«إكس ١٠» يتحول إلى رماد!

لم يظهر شيءٌ يلفت النظر، وهذا ما أثار تفكيرَ الشياطين … قال «فهد»: إنها حركة غريبة!

فكَّر «أحمد» قليلًا، ثم قال: نعم، لكن يبدو أن وراءَها شيئًا آخر.

تساءل «فهد»: لماذا إذن ظهرَت هذه المجموعة، ثم اختفت؟!

كان التصرُّفُ محيرًا تمامًا، ولم يستطع الشياطين فهمَه. مرَّت دقائق، ثم قال «فهد»: ينبغي أن نتصرف، فلا أظن أننا سوف نظل هكذا في مكاننا.

قال «أحمد»: نعم، ينبغي أن نتحرك.

فجأةً جاءت رسالة من «قيس»، كانت رسالة شفرية. تقول: ««٢ – ٤٠ – ٦ – ٤٦ – ١٦»، نقطة «٢ – ٥٤ – ٤– ٥ – ٢»، نقطة «٢٤ – ٥٨ – ٤٤»، نقطة «٥٤ – ٥٠ – ٦ – ٤٦ – ٣٠»، نقطة «٤ – ٥٦ – ٥٢»، نقطة «٤٤ – ٣٠»، نقطة «٥٢ – ٤٨ – ٢ – ٥٤»، نقطة «٢ – ١٤ – ٢٠»، نقطة «٥٤ – ٤٦ – ٦ – ٢٠ – ١٢»، نقطة «٢ – ٥٤»، نقطة «٥٤ – ٦ – ٢٠ – ٤٨»، نقطة «٥٨ – ٥٤ – ٥٠ – ٦ – ٤٦ – ٣٠»، نقطة «٤٠ – ٥٤ – ١٦»، نقطة «٢ – ٥٠ – ٥٤ – ٤٦ – ٣٦ – ٥٦»، نقطة «٢٤» انتهى.»

… ترجَم «أحمد» الرسالة، ثم نقلها إلى «فهد» الذي قال: إنني موافق على فكرة «قيس» و«باسم».

وبسرعة، تحرَّك الاثنان إلى النقطة التي اتفقوا عليها. كان عليهم أن يصعدوا إلى الطابق الثاني، حيث اختفى صندوق «إكس ١٠»، وبرغم أن «أحمد» و«قيس» قد بحثَا طويلًا عن المكان الذي يمكن الصعود منه؛ إلا أنهما لم يصلَا إلى مكان.

قال «فهد»: أعتقد أننا ينبغي أن نعتمد على أنفسنا.

أخرج «أحمد» من حقيبته حبلًا رفيعًا ينتهي بخطاف، طوَّح به في الهواء ثم جذبه بشدة، فتعلَّق الخطاف في صخرة. اختبره مرة أخرى، فوجده قويًّا.

همس إلى «فهد»: سوف أصعد، وعندما أَصِل سأجذب الحبل ثلاث مرات.

قفز برشاقة وظل يصعد حتى وصل إلى الصخرة التي اشتبك فيها الحبل. وعندما وقف فوقها، جذبه ثلاث مرات، ففهم «فهد» أن «أحمد» قد وصل. قفز الآخر في رشاقة. وبسرعة، كان قد وصل إلى حيث يقف «أحمد» ثم جذب الحبل، ولفَّه بإتقان، وأعاده إلى الحقيبة …

قال «فهد»: إن المهم هو المدخل، فكيف سنصل إلى مكان «إكس ١٠»؟

ردَّ «أحمد»: المهم هو الوصول الآن إلى النقطة «س» للقاء «قيس» و«باسم».

تحرَّك الاثنان بسرعة، لكن بحذر شديد؛ لأن الصخور التي تُحيط المدينة كانت قاسية تمامًا. فجأةً، انزلقَت قدمُ «فهد»، وكاد يسقط في الساحة، لكنه تعلَّق بساق «أحمد» الذي اهتزَّ لحظة، لكنه استطاع في النهاية أن يثبِّت قدمَه في الأرض، ظلَّ «فهد» معلَّقًا في الهواء.

فجأة شعَر «أحمد» بأقدام تقترب، فكر بسرعة: ماذا يستطيع أن يفعل الآن؟ إن «فهد» في الهواء، ومعلَّق من ساقه. اقتربَت الأقدام أكثر، وضرب يدَه على جهاز الإرسال … وضغط فوق زرِّ الإنذار. كان يُرسل إنذارًا ﻟ «قيس» و«باسم»؛ لأنه لا يستطيع الحركة الآن؛ فقد كان «فهد» يحاول أن يصعد مرة أخرى. فجأة، استطاع أن يلمح في الضوء الخافت ثلاثةَ أشباح تقترب.

قال في نفسه: إنهم من أفراد العصابة، ولو كانوا شبحَين، فقد كنت أظن أنهما «قيس» و«باسم». كان الأشباح الثلاثة يقتربون أكثر، حاول أن يلتصق بالصخور، فربما لا يرونه …

أصبحَت المسافة بينه وبينهم حوالي خمسة أمتار؛ فجأة، كان «فهد» يطير في الهواء، وقد ترك ساق «أحمد»، ثم نزل بجواره، وكانت حركة «فهد» كافية لتكشف مكانهما، وفي لمح البصر، كان الأشباح الثلاثة يُخرجون مسدساتهم، ويصوبونها إلى «أحمد» و«فهد». شعَر «أحمد» أنه يهتزُّ قليلًا؛ لأن طبيعةَ هذه المسدسات أنها مسدسات تُطلق أشعة قاتلة. لكن ملابس الشياطين … كانت ضد الأشعة، ظل الأشباح الثلاثة في مكانهم، وبأيديهم المسدسات.

همس «فهد»: لماذا لا نقترب منهم؟

ردَّ «أحمد» بسرعة: الأحسن أن نسقط، وكأننا أُصِبْنا!

وسقط «أحمد» وفهد، وكان الإشعاع قد قضى عليهما. في نفس الوقت كان «أحمد» يلمح الأشباح الثلاثة وهم يقتربون، فأخفى ابتسامتَه وهو يتحسَّس «فهد» في حذر لينقلَ له رسالة عن طريق اللمس.

وقف الأشباح عند رأس «فهد» و«أحمد»، قال أحدهم بلغتِهم الغريبة، التي يفهمها الشياطين: لقد سقطَا، وينبغي أن نحملهما إلى الزعيم.

ردَّ الآخر: لا أظن أنهما اثنان فقط؛ فقد كانوا أكثر في الساحة.

قال الثالث: لا بأس، إن الآخرين لن يهربوا منَّا ما داموا قد دخلوا المدينة.

مرَّت لحظة صمت. ثم قال الأول: هيَّا يا «برتو» أَحْضِر نقَّالتَين لنقلهما.

ظل «أحمد» و«فهد» في سقوطهما على الأرض.

كان «أحمد» يفكِّر: إن هذه فرصتنا لدخول المنطقة المحرمة.

انصرف «برتو» وبقيَ الاثنان.

سأل أحدهما: هل تظنُّ أنهما يتبعان عصابة ما، يا «جراسو»؟

ردَّ «جراسو»: بالتأكيد، وإلا لماذا جاءوا هنا؟

قال الأول: إن هذا يعني أن سرَّ المدينة قد انكشف.

قال «جراسو»: طبعًا، وسوف تبدأ المشاكل يا «كهيم».

صمتَ لحظة، ثم قال: أعتقد أن الزعيم قد أعدَّ حساباتِه مرة أخرى!

وصل «برتو» ومعه آخر، قال: إن الزعيم في انتظاركم في غرفة العمليات.

كان «أحمد» و«فهد» يسمعان ما يقولان، وبينما كان «برتو»، و«جراسو» ينقلان «أحمد» لوضعه فوق النقالة، كان يفكر: هل الأحسن أن أَصِل للزعيم، وينتهي عملُ جهاز «إكس ٨» وجهاز «إكس ١٠»؟

رفع الرجلان النقالة ثم تقدَّمَا.

فكر «أحمد»: الآن، أين «قيس» و«باسم»؟ وهل يُفسدان الخطة؟

بعد قليل توقَّف الرجلان، وسمع «أحمد» بابًا يُفتَح، ثم فجأة، سقط هو والنقالة على الأرض. فتح عينَيه بسرعة فرأى «باسم» و«قيس» مشتبكَين في معركة. أدرك أن «قيس» و«باسم» قد تصرَّفَا بذكاء شديد. قفز بسرعة. كان «برتو» و«جراسو» مذهولَين تمامًا للمفاجأة التي لم تستغرق بضعَ ثوانٍ. وقبل أن يُفيقَا من ذهولهما، كان قد سدَّد ضربة قوية ﻟ «برتو» جعلَته يُفيق فعلًا من ذهوله، ثم سدَّد ضربة أخرى إلى «جراسو»، وقبل أن يتحرَّكَا كان قد طار في الهواء وضرب الاثنين في عنف، فتراجعَا بشدة. وقعَت عيناه على «فهد» و«قيس» و«باسم» وهم يشتبكون مع عدد من الرجال لم يستطع أن يَعُدَّهم. أسرع في استخدام مسدسه، بعد أن وضع فيه عددًا من الطلقات المخدرة، وبسرعة أخذ يصطاد رجال المدينة الواحد بعد الآخر، حتى قضى عليهم، وقف الشياطين ينظرون إليه، فقال بسرعة: إن الوقت لا يسمح بالكلام، علينا الوصول سريعًا إلى الهدف!

أشار إلى اتجاه؛ فتحرك الجميع، وهو في مقدمتهم، إن الخريطة تقول إن غرفة جهاز تكثيف الأشعة تقع في ملتقى الخطة «١» الذي يخرج من النقطة «ت» والخط «٢» الذي يخرج من النقطة «ف».

فجأةً، امتلأ المكان أمامهم بالرجال، وجاء صوت يقول: يجب أن تستسلموا وإلا فإنكم سوف تنتهون بعد دقيقة واحدة.

همس «باسم»: إن الحلَّ هو قنابل الدخان الآن.

وفي لحظة، كانت كُرات الدخان الصغيرة تتدحرج على الأرض، وفي أقل من دقيقة كان الدخان ينتشر في المكان، وبدأ صوت سعال الرجال يرتفع. فجأة، تردد الصوت مرة أخرى، وكان حادًّا هذه المرة يقول: أشعلوا النيران في المكان!

كان الشياطين يضحكون بصوت مرتفع، وكأن النار كانت في انتظار الأمر؛ فقد امتلأ المكان بنيران كثيفة. في نفس الوقت الذي انسحب فيه الرجال، وتباعدَت أصواتهم، إلا أن الشياطين كانوا يتصرفون بسرعة؛ فقد انسحبوا من المكان وسط الدخان، حتى خرجوا خلف الرجال مباشرةً.

فجأة، تردَّدت ضحكة خشنة وكأنها تأتي من خلال مكبر صوت، غير أن ذلك لم يُشغل الشياطين؛ فقد كانوا يتجهون إلى هدفهم مباشرةً، فجأة وقفوا أمام باب حديدي ضخم، نظروا إلى بعضهم لحظة، غير أن «فهد» كان الأسرعَ تصرُّفًا في هذه اللحظة؛ فقد أخرج مسدسه، وثبَّت فيه أنبوبة صغيرة، ثم ضغط زناد المسدس، وهو يوجِّهه إلى الباب، كانت هناك مادة غازية تخرج من فوهة المسدس، ظهر ثقبٌ في الباب، وظل يتَّسع حتى أصبح كافيًا لمرور إنسان.

قال «أحمد»: هذا يكفي!

فجأةً، توالَت طلقات الرصاص في فُتحةِ الباب في اتجاه الشياطين الذين كانوا يتوقعون حدوثَ أيِّ مفاجأة.

أخرج «أحمد» بعضَ كُرات الدخان ثم ألقاها داخل الغرفة، وقال ﻟ «فهد»: إن مهمتك هي وَضْع أنبوبة غاز في «إكس ٨» وأخرى في «إكس ١٠»، فذلك سوف يُفسدهما تمامًا وسوف نكون في حراستك.

انتشر الدخان داخل الغرفة وبدأ يتسرَّب من فتحة الباب إلى حيث يقف الشياطين … همس «أحمد»: هذه فرصتنا.

لكن طلقات الرصاص كانت مستمرة، وإن كانت تقلُّ شيئًا فشيئًا حتى توقَّفَت. قفز «أحمد» داخلًا وبيده مسدسُه، ثم دخل «قيس» ثم «فهد» وأخيرًا «باسم». وقف «أحمد» وهو لا يكاد يصدق … أن الجهازَين كانَا أمامه. همس: هيَّا بنا، نفِّذ الخطة يا «فهد».

مع نهاية كلمات «أحمد» تردَّد صوت يقول: إن من تقاليد العصابات أن يحدث اتفاق لا أن يحدث صراع. إنكم سوف تخسرون كثيرًا لو أُصيبَت الأجهزة، وأنا أعرض عليكم الاتفاق!

نظر «أحمد» إلى «فهد» بأن يستمرَّ، في الوقت الذي قال فيه يردُّ على الصوت: ونحن نقبل الاتفاق.

أسرع «فهد» بتثبيت أنبوبة الغاز الصغيرة، أشغل جهاز «إكس ٨» ثم أخرى أسفل جهاز «إكس ١٠» عندما جاء الصوت يقول: إنني في انتظاركم في غرفة المكتب، وسوف يَصِل مَن يقودكم إليَّ.

أخفى «أحمد» ابتسامةً وهو ينظر إلى الشياطين، ثم همس: ينبغي أن نحصل على الخرائط الخاصة بالجهاز «إكس ٨» الذي قام بالتجربة.

لكن الصوت جاء يُنهي الموقفَ تمامًا؛ فقد قال: إن لدينا أسرارًا سوف نُطلعكم عليها.

سكت لحظة ثم أضاف: إنها لا تزال في الجهاز السري فلم نَقُم بعدُ بتفريغ شرائطه.

لمعَت أعينُ الشياطين أن العصابة لم تعرف بعدُ ما حقَّقه الجهاز، وبهذا تكون المغامرة قد نجحَت بلا حدود.

همس «أحمد»: ينبغي أن ننسحب؛ فقد حققنا هدفنا، ولسنا في حاجة إلى شيء آخر!

وضع «فهد» يدَه على أنبوبة الجهاز «إكس ٨»، فوجدها ساخنة، عرف أنها بدأَت عملَها ثم جسَّ الأنبوبة الأخرى من الجهاز «إكس ١٠»، فوجد نفسَ الشيء.

همس فهد: لقد انتهى الجهازَين تمامًا … وسوف يتحول الجهازان إلى رماد بعد نصف ساعة. …!

قال «باسم»: أقترحُ أن ننتظر الرجل ثم نخرج معه، ونُكمل خطة انسحابنا.

وافق الشياطين، مرَّت دقائق ثم ظهر الرجل يقول: الزعيم في انتظاركم!

تَبِعوه في هدوء حتى ابتعدوا عن الغرفة، كانوا يسيرون في طرقةٍ طويلة، جوانبها هي جسم الجبل نفسه، وعندما انحرف الرجل مدَّ «قيس» يدَه، ثم جذَبه من ذراعَيه بحركة مفاجئة ارتدَّ الرجل فعاجله «باسم» بضربةٍ قوية أطاحَت به إلى الحائط الصخري، فسقط بلا حَراك، وبسرعة كان الشياطين يقطعون الطرقة الطويلة قفزًا حتى وصلوا إلى باب حديدي هو باب الخروج.

أسرع «فهد» باستخدام الأنبوبة الغازية فتحوَّل الحديد إلى تراب … قفز الشياطين خارجين، وفجأة أبصروا الساحة أمامهم. وفي رشاقة طاروا في الهواء حتى وصلوا إلى أرض الساحة. كان هناك سهمٌ يُشير إلى باب الخروج.

قال «أحمد»: إنه يُفتَح بشفرة خاصة موجودة في خريطة المدينة.

فجأةً كانت أصواتٌ تتردَّد، لكن «أحمد» كان قد أخرج الخريطة وقرأ الشفرة، وبسرعة ضغط عدة أزرارٍ فوق الحائط الصخري فانفتح الباب، وفي لمح البصر كانوا خارجه؛ فانغلق مرة أخرى، وبرغم أن أجهزة الإنذار كانت تدوِّي في الليل، إلا أن الشياطين كانوا يقفزون في سعادة في طريقهم إلى حيث سيارتهم، وعندما ركبوها كانت الأصوات تحوطهم من كل جانب، ثم فجأة سُمِع دويُّ طلقات رصاص كالمطر. لكنَّ سيارة الشياطين كانت تقطع الطريق في الليل بلا توقُّف، وأرسل «أحمد» رسالة إلى رقم «صفر» يُخبره بنهاية المغامرة، ويقول في نهاية الرسالة: ولكن هناك تفاصيل كثيرة.

وردَّ رقم «صفر» يقول: أهنِّئكم وأنا في انتظاركم!

وعندما طلع الفجر، كان الشياطين قد ابتعدوا عن هضبة «ماتوجروسو» في طريقهم إلى «برازيليا»؛ حيث تنتظرهم الطائرة هناك.

وقال «أحمد»: إنها مغامرة رائعة!

ردَّ «فهد» ضاحكًا: هل يظهر «إكس ١٢» مرة أخرى.

وردَّ «قيس»: إن ما حدثَ يجعلهم لن يفكروا مرة أخرى ما دام الشياطين موجودين.

وارتفعَت ضحكاتُهم مع نسمات الفجر.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤