أخطر اجتماع!

لاحظ «أحمد» أن صوت رقم «صفر» فيه شيءٌ من التوتُّر غير المعتاد، وعرف أن الموضوع الذي يتحدث عنه خطير … بل شديد الخطورة … وكان معه حقٌّ في استنتاجه … فقد كان المقر السري للشياطين اﻟ ١٣ مُهدَّدًا!

كان رقم «صفر» قد طلب الاجتماع في صباح يومٍ شتويٍّ باردٍ، وكان الشياطين اﻟ «١٣» جميعًا يُزاوِلون التمارين الرياضية الصباحية، عندما طلب منهم إيقاف التمارين، والذهاب فورًا إلى قاعة الاجتماعات … وعندما وصلوا وهم يرتدون ملابس التدريب «الترينج سوت» كان رقم «صفر» قد سبقَهم إلى القاعة …

تحدَّث الزعيم فورًا قائلًا: إن بعض عملائنا قد لَقِيَ مَصرَعَه في ظروفٍ غامضة … وهذا في حد ذاته يشكل تحدِّيًا لنا لا بد من مواجهته … ولكن الأخطر من ذلك أن مقر الشياطين نفسه مُهدَّدٌ بكشف موقعه … وأنتم تعرفون أن مقر الشياطين قد اختير في مكانٍ لا يمكن لأحد اكتشافه … ولكن الآلات الإلكترونية الحديثة يمكن أن تكتشف أي مكانٍ إذا حصلَت على المعلومات الكافية …

وسكت رقم «صفر» لحظاتٍ ثم مضى يقول:

«ولعلكم تسألون: كيف تسرَّبتْ معلومات عن المقر السري؟ … وسأُوضِّح لكم كل شيء!»

وأُضيئَت خريطةٌ لموقع المقر السري في قلب الصحراء … وقال رقم «صفر»: «لقد أنفقنا بضعة ملايين من الجنيهات على إقامة هذا المقَر … وهو كما تعلمون قلعةٌ حصينة من الفولاذ بُنيَت في قلب الصخر … ولا يمكن لأحد اكتشافه من الجو … أو من أي مكان إلا إذا حصل على معلوماتٍ كافية، ولكن …»

وسكت رقم «صفر» ليستردَّ أنفاسه ثم قال: «إننا نرسل ونتلقى عشرات الرسائل الشفرية من عملائنا في كل مكان … ويمكن للأجهزة الإلكترونية الحديثة أن تكشف مكان الإرسال إذا حدَّدتِ الموجة التي تعمل عليها الأجهزة اللاسلكية … ومن الواضح أن هناك محطةَ استقبال قويةً قد التقطَت رسائلنا إلى عملائنا في «باريس» و«لندن» و«روما»، حيث حدَّدتْ أماكن إقامتهم، ثم قام العدوُّ الغامض بالقضاء على هؤلاء العملاء بوضع قنابلَ ناسفةٍ في مكان إقامتهم … عدا عميلنا في «روما» الذي قُتل في ظروفٍ غامضة أثناء سيره في الشارع … حيث أُطلقَت عليه رصاصةٌ من بندقية كاتمة للصوت، فلَقِيَ مَصْرَعَه في الحال …»

كان الشياطين يستمعون إلى رقم «صفر»، وقد انتقلَت إليهم عدوى التوتُّر؛ فالمسألة فعلًا في غاية الخطورة …

ومضى رقم «صفر» يقول: «وما دامت محطة الاستقبال والرصد قد استطاعت تحديد مواقع عملائنا، فهي قادرةٌ أيضًا على تحديد موقعنا … لهذا فقد طلبتُ منذ صباح اليوم وَقْف تبادُل الإشارات اللاسلكية مع عملائنا في جميع أنحاء العالم … وبمعنًى آخر فإننا الآن معزولون عن العالم كله لا نستقبل أية أخبار أو معلومات … ولا نرسلها …» وقال رقم «صفر» مُختتمًا حديثه: «هذه الظروف من أخطرِ ما مرَّ بنا … وإنني على استعداد الآن للاستماع إليكم!»

قالت «إلهام» على الفور: ألا نستطيعُ نحن تحديد مكان القاعدة التي تستمع إلينا ونقوم بتدميرها؟

رقم «صفر»: «لا … لأن هذه المحطة تستقبل ولا ترسل … ولو كانت تُرسِل إشاراتٍ لاستطعنا استقبالها على أجهزتنا وتحديد موقعها!»

رشيد: أليست هناك أية معلوماتٍ عن هذه القاعدة؟

رقم «صفر»: «لا شيء، حتى وجودها ذاته مجرد استنتاج.»

عثمان: وما هو المطلوب بالضبط؟

رقم «صفر»: «ليس هناك سوى حلٍّ واحدٍ … أريد ثلاث مجموعاتٍ منكم تسافر؛ مجموعة إلى «باريس»، والثانية إلى «لندن»، والثالثة إلى «روما» … أريد تحقيقًا عن الحوادث التي وقعَت هناك … أريد خيطًا نسير خلفه للكشف عن الحقيقة … ربما أكون مخطئًا في تصوُّري … وجود قاعدةٍ استمعَت إلينا واستطاعت تحديد أماكن عملائنا في العواصم الثلاث … وربما يكون العدوُّ الغامض قد راقبهم واستطاع معرفتَهم عن طريق المراقبة وليس عن طريق الاستماع … المهم أن نُحدِّد الطريقة التي وصل بها العدوُّ المجهول إليهم!»

أحمد: إنني أميل إلى الاعتقاد بأن هناك قاعدةً لاسلكية تقوم بالاستماع إلينا … ومعنى ذلك أن بقية عملائنا في مختلف بلدان العالم مُهدَّدون بالقتل!

ساد صمتٌ ثقيل قطعه رقم «صفر» قائلًا: «هذا كما قلتُ هو استنتاجي الأول … فليس من المعقول أن يتم القضاء على عملائنا الثلاثة في يومٍ واحد … إلا إذا كانت هناك قاعدةُ استماعٍ، حدَّدتْ أماكنهم عن طريق العقل الإلكتروني!»

أحمد: بداية يجب أن نسافر فورًا … كل واحدٍ منا إلى مكانٍ من أماكن وجود العملاء لتحذيرهم … ثم يتم التجمُّع بعد ذلك!

رقم «صفر»: «ستكون عندكم قائمة بالعملاء بعد عشر دقائق من الآن!»

أحمد: سنكون جاهزين للسفر خلال ساعةٍ واحدة!

خالد: ولكننا في حاجة إلى اجتماعٍ للتنسيق!

أحمد: إن اجتماعنا مستمرٌّ لمدة نصف ساعة، ثم نصفِ ساعةٍ أخرى للاستعداد للسفر!

رقم «صفر»: إنني أتمنَّى لكم التوفيق!

أحمد: إننا لن نتصل بالمقر السري بعد ذلك!

رقم «صفر»: «طبعًا … إن الخطة والتنفيذ وكل شيء متروك لكم … وسأكون في المقر السري للشياطين في القاهرة اعتبارًا من الغد لأستمع إليكم هناك!»

أحمد: سيدي … لا داعي لأية مخاطرة … وإنني أُفضِّل أن تتركنا وحدنا حتى نلتقي مرة أخرى في المقر السري!

رقم «صفر»: «سأسمع منك بعد نصف ساعة.» وسمع الشياطين صوت أقدام رقم «صفر» وهو يغادر قاعة الاجتماعات، وبدأ الشياطين في المناقشة …

قال «أحمد»: خطَّتنا واضحة … سيُسافر كل واحدٍ منكم إلى عاصمةٍ من العواصم، نُحدِّدها بعد أن نتسلَّم قائمة بأسماء العملاء من رقم «صفر»، وعليكم تحذير العملاء بمجرد وصولكم بأن يُغيِّروا أماكن إقامتهم على الفور … فإذا وصل أحدكم إلى عاصمةٍ ما، ووجد العميل قد تمَّت تصفيته، فعليه أن يُحاوِل جمع معلومات عن عملية التصفية، وكيف تمَّت … ومن يحصُلُ على قَدْرٍ أكبر من المعلومات سنرسل له من يساعده!

عثمان: وبالنسبة للعملاء الثلاثة الذين تمَّت تصفيتهم!

أحمد: سنبدأ بهم … وقد حدَّدتُ لك أن تذهب إلى «باريس» … و«رشيد» إلى «لندن»، وسأذهب أنا إلى «روما».

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤