صراع … داخل النفق!

لم يضيِّع الشياطين وقتًا. ضغط «أحمد» على البروز في الأرضية، فتحرك المكتب وظهرت فتحة النفق. نظر إليها الشياطين في دهشة، وقال «مصباح»: إنها مسألة مثيرة، خصوصًا عندما تتم بهذه الطريقة؛ فهو يستطيع في لحظة أن يكون داخل النفق دون أن يلفت النظر.

قال «خالد»: المهم هو إلى أين يتجه النفق؛ قد تكون نهايته في مبنًى آخر، ومنه يمكن أن يخرج ويختفي في المدينة كلها.

ردَّ «أحمد»: إن ذلك سوف يظهر الآن.

نزل «أحمد» وتبعه الشياطين. كانت فتحة النفق تؤدي إلى سلم صغير نزل درجاته بسرعة، وعندما انتهى إلى آخر درجة توقف حتى نزل بقية الشياطين، ومع نزول «فهد»، فقد كان آخرَهم، أُغلقت فتحة النفق.

علَّق «بو عمير»: إنه مُجهَّز بطريقة عظيمة.

تقدم «أحمد». لم يكن هناك ضوء؛ فقد كان الظلام يغطي كل شيء. قال: ينبغي ألَّا نضيء أي شيء، بل يجب أن نتقدم في الظلام حتى لا يكشفنا أحد؛ فمن يدري؟ قد تكون هناك حراسة في الطريق.

ثم أضاف بعد لحظة: علينا أن نعتمد على جوانب النفق.

تحرك «أحمد» متقدمًا المجموعة، وكان تقدمهم بطيئًا. مضت ربع ساعة وهم يتقدمون، ثم همس «فهد» الذي كان يمشي خلف «أحمد» مباشرة: إن تقدُّمنا بهذا البطء يحتاج إلى وقت طويل؛ فلا أحد يدري أين ينتهي النفق.

همس «بو عمير» قائلًا: سوف أستخدم جهاز الكشف. إنه يمكن أن يدلنا على أي جسم يعترض الطريق.

وبسرعة أخرج جهازًا صغيرًا، ثم ضغط زرًّا فيه، فانطلقت حزمة أشعة، ثم لمع ضوء أحمر في الجهاز، فقال «بو عمير»: إن أمامنا وعلى بعد مائة متر جسم بشري؛ فقد سجَّل الجهاز درجة حرارة هذا الجسم.

مرَّت لحظة، ثم قال «أحمد»: إذن ينبغي أن نتقدم بحذر؛ فمن يدري؟ ربما تكون نقطة حراسة. أخذوا يتقدمون ببطء أكثر.

فجأةً ظهر ضوء خافت لم يكشف عن شيء، ثم اختفى. همس «أحمد»: إذن هذه هي النقطة، وعلينا أن نكون حذرين.

تقدموا أكثر. فجأةً ظهرت عدة أجسام تتحرك أمامهم. مدَّ «أحمد» يده ولمس يد «فهد» وتحدَّث إليه بلغة اللمس. قال له: أقترح أن يتقدم اثنان فقط حتى يصلا إلى هناك، فإذا كانت هذه الأجسام أعضاء العصابة، فإن الاشتباك معهم سوف يكون ضروريًّا، وفي هذه الحالة ينضم بقية الشياطين.

نقل «فهد» بطريقة اللمس أيضًا ما قاله «أحمد» ﻟ «بو عمير»، ثم نقله «بو عمير» ﻟ «مصباح» … ونقله «مصباح» إلى «خالد». توقف الثلاثة الذين في المؤخرة، وتقدم «أحمد» و«فهد» بطريقة اللمس أيضًا. قال «أحمد» ﻟ «فهد»: ينبغي أن نزحف حتى لا تظهر أجسامنا.

في هدوء انبطح الاثنان على الأرض، وأخذا يزحفان. كانت الأجسام أمامهما تتحد أكثر. فجأةً قال «فهد» ﻟ «أحمد»: إن استخدام الإبر المخدرة يمكن أن يفيد الآن؛ فنحن لا نريد صوتًا.

ردَّ «أحمد» بطريقة اللمس: هذا اقتراح جيد.

ثم بسرعة أخرج مسدسه وثبَّت فيه إبرةً مخدرة، ثم أحكم التنشين وضغط الزناد. مرَّت لحظات ثم تهاوى الجسم على الأرض، وقال صوت: ماذا حدث؟

ثم اقترب اثنان من زميلهما، في نفس اللحظة قال «فهد»: الآن تحدَّد عددهم، ونستطيع أن ننتهي منهم جميعًا.

أخرج هو الآخر مسدسه وثبَّت كلٌّ منهما إبرةً مخدرة في مسدسه، ثم في لحظة واحدة أطلقا الإبرتَين. مرَّت دقيقة ثم سقط الاثنان بجوار زميلهما. همس «أحمد»: تقدموا.

أسرع الشياطين جميعًا إلى حيث يرقد الثلاثة ثم قيَّدوهم بالحبال. قال «بو عمير»: إن هذا تصرف صحيح تمامًا.

تقدَّموا بسرعة هذه المرة. كانت أعينهم قد تعوَّدت على الظلام. قال «مصباح»: إن جهاز الكشف قد أفادنا.

أسرع «بو عمير» وأخرج جهاز الكشف ثم ضغط زرًّا فيه. قال بعد لحظة: الآن لا يوجد أحد في الطريق.

ثم قال «أحمد»: ينبغي أن نسرع.

كانوا يقفزون في رشاقة، لكن فجأةً سمعوا صوت اصطدام شيء. التفتوا فإذا ﺑ «خالد» يشتبك مع أحدهم، وفي لحظة برز ثلاثة آخرون، وقبل أن يتصرَّفوا أيَّ تصرف كان «مصباح» و«بو عمير» و«فهد» قد قفزوا في اتجاههم. أخرج أحدهم خنجرًا وقفز في اتجاه «مصباح». كان يبدو أنه أحكم الطعنة، لكن «مصباح» كان واعيًا تمامًا؛ فقد ألقى نفسه على الأرض بسرعة، وضرب الرجل بقدمه فسقط على الأرض، في نفس اللحظة كان «بو عمير» قد أمسك أحدهم وضغطه ضغطةً قوية جعلت الرجل يئن، لكنه كان قويًّا؛ فقد ضرب «بو عمير». رأى «أحمد» عنف الضربة، فقفز قفزةً واسعة، ثم سدَّد ضربةً قوية إلى الرجل، وكان «بو عمير» قد تخلص منه، فتراجع الرجل ليصطدم بلكمة خرجت من زميل له إلى «خالد» الذي تفاداها، فأصابت الرجل الضخم. كانت المعركة عنيفةً تمامًا، لكن الشياطين استطاعوا أن يكسبوها، وعندما انتهت كان الرجال الأربعة فوق الأرض.

قال «أحمد»: إن هناك فتحةً في الجدار، وهي التي خرجوا منها.

أسرع «بو عمير» وألقى عدة كرات من الدخان في الفتحة. مرَّت لحظات ثم بدأ الدخان يغلِّف المكان. وضع «أحمد» قناعًا خاصًّا على أنفه، ثم قفز إلى الداخل. كانت هناك حجرة صغيرة لم يستطع أن يتبيَّن ملامحها نتيجة الدخان. أخرج من جيبه بطاريةً خاصة، ثم أخذ يمر على أنحاء الغرفة، فلم يجد شيئًا ذا بالٍ. عاد بسرعة إلى حيث الشياطين وقال: ينبغي أن يختفي الدخان حتى لا يتسرَّب ويسبقنا.

أخرج «فهد» كرات أخرى صفيرة، ثم دحرجها في المكان، ولم يمضِ وقت حتى كان الدخان يختفي؛ ذلك لأن الكرات الأخيرة تقوم بامتصاص الدخان. وبسرعة تقدم الشياطين … وقال «فهد»: لا أظن أن هناك نقطًا أخرى للحراسة.

فردَّ «أحمد»: من يدري؟ ما دامت النقط منحوتةً في جدار النفق.

ثم أضاف: إن علينا أن نتقدَّم بأسرع ما نستطيع قبل أن يظهر شيء جديد.

وانطلق الشياطين وكأنهم في سباق، فجأةً رفع «أحمد» يده، لكنه لم يستطع أن يقف مرةً واحدة، فانزلقت قدماه في بركة ماء، وبصعوبة استطاع أن يتمالك نفسه ويستند إلى الجدار. قال: يبدو أننا نُفاجأ بأشياء لا تخطر لنا على البال.

وقف الشياطين مذهولين أمام المفاجأة، في نفس الوقت كان «أحمد» يفكر في نفسه: هل هي مجرَّد بركة ماء، أو أن الماء وراءه مفاجآت أخرى؟

قطع تفكيره هَمسُ «خالد»: أخشى أن يكون في الماء شيء آخر.

ردَّ «أحمد»: لقد فكَّرت في ذلك فعلًا؛ ولهذا ينبغي أن نتقدَّم في حذر.

قال «بو عمير»: إن المادة اللاصقة التي أحملها يمكن أن تنفعنا الآن؛ فهي تجعلنا نتقدم أسرع بجوار أنها لا تجعل المياه تؤذي أحذيتنا.

وبسرعة أخذ الشياطين يَطلون أحذيتهم بالمادة اللاصقة، وتقدموا، بينما كان «أحمد» يسير في المقدمة.

همس «مصباح»: أخشى أن يكون في الماء أي نوع من الثعابين.

ردَّ «بو عمير»: لا بأس؛ فالمادة اللاصقة سامة أيضًا.

أخذوا يتقدمون في بطء، وكان ارتفاع المياه قليلًا. مرَّت نصف ساعة وشعر فيها الشياطين بالتعب. فجأةً همس «أحمد»: لقد انتهت المياه.

قفز «خالد» في الهواء وهو يقول: لا بأس، نستطيع أن نستمر؛ فقد كنت أجرِّب إن كانت قواي قد انهارت أم لا.

تقدَّموا أكثر. فجأةً تردَّد صوت نباح كلاب. قال «أحمد»: يبدو أننا مقبلون على معركة جديدة.

وقال «مصباح»: المهم ليست المعركة، المهم ألَّا يلفتوا النظر إلينا.

ردَّ «أحمد»: هذا صحيح، ويجب أن نتصرف بسرعة ونحن ما زلنا بعيدين عنهم.

قال «بو عمير»: إن الإبر المخدرة يمكن أن تسكت أصواتهم.

قال «أحمد»: كيف ونحن لا نرى شيئًا؟

قال «بو عمير» مرةً أخرى: إذن كرات الغاز.

ثم أضاف: صحيح أنها سوف تثيرهم في البداية، ومن الجائز أن يلفت النظر، لكن الكلاب سوف تصمت بعد قليل.

قال «أحمد»: لا بأس، علينا أن نجرِّب. إن المعركة قادمة لا شك فيها، وسواء جاءت بالكلاب أو بغيرهم فلا بد أن ندخلها.

أضاف «فهد»: أظن أن الكلاب هي المرحلة الأخيرة في النفق؛ ولذلك فهذه هي معركتنا الأخيرة.

أخرج «بو عمير» عددًا من كرات الغاز، ثم دحرجها بقوة، الواحدة وراء الأخرى، في نفس الوقت وقف الشياطين في انتظار النتيجة.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤