الانتظار

أنا قلبي فار
زي شاي ع النار،
عَلَّق عليه
فلاح كبير السن،
وانشغل بالساقية والمَكْسَر.
بيراعي سير المايه للوديان،
همه الوحيد
لا يعود مع الشمس اللي غاربة،
ولا يخاف من الليل إذ يجِن،
ولا يخافش جن،
ولا يهمهوش مطاريد؛
متربي وسط القمح، والسكر،
وقلبه حديد!
شايك يا خال!
شبع غليان والرَّكْيَة غلاية،
كتاكيت سطوحكو خلاص
خطفتها حداية.
زارع حبوب!
لمين؟
الناس جميعًا بلا بنكنوت مساكين،
مبقاش طواحين
هتدق بطول الليل،
والناس نايمين.
وأنت مشغول بالناتور،
والفحل داير يدور،
والأرض واسعة يا خال،
والدايرة فين أولها وآخرها.
علقت ليه ع الشاي لما أنت مش ضامن تعود؟!
مكسرش قلبي ف يوم غير كدبكم لوعود،
مشرخش جلدي الوقت،
ولا شب عمري، وشاب،
خارج نطاق الزمن، روحي.
لا مُلْزِمات، ولا قيد،
أنا كل زادي جروحي،
وناري حراقة، لكن بتقيد.

•••

دبلان يا بنت الريف،
رفضْتِ قلبي رحلت،
دقيت بِبَان الغُربة؛
فتحوا بنات، بلاستيكات؛
لا طعم، ولا ريحة،
سرِّيحة،
أغروني بشفايف وريق،
وبزاز أباريق،
وكلام لطيف.
وأنا كنت وارد غريب،
مفتون،
وعطشان م السفر، وضعيف.
مشيوا قُدَّامي المكارى،
يتَّنُّوا زي العذارى
الفاقدين الرفيق،
واخدين بإيدي للطريق،
والطريق أسفلت،
حجارة ع القطران،
هاتجيب قلوبكو منين الطيبة والريحان؟
يتنُّوا م النار اللي واكلة مشاعرهم.
جسمهم شقق من صوابع الأغراب،
والجلد باش،
مزيَّفين،
لابسين خلخال قماش.

•••

لكن أنتِ من معدن أصيل،
وخلخالك جميل،
بيْرِن.
فيحن قلبي قد ما بيئن،
ويفيض غرامي فوق ما باقدر أطيق،
واحكي لصديق،
والشكوى، دون من صورك، ذِلَّة.
دبلان يا بنت الريف،
وجلدي خفيف،
وأنتِ الدفا، والضِّلَّة.
صفصافة لابسة جونيلة،
شجرة كافور بنهود،
صوابعها لمبة نيون،
بتكيد ضياء القمر،
حارسة عنيها جفون،
ترمي السهام بالنظر،
نورها الهديل صابني،
وأنا كنت ساذج، صبي،
خدني الغرام، صبِّني،
توب الحياء سابني،
توبها الحمام سبِّني.
مهلًا،
يا خطافة،
لا تكوني خوَّافة؟
دي عنيا ماءٍ عذب،
والنظرة زَوَّافَة،
والعاشقين معاذير،
نخلِك جريده حرير،
ولا عزاء للقز.
وسطها الفلاحي إذ يهتز،
كعبها، ودقاته، نغمًا نز.
وخز قلبي،
كن سلام يا وخز!
أنا صاحب الترحال،
وأنتِ الحلال، والحل، والحُلَّة.
أباريق صدورهم بتتكسر على الأسفلت،
لكن التراب لا يكسر القُلَّة.
وأنا قلبي فار، زي شاي ع النار، م الانتظار يا خال.
لأكتب لها الموال:
وسطِك المسبوك
كمانجا،
فاعزف الألحان عليكِ،
واغني بالأشعار
في وصفك،
نهدك الأوتار،
وخصرك
طبلة الإيقاع.
وإيدي
هي إيد فنان.
وكُلِّك،
زهرة البستان.
وإني
عاشق الرمان.
خدودك،
جسمك الفتان.
وعودك،
فاق غصون البان.
سنابل،
ولا دي ضفاير؟
وحَابِل،
مُنتظِر، حاير،
ونَابِل،
ناضْرِك الجاير.
وقوسي،
لسة واخدُه البرج.
باشوفك،
في وجود حائل.
تطُلِّي؛
انصهر سائل.
هاقابلك،
ولا نتصادف؟
هادبَّر،
مِيَّة معاد خاطف.
وأعبِّر،
باندهاش خايب.
لا اسيبك،
لا اسيب الشعر.
حبيبك،
أصلُه كان عواد مغني،
وأدور ألف على البلاد والخلق،
مجنون جديد!
والبت رافضة السعد على إيدي،
مين ليها غير شاعر غني بالوصف؟
هو اللي يعرف محاسن جسمها الفاير،
هو اللي يعرف يجمحك يا خيل،
هو اللي أدرى بالدموع في الليل.
«غلبني الشوق»،
وغلِّبته،
كواني الصبر، وزرعتي صبار،
وريقي مرار،
وغنيتلك،
وكتبتلك أشعار،
أقطع وريدي تلاقي مَية نار!
وأنتِ البعيدة بتشتكيني لمين؟!
«أهل الغرام مساكين»،
يكفيك كلام الناس إذا طال الشرف يا عم،
توصلها مرسال،
وتقولها:
العصافير ف بيتنا كتير،
وأمي حرير،
وأبويا عمار،
وكلامنا نُصه هزار،
والبيت خمس تدوار،
وكله متاع،
وكله مشاع،
وشاينا بالنعناع،
وضحكنا للركب،
والسقف تعريشة عنب،
وقْطُوفْها دانية لكل إيد،
والنجف عناقيد،
والورق أقداح،
والكاسات مصباح،
والنور نبيذ،
لا فيه غول،
نشرب ونطرب، ولا نسكر،
غُنا وتواشيح،
ولافيش حساب للهم،
احنا خفاف الدم.
فلو تيجي،
فأَلْف مرحب بيكِ يا سنيورة.
قالوا الجميع مغرورة،
وأنا قلت طبع الغُر،
انتو الغيارى،
لكن هي سليلة الحور،
واخدة مكان البدر،
قاعدة ومربَّعة،
حاوية الصفات الأربعة.
وأنا لسة بردو يا خال منتظرها تحن،
نفس انتظارك للأراضي البور،
بازرع ف قلبي الشِّعر يطرح حُب،
وأنتَ بتحصُد حَب.
مين يشتري يا خال؟!
يا ريتني زيك، قلبي يبقى حديد،
ينفع، وبأْسُه شديد،
هو اللي قادر يفِل الغربة والترحال.
والحب لو مبتور،
والأمل لو زور،
يرتاحلي بال،
وانسى السؤال، اﻟ لا يزال بلا رد،
أنا بجلالة قدري، ليه اترد؟!
يونيو ٢٠١٧م

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤