رواية مافيش منها

كوميدي أوبريت ذات ثلاثة فصول، بقلم الأستاذ بديع أفندي خيري، العرض الأول بتاريخ ٢٤ / ٤ / ١٩٢٩

الفصل الأول

(المنظر: صالون في منزل عثمان أفندي.)

لحن الشيالين

(يدل معناه على أنهم رتَّبوا جهاز العروسة، وأخذوا أجورهم بسخاء ويتمنون السعادة للعروسين ثم ينصرفون.)

الشيالين :
الفرش حرير يا زينة
والطقم لاكيه يا زينة
والكوز الزير يا زينة
لزمتهم إيه يا زينة
والهون والجرن
وبلاطة الفرن
والمنخل والفلاية
والمنفاخ والدفاية
والصناديق حمرة وصفرة
وأودة نوم أفرنجية
وبدال ترابيزة السفرة
جايبين شلته وطبلية
وصدق من قال
في قديم الأمثال
الدقة تقول للدقة
عمر الفلح ما يترقى
القصد يا حاج إمام
مالناش في المسألة حشرة
دفعوا لنا الأجرة تمام
وفوقيها حتة بعشرة
وبحبحونا وريحونا
يجعلها جوازة مبروكة
للبربري ولست الدار
والحساد في عينهم شوكة
أيو الله بجاه المختار
الفرش حرير يا زينة
والطقم لاكيه يا زينة
والكوز الزير يا زينة
لزمتهم إيه يا زينة
شحتوت (داخلًا وهو يغازل فرحانة) : آه يا كحكة، يا سكر انتي بلدنا يا موز خالص.
فرحانة : ماتختشي بقا يا شيخ، بلاش معاكسة أمَّال يا شحتوت.
شحتوت : يا روح شحتوت، يا بطارية نور عينين شحتوت، يا زر مفتاح كهربة مراوح قلب شحتوت.
فرحانة : اسمع والنبي، خلينا في الجد، ماعنديش وقت للهزار.
شحتوت : مايهمش، أنا عندي وقت، باحبك يا فرحانة.
فرحانة : ديهدي.
شحتوت : مادهداش ولا حاجة، هو احنا مش بلديات، إخص عليكي.
فرحانة : وهو بقا عشان ماحنا بلديَّات تقوم انت خلاص تخليها خل، وأنا بس لوحدي اللي بلديَّاتك، مافيه عشر تلاف واحدة غيري كلهم بلديَّاتك زيي.
شحتوت : ومستعد أنا راخر أدوب فيهم العشر تلاف، هو كتير يعني عالقلب لما يدوب في عشر تلاف حرمة!
فرحانة : دلوقتي فضنا من كده، مش ده اللي أنا جيه هنا عشانه، إنت قلت لي إن سيدك عثمان أفندي حايتجوز النهارده، وللسبب ده عزمتني مخصوص لأجل ماتفرَّجني على جهاز العروسة.
شحتوت : حافرَّجك حتة حتة، بس عالمهل كده مش حمري جمري، أهو الوقت قدامنا طويل، وكمان لأجل بختك الدنيا رايقة، لا حد ولا محتد، سيد عثمان أفندي مسافر من ليلة إمبارح يجيب العروسة من بلدها ولا يرجعش النهارده قبل الساعة حداشر.
فرحانة : ويا ترى حلوة العروسة يا شحتوت؟
شحتوت : حلوة وحشة هي مش كتَّر خيرها كمان اللي رضيت تتجوز عريس بربري زي ده.
فرحانة : بربري لكن عقبال الحبايب، مرشوش وكسِّيب ومالك وقته.
شحتوت : هو من جهة كده — صحيح سبحان العاطي، إسود الوش — أقل سعر بيطلع له من شركة السباخ اللي هو عامل فيها وكيل بعشرين تلاتين أربعين أهيف.
فرحانة : وطبعًا العروسة دي لازم أهلها ناس متيسَّرين.
شحتوت : أهم زي حالتنا فلَّاحين من بتوع الدقهلية، بس يعني صحابات أطيان وأملاك، أبوها لوحده عم الحاج شاذلي يِحْتكم له على تلات بوابير طحين وستين فدان.
فرحانة : والله عرف ينقِّي عثمان أفندي. اسمع يا شحتوت، إن لزمهم بعد الجواز خدَّامين زيادة، تبقى وحياة عينيك ماتنسانيش، هه.
شحتوت : ليه بقى؟ هو انتي يا فرحانة طلعتي من عند الدكتور زعتر؟
فرحانة : ماطلعتش لكن …
شحتوت : آه، مانتيش مبسوطة يعني، فيه انزباط في العيش واللحمة والتناتيش والتحابيش.
فرحانة : وغير كده راجل حمقي ولسانه طويل، يشخط وينطر والبعيد سحنته مقلوبة وغيَّار موت على الست بتاعته.
شحتوت : مش البت الأفرنجية اللي اسمها …
فرحانة : فيفي.
شحتوت : هي مش أصلها كمريرة عنده في البيت، يرحم زمان.
فرحانة : لكن اتجوزها دلوقت وخلاص.
شحتوت : أسكتي بقا ماتخليش الواحد يتكلم.
فرحانة : عارفة اللي انت عايز تقوله، ماهو كله على يدي، يوماتي على الله يطلع من هنا وتتذوق بسلامتها وتتغندر وتنَّها خارجة، لكن على فين، أهو ده اللي ماحدش لسه فاهمه.
شحتوت : أنا مديكي حق، بيت زي ده، مايصلحلكيش أبدًا تقعدي فيه دقيقة واحدة، أيوه، ده شيء يفسد تربيتك دانتي واحدة م المخدرات.
فرحانة : قد إيه بأصلي من ربنا يا شحتوت يجعل لي قسمة في بيت ويكون فيه (مُطرِقة بخجل) واحد من بلديَّاتي.
شحتوت : يا حوستي ياني عالبيت الشعر اللي في المحسوس، يا عواطف، يا خارجة يا بنت اﻟ …
جمعة بك (داخلًا في يده صندوق كارتون) : حمار … عربجي قليل الأدب.
فرحانة (مذعورة) : يا ندامتي، ده مين ده؟
جمعة بك : تلاتة صاغ مش عاجبينه! يتفلق … مشوار ما يستغرقشي ساعة ونص.
شحتوت : سيبك منه، ده راجل معبوط ودهوان فوب … اسمه عم جمعة بك، يبقى حضرته خال العروسة.
فرحانة : أخش فين قول لي قبل ما يشوفني.
شحتوت : هو ده بيشوق قد كده، وأطرش كمان وحالته مضعضعة.
فرحانة : أمرك.
شحتوت : خدي بالك أهو (يتجه إلى جمعة بك) إنت يا هباب الطين انت (يخاطبه على مسافة).
جمعة بك : ورحمة الله يا بني وبركاته.
فرحانة : يا ندماتي، بركاته إيه المنيل، وسيدك عثمان أفندي بيطيق يتكلم مع ده إزاي؟!
شحتوت : دلوقت مايعرفش إنه أطرش، لسه يدُوبَك، يومين تلاتة، وأنا لولا خدت وادِّيت ويَّاه قبل كده ماكنتش رضيت على فرحانة (إلى جمعة) وإيش حدفك علينا الساعة دي يا …؟
جمعة بك : حفظت أشكرك، لسة شارب تلات فناجيل دلوقت.
شحتوت (إلى فرحانة) : هه، جالك كلامي (إلى جمعة) قَطَعت علينا الحديث اللي زي الشهد، جتك البلا في جِتتك.
جمعة بك : أنا وانت يا بني وكل مشتاق للفرح أيوه الله.
شحتوت : إن شاء الله انت لوحدك يا بعيد.
جمعة بك : لا والنبي، عافيني، ما أقدرش أبدًا، حتى متغدِّي وشبعان والحمد لله، (على حدة) آدي الخدَّامين صحيح ولد مؤدب (إلى شحتوت) هي العروسة ماوصلتش لسه؟
شحتوت (بصوت عالي في أذنه) : زمانها في الطريق يا عم جمعة بك.
جمعة : عظيم، وحيث كده خدي هنا لما أقول لك يا شاطرة، تعرفي تشيلي الصندوق ده، بس بشويش خالص اعملي معروف لحسن ينطبق، دخليه جوه، في أودة العروسة، أيوه هديَّة مشيَّعاها بنتي أنا.
فرحانة : حاضر (على حدة) أهي دي فرصة لأجل أتفرج بالمرة عالجهاز عقبال ما يهادوك كده بالكفن عن قريب (تحمل الصندوق وتخرج).
شحتوت (إليها وهي خارجة) : ثالث أودة على شمالك يا فرحانة.
جمعة : أهو والسلام شيء يجبر الخاطر. مروحة من شغل الهند فيها نوع من ريش النعام مايتوجدشي أبدًا إلَّا في بلاد زنجبار.
عثمان (من الخارج) : أيوه قلت لك، حل الحصان من الكارتة يا نور.
شحتوت : دهدي، حتى عثمان أفندي، إيش جابه دلوقت قبل الميعاد؟
جمعة (يخرج من جيبه جرنال) : لما تتطمن على بورصة القطن، أما لو يتلحلح كمان ريال بس.
عثمان (داخلًا) : أحسن أعوذ بالله، ده كان مشوار معقد، وأنا الحق عليَّ كمان اللي أركب حصان، عينيه فارغة، لا مخلي طول السكة زعازيع قصب وقشر بطيخ ابن الكلب، برنيطة قش يعتر فيها واحنا جايين، يقوم بأسنانه ولا ينفعني منها غير الجثة دي (بيده القبعة).
شحتوت : حمد الله ع السلامة يا سيدي.
عثمان : هس خليني في حالي انت راخر، بلا سلامة بلا مورتادلا، صباعي يا حفيظ حايتفرتك من الحرقان، خش اجري قوام ناولني قزازة صبغة اليود من جوه.
شحتوت : أخ، كفى الله الشر، فيه إيه طالع لك فسفوسة؟
عثمان : ياخي جك فسفوسة في قرعة أبوك، حاتضرب لي محدث ماترغيش قلت لك. الحقني اخلص (يخرج الخادم) أف، دي شوكة إيه دي اللي زي … يا هوه.
جمعة (وهو يقرأ الجرنال) : يا مغيث يا رب، ده نحس إيه الدكر ده! أعمل فيهم إزاي يا عالم؟!
عثمان : دهدي، بسم الله الرحمن الرحيم، هو فيه حد هنا والَّا إيه؟
جمعة : ريالين مرة واحدة! كان الواحد زرع فول، آل قطن آل.
عثمان : آه ده الراجل إيَّاه اللي قالوا لي عليه يبقى خال عروستي، الظاهر إن القطن لخبط كيانه خالص (مُتجِهًا إليه) أهلًا وسهلًا، أتاري البيت منور (يمد يده للسلام فيتنبَّه جمعة ويهمُّ فيعانقه).
جمعة : مين، عثمان أفندي، تعال أما أبوسك تعالى مبارك يا بنت أختي مبارك، عريس، إن شاء الله يا بني.
عثمان : ربنا يحفظك (على حدة) أسفخص، هو يعني فرض لازم البوس، اللي يعرف ده، ريحته بدنجان مخلل (إليه) طيبون إزاي حضرتك كده؟
جمعة : كتر خيرك، ما أشربوش.
عثمان : هو إيه ده ياخويا اللي ماشربوش؟! الراجل من بلوة القطن عقله كده ليه!
شحتوت : القزازة اللي عندنا يا سيدي لقيتها فاضية (وهو يقدمها بيده).
عثمان : فاضية! غور، فضيت حبابي عينيك ومستنِّي إيه يا بارد؟ صباعي ملهلبني م الصبح. امسك أدي حتة بخمسة، طير عا الأجزخانة قوام (يخرج) خدَّامين بالبلا، داهية تسم لي (إلى جمعة) حضرتك آنستنا.
جمعة : أي نعم، عمرك أطول من عمري، ما هو ده اللي كنت عايز أسألك فيه بالضبط؛ لأني اتوغوشت من تأخيرهم لحد دلوقت.
عثمان (على حدة) : ليه الخترفة دي؟ الراجل دماغه مش ويَّاه أبدًا، القطن مجننه خالص (إليه) مافيش لا سمح الله وَغْوَشة ولا حاجة، كلها مسافة نص ساعة وتكون الزفة وصلت على هنا بالعروسة والمعازيم والكل كليلة.
جمعة : يا خبر! ما تقولش كده يا عثمان أفندي، هي المسألة بالبياض والسواد؟
عثمان : بياض مين وسواد مين؟!
جمعة : إخص عليهم يقلوا حيَّاهم ازاي؟ ويقولوا كلام فارغ زي ده؟ معلش امسح العيبة دي في دقني، ما يكونش عندك زعل أبدًا.
عثمان : لا حول الله، يا ريته ما كان زرع ولا قطن ولا دياولوا، أكلِّمه في الشرق يرد لي في الغرب (إليه) هو أنا قلت لك إن حد جابلي سيرة بياض والَّا سواد يا أخينا، دول الناس حتة الشهادة لله قابلوني بالحضن وشالوني في البلد على كفوف الراحة (على حدة) أنا زي اللي باتكلم مع طرش.
جمعة : فشر قطع لسانهم، وكيل شركة الصباخ حاجة صغيرة دول بهايم. الصباخ اللي عليه جدار الزراعة، الصباخ اللي كسب دهب أحمر، هي الأرض إن ماكنتش تنصبخ يا مبارك …
عثمان (على حدة) : يظهر يا مبارك موش حايتصبخ إلا حضرتك النهارده. إخيه دي ما اظنش حكاية قطن ولا توهان أفكار، دي لازم لحسة جات له.
شحتوت (داخلًا) : بتلاتة ونص صاغ أهه (يعطيه زجاجة) وآدي الباقي (يقدم نقود).
جمعة : الله يكسفهم الجماعة ناس قلالاة الحياء، قال يستعروا من سواد وشه قال!
عثمان : وبعدين يعني في اللطخ ده اللي حايفوَّر دمي كده من غير مناسبة.
شحتوت : يفوَّر دمك! وهو ده يندق عليه موش بعيد عنك أطرش؟!
عثمان : إيه، أطرش (إلى جمعة) يخرب بيت أبوك، وأنا زي الحمار عمال أقلب مخي ويَّاك الفاضي وراخر المغفل نسيبي لما عرَّفني بالفاميلية ماكانش يفنَّط لي الطرش اللي فيها والعواجز والأصناف الخردة اللي زي دي (يناوله الزجاجة) خد امسك، أدلق شوية هنا على صباعي بس بشويش (وهو يتألَّم) آه ياني يا عقلة صباعي ياني، وصباعي أنهو صباعي اللي بألعبه تحت الأكل!
شحتوت : يا وِلداه! جرح باين عليه صعب، وده كان سببه إيه يا ترى؟
عثمان : سبب مطيِّن، وأنا جاي على هنا دلوقت وسايق الكرتة على آخر سرعة في وسط السكة الزراعية اتنطر الكرباج مني وراح طاير بعيد.
شحتوت : يا خسارة دي كانت إيده فاضية.
عثمان : ما هو علشان كده ماهانش عليَّ راخر، والإنسان داخل على جوازه جديدة، ومين عارف مؤدَّبة موش مؤدبة يمكن الإنسان يحتاج له. ما علينا وقَّفت العربية ونزلت أدوَّر عليه، وفين وفين لما عترت فيه. متلفح ع الجسر ومغروس في وسط القش والحلقة، بس با أمد إيدي علشان أجر الكرباج وتروح شاكاني في صباعي حتى ملاية تقول للصواريخ قومي.
شحتوت : وأنا أقعد بدالك أجرنك بتتوجع.
جمعة (وهو يقرأ الجريدة) : يا ستَّار يا رب، ده خراب مستعجل حتى أمريكا روخره تضرب السوق!
عثمان : جاك عقربة تلوشك. أنا أخدت الكرباج ورجعت أدوَّر على الكرته مفيش كرته.
شحتوت : أزاي بقى؟ صعَّبتها.
عثمان : ماصعَّبتهاش ما أنا جاي لك، فضلت ألف يجي نص ساعة لحد ما استدليت عليها، وتعرف لقيت الحصان الفجعان بياكل في إيه؟
شحتوت : في إيه يا ترى؟ في زبالة؟
عثمان : في برنيطة قش ومزروعة كده بريش نعام لكن مفتتها حتت (يُخرِج من جيبه قطعة من برنيطة قش مزخرفة بريش نعام في حالة تكسير).
جمعة (يكون قد اقترب منهما) : ده ليه ياخوي الريش الملون ده؟ عن إذنك يا جوز بنت أختي، ورِّيني يا سلام! تمام زيه (يتناول القش).
عثمان : بيقول إيه النطع ده؟ هو فاهم حاجة بس؟
شحتوت : خلقته كده، يحشر نفسه زي العمل الرضي.
جمعة : الصنف هو مظبوط، بالك الريش المصبوغ المكسر ده يا جوز بنت أختي …
عثمان : نعم.
جمعة : النعام بتاع زنجبيل فقط، اسأل مجرب تعرف يا جوز بنت أختي أنا جايب …
عثمان (مقاطعًا) : ياخي ده انت رغاي داوشتني (يتحول عنه) أعوذ بالله، ده إيه الحمة ده! أنا عارف ليه ربنا ماكانش يخلقه أخرس.
شحتوت : هات يا شيخ كده (يجر القش من إيده).
جمعة : غريبة هم يا خوي محموقين كده ليه؟ الظاهر إنهم موش ريقين لي الساعة دي. أنا واصل يا جوز بنت أختي لغاية بره بس مسافة ما تكون وصلت الزفة وراجع تاني (يهمُّ بالخروج).
عثمان : يا سيدي اتفضل، طريق الموت اللي يلمك ويجعل لك في خطوة خرارة.
جمعة (وهو خارج) : جمعًا يا بني ربنا يسترك … بني آدم الحق لك عثمان أفندي ده.
شحتوت : وأنا تعوز مني حاجة حضرتك؟
عثمان : لا روح شوف شغلك.
شحتوت : عن إذنك أمال (يخرج وفي يده قش البرنيطة).
عثمان (وحده) : أنا موش فاهم ليه داخل عليَّ وهم الجوازة الفلاحي دي، الواحد بيقول إن أهلها ناس دافينين، لكن منظرهم كمان بيفضح قدَّام العالم؛ اللي بيجرر في بلغته واللي متشعلق لي في دقنه وحاجة مزبلاوي خالص. أنا عملت عين الجد في الاختراع ده اللي اخترعت لهم بالكدب لأجل الكتاب ماينكتبش هنا في البيت واتهزأ في وسط الجيران وأهل الحتة معلوم أهم صدقوا إن صاحب الملك اللي أنا ساكن عنده متوفي مالوش جمعتين لجل ما تبقى معقولة كون الفرح يتعمل في أيها بيت من بيوت قرايبي وننتهي.
المتر فرفوش (داخلًا ومعه فيفي براسها عريانة) : خشي يا عزيزتي تعالي أنا أعرف شغلي ويَّاه وياي أجعص منه كمان.
عثمان : أصله إيه ده يا خوي بيقول على مين؟ (إليه) إنت يا سيدنا عايز …
فيفي : هس، إنت المسئول مالناش دعوة، ليلتك سودة.
عثمان : إزاي بقى؟ يطلعوا مين دول يا ترى اللي ما شفتهم قبل كده؟
المتر : اتقفشت يا حظ.
فيفي : كنت بتحسبنا موش حانلحقك بالأوتومبيل.
عثمان : الناس دول لازم مجانين، مانيش قادر أفهم إيه المناسبة للكلام ده.
المتر : أقعدي يا مدام (يقدم لها كرسي).
عثمان (على حدة) : تقعد، هم ناويين يلزقوا هنا؟ شيء بارد الزفة دلوقت جاية!
المتر : يا حضرة المحترم انت من إيمة ساعتين دلوقت كنت سايق كاريته على آخر سرعة في طريق السكة الزراعية.
عثمان : نعم وحضرتك من قلم المرور؟
فيفي : والكارتة دي حصانها بالأمارة أحمر على أبيض.
عثمان : أحمر والَّا أخضر موش الغرض، إيه الحصان عاجبكم؟ تحبوا تشتروه؟
المتر : وكنا احنا الاثنين أنا والمدام قاعدين هناك نتريض في الهوا الجميل والبرنيطة بتاعة الست …
عثمان : برنيطة، آه قرَّبت أفهم.
فيفي : البرنيطة اللي ريشة واحدة منها بتمن حصانك، كنت معاها ومعلقها جنبي في الشجرة.
عثمان : غلطانة حضرتك، وتعلقها حضرتك في الشجرة ليه، هي الشجرة دي شماعة؟ (على حدة) بالتأكيد هي اللي كالها الحصان، وآدي مشكلة جات لنا من باب لله.
المتر : الهوا حرَّك الشجرة، البرنيطة طارت، تعرف مين لقاها؟
فيفي : الحصان بتاع حضرتك. الحصان الجعان. قليل الأدب فرتكها لي فتافيت.
عثمان : يا بنتي لكي عليَّ تحت ما عمل كده، أرنه لك الليلة حتة علقة تورَّم جتة أبوه.
المتر : ده موش كفاية.
عثمان : أمَّال يعني أوديه اللومان؟ أعقد له مجلس تأديب؟ أنزِّله درجة يرجع حمار؟!
المتر (وهو يقرب الكرسي بشدة) : يا مسيو موش ده اللي احنا عايزينه.
عثمان : الكرسي حاتحلقه؟ الله! ده شيء غريب، هو أنا اللي كلتها بتحتد عليَّ.
الحاج شاذلي (من الخارج) : أيوه عقبال عندكو اتفضلوا يا بلادينا، يا ليلة يا ليلة بيضة.
عثمان (على حدة) : أخ، ده نسيبي، بس بقت زحل.
فيفي : إيه حد جاي؟
عثمان (على حدة) : أعمل إيه دلوقت لو شاف صاحبتنا دي؟ حايفتكر فيَّ طبعًا أفكار موش لطيفة. ده راجل ظنه وحش وعقله زي المسطبة.
الحاج شاذلي (من الخارج أيضًا) : ما شاء الله، ما شاء الله!
فيفي : قرقوش اسمع، أنا ما أقدرش حد يشوفني هنا لا يمكن يكون له معرفة بجوزي تبقى مصيبة.
المتر : يا حضرة المحترم إحنا موش حاننتقل من هنا، وزَّع اللي جاي لك ده وابقى اندهنا من الأودة اللي جنبك. خشي يا توتو (يخرجان إلى الغرفة التي إلى اليمين).
عثمان : تخش على فين بس، هي وكالة؟ أما تلاقيح يا اخواتي، أخ يا ناري بس إن ماكنتش خايف من قدام نسيبي (يدخل الحاج شاذلي ومعه فريق من الفلاحين، ويلاحظ أن الحاج شاذلي يحمل قصرية ريحان. ويقولون لحن فلاحي عن التهنئة بالعرس يشترك فيه عثمان).
الفلاحين :
يا نهار الهنا والعز
عثمان :
يا نهار الغم
الفلاحين :
والأكل الطعم أبو وز
عثمان :
كلتو السم
الفلاحين :
والبالوظة والبطاطس
والكازوزة اسباتس
أبسطها الليلة يا باسط
عثمان :
يبسطها منين يا حيطان
الفلاحين :
أبو عفان أشيته هاصت
عثمان :
أبدًا كدب دا وحلان
الفلاحين :
جايين فاتحين أوداننا
للسمع إلهي ألبي
من عبد اللطيف البنا
وسي صالح عبد الحي
والقانون الحلو يرن
والكمنجة المكن تزن
ويقول الصيت ويغني
إن ما كان ده يكون إن
عثمان :
يا حصان المخسوف
إن أكَّال البرانيط إن
الفلاحين :
إن ما كان ده يكون إن
إن ما كان ده يكون إن
إن ما كان ده يكون ده
إن ما كان ده يكون إن
عثمان :
نتشها بقا وبلعها حلقك ما كانش أملي الله يضايقك.
شاذلي : يا حلاوة على جوز بنتي يا حلاوة، قد إيه يا عثمان أفندي بيتك عاجبني ربع يا واد أنت وهو ربع. في الطراوة.
عثمان : آه دخلنا بقى في الجليطة، ما هو ده اللي أنا حاسب حسابه.
طلبه : دي النومة فوق البساط الناعم اللي زي ده ترد الروح، تجيش نكوع هنا حبتين يا حاج شاذلي؟
عثمان : إيه هو اللي يكوع الحمار ده! إحنا ماعندناش فضاء يا سيادنا، بدنا لسه نفوت على المأذون نجره معانا، ونروح سوا نكتب الكتاب في بيت قرايبي.
شاذلي : وعلى إيه ما تشيع له يجي هنا وخلاص.
عثمان : يجي هنا ازاي؟ وصاحب الملك اللي متوفي لسه طاظة مابقاش له حاجة، لما الجيران يسمعوا الزيطة والهيصة أودِّي وشي منهم فين؟!
شاذلي : مادايم إلا وجه الله، يعني هو كان بيرحمك في الأجرة ماتدقش يا أخي.
عثمان : إلا مادقش دي كمان، سبحان الله! ما تعرفش إن فصل زي دي يمكن ننطَّخ فيه علقة من قرايب المرحوم؟ (على حدة) إحنا في اللي جوه دول أعمل فيهم ازاي دلوقت؟ (إلى الفلاحين) قوموا بنا اتفضلوا بلاش عطلة، أيوه يالَّه نشوف حالنا من بدري، والا تحبوا نأجل الجوازة لقدام شوية.
شاذلي : إيه إيه، نأجلها؟! والعروسة الملطوعة تحت دي.
عثمان : أمال حيث كده مالناش وقفة هنا، ناخدها على بيت قرايبي، وبعد ما يتم كل شيء نبقى نرجع سكِّيتي على هنا.
شاذلي : عظيم، انزل معانا فوت بينا يا واد يا طلبة فوت. قدامنا يا عثمان أفندي.
عثمان (على حدة) : قدامهم فين، واللي مبلطين لي هنا دول؟ (إليهم) أيوه محصلكو حالًا بس على بال ما أخش أغيَّر الياقة دقيقة واحدة، اسبقوني لحد ما أجي.
شاذلي : ما تتأخرش، هه، العربيات تحت قدام الباب والحريمات زمانهم يستعوقونا شهِّل يا عثمان أفندي (يخرجون).
عثمان : أف، يا حفيظ، دول كابوس. القصد بركة اللي عرفنا نوزعهم، عقبال اللزقة اللي جوه روخره، أما نشوف لنا طريقة نضربهم بقى. اتفضلي يا مدام.
المتر (داخلًا ومعه فيفي) : شوف يا حضرة المحترم.
عثمان : خدنا بقى لا تشوف، اعمل معروف أنا دماغي موش رايقة لِللت والعجن دلوقت، يلعن أبو البرانيط على أبو الأحصنة على أبو النهار اللي زي بعضه ده.
فيفي : يعني إيه؟
عثمان : يعني تتفضلي انت وهو من غير مطرود، لأحسن بعدين موش حايحصل طيب، أيوه أنا راجل شراني وانتم مالكوش وجود هنا بالكلية، فاهمين؟
المتر : يا حضرة، اللهجة بتاعتك دي غير مؤدبة، إن ماكنتش حاتغيرها وتحترم مركزنا يكون في معلومك أنا محامي المادة ٦٢٤ عقوبات …
فيفي : وأنا من جهة تانية أفهمك إن الجوازة بتاعتك اللي احنا سامعين حكايتها من جوه، في إمكاني أخليها لك تتقندل في ظرف ٥ دقايق.
عثمان (على حدة) : تعمليها ولا حاجة مفيش طريقة غير كونها بالإنسانية.
شاذلي (من الخارج) : هو جرى إيه؟ ما تخلص يا جوز بنتي.
عثمان (داخلًا) : أيوه جاي أهه (على حدة) يادي الحوسة، يا ستي أنا في عرض أبوكي شوفي تستاهل كام البرنيطة أدفع لك تمنها وننفض.
فيفي (ناظرة باهتمام إلى الداخل) : آه، مين يا فضيحتي!
المتر : مالك بس قوليلي؟
عثمان : الله! جرى إيه تاني يا ربي؟
فيفي (إلى المتر) : بس شايف، موش البنت فرحانة اللي قاعدة هناك؟
المتر : أيوه، الخدامة بتاعتك هي بعينها ودي إيش جابها دلوقت هنا؟
عثمان : يا اخواتي مانيش فاهم حاجة أبدًا، ماتحكوا لي.
شاذلي (من الخارج) : إنت، يا أخينا، إنت يا عثمان أفندي.
عثمان (صائحًا) : أيوه خلاص، بس الكرفتة معاكساني شوية (إليهما) يا سيدنا الفندي، أنا من فضلك اتنين جنيه تحت أمرك أهم اشتري لها برنيطة جديدة.
المتر : جديدة مين وقديمة مين!
فيفي : بعد إيه، بعد الخدامة بتاعتي ما فقست كل حاجة.
عثمان : أنهي خدامة بس؟ الله ينكِّد عليك يا حصان الكلب.
فيفي : وماسكة في إيديها الحتة اللي فضلت من البرنيطة!
عثمان (ناظرًا للداخل) : دهدي، ودي مين صحيح اللي جوة دي؟
فيفي : يا مصيبتي اتفضحت خلاص! دلوقتي تقول لجوزي ومعاها الأمارة، الريش بتاع البرنيطة.
المتر : يا حضرة المحترم، يا إما تجيب الحتة اللي ماسكاها الخدَّامة جوة، يا إما البيت ده هيحصل فيه جناية عظيمة النهارده.
عثمان : يا عيني على الجوازة الفرايحي (وهو خارج) استنِّي عندك يا بت إنت، إيش جابك هنا في البيت ده؟ نتشتيها منين الحتة اللي في إيدك دي؟
فيفي : آه، روحي بقت في رجليه! جوزي يا أستاذ إنت عارف غيرته. إنت عارف فظاعته. حايمررني لو حد خبَّره. آه، حايدبحني دبح، آه آه (تكاد تقع).
المتر : الله فيفي، ما تعمليش كده أمال، أصلبي طولك.
فيفي : مش قادرة، إزاي أروح دلوقت من غير البرنيطة؟
المتر : نشتري واحدة بدالها حالًا بس روَّقي.
فيفي : أبدًا، الفن بتاعنا مفيش فيه زيه، لكن الريش الريش يتلاقى زيه منين؟!
عثمان (داخلًا وفي يده القبعة) : أهه يا ستي ما تزعليش.
شاذلي (من الخارج) : يا راجل إنت يا عثمان أفندي.
عثمان : أيوه، أنا ع السلالم أهو (لهما) وانت وهي يلا روحو من الشباك.
المتر : هس إخرس حاسب كويس. ما تلزمنيش أطلع الروفرفر (يضع يده في جيبه).
عثمان : روفرفر، روحنا في داهية.
المتر : كلمة واحدة اللي حقولها لك، واحدة فقط غيرها مفيش. حروح من هنا مستحيل لا أنا ولا المدام. من ساعة لعشرة ليوم الجمعة أدحنا قاعدين.
فيفي : أيوه لحد ما تقب وتغطس ببرنيطة زي دي تمام. الريش الريش هو الأهم. الريش.
المتر : والحتة أهي معاك. خشي يا توتو (وهما داخلان) يا البرنيطة يا الموبليا ندغدغها لك حتة حتة (يدخلان).
عثمان : ده شيء جميل خالص. اتجوزنا والكتاب انكتب والوقت بدري، والعمل إيه بقى في الشبكة المنيلة دي؟ مفيش حل غير كوني أطلع وانزل ببرنيطة زيها من تحت الأرض. معلوم والا تبقى جرسة لرب السما، لكن اللطوخ اللي قاعدين لي تحت دول أعمل فيهم إيه؟ حايفضلوا حايسين في رجلي ماطرح ما أمشي، زي بعضه، إن ما كسرت الكرباج على دماغه حصان الزفت ده.
شاذلي (داخلًا) : ده موش كويس كده. إحنا حريماتنا موش بتوع تلقيح في السكك. أهم يقعدوا هنا لحد ما ننزل سوا كلتنا. خشي إنتي وهي تعالي يا خديجة يا مباركة يا عيوشة يا زنوبة يا ستيتة.
عثمان : يا وعدي على البلاوي المسيحة يا وعدي (زغاريد وتدخل العروسة محاطة بالنساء الفلاحات وكذلك الرجال).

لحن ختام الفصل الأول

الفلاحات :
يا عروسة الليلة عمَّر
الفلاحين :
دوارك
الفلاحات :
وطبل طبلك وزمر
الفلاحين :
مزمارك
الفلاحات :
وولع فنارك
الفلاحين :
ميت ألف مبارك
الفلاحات :
تنسعدي هنا
بعدل وهَنا
ونشوف لك مواليد زحمة
جسدك يا قمر
ده عجين وخمر
سبحان من صبحه لحمة
عثمان :
دا الوقت إحنا في لحمة وعضمة
والا في وحستنا أم جناجل
آه يا خوفي لا تبقا لنا مصادمة
والمسألة يلحظها الراجل
الفلاحات :
يا خديجة أرقصي واتوصي
ويا زينب غني ورصي
حمام يا اسكندراني
حمام يا اسكندراني
حمام يا اسكندراني
عثمان :
غرقان حضرتي لوداني
ولا فيش منفد آه ياني حمام
الفلاحين :
يا اسكندراني حمام يا اسكندراني
عثمان :
خازوقين واحد براني
والتاني جواني حمام
الفلاحين :
يا اسكندراني حمام يا اسكندراني
عثمان :
تلاقيح كانت ناقصاني
ينعل أبو أمك يا حصاني حمام
الفلاحين :
يا اسكندراني حمام يا اسكندراني

الفصل الثاني

(المنظر: صالة فخمة الرياش – في الفوندو ثلاثة أبواب تفتح على غرفة الأكل – على الشمال باب يُوصِّل إلى الغرفة الأخرى – على اليمين باب للخارج – شباك في الشارع – عند رفع الستار تكون الأبواب الثلاثة في الفوندو مفتوحة ويظهر من خلفها غرفة الأكل وفيها بوفيه كامل المعدات.)

(لحن المعازيم – سيدات فقط – يدل معناه على أن صاحبة القصر وهي أنس الوجود هانم أقامت الحفلة لتوديع صديقاتها قبل سفرها لتقضي شهور الصيف في أوروبا.)

البنات :
ويَّاكي قلوبنا يا شابة
يا أصيلة قوي وعشريَّة
فايتانا ورايحة أوروبا
تتمتعي بالصيفية
راح توحشينا وتحرمينا
زيادة عن شهرين
من النظافة ودي الخفافة
مفارقتك عالعين
أنس الوجود :
أنا مهما الجسم يغيب
الروح تاركاها معاكم
يجعل ملقانا قريب
ويفرحني برؤياكم
البنات :
إن شا الله إن شا الله يا قبله
والنبي وعزيز راس أبوكي
لا نقابلك يومها مقابلة
في محطة مصر ملوك
والورد نجيبه في إيدنا
واليوم دا يكون يوم عيدنا
نتغندر لك
ونحضر لك
أوركستر شكله وجيه
يستلقاكي يوم بشراكي
بالمارش اللي في وسطيه
أنس الوجود : صدقوني وحياة غلاوتكم عندي، فرحتي الليلة ماتقدرش، رؤيتكم قدامي الكام ساعة اللي حانسهرهم دول … هي اللي حاتهون شوية بُعدنا عن بعض.
دولت : ويعني يا أختي، لو بلاش أوروبا السنة دي وتصيِّفي هنا في إسكندرية والَّا في راس البر مش كان أقرب.
أنس الوجود : ما هو يا عزيزتي لو عليَّ أنا ماكنتش سافرت خالص، ألَّا بقا الحكاية مش بس مسألة فسحة ولا تغيير هوا.
عزيزة : أمَّال إيه يا ترى؟ فيه داعي غير كده؟
أنس الوجود : البيه جوز أختي، عيِّنته الخارجية من قيمة خمس تشهر سكرتير قنصلية في بلاد بره. وبقاله مسافر من يوميها لدلوقت، وكل ساعة والتانية يبعت الست بتاعته.
دولت : عشان تسافر عنده أظن.
أنس الوجود : وبالنظر لوكنها ماسبقلهاش سفريات زيي في البحر، شفت أنا من الأنسب مافوتهاش لوحدها وأهي حلوانة في سلوانة.
عزيزة : وخلاص يعني السفر بكرة بالتأكيد؟
أنس الوجود : طبعًا، قطعنا التذاكر وجهزنا كل شيء، لغاية حتى البرانيط اللي حانلتزم نلبسها هناك. أما حقة بالمناسبة دي عترت في حتة برنيطة من محل شيكوريل يا سلام، مافيش كده!
دولت : حلوة.
أنس الوجود : جدًّا، ولاكانش في المحل كله غير هي فقط م الصنف ده، الريش اللي هو فيها جنس تاني غريب خالص، ريش نعام من بلاد زنجبار، لدرجة إنها من حلاوتها شبطت فيها واحدة صاحبتي اسمها المدام فيفي، ومستحيل رضيت تنزل من عندي إلَّا وهي واخداها.
دولت : تعيشي يا حبيبتي وتهادي، إحنا على كل حال نتمنَّى لك السلامة.
الجميع : من كل قلبنا.
أنس الوجود : ممنونة قوي، مرسي، اتفضلوا بنا تعالوا في الصالون الجواني أسمَّعكم فوتوغراف بالكهرابا جايباه لسه جديد.
دولت : برضه يصح (يدخلن جميعًا).
خادمة (داخلة ومعها سوكة) : هو معاك الأفندي الرذل إسود الوش ده؟
سوكة : أبدًا، ولا أعرفه ولا عمري شفت سحنته قبل دلوقت.
خادمة : أمَّال يعني شايفاه بيرغي ويَّاك عند باب الجنينة، ومجرر وراه كبشة فلاحين زي الغنم.
سوكة : يظهر إنه واقف م الصبح يقررني؛ ده بيت الست أنس الوجود والَّا لأ؟ وهي هنا والَّا موش هنا؟ والواحد يقدر يقابلها إزاي؟
خادمة : أما شيء بارد!
سوكة : واشتريت برنيطة من عند شيكوريل والَّا ما اشترتش؟ ودفعت فيها كام وتستغني عنها والَّا ما تستغناش؟ والآخر من كتر ما فضل يدايق منافسي رحت لاعن له أبو أجداد أسلافه وتني داخل، على هنا أشوف …
الخادمة : العجيبة نفس الكلام اللي بتقول عنه ده هو بعينه اللي قال له أنا بالضبط.
سوكة : حيث كده ليه ما يكونشي يعني عامل مكياج زي اللي بنعمله عندنا في التياترو، النهاية ما علينا، خشي من فضلك أسألي لي الست.
الخادمة : عن إيه؟
سوكة : عن المنلوج اللي حالقيه الليلة قدام الستات، يكون قبل البوفيه والا بعد البوفيه، وعايزاه كوميدي والا درامتيك ورُدي عليَّ أرجوكي.
الخادمة : حاضر (تدخل).
سوكة : في الغالب موش حاتمد إيدها في ورقة أقل من ٥ جنيه، يعني في روض الفرج ماهية شهر، يبقى من رأي الجواب أتحفهم بدويتو إيه الدويتو الشهير (سكرة يني).
أنس الوجود (داخلة فتراه أثناء التمثيل يتمايل تمايُل السكران) : الله! إيه هو ده يا حفيظ! ده جاي عدمان من الضرب كده ليه.
سوكة (يلتفت فيراها) : مين؟ ست هانم!
أنس الوجود : ابعد يا شيخ ابعد، ريحتك أف (تسد أنفها).
سوكة : ريحتي، إزاي اشمعنى يا مولاتي، أنا شارب حاجة الدويتو كده، اسمه «سكرة يني» دي بروفة.
أنس الوجود : بروفة، آه بقى أنا شميت غلط.
سوكة : بعد البوفية حانقول الدويتو والا قبل البوفية؟
أنس الوجود : من حبة كده اسمحلي أقولك ما اقدرش أعين لك دلوقت.
سوكة : ولماذا التردد يا ذات العزة والأنس والطهر، ومن هي أزهي من الشموس في عز الضهر؟ (بلهجة واطية).
أنس الوجود : لا من فضلك تكلمني ملكي، أيوه، علشان نفهم بعض.
سوكة : قبل البوفية والا بعد البوفية؟
أنس الوجود : ده شيء يتعرف لما يشوف المطرب الشهير اللي احنا داعينه الليلة، عايز يغني قبلك، عايز يغني بعدك، هو حر.
سوكة : وجنابه يعني يبقى مين في الآلاتية بقى?
أنس الوجود : ده موش من مصر ده من تونس الغرب.
سوكة : آه، زي عطيل يعني.
أنس الوجود : وبيقولوا إن لونه حتى … أنا ماشفتوش لسه، إنما سمعت إن له اسم عظيم هناك، هدهد الربيع.
سوكة : ولما هو بربري، ما كانوا يسموه غراب الربيع.
أنس الوجود : وسي هدهد الربيع جاي فسحة في مصر زي السواح، ونازل عند جماعة بلديَّاته لي معرفة بيهم، قاموا كتَّر خيرهم لما بلغهم خبر الحفلة بتاعة الليلة …
سوكة : اترجوه يشنف مسامعكم.
أنس الوجود : وقِبل الرجا وزمانه دلوقت جاي، راجل أستاذ من الجماعة الفطاحل، واللي يدلك على غرابة أطواره كان سهران الجمعة اللي فاتت عند عائلة غنية جدًّا، تعرف آخر السهرة طلب منهم إيه؟
سوكة : ٣٠٠–٤٠٠ جنيه لازم.
أنس الوجود : أبدًا، فردة جزمة من جزم المدام صاحبة البيت؛ لأنه مغرم جدًّا بالرجلين الصغيرة.
سوكة : إخص، داهية تسمه. ماداهية ليقبضونا الليلة بالعملة البراتيشي دي.
خادمة (داخلة) : التليفون يا ست هانم.
أنس الوجود : مين؟
خادمة : الدكتور زعتر بيسأل عن مدام فيفي، موجودة هنا والا موش موجودة؟
أنس الوجود : أنا عزمتها صحيح لكن ماجتش لدلوقت، هو مستني على التليفون؟
خادمة : أيوه يا ستي.
أنس الوجود : بردون، دقيقة واحدة عن إذنك (للخادمة) تعالي (يخرجان).
سوكة (وحده) : مغنِّي إيه المغفل ده اللي يسهر بفردة جزمة! لكن مجنونة الفن، ما هي العبقرية دي حاجة في غاية المورستان.
عثمان (من الخارج) : هو انت خدام والَّا وكيل نيابة؟!
سوكة : مين يا ترى؟
خادم (من الخارج) : موش بس تقول لي اسمك إيه؟
عثمان (داخلًا) : إنت مالك يا بارد، اسمي والَّا صنعتي، إيه المناسبة؟ حاتوظفني، حاتناسبني؟ خدامين إيه الأراذل دول! يتحشر في اللي لهم واللي مالهمش، اسمك وناقص يقول لي اسم أمك ومولود فين وقول والله العظيم!
سوكة : آه، لازم هو، الوصف بعينه، هدهد الربيع، شكله تمام يدل على الأستذة (موجِّهًا إليه الخطاب) تحية معطرة يا ابن الفن الجميل، مغلفة من سويداء قلب زيك الفتان.
عثمان : فتان؟ اللهم اجعله خير، إيه هو الدش اللي بيدشه ده؟! عربجي البيت والَّا خدام والَّا إيه كنيته (إليه) لكن يعني …
سوكة : جاني خبر عنك.
عثمان : عظيم، ده أنا لازم دخلت السراية الصفرة (إليه) أنا من فضل حضرتك جاي هنا مخصوص علشان …
سوكة : عارف كل شيء، يا بلبل المحافل، ويا كروان التفانين.
عثمان : تفانين! لا، مابدهاش قعاد بقى، الإنسان وجوده هنا خطر يمكن يتهيج والَّا حاجة. أنزل أشوف النمرة تاني لازم العنوان غلط (يهمُّ بالقيام).
سوكة : على فين يا هدهد الربيع؟
عثمان : إيه هدهد الربيع؟! يا سيدي على العقول الموزونة يا سيدي!
سوكة : يا سلام، هدهد الربيع، قد إيه جميل اسم حضرتك.
عثمان : الله يحفظك يا مشمش الخريف، لا مؤاخذة، نحب نستأجز.
سوكة : إزاي، وده يصح يا خير من عزف ع القيثار وترنمت بسجعه الأطيار؟
عثمان : الله الله على الحاجات الفشار (على حدة) يلعن أبوي لو كنت فاهم حاجة، الغرض بقى سلام عليكم.
سوكة : أبدًا، منين قاعدين يستنظروا حضرتك من الصبح ومنين تهل كده زي القمر وتنك غاطس؟
عثمان : لا حول ولا قوة إلَّا بالله، وأنا كنت باحدف روحي الحدفة المنيلة دي ليه، بالتأكيد هو عنده لطف.
سوكة : اتفضل استريح هنا، اتفضل (بشدة).
عثمان (بنفس النغمة) : حاضر، الأمر لله، نِسايسه على قد عقله والسلام.
سوكة : لسه دلوقت كنا في سيرة حضرتك.
عثمان : صادق يا افندم صادق (على حدة) ربنا يجيب العواقب سليمة، والعمل في نسايبي اللي قاعدين تحت دول، طهقوني رخرين، رايح فين، داخل فين أنا راخر جوابي دايمًا … إلى حيث ألقت.
سوكة : حتى بالأمارة اتباحثنا في مسألة فردة الجزمة إيَّاها.
عثمان : فردة جزمة!
سوكة : أيوه اللي أخدتها حضرتك من المدام دِيك الليلة.
عثمان : جايز جايز، حاكم بس أنسى كتير (على كده) وبعدين في البدنجان ده بقى، وفردة جزمة خدها المغفل بمناسبة إيه بس؟!
سوكة : أمَّال انت فاكر ماعندناش خبر بأن حضرتك تحب الكوارع الصغيرة؟
عثمان : أيوه يا افندم أمَّال، ما احبهمش ازاي، هم الكوارع الصغيرة ينكرهوا، خصوصًا بالتربية (على حدة) اللهم انهي المقابلة دي على خير يا رب.
سوكة : تسمحلي بدقيقة واحدة بس، واحدة مفيش غيرها؟
عثمان : يا سيدي ألف، أنا في عرض أبوك.
سوكة : مسافة بس ما أديها خبر بتشريف حضرتك.
عثمان : هي مين بس، موش تحكي لي؟
سوكة : الست هانم، الست أنس الوجود (يخرج).
عثمان (وحده) : أنس الوجود، هو الاسم ده تمام، قايلين لي عند شيكوريل، آخر برنيطة من الصنف الملعون ده هي اللي اشتريتها، إياك أما نعرف ننتشها بذوق ونخلص من التلقيحة اللي مبلطة لي في البيت لدلوقت، كله من وش الحصان الزفت، لكن يطلع مين الجدع المناخوليا ده اللي نازل خطرفة من غير وعي، اللي هدهد الربيع ده كمان، يا ترى مشيوا نسايبي والَّا قاعدين لسه؟ أهو الجواب ده كويس لهم، رايح فين؟ اللي حيث ألقت، داخل فين؟ اللي حيث ألقت.
أنس الوجود (داخلة) : أهلًا وسهلًا، بردون يا بروفيسير أرجوك السماح في إني كونت طولت مدة الانتظار على حضرتك.
عثمان : لا العفو يا ست هانم، أستغفر الله (على حدة) باين عليها مؤدبة خالص، يظهر إن البرنيطة فيها أمل، لا وشكل نواعمي زي الغُريِّبة.
أنس الوجود : ده إيه التنازل الرقيق ده!
عثمان (على حدة) : تنازل؟
أنس الوجود : أنا يا أستاذ بكل عواطفي أحيي في شخصك الكريم ديار تونس الجميلة.
عثمان : متشكر الله يحفظك (على حدة) تونس مين، وبقدونس مين؟ هي الفاميلية دي كلها ملحوسة والَّا إيه العبارة! (إليها) تعالي يا ستي الأمر وما فيه إني جيت هنا دلوقت بآخر سرعة.
أنس الوجود : فاهمة إحساساتك العالية، أنا في الحقيقة كلفت خاطر حاضرتك وتعبتك جدًّا.
عثمان : لا والله، أنا اللي تعبت روحي من اللف على المحلات لا خليت لا شملا ولا سمعان ولا بون مارشيه ولا شيكوريل.
أنس الوجود (على حدة) : عايز يقول إيه مانيش فاهمة (إليه) على العموم يا أستاذ أنا مدينة لحضرتك بالشكر.
عثمان : إيه اللي مدينة وبستان يا اخواتي، إحنا في التليفونات، أنا موش فاهم باكلم مين، باكلم زيرو؟! (إليها) يا ست هانم غرضي يعني أوضح لحضرتك السبب اللي خلَّاني اهتميت بالمجيء هنا من غير سابق معرفة.
أنس الوجود : ولو ما يشترطش يا أستاذ، هو الإنسان ما يكونش معجب بأفكار الفلاسفة الكبار بمجرد السمع فقط وبالصيت وبالشهرة من غير لا معرفة ولا حاجة.
عثمان (على حدة) : يعني مافيش أمل النهارده نفهم بعض أبدًا!
أنس الوجود : ده بزيادة فخر على بلاد تونس …
عثمان : يا عالم يا هوه … هي دي عليها عفريت اسمه تونس! (تدخل المدعوَّات من جهة اليمين).
دولت : إيه يا عزيزتي ده، إنت فايتانه جوه لوحدنا قاعدين ندوَّر عليك في كل حتى خفتونا.
عثمان (على حدة) : إيه الحاجات الشكلمة دي كلها؟!
عزيزة (إلى السيدات همسًا) : وده مين يا ختي المبمبو اللي زي المفتقة ده؟
أنس الوجود : معلهش ما تواخذنيش في كوني غبت عنكم شوية، أنا موش عاملة تكليف ده بيتكم ومطرحكم، يسرني يا هوانم أزف لكم بشرى جميلة حاتنبسطو لها كتير، وهي إنه الحظ السعيد حايتم لنا الليلة دي، ونسمع أشهر مطرب موجود في بلاد تونس الأستاذ هدهد الربيع (مشيرة إلى عثمان).
عثمان (على حدة) : إيه؟!
الجميع : حضرته يا سلام، تشرفنا، ده شيء جميل.
دولت : موش هو اللي خد فردة الجزمة إيَّاها.
عزيزة : يحي الأستاذ هدهد الربيع.
الجميع : يحي الأستاذ هدهد الربيع.
عثمان : يا اخواتي حلمكم شوية، حضرتكم غلطانين، أنا لا هدهد الربيع ولا اعرف هدهد الربيع، ولا حتى سمعت بيه أبدًا.
عزيزة : اطلع يا أستاذ، هو القمر يستخبَّى.
دولت : عايز تفرمل أظن علشان ما تحرمنا من حلوياتك الفنية.
عثمان (على حدة) : الأحسن الواحد يطلع فيها لا يمكن لو عرفوا الحقيقة يطردونا وتبقى بهدلة (للجميع) الله يجازي شيطانكم دانتم فرار قوي، ما عرفشي الواحد يسبكها عليكم.
أنس الوجود : يسبكها واحنا خلاص قد كده هبل.
عثمان : لا العفو النهاية مافيش فايدة من النكران فقستونا فقستونا.
عزيزة : تعيش تونس ويعيش مطرب تونس.
عثمان : وتعيشوا إنتم، ونجاملكم في الأفراح كده إن شاء الله.
عزيزة : الله على تونس الله، وعلى أنهارها الجميلة، والَّا بساتينها الحلوة الظريفة.
عثمان : من فضلك يا ست هانم (على حدة) بس اللي شافها هو سبق لحضرتك شوفتي عندنا في البلد.
عزيزة : أمال ورحت وعنابة واصفاكس.
عثمان : يا سلام، ده انت لفتيها لأخرها (على حدة) ماداهية لا تورطنا في سؤال منيل ما نعرفش نسلك فيه بالمغربي.
عزيزة : وحضرتك بقى، ساكن هناك في تونس في أنهي حي؟
عثمان (على حدة) : الله حي، اتوحلنا، أهو ده اللي أنا خايف منه (إليها) من جهة السكن، ده شيء … شيء (على حدة) شيء إيه بس …؟ شيء (إليها) العائلة مسكنها في ناحية وأنا مسكني في ناحية تاني، يعني موش في حي واحد، قرايبي في حي وأنا في حي، وكل حي في حي.
عزيزة : شرق البلد أفتكر؟
عثمان (على حدة) : هي موش حاتخلص، دي بارده كده ليه؟!
عزيزة : أظن لفوق، ناحية جسر الزيتون.
عثمان (بفرح وهو يمد الألفاظ) : جسر الزيتون، مظبوط، أهو تمام جسر الزيتونة يبقى كده وبيتنا قدامه كده (على حدة) أوف، دي حاجة تطلع الروح.
دولت : عظيم، عظيم، حانسمع النهارده وننجلي، تعالوا بنا لحد ما ياخد راحته نسمع إحنا الممثل ده اللي فايتينه جوه بيلبس ويستعد (يخرجن).
أنس الوجود : تعرف يا أستاذ، قد إيه انت آنستنا الليلة.
عثمان : ربنا يوانسك يا ست هانم، وتمام الإنسانية (على حدة) نفاتحها بقى في حكاية المخسوفة البرنيطة (إليها) بقى يا ست هانم، ماتواخدنيش سلامة في خير …
أنس الوجود : وخير في سلامة، نعم.
عثمان : نعم الله عليكي، أنا لي عند حضرتك رجا صغيرة، أحب دلوقت نتكلم بخصوصه، ولو أن يعني مكسوف من حضرتك.
أنس الوجود : يا سلام يا أستاذ بالعكس، وأنا أكون ممنونة لأي خدمة، قل لي بس اتفضل، إيه هو؟
عثمان : ربما يعني الشيء اللي حاطلبه ده يكون صعب شوية.
أنس الوجود : بس اتكلم حضرتك.

(عثمان يحملق إليها بإمعان ويتنهد.)

أنس الوجود (على حدة) : الله! ده ماله كده بيبحلق فيَّ؟!
عثمان : أنا حاتجنن خالص في جمال شعر حضرتك اللي زي سبايك الكنافة.
أنس الوجود : إيه شعري! (على حدة) يظهر إنه قليل الأدب، أنا ما كانش لي حق أتسرع قوام وأعرفه بستات زي دول من الطبقات العالية.
عثمان (على حدة) : ديهدي، هي زعلت والَّا إيه، بردون، أنا قصدي شريف جدًّا يا ست هانم، يعني بالعربي الفصيح أكون ممنون خالص لو تهاديني فقط ببرنيطة حضرتك.
أنس الوجود : قول كده (على حدة) يا حرام ظلمته، حاظن فيه ظنون بطالة (إليه) فهمت يا أستاذ فهمت، حاضر بكل ممنونية أقدمها لك بمزيد الشرف.
عثمان : أشيا رضا، استريحنا والحمد لله.
أنس الوجود (على حدة) : غريب جدًّا الراجل ده! سهرة ياخد منها فردة جزمة، وسهرة يطلب فيها برنيطة، أنا أهو رايح أجهز البرنيطة لحضرتك وراجعة لك حالًا (تخرج).
عثمان (وحده) : ربنا كريم اتنتعت، دانا زي اللي كنت غرقان وطلعت على ضهر الدنيا، أما كانت برنيطة مزفِّتة (يُخرِج القطعة الممزَّقة من جيبه) ماخليتشي عليها جنس دكان في مصر، هي في الحقيقة شكلها في غاية الشكانيطه (يضعها بجواره على الكرسي) يا ترى ولاد الصرمة نسايبي لسه ملطوعين تحت والَّا اتوزعوا، أما أبص عليهم كده م الشباك ده (يذهب للشباك) أعوذ بالله! نايمين ع العتبة زي الجاموس، أنا ما شفتش عمري تلاقيح بالشكل ده يا هوه! (ينادي) إنت يا واد انت يا زفت، واد يا طلبه.
الدكتور زعتر : أنا غلطان اللي بآمن لها، طيب يا فيفي أنا أوريكي، تخرجي من صباحية ربنا وتقوللي معزومة في بيت الست أنس الوجود، واسأل هنا بالتليفون يقولوا لي موش موجودة، دايرة فين؟ لازم أحقق، لازم أدقق (يرى قطعة البرنيطة) إيه! إزاي الكلام ده؟!
عثمان (يترك الشباك ويتجه نحو زعتر) : دهدي، طلع منين ده؟
زعتر (ماسكًا القطعة) : يعني إيه الفصل ده أنا حاختل؟ برنيطتها تمام، هي دي البرينطة اللي خارجة بيها!
عثمان : سيب يا أخينا من فضلك.
زعتر : دي بتاعة مين؟ بتاعة حضرتك؟
عثمان : أيوه يا أفندم، شايلها أمانة ويَّاي.
زعتر : لكن غريبة!
عثمان : في إيه بقى؟
زعتر : في بقية البرنيطة.
عثمان : كلها الحصان يا سيدي، وادحنا حايسين على واحدة زيها من سلقط من ملقط لحد ما طلعت روحنا.
زعتر (على حدة) : آه الحكاية فيها سر، لما أوقعه كده بصنعة لطافة على شرط من غير ما يعرف إني جوزها (إلى عثمان) لكن أفتكر، أنا يا ربي شفت البرنيطة دي على دماغ مين؟
عثمان : على دماغ بنت المركوب اللي دايرة تتفسح لي مع بسلامته.
زعتر (على حدة) : بغيظ بسلامته!
عثمان : معلقاها في الشجرة.
زعتر : آه (يفتكر) افتكرت هي صاحبتها موش لابسة الفستان أخضر كده؟
عثمان : وفوق منه بلطو طحيني.
زعتر (بغيظ) : بس اكتشفت الخيانة، أرجوك تدلني من فضل حضرتك، هي دلوقت موجودة فين احكي لي حالًا؟
عثمان : طيب وانت إيه يعني اللي يهم حضرتك في كده؟ (على حدة) أنا موش فاهم الراجل شكله اتغير كده ليه.
زعتر : دلوقت مفيش داعي للتخبية الست دي تبقى مراتي أنا، فهمت؟
عثمان : كلام فارغ!
زعتر : إزاي فارغ؟
عثمان : معلوم جوزها شفته بعيني. جدع صغار خالص، يطلع قد ولادك.
زعتر : المهم، قل لي موجودين فين؟ إخلص.
عثمان : إيش عرفني، الله، هو أنا شيخ حارة! ما تدور انت مالكش رجلين، مالكش عنين (على حدة) عايزني أقوله على بيتنا لأجل ما يروح يطبقه.
زعتر : يعني مابدكش تقول لي، طيب، فيه بوليس، فيه نيابة، اعمل حسابك بمجرد ما تخرج من عتبة البيت ده، البوليس حايكون قافشك زي الفار المخنوق، آه يا فيفي، يا دون، يا خاينة، يا مجرمة (يخرج).
عثمان (وحده) : أنا يا اخواتي اصطبحت بوش مين النهارده، كل ما نخلص من خازوق نطب في أزفت منه، حصان يقشش برانيط الناس، محلات تجارية يشطب الصنف منها، كَتْب الكِتاب يتعطَّل والزفة تقلب بغم، نسايب فلاحين زي المعيز ماطرح ما امشي في رجليَّه، رايح فين؟ داخل فين؟ أهو مالهمش جواب عندي من هنا ورايح غير إلى … حيث ألقت.
شاذلي (من الخارج) : ده ما اسمهوش كلام ده، نتلطع في الشارع لدلوقت يعني إيه؟!
عثمان : يا خبر إسود، الراجل نسيبي! والله واتفضحت يا عم هدهد الربيع.
شاذلي (داخلًا ومعه الفلاحين) : تعالى خد انت يا عثمان أفندي، كل الغياب ده هنا عند حيث ألقت.
الفلاحين : يا سلام سلِّم على سراية حيث ألقت.
عثمان : وطي حسك انت وهو يا مواشي، بلاش فضايح بلاش جُرَس.
شاذلي : والعروسة دي اللي متلقحة في العربيات هي وأهلها.
خادمة (داخلة ومعها صندوق كرتون) : أهه البرنيطة (لعثمان) الست دي قالت لي أديها لحضرتك، اتفضل.
شاذلي : أهو لازم الكتاب حاينكتب هنا.
عثمان : هاتي وريني، هاتي لما أبوسها (يقبل الصندوق) خلاص كانت علة وانزاحت من على قلبي (يفتح الصندوق ليرى فيُخرِج منه برنيطة سودة من غير ريش) إيه هو ده؟ (للخادمة) تعالي ما تمشيش، رايحة فين؟
خادمة : نعم.
عثمان : مظبوط أهي دي اللي احنا عايزينها موش الهبابة دي (يرفصها برجله).
خادمة : ما شبطت فيها واحدة اسمها الست فيفي وخدتها امبارح من ستي.
عثمان : خديتها من ستك يعني مفيش برنيطة، وقعتنا زي الوحل! ما احناش متجوزين في ليلتنا.
أنس الوجود (من الخارج) : تعالوا يا ستات، اتفضلوا يا هوانم.
عثمان : أخبيهم فين الروازي اللي معاي دول … بس لو كانشي منظرهم عفش كده.
أنس الوجود (داخلة) : أيوه يا أستاذ، سمَّعنا بقى الحاجات اللطيفة.
سوكة (داخلًا) : الحقهم، مايفهموش في التمثيل، ملهلبين على السمع.
عثمان : والله يا سيدي أنا اللي ملهلب أكتر منهم (تدخل السيدات).
الفلاحين : يا وعدي ع الصنيبر يا وعدي!

(السيدات يضحكن بنعومة.)

الفلاحين : ياي (وهم يترنحون).
عثمان : إخص الله يفضحكم يا أوباش يا لمامة يا أولاد الرفدي.
أنس الوجود : جم منين دول ياباي على دي صداغة؟!
عثمان : ماتوأخوذناش دول الجماعة السنيدة بتوع التخت.
الفلاحين : إيه سنيدة؟!
السيدات : دول؟!
سوكة : دول سنيدة دول؟!
عثمان : سنيدة أيوه بس يعني موش مستعدين رسمي، لابسين كده هدوم البروفة، حاكم عندنا بقى في تونس …
سوكة : تونس مين، دولا ولا في الحبش كمان.
أنس الوجود : الغرض سمَّعنا اتفضل، الله الله يا سيدنا.
دولت : سمع هوس.
عثمان : آه، وقع الفاس في الراس مافيش مفر يا عم هدهد الربيع لازم تغني أمرنا لله، يتفلقوا بقى، يتضرروا، يتوجعوا مالناش دعوة (يتنحنح ويضع يده على خده كالمغنِّيين).

لحن ختام الفصل الثاني

أن كنت أسامح – وأن سخ يا بتح يا خروف نطاح – السح يا بنح يا خروف نطاح – طاب وأنا مالي طاب وأنا مالي – وأنا مالي هي اللي قالت لي – روحي في إيدك روحي – روحي في إيدك لإيدي – آه يا لا لا لا للي في الغرام سريرة والله أعلم بالسلامة جاني جاني بالسلامة – بالسلامة جاني دا جاني وقل لي الساعة كام – يا سي محمد الوقت راح مني – يا عيون حبيبي غاب وأنا قلبي داب وبقى له زمان يا حلو زمان والله زمان يا حلو بالجبنة يا مسقي عسل يا فول يا حراتي.

الفصل الثالث

(المنظر: صالون بمنزل عثمان كما في الفصل الأول.)

(لحن العوالم: تشترك فيه الست علية.)١
عالمة ١ (بعد اللحن) : ياختي صلاة النبي أحسن، ده إيه الحس الملعلع اللطيف ده يا روحي!
عالمة ٢ : آه والنبي، يا رب ما تجعل حسد، بالك صوتها يا عيوشة فكر عليَّ مين حظري كده؟
عالمة ١ : ست أمينة العراقية؟
عالمة ٢ : يا بت يا واعية انتي يا مدقدقة.
عالمة ١ : بذمتك موش كده برضه؟
عالمة ٢ : هي بعينها بحتها العليوي ساعة ما تنجلي آخر الليل.
فيفي : إيه مش قد كده أمال.
عالمة ١ : طب وحياة سي عبده الحامولي في نومته، دستور يا سيدي، ماتشتغلي حضرتك في الكار زيِّنا، ما لا تضربي أحْسَنها أسطى على عينها، صدقني بقا.
فيفي : مرسي على كل حال أشكرك، ده بس من ذوقك.
عالمة ٢ : وحضرتك ياختي مدعية للغنا استحباب كده والَّا …
فيفي : لا استحباب ولا … أنا جيَّه معزومة فقط، زيي زي معارف العروسة.
عالمة ١ : آه، بس كده ليلتنا يا حبيبتي نادية، آنستي عقبال عندك.
عالمة ٢ : وهي اسم النبي حارسها العروسة، تعرفيش حاتنزف دلوقت والَّا فيها براح شوية؟
عالمة ١ : آه بس لحد ما نُشق هنا جنبكم على زفة مطاهر ونرجع مسافة نص ساعة.
فيفي : معلهش مافيش مانع، لسه فين علبال ما يتلموا بقية المعازيم.
عالمة ٢ : قومي يا زنُّوبة، يا ستوتة يا خدوجة، يالَّه قبل ما ننزحم.
العوالم : يالَّه.
عالمة ٢ (وهي خارجة) : مؤقتًا ياختي، تقعدي بالعافية جايين تاني (يخرجن).
فيفي : ودي كانت شبكة إيه الليلة دي يا ربي، حافضل ملطوعة هنا لإمتى عشان خاطر الهبابة البرنيطة دي؟! مين عارف جوزي دلوقت بعد التأخير ده كله عامل إيه؟ ده لازم مقوِّم الدنيا على رجل، سبع ساعات أخرج م البيت ما أرجعوش!
المتر (داخلًا) : إيه احكيلي يا فيفي، ماجاشي لسه بربري الكلب؟
فيفي : أبدًا، ماجوش إلا الجماعة اللي حايزفوا العروسة.
المتر : عوالم. يبوا يستنوني. هو أظن حايتجوز في ليلته إن ماجابشي البرنيطة ياخي العفو، دا أنا أحلق شنبي إن ما قلبتها بغم على دماغ أبوه، عوالم اسم الله يا عوالم، ده أنا أخليها له سهرة بالندابين بالمعددين.
فيفي : بس أما نشوف قبله جي سبع والَّا ضبع.
المتر : تعرفي لما أغلب خالص، أشط له عود كبريت في الموبليا وتبقى الدخلة بقا على يد وابور الحريقة.
فيفي : يا شيخ ما تبقاش انت راخر شراني كده، حريقة مين وعفريتة مين، إحنا بنقول يا الله نداري الموضوع، والَّا حانعمل له ثورة واللي ما يشتري يتفرج.
المتر : زي بعضه، العند يرث الكفر، أنا واحد قلبي زي الفولاذ، قاطع دماغي وحاططها على كفي، الكلمة اللي تتطلع من بقي لا بد تتنفذ، أنا قلت لازم يجيب برنيطة من جنس اللي اتمزعت يعني حتما لازم يجيب غير كده ماعنديش.
فيفي : أنا مش فاهمة، الناس كلها بتحب، مابقاش نجمهم مكشوف كده، إيش عجب احنا بس اللي صوفتنا منورة عجايب يا ربي عجايب!
المتر : أوه حانرجع بقا للنغمة إياها، ده شيء صعب، هو أنا إيه، بانفخ في قربة مقطوعة، يا حبيبتي قلت لك ستين ألف مرة، اللبخة دي اللي بتتلبخيها مالهاشي مناسبة، حب يعني تلطيم، يعني مقايسة، زي واحد وواحد يبقوا اثنين.
فيفي : كفاية عليَّ الفلسفة دي اللي تودي في داهية، جوزي دلوقت، أقول له إيه بس؟! أرجع له بأنهي وش؟!
المتر : يا ستي يبقى وقتها اللي يعين الله، آخر مافيها موش حاتتطلقي منه، فيه أكتر من كده؟
فيفي : يا فرحتي، وأبقى أنبسط لما يروح من إيدي واحد دكتور زي ده بيصرف عليَّ شهري فوق السبعين تمانين جنيه.
المتر : المسألة يا عزيزتي مش مسألة جنيهات، المحبة هي الكل في الكل، بعشرة جنيه فقط بخمستاشر بعشرين تقدري تعيشي سلطانة زمانك مع واحد زي أنا، تحبيه ويحبك، تعرفي البصلة ديك الساعة لما تغمسها بشوية الملح، ما دام فيه إرادة في الوسط، ما دام فيه رغبة، ما دام فيه مودة، تبقى عندي وعندك ألذ من طعم الأوزي المحمر.

لحن دويتو

لطيف :
الحب لذته أهواله
زي الدهب تجليه ناره
لولا الصعايب في نواله
ماكانشي يغلى مقداره
فيفي :
لا هي كام صعايب هي
عديت لا نوبة ولا مية
ألا الأكادة
شيء كلماده
يكتر عليَّ
زيادة وزيادة
لطيف :
في الحب أهون شيء عندي
تضحيتي لروحي ومالي
حلفتك أوثقي واعتمدي
على عواطفي وأميالي
فيفي :
معتمدة من غير حلفاني
وواثقة من ود حبيبي
وإن ماجاوبتوش يا لساني
ردي يا مهجتي وأجيبي
الاثنان :
الدنيا دي أسعد من فيها
عاشق وفي وعاشقة وافيَّة
ولا يصعد ناس ولا يشقيها
غير الإخلاص والقابلية
الأطرش (من الخارج) : إزاي بس؟ يفوت الفرح ويروح فين؟
المتر : دهدي، وده مين اللي جي ده راخر؟
الأطرش (داخلًا) : حقيقة جنس البربري مايبيضش عقله، أهو لون وشه، لون مخه (لا يرى أحدًا).
فيفي : ده ساخط عليه قوي.
المتر : مين عارف، ضروري مزعله، شيء في مصلحتنا، أهي دي فرصة كويسة تولَّع الفتيل معاه زيادة وزيادة.
فيفي : لكن بس من غير ما نعرفه، مالكش حق!
المتر : سيبك، والله ابن الجارية ده لأنا مورِّيه الليلة دي نجوم الضهر (يتقدَّم إلى الأطرش) ألَّا يا حضرة …
الأطرش : لا والله يا بني، معاييش ساعة.
المتر : ساعة؟!
فيفي : هو حد جاب له سيرة ساعة؟
المتر : أنا باسأل حضرتك عن …
الأطرش : يجوز يجوز، هو قايل إن فيه آلاتية، لكن مين ما اعرفشي.
فيفي : آلاتية؟!
المتر : آلاتية إيه؟! ده ماله بيخرف من غير معنى (إليه) أنا لا سألت حضرتك عن آلاتية، ولا عن قرداتية، فقط عايز أستفهم.
الأطرش : لا يا خويا لا، بوفيه مابوفيهشي، دي حاجات الناس الألفرنكة، أما دي فرح تقريبًا فلاحي، يعني الأكل فيه الاتوركة.
فيفي : أما بس، ده لازم مجنون!
المتر : والَّا يمكن سمعه تقيل (بصوت عالي في أذنه) حضرتك هنا تبقى من ضمن المعازيم والَّا فيه علاقة فيه قرابة فيه شغلانة؟
الأطرش : شغلانة؟! شغلانة ازاي؟ فراش يعني، حضرتك شايف الطبلة فوق كتافي؟!
المتر : الله موش الغرض (إلى فيفي) باقول لك سمعه تقيل ماردش إلا بهللولة. طب وبتزعل ليه جنابك؟
الأطرش : أمَّال ما أزعلشي يا سيدنا الأفندي، إيه بتفتكرني مطيب، سامعني باقول اسكت يا بتاع اللب سمع هوس؟!
المتر : ماحدش قال كده لا سمح الله. ده ماله قنط كده ليه؟!
الأطرش : بتحسبني مين بدي أفهم؟ ألَّا شغلانة دي كمان! ليه المغرفة شايفها معلقة في حزامي عشان ماتفتكرني الأسطى العشي؟ ألَّا شغلانة، قال شغلانة قال.
فيفي : ما خلاص يا سيدي ماتتحمقشي قوي، الغلط مردود، هو إيه كَفَر؟!
المتر : والَّا يعني السؤال حرم؟!
الأطرش (بهدوء بعد الغضب) : ماحرمشي يا بني، أستغفر الله العظيم، لكن ماتواخذنيش كمان يحق لي أتجنن لما تِعْملني هلفوت من ضمن الشغالة، دانا العروسة نفسها تبقى بنت أختي، بنت أختي لزم، يعني أنا …
المتر : خالها؟ فاهم، عدم المؤاخذة معلهشي.
الأطرش : معلهشين يا بني تلاتة أربعة، آنستو وشرفتم، معازيم حضرتكم مش كده؟
المتر : معازيم أيوه، ربنا يتمم بخير (بصوت واطي يتمم بزفت، والله وقعت يا بربري النوايب، أهو دلوقت اتفتحت لنا سكة ننتقم بها من جتته).
فيفي : يا شيخ مافيش لزوم بقا، بلاش أذيَّة.
المتر : لا والنبي، فرصة زي دي أنا مجنون أضيعها من أيدي (إليه بصوت عالي) بقا حضرتك تشرفنا تبقى خال العروسة.
الأطرش : عمك جمعة بك.
المتر : طب ويعني يا سي عم جمعة بك، هي بنت أختك دي كانت عملت إيه في دنيتها لما تعاقبوها العقاب الوحش ده؟
فيفي : الله يجازيك يا شيخ، ده انت إبليس؟
الأطرش : عقاب؟! بتقول إيه حضرتك؟ مقلب ازاي بقا يا منجي يا رب.
المتر : معلوم عقاب، واحدة زي دي، بنت ناس، مش كان لازم قبل ما تجوزوها الراجل بربري زي ده، تستفهموا أولًا عن أخلاقه، عن مشيه، عن سيرته، عن فضايحه اللي بيضج منها البوليس.
الأطرش : بوليس؟! يا خبر إسود.
المتر (متممًا) : عن رذايله اللي بتصرخ منها المحاكم.
الأطرش : محاكم! يا واقعة مطينة.
المتر : أمَّال انتم يعني كنتم فاكرين إيه؟
الأطرش : فاكرين غير كده خالص، فاكرينه بني آدم.
المتر : بني آدم، ده انتم مساكين، لا حول الله يا رب! يا خسارة يا بنت الناس يا خسارة!
الأطرش : خسارة قوي قوي، دي البنت قمر بنت اختي، ماهوش لا مدح ولا شكرانية تنهدي لملوك.
المتر : يا حرام يا حرام.
فيفي : يا ابن الحلال ماتنكش في الخراب، اتقي ربنا.
المتر : ربنا يصبركم على ما بلاكم.
الأطرش : وقبل ما يصبَّرنا مانلحقهاش وهي سخنة ليه، نِبْطل الجوازة.
المتر (على حدة) : بس، شعللنا النار، أدي أول البشاير (إليه) وعلى إيه بقا، خلاص، جت قسمتها كده والسلام.
الأطرش : لا سلام ولا كلام، دي بنت اختي، دانا خالها، دي ترجع الليلة عالبلد بإكسبريس الفجر.
فيفي : إخص، والله عملها وفلح.
المتر : ما بلاش بقا، فاتت وانتهينا، حاكم أنا، ربنا عالم، مايخلصنيش أكون سبب في قطع المعايش وتبويظ الجوازات، آه، الواحد له عين وعافية.
الأطرش : يخليهم لك يا بني، ده أنا بالعكس، جمايلك دي حاحطها على زر الطربوش من فوق، فهِّمتنا اللي ماكناش عارفينه، هنيًّا لك، دانت تخش الجنة حدف (يدخل الحاج شاذلي وطلبة والفلاحات).
شاذلي : هي إيه يا خويا العمايل دي بتاعت عثمان أفندي!
المتر : إش إش، دي لهلبت بالمرة، وأدي راخر أبو العروسة.
شاذلي : بقا ده يصح منه، وتبقى الليلة دخلته، والمعازيم يفوتهم كده يرنوا لدلوقت؟!
الأطرش (يراه ويتجه إليه باهتمام) : حاج شاذلي، ابن حلال جيت في وقتك تعالى هنا تعال.
شاذلي : هيه، عايزني في حاجة؟
الأطرش : حاجة لكن تسم البدن.
شاذلي : يابوي.
الفلاحين : كفى الله الشر!
المتر (على حدة) : بس، الفاتحة الجوازة، ولا الضالين آمين.
الأطرش : إنت قول لي هنا، تاخذ في شورتك والَّا أسحب روحي وهب جزم.
شاذلي : خبر إيه بس ما تتكلم.
الأطرش : البت قمر بنتنا.
شاذلي : أيوه مالها قول.
الأطرش : مابقاش يمكن أبدًا تجوزها لبربري الكلب ده.
شاذلي : يا دي الداهية!
الفلاحين : يا شيخ العرب يا بدوي.
المتر (على حدة) : عال عال، أهو الملعوب ماشي بحموه.
فيفي : وينوبك إيه بس قلبت كيان الدنيا؟!
شاذلي : إيَّاك بانت لك من جهته حاجة وحشة؟
الأطرش : فضايحه بيضج منها البوليس.
شاذلي : بوليس؟!
الفلاحين : إخص.
الأطرش : رذايله بتصرخ منها المحاكم.
شاذلي : محاكم!
الفلاحين : يا ساتر استر.
الأطرش : ولولا صادفت واتقابلت أنا والجدع اللطيف ده، والست الأميرة اللي معاه دي …
الجميع : دول؟ (مشيرًا إلى المتر وفيفي).
الأطرش : لولا كده ماكانشي المجني ظهر، واتضح لنا التاريخ بتاعه، التاريخ المهبب، التاريخ اللي يوقع اللُّقمة م الحنك.
شاذلي (إلى المتر) : إلهي ينجِّي شبابك يا شيخ، كنا حانطب على بوزنا.
المتر : إن جيت للحقيقة الواحد ما يصحش يجري في الشر، لكن بقا دي ذمة كمان.
الفلاحين : تسلم ذمتك.
شاذلي : ياما الدنيا دي فيها أولاد حلال، وتعرفه حضرتك حق المعرفة؟
المتر : أعرفه وبس؟ أمَّال يا ترى حاتكلم كده بلجهجهون؟!
الفلاحين : حماك الله.
المتر : ده الواحد إن ماكانشي بس مختشي العيبة، والَّا بلاش، مافيش لزوم ربنا يتوب عليه.
شاذلي : لا والنبي لانت قايل، والنبي الهادي.
المتر : اللهم صلي عليه، وليه تحلِّفني بس مالكشي حق، أهو أنا مثلًا واحد من أصحابه ينعذر في قرشين، عيب الإنسان يتكلم.
شاذلي : تسلفه.
الفلاحين : مفهوم.
المتر : يحتاج لحاجة لمحتاجه، مافيش تكليف.
الفلاحين : أصله خسع.
الأطرش : ينكد عليه، حرامي كمان، ويسرق منك بتقول؟
المتر : تعرف آخر ده كله كان جزاي منه إيه؟ يخوني في حبيبتي دي (مشيرًا إلى فيفي).
شاذلي : إتفوه! يخونه العيش والملح؟!
الفلاحين : البعيد اللي ماهو هنا.
المتر : ويجيبها عنده في البيت هنا، وأنا باقلي خمس تيام أدور عليها سلقط ملقط زي المجنون لغاية ما عترت فيها دلوقت، والنيابة لازم الليلة دي تعرف شغلها ويَّاه.
شاذلي : ليلة الدخلة آخ ابن الرفضي.
طلبة : يخطف حريمات الناس، يا ويله من عذاب ربنا!
المتر : ومن زنزانة البوليس، ومن محكمة الجنايات، هو أنا حافوِّتها له ياخي دهدي.
شاذلي : بس من فضل حضرتك، صبرك عليه قد ساعتين تلاتة لما نقطع احنا جرته ونسافر على بلدنا.
طلبة : وبعد كده تعرف خلاصك فيه.
المتر : أبدًا مافيش استنَّى، دي حكاية مش صغيرة، دانا أطربق له البيت.
شاذلي : حوش حايطربق البيت يا طلبة.
طلبة : واحنا فيه، يا لطيف اللطف!
فيفي : زدتها قوي، ماتبقاش جهنمي.
المتر : هو فاكر إيه، دانا أولع له هنا حريقة.
شاذلي : حريقة حوش يا وله، عايز يحرق الجهاز.
الفلاحين : يحرقه؟ يا خبر أغبر!
شاذلي : بس لما نحمل الجهاز، أبوس رجلك دافعين في الجهاز دم قلبنا.
المتر : واقعة سودة، أنا أوريه (إلى فيفي) تعالي.
فيفي : يا دهوتي! ده أنت لهجاوي الغبرة، إحنا الليلة دي مش منقولين.
المتر : من جوه، يخطف حبيبتي دانا أخرق عينه، دانا أهد البيت طوبة طوبة (إلى فيفي) قولي لما نقعد نستناه (وهما داخلان) يستغفلني دانا أقرض زوره، إن ما جبت له حالًا وابور الحريقة يستنى (يدخلان).
شاذلي : يا باي! ده الراجل يا حفيظ يا رب، مدخن وناوي له عاللومان.
طلبة : ماهو له حق، مش خاطف حبيبته.
الأطرش : إحنا دلوقت عيننا وعبادتنا عالجهاز، خشي انتي وهي لِمِّي الكراكيب يا بت حتة حتة.
فلاحة : أيوه معلوم، تعالي يا شلبية، يا مباركة، يا فطومة (يدخلون).
شاذلي : آه ابن اللاوندي، كان عايز يوسَّخ مقام عيلتنا.
طلبة : أنا من يومها قلت لكم عليه ده باين ضلالي ماصدقتونيش.
الدكتور (من الخارج) : فين هو المجرم؟
شاذلي : إيه، مجرم؟ وده إيه راخر اللي بيبرطم؟
الدكتور (داخلًا) : فين هو الدون، السافل، المنحط؟
شاذلي : مين يا ترى؟
الدكتور : فين هو بربري الكلب؟
طلبة : ارمي وأدي جرسة جديدة.
شاذلي : وقال كنا عايزين نناسبه قال.
طلبة : وده مين ده راخر؟ لازم من صحاباته الخبَّاصين اللي عازمهم.
الدكتور : اسمع انت وهو، خلوه حالًا يقابلني هنا إسود الوش.
شاذلي : ماهو مش موجود.
الدكتور : ده كلام ماسمعوش، ده كلام فارغ، بتنكروه مني، بتخبوه دانا أوديكم في داهية، إنتم لازم شركاته.
شاذلي : شركاته! يا خبر إسود.
الفلاحين : ومدهول.
الدكتور : هس، باين على وشكم، هو أنا ماعنديش نظر، ماعنديش فراسة، دانا أفهم الهوى الطاير دانا أفهم الجن.
شاذلي : يا سيدي والنبي مالنا دعوة، إحنا حيا الله كنا حانجوزه بنتنا ورجعنا ضربناه ستين صرمة.
الدكتور : تطلعوا تنزلوا مافيش فايدة في اللف ده كله، لازم توروه لي دلوقت حالًا.
شاذلي : منين بس حانوريه له يا عالم؟!
الدكتور : مانتوش عايزين توروه لي؟ قولولي مخبِّيها فين؟
شاذلي : مخبِّيها؟ هي مين دي؟
الدكتور : أيوه اعملوا غشم دلوقت، بقا يعني مانتوش عارفين هي مين دي؟
طلبة : لا وحياة أم العواجز.
الدكتور : مراتي.
الفلاحين : مراتك!
شاذلي : خاطفها روخره؟
الدكتور : ومخبِّيها عندكم، هنا في البيت ده.
طلبة : هو خاطف كام ابن فردة الواطي؟!
شاذلي : اللي واخد حبيبته واللي واخد مراته، وعمال يلملم زي الحداية.
الدكتور : إخلص انت وهو، مخبِّيها فين قولولي بالذوق، أيوه، لحسن ماعنديش غير كوني أدَرْبِك البيت ده فوق دماغكم.
شاذلي : يا مغيث يا رب، حوش يا وله، حايدربك البيت راخر.
طلبة : الجهاز إحنا في عرض النبي، الجهاز ياخواتي.
الدكتور : وأنا من حق علشان إيه أتعب نفسي، مش فيه بوليس، مش فيه نيابة، مش فيه محكمة، أنا أعرف ازاي أكلبشه، إن ما جبته في حديد، إن ماوديته أرميدان (يخرج).
طلبة : يادي الفضايح الليلة دي يا دي الهتايك!
شاذلي : داير في البلد يخطف النساوين ابن الفرتوس!
طلبة : واشحال بس إن كان حلو، إشحال إن كان أبيض، داهية لا تربحه البعيد!
الأطرش : داهية لا تكسبه.
شاذلي : لا في عينه.
طلبة : ولا في عافيته.
الأطرش (صائحًا من الداخل) : استعجلي يا بت، لِمِّي الجهاز كله شهِّلي، ميعاد القطر قرب.
عثمان (من الخارج) : أهو رمل زي ما يكون والسلام …
شاذلي : اسمع اسمع يابن المخسوف.
عثمان (من الخارج) : أحمر أخضر، مايهمش الموجود.
شاذلي : هو اللومانجي أنا عارف حسه، إحنا خلاص مابيناش وبين أي علاقة.
طلبة : أيوه نفوته يهوي زي الكلب، لا ترد ولا تصد.
عثمان (داخلًا ومعه المأذون) : أنا عارف دول فراشين إيه دول، رمل أحمر والَّا رمل أصفر، هو احنا حاناكله، مش حاينرش قدام الباب وبس، إن شاء الله يكون أزرق حتى، دي روخرها بدها استشارة، تعالي أقعد أنت راخر يا شيخ حمص.
المأذون : عفوًا سيدي وعمدتي ومعتمدي، لست أدعي حمصًا ولا فولًا، ولكني الشيخ عبد المولى.
عثمان : طيب يا سيدي فهمنا.
الشيخ : زادك الله فهمًا، وجعلها عروسة شهمة كما أنت شهمًا، وبعد فيا عبد الله، ما اسمك وكم سنك؟ وما اسم العروسة المحروسة المصونة؟ بكر هي أم عزباء كانت مركونة؟
عثمان : وله وله وله، عندك إيه هو ده؟! إنت بتكر لي في إيه؟ ألفية ابن مالك؟ ما تقعد هنا لما وقت العقد، قلبت مخي، داهية تقلب مخك.
شاذلي : ماهوش شايفنا لسه، إحم (يتنحنح عمدًا).
عثمان : إحم طب إحم ورحمة الله، هو انتم هنا، لا مؤاخذة، ماشفتكوش، الواحد والعياذ بالله عينيه بقت زي عينين المساطيل، لا هو شايف ولا هو ناضر (إلى شاذلي) المأذون أهو، الله ده ماله كده ياباي ماطط بوزه وعامل لي زي الفيل أبو زلومة (يناديه وهو جالس بجواره) نسيبي، حماي، أما عجايب إيه المناسبة مش بيرد؟ (ينطر في وجهه) إزاي ده عينيه مفتحة زي الحلق.
الشيخ : إلى متى هؤلاء منتظرون، ألا تعلمون ويفهمون بأن صناعة المأذون لها في كل ساعة زبون، أي عريساه، عجِّل ولا تؤجل.
عثمان : دهدي، ما قلت لك بلاش خوته أمال، ده انت أظن الود ودك تكتب الكتاب عالسلالم.
الشيخ : هذا لكثرة الأشغال، ووفرة الأعمال، والتحنكيش من عندك أيضًا على ريال أو نصف ريال.
عثمان : جتك أنيال يشيل الجمال، مالك ملحوق كده، هو انت إيه حضرتك؟ (ناظر إلى شاذلي) إنما يعني يطلع إيه عدم الرد من صاحبنا ده؟ (يناديه) حماي جايب لك أهو جبت مأذون على كيفك يعقد العقدة من دول ماتنفكش أبدًا (هنا يعطس شاذلي فجأة) حاسب طرطشتني، داهية تقرفك، إيه ده لا لا لا (يرى الجاكتة كأنها مبللة) ماتشتغل في التنظيم، ده انت خسارة قوي ترش ميدان الأوبرا بتلات أربع عطسات من دول.
الشيخ : مضى من الزمن خمس دقايق، ولست أرى لتأخير الكتاب عائق.
عثمان : الشيخ ده أنا بايني حاضربه .(متجهًا إلى طلبة) لما اسأل الصنم التاني ده، أنا مش عارف ضريبة إيه دي اللي مسكاهم كده، دول ما كانوش ينسدُّوا أبدًا، أما حاجة تعفرت قوي أنا يا واد أنت يا طلبة، شوف يا خويا مبرق لي بعينه ازاي ولا فيش كلام، الله، أنا خلاص ياهو قربت أختل.
المأذون : انجز ودعنا نخش في الجد، أو ليس لهذا التباطؤ من حد؟
عثمان : إنت يعني مش ناوي تنسد (يتجه إلى جمعة) عم جمعة بك (صائحًا بأعلى صوته) إنت يا عم جمعة، جمعة يا نهار العطلة، العطلة الرسمية (لنفسه) ده لازم بقا جرالهم حاجة يكونشي داء الطرشان ده من ضمن الأمراض اللي تعدي، مش بعيد يمكن اتعدوا روخرين من قريبهم ده.
شاذلي (يصيح بغتة فينزعج عثمان ويقفز من شدة الخضة) : لمِّي الجهاز يا بت.
عثمان (وهو يبصق في عينه) : بسم الله الرحمن الرحيم، لخلخت ركبي، ربنا ما يبارك لك، طب ولما انت لا مسخسخ ولا ميت وفيك الروح يا بارد ماتردش ليه م الصبح؟
شاذلي : هس يا راجل يا فسدان يا عديم الحيا.
عثمان : الله، الله! إيه يا خويا العبارة؟ دول مالهم كده طلعوا فيَّ زي الصواريخ من غير مناسبة؟!
الشيخ : لقد بلغت الروح الحلقوم، وتلطمنا تلطمًا من غير لزوم، فإما أن نعقد وإما أن نقوم.
عثمان : يعني يا قدم الشوم واللوم، مانتش شايف الواحد ازاي مسموم، من الحاجات اللي تطلع العريس م الهدوم؟!
الأطرش : إحنا الناس الأمرا، الناس النضاف الناس المستورين، الناس اللي مداسهم …
عثمان : مداسهم، لا لا إحنا جرى إيه حانلبخ؟
الأطرش : نقبل على روحنا واحد زيك انت يا فلاتي يا خباص، ياخد بنتنا.
الشيخ : ما هذا الطلع المنحوس، يتخانق العريس مع أهل العروس ومن أين سنعقد ونقبض الفلوس؟
شاذلي : يا دوار يا مهلسجي يا قليل الحيا.
طلبة : يا خطاف النساوين.
عثمان : خطَّاف النساوين، آه فهمت بقا، جيالي منين الأذية؟ هم لازم اتقبلوا هنا مع صاحبتنا إياها بتاعت البرنيطة، أهو ده اللي أنا حاسب حسابه (إليهم) لكن الواحد ماياخدشي العبارة قفش كده، الولية دي، لما تعرفوا مني إيه أصل حكايتها م الأول …
شاذلي : حكايتها سودة زي خلقتك، هو احنا لسه ماعرفناش، ما خلاص فهمنا كل حاجة.
عثمان : ده عظيم، وحيث كده بقا، يبقى الزعل ده مش مني أنا، تزعلوا من الحصان.
شاذلي : حصان مين وحمار مين، إيش جاب الحِصَنة في الحريمات يا مقصوف العمر، هو احنا وكلين بعقلنا طاطورة.
عثمان : لازم كده، حصان ومزع برنيطة واحدة والواحدة دي …
طلبة : وهي واحدة وبس.
عثمان : إيه، واحدة بس ازاي، أمَّال كام؟ هو فيه غيرها؟
شاذلي : وبتقول بلسانك كمان، بتعترف مانتش مختشي، طب الراجل الأولاني ماتصدقوش والتاني اللي ناوي يجيب لك هنا بلوك الغفر بزيته.
عثمان : تاني مين هو فيه كمان تاني، دي بقا مسألة وتبالي لا هي الحكاية مش على يدي، برنيطة واحدة مافيش غيرها اللي واكلها الحصان، يبقى تاني مين بقا وتالت مين؟ دي حاجة توغوش!
الأطرش : اختصاره، إحنا من دلوقت، حد الله ما بيننا وما بينك، أيوه يعني لا لك عندنا لا كلام ولا جواز ولا جنس شيء بالكلية.
شاذلي : وبس.
الفلاحين : أيوه وبس (يدخلون في الغرفة التي دخلها النساء من قبل).
عثمان (وحده) : ياخواتي أنا مش فاهم الجوازه دي حد عامل لي فيها عمل والَّا إيه بس.
الشيخ : أكتب لك حجابًا ذا طلاسم، فيه للعكوسات علاج حاسم.
عثمان : لا حاسم ولا باسم بقا، وريني عرض أكتافك من سكات كده أيوه، لحسن قرفتك زي مانت شايف، تقطع الخمير من البيت.
الدكتور (من الخارج) : من هنا يا شاويش.
عثمان : شاويش! يا خبر إسود، عشان مين؟ علشاني؟
الدكتور (يدخل ومعه الشاويش) : أنا متأكد إنه مخبيها هنا في البيت ده (يرى عثمان) إيه تعالى يا مجرم، انقفشت.
عثمان : أنا؟ الله إيه المناسبة؟!
عثمان : ماهو كمان أروح الكراكون من غير ما اعرف، بس إيه الأصل وإيه الفصل مايمكنش أبدًا؟!
الدكتور : غصب بلا رضا حاتنجر على بوزك، أيوه علشان تبقى لما تخش أرميدان تعرف إيه جزاة اللي يغوي ستات الناس ويخبِّيهم عنده، فاهم؟
عثمان : والله مانا فاهم حاجة أبدًا!
الدكتور : يمكنك لو تحب عدم الفضيحة تقول لي دلوقت حالًا مخبِّيها فين.
عثمان : الله هي مين بقا؟
الدكتور : مراتي يا إسود الوش.
عثمان : بس من فضلك بلاش تفوير دم، أيوه إسود أبيض، مافيش لزوم.
فيفي : إيه! يا خبر جوزي.
الدكتور : تعالي هنا، زبطتك بأيدي يا خاينة يا عديمة الشرف.
فيفي : مانا، مانا، آه يا ربي اتفضحت.
المتر (خارجًا) : إيه لقيته يا فيفي؟ جاب البرنيطة والَّا إيه؟ احكيلي يا حبيبتي.
الدكتور : حبيبته! هو انت بقا اللي مخسَّر أخلاقها يا سافل.
عثمان : رحنا في داهية، لحد هنا وبرك البغل.
الدكتور : بقا الراجل ده مظلوم وأنا ظانن فيه ظن في غير محله.
شاذلي (داخلًا) : بس، خلاص، نجيب العربيات الكارو حالًا (يرى الدكتور) مين؟ دهده، حضرتك اللي اتخطفت مراتك مش كده؟
الدكتور : أيوه، واللي خطفها مع الأسف ماكانش عثمان أفندي.
طلبة : إزاي بقى؟ أمَّال يعني مين غيره؟
الدكتور : اللي خطفها هو النذل ده، وعثمان أفندي بالعكس اتضح لي دلوقتي إن مالوش أي ذنب.
عثمان : داهية تنكد عليه حصان الكلب، بقا ماهوش في محله الكلام الفارغ اللي سمعناه عنه.
الدكتور : أبدًا، أنا اللي غلطان، وأعترف قدامكم بغلطتي وأستسمح خاطره.
عثمان : العفو بقا، ربنا يجازي كل حي.
الدكتور : أما انتي يا دون، يا خاينة العيش والملح، يا عديمة الإحساس، مانيش لاقيلك في الدنيا عقاب غير كوني أحتقرك وأتبرأ منك، ومن دلوقت لا انتي مراتي ولا أعرفك، الأصل صحيح عليه معول، أستاهل أكتر من كده اللي أدنِّي مقامي وأتمن على شرفي وعرضي واحدة زيك، مهما تعلي والَّا توطي أصلها خدامة، إخص أتفوه (يخرج).
المتر (إلى فيفي) : ولا يهمك، أنا من دلوقتي حليت محله، أنا جوزك وانت مراتي.
شاذلي : مسكين يا عثمان أفندي يا جوز بنتي، ده احنا أجرتنا خدناك حوف كده، وأدي راسك ماتزعلش، رجعت الميه لمجاريها، واحنا وبنتنا وكل العيلة وعيلة العيلة خدامين إنسانيتك، اندهوا الجماعة الآلاتية والمعازيم يكملوا بقية الفرحة، يا ليلة بيضة يا ليلة بيضة.

لحن الختام

الجميع :
أشيه معدن
وتالها سمبوا
ورقنا جدًّا
وهيصنا جنبوا
جوازة سبحان من عدلها
يا رب زيدني هناها وخيرها
كانت عقد صعب في أولها
ونحمد الله على أواخرها
١  لا توجد كلمات زجل هذا اللحن في مخطوطة المسرحية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤