خواطر غامضة!

ظلَّ «تختخ» قابعًا في مكانه … ولم يستمرَّ انتظاره طويلًا … وما كان يتوقعه حدث … فقد خرج «موسى» من منزله بعد نحو نصف ساعة … كان قد غيَّر ملابسه … وحمل حقيبة صغيرة، ووقف ينظر حوله لحظات ثم اتجه إلى سيارته … واستطاع «تختخ» من مكانه أن يعرف رقم السيارة … وطبعًا كان يعرف نوعها.

انطلق «موسى» مسرعًا بسيارته … ولم يكن أمام «تختخ» ما يفعله، فقفز إلى دراجته … وعند أول المعادي دخل محل «الميني ماركت»، وطلب استخدام التليفون للأهمية … اتصل بمكتب المفتش «سامي». ولم يكد المفتش يسمع صوته حتى قال له: أين أنت أيها المغامر العزيز؟

ردَّ «تختخ»: وراء صيد!

المفتش: أوَهل وقع في الشباك؟

تختخ: إنَّ هذا متوقف على جهود رجالك!

المفتش: هل لهذا علاقة بما يُقال عن اختطاف طالب كفيف يُدعى «هشام»؟

تختخ: كيف عرفت؟

المفتش: لقد اتصل بي قسم حلوان والمعادي، وعلمت بما حدث … وقالوا إنَّه كان في زيارة صديق له في المعادي اسمه «عاطف»، وهناك طبعًا أكثر من شخص يُدعى «عاطف»، ولكنِّي استنتجت أنَّه زميلك في المجموعة!

تختخ: هذا صحيح!

المفتش: لقد دخلت مكتبي منذ عشر دقائق فقط، ووجدت مذكرة بالاتصالات التي تمت في هذا الموضوع.

وقد حاولت الاتصال ﺑ «عاطف»، ولكن التليفون مشغول طول الوقت … واتصلت بمنزلكم وعرفت أنَّك في الخارج … وتوقعت أن تكون منهمكًا في جمع المعلومات!

تختخ: هذا صحيح … وأظنني وقعت على صيد ثمين، وحتى لا نُضيعَ الوقت أرجو أن تطلب البحث عن سواق يُدعَى موسى في سيارة بطريق المعادي ٥٥٥١١ ملاكي القاهرة، وقد غادرت منزل السائق موسى الذي يقع في أطراف المعادي منذ أقل من ربع ساعة.

المفتش: سأُعطي تعليماتي فورًا للبحث عنه، واتصل بي بعد قليل.

تختخ: سأعود الآن إلى البيت وأتحدث إليك من هناك!

وضع «تختخ» السماعة وقد أحسَّ بالرضا عن نفسه … لقد توصَّل إلى أشياء كثيرة في مدة قصيرة … ولكن المشكلة الحقيقية هي … لماذا اختطفوا «هشام»؟

ركب دراجته واتجه إلى منزله … وكان والده ووالدته يجلسان أمام التليفزيون، وصاحت والدته عندما رأته: إننا في انتظارك لتناول العشاء!

تختخ: بعد ربع ساعة إن أمكن.

ثم اتجه إلى الصالة حيث يوجد التليفون، واتصل بالمفتش «سامي» الذي ردَّ على الفور قائلًا: أين أنت؟

تختخ: في البيت!

المفتش: ما هي الحكاية بالضبط؟

روى «تختخ» للمفتش قصة الساعة الماضية منذ وصول «هشام» إلى منزل «عاطف».

رد المفتش «سامي»: إنَّ الموقف جد خطير الآن، إنَّ المعلومات التي وصلتني عن هذه العصابة تؤكد أنَّ «هشام» في موقف لا يُحسد عليه، ولا بد من التحرك سريعًا؛ فهم لا يتورعون عن إيذاء أي إنسان يعترض طريقهم.

قال تختخ: على أي الأحوال، ساعة «هشام» معي …

المفتش: إنَّها دليل يجب أن يكون في حوزة الشرطة!

جلس «تختخ» إلى مائدة العشاء، وقد استغرق في تفكير عميق، وقال والده: ما هي الحكاية؟

تردد «تختخ» قليلًا، ثم قال: مسألة … أعني موضوعًا خاصًّا بنا!

الأب: ماذا تعني بنا هذه؟!

تختخ: أقصد مجموعة «المغامرين الخمسة»!

الأب: مشاكل جديدة؟

تختخ: لغز!

الأب: إنني معجب بك يا «توفيق» … فأنت من أنصار العدالة، ولكني أخاف عليك!

تختخ: إنَّنا لا نطارد المجرمين كما يتصور بعض الناس … إنَّنا فقط نقوم بالبحث عن الحقائق … ثم بالاستنتاجات وجمع الأدلة.

الأب: وما هي القضية الآن … أو ما هو اللغز؟

تختخ: إنَّه اختفاء صديق!

الأب: اختفاء.

وفي هذه اللحظة دقَّ جرس الباب … وقفز «تختخ» من مكانه مسرعًا بين دهشة الأب والأم … ثم أسرع يفتح الباب … وكم كانت مفاجأة أن يجد الشاويش «علي» أمامه … قال الشاويش دون مقدمات: هات الساعة! أراد «تختخ» أن يداعبه، فقال: أيَّة ساعة يا حضرة الشاويش؟

الشاويش: أنت تعرف ساعة مَن.

تختخ: إنني أريد أن أسمع منك.

الشاويش: ساعة الولد المخطوف.

تختخ: إذن هناك ولد مخطوف يا شاويش.

ارتبك الشاويش لحظات، ثم صاح: ماذا تقصد؟

تختخ: أقصد أنَّك لم تصدق «عاطف» عندما قال لك إنَّ عنده بلاغًا عن ولد مخطوف، وطلبت من العسكري «بريقع» أن يقبض عليه … لماذا لا تصدقنا يا شاويش. إننا لا نعبث!

وناول «تختخ» الساعة للشاويش الذي خطفها خطفًا ثم انطلق على دراجته العتيقة مبتعدًا!

اتصل «تختخ» ﺑ «عاطف» … ولم يكن هناك جديد، واتصل بالمفتش «سامي» وقد قاربت الساعة منتصف الليل … فقال له المفتش: لقد اختفى السائق والسيارة تمامًا … ولكن رجالنا سيعثرون عليه.

قضى «تختخ» بقية الليل بين اليقظة والنوم … كان وجه «هشام» الطيب يبدو له كالحلم … وهو يفكر … أين ذهب؟ لماذا خطفوه؟! وأخذ يُعيد ما سمعه من «عاطف» ومن «أدهم» مرة ومرات … محاولًا أن يجد شيئًا يفسر هذا اللغز العجيب … وعندما نام قرب الفجر، كان ثمة شيء ما يدور بخاطره … شيء غريب قد يكشف الحقيقة وقد يكون مجرد سراب … وعندما استيقظ في اليوم التالي … تناول إفطاره سريعًا، ثم اتصل بالمفتش «سامي» فلم يجده في مكتبه … ولم ينتظر … ارتدى ثيابه ثم قفز إلى دراجته متجهًا إلى مدرسة «هشام» … فهو يعلم أنَّ مدرسة «هشام» مفتوحة أيام الأحد، في حين أن مدرسته هو تُغلق أبوابها.

وصل إلى المدرسة بعد نصف ساعة تقريبًا … وكان التلاميذ يتدفقون على المدرسة … وركن دراجته عند السور، وأخذ يبحث عن «أدهم» صديق «هشام».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤