتا : آه يا عمي (تحصل ضجة من الداخل).
المركيز (ناظرًا) : يا سلام هي حصلت لحد كده؟
مزانيلا : إيه بس الحكاية يا جناب المركيز؟
مانولتا : ما تفهمَّنا فيه إيه، مال عصبيتك … كده.
المركيز : موش مصيبة دي، موش حاجة تجنن، موش فضيحة كبيرة.
مزانيلا : فضيحة؟!
المركيز : أيوه. المسألة الوسخة اللي عملها الدون منتشوف ابن عمي.
الاثنين : عمل إيه بس موش تفهمنا؟
المركيز : عمل إيه، جاب لنا واحدة مغنية … وأنعم عليها بلقب مركيزة وعيِّنها هنا في السراية بصفة دموازيل شرف.
مزانيلا : يا سلام، وعرفت منين إنها مغنية؟ مين اللي قال لك؟
المركيز : مين، الكونت بتلاس هو جنابه بيخبي عني حاجة. أهه حكى لي المسألة من أولها لآخرها.
مانولتا : غريبة، ولكن إزاي المغنية دي تخش هنا في القصر والقانون يحرم دخول واحدة ست هنا ما تكونش متجوزة؟
المركيز : جوزوها يا مدموازيل. جوزوها لواحد يظهر أنه بربري وكتبوا عقد الزواج إمبارح بعد ما سكروا العريس والعروسة، وخلوهم طينة لدرجة أنهم ما يعرفوش بعض لحد دلوقت وجابوهم هنا الساعة تلاتة تقريبًا، وسكِّنوا المغنية في الشقة إياها اللي كانت ساكنة فيها المركيزة دي مكايرو مع جوزها المغفل الثاني الماركيز إيَّاه، يعني المغنية وزوجها حلو محلهم هنا في القصر. فهمتوا بقى.
الجميع : آه كده بقى.
مانولتا : وجوزها دلوقت موش ويَّاها في الشقة.
المركيز : لأ خلُّوه في الشقة اللي هناك دي (مُشِيرًا يمينًا) وجنابه لسه نايم؛ لأنه وقت ما جابوه كان في حالة سكر يعلم بها ربنا.
إحداهن : دي فضيحة أعوذ بالله.
المركيز : فضيحة وبس، موش مصيبة إن الدون يجيب أسود الوش ده هنا ويساويه بي أنا المركيز ترانولي ابن عمه، ويدي له لقب مركيز ويجيب واحدة مغنية من السكة ويساويها بمراتي ويديها لقب مركيزة.
مانولتا : دا شيء وحش خالص. وإيه الرأي دلوقت؟
المركيز : الرأي إني أعمل كل طريقة علشان أقطع جدر الجماعة دول من هنا، وأديني فهِّمت كل أمراء القصر والحاشية بحقيقة المسألة، وكلهم معايا ومن رأيي وموش راضين أبدًا عن الفصل البارد ده اللي عمله الدون ابن عمي. واتفقنا جميعًا على قطع جدر الجماعة دول من هنا بأي وسيلة (تقترب الزيطة وتحصل ضجة في الخارج).
الجميع : الله إيه ده؟
المركيز (ناظرًا) : دا يا ستي المركيز أسود الوش الجديد والحاشية حواليه، يا حفيظ موش قادر أشوفه كده أبدًا (يخرج، هنا يدخل عثمان بملابس مركيز ومعه الجميع يقولون لحنًا).

لحن

إخص أتفوه يا عريس الغفلة
دمك راح فين
إخص أتفوه حتت نتفت مسألة سافلة ولا هوش مكسوف ياهوه
أما حيلة يا بختك بيها الدنياميت ما يأثر فيها
إزاي تقبلها على ذاتك يا هليهلى يا عريس الشوم
في الظاهر تتسمى مراتك والباطن أمره معلوم
هس أوعى تزوِّد وتنقص قبل السر ما ترسي عليه
موش بس الواحد يترقص من غير ماهو عارف أنا إيه
عارفينك ما حناش جاهلين
نفهمها طايرة يا إبليس
اتنين والاثنين عاشقين
وجنابك في إيديهم ميس
جي ورايح صورة وبس
ولا من دقق ولا من حس
إخرسوا يا اولاد المركوب عثمان موش وش حاجات من دي
كلكو فاهمين بالمقلوب إسمعوا وأنا أحكي اللي عندي
نسمع إيه ونسأل ليه
الإنسان شايف بعنيه
إخص أتفوه يا عريس الغفلة
إخص أتفوه
إخص أتفوه.
الجميع (بعد اللحن) : أهلًا وسهلًا بك يا عريس، إفرح وزقطط واتهنَّى.
عثمان : وقصدكوا إيه يعني دلوقت؟
مزانيلا : قصدنا نحيك يا جناب المركيز.
عثمان : مركيز.
مانولتا : ونرجوك أنك تبلغ تحياتنا دي للمركيزة.
عثمان : مركيزة.
مانولتا : أيوه مراتك.
عثمان : أنا مركيز ومراتي مركيزة كمان؟
الجميع : أيوه.
مزانيلا : ليه مانتش عارف؟
عثمان : لأ أنا عرفت منك دلوقت بس إني أتجوزت، لكن ما أعرفش إني اتمركزت.
مزانيلا : دا أنت أتجوزت واتمركزت وقبضت كمان.
عثمان : قبضت؟ قبضت إيه؟
مزانيلا : أجرة الجوازة.
عثمان : يا وليه حرام عليك. إنت شفتيني قبضت حاجة؟
مزانيلا : لأ ماشفتكش، إنما ضروري تكون قبضت.
عثمان : لا لا إن كنتوا ناوين تبلطجوا عليَّ وتشهدوا مع بعض علشان تاكلوا عليَّ المِيت جنيه اللي اتفقتوا معي عليهم، أقلع لكوا هدومكو ومانيش شغال من دلوقت بلا جوز بلا فرد يا خويا.

(الجميع يضحكون)

عثمان : بتضحكوا على إيه؟ إضحكوا على مغفلينكم اللي تجيبوا الناس م السكة وتجوزوهم وتمركزوهم وتدوهم فلوس من غير مناسبة.
أحدهم : من غير مناسبة إزاي وأنت جوازتك دي حاتكون سبب في سعادة الحاكم.
عثمان : لهو أنا لما أجَّوز يبقى الحاكم سعيد.
الجميع : معلوم.
عثمان : ليه هو أنا نافد عليه؟
مانولتا : لأ إنما لما تتجوز أنت يقدر الحاكم يتمتَّع بمحبوبته؛ لأنه ما يقدرش يدخلها القصر وهي مش متزوجة.
عثمان : إيه؟ محبوبته؟ لهي اللي جوزوها لي دي تبقى …
الجميع : عشيقة الحاكم.
عثمان : يا خبر اسود، لا لا يفتح الله، ولا بميت ألف جنيه، أشتغل الشغلانة دي، إحنا يا عم ما عندناش كلام زي ده.
مزانيلا : لكن ده حصل بالفعل.
عثمان : لكن أنا ما كنتش أعرف والعروسة كمان ماشفتهاش.
أحدهم : يا سيدي ما تدقش.
عثمان (يبكي) : إزاي أنا عمري ما اشتغلتش كدا، صنعة إيه دي كمان اللي حا أتعلمها هنا في بلادكم الزفت دي؟! (يدخل المحافظ والسكرتير).
بتلاس : إيه فيه إيه؟ (يرى عثمان) آه هو هنا.
بدرو : إيه الزحمة دي؟ انتوا بتعملوا إيه هنا؟
أحدهم : إحنا جايين بمناسبة الحفلة الهايلة اللي حاتتعمل هنا بعد شوية.
بتلاس : لكن لسه ميعاد الحفلة ماجاش، اتفضلوا دلوقت من فضلكم ولما ييجي الميعاد ابقوا تعالوا يالَّه اتفضلوا (يخرجون وعثمان في أثرهم فيمسكه) تعالى أنت رايح فين؟ (يقف الجميع ليسمعوا الحديث).
عثمان : رايح اتفضل ولما ييجي ميعاد الحفلة أبقى آجي.
بدرو : لا خليك أنت هنا وأنتوا اتفضلوا دلوقت.
الجميع (بتهكُّم) : طيب أوروفوار يا حضرة المركيز.
عثمان : أوروفوار ورحمة الله وبركاته (يخرجون).
بتلاس : أنت موش عارفنا والَّا إيه؟
عثمان : عرفتكم ولو أنكم لبستم الهدوم الجديدة دي، حضرتك الجورنجي اللي اتفقت ويَّايا على المِيت جنيه، وحضرته أظن المأزونجي مش كده.
الاثنين : مظبوط.
عثمان : لكن حضرتكم بدستور بقى تبقوا مين في البلد.
بدرو : حضرته المسيو بتلاس سكرتير حاكم البلد.
عثمان : تشرفنا، وحضرتك؟
بتلاس : حضرته المسيو بدرو محافظ البلد.
عثمان : تشرفنا يا حضرة المحافظ.
الاثنين : مرسي يا مركيز.
عثمان : برده أنتو روخرين حاتقولوا لي مركيز زي اللي كانوا هنا.
بتلاس : معلوم دلوقت جنابك مركيز.
عثمان : مركيز مركيز. ما أنا كنت حا أشنق نفسي والله المركيز أخف م الشنق برده (لهم) إنما أنتم عايزين إيه بقى؟
بتلاس : إحنا جينا هنا علشان ندافع عنك.
عثمان : تدافعوا عني. ليه حد حايتخانق معايا؟
بدرو : لأ، إنما غرضه يعني يحميك.
عثمان : ليه أنا فرن؟
بتلاس : لأ يعني …
عثمان : يعني إيه؟ مش بزيادة إنكم عملتوا معايا الفصل البارد ده، وجوزتوني غصبن عني، والآخر ضحكتوا عليَّ ولا اديتوني أبيض ولا أسود.
بتلاس : معناها إيه؟ بتلومنا وتوبخنا؟
بدرو : لأ يا شيخ هو يقدر يوبخنا.
عثمان : ما أقدرش ليه؟
بتلاس : لأ ما تقدرش.
عثمان : لأ أقدر أبوخكم وأبوخ أبوكم كمان.
بدرو (يخرج سيفه بحدَّة) : بقول لك ما تقدرش.
عثمان (خائفًا) : أيوه مقدرش. مقدرش.
بدرو : وأنت لازم تشكرنا.
عثمان : أشكركم قوي، بس رجِّع السيف ده مطرحه وروَّق دمك خليني نعرف نكلمك.
بدرو : طيب اتكلم (يُرجِع سيفه).
عثمان : أنتو موش اتفقتم معايا أني لما أتجوز تدولي اللي أطلبه وأروح لحالي، موش كده؟
بتلاس : أيوه.
عثمان : وعلشان الفلوس مخصوص أنا قبلت؛ لأني بالفلوس دي أقدر أدوَّر على ناس عزاز عندي.
بدرو (لبتلاس على حدة) : دا باينه راخر بيحب.
عثمان : موش كده.
بتلاس : مظبوط. ولو كنت أنا في مركزك كنت أقبل لأنك لازم تحب.
عثمان : باحب (على حدة) خلِّيهم على عماهم (لهم) أيوه باحب. هو فيه حاجة في الدنيا أحسن م الحب.
بدرو : أبدًا. واللي بتحبها دي سودة والَّا بيضة؟
عثمان : من دا على دا. ما هو عندنا الاثنين زي بعض ما تقدرش تفرق أسود من أبيض أبدًا.
بتلاس : النهاية. خلينا دلوقت نتكلم عن الشيء اللي يهمنا إحنا كلنا.
عثمان : يهمنا كلنا؟
بتلاس : أيوه كلنا أنا بصفتي مستشار الحاكم وحضرته محافظ المدينة وحضرتك زوج محبوبة الحاكم وأهو احنا الثلاثة بصفتنا دي نبقى أكبر وأشرف أعيان البلد.
بدرو : طبعًا. ما دام كل واحد منا بيشتغل وظيفة كبيرة زي دي اللي هي السبب في رفعته وشرفه.
عثمان : في رفعته وإيه؟
الاثنين : وشرفه.
عثمان : يا شيخ خليها على الله.
بدرو : وأهه دلوقت ما علينا إلا أننا نقتسم إحنا الثلاثة كده الثروة والشرف.
عثمان : شوف الراجل برضه لسه بيقول الشرف.
بتلاس (بحدة) : يعني إيه؟ غرضك تقول أننا ماعندناش شرف؟
عثمان : مش حضرتك بتدور على جوز لبُنيَّة الحاكم علشان يقدمها له علشان يقدر يدخلها القصر بصفة رسمية حسب قانونكم؟
بتلاس : أيوه.
عثمان (لبدرو) : وحضرتك مش رحت جبت المسجل علشان تكتب عقد الزواج ده اللي بواسطته يقدر الحاكم يحصل على محبوبته؟
بدرو : أيوه.
عثمان (لبدرو) : وحضرتك موش جيت وأنا كنت رايح أشنق روحي، ولما عرضتوا عليَّ إني أجَّوز حبيبة الحاكم علشان أقدمها له في نظير إنكو تدوني فلوس قبلت وماشنقتش روحي؟
الاثنين : أيوه.
عثمان : أهه ساعتها سهيتكم ورحت شانقة بدالي.
الاثنين : هو إيه؟
عثمان : شرفنا إحنا الثلاثة ولولا كده ما كنتش تتم مأمورية زي دي.
بدرو (بحدة) : أما صحيح راجل مغفل.
عثمان : وهو أنا قلت إني أكثر من مغفل.
بتلاس : طيب أخرس بقى بلاش فلسفة وكلام فارغ. خلينا في المهم.
عثمان : طيب اتفضل قول المهم.
بتلاس : بقى احنا فكرنا قبل كل شيء إننا نقابل جناب المركيز ونتفق معاه.
عثمان : المركيز مين؟
بدرو : حضرتك أنت.
عثمان : أنا مركيز ولي حضرته كمان.
بتلاس : معلوم. ازاي منتش عارف حضرتك؟
عثمان : لأ، أنا ما نعرفش حضرتك.
الاثنين : أمَّال تعرف إيه؟
عثمان : نعرف حضرة السيدة وحضرة الإمام وحضرة الجلشني، ولكن ماكنتش عارف إني أنا كمان لي حضرة يا خويا.
بتلاس : حضرتك، يعني جنابك، يعني سيادتكم. أمَّا راجل عبيط صحيح.
عثمان : النهاية وكنتم عايزين تقابلوا حضرة جناب سعادة مركيزيتي وتتفقوا معاها على إيه.
بدرو : نتفق معاك ونعلمك الأمور الرسمية.
عثمان : رسمية إيه وودية إيه؟ أنا اتفقت على الجواز وبس.
بتلاس : دي مسألة بسيطة خالص تعملها وتقبض وتروح لحالك.
عثمان : طيب إذا كان كده معلهش علم يا معلمي.
بتلاس : عظيم أبقى دلوقت بعد نص ساعة بالكثير حانجمع جميع أمراء القصر هنا، ولما ندخل مراتك المركيزة دي وتدخل أنت بعدها تنحني كدا (ينحني) وتتقدم للمركيزة بلطف وأدب وتروح واخدها من إيدها وتقدمها لسيادة النائب وتقول يا سعادة النائب أنا أتشرف وأقدم لسعادتكم المركيزة مراتي.
عثمان : الله الله يا بو عفان.
الاثنين : الله دا ماله ده؟
عثمان : لا يا سيدي يفتح الله موش ممكن أبدًا شوفوا لكو مقدم غيري.
بدرو : طيب ودي فيها إيه لما تقدمها بنفسك؟
عثمان : فيها إيه ازاى بس أبقى جوزها وأقدمها إزاي؟!
بتلاس : إنت مختشي إنك تقدمها وفاكر إن دي واحدة وحشة.
عثمان : وحشة إيه وحلوة إيه. المصري منا بيقول مثل: الموت ولا العار.
بدرو : يا سيدي عار إيه، هي مراتك من حق وحقيق؟! وأنت موش قلت دا عقد فاسد لأنه عقد على الطريقة الأمريكانية؟
بتلاس : يعني ماهيش مراتك ولا حاجة. دي مسألة صورية وبس.
عثمان : آه صحيح، يعني مسألة رسميات، يعني كلمة والتانية ونقبض ونروَّح.
بتلاس : تقبض وتروح تدور على حبيبتك. ماتضيعيش وقتك يا أخي.
عثمان : لكن يا سيدي أنا اتفقت على أجرة الجواز بس. موش على أجرة التقديم.
بتلاس : أطلب اللي أنت عاوزة. بس من فضلك طلباتك تكون معقولة.
بدرو : ولا تنساش إنك كنت راجل فقير.
بتلاس : يعني عرفتك في وقت كنت فيه عالحديدة.
عثمان : لا يا سيدي موش عالحديدة. كنت عالمشنقة بس.
بدرو : أيوه يعني راجل متشرد.
عثمان : أخرس متشرد في عين أبوك (يتقهقرون إلى الوراء).
بدرو : لا لا موش قصدي. قصدي أقول أنك كنت بائس فقير ويرضيك أي شيء.
عثمان : لا أنا موش راضي بالعبارة الوسخة دي.
بتلاس : أهه أف ماقبلتش مافيش غير حبسك مؤبد.
عثمان : لا ما دام المسألة فيها حبس أنا قابل بكل اللي عاوزينه إنما تنفذولي انتو لوخرين طلباتي.
بدرو : طيب قول لنا بقى إيه طلباتك؟
عثمان : طلباتي بسيطة.
بتلاس : عال. قول إيه هي؟
عثمان : ما دام إن العروسة اللي جوزتوها لي دي موش على زمتي بحق وحقيق، وما دام أن الميت جنيه دول لازميني ضروري علشان أقدر أجتمع على أعز الناس عندي، أنا أقدم لكو المركيزة دي لكن على شرط.
بتلاس : أشرط زي ما أنت عايز.
عثمان : الشرط الأول، إنكو تدوني الميت جنيه مُقدَّمًا لحسن تبلطجوا عليَّ.
بتلاس : ماشي كلامك.
عثمان : الشرط التاني، سكروني زي ما سكرتوني في الأول علشان ما أدراش بحاجة أبدًا وأنا بأقدمها، والله أنا مكسوف من العبارة دي. الله ينكِّد عليكم.
بدور : يا سيدي ما فيش كسوف ولا حاجة.
عثمان : الشرط التالت بعدها في الحال تسبوني حر أروح أدوَّر على أحبابي.
بتلاس : وهو كذلك وكل طلباتك تنفذ ومقبولة، ودلوقت ما دام اتفقنا يالَّه بنا بقى من هنا لحد ما يجي وقت الحفلة ونعمل الرسميات. اتفضل يا مريكز انتظرنا في الشقة المخصصة لجنابك.
عثمان : اتفضلوا يا سيدي أمري لله (يخرجون).
كاترين (داخلة) : آه يا ربي، إيه المصيبة دي يا ناس.
الحاكم (من الخارج) : يا جناب المركيزة، إسمحي لي أقول لك إن المركز اللي حاتكوني فيه حايكون فيه سعادتك وهناك فالشيء اللي حاقول لك عليه إعمليه وانت تصبحي أسعد نساء العالم.
كاترين : طيب وإيه اللي أنت عايزه مني دلوقت؟
الدون : اللي أنا عاوزه منك إن وقت جوزك ما يقدمك لي في الحفلة الرسمية اللي حاتتعمل هنا بعد شوية ماتعارضيش ولا تظهريش أي اشمئزاز.
كاترين : يا سلام.
الدون : أيوه لأنك إذا أظهرت نفورك أو أي علامة من علامات عدم الرضى حاتكون فضيحتي كبيرة فأضطر بحكم الضرورة لسجنك لحد ما تطيعي إرادتي.
كاترين : ولكن موش تقول لي بس، مين جوزي ده اللي بتقول عليه؟ شكله إيه؟ جنسه إيه؟
الدون : دلوقت تشوفيه. هو واحد كده أسمر اللون يظهر إنه من سود أمريكا.
كاترين : إخِّيه.
الدون : إخيه إيه؟ هو راح يستنى ويَّاك يا روحي! دا حايقوم بس بالرسميات ويروح في داهية ما يورناش وشه.
كاترين : لكن قول لي بس.
الدون : نعم.
كاترين : إيه حاتكون صفتي في القصر بتاعك ده؟ إيه حاتكون وظيفتي هنا؟
الدون : الوظيفة بتاعتك الرسمية مدموازيل شرف زي ما قلت لك، يعني تستقبلي الستات بتوع القناصل والأشراف في المواسم والأعياد.
كاترين : بس كده؟
الدون : لا فيه كمان وظيفة غير رسمية.
كاترين : إيه هي؟
الدون : تسليني في وقت وحدتي. تقولي لي فوازير وحكايات وما أشبه ذلك. مفهوم.
كاترين : ودي تبقى وظيفة شرف دي والا …
الدون : أي حد يطول المركز ده يا روحي؟!
كاترين (على حدة) : لازم أوافقه لحد ما أغتنم الفرصة اللي تخلصني.
الدون : هه. خلاص اتفقنا؟
كاترين : خلاص قوي. دا من حسن حظي يا دون منتشرف.
الدون : مرسي، اتفضلي حضرتك على المخدع بتاعك لحد ما يجوا لك الحشم يتلفوا حواليك ونعمل الرسميات، وأنا رايح أدي الأوامر اللازمة علشان الاحتفال.
كاترين : حاضر يا جناب الدون (يخرج الدون) أما دي مصيبة ياخواتي. وأنا كنت فين والبلوة دي فين. ومين بس اللي يقدر يوصل الخبر ده لجميل علشان يشوف له طريقة ويخلصني يا ناس؟

لحن

يا ترى مفتكره فيَّ
والا نسِّتْك الليالي
ذكرتي الأولانية كلمات حبك في بالي
يا ترى دلوقت هايص يا جميل
والا أنت لايص لوصة مجوِّز زي حالي
في قيامي في قعادي
لم يفارقني خيالك
النهاية أنا فؤادي
ما التقاش في الدنيا حالك
غيرك انتي يا اللي برضاي حياتي موهوبة لك.
عثمان (داخلا) : أنا يا روحي.
كاترين : آه. عثمان (تعانقه).
عثمان : اسكت اسكت.
كاترين : فين حبيبي جميل؟
عثمان : لازم دلوقت مسكين داير ينادي يقول يا ولاد الحلال.
كاترين : وأنت إيش جابك هنا؟
عثمان : جاي أقدم مراتي.
كاترين : مراتك؟
عثمان : أيوه.
كاترين : تقدمها لمين؟
عثمان : للراجل الدون.
كاترين : غريبة دي، أنت متجوز؟
عثمان : اتجوزت إمبارح.
كاترين : ومين دي اللي اتجوزتها؟ مين عروستك؟
عثمان : إنت عروستي يا روحي.
كاترين : يا خبر! وقبلت تعمل العمل الفظيع ده وتخون سيدك جميل يا خاين؟!
عثمان : لا لا لا أوعى تقول خاين. الحق عليك أنت. مين قال لك تطلع في اللوترية بتاعي؟
كاترين : لوترية بتاعتك؟
عثمان : أيوه علشان أنا إتجوزتك من غير ما نعرف إني إتجوزتك، ومافهمتش إنك إنت العروسة بتاعي إلَّا دلوقت أهه لما سمعتك بتتكلم ويَّا الراجل الدون الملعون ده.
كاترين : وقبلت إنك تقدمني بنفسك له يا عثمان؟
عثمان : أبدًا، ما دام دلوقت أنا عرفت الحقيقة وعرفت إنك إنت اللي وقعتي في المصيبة دي على غير غرضك، ومحافظة على حب سيدي جميل أنا لازم نخلصك ولو تروح روحي.
كاترين : مرسي يا عثمان، لكن حاتعمل إيه دلوقت وبعد ربع ساعة بالكثير لازم تقدمني رسمي للدون في الحفلة اللي رايحين يعملوها هنا دي؟
عثمان : أرفض بشهامة وأصون شرفي.
كاترين : أنا أفتكر إنك إذا رفضت لازم يهينوك ويحبسوك.
عثمان : يحبسوني يموتوني زي بعضه. السجن والموت وكل الأرف أحلا من الحفاوة في العار وضياع الشرف.
كاترين : آه يا ربي، طيب يا عثمان أرفض تقديمي زي ما بتقول، وبالطريقة دي بالطبع حايخرجوني من هنا؛ لأن اللي زيي أنا ولا تكونشي متجوزة، فقانون البلد دي يحرَّم وجودها هنا في القصر، وما دام أنا خرجت من هنا بالطبع حانتلم على جميل، وإذا سجنوك نبقى نتدبر في حيلة نخلصك بها.
عثمان : لا ماتفتكرش إتلموا أنتو بس على بعض، وأنا برضه السجن يلمني.
كاترين : آه، أنا سامعة حس رجلين يالَّه بنا دلوقت كل واحد يروح مطرحه.
عثمان : أيوه يالَّه (يخرجان).

لحن

آدي الجمل وآدي الجمال
دي حاجه حلوة بديعة
يا سيدنا يالَّه انهينا قوام
مابدهاش أيها تلكيعة
اللي علينا إحنا نخدمها بعنينا وأمرها مسموع
واللي عليك إنت تقدمها بس بكل أدب وخضوع
والنبي لما تموتوا كمان مش ممكن الحاتا باتا كات
ما يبيعشي كرامة عثمان دي من عاشر المستحيلات
تهزر والا من جد اتملح
ماتقولش لحد غصب عنك والا بكيفك حا تقدمها وعينك مني
ورِّيه يا جناب الدون سيفك خلِّيه يتنيِّل ويكن
كلمه ورد غطاها قوام إن طوَّلت موش حاخضع لك
بتهوِّشني فاكرني برام
نه ياخ قوم ينعل أبو شغلك
طولت لسان وقباحة وزبلحة ووقاحة ضروري من فعلة أبو خاشه
وهلك بدنه وقطع معاشه
ولو كان قومتوا قيامتي
أنا اللي قلته حاكرره برضه
أموت شريف أحسن بكرامتي ولا يقولوش إتنجس عرضه
عليكوا بيه ياله كتفوه ودوغري عالحبس إحدفوه.
المركيز (يدخل ومعه رئيس الحرس) : بقى صحيح اللي بتقوله؟
رئيس الحرس : أيوه يا جناب المركيز، وجاتنا إشارة من أحد رجالنا اللي في بلاد الأعداء إن الجاسوس اللي قام من هناك ده طب للبلد هنا في المدينة ولا يعرفوش إيه قصده ولا غرضه.
المركيز : آه يا رئيس الحرس، أنا خايف لا المستعمرة دي تروح من إيدنا، ويكون سببها تغافُل الدون وإهماله بشئون الدولة.
رئيس الحرس : وإيه اللي يشوفه جناب المركيز؟
المركيز : راح أُلقي الأوامر على جميع حرس المدينة بزيادة الانتباه والالتفات، وأنا حاانِبِّه على حراس القصر علشان ياخدوا بالهم طيب ونقبض على الجاسوس ده بأي وسيلة.
رئيس الحرس : أمرك يا جناب المركيز (ينحني ويخرج).
جميل (داخلًا بعد برهة لابسًا ملابس عسكريٍّ من حرس السراي) : آه يا ربي، يا ترى فين هي دلوقت؟ دول قالوا لي خدها الدون على سرايته، ولما عِرفت كده عملت كل حِيلة على واحد من الحراس كان في خمارة في المدينة، وسكَّرته وقلَّعته البدلة دي علشان أتمكن من الدخول هنا. لكن هي فين دلوقت؟ آه يا حياتي آه. (يقول لحنًا).

لحن

قال لي حاتهوى ما صدقتوش
وقلت يا منجم كداب
حتى الهوى أنا ما أحسبوش من صغر سني أوفى حساب
كررها تاني وعادها لي يادي الجدع حالك مسكين
من ظن قلبه يبات خالي
يصبح أشد المشبوكين
وصبحت أهه لا مال ولا وطن
والبخت بالعند أهه مال
كان لي حبيبة أشوف من وشها البدر الزاهي
جدِّت عليك يا فؤادي أمور
والعصر فيك آمر ناهي
حكم بفرقتي وبنوحي
وبعادي عن ملكة روحي
لكن أخوض النار ولا أبالي
وأدور في ملك الله سوَّاح
يا شُفتها وارتاح بها بالي
يا مت وآهي روح في الأرواح.
المركيز (داخلًا بعد اللحن) : هو لا. إنت إيه؟
جميل : أنا. أنا …
المركيز : أنا أنا إيه؟ قول لي انت إيه؟
جميل : أنا من حرس القصر.
المركيز : حرس القصر؟! لكن كلامك ولهجتك دي تدل على إنك غريب موش من البلاد دي، قول لي إنت مين وازاي واقف هنا تغني؟ إخلص إتكلم.
جميل : لا أنا، أنا أصلي بغنِّي ولما سمعت إن فيه حفلة هنا الليلة جيت علشان أغنِّي لكم وأطربكم إكرامًا لعيون الدون.
المركيز : مغنِّي؟
جميل : أيوه.
المركيز : واسمك إيه؟
جميل : اسمي جميل.
المركيز : جميل. مافيش حد من جنسنا اسمه جميل.
جميل : لا لا لا أنا اسمي …
المركيز : إخرس. إنت لازم تكون الجاسوس اللي جاي يتجسس علينا من بلاد الأعداء. يا حرَّاس.
الحراس : مولاي (يدخل الحرَّاس).
المركيز : اقبضوا على الراجل ده واسجنوه في سجن القصر علشان لما نخلص من الحفلة نحقق ويَّاه ونعرف هو مين (ويخرج).
الحراس : أمرك يا مولاي (يخرجون ومعهم جميل، ثم يدخل الجميع ويقولون اللحن الختامي للفصل وينزل الستار).

الفصل الثالث

(يُفتَح الستار عن سجنٍ مُظلِم، وبه مسجون.)

السجين : الحمد لله، أديني دلوقت بقيت على وش هروب. الله الله دانا في زنزانة تانية يا خويا. آه يا خيبة آمالي. دانا كنت فاكر إني تخلَّصت نهائيًّا من السجن الملعون ده يا خفيف، يا خفيف ست سنين وأنا مسجون في السجن ده في زنزانة لوحدي، ما أشوفش فيهم غير السجَّان بس، لكن برضه معلهش، أديني في الست سنين دول تمكَّنت إني أفتح طاقة في الحيطة بالعتلة الصغيرة دي اللي تحصَّلت عليها، وحيث إن سجن الأزواج دا مافيهش غيري أنا برضه ليَّ عشَم إن بعد ست سنين تانيين أعمل طاقة في الحيطة دي لوخرة، وبعد كده أتمتَّع بنور الحريَّة. ودلوقت موش لازم أضيَّع ولا دقيقة من وقتي علشان أوصل لغرضي (ضجة من الخارج) آه. أنا سامع حس رِجلين، أما أرجع لزنزانتي قوام، لحسن يكتشفوا مشروعي. ويروح تعبي عليَّ هدَر. أيوه لما الواحد يدوَّر على إطلاق حريته لازم يكون حريص، بلا كلام (يدخل من حيث أتى، يدخل السجان ومعه حارسان قابضان على جميل).
حارس ١ : هو دا سجن الأزواج؟
السجان : أي نعم، سجن الأزواج.
حارس ٢ : لكن أنا ماشفتش السجن دا قبل دلوقت.
السجان : بس علشان زباين السجن دا قليلة؛ لأنه مخصص للأزواج اللي بيعصوا أوامر مولاي الدون.
جميل : لكن يا سيدي أنا لا جوز ولا حاجة، وجايبني هنا ليه؟
حارس١ : جبناك هنا لأنك مُتهَم بالتجسُس. وتهمتك فظيعة، ولا يناسبش سجنك في السجن العمومي.
جميل : يا سيدي أنا لا جاسوس ولا حاجة.
السجَّان : إخرس (يخرجون، ويقفل السجَّان الباب).
جميل (وحده) : آه يا ربي، آدي جزاء اللي يخالف والديه. آه يا كاترين، بسببك إنت حصلتْ لي كل المصايب دي. آه يا إلهي (لحن)، أما أنام هنا وأمري لله (ينام).
السجَّان (من الخارج) : دا جاسوس راخر والا إيه؟
المحافظ (من الخارج) : لا، دا من الأزواج اللي عاصيين أوامر مولاي الدون.
السجَّان : أهلًا وسهلًا، اتفضل شرَّف (يدفعون عثمان للداخل).
عثمان : ما تزقش كده يابن المركوب أنت وهو.
السكرتير : إخرس يا بربري.
عثمان : بربري في عين أبوك منك له.
السجَّان : عيب يا راجل أسكت.
عثمان : أسكت إيه، إنت موش شايف بيقول بربري. ماله البربري؟ بربري لكن أشرف من أبوهم كمان.
المحافظ : عيب يا عثمان (للسكرتير) يا سيدي موش كده. يمكن يندم علي اللي عمله ويوافقنا (لعثمان) معلهش يا عثمان. وإذا ندمت على عملك ووافقت مولانا الدون على رغباته، إبعت لنا السجَّان واحنا نطلق سراحك. علشان تقدم الست بتاعتك وتقبض وتروح لحالك.
عثمان : لا، أبدًا.
السكرتير : بخاطرك، خليك هنا مسجون إلى الأبد. بنسوار يا عثمان.
عثمان : بنسوار يا حضرات الأشراف (يخرج المحافظ والسكرتير).
السجَّان : ماتزعلش يا بني أمرك لله، ولما تحب تنام، أهه عندك القش دا نام عليه (يخرج).
عثمان : أما غريبة دي، بقى المحافظة على الشرف يعمل في الواحد كده! (يتجه نحو جميل) الله! دا مين كمان؟ إنت يا جدع يا للي نايم، إنت هو؟
جميل : مين دا؟!
عثمان : الله، الله جميل؟!
جميل : عثمان؟!
عثمان : إنت إيه اللي جابك هنا؟ مارضيتش تقدِّم إنت راخر؟
جميل : أقدم إيه راخر يا عم عثمان؟ دانا دخلت أبحث على كاترين في قصر الدون أندريا، قاموا ظبطوني بصفة جاسوس، وجابوني هنا في السجن الملعون دا، وأديك لقيتني نايم النومة الفظيعة دي.
عثمان : أيوه نايم تمام زي خيل الشفخانة، لكن تعرف لو كنت أنا قبلت طلبات الدون وقدِّمت له مراتي، كنت دلوقت نايم على سرير بأربعة وتسعين مرتبة.
جميل : مراتك إيه وسرير إيه؟ موش تفهِّمني إيه المسألة يا أخي، إنت متجوِّز؟
عثمان : أيوه، ولكن لسه مادخلتش الدنيا.
جميل : إلَّا متجوِّز، إنت لاقي تاكل لمَّا حاتتجوز كمان. بس بلاش كلام فارغ.
عثمان : كلام فارغ إيه، دانا أتجوِّزت واحدة ست لكن مافيش كده، يا سلام على شكله، على قوامه، على عيونه!
جميل : يا سلام، يعني مالقيتش الَّا انت. ست مين دي اللي تقبلك على سواد وشك ده؟!
عثمان : ست كاترين.
جميل : إيه؟! هو انت الجوز اللي اتفقت معاهم على الجريمة الفظيعة دي يا خاين؟!
عثمان : ما تقولش خاين بلاش كلام فارغ. هي تقول خاين، إنت تقول لي خاين. أنا مالي قالوا لي أتجوز من غير ما تعرف العروسة مين، رحت متجوِّزه غيابي علشان نقبض المِيت جنيه ونجوزك لكاترين وندفع لك رسم الجواز. يعني بسببك إنت برضه قبلت الجواز. وبعدين قالوا لي قدِّم العروسة واقبض وروح لحالك، ولما عرفت إن العروسة اللي جوِّزوها لي دي كاترين الزفت بتاعك، مارضتش نقدِّمه، ودلوقت أهُم سجنوني بسببك إنت وهيَّ، وجاي تقول لي كمان خاين وماخاينش. داهية تنعلك إنت وعروستك سوا.
جميل : إختشي يا عثمان عيب.
عثمان : عيب إيه، موش بزيادة الوقعة الزفت بتاعكم دي.
جميل : طيب دلوقت إيه الرأي؟
عثمان : رأي إيه، أهه إن ماكنتش حاتبطَّل الكلام الفارغ ده حانروح نقدِّم العروسة للدون، وأقبض وأروح على مصر طوَّالي، وانت خليك مرمي في السجن هنا جزاء لك على مخالفتك لأبوك ولا سمعتش كلامه. هو اللي يخالف أبوه يكسب طول حياته.
جميل : لا لا، في عرضك يا عم عثمان. أنا في عرضك. أوعى تقبل وتعمل كده. وأهه برضه ربنا كريم. ما دمنا مظلومين يفك سجننا ونرجع إن شا الله لمصر العزيزة سالمين.
عثمان : إن شا الله، بس يالَّه ننام بقى واللي في علم ربنا يتم يا خويا.

لحن

يا اللي جمالك ما اتوصف
لا في الغزال ولا في القمر
ما شفت يوم قبلي اتنصف
إلا الزمان فيَّ آمر
بعَدُوك يا نور العنين عنِّي وأشوف منين
كم آه ليلاتي كم آهين ودا كله كان غايب لي فين
وحدي ما بين أربع حيطان
الأرض أشكي لها تميل
سجَّاني قاسي ياريته لان
وعطف على بلوة جميل
يا سجن مين يقوى عليك أنا في غرامها أرتضيك
ومزيتك يا حب إيه
إن ما اتحملش الذل فيك. اللي يحب ما يشتكيش
هو الغرام شكواه تفيد
من خانه صبره ولا وعيش
أهه دا اللي مات موتة شهيد.
عثمان : إنت وبعدين ويَّاك، موش تسيبنا ننام شوية نرتاح من الغُلْب اللي شفناه ده.
جميل : حاضر يا عم عثمان. يالَّه ننام أمرنا لله (ينامان).
كاترين (داخلة مع السجان) : لكن هو عثمان مكتِّف والَّا سايب؟
السجَّان : لا، موش مكتِّف ولا حاجة.
كاترين : وهو فين أمَّال؟
السجَّان : أهه عندك، أظن إنه نايم على القش اللي جوه هو والجاسوس اللي جابوه ويَّاه.
كاترين : أيوه عارفة. الجاسوس جميل موش كده؟
السجَّان : أيوه يا مولاتي.
كاترين : طيب أنا حاصحِّيه، إتفضل حضرتك لحد ما أنده عليك إبقى تعالى.
السجَّان : أمرك يا مولاتي (يخرج).
كاترين : جميل، جميل.
جميل : مين ده؟ نعم يا حضرة السجان.
كاترين : سجَّان مين دانا.
جميل : إنت مين؟
كاترين : أنا كاترين.
جميل : كاترين؟
كاترين : أيوه.
جميل : وإيش جابك هنا، وجرأك تورِّيني وشك بعد العمل الفظيع اللي عملتيه ده يا خاينة؟!
كاترين : خاينة إزاي؟! إذا كنت أنا خاينة زي ما بتقول ماكنتش كتبت لك جواب قلت لك فيه الحكاية، وفت لك كيس مليان جنيهات عند البنت الخامورجية اللي كنَّا بنغني في خمَّارتها.
جميل : إزاي ده؟! يمكن عثمان اللي خد الكيس؟ إستني أما أصحيه وأسأله. عثمان عثمان.
عثمان : هه.
جميل : قوم إصحى.
عثمان : إنت وبعدين ويَّاك في ليلتك السوده دي، ماتخلِّينا ننام يا أخي.
كاترين : قوم إصحى يا عثمان، أنا كاترين.
عثمان : كاترين؟ كاترين هنا؟
الاثنين : أيوه.
عثمان : أهلًا وسهلًا بمراتي (يهمُّ بضمِّها).
جميل : مراتك إيه وزفتك إيه.
عثمان : معلوم مراتي غصب عن عين أبوك كمان، وجناب الدون شاهد إنها مراتي، عاوز أكبر من الدون منتشوف.
جميل : يا شيخ إتلهي!
عثمان : إنتِ شاهدة على قباحة الولد ده؟
كاترين : معلهش يا عثمان.
عثمان : معلهش إيه. تعالي نقدِّمك للدون ونفرسه (يسحبها).
جميل : لا لا يا عم عثمان. مراتك. تمام مراتك، وأنا كمان شاهد مبسوط.
عثمان : أيوه. كده قر بالوحدانيَّة، قال إنت موش مراتي يا ست؟
كاترين : أيوه.
عثمان : قولي له.
جميل : يا سيدي عرفنا إنها مراتك، أسكت بقى.
عثمان : يالَّه بوس إيدي، وقول لي حقك عليَّ يا عم عثمان.
جميل : أبوس إيديك؟!
عثمان : ما هو إن ماكنتش راح تبوس إيدي، ورجلي كمان، حاروح أقدِّمها وأقبض وأفوتكم هنا وأروح، وتندعقوا في بعض.
كاترين : يا سيدي بوس إيده خلِّينا نخلص.
جميل : طيب وآدي إيدك يا عم عثمان. حقك عليَّ، مبسوط.
عثمان : أيوه كده يا مجسجساتي الكلب.
جميل : يا سيدي بزيادة بقى لا حد ياخد باله، خلِّينا في المهم.
عثمان : مهم إيه.
كاترين : إنت موش قلت إنك قريت الجواب بتاعي؟
عثمان : أيوه.
كاترين : وفين الفلوس؟
عثمان : فلوس؟
جميل : أيوه اللي فاتتهم لنا عند الخامورجية.
عثمان : فلوس إيه؟ أنا قريت الجواب، ودوَّرت على الفلوس اللي فيه مالقتش فلوس. قلت يا واد أُشنُق نفسك علشان أخلص من أمور النصب بتاعتكم دي.
الاثنين : تشنق نفسك؟ إزاي؟
كاترين : إحنا موش فاهمين يا عم عثمان.
جميل : تشنق نفسك، والَّا تتجوز يا خويا؟
عثمان : أيوه أتجوز، أتجوز جوازة المشنقة يا خويا.
كاترين : موش تفهِّمنا يا عم عثمان.
جميل : أيوه فهمنا إنت إتجوزت كاترين.
عثمان : أيوه قولوا كده، بقى أنا لما رحت الخمارة اللي كان نايم جنبه كاترين، البنت الخامورجية إداني الجواب، ولما قريته وفهمت اللي فيه، قلعت الحزام، ونويت أشنق نفسي. جيت أأدي الوظيفة مسكني الراجل السيروس، وعرض عليَّ الجوازة دي في نظير ميت جنيه أقبضهم وأروح لحالي. سكَّروني وجوِّزوني من غير مانعرف العروسة مين. وأهم كلوا عليَّ الميت جنيه. وانتو بتدعوا عليَّ. يعني دلوقت أنا واقع في إيدين جماعة نصَّابين وأمري لله يا خويا.
كاترين وجميل : آه كدا بقى.
عثمان : لكن إنتِ إزاي جيتِ هنا؟
كاترين : لا، أنا جيت هنا بإذن الدون.
جميل : إزاي ده؟!
كاترين : أهه من كتر حبه فيَّ مابيرفضليش طلب أبدًا.
جميل : أيوه يا ستي عارف.
عثمان : واقع فيك الملعون.
كاترين : لكن أنا بالعكس بارفض له كل طلب.
جميل : صحيح يا روحي.
كاترين : أيوه أنا بارفض له طلباته بلطف، وأتعلَّل له بالموانع الطبيعية. إنت تصدَّق إني أنا أحب غيرك يا حياتي؟
جميل : آه يا روحي (يضمُّها).
عثمان : الله الله! يا سيدي بلاش فضايح. القانون بتاع السجن مايسمحش بده لا يخالفوك.
جميل : لكن إنتِ جاية هنا بأي حجة؟ وازاي سمح لك؟
كاترين : أيوه أنا أقول لك. سمح لي علشان أظهرت له ميلي وحبي له، وفهِّمته إني خايفة لحسن قانون البلد دي يعترضني في طريق سعادتي، وطلبت منه شيء أراضي به عثمان علشان يقبل ويقدِّمني له بصفة رسميَّة، فدخلت عليه الحِيلة وادَّاني الكيس ده مليان جنيهات علشان أغري به عثمان وأخلِّيه يقبل.
عثمان : ودلوقت جنابك حاتعمل إيه؟
كاترين : إستنَّى (تذهب نحو الباب وتصفِّق) يا سجَّان.
الدون (داخلًا لابسًا ذقن وملابس السجان) : مولاتي.
كاترين : تعالى هنا، شايف الكيس دا؟
الدون : أيوه يا مولاتي.
كاترين : دا مليان جنيهات.
الدون : كويس.
كاترين : تعرف إذا أطلقت حرية الجماعة دول؟
الدون : نعم.
كاترين : الكيس دا بتاعك.
الدون : يا سلام بتاعي أنا.
عثمان : أيوه بتاعك إنت، بس ابقى إديني منه الميت جنيه بتوعي.
جميل : يا سيدي إتلهي، موش وقت هزار من فضلك.
الدون : طيب إذا سبتهم وأطلقت لهم الحرية زي ما بتقولي إيه اللي راح تعملوه؟
كاترين : نهرب إحنا التلاتة ولا نقعدش في البلد دي ولا دقيقة.
الدون : إيه؟! تهربي إنت كمان؟!
كاترين : أيوه.
الدون : لكن تهربي إزاي، ومولاي الدون بيحبك، وواقع فيك لشوشته؟
كاترين : وأنا يهمِّني إيه من حبه.
الدون : يهمِّك إزاي؟! طيب دانت إذا حبيتي الدون وشعر بميلك له أظن الألماظات تبقى من راسك لكعب رجليك.
كاترين : أيوه عارفة، لكن مع الأسف أنا ماباحبوش.
الدون : ولا شوية صغيرة بس.
جميل : لا هي ما تحبِّش غيري أنا عارف.
كاترين : أيوه صحيح، أحبه حب فوق الوصف. يعني ما دام هو بيحبني، وأنا باحبه بإخلاص موش ممكن إن حد يقدر يفك رابطتنا دي؛ لأننا عايزين نعيش مع بعض ونموت مع بعض، ويستحيل حد يفرَّقنا.
الدون : يا سلام، يعنى دلوقت خلاصكم في إيدي موش إيده؟
جميل : أيوه ياسجَّان المظاليم. خلاصنا في إيدك إنت إرحم شبابنا قدر إخلاصنا لبعض وخلَّصنا.
الدون : طيب ما دام إنتم وثقتم بي واتَّكلتم عليَّ في خلاصكم أنا حاقوم بواجب الإنسانيَّة، وأنفِّذ لكم طلبكم ولو يكون فيه عليَّ أكبر خطر.
الثلاثة : مرسي، مرسي (يعانقونه فيدفعهم)!
الدون (ناظرًا للخارج) : ياسجَّانين (يدخل اثنان من الحرس).
سجَّان : مولاي.
الثلاثة : إيه دا يا خبر؟!
الدون : يالَّه إمسكوا الأسود ده وسلسلوه في كرسي العذاب ده، والتاني دا راخر زيُّه هنا (يقبضون على عثمان وجميل ويربطونهما).
الحراس : خلاص يا مولاي، والمدام لوخره؟
الدون : لا لا بس الراجلين دول. العذاب للرجالة بس يعني إذا عذِّبتوهم أو أذيتوهم، مافيش عليكم بأس، لكن أوعى حد منكم يكلم الست أو يمسها بأذى.
الحراس : حاضر يا مولاي الدون (يخرجون).
كاترين : الدون أندريا؟
جميل : يا خبر!
عثمان : يا دي الداهية.
الدون (يقلع الذقن) : أيوه الدون أندريا اللي ماهوش مغفَّل زي مانتو فاكرين، اللي في لحظة واحدة كشف ستركم وعرف ينتقم لنفسه، ودلوقت أدنتو اجتمعتوا هنا، ولا فيش حد يقدر يفرقكم أبدًا عن بعض، وإذا كان في نفسكم تغازلوا بعض في عشق أو غرام. أهه المجال قدامكم واسع إتكلموا زي ما أنتم عايزين.
كاترين : أيوه نتكلم.
عثمان : أيوه ونغازل بعض، إنت مالك موش مراتي.
جميل : إخرس. مراتك في عينك.
عثمان : لا لا لا، إذا كان حاتتكلم كلام فارغ راح نسلم البضاعة ونقبض ونروح لحالي.
الدون (لكاترين على حدة) : إسمعي أنا لازال أحبك، وإذا كنتِ عايزة تعيشي في هناء ونعيم بلَّغي البربري ده علشان يقدِّمك بالصفة الرسمية، وإذا قِبل إبقي سقَّفي، وهم كل السجانين ناموا ولا فيش حد بره غيري، وأديني حاقعد بره لوحدي أنتظر النتيجة.
كاترين : حاضر.
جميل : كان بيقول لك إيه الدون بتاعك يا ستي؟
كاترين : ولا حاجة.
جميل : يا سلام على اللؤم يا سلام.
كاترين : وقصدك إيه يعني، موش كفاك إني رميت نفسى ويَّاك في السجن وكمان موش مخلصك؟
جميل : ويَّاي؟
كاترين : أيوه.
جميل : لا يا ستي، إنت جاية لسي عثمان جوزك تترمي ويَّاه موش ويَّاي، وماكانش عندك خبر إني هنا، موش كده؟
عثمان : أيوه جاية علشاني، هوَّ عيب مراتي وبتحبني إيش حشرك إنت يا بارد؟
جميل : هس إخرس أهي ليلة دخلتك زي وشك.
عثمان : هي هي.
الاثنين : إيه فيه إيه؟
عثمان : أنا زي اللي سامع.
كاترين : وأنا لوخرة.

(المسجون يخرج من الفتحة.)

عثمان : وادي عفريت المساجين يا خويا.
المسجون : هس، ولا كلمة.
عثمان : إنت إيه؟
المسجون : أنا اللي جايب لكو الفرج.
الجميع : فرج؟
المسجون : أيوه علشان أنا قعدت ست سنين علشان أفتح الطاقة دي، لسه كمان ستة وبعدين نهرب.
عثمان : إيه يبشرك بالخير برضه مدة بسيطة الصبر طيِّب.
كاترين : وفتحت الطاقة دي بإيه بقى؟
المسجون : بعتلة صغيرة.
كاترين : ومعاك العتلة دي؟
المسجون : أيوه أهه.
عثمان : طيب إذا كان كده طيَّر لنا بها حلقة من السلسلة دي، والَّا إكسر الكلبش دا ويبقى لك ثواب.
كاترين : أيوه شوف لك طريقة وفك الجماعة.
المسجون : أنا في الخدمة يا مدام (يهجم عليها ويضمُّها ويقبِّلها).
جميل : إيه دا يا راجل أنت مجنون؟!
عثمان : هس إخرس هي مراتك، بوس على كيفك بس تعالى خلصني أنا في عرضك.
المسجون (لعثمان) : لا مؤاخذة يا عزيزي، بقى لي ست سنين هنا ما شفتش ستات أبدًا علشان خاطر الست أنا أخلصكم (يكسر كلبش عثمان).
عثمان : أيوه كدا بَراوَة عليك.
المسجون (لكاترين) : مبسوطة يا مدام؟
كاترين : مرسي، بس فك التاني.
عثمان : لا لا، خليه كده يستاهل.
المسجون : ليه؟
عثمان : علشان أنا مارضتش بالتقديم سجنوني، وهو مارضيش بالبوس خلِّيه مسلسل يا خويا.
كاترين : هس هس.
المسجون : مانا راخر زيك، والمصيبة واحدة (يكسر كلبش جميل).
جميل : الحمد لله.
كاترين : ودلوقت إسمعوا.
الجميع : نعم.
كاترين : الدون أندريا قال لي …
جميل : قلنا كده قالوا إطلعوا م البلد.
كاترين : إنت وبعدين ويَّاك.
عثمان : قال إيه، سيبك منه؟
كاترين : قال لي إذا كنت عاوزة تعيشي في هناء ونعيم، أبلغي البربري ده علشان يقدِّمك بالصفة الرسميَّة، وإذا قبل سقَّفي، وأهُم كل السجانين ناموا وأنا قاعد برَّه لوحدي أنتظر النتيجة.
عثمان : كويس، كل واحد منا يرجع محله، وأنت سقَّفي، ولما يدخل الدون نهجم عليه وناخد منه مفاتيح السجن ونسلسله هنا.
جميل : وبعدين نحل قلوعنا ونهرب من هنا طوالي.
عثمان : وانت يا حضرة رصيفي، استخبَّى هنا لحد ما يدخل الدون.
المسجون : أيوه أيوه.
كاترين : هه، مُستعدِّين؟
الجميع : أيوه خلاص.

(كاترين تصفِّق)

الدون (داخلًا) : أنا عارف برضه إنك بتحبيني يا روحي.
كاترين : أدوب فيك خالص.
الدون : وعثمان قِبل؟
الجميع (يهجمون عليه) : أيوه قِبل.
الدون : إلحقوني يا هو.
عثمان : هس إخرس. خليك كده يا ملعون. قلت يا فاحت البير وموطِّيها أديك وقعت فيها يا خويا.
الدون : أنا في عرضكم يا هوه. نصطلح واللي فات مات.
جميل : إطلع يا لئيم، دي حاجات ما بقيناش ناكلها.
الدون : آه من النساء آه!
المسجون : الله على الخاين الملعون.
جميل : إعتق الراجل ده اللي بقى له ست سنين في أشدِّ العذاب.
الدون : طيب سيبوني وأنا أفك سجنكم، وأنعم عليكم وتروحوا لحالكم.
عثمان : إحلف بشرفك إن كان عندك شرف.
الدون : بشرفي أسيبكم تروحوا مطرح مانتو عايزين.
جميل : إحلف بذمِّتك إن كان عندك ذِمة.
الدون : بذمتي.
كاترين : إحلف بي إن كنت تحبني.
الدون : وحياتك يا روحي.
عثمان : تحلف بكل مقدس إنك تسيبنا نروح لحالنا وتتوب عن العادة الملعونة دي؟
الدون : أحلف لك بكل مقدس إني أطلق سراحكم، وتوبة من دي النوبة.
عثمان : سيبوه، ودلوقت يا جماعة حيث إن اتحاد قلوبنا وصَّلنا لغرضنا قولوا كلكم فليحيَ اتحاد القلوب.
الجميع : فليحيَ اتحاد القلوب.

لحن الختام

أهه ربنا نصرك يا بو سمرة
ولا نفعت حيلة ولا مؤامرة
طقَّقتْ عدوَّك من غيظه
والغيظ ناره جهنم حمرة
ما دمت تتبع الإخلاص ومعتمد على صفو النية
ضمنت كل العز خلاص وعشت عمرك عيشة هنية
دافعت عن شرفك بشهامة
وتحت رِجليك الملايين
ابن العَرَب خلِّيت له كرامة رفعت راس الشرقيين.
١  تمَّ الترخيص بها رقابيًّا بتاريخ ٥ / ١٠ / ١٩٢٥. وذلك بناء على أختام وتوقيعات الرقابة الموجودة على الصفحة الأولى من مخطوطة المسرحية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤