رواية أبو النواس

تأليف حامد السيد، العرض الأول بتاريخ ١١ / ١٠ / ١٩٢٨

الفصل الأول

(شاطىء نهر – قنطرة في اليمين – مرسى مراكب – منازل قديمة – في وسطها باب فوقه يافطة «حانة أبي النواس» وإلى ناحية أخرى مدخل شارع، وعلى مسافة ممرٌّ مؤدٍّ إلى القنطرة المنظورة. الوقت ليلًا. يظهر الضوء منبعثًا من نوافذ المنازل البعيدة – فانوس أحمر جهة المرسى – دور «حانة أبي النواس» يرى فريق من النور والشحاتين منتشرين يمينًا ويسارًا تحت القنطرة وفي مدخل الشارع وفي جهة السلم.)

اللصوص :
في هدو الليل وضلامه
الناس تبطل حركتها
بمجرد هم ما ناموا
نصحى احنا ياحراميتها
نتنشط ونقشط
ونرازي ونهوش
وننعم ونكوش
ولا نتتل من يمشي
في طريق ولا يفوت
وإن عصى ولا سلمشي
حتما إنه يموت
ضلالية وحيلية
وعشان ما ننفي الشبهة
نختار صنعة هيفه
إيه قولت يعيشوا بها
إشي أدباتي
وإشي قرداتي
وأهي ماشية ديابها في كلابها
والسرقة تعوز أولاد كار
وأسيادنا العسكر لونها
كار القط ماكلشي الفار
الجميع :
لله لله
يا اللي تعامل الله
يا شحاتين يا حنا يا مساكين
يا مرميا بالقوي يا مسورقين
يا جواعه يا صراعه
عافيتنا خايبه وعضامنا سايبه
وهدومنا دايبه
ولا حته خاليه من الأوجاع
لا عين ولا رجل ولا دراع
من أهل الله يا اللي تعامل الله
الأعمى :
يام العواجز دستورك
أنا اللي جاني العما حيثي
يعوض الله بقى في نورك
يا عيني ياللى بقيتي ليثي
أعمى وشبه يهش
بده حتى رغيف العيش
من أهل الله يا اللي تعامل الله
المكسح :
أنا المفرطم أنا المكسح
طالب من الله فقط سيجاره
حايبقى ولا أنط ولا أتفسح
وكيف مافيش أما دي عاره
من غير رجلين
وأتعشى منين
من أهل الله يا اللي تعامل الله
الأكتع :
أكتع وبيمشي يزك
وولايا وراه وعيال
وقفاه ياكله ولا يحك
إكمن صوابعه تقال
له ست أيام
ولا كل ولا نام
إحسان لله يا اللي تعامل الله

(بعد اللحن يخرج الجميع واحدًا فواحدًا ولا يبقى في المسرح غير نقرذ وجعضيض ومحممش.)

نقرذ : جرى إيه اليومين دول يا جعضيض؟ الدنيا ملطشة معانا كده ليه؟! النوري منا كان زمان مسافة ما يقطع الطريق ساعتين تلاته يسقط له على كام واحد من الجماعة المحينين إياهم يأشطهم بصنعة لطافة، وحلِّني على بال ما يضيَّع الغنيمة يكون إبليس رزقه بغيرها.
جعضيض : يظهر يا أبو النقاريذ إن الفلس ضارب أطنابه الإيام دي في البلد، والحرامي منا على رأي المثل تبع الرابحة.
محممش : ومن جهة تانية كمان، عم عثمان شيخ الطايفة بتاعتنا من يوم ما اغتنا ولقبوه بأمير النور محدش سايعة في الدنيا.
جعضيض : ولا الحق، وأهو مش ملتفت إلَّا للربابة بتاعته، وداير يسرح بها مع البنت ثريا الرقاصة الحليوة دي اللي ما حد عارف إنه كان مخلِّفها صحيح ولا شوف خاطفها منين، وأهو الغرض عمال يهبش من هنا لهنا وفاتنا احنا نرن وخلاص.
نقرذ : أيوه، يا سيدي اللي عطاه يعطينا، مين قده.١
محسن : أوه، يا حافيظ! دانتوا كابوس، قلتلكوا غورو من وشي.
جعضيض : نغور؟ لا حول الله، إخص العالم ضلت.
محممش : ما حدش بقى عنده شفقة، ما حدش عنده إيمان. هو انت إيه، قلبك حجر؟!
محسن : نعم، حاتقولولي خطبة يا شحاتين، يا أوباش، يا متشرِّدين.
نقرذ : إيه، متشردين؟!
محممش : أوباش؟!
جعضيض : لا لا، دي إهانة. دي قلة حيا. دي وقعتك الليلة سوده من إيدينا. عليه يا رجاله.
محسن : ارجع انت وهو، إياك واحد منكو يقرب.
نقرذ : اسمع. كلمة ورد غطاها. إن كنت خايف على أجلك قوام طلع اللي في جيبك يا خفيف.
محسن : اللي في جيبي إلَّا ده بعدكم. لازم تفهموا أولًا إنتو بتكلموا مين. أنا حسان ابن الأمير زياد.
محممش : ابن زياد ابن عفريت أزرق طلَّع اللي في جيبك.
جعضيض : أيوه، إخلص ورد الموجود. خلينا نشوف غيرك.
حسان : لتاني مره أفهمكم إني أنا حسان ابن الأمير زياد.
نقرذ : واحنا لتاني مره نقولك يا أمير حسان يا ابن الأمير زياد هات اللي في جيبك ولا مافيش غير ده (يُشهِر سيفه) إنت شايف؟
حسان (على حدة) : إخص، دي بينَّها واقعة مزفِّتة، لكن مايصحش أضعف قدامهم (لهم) وأنا مستحيل أسلم في دينار واحد ما دام معايا السيف ده (يُشهِر سيفه).
جعضيض : إيه؟ يعني بتمتنع خد (يهمُّ بضربه).
حسان : ارجع (يتلقَّى الضربه على سيفه ويتعاركون، وهو يدافع عن نفسه تُسمَع غوغاء من الخارج).
محممش : استنوا (ينظر للخارج) لا دول الزملا ما تخافوش (يدخل فريق من النور وبينهم ثريا).

لحن

حسان :
طبعي أنا غير طبع الناس
ما انساش جميل ما انساش معروف
وانتي التقيتك في الإحساس
فرقتي عن رجاله ألوف
الطيبة عمرها ما تزول
والسيئة تؤثر م الغير
وتمللي من كان ابن أصول
الخير يجازي عليه بالخير
ثريا :
في الدنيا شيء اسمه الواجب
تأديته فرض وإلزام
على قد ماهو عندك عاجب
أنا ما انتظرشي عليه إكرام
حسان :
يا اللي افتكرت إن الوفا مات
وإن المروءة عدمت كدَّاب
لسه الوفا ولسه المروءات
برضك لهم أهل وأصحاب

(ينتهي اللحن بأن تنقذه من بين أيديهم وتصرفهم عنه فيخرجون.)

ثريا : قد إيه أنا خجلانة خالص من اللي حصل، وعلى كل حال الحمد لله اللي أمكنني أؤدي لك خدمة بسيطة وأبعد أذاهم عنك.
حسان : آه، وانت ماتقدريش تتصوري قد إيه أنا ممنون من مروءتك دي. المروءة العظيمة اللي مايصادفش زيها في الرجال، وتأكدي إني من دلوقتي أصبحت مديون لك بحياتي دين مايتنسيش على مر الزمن، تسمحي لي أسألك عن اسمك؟
ثريا : مش مهم.
محسن : مش مهم إزاي! واحد تنجِّي حياته من الخطر ولا أهتمش كمان بإني أعرف اسمها، بس على الأقل خالص علشان يوم من الأيام أقدر أجازيها على الجميل بأجمل منه.
ثريا : لا لا، ماتتعبش نفسك أنا واحدة عندي ضمير، وإذا عملت جميل في أي إنسان ما انتظرش مكافأة عليه.
حسان (على حدة) : يا سلام إيه العواطف النبيلة دي! إشحال أمال إن ماكنتيش فقيرة. حقيقة الدنيا أسرار. اللي يدوَّر عليها لازم يلتقيها بنت أصل (لها) ويعني خلاص مش عايزة تقولي لي على اسمك. معلهش. أقول لك أنا على اسمي. يمكن يجيلك يوم وتعوزي مني أي خدمة أؤديها لك ولو كانت على حياتي. أنا الأمير حسان ابن الأمير زياد. أمير الحديدة.
ثريا : وأنا لي الشرف، وأقول إني سعيدة الحظ اللي تعرفت بحضرتك.
حسان : وأرجوك دايمًا تذكريني وتفكري فيَّ عند الحاجة، ودلوقت عن إذنك (يدخل إلى الحانة).
ثريا (وحدها) : الأمير حسان ابن زياد آه يا ربي جميل، ألفاظه رقيقة. ما اعرفش ليه قلبي من جوه انفتحله، آه. لكن إيه الفايدة؟ جنون لما اطمع في حبه يوم من الأيام. فين أنا وفين هو، بس لو كان استنى شوية لما اتمتع بجماله وشكله الظريف وكلامه الرقيق، الَّا يا خسارة سابني من غير حتى ما يحقق فيه. آه، ياريتني ما شفته. أسر قلبي ومشي مرتاح ولا على باله، آه يا ربي آه (تخرج).
نقرذ (داخلًا بحذر ومعه زملائه) : إخص، داهية لا تكسبها البعيدة، أهي طيَّرت منا الصيدة كدا في الشيطان الرجيم. دي مش أزيَّة دي.
صعلوك : أزية وبس دي مصيبة. الله ينكد عليها. تعرف أقل ما فيها كنا طلعنا بكام.
محممش : أي، إنت حاتقولي، مبلغ وقدره.
نقرذ : إلهي تبتليها برمية البعيدة.
جعضيض : اسكت يا أخي وطِّي صوتك لا تودينا في داهية.
محممش : آه، يا ناري أهي الليله دي راحت علينا كده فاشوش، وأهو النهار شقشق ولا قبضنا بالشمال …
الاثنين : ولا باليمين (يُسمَع صوت عم عثمان يغني على الربابة).
عثمان (في الخارج) : يقول الفتى شيخ الحلنجية والنور، أنا مصنفاتي الشعراء أبو عفان.
نقرذ : يوه، دا حِس صاحبنا عم عثمان.
صعلوك : آه، تعالوا بنا نزوغ من وشه.
محممش : أيوه يالَّه يالَّه (يخرجون مُسرِعين).
عثمان (داخلًا وفي يده الربابة وهو ينشد) :
أول ما نبدي نكتر من البكى
وانا مخي دايمًا بالبكى عمران
ياما أكتر كلام متنقي اللي يسبكه
ولا يسبكه غير البطل عثمان
يهجص في أبو زيد والزناتي وعنتر
ويمزع ويمعر ويقولوا له كمان
عثمان (يلتفت حوله) : دهدي، هو فين يا خويا الواد صبيي؟ (ينادي) إنت يا واد يا زعيط، إنت يا صبي، يا صبي الكلب.
زعيط (داخلًا) : أيوه يا عمي جيت أهه، بادور على …
عثمان : على إيه؟ وقَّعت حاجة من الإيراد؟ دانا أوقع صواميل ركبك.
زعيط : لا ركبي ولا سناني يا عمي، على إيه كده؟ هي السرحة كلها من طلعة النهار لدلوقت كملت ستة ونمر يا معلم.
عثمان : وماله يا قفة، هو احنا يعني اتغدرنا في الرسمال ولا الزناتي خليفة حايجي يقاسمنا في النص، خسرنا إيه إحنا في قولت «يقول الفتى» اتكلفت علينا كام بنشتغل إيه في البلد، جوهرجيه ولا شبِّاحين يلا أقرع.
زعيط : وبس إيه الحاوجة للمنطاشي ده كله يا عمي، إنت بتسألني وأنا بجاوبك.
عثمان : مش بتقولي بتدور يا واد، بتدور على مين؟
زعيط : بادوَّر على اسم النبي حارسها ثريا.
عثمان : ثريا، قلت لك ستين مرة مالكش ويَّاها كلام يا بارد، واقطع عشمك خالص من جهة حبها.
زعيط : إيه، ما أقدرشي يا عمي، دي مخرَّطة قلبي من جوه، أقطع عشمي إزاي؟!
عثمان : عجايب! يا واد ماتبقاش تِلم، هو الحب ده راخر بالنبوت يا بارد؟!
زعيط : بقى يعني يا عمي أنا مش أولى بجوازها من الغريب. هي اسمها بنتك معنى وانا اسمي صبيك، والجوقه لما تتعشف في بعضها.
عثمان : تِحمل بقى وتخلِّف وتبطَّل الشغل.
زعيط : لا أبدًا، واللي يتولدم رخرين أهم يبقوا من ضمن الشغل.
عثمان : بس بس يا واد بلاش كلام فارغ، إنتو ماعندكوش مرايا في بيتكم بصيت فيها وشفت خلقتك.
زعيط : يا عم عيب، طيب وشرفك أنا لما أبص في المرايا ياترحم على أبويا دا كان نفسي أشوف أمي لازم كانت أحلى مني.
عثمان : بس. بس يا واد بلا هجص، امسك القدح امسك، اسند ويَّايا. أنا في أول كلامي، يظهر لك مقامي، لما أشمر كمامي. اسمع تراني، رجل تهامي، وفي إيدي الربابة. أوتارها تزقزق، فشر معزة تمأمأ، أو عيل يوأوأ. يقول بابا بابا بابا.
زعيط : الله الله يا فن! ينصر دينك يا عم (يصفق).
نقرذ : إوعا انت وهو يا جدع، وسع للحتة الملبن، للقوام الرعاش اللي زي الزمبلك. ثريا بنت شيخ الكار (تدخل ثريا ووراءها الجمهور يهلِّل ويحييها بلحنٍ ترقص على نغماته منذ دخولها، وتنشد فيها المقطع والأهالي يردِّدون ويشترك فيه عثمان بالربابة).
الجميع : براوة، عفارم، براوة (تصفيق)، (بعد اللحن يمر زعيط على الموجودين وإلى جانبه ثريا وقد مدَّ برنيطته للبقشيش).
زعيط : يالَّه يا ستات، يالَّه يا رجالة، بوسوا إيديكم كرامة لأهل الفن، اهرشونا، بشبشونا، بحبحونا، فرفشونا ماتيالَّه (الجميع يعطونه نقود).
عثمان : أهه كده، وشها مصبح، دي عايزة كلام.
زعيط : الفاتحه. خد يا عم (يعطيه النقود).
عثمان (لزعيط) : هيه مش باقول لك يا قفة، اسمعوا يا حضرات الحاضر ويا حضرات الغايبين، يكون في معلومكم إننا حانفرفش بإذن واحد أحد، بعد ساعة ونص، في ميدان السبع سواقي.
زعيط : ورا الجنينة القبلية.
عثمان : دياب ابن غانم حايشبط الليلة في هلال ابن مرة.
زعيط : وشيبوب ابن عنتر، حايتجاحش راخر مع الزناتي خليفة.
عثمان : الدم حايبقى للركب، عشرين ألف مرماح، وأربعين ألف مزراق حايبهدلوا الدنيا في قصة بني عبسه، اللي قلبه ضعيف يوعى لروحه، ما احناش مسئولين عن اللي يسخسخ، قلنا كده.
زعيط : قلنا كده، والقلب العامر يصلِّي على النبي.
عثمان : يالَّه يا واد يا زعيط (ينشد على الربابة وهو خارج) أبو زيد قال لدياب خش شقوقك، لا مشمش عضاك واخلي تحتك فوقك (يخرج هو وزعيط والأهالي وراءه محتاطين به).
وردانتشي (وحدها) : آه يا ربي، من ساعة فاتني ودخل هنا في الحانة، مابانشي عنه لا حس ولا خبر، يظهر ما سمعش الهوجة دي كلها، باجتهد على قد ما يمكنني إياك أقدر أنساه. مانيش طايقة. كانت لي فين الشبكة دي روخرة. أتاريهم بيقولم الحب جبار، ويلبس ثياب من نار.
زياد (من الخارج) : مد يا سعدان شوية.
سعدان : أف، تعبت خالص يا مولاي.
وردانتشي : حد جي (تختبئ على ناحية).
زياد (داخلًا) : شايف يا سعدان شقاوة الولد الفاسد التلفان محسن الزفت ده؟!
سعدان : شايف يا مولاي، دي كانت خلفته، أرجوك السماح، سوده من أولها، يقولوا في المثل إن الولد سر أبيه لكن الحال طلع بالعكس.
زياد : أي نعم، طلع ألعن من أبيه، أنا صحيح يا سعدان كنت باعمل في طوشة شبابي أعمال زي دي كتير، وأسكر، نعم، وأطفش من أبويه برده، لكن مش خمستاشر يوم زي الملعون ده! غايته يومين، غايته تلاته.
سعدان : بقى يعني كمان نوبه، أرجوك السماح، مش جايبه من بره (على حدة).
زياد : اتفرج على المحلات المشبوهة اللي مجرجرني حضرته لحد عندها (يقرأ اليافطة) حانة أبو نواس، مظبوط سمعت عنها اللي ما يتسمع، ماتلمِّش على حسب ما قالولي غير الشبان إيَّاهم الفلافيس اللي دايرين على حل شعرهم. خش يا سعدان اتبصص عليه جوه خش.
سعدان (مُقترِبًا إلى الباب مناديًا) : يا سيد محسن يا ابن السيد.
زياد : يا سي مولاي الأمير محسن.
وردانتشي (تطل من مخبئها) : آه، دول ناس جايين له مخصوص، لما أقف لحد الآخر واصطنط عليهم.
زياد : يعني ماحدش بيرد، ادخل انت يا سعدان شوفه بنفسك.
سعدان : بس يا مولاي، كمان مرة أرجوك السماح. دخلة اللي زي هنا في خمارة عمومية …
زياد : تعوصه يعني؟ وانا يا بارد ما انتش خايف على سمعتي لما أخش بدقني دي وهيبتي؟!
سعدان : لا يا مولاي، أنا داخل أهوه، حاضر (يهمُّ بالدخول فيسمع من الداخل صوت محسن).
محسن (من الداخل) : إخص دانتو ناس بكَّاشين، ناس محمرقاتية، ده لعب اللي بتلعبوه ده؟ ده نصب! ده سرقة!
سعدان : سامع يا مولاي، هوه صوته بعينه.
زياد : عمال يبرطم، يظهر نضفوا جيوبه في القمار، استخبَّا الناحية دي اتخبَّا (يتواريان على جنب).
محسن (داخلًا) : ميَّه وستين دينار يا حراميه يا نور، يتخطفم مني على الترابيزه في مسافة مافيش ساعتين. دا نهب (لنفسه) لكن ما يهمش فلوس إيه، الواحد جزمته بالدنيا أنا دلوقتي مش هاممني حقيقي وشاغل فكري غير الصبية دي اللي مالحقتش أتحقق حتى من شكلها، إنما صحيح أنا إيه اللي كان مدهولني ساعتها لدرجة إني ما أسايرهاش لحد ما اعرف تمام إيه أصلها وإيه فصلها. آه لو تسمح لي الظروف نوبه تانيه وأقابلها. الظاهر من رقة ألفاظها ومن نعومية صوتها إنها لازم جميله. أهي خلصت فلوسي من إيدين الحراميه لطشوهم ولاد الهرمه القمارتيه. مافيش طريقه خلاص مع التفليس ده غير كوني أروح تاني على قصر أبويا، لحد ما يتملي الكيس وارجع أفك زي عوايدي. (يهمُّ بالذهاب فيجد نفسه أمام والده وجهًا لوجه) آه، أبويا!
زياد : أيوه، أبوك يا فسدان يا تلفان يا طفشوني.
سعدان : أيوه أبوك يا مولاي وخدام أبوك (مشيرًا لنفسه).
زياد : يعني دلوقتي عاجب حضرتك مع السن ده يا خباص، يا قليل الحيا، أخطي برجلي عتبة محل مشبوه زي ده؟!
محسن : ماعلهش يا أبويا، أهي اسمها برضه فسحه ولو تغيير مناظر.
زياد : أنهي مناظر وأنهي بلاوي على دماغ أبوك يا صرماح يا متبجِّح؟! أنا صحيح مشيت مشيك ده، لكن رجعت حسِّنت سيري في الوقت المناسب، وعقلت واتجوزت، يا عازب يا عديم التربيه يا عديم الجواز.
محسن : أوه حانرجع بقى تاني للجواز والهباب.
سعدان : هو حد يا مولاي يطول عروسه زي اللي خطبهالك والدك؟! حرام عليك دا ريقه نشف. إخلص بقى يا سيد محسن اكسبها واتلم.
زياد : بقى شوف هنا لما أقولك تطلع السما تنزل الأرض حتمًا حاتتجوز.
وردانتشي (تطل من مخبئها) : آه، يتجوز يادي البخت المطين.
زياد : المسألة دلوقت استوت في غيابك، وكل شيء، لله الحمد، ماشي في مجراه.
سعدان : ماشي وبس، دا كل شيء بيجري بيرمح رمح.
زياد : يكون في معلومك إن عروستك حاتوصل هنا في اليخت المخصوص بتاع والدها بعد بالكتير ساعة ساعة ونص.
محسن : ساعة؟ يا خبر!
زياد : أهو كده زي مابقولك. الأميرة صبيحة على سن ورمح. بنت الأمير خصيب. حاكم الحديده في بلاد اليمن. نعم إني ماسبقليش مقابلة الأمير ده، ولا شفتش شبهه يبقى إزاي، لكن المهم إن أهل الخير من أصحابي وأصحابه عملوا اللازم بيننا وبين بعض في إتمام الجوازه الغنية المعتبرة دي. الجوازه اللي حاتسدد ديونا من خزاينها ونتدارى فيها قدام العالم. وانت مش غشيم. عارف اللي فيها.
محسن (على حدة) : يادي الداهية، والبنت إياها اللي قابلتها، العمل فيها إيه؟ هو أنا قلبي فاضي (إلى أبيه) لكن مع الأسف يا والدي أنا بكل صراحه الجوازه دي يستحيل أتمِّمها.
زياد : مستحيل تتمِّمها؟
وردانتشي (تطل من مخبئها) : أيوه كده أيوه، يا فرحتي. ريَّح قلبي الله يريَّح قلبه.
زياد : دانا بصفتي أبوك باقول لك دلوقتي لازم غصبن عن حبَّةِ عينك تتممها. فاهم ولا لأ؟
محسن : لكن بس …
زياد : ما لاكنش ولا يحزنون. كلمه واحده ماعنديش غيرها.
محسن : بس على الأقل مش لما أشوفها قبله، وحشه ولا حلوه، تناسب ماتناسبش.
زياد : غنيه بنقول لك يا بجم. غنيه غنى هايل.
سعدان : هي فيها يا مولاي تبقى غنيه ويتقال عليها وحشه؟!
زياد : أهو يا الجواز كوم يا أنا وأهلك وعملتك كلها كوم تاني.
محسن : الأمر لله يا أبويا.
وردانتشي (تطل من مخبئها) : أخ، أهو سمع الكلام. يا كسرة قلبي ياني.
زياد : ودلوقتي مابدهاش عطله، فوت يالَّه قدامي على القصر تلبس وتستعد لاستقبال عروستك، ونرجع تاني على المرسى قبل ما توصل دهبيتها. تعالى يالَّه تعالى.
محسن (وهو خارج) : أهي صحيح اللي يقولوا عليها جوازة الغفله. أنا مش فاهم إيه العروسة دي رخره اللي تنحدف عليه من السما خبط لزق؟! النهاية والسلام (يخرجون).
وردانتشي (تظهر من مخبئها) : أما دي كمان غريبه يا خواتي، حد يتغصب على الجواز كده من غير ما يشوف عروسته؟! لكن دلوقتي إيه يكون الحل لما يقابلوا بعض ويشوفها وتشوفه، ويمكن تعجبه؟ أروح فين ديك الساعة؟ أبقى اعمل إيه وأنا قلبي اتشعلق في حبه وخلاص، آه يا ربي، يا قسمتي السوده ياني آه (تجلس على كرسي بجوار ترابيزة على باب الحانة وهي تبكي ورأسها بين يديها).
زعيط (داخلًا) : يا خويا هي دي إيه؟ أيوه، لَفِّينا عليها في كل حته، فين وردانتشي؟ مافيش وردانتشي؟ (يراها) آه، دهدي انت هنا، الله يجازي شيطانك، المعلم واقف حايتجنن. المتفرِّجين راسهم وألف برطوشه إلَّا ترقص لهم وردانتشي. صنوا شويه كرامه لله. شفاعة لله. أبدًا، لمينا العدة وبوظنا الشغل وأهو أبوك جاي ورايا حايتفرتك من الغيظ اللي يخبطه بالفوله يطق.
وردانتشي : اعمل معروف سيبني دلوقت في حالي، بالي ماهوَّاش رايق لا شغل ولا زفت.
زعيط : الله! (ينظرون لوجهها) دي مالها يا خويا، إيه انت بتعيطي؟
وردانتشي : لا، حاعيط علشان إيه.
زعيط : أيوه بتعيطي، هو أنا خلاص من العواجز، دموعك أهي مغرقا الصحون خدودك (ينادي) يا عمي، عمي.
عثمان (من الخارج) : جرى إيه يا لوح؟
زعيط : الحقني يا عمي.
عثمان (داخلًا) : جرى إيه يا واد، قرصتك حاجه؟
زعيط : بتعيط، شوف مفرهدا نفسها إزاي شوف.
عثمان : إيه، بتعيط؟ (ياخد بيدها ويسحبها) كلميني هنا، بتعيطي من شيء؟ عندك مغص؟ حد زعلك؟ خبرك إيه بس ما تقولي؟ مفاصلي، أنا راجل مريوح، انطقي، جتتي مش خالصه. ابن صرمه مين اللي أزاك وانا أزيه لك في مصارين أبو اللي نفضوه.
وردانتشي : آه، يا أبويا، آه.
عثمان : عنين أبوكي يا ختي، مالك.
وردانتشي : عزِّيني.
عثمان : في مين بقى؟ بسم الله الحفيظ.
وردانتشي : في قلبي.
عثمان : قلبك؟
وردانتشي : أيوه يا أبويا باحب.
عثمان : نعم، بتحبي؟ أشيا رضا. أدي اللي كان ناقصنا راخر. بقى بالله العظيم دي خلقه دي يتبص فيها (مشيرًا إلى وجه زعيط) دا شيء يتوجع علشانه قلب واحده زيك انتي. لا لا، دانت خلاص عنيكي ليِّست قوي.
زعيط : دهده يا معلم، سبحان الله! ما تخليها على عماها وبس.
وردانتشي : العدو، بعد الشر علي! هو أنا خلاص قد كده انطسيت في نظري لمَّا أقع على كوم سباخ زي ده.
زعيط : إخص، أهي حاتحمرق أهه (على حدة) الله يؤذي المؤذي.
عثمان : اجري انت لِم الأدوات اللي بره لاحد يخطف منها حاجه (يخرج زعيط) أيوه أمَّال، أنا راخر باقول جرى إيه في الدنيا، وده بقى مين اللي بتحبيه على كده؟
وردانتشي : واحد يا خساره ما بيحبنيش.
عثمان : طب ولما هوا بقف للدرجه دي، إيه اللي يرميك عليه؟ هي قلة عشاق في البلد؟!
وردانتشي : والمصيبة مافيش أمل أبدًا في كونه يستمنَّى واحدة فقيرة زي حالاتي، قد ما تكون اسمها برضه نورية، من ضمن النور.
عثمان : ليه، هو يعني بيشتغل في بيت المال؟!
وردانتشي : أكتر يابا، فين درجتي أنا وفين درجته هوا.
عثمان : درجات، مرتبات؟ مافيش في الحب حاجات من دي. إذا كان بيميل لك صحيح ينزل لك هو كام درجه يبقى جنبك ويتفض المشكل.
وردانتشي : مستحيل؛ لأنه ابن أمير، وبيني وبينه فرق بعيد.
عثمان : ابن أمير، طب وانتي يعني اللي مش بنت أمير! أمَّال أنا هنا بين النور صفتي إيه مش أبوكي، مش أمير على الشباحين والقرداتية والمغناواتية والطوايف المتلتلة دي كلها، ودا يعني اللي بتحبيه متجوز ولا عازب؟
وردانتشي : لسه على وش جواز يابا، النهارده بالنفس حايجوزوه. عدوك الغيرة مش مخلِّياني على بعضي أبدًا، حاطق، حاتجنن، حاموت.
عثمان : لا لا، تموتي إزاي، في عرضك ونشتغل بمين؟ أوعي تعمليها، حطي عقلك في دماغك.
وردانتشي : ويعني إيه واحدة زيي من الغجر وماتت.
عثمان : ومنين عرفت إنك إنتي من الغجر؟ وليه ما تكونيش يعني بنت أمير حق وحقيق من أمرا اليمن الكبار العظام.
وردانتشي : إزاي ده؟
عثمان : أنا أخلص ذمتي من الله، وأقولك بالظبط على تاريخك كله من الأول للآخر.
ورد : أيوه، بذمتك اعمل معروف.
عثمان : في يوم من ذات الأيام من مدة يجي تسعتاشر سنة، لقيتك ساعة صبحية مركونة جنب الحيط، عمرك ماكانش يزيد لسه عن ست سبع تيام بالكتير.
ورد : يا سلام شيء غريب! هه وبعدين؟
عثمان : رجليكِ من كتر السقعة كانت يا ستَّار! متلجة خالص، فضلت نهارها أدعكهم شوية وأدفيهم شوية، لحد يدوبك ماردِّت الدموية تاني في جتتك.
ورد : هه، كتر ألف خيرك، وبعدين؟
عثمان : وبعدين رحت لافعك دوغري على كتفي، وقلت لنفسي أهو تربِّيها يا واد، إنت راجل مقطوع مالكش حد في الدنيا، تبقى دي لما تكبر في منزلة بنتك تمام.
ورد : والله كلك إنسانية يا عم عثمان.
عثمان : عم عثمان مافيش، قولي برضه يابا، قليلة الحيا قوام حاتنفردي يا بت.
ورد : لا يابا، وبعدين كمل؟
عثمان : ولا بعدين ولا قبلين، من يومها لدلوقتي وأنا الخير هاجم عليَّ طوفان، وظهري طقطق في الشغل خالص لدرجة إن الغجر كلهم والنور والحوش اللي في البلد والشحاتين والأدباتية والأرداتية عينوني من قيمة سنة دلوقتي زي أمير عليهم. أحكم لهم في المنازعات، وأساوي بيناتهم، وأعاقب وأجازي فشر هارون الرشيد في زمانه، يعني برضه الحمد لله ما صبحتيش بنت واحد مُهزَّأ ولا واحد عرة.
ورد : لكن إيه فايدتي في الدنيا ما دام أبويا ده اللي بتقول عليه مانيش لاقياه لدلوقتي، ولا أنا أعرفه ولا هو يعرفني؟
عثمان : مين عارف، هو إنتي دخلت في علم الله، يمكن برضه مسيرك تعرفيه وتلاقيه.
ورد : ياخي دهده، ما اظنش.
عثمان : ليه ماتظنيش؟ اتفضلي (يخرج من جيبه نصف محرمة).
ورد : إيه هي دي؟
عثمان : ما انتيش شايفة؟ ماتبحلقي كويس يا بدر.
ورد : نص محرمة.
عثمان : أهي هي دي نص المحرمة اللي حاتدلك ضروري على شخصية والدك في يوم من الأيام.
ورد : إزاي؟
عثمان : نظام الحسابات في الدنيا، كل فردة لا بدَّ لها من فردة، وكل نص بالطبع لا بدَّ له من نص تاني. عارفة لقيتها فين المحرمة دي؟ لقيتها مربوطة في دراعك اليمين ومصرور جواها تلتميت دينار بصي كويس، بالك مكتوب عليها إيه؟
ورد : مكتوب إيه؟
عثمان : ألف لام ألف ميم ياء را. يعني الأمير، وجنبها حرف خ.
ورد : طب واستفدنا إيه؟ أهي كلمة لا طلعت فوق ولا نزلت تحت.
عثمان : إيه هو العبط بتاعك ده! أقل ما فيها استفدنا بالتأكيد إنك لا بنت غفير ولا مزين ولا طورشجي ولا حاجة من دي. بنت أمير ومن عيلة إمارة.
ورد : أهي الدنيا مليانة أمرا أشكال وألوان، اللي كان يهم حقيقي هو الاسم نفسه.
عثمان : وأنا كنت بقى حاعملك إيه في زناخة عقل أبوكي، إذا كان ده عنده تمييز، ماكانش قطع النص التاني اللي واكل بقية الاسم، وعلى أي حال أدحنا أهو لحسن الحظ شغلتنا نقَّالي كل يوم بترمينا على بلد جنس. نقدر واحنا دايرين كده سواحة نستفهم بصنعة لطافة من كل بلد نروحها، لغاية ما يريد ربنا ونعتر يا إما على أهلك يا إما على التاني.
ورد : حلِّني بقى. فين لما يئون الأوان ومين عارف يمكن مانستدلش.
عثمان : وانتي يعني مستعجلة على إيه؟ مالك ملحوقه كده زي النيلة؟!
ورد : مش بقولك النهارده بالذات، خلاص اللي أنا باحبه حايتجوز.
عثمان : واحنا بقى يا ترى حانضرب الأرض تطلع سفرجل.
ورد : آه يابا إذا اتجوز مافيش طريقة تريحني غير كوني أموِّت روحي.
عثمان : هه حانرجع بقى للجنان والكلام الفارغ.
ورد : أمَّال بس دبرني، أعمل إزاي؟
عثمان : صلِّي عالنبي.
ورد : اللهم صلِّي عليه.
عثمان : نقدر نشوف لك طريقه نعطَّل بيها الجوازة دي مؤقتًا.
ورد : يا سلام، كنت أبوس رجلك، وتقدر والنبي؟!
عثمان : ماقدرش ليه هو اللي عنده زي حالاتي متشردين بالألوفات حايغلب في تبويظ أعظمها زفة، دانا تحت يدي رعية تقرقش الظلط، بس قولي لي العروسة دي اللي حاتتجوزه إنتي عارفه تبقى مين؟
ورد : أبدًا.
عثمان : أبدًا إزاي، واحنا يعني حانجم؟!
ورد : إذا كان هو العريس نفسه مايعرفهاش، حااعرفها أنا.
عثمان : كلام إيه الفارغ ده!
ورد : كده زي مابقول لك، أنا وقفت هنا واسطنت على كل شيء بينه وبين أبوه، واتضح لي إنه حتى أبوه راخر لا يعرف لا العروسه ولا أبوها راخر.
عثمان : طب ده بقى عال، بس ياريت يكون كده.
ورد : عال إزاي؟
عثمان : […]٢ بطيخه صيفي لا بدَّ ما أوريك النهارده أبو عفان المهول يطلع من كوعه إيه، تعالي معايا تعالي نغيَّر الهدوم دي ونلبس ونتقيف ونبقى حاجة مملكة. فوتي الله ينعل أبو الحب لأبو سنينه أهو خسَّر لنا الشغل ووقف حالنا. والغرض نوافقك على عقلك وخلاص، بس لو أعرف الأمير حرف خ ده يبقى مين. يجوز الأمير خروب، الأمير خروف. النهاية (يخرجان، يدخل الأمير خصيب وبنته الأميرة صبيحة وكاتم السر قاسم وجمهور من المسافرين بالبحر والصيادين والشيالين).

لحن دخول السفينة للمينا

الجميع :
يا ريس الغليون يا حنين
لا نمت ولا غمضت لك عين
سهرت تحرسنا ومش هين
مجاهدتك في البحر يومين
صبيحة :
وحق من غربنا معاك
وكل موجة تشيل موجة
تعبت والدفة معانداك
ونوبة عدلة ونوبة عوجة
من اليمن واحنا وياك
وسلم الله من الهوجة
يا ريس الغليون يا تمام
الجميع :
يا ريس الغليون يا حنين
لا نمت ولا غمضت لك عين
سهرت تحرسنا ومش هين
مجاهدتك في البحر يومين
صبيحة :
أمانه لم تنسَ يا ريس
نهار ما ترجع كده راسي
يا غالي وأنا طلبي رخيص
تقول لأهلي ولناسي
النزهة دي تغييرها كويس
بس الفراق مر وقاسي
يا ريس الغليون يا تمام
الجميع :
يا ريس الغليون يا حنين
لا نمت ولا غمضت لك عين
سهرت تحرسنا ومش هين
مجاهدتك في البحر يومين

(ينصرف الجمهور لأشغالهم في آخر اللحن.)

خصيب : يا سلام دا شيء غريب.
صبيحة : هو إيه يا بابا؟
خصيب : منظر المدينة يا بنتي أكبر من الحديدة، وشكلها أفخر من بلاد اليمن كلها.
قاسم : أفخم بزمان يا مولاي.
خصيب : أنا جيت هنا قبل كده من مدة ٢٣ سنة لكن فين، الدنيا اتغيرت خالص، دي صبحت دلوقت ولا بغداد اللي بيقولوا عنها يعني قلبي انشرح خالص لمعيشتك إن شاء الله في بلد عمرانة زي دي.
صبيحة : معيشتي، هو إحنا فقط جايين نتفسح.
خصيب : الحقيقة غير كده يا صبيحة، أنا ماحبتش أفهمك سر الموضوع اللي جابنا من بلدنا لحد هنا.
صبيحة : إيه يا ترى؟
خصيب : أنا جايبك هنا علشان، اسمعي قبله، حاسبي على نفسك من الفرح.
صبيحة : […]٣
خصيب : جايبك هنا علشان تتجوزي.
صبيحة : أتجوز؟
قاسم : تتجوز آه يا دماغي!
خصيب : أيوه تتجوزي الأمير محسن ابن زياد، شاب نعم ما شفتوش بعيني لكن الكل بيقولوا لي عنه لطيف ومؤدب وحاجة تستاهل بقك.
صبيحة : إنت بتتكلم جد يا بابا؟
خصيب : مش قولت لك حاسبي على نفسك من الفرح.
صبيحة : لكن بالعكس دا شيء ما يفرحنيش.
قاسم : معلوم، لا هي ولا أنا.
خصيب : إيه، مايفرحكيش بتقولي؟!
صبيحة : طبعًا يا بابا. أنا لو كنت أعرف إن مجيي هنا علشان الجواز مخصوص ما كنت حطيط رجلي في المركب، ولا انتقلت من قصرنا خطوة واحدة.
خصيب : يعني إيه؟
قاسم (هامسًا على حدة) : دي مابدهاش سكوت، لازم تفهميه أوام.
صبيحة (همسًا) : أيوه أهو حافهمه كل شيء. اسمع يا بابا، إنت مش تحب إني أكون صريحة وياك؟
خصيب : اخلصي، عايزة تقولي إيه؟
صبيحة : عايزة أقول إننا بنحب بعض أنا وقاسم.
خصيب : إيه إيه إيه! بتحبوا بعض؟!
قاسم : يا نهار أسود مادهية لا يخسف بي الأرض.
خصيب : قاسم الراجل البسيط الموظف عندي تحبه واحدة زيك إنتي أميرة عظيمة من بيت أُمَرة؟!
صبيحة : وماله مش المهم الواحده تكون قلبها مرتاح وخلاص وشاب زي ده متربي …
خصيب : هس، ما احبكيش تتلفظي أبدًا بالكلام الفارغ ده قدامي أأمرك ماتحبِّيهش ولا تخليش حتى شَعْرة في بدنك تقبله.
صبيحة : هي اللي تحب يا بابا قلبها يبقى في إيدها؟ الحب سلطانه فوق كل شيء، الحب ربنا خلقه للحرية. الواحدة لما تحب …
خصيب : هس قولت لك يا قبيحة يا قليلة الأدب، عاوزة تسودي وشي حضرتك بعد ما خلاص ادِّيت كلام للأمير زياد، وكل شيء تم على يد الناس الطيبين اللي اتوسطوا بيننا وبين بعض، تقبلي ماتقبليش تنفلقي، تنخنقي، أنا مستحيل أتنازل عن كلمتي واهه كلها برهة صغيرة، ويجيلك يستقبلك هنا الأمير محسن بذاته هو ووالده وحاشيته، وتباتي الليلة في القصر بتاعه معزَّزة مكرَّمة.
صبيحة : لكن بس يا بابا …
خصيب : انتهينا لكن مالكنشي، كلامك بعد كده مالوش عندي أي قيمة بالكلية. فهمتي والَّا مافهمتيش.
صبيحة : آه، يا بابا آه ما باليد حيلة.
خصيب : أيوه كده أمال. اتهدِّي. ماتخليش قلبي يغضب عليك يا صبيحة يا بنت كبدي وحشاي. اسمعي هنا لما أقول لك على جنب (يأخذها إلى آخر المسرح).
صبيحة : نعم.
خصيب : بقى أنا عندي مسألة سرية مخبيها عليكي من زمان، وأحب دلوقت أعترف لك بيها قبل ما تتجوزي وكل منهو يفترق عن الثاني.
صبيحة : مسألة إيه يا بابا؟
خصيب : بقى يا بنتي في أيام وجود المرحومة والدتك كان عندي في القصر جارية شركسية جميلة وفي ليلة من الليالي (يُسمَع صوت من الخارج).
زعيط (من الخارج) : اتفضل يا حضرة الأمير اتفضل.
عثمان (من الخارج) : أيوه، وسع لي السكة انت وهو.
خصيب : هس بلاش الحكاية دلوقت. أتممها لك بعدين لأحسن يظهر إن الأمير حماكي جي هو والعريس صلَّحي نفسك صلَّحي.
عثمان (داخلًا يحيط به فريق من النور وقد لبس هو وزعيط ملابس ثمينة، ولكنها غير مسبوكة عليهما) : أهلًا وسهلًا بنسيبي. نورت البلد. الحمد الله على السلامة.
خصيب : الله يسلم عمرك يا سمو الأمير (لبنته) شايفة النسب العالي، شايفة التحية اللي ترد الروح يا عبيطة.
صبيحة (همسًا) : إخص، بقى دا بالله عليك وش يصح إنك تناسبه، وإسود كمان وزي الغراب؟!
عثمان (همسًا لزعيط) : والله يا واد يظهر إنه مغفل وحاتخش عليه اللعبة زي الحلاوة. اسبك الموضوع اسبك (بصوت عالي) أفندم يا حضرة سمو جناب ولدنا العزيز والطع إيدين صهرك الجديد وش وقفا.
زعيط : حاضر، على عيني يا عمي.
عثمان : عمه الدبب. عمك إيه يا واد ماتهندز هو احنا هنا في السامر يابن الصرمة؟! قلت لك إنت دلوقت اسمك الأمير محسن بجلالة قدره. مافيش لا عمي ولا خالي ما تفضحناش يالوح قول يا بابا (يذهب فيقبل يد خصيب).
خصيب : ما شاء الله ما شاء الله، ونعم التربية ونعم الأدب!
عثمان (على حدة) : عظيم خالص باينُّه حايفلح، ربنا يستر للآخر.
صبيحة (على حدة) : أعوذ بالله يا حفيظ! دي سحنته تقطع الخميرة من البيت. عريس إيه، وزفت إيه اللي زي القرداتي ده!
خصيب : اسمحوا لي يا سادة يا كرام.
عثمان : ده دي إيه العبارة ياواد؟ ياسادة ياكرام دي كلمتنا احنا، يكونش راخر عاملها أونطة وسايق العظمة وهو ابن كار زيينا.
خصيب : اسمحوا لي يا سادة يا كرام، أقدم لكم العروسة كريمتي الأميرة صبيحة بنت الخصيب.
الجميع : تحيا الأميرة صبيحة.
آخرين : يحيا الأمير خصيب.
عثمان (على حدة) : والله بنت الإيه زي طبق المهلبية اللي يتلحس لآخره.
زعيط (همسًا) : ماتسعى لي فيها من حق وحقيق يا عمي ينوبك ثواب؟
عثمان (همسًا) : يا أخي اتلهي على عماصة عينك، خلي الطابق مستور لا تنفقس الحكاية، وينزلوا فينا بالجزم.
خصيب : هه هه جالك كلامي، شايفه تقاطيعه؟
قاسم : ياباي!
خصيب : مش قلت لك إنه خفة، كذبت عليكي؟
صبيحة : دا خفة ده؟! إشحال امَّال إن كان ماكنشي قزعة وعاملي كده زي شبر نكد!
خصيب : وماله، مسيره يتخن ويسمن ويطول ويبقى طول وعرض.
عثمان : يا خبر يظهر الفاتورة مش عاجباهم يا واد. ما انت أقول لك الحق، شكلك يجيب المغص. الغرض أوعى لما نتداول معاهم أوعى (بصوت عالٍ) إيه، سمو الأميرة عندها فكرة لا سمح الله بطالة من جهة العريس.
خصيب : لا أبدًا دا هو الإنسان لما يكون لسه في شبابه وقصير مش حايجيله يوم وطوله يمد حبة حبة.
عثمان : ودي بدها كلام يا سمو الأميرة، هو الإنسان منا مثلًا زي الذقن كلما يتربى كلما يزرع، يالَّه اتفضلوا بالله استريحو لكو شوية في القصر وخدوا حريتكم (مناديًا) يا خدم يا حشم يا أتباعي.
الجميع : محاسيبك أؤمر.
عثمان : خدوهم كده هيله بيله على السراي بتاعة سمونا، واكرموهم هناك على ما ينبغي وابسطوهم ووكلوهم لحد مانحصَّلكم. اتفضلوا حضرتكم آنستم وشرفتم حلِّت البركات.
خصيب : بارك الله فيكم وعليكم يا سمو الأمير (يخرجون مُحاطِين بالجميع).
عثمان : والله ووقعتم في الفخ يا بهايم، جايين قال يجوزوا بسلامتها، يبقوا يقابلوني (يذهب نحو الباب وينادي) وردانتشي، يا وردانتشي.
ورد (من الخارج) : أيوه يابا.
عثمان : خدي هنا تعالي. ظيطي بقى واتحنجلي وانبسطي.
ورد (داخلة) : نعم يابا أديني أهه.
عثمان : بس خلاص طبل طبلك وزمر زمرك.
ورد : إزاي احكي لي، ربنا يبشرك بالخير.
عثمان : الجماعه الحمير إياهم بلفناهم لك وانتهينا.
ورد : حمير دول مين رخرين؟
عثمان : بسلامتهم العروسة اللي عايزة تنتش منك الجدع هي وأبوها.
ورد : النبي صحيح؟ وعملتم فيهم إيه بقى؟
عثمان : لعبنا لك عليهم شغل التلات ورقات لغاية مادخل مخهم تمام إن حضرتي الأمير زياد واللوح ده يبقى الأمير محسن ابني، وادحنا وزَّعناهم لك على المغارة بتاعتنا.
ورد : وناوي إزاي تكمل بقية الموضوع بقى؟
عثمان : ربنا يقدرنا بعد كده […]٤ ونلبسها بدالهم وعنها ونزق عجلنا على قصر الأمير زياد باعتبار إن احنا اسم الله علينا اللي جايين من اليمن.
ورد : يا سلام يابا على ملاعيبك يا سلام! إيدك لما أبوسها. إلهي وانت جاهي لم يحرمني من مخك النِّوِر ده، هات لي مخك راخر لما ابوسه هات (تقبله في رأسه).
عثمان : ودلوقت بقى تعالوا كلكم (ينادي) يا غجر، يا نور، يا تتر، يا شباحين، يا شحاتين.
الجميع (يدخلون) : خير يا عمي، أدحنا أهو خدامينك، إيش تطلب؟
عثمان : كل واحد منكم يروح دلوقت يكحت جتته كويس، ويطس وشه العكر ده بشوية مية، ويتفلَّى والذي منه، وإن كانت هدومه نظيفه يلسبها لاجل نعمل بروفه قبل مانروح على قصر الأمير زياد بصفتي أنا واحد أمير هايل من اليمن وانتوا كلكم أفراد الحاشيه المعظَّمة بتاعت سموي.

لحن ختام الفصل

اللصوص :
إتأكد واوثق يا أمير
حانفرجك السبك إزاي
والكل صغير وكبير
يزعق حواليك يا مولاي
ويا سيدي ويا سيدي
ويا سندي وتاج راسي
وانت تقول يا عبيدي
يا عساكري يا حراسي
نتقدم لك خطوة ونص
ونبوس لك طراطيف الديل
ونفنن في كلام ونرص
ولا يخفاك عفاريت الليل
أبو نواس :
خايف أنا لا تخلُّوه يوم
ننفضح فيه ولا ننهيهش
تنسوا بقى وتقولوا نومي نوم
واللي فيهشي ما يخلليهشي
اللصوص :
الكلام ده نعده إهانة
داحنا يابا عنينا مليانة
فوت تعال القصر معانا
مرجحوه يالَّه على قفانا
أبو نواس :
أول كلام حايقوله زياد
خشوا يا أسياد يا أهل اليمن
سلامات سلامات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي
أبو نواس :
فيخش أبو النواس في عينيه
ويرد عليه
حفظت يا نسيب القفوات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي
أبو نواس :
وعنها وازَّي الأحوال
الأحوال عال
وطبلوا واسقوا الشربات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي
أبو نواس :
وبس يا عروسة الغفلة
تمي الحفلة
وتقعدوا بقى بالعافيات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي
أبو نواس :
نحط ديلنا في أسناننا
ودي تتهنى
بعد المخلل والكرات
اللصوص :
أي أي أي أي أي
أي أي أي أي أي

الفصل الثاني

(المنظر: صالون فخم في قصر الأمير زياد – في الفوندي منظر المدينة.) (الخدم والحشم رجالًا ونساء يتحدثون عن تزيين القصر واستعداداته لاستقبال العروسة وأبيها.)

لحن

الجميع :
كلنا شمرنا الليلة
وأهو تممنا اللزومات
والقصر انشال هيلة بيلة
واستحضر للعوزمات
بنات :
لا فضل حاجة
ولا محتاجة
إلا السلطة
رقص يلهي
أكل يشهي
كحك وبسطة
رجال :
بالهنا والشفا لضيوفنا
العظما الأمرا اليمني
ياكل الواحد خرشوفنا
ويقول ده ما دقته في زمني
بنات :
يتلمص وينحنح
ويغمض ويفتح
من كتر اللذة
ومرقة الوزة
الجميع :
وبكده تطول رقبنا
وتزيد بكره ماهيتنا
ونبيض وش عريسنا
ونبغم في البقشيش
مين زيه تمللي بالهنا
إن شاء الله يا رب يعيش
الجميع :
شوفوا الإماره وشوفوا أربابها
ياما هي خايله في وش أصحابها
أهي السراية فتحت أبوابها
لفرح بنتك يحمي شبابها
نساء :
عرف أميرنا يناسب
وينتخب أجاويد
فضل يخاف ويحاسب
عشان مايملا الإيد
وأهو ملاها
ونال مناه
وفي الوجاهه
شبه حماه
أبو النواس :
طردنا يجي ميت ألف عريس
وقلت ده وقعته عاجباني
على الله ماينطش إبليس
ويقلب الجواني براني
الجميع :
يا كريم يا قادر تقبل دعاه
ده فرح ونادر ينعاد هناه
نساء :
يالَّه بنا يالَّه نعمل له دوكة
وعينين حسودنا فيها ألف شوكة
ارقصو بنا هيله هبه
وابتدوا بنا حبه حبة
زياد (داخلًا ومعه سعدان ومحسن) : أنا مندهش جدًّا يا سعدان من تأخيرهم لحد دلوقت، فكري ابتدا ينشغل من جهة العروسة هي وأبوها، إيه يا ترى اللي أخرهم عن المجي؟
سعدان : جايز يا مولاي تكون السفينة عاكستها الرياح في البحر ولا قدروش يوصلوا في الميعاد بالظبط.
زياد : برضك معقول السبب ده.
محسن (على حدة) : إياك تكون غرقت بهم، لأجل ما أخلص من الجوازة دي اللي حايلزقوها لي كده بالغصب.
زياد : لكن عمال المينا بيؤكدوا تمام إنهم شافوا النهارده بين المسافرين اللي وصلوا من اليمن اتنين أغراب أوصافهم تنطبق تمام على أوصاف الأمير وبنته، ومعاهم شخص تالت زي تبع لهم.
سعدان : لازم اختلف نظرهم يا مولاي.
زياد : صحيح معاك حق، مجرد أوصاف بسيطة بالطبع ماتكفيش، وخصوصًا لا شفناهم قبل كده ولا قابلناهم بالكلية. على كل حال إن ماوصلوش النهارده ضروري حنعرف إيه سبب تأخيرهم.
حسان : يوصلوا النهارده بكرة بعده زي بعضه.
زياد : يعني قصدك تقول إيه؟
حسان : لا، قصدي أقول …
زياد : أظن تأخيرهم ده شيء يفرحك، موش كده؟
حسان : لا بص يا والدي …
زياد : بس اخرس، والدي في عينك، أنا لما أقول كلمة والَّا افتكر فكرة يستحيل تعارضني فيها.
سعدان : أيوه يستحيل معارضته فيها.
زياد : ولد مفعوص زيك ما شاء الله.
سعدان : أيوه ولد مفعوص زيك ما شاء الله.
زياد : عروسة أنا اخترتها لك بنفسي، وبأمُرك إنك تتجوزها لازم تتجوزها، أيوه لازم لازم.
سعدان : لازم تتجوزها، أيوه لازم لازم.
حسان : بس إزاي حتجوز واحدة لسه عيني ماشفتهاش.
زياد : موش مهم، بكره تشوفها.
سعدان : أيوه بكرة تشوفها وتشبع فيها شوفان.
حسان (على حدة) : لا لا ده ظلم، ده حرام، آه أعمل إيه يا ربي وأنا قلبي صبح مشغول بالبنت دي اللي خلصتني من إيدين النور، اللي صبح خيالها مايفارقش عيني ولا لحظة.
زياد : إنت بتكلم نفسك بتقول إيه؟
حسان : لا ما باقولش حاجه (بخضوع).
سعدان : يقدر يقول حاجة، هو اسمه كلام عيال.
حاجب (يدخل بلهفة) : بشرى بشرى جميله يا مولاي.
زياد : إيه فيه إيه يا فضل؟
حاجب : شرَّف الأمير خصيب هو والعروسة الكريمة بموكبه العظيم.
محسن : إخص، برضك وراي وراي. بخت إيه المطين ده يا هو!
زياد : وفين هما دلوقت؟ في المينا لسه؟
حاجب : لا يا مولاي، هنا في القصر.
زياد : عظيم خالص، يالَّه جميعًا استقبلوهم الاستقبال اللايق بمقامهم (لحسان) وانت يالَّه فوت قدامي علشان تستعد لاستقبال عروستك (ينادي).
حسان : والله يا ربي مانا عايز لا عروسة ولا زفت (يخرج غاضبًا مع أبيه وسعدان).
فضل : يالَّه يا خدم يا حشم يا رقاصات يا مغنيات (يدخل الجميع) استعدوا لاستقبال الأمير، والا مانا عارف اسمه إيه أهه الأمير والسلام.

لحن

الجميع :
يا مرحبا يا سيادنا الأمرا
يا ألف أهلًا ويا ألفين
ده إيه ده كل النور ده يا قمره
يا بهجه يا أصيله الجدين
بنات :
سمح الزمن وسيد اليمن
شرف وجاب ست الغزلان
ومقدمًا سعده انضمن
المبخت السعد حسان
خصيب :
ناسبت أنا من غير جدال
نسب الهنا والأشيا عال
وأهو هكذا تكون الرجال
الجميع :
وأهو هكذا تكون الرجال
أهل الجواهر بالشوال
أبو نواس :
وأهو هكذا وأكتر كمان من هكذا
تبقى البنيه اللي غرضها القزقزه
يسترها ربنا لو نشوفها مبوزه
حاكم قسم والقسمة فيها إذا وإذا
الجميع :
عقبال مانهيص في سبوعها
إن كان جي لها سبوع
هي الدنيا ساعات مطلوعها
يقلب ضحكتها دموع

(ينتهي اللحن برقصة.)

زعيط : عمي عمي.
أبو النواس : اسمي مولاي يا واد قلنا لك.
زعيط : الله، ماهو الواحد بينسى سبحان الله! بالك يا مولاي أنا متهيأ لي إن احنا إيه دلوقت؟
أبو النواس : إيه يا سيدي؟
زعيط : إن انت عنتر وأنا شيبوب، ودي عبلة.
أبو النواس : شوف الواد حايكلمني بالفن، ابن الصرمة إحنا أمرا يا واد دلوقت زي ما قلت لك.
زعيط : ها ها ها الله يجازيك يا مولاي.
ثريا : يابا ده ناوي يفضحنا.
أبو النواس : لا ماتخافيش، خلي قلبك جامد.
وردانتشي : لكن مع كل ده، أقول لك الحق مانيش قادرة لسة أبلع ريقي.
أبو النواس : وأنا ريقك ده راخر حابلعولك بإيه زياده عن كده؛ قلة ذمة وقبلناها، واصاحبنا حبسناهم وخدنا هدومهم وحلينا محلهم، إيه بقى اللي راح أعمله لك زياده عن كده؟!
زعيط : لكن احنا موش في كده.
أبو النواس : إيه فيه إيه تاني؟
زعيط : أنا بطني قرت عليَّ.
أبو النواس : يا واد بلاش فضيحة ياواد.
زعيط : فضيحة إيه يا عم، أنا لسه ماشفتش أمرا على لحم بطنهم غيرنا احنا!
خادم : يلزم حاجه لمولانا الأمير؟
زعيط : ودي عايزة سؤال!
أبو النواس (للخادم) : لا لا، ده ابني دايمًا يحب يهزر.
ثريا : أيوه، أيوه، يحب يهزر يادي الفضيحة.
زعيط : أهزر، ده كلام فارغ يا عم خدوا هدومكم موش عايزين نشتغل.
ثريا : يا فضيحتي، يا فضيحتي!
أبو النواس : الله ينكِّد عليك.
زياد (من الخارج) : يا فرحتي يا فرحتي، ده القمر النهارده نور.
أبو النواس (لزعيط) : أقف بأدب وصلَّح نفسك. أحسن حانخش في الجد.
ثريا : يا فرحتي يا فرحتي أديني حاشوفه، يا ترى يابوي هو لمَّا يشوفني حيعرفني؟
زياد (داخلًا) : أهلًا وسهلًا يا مرحبا، يا ستميت ألف حمد الله عالسلامة.
أبو النواس : أهلًا وسهلًا بالأمير ابن الأمير أخو الأمير عم الأمير ومحاسيبه وقرايبه من كبير وصغير.
زياد : يا للفصاحة ويا للبلاغة!
زعيط (على حدة) : أمَّال، أكبر شاعر في الدنيا، عمي أبو النواس.
ثريا : أبوي.
أبو النواس : يا نهار أبوك مطين!
زياد : إيه، أبو النواس؟
أبو النواس : آه. لا. ده قصده يقول يعني إننا نستقبلكم بحتة من ديوان أبو النواس.
زياد : أشكركم وأظن جنابه …
أبو النواس : أيوه، جنابه بقى وكيلنا.
زعيط : إحنا لسه يا عم كلنا حاجة.
أبو النواس : يا واد بلاش فضيحة.
زياد : ما شاء الله، ما شاء الله! وحضرتها تبقى …
أبو النواس : عروسة نجلكم الكريم، الأميرة صبيحة بنت الأمير خصيب بن الأمير هان بن مسعود بن جعفر بن سعفان بن أبو زيد من نسل الغربان.
زعيط : أي أي أي أي.
أبو النواس (لزعيط) : الله الله إيه ده يا واد؟!
زعيط : ضربه بسن الحربه قام ولى وهرب. أي أي أي أي.
زياد : الله الله ده بيقول إيه؟!
أبو النواس : لا ما تؤاخذوش يا مولاي، حاكم هو مغرم بالشعر والشعرا.
زياد : ما شاء الله! وده دليل على الذكاء المفرط؟
أبو نواس (همسًا) : أوه إنتو شفتوا إيه، ده لما ينجلي يبقى حاجة عال.
ثريا (لأبو نواس) : إحنا موش في كده يا بابا، أنا لحد دلوقت لسه ماشفتش حبيبي الأمير حسان.
أبو نواس : عندك حق (لزياد) أمَّال فين بسلامته المحروس عريس بنتنا الأمير حسان؟
زياد : حالًا يحضر علشان يتمتع بمقابلة عروسته الجميلة (ينادي) حسان، يا حسان.
سعدان (من الخارج) : باقول لك أدخل بلا عصلجه، ماتسوِّدش وشنا مع الناس.
حسان : أدحنا داخلين أهه (يدخل مع سعدان).
ثريا : آه يا ربي، قلبي بيطب كده ليه؟
أبو نواس (لثريا) : لا والله يا بت ناصحه بتعرفي تنقي، واد يتاكل حاف.
زعيط : يا سم، بقى أنا موش أحلى منه بالذمه.
زياد (لحسان) : إتقدم وبوس إيد نسيبك وسلم على عروستك.
حسان : مين أنا؟
زعيط : لا أنا.
ثريا (لأبي النواس) : لسة لحد دلوقت موش عارفني.
أبو نواس : طوِّلي بالك دلوقت يعرفك ويعرف أبوك كمان.
ثريا : أقدم له نفسي وأفهمه أنا مين؟
أبو نواس : لا لا اتقلي. إتقدم يا سمو الأمير خد إيد عروستك وعبر لها عن شعورك من جهتها.
حسان : والله أنا …
زعيط : سمع هس، القلب السامر يصلي عالنبي.
أبو نواس : هيه، شوف وكيلنا المعظم فرح بك إزاي لما لقاك حتتكلم.
حسان : أتكلم أقول إيه بس؟
أبو نواس : قول لها يا عروستي الجميله ماتقدريش تفهمي قد إيه أنا فرحان، وتروح قايل لها قصيدة كمان.
زعيط : أي أي أي.
ثريا : اتلهي وانسد أنت (لزعيط).
حسان (لثريا) : اسمحي لي أقول لك يا أميرة بمناسبة تشريفك هنا في قصرنا، إني أتمنى لك الصحة والعافية وكل حاجة.
أبو نواس : بس كده.
زعيط : قبضنا بالصلاة عالنبي.
أبو نواس : إتقدمي انت يا بنتي، وحيي عريسك.
ثريا (لحسان) : أنا من كل قلبي أشكر عواطفك الرقيقة يا سمو الأمير، وإذا كان لساني بيتكلم قيراط يكون فؤادي بيناجيك من جوه ٢٤.
زياد : ما شاء الله ما شاء الله! دي فصاحة إيه دي!
أبو نواس : علشان تشوف التربية، تشوف البضاعة.
زعيط : آه موش بنغشكم معناها.
أبو نواس (يضربه على رأسه) : يا سيدي بس اتلهي وانسد انت.
حسان (لنفسه) : غريبة! الحس ده أنا موش عارف سمعته فين قبل كده. إنت … إنت، آه يا ربي.
ثريا : أيوه، أيوه، أهه قرب يعرفني.
زياد (لحسان) : هيه إيه رأيك يا بني في عروستك دي بقى؟
حسان : والله يا بوي أنا …
أبو نواس : لا ما اسموش كلام، اللي أعرفه أنا إننا نسيبهم لاتنين لوحدهم يتكلموا بحريه، علشان ياخدوا على بعض.
زياد : والله رأيك في محله.
أبو نواس : آه موش إيه رأيك يا ابني، وأنا أسألها إيه رأيك يا بنتي.
زياد : ودلوقت اتفضلوا بنا ونسيبهم لوحدهم.
أبو نواس : أيوه اتفضلوا، يالَّه قدامي يا وكيلنا المحترم.
زعيط : إيه، وأنا راخر أخرج وياكم؟
أبو نواس : طبعًا.
زعيط : اسمع يا عم، ده الواد ده باين من عينه إنه نحس.
أبو نواس : إخرس وامشي قدامي، إيه بتخالف كلامي؟ امشي قدامي يا ولد.
حسان (لنفسه) : أما دي غريبه! طولها وصوتها وبسمتها بالظبط، نعم كانت الدنيا ضلمة ولا حققتش في وشها، لكن قوامها تمام ووقفتها وخفة دمها. القصد على أي حال نُجرَّها في الكلام. برضه حايبان لي دلوقت إذا كانت هي والا لأ (يتقدم إليها).
ثريا : أدحنا دلوقت بقينا لوحدنا، إيه بقى اللي حاتقوله لي؟
حسان (لنفسه) : بقى ده موش حسها بعينه ياخواتي، أنا حاتجنن.
ثريا : إنت بتكلم نفسك بتقول إيه؟
حسان : باقول إن مسألة جوازنا يا عزيزتي، عايزة شيء من الصراحة.
ثريا : يعني قصدك تقول إيه؟
حسان : قصدي أقول إن الشيء اللي حاقوله لك ده، أود إنه مايجرحش إحساسك.
ثريا : إيه هو ده يا ترى؟
حسان : بقى لا يخفاك إن الجواز ده قسم.
ثريا : يعني إيه؟
حسان : يعني قلبي دلوقت ماهوش ملكي أنا.
ثريا : إزاي، مأجره لحد؟
حسان : أيوه، بالعربي الفصيح، باحب واحده تانيه.
ثريا (تتنهد) : آه، واحدة تانيه، يا بختها. تبقى مين هي دي اللي بتحبها؟
حسان : صدقيني يا عزيزتي، أنا ذاتي لحد دلوقت ماعرفش هي مين.
ثريا : غريبة دي، تحب واحده وتملكها قلبك من غير ماتعرف هي مين.
حسان : أيوه، لإننا لما قابلنا بعض كانت الدنيا ليل وكان على وشها قناع.
ثريا : بالتأكيد بيقول عليَّ أنا (لنفسها).
حسان : وصحيح أنا ماتحققتش منها طيب، لكن قلبي صبح مشغول بها وده نظرًا للجميل اللي عملته معاي.
ثريا : وإيه هو الجميل ده؟
حسان : أظن ده شيء مايهمكيش.
ثريا : بالعكس ده يهمني خالص.
حسان : حيث إنه يهمك أنا أقولك عليه، بقى أنا ليلة إمبارح كنت داخل حانة هنا في بلدنا اسمها حانة أبو نواس، وما اشعر إلَّا وهجموا عليَّ جماعة لصوص كانوا عايزين يفترسوني، ولا خلصنيش من إيديهم إلَّا الشابة المجهولة دي اللي بقولك عليها، وهو من ساعتها لدلوقت أنا معتبر نفسي أسير لإنسانيتها ومدين لها بالمروءة اللي عمري ما انسهاش.
ثريا : إن جيت للحق بعد الوصف اللي وصفته لي يحق لك صحيح موش تحبها بس تعبدها عبادة.
حسان : ولكن مع تصميمي الشديد في مقابل جميلها ده على كوني ماتجوزش حد خلافها، تلاقيني دلوقت بعد ما شاهدت جمالك الفتَّان محتار في أمري.
ثريا : من جهة إيه بقى؟
حسان : بقى حيث إن أبوي مصمم على جوازنا لبعضنا، ولا يصحش إني أرفض وأخالف كلامه، أظن يمكنك تعمليلي خدمة.
ثريا : إيه هي الخدمة دي؟
حسان : ترفضي جوازي.
ثريا : لا، أظن الطلب ده يستحيل أنفذه لك.
حسان : إزاي؟
ثريا : وأنا ما انكرشي إني من ساعة ما شفتك وسمعت صوتك حبيتك، ولكن …
حسان : آه يا ربي، أقولها إيه؟
ثريا : قول، صرح، قول إنك حبيتني وأنا أصرح لك بكل شيء.
حسان : طيب إيه حاتقولي إيه؟
ثريا : حاقولك مين هي اللي خلصتك من إيدين اللصوص.
حسان : مين قولي؟
ثريا : أنا.
حسان : إنت؟ طيب تقدري تقوليلي إيه كَّلام اللي قلتهلك ساعتها؟
ثريا : قلت لي لما جيت داخل الحانة بعد ما ذكرت لي إسمك: «أرجوكي دايمًا تذكريني عند الحاجه يمكن يجيلك يوم وتعوزي مني أي خدمه أأديهالك، ولو كانت على حياتي.»
حسان : مظبوط تمام! إنت بعينك يا حياتي تعالي أضمك (يهمُّ بضمِّها).
أبو نواس (يدخل يراهما يصفق وينادي) : عال عال أهم خدوا على بعض تعالى يا عم.
زياد (يدخل مع الجميع. لحسان) : إزاي الحال يا بني؟
حسان : أهي دي عروستي أهي دي اللي قلبي حبها، أهي دي اللي حتكون شريكتي في حياتي، هنوني كلكم.
زياد : هنُّوهم يا جماعة وابسطوهم، ودلوقت اتفضلوا يا جماعة نتناول الطعام.
أبو نواس : أيوه أهه دلوقت اسمنا عملنا بأكلنا (يخرجون ما عدا زياد وأبو نواس).
زياد : ما تقدرش تفهم قد إيه أنا مسرور إن ربنا وفق بين البنت والولد.
أبو نواس : أي أنا مش قلت لك دي بنت حنت تفتن العابد، دي اللي كانت تبصله في السامر بصة واحدة تخليه يلف ورانا بلاد.
زياد : إيه سامر؟
أبو نواس : الله الله، أنا باقول إيه إخيه عليَّ.
زياد : سامر إيه يا مولاي؟
أبو نواس : لا أنا قصدي أقول يعني، حاكم احنا عندنا تملِّي عادة نجيب الشعرا في القصر بتاعنا وتيجي الرعية ورجال حاشيتي يتجمعوا ويعملوا سامر، واحنا نقعد في السلاملك بتاع حضرتنا نسمع، وكان لما أي واحد من الموجودين يزعق ولا يتحرك وتبصله بصة واحدة.
زياد : يقعد ساكت طبعًا.
أبو نواس : حدق تعجبني، أهو كده مظبوط تمام.
حاجب (داخلًا) : مولاي.
زياد : إيه فيه إيه؟
حاجب : فيه على باب القصر تلات أشخاص؛ راجلين وواحدة ست طالبين الدخول يا مولاي.
زياد : ولا فهمتش مين هم، ولا إيه طلبهم؟
حاجب : لا يا مولاي، بس قالوا إنهم عايزين يقابلوا جنابكم وطالبين الإذن بالدخول.
زياد : مافيش مانع اسمحوا لهم بالدخول (لأبو نواس) وألَّا قولي يا أمير خصيب.
أبو نواس : نعم.
زياد : إحنا يلزمنا بقى دلوقت نحدد ميعاد عقد الزواج ودخول العريس على العروسة، حيث إن ربنا وفقهم واخدوا على بعض.
أبو نواس : طبعًا وخصوصًا إني موش فاضي، ولازم أرجع قوام لليمن علشان أشوف مصالحي ومصالح بلادي.
الحاجب (من الخارج) : اتفضلوا يا جماعه، جناب الأمير جوه في انتظاركم.
خصيب (يدخل مع صبيحة وقاسم) : بقى كويس كده يا أمير إن رجالك يعملوا فينا كده؟
أبو نواس : إخص ياخي الحمد لله اللي قلعت الجبة لحسن كانوا يعرفوني، إحنا لازم نهوشهم ونخش في عينهم.
خصيب (لأبو نواس) : جنابك مابتردش ليه يا أمير زياد؟
زياد : وحارد أقول لك إيه؟ إنت لسه قلت حاجة؟
خصيب : لا من فضلك أنا موش باكلم جنابك.
زياد : أمَّال بتكلم مين يا راجل؟!
أبو نواس : يمكن بيكلمني أنا.
خصيب : أمَّال باكلم خيالك يا أمير زياد.
زياد : يا راجل أنا الأمير زياد موش هو.
خصيب : إيه! حضرتك الأمير زياد؟
زياد : أيوه.
صبيحة وقاسم : غريبة!
أبو نواس : الجماعة دول باين عليهم ملاحيس وهربانين من المرستان.
خصيب (لأبو نواس) : ده إنت أمَّال تبقى مين كده يا حضرة؟
زياد : حضرته يبقى الأمير خصيب اليماني.
الجميع : إيه؟
خصيب : الأمير خصيب بتقول؟
أبو نواس : أمَّال الأمير بعجر.
خصيب : لا لا، دي حاجة تجنن خالص.
أبو نواس : وحاتجنن أكتر من كده، الله يلطف بك ويشفيك.
صبيحة : بقى انت خصيب أنت؟
أبو نواس : أيوه خصيب وأبو خصيب كمان.
خصيب : ويماني؟
أبو نواس : ويماني أصيل من نسل التبع اليماني.
خصيب : أمَّال أنا أبقى إيه؟ يا عالم فهموني.
زياد : واحنا إش عرفنا يا سيدي، هو انت عرفتنا بنفسك علشان نعرفك؟
أبو نواس (لزياد) : ما داهية لا ياخد اسمي ويقول من جنانه إنه الأمير خصيب.
خصيب : أيوه أنا الأمير خصيب، هي دي فيها شك؟
أبو نواس : وهي دي تثبت لك جنانه، إستنَّه أما أثبت لك جنانه اللي ويَّاه روخرين (لصبيحة) وأظن إنت كمان حتدعي إنك الأميرة صبيحة موش كده؟
صبيحة : أيوه أمَّال إيه، أنا الأميرة صبيحة بكل تأكيد.
زياد : أما جنان صحيح!
أبو نواس (لقاسم) : وحضرتك وكيل الأمير واسمك قاسم موش كده؟
قاسم : أيوه محسوبك قاسم يا مولاي.
أبو نواس (لزياد) : هيه ثبت لك جنانهم يا أمير؟
زياد : يا حفيظ دول مجانين بدون شك، وإيه تشوفه دلوقت؟
أبو نواس : اللي أشوفه توافقهم على قد عقلهم أحسن يعكننوا علينا.
زياد : رأيك في محله. أعمل طريقة وأصرفهم حالًا.
زعيط (يدخل) : إخص يا عم، دول الجماعة إياهم اللي حبسناهم في المغارة وخدنا هدومهم.
أبو نواس : أيوه بس أسكت ما تتكلمش انت.
خصيب (لأبو نواس) : إيه، عرفتنا دلوقت والَّا لأ؟
أبو نواس : أيوه عرفتك يا أمير خصيب وعرفتكو كلكم.
خصيب : ولكن أنا بدي أعرف، إنت الأمير زياد ولا لأ؟
أبو نواس : آه، هي بدها كلام، ما دام حضرتك الأمير خصيب أبقى أنا الأمير زياد غصب عن عيني.
خصيب : أمَّال بتعمل ويَّانا كده ليه فهمني؟
أبو نواس : لا أنا بس كنت بهزر ويَّاكم.
التلاتة : بتهزر؟
خصيب : هي دي بدها هزار يا أمير أنا جاي أشكي لك رجالك، وأفهم السبب في المعاملة دي اللي عاملوها لي.
زياد (لأبو نواس) : يا سيدي ما تصرفهم.
أبو نواس : أيوه حالًا (لهم) موش وقته من فضلكم تتفضلوا في محل الضيوف لحد ما اخلص من المأمورية اللي ويَّا حضرته، وبعدين نبقى نتكلم في المسألة دي.
خصيب : لا لا، أنا عايز أكلمك في المسألة دلوقت حالًا، هو لعب عيال والَّا إيه؟!
أبو نواس : يا سيدي بعدين قلت لك (لزعيط) يالَّه خدهم يا وكيلنا المحترم في الضيافه، نزلوهم ووكلوهم وابسطوهم (هامسًا) سلِّمهم لرجالنا الموجودين بره ياخدوهم ع المغارة يحبسوهم واوعى يسيبوهم.
زعيط : على عيني اتفضلوا يا حضرات الضيوف اتفضلوا.
خصيب : طيب يا أمير، إحنا حنكون في ضيافتك ووقت ما تفضى ابعتلي علشان نتكلم.
أبو نواس : على عيني بس اتفضلوا (يخرجون. لزياد) هه مبسوط حضرتك؟
زياد : أي مبسوط قوي، ده جنانهم خطر قوي.
أبو نواس : لا سيبك الدنيا سياسة والعاقل اللي زي حلاتي يعرف يخلَّص نفسه وقت اللزوم.
حاجب (يدخل) : اتفضلوا يا مولاي المعازيم في انتظاركم.
زياد : أيوه أدحنا جايين، اتفضلوا يا أمير خصيب.
أبو نواس : أيوه اتفضل يا أمير زياد، أعوذ بالله سبحان من خلصنا من الجماعة المجانين دول.
زياد : ده جنان يا حفيظ! قال أمرا، قال بقى ملابسهم دي تدل على إنهم أمرا.
أبو نواس : واخد لي بالك سيبك منهم اتفضل (يخرجون).
ثريا (تدخل) : آه يا ربي نفسي مش هضماني أبدًا؛ لكوني أغتصب قسمة غيري، ده يبقى اسمه اختلاس، ومن وجهة تانيه جايز فيما بعد يرجع تاني يستعر من مصاهرتي ودي قد ما يكون اسمها أميرة زيه غنية وصاحبة جاه وأموال حاضيعها منه ويوم من الأيام حايستخسر ضياعها، وبدال ما يحبني حايكرهني ويحتقرني وينقلب حبه بعداوه، لا لا يستحيل ضميري يرتاح لكنه أبدًا لكده أبدًا (تنظر للخارج) هو جاي على هنا، أمَّا أشوف كده حايقولي إيه.
حسان (يدخل) : آه إنت هنا يا عزيزتي، أهو دلوقت كل شيء تم ولا بقاش فاضل إلَّا كونهم يجوا هنا ويسئلوك على التوكيل حسب المعتاد، هه إنت مستعدة يا حياتي؟
ثريا : أيوه، بس قبل كده أنا عايزة أسألك سؤال بسيط.
حسان : إيه؟ اتفضلي.
ثريا : جنابك قبلت جوازي حبًّا لشخصي والَّا عندك اعتبارات تانيه غير كده؟
حسان : وإيه الاعتبارات التانيه دي؟ أنا ما قبلت جوازك إلَّا بالنسبة لجمالك الباهر وأخلاقك الرفيعة.
ثريا : يعني بصرف النظر عن ثروتي وأملاكي وأصلي وفصلي؟
حسان : وده سؤال إيه الغريب ده؟ من جهة الثروة ده شيء ما يهمش بالكلية، ولكن من جهة أصلك وفصلك دي حاجه تانية.
ثريا : آه، كويس يعني اللي حتتجوزها لازم تكون أصيله بنت حسب ونسب؟
حسان : ضروري لأني من أصل شريف ولا يصحش إني أتجوز إلَّا بنات الأشراف.
ثريا (على حدة) : آه يا ربي (له) طيب وإيه رأيك إذا كنت غشيتك؟
حسان : غشتيني يعني إيه؟ موش قادر أفهم.
ثريا : يعني لازم تفهم دلوقت إن جوازنا ببعض مستحيل.
حسان : إيه مستحيل إزاي؟!
ثريا : أيوه، لأني أنا صحيح بحبك، لكني واحدة عندي ضمير، وضميري أنِّبني على جوازي بك.
حسان : ياهوه أنا حاتجنن!
ثريا : لا سلامتك من الجنان، بعد الشر عليك، والله صعبان عليَّ.
حسان : أيوه كده، صرحي لي وقولي تاني أنا بحبك.
ثريا : طبعًا بحبك، لكن اعذرني إذا رفضت جوازك بي.
حسان : بس تقدري تفهميني إيه السبب؟
ثريا : ما يمكنش أقولك غير كده بس أعذرني سامحني ارحمني آه يا ربي (تبكي وتقع على مقعد).
حسان : الله الله الحقونا يا ناس (يدخل زياد وأبو نواس والقاضي والجميع).
زياد : اتفضل يا مولانا القاضي.
أبو نواس : أيوه اتفضلوا كلكم (يدخلون) إيه فيه إيه؟ يا خبر إسود إنت عملت فيها إيه؟ بنتي.

(الجميع يندهشون)

أبو نواس : بنتي ثريا صبيحة.
زعيط (يدخل) : أديني عملت زي ما قلتلي يا عم (يراها) الله الله ثريا حبيبتي.
أبو نواس : إخرس ثريا في عينك. صبيحة قومي يا بنتي.
القاضي : شمِّموها نشادر، واحرقوا لها شرموطة علَّها تفيق، لا حول الله، ربما تكون هذه نوبة عصبية متعودة عليها، دعوني أقرأ لها في أذنها، ربما تعود إلى صوابها.
ثريا (تستفيق تدريجيًّا) : آه يا ربي، أنا فين؟
القاضي : إنت هنا يا ذات البها، وحولك الناس كلها، أتوا ليحييوك، وضمنهم أبوك، والآن فوقي لنفسك، وارجعي إلى صوابك، وأخبرينا من هو وكيلك في كتب كتابك.
أبو نواس : ردِّي، من وكيلك؟
ثريا : أنا ماليش وكيل.
أبو نواس : إزاي ده؟
ثريا : أيوه لأني موش عايزه أتجوز.
حسان : سامع يابوي سامع.
زياد : إيه الكلام ده يا أمير خصيب؟!
أبو نواس : خصيب إيه بقى وهباب إيه، دي يظهر إنها اتجننت!
زعيط : أنا موش قلت لك م الأول إنها بتحبني أنا مصدقتنيش، أهو كله منك.
ثريا (بحالة جنون) : قلت لكم موش عايزة أتجوز يا حفيظ يا حفيظ.
الجميع : اتجننت لا حول الله (يقولون لحن ختام الفصل).
مشقاني :
يالَّه هنوا القصر كله
بالجواز ده اللي في محله
الجميع :
يالَّه هنوا القصر كله
بالجواز ده اللي في محله
يوم مبارك يا أميرنا
يا اللي عايشين تحت ضله
ثريا :
أأمر بالنور ده كله ينطفي
والزينات بالمره تنشال وانتهي
أبو النواس :
إخص إيه اللي جرى حاتخرفي
والله عملة مطينة وعملتها
الجميع :
دهدي دهدي
كاينه إيه دي
لخبطوا لنا الدنيا ليه
الجنان ده أصله إيه
مشقاني :
جد يا سمو الأميرة
والَّا بس بتضحكي
ثريا :
لا أميرة ولا غفيرة
الحقيقة تنحكي
بنت يا مولاي من ضمن الغجر (تقلع هدومها)
الجميع :
الغجر
ثريا :
لا أعرف الشام فين
ولا أرض اليمن
أبو النواس :
ده جزايا اللي اسمع الشورة
العجر رحنا والفاتحة علينا مقدما
مشقاني :
أكرشوهم ألطشوهم
الغجر النور
الجميع :
إمشوا انجروا يا دبش يا كارو
دانتو تعروا جاتكوا البين

الفصل الثالث

(يرفع الستار عن بيت الغجر. الموجودون يقولون لحنًا ورقصة. يهنون زعيط بقرب جوازه بثريا. وهو فرحان ويقول إنه يوم عيد.)

الغجر :
أكبر أمير وأعظم عني
مايشفوش عمره يوم هني
زي اللي بتشوفه الغجر
ولا يزعلوا ولا يحزنوا
ياكلوها ملح وييسمنوا
ويناموا في ضل الشجر
نساء :
ويطبلوا ويزمروا
ويزيطوا ويهيصوا
رجال :
يالَّه ابسطونا وشمروا
ونغني وانتم ترقصوا
مغنى العرايس عندنا
الريفي اللي زينا
البنات :
كتر الله خيرك يا دار أبوها
فرغة ربايتك بقت رباية غيرك يا دار
رجال :
تني أدور عالأجاويد أناسبهم
لما رماني الهوى على مساطبهم
تي تي تي تي
تي تي تي تي
الدنيا أيام تنقضي
لازم نخليها انبساط
مايهمش الجيب إن فضي
والصحة أجمد م القشاط
ثريا (بعد اللحن) : كتر خيركم انصرفوا كلكم. كل واحد يروح لشغله سيبوني لوحدي.
بنت : أيوه انصرفوا كلكم وسيبوني أنا وهي.
الجميع : على عنينا (يخرجون).
ثريا (للبنت) : إنت مستنيه إيه؟
البنت : مستنيه وياك أونِّسك، آخد حسك وأعزيك ع اللي جرى لك.
ثريا : لا سبيني أنا أعزي نفسي.
البنت : يا بنت يجرى لك حاجة.
ثريا : يجرى اللي يجرى لي. هو حيجرى أكتر من اللي جرى.
البنت : ما هو إنت الحق عليك، حد في الدنيا تقع له جوازة زي دي ويطردها أمير ياريت أنا يقع لي غفير، وأنا كنت أكلبش فيه بإيدي وسناني، ما اسيبوش ولو ينزلوا عليَّ بالصرم.
ثريا : إعملي معروف يا أم خضرة، مش عايزة أسمع الكلام ده.
خضرة : أهو انت كده بخاطرك. خليتك بعافية (تخرج).
زعيط (يدخل) : ثريا، إنت هنا يا روحي، مالك قاعده تفكري في إيه؟
ثريا : ولا حاجة حفكر في إيه.
زعيط : آه، ماتفكريش دا النهارده ضروري حيتم جوازنا ببعض.
ثريا : بقى انت بتحبني يا زعيط؟
زعيط : باحبك؟ دا أنا بموت، بادوب دوبان.
ثريا : طيب إذا كنت بتحبني صحيح، قولي لي الأمير خصيب وبنته ووكيله وديتهم فين؟
زعيط : وديتهم في المغارة زي ما قالي عم أبو نواس.
ثريا : وهم محبوسين دلوقت هناك لوحدهم؟
زعيط : لوحدهم، لا والله حانجيب لهم مزيكة! آه لوحدهم مرميين هناك.
ثريا : آه يا قلبك القاسي إنت وأبوي.
زعيط : يعني إيه صعبانين عليك؟
ثريا : آه يا زعيط، ماتِقدَرش تفهم قد أيه أنا زعلانة علشان الناس دول، ولاتِقدَّرش الحنية اللي في قلبي من جهتهم.
زعيط : بس كده، ما دام إنت زعلانة علشانهم لك عليَّ إني أسعى في خلاصهم.
ثريا : أهو كنت صحيح وقتها أظهر لك حبي وأتجوزك.
زعيط : يا سلام دا أنا لازم أخلصهم، ولو كانوا محبوسين عند الزير عند حسان عند الزناتي خليفة.
ثريا : وتوعدني وعد شرف؟
زعيط : أيوه وحياة حبك.
ثريا : أهو دلوقت صدقت إنك بتحبني صحيح.
زعيط : طيب أمال حيث كده، لازم تقنعي عمي أبو نواس وتفهميه الحقيقة، علشان يتم جوازنا ببعض النهارده ضروري.
ثريا : على عيني.
أبو نواس (من الخارج) : هي راحت فين الملعونة دي؟
زعيط : إيه ده عم أبو نواس. أنا حاخرج من هنا دلوقت وانت كلِّميه.
ثريا : روح انت مالكش دعوة (يخرج).

(أبو نواس يدخل.)

ثريا : آه، إنت جيت يابوي.
أبو نواس : أبوك، دانا حالعن أبوك.
ثريا : إيه إنت زعلان؟
أبو نواس : زعلان، دا أنا حاتجنن.
ثريا : لا ماتزعلش دا أنا النهارده لازم أتم جوازي بزعيط.
أبو نواس : زعيط!
ثريا : أيوه ولازم توافق على كده.
أبو نواس : لا سيبك. أنا بقيت أوافقك في حاجه أبدًا. ده اللي يوافقك توديه في داهية.
ثريا : داهية، داهية ليه؟
أبو نواس : عايزة غير كده دواهي. يعني إنت موش حاسة بالدوخة دي اللي دوختيهالي وخلتيني قايست واتأخرت علشان خاطرك، وفضلت أأقلد شيبوب أخو عنتر في ملاعيبه علشان أبقى الأمير خصيب اليمني والشيخ محمد اليماني، والآخِر أديني طلعت لا كاني ولا ماني بس بس.
ثريا : لا معلهش يا بوي ما تزعلش وسيبك من الإمارة دي اللي تضايق.
أبو نواس : ماهو أنا موش زعلان على الإمارة أبدًا، أنا برضه عندي ناس تانية وبتأمَّر عليهم على كيفك.
ثريا : أمَّال زعلان علشان إيه؟
أبو نواس : أنا موش فاهم بس إيه اللي طلع في مخك، وخلاك اتجننتي بالشكل ده ولخبطي الترتيب اللي عملناه ده كله.
ثريا : آه، أعذرني يابوي.
أبو نواس : أعذرك علشان إيه؟ العريس وحش؟
ثريا : لا.
أبو نواس : فقير؟
ثريا : لا.
أبو نواس : موش انت اللي حبتيه من الأصل، وفضلت تدمعيلي لما خليتي ركبي اتلخلخت ووافقتك؟
ثريا : أيوه.
أبو نواس : طيب، وأعذرك علشان إيه ضروري في الأمر سر تاني؟
ثريا : أيوه فيه سر ولا يصحش أقولك عليه.
أبو نواس (بحدَّة) : إيه، ما تقولي عليه. يعني أنا إيه، لعبه في إيدك تضحكي عليَّ تسودي وشي مع الناس الكبار، طيب والله إما قلتيلي حالًا على السر ده الا بقطع خبرك وحرمانك من الجواز طول عمرك.
ثريا : طيب ما تزعلش أنا أقول لك.
أبو نواس : أيوه قولي.
ثريا : بقى أنا شفت حيث إنه هو أمير وأنا غجرية، وإذا اتجوزني ضروري حايجي يوم ويعرف حقيقتي، وقتها يكرهني وأعيش منغصة.
أبو نواس : أنا قلت لك ستين مرة إنك بنت أكابر موش غجرية.
ثريا : أظن حاتقولي بنت الأمير خ زي ماقلت. بس، بس يجب إني أعيش فقيرة حقيرة زي ما أنا طول حياتي.
أبو نواس : يعني مبسوطة من العيشه اللي احنا فيها دي؟
ثريا : قوي وضميري مرتاح.
أبو نواس : ولكن أنا ضميري مش مرتاح.
ثريا : ليه بقى؟
أبو نواس : أيوه علشان لو كنت اتجوزتيه كنت أنا دلوقت نسيب الأمير مشقاني، وانت الأميرة صبيحة وحواليك الخدم والحشم مش الغجر والتتر.
ثريا : بس بس أنا موش عايزة أسمع الحكاية دي.
أبو نواس : إن شا الله ما سمعتِ. خليكِ كده فقرية غجرية طول عمرك (يخرج).
زعيط (داخلًا بحذر) : هيه قلتي له؟
ثريا : أيوه قلت له، ووعدني النهارده ضروري حيتم جوازنا بس اللي عليك دلوقتي توصلني للمغارة اللي فيها الأمير خصيب وبنته.
زعيط : بس كده، دا أنا أوصلك ولو كان لقصر أنس الوجود يالَّه بنا (يتغير المنظر: نور ضعيف يدل على أنه سرداب تحت الأرض).
صبيحة (لخصيب) : آه، لإمتى يابوي حنفضل في الأسر اللي احنا فيه ده؟
خصيب : والله شي يعلمه ربنا يا بنتي.
قاسم : أظن دي عوايدهم هنا في البلد دي، إكرام الضيف حبسه.
خصيب : والله أنا حاتجنن يا قاسم يا ابني، نكونش بنحلم يا ولاد.
قاسم : بقى كل ده حلم، طيب إذا كنا بنحلم هدومنا راحت فين؟
صبيحة : تكونشي يابوي عملت في زمانك حاجة وعلشان كده ربنا بينتقم مننا؟
قاسم : أهو ده الكلام الجد مفيش غير كده.
خصيب : أنا أقول لكم يا أولادي، أنا ما عملتش في حياتي إلَّا غلطة واحدة، وضميري بيأنبني عليها لحد دلوقت.
الاتنين : إيه هي؟
خصيب : بقى على أيام المرحومة أمك، كان عندي ضمن الجواري جارية شركسية خلفت منها بنت.
صبيحة : إيه؟ خنت المرحومة أمي؟!
خصيب : بس اسمعي.
صبيحة : طيب قول.
خصيب : وزي ما تقولي من خوفي من المرحومة أمك خدت البنت دي في ليلة من غير ما حد يشعر، ولفتها في شال أبيض وتركتها على باب جامع بعد ما ربط على دراعها نص الشورة دي (يخرج الشورة) وفيها ٣٠٠ دينار.
صبيحة : والبنت دي على كده تبقى أختي؟
خصيب : طبعًا، دا هه كل ده اللي عملته في دنيتي.
صبيحة : مسكينة يا أختي، يا ترى إيه اللي جرى لها دلوقت؟ مين عارف طلع عليها وحش كالها والَّا وقعت في إيدين واحد فقير ربَّاها تربية حقيرة؟
قاسم (يبكي) : مسكينة يا عيني عليها، أهي لو كانت موجودة دلوقت كنت أقله أتجوزتها بدالك، مدام انت مش راضية تتجوزيني.
ثريا : بس بقى، إحنا في إيه والَّا في إيه.
خصيب : بس ما تفكرونيش.
صبيحة : وعلشان كده ربنا بينتقم منا ولازم نصبر لحكمه (يُسمَع وقع أقدام).
قاسم (بخوف) : مولاي.
خصيب : إيه فيه إيه يا قاسم؟
قاسم : أنا سامع حس رجلين جايه على هنا.
صبيحة : يمكن حد محبوس زينا هنا (تدخل ثريا).
قاسم (بذعر) : يا ام.
ثريا : ما تخافوش.
صبيحة : إنت إيه؟
ثريا : أنا جيت علشان أخلصكم.
صبيحة : إيه تخلصينا؟
خصيب : أنا مش فاهم إنتو حابسينا ليه؟
ثريا : موش ضروري تفهم، دلوقت المهم إنكم تخلصوا من هنا والسلام.
صبيحة : وحضرتك تبقي مين؟
ثريا : أنا ثريا النورية.
خصيب : نورية؟ بقى انت موش من حاشية القصر بتاعة الأمير مشقان؟
ثريا : مشقان مين وقصر مين، دا انتو هنا في مغارة أبو نواس رئيس النور.
صبيحة : رئيس النور؟
ثريا : أيوه.
خصيب : وانت تقربي له إيه؟
ثريا : بنته.
خصيب : وهو اللي أمرك تخرَّجينا؟
ثريا : لا أنا حاخرجكم من سرداب سري من غير ما حد يعرف.
صبيحة : أيوه اعملي معروف، نجينا خلصينا أنا في عرضك.
قاسم : أيوه اعملي معروف إحنا في عرضك.
ثريا : بس وطوا صوتكم ما تزعقوش وأنا رايحة افتح لكو السرداب اللي تخرجوا منه، بشرط إن مافيش حد من النور اللي هنا يشوفكم.
خصيب : أيوه يا بنتي اعملي معروف جزاك الله كل خير.
ثريا : ما تخافوش ما تخافوش (تخرج).
خصيب : يا حفيظ، بقى احنا دلوقت في مكمن لصوص!
قاسم : ما تزعقش يا مولاي، اللهم اجعل كلامنا خفيف عليهم.
صبيحة : أنا لحد دلوقت موش مصدقة إننا حنخرج من هنا، لا بدَّ دي حيث إنها نوريه منهم موش ممكن إنها تخلصنا زي ما بتقول.
خصيب : لا يا بنتي دي لازم ملاك ربنا أرسله لنا من السما علشان ينقذنا.
قاسم : سما هي فين السما (يُفتَح باب السرداب).
الثلاثه : يا حفيظ يا حفيظ!
ثريا (تظهر) : ما تخافوش تعالوا بشويش (هنا تحصل ضجة عنيفة وصوت ينادي العساكر).
الجميع : إيه جرى إيه؟
أحد الغجر : الحذر يا جماعة الحذر.
مشقاني (من الخارج) : خلي بالك يا عسكري، اغفر فتحات، سد مسالك، اظبط غجر نور، موش خلي يهرب ولا نفر.
صوت (من الخارج) : حاضر.
مشقاني (داخلًا هو وولده حسن واتنين عساكر) : أما غجر خنازير بتاع قصة زير وربابات واحتمالات جنن مشقاني وجعل المخ بتاعه خرافات.
حسن : بس هدي دمك يا والدي.
مشقاني : لا موش هدي أنا دلوقت مسكتوا أبو نواس، ومن المخ بتاعي راح كل وسواس، ولازم أحرق موت غجر منشان أهان ضيوفات، وعذب عروسات، وعمل حضرتي هزوات.
جندي (داخلًا بثريا وقد دفعها) : خشي هنا.
ثريا : موش كده يا جماعه، أنا في عرضكم.
مشقاني : ها ها.
حسن (وحده) : آه يا ربي، أنا خايف لايؤذوها.
مشقاني : آه هيه سلامات ألف احترامات عروسة تقليد، مثل دور بإتقان عفارم عفارم غشاشين دجالين ها ها قدم هنا شقي.
حسن : يا ساتر يا رب، لكن يابوي دي مالها ذنب، الذنب كله على أبوها اللي ثبت لنا إنه شيخ الدجالين اللي في الدنيا كلها.
مشقاني : لا لا، كله في الجرائم شريكات فابريقة تلاعب غشاشين بشوف بخت أضرب رمل. أمسك ربابات. نقو.
حسن : طيب اتكلم ويَّاها بلطف موش بقساوة قد كده.
مشقاني : سكوت، تداخل ممنوعات في تحقيقات رسميات كلم هنا قوام.
ثريا : أفندم.
مشقاني : فمين أمير خصيب وعروسان حقيقان؟
ثريا : أهم هنا جوه وبعاملهم أحسن معاملة، حتى ابقى اسألهم.
مشقاني : ها ها ياللى روح جيبه هنا حالًا بالًا نور تتر كبشة غجر.
ثريا : حاضر (تخرج).
حسن : بس دي مالها يا والدي، إحنا عايزين نجيب أبو النواس ده علشان ننشف دمه زي ما نشف دمنا.
مشقاني : إيفت لك حق.
حسن (لأحد العساكر) : إنده لنا أبو النواس الملعون ده اللي هزَّأنا ولا اختشاش على عرضه.
عسكري (للخارج) : يحضر أبو النواس الغجري.
جندي (يدفعه) : خش هنا (يدخل مع أبو النواس).
ابو النواس : إيه ده خليكو ذوق يا غجر، داهية تلعن اللي مشغلينكم.
مشقاني : ها ها ها.
أبو النواس : آه السلام عليكم.
مشقاني : سلامات احترامات خزعبلات بلوفات مش لازم يا كلب.
أبو النواس : من أصلك يا فندم.
مشقاني : اخرس غشاشين دجال مكر خبيث أسود غطيس، مناخير فطيس.
أبو النواس (يمسك بأنفه) : هه، أنا اللي مناخيري فطيس!
مشقاني : إيفت.
أبو النواس : طيب الله يسامحك برضه، بس ماتشخطش كده.
مشقاني : إخرس.
أبو نواس : بس طوِّل بالك، خد نفسك وأنا أفهمك الحقيقة.
مشقاني : حقيقات معروف إن حضرتكم شيخ تعابين دجالين غجر تتر نور.
أبو نواس : ماهو ده مفهوم بس أصل الحكاية دي إن ابنك …
مشقاني : إخرس موش كلم يا كلب.
ضابط : عائلة الأمير خصيب أهم جايين أهم.
زياد : الحمد لله يا بني، أدنت حاتشوف عروستك الحقيقية وتتفرج على نقاوة أبوك.
أبو نواس (يدخل مديرًا ظهره لهم ومُتكلِّمًا للخارج) : جمدي قلبك يا صبيحة (وتكلم زياد وزعيط اللذان يدخلان معه) أهه ربنا خلصنا (يلتفت) أنا يا جماعه الأمير خصيب … ﺧﺼ… ﺧﺼ…
ابن الأمير (وقد رآهم) : آه، هو أنتم.
ثريا (على حدة) : آه، هو هنا.
زعيط (على حدة) : إيه ضرتي هنا.
أبو نواس : انظبطنا والحمد لله.
ابن الأمير (وقد ذهب نحو أبو نواس) : أظن المرة دي مابقاش هزار، ولا تقلدش الأمير خصيب ولا بنتك تمثل دور الأميرة صبيحة.
ثريا : لا أنا مثلت الدور ده صحيح بإتقان، ولكن تركته لما اعتقدت إن تمثيله موش في محله. ولا يليقش لواحد زيك واحدة زيي.
ابن الأمير : إيه بتقولي إيه؟
أبو نواس (لثريا على حدة) : طوِّلي بالك أما أهدي عصبيته (عاليًا) اسمع مني كلمتين من فضلك يا نسيبي.
ابن الأمير : نسيبك أنا نسيبك أنا؟!
أبو نواس : إنت دلوقت صحيح موش نسيبي، ولولا ذمة حضرتها كنت وقعت وبقيت نسيبي، وأنا أقول لك يا نسيبي إن بنتي دي موش هي المذنبة ولازم تسامحها، وخلِّي الذنب كله عليَّ أنا، بس طول بالك وهدي دمك شوية وخلِّينا نتلكم مع بعض.
ابن الأمير : إيه؟
زياد : شوف الراجل ياخوي بيقول نسايب برضه كده بسداغته، بقى انت عاوز تقول إيه دلوقت؟
أبو نواس : أنا عاوز أقول إن الحب هو اللي أصل اللخبطة دي كلها.
ابن الأمير : يا سلام.
أبو نواس : أيوه، لأن بنتي دي كانت بتحبك لدرجة الجنون.
ثريا : لا يا بابا ماتقولشي كده.
أبو نواس : أيوه كنتِ بتحبيه حب بدنجاني بلاش إنكار.
زعيط : بتحبه إيه، دي مابتحبش غيري أنا.
أبو نواس : أيوه من قلة الحيلة، وكنا دلوقت حانكتب كتابهم على بعض.
زياد : ولكن احنا موش في كده، إيه اللي عملتوه في الأمير خصيب والجماعة اللي وياه؟
أبو نواس : ماعملناش فيهم حاجة، غايته حبسناهم هنا.
ابن الأمير : بقى لازم هم الجماعة اللي كانوا هنا؟
زياد : أيوه والراجل العجوز ده هو اللي جه في القصر، وقال أنا الأمير خصيب ولا صدقتوش.
أبو نواس : أيوه يا مولاي هو خصيب بنفسه.
زياد : إخص على تغفيلي قال وأأمر بحبسهم قال.
أبو نواس : معلهش دلوقت يفرح.
زياد : يالَّه خدوهم واحجزوهم عندكو لحد ما أطلبهم، أما أروح أطيب خاطرهم المساكين (يخرج).
أبو نواس (لزعيط) : والله طبينا يا حضرة وقعتنا بقت زلق.
ثريا : لا ماتخافوش يا بابا يمكن ربنا يخلصنا.
أبو نواس : يا نسيبي اعمل الواجب، وراعي حقوق النولافيش فرق بينكم أبدًا بردونسب مايصحش.
ابن الأمير (للعساكر) : إنتم ماسمعتوش الأوامر؟
أحدهم (يعترضها) : لا لا استنَّى شوية من فضلك.
ثريا : أنا.
ابن الأمير : أيوه دلوقت بقينا لوحدنا.
ثريا : لوحدنا يعني إيه؟
ابن الأمير : يعني ماعندكيش كلام تقوليه لي أبدًا؟
ثريا : وحاقولك إيه يا مولاي؟
ابن الأمير : يعني دلوقت أدنتي وقعتي في قبضة إيدي، وكلمة واحدة مني تخليني انتقم منك زي الجماعة التانين، فاهمة؟
ثريا : صحيح يا مولاي (تضحك) هي هي هي.
ابن الأمير : إيه إنت بتضحكي موش خايفة؟ وإيه اللي يطمنك على نفسك بالشكل ده؟
ثريا : اللي طمني على نفسي علم المستقبل يا مولاي.
ابن الأمير : إيه إنت تعرفي في العلم ده؟
ثريا : ماعرفش إزاي يا مولاي وأنا من خاص الغجر؟! ناولني إيدك كده.
ابن الأمير : إيدي؟
ثريا : أيوه علشان أقرأ لك اللي فيها، وأؤكد لك إنك ضروري سامحتني.
ابن الأمير : يا سلام (لوحده) دي حلوت البنت في نظري أكتر من الأول.
ثريا : ورِّيني كفك أمال.
ابن الأمير : اتفضلي.
ثريا (وقد مسكت بإيده وقرأت) : مكتوب هنا في كفك إن جنابك حتأمر بأن يطلقوا سراح أبو نواس أبوي وعريسي زعيط دلوقت حالًا.
ابن الأمير : لا لا يستحيل، وأنا أحلف لك.
ثريا : لا لا ماتحلفش، أنا أؤكد لك إنك حتأمر بالإفراج عنهم دلوقت حالًا.
ابن الأمير : إزاي ده؟
ثريا : يعني ماتتذكرش حضرتك الليلة دي اللي هاجمتك فيها عصابة من النور، وكانت أشكالهم فظيعة خالص؟
ابن الأمير : آه، أيوه متذكر.
ثريا : يعني حضرتك كنت حاتروح بلاش لولا وجودي أنا، وخلصتك منهم ونجيت حياتك.
ابن الأمير : لا ده كلام فارغ، لأني طلبت منك في القصر إنك تذكري لي الكلام اللي قلته لك وقتها، ولا أمكنكيش تقولي، وعايزة دلوقت حضرتك تغشيني بكلامك الناعم ده؟
ثريا : أنا أغشك أنا؟!
ابن الأمير : طيب تقدري تقوليلي أنا ساعتها قلت لك إيه؟
ثريا : قلتلي إذا كان يحصل لك حاجة بطريق الصدفة، وتلزمك خدمتي أنا مستعد لكل خدمة، وإنك يستحيل أبدًا تنسى إنك مديون لي بحياتك، وأظن إنك أمير من الأشراف، والشريف ماينساش وعده أبدًا.
ابن الأمير : أيوه صحيح، وحيث ثبت لي دلوقت إنك منقذة حياتي، إنت دلوقت حرة وتروحي مطرح مانت عايزة، إنت وأبوك.
ثريا : ومين؟
ابن الأمير : نهايته والتاني راخر، ولكن لازم دلوقت تديني إيدك زي ما اديتك إيدي.
ثريا : إيدي أنا؟
ابن الأمير : أيوه ضروري.

لحن

حسان :
لا قلبي ملكي ولا في إيدي
حتى أوهبولك برضاي
أهو تطلبي مهما تريدي
إلَّا عواطفي وهواي
غيرك سبق وأنا خالي
وشبك فؤادي وراح
وانتي اعطفي على حالي
وسماح لعذري سماح
ثريا :
يا شبكتي في الهوى يا عذابي
ترضى انت فرقتنا الاتنين
ويخلصك تجني على شبابي
آه لو كانتشي رمتني العين
حسان :
ياما أصعب الحيره يا ربي
وأنا زي مركب بين بحرين
لو كان يصح أنزع قلبي
كنت أقطعه وأقسمه نصين
زياد : تعالى يا أمير خصيب تعالى (ويدخل لاروش وسكرتيره وصبيحة، يرى ابنه وثريا متعانِقَين) يا خبر إيه ده؟!
ابن الأمير : أرجوك السماح يا والدي، قلبي تغلب على عقلي، أنا بحبها باعبدها، ولازم أتجوزها وهي دي اللي بابحث عنها.
خصيب : إيه الكلام ده تتجوز واحدة زي دي من الغجر؟!
أبو نواس (داخلًا وخلفه الجميع) : ماتقولشي من الغجر من فضلك، الحقيقة البنت غير كده، دي أميرة بنت أمير من نسل إماره، والدليل على كده بص الشورة دي.
خصيب : شورة؟
أبو نواس : آه لو ألاقي النص التاني.
خصيب : ورِّيني من فضلك (يتناولها) آه سنِّدوني ياهوه، حاقع من طولي.
أبو نواس : الله ده جرى له إيه، ده باينه اتلبس.

(الجميع يحتاطون بخصيب ويسندونه.)

خصيب : في جيبه.
أبو نواس (وقد أخرج نص الشورة من جيبه) : أهه النص التاني اللي بقالي سنتين بدور عليه، يا فرحتي يا فرحتي (ويضعهم جنب بعضهم على ترابيزة ويقرأ) ثريا بنت الأمير خصيب اليمني، بقى ثريا تبقى بنتك انت؟
الجميع : بنته؟
خصيب : أيوه بنته، ولها حكاية غريبة.
لاروش : البنت دي خلِّفتها من جارية شركسية ملك يدي، ومن خوفي من مراتي الشرانية وغيرتها، أخدتها ورميتها في الخلا بعد ما ربط على حزامها نص الشورة دي عليها متين دينار.
ثريا : يا فرحتي يا فرحتي!
ابن الأمير : والله ما حد فرح قدي.
خصيب (لابن الأمير) : ودلوقت يا أمير فلان، حيث إن ثريا دي بنتي وحبيتوا بعض الحب الشديد ده، أنا قبلت إنك تتجوزها بدال أختها دي (لبنته صبيحة) وأما انتِ يا بنتي أنا حجوزك لسكرتيري اللي أنت بتحبيه ومايله لجوازه.
ابن الأمير : آه ثريا آه.
سكرتير خصيب (لصبيحة) : آه يا صبيحة آه.
أبو نواس : وانت يا زعيط، خلي اللي أتأمَّر يتأمَّر ويالَّه بنا نشوف ربابتنا وتغجرنا واحنا برده في وشهم.
زياد : لا لا، حيث إننا دلوقت نسب وزي عيلة واحدة، إنتوا حاتفضلوا عندنا معزَّزين مكرَّمين طول حياتكم.
أبو نواس : يعيش الأمير.
الجميع : يعيش الأمير.

لحن الختام

الجميع :
أهو الليله دي فرحنا تمام
يا محلا تعاديل الأيام
بدل عريس عندنا عريسين
نزفهم جنب عروستين
وادحنا بعد اللي شفناه
فهمنا حكمة صنع الله
ماحد ياخد مهما يجاهد
غير اللي مقسوم له في دنياه
١  في نسخة مخطوطة المسرحية التي بين أيدينا، والمكتوبة على الآلة الكاتبة، سقطت الصفحة الثانية. حيث إن هذا الموضع هو نهاية الصفحة الأولى، بعدها مباشرة الصفحة الثالثة؛ لذلك وجب التنويه.
٢  يوجد هنا سطر ممسوح؛ حيث اعتمدنا في نقل هذه المسرحية على نسخة مُصوَّرة لم يظهر فيها هذا السطر. والنسخة مكتوبة على الآلة الكاتبة.
٣  يوجد هنا سطر ممسوح؛ حيث اعتمدنا في نقل هذه المسرحية على نسخة مُصوَّرة لم يظهر فيها هذا السطر.
٤  يوجد هنا سطر ممسوح؛ حيث اعتمدنا في نقل هذه المسرحية على نسخة مصورة لم يظهر فيها هذا السطر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤