الفصل الثالث

(يمثِّل الملعب جهةً ثالثة من الكهف أشد ظلمة.)

المشهد الأول

(بطرس وحده)
أسمع عن بُعدٍ طلقات البنادق، لقد هُوجمَت المغارة فلمن يكون النصر؟ الله وحده يعلم، لقد دُفنتُ في هذه الظلمة المخيفة وكل الناس نسُوني، هيهات! ليس من يتذكَّرني، ستارنو يا لك من خائن! بأي فرحٍ بربري كبَّلتَني بالحديد، أنت أقل من لص، أنت جبان، أُقسِم أنك ستموت بيدي، والغلامان المسكينان كم يكون خوفهما من تلك الضوضاء والمعمعة؟! يا ليتني أستطيع الخروج من سجني لأطير لمعونتهما (يُفتح الباب)، هذا بلا ريب هو ستارنو، إنه القادم يضحك من تعاستي.

المشهد الثاني

(بطرس – فريدريك)
فريدريك (بيده سلسلة مفاتيح) : إليَّ بطرس. لقد أتيتُ لأُنقذَك يا بطرس.
بطرس : هذا أنت يا سيدي!
فريدريك : لقد هرب اللصوص وظَفِرنا.
بطرس : وماذا يهمُّني الظفر؟ أنا هالكٌ لا محالة.
فريدريك : لقد نجوت، السجن مفتوحٌ فاتبعني.
بطرس (يسقط على ركبتَيه) : يا منقذي، يا ملاكي الطاهر.
فريدريك : ماذا تصنع يا بطرس؟!
بطرس : أقبِّل رجلَيك يا سيدي، أتعرف من أنقذت؟!
فريدريك : نعم أعلم.
بطرس : أنت تجهل ذلك، أنا ذلك المنكود الحظ بطرس سمارانديني مهذِّبك القديم.
فريدريك : ماذا أسمع؟!
بطرس : نعم أنا بطرس الذي أحبَّكم، أنا بطرس الذي تركَكم، أنا بطرس الذي يمزِّقه تبكيت الضمير، سيدي أتغفر لي؟!
فريدريك : وممن تطلب الغفران؟ بطرس نحن أصحاب (يُنهِضه ويصافحه).

(يسمعون عن بُعدٍ دويَّ طلقات البنادق.)

بطرس : أيجب أن نذهب؟ آه لو كان معنا مفتاح الباب الشمالي.
فريدريك : أليس هو مع المفاتيح؟
بطرس (يبحث في المفاتيح) : لا، حفظه ستارنو معه.
فريدريك : نعم لقد حفظه معه؛ فقد نظرتُه داخلًا المغارة التي كنتُ مسجونًا فيها مع أخي، والاصفرار بادٍ على مُحيَّاه، يضطرب كأصغر الأطفال، وقد أخذ كيسًا مملوءًا ذهبًا، واختار مفتاحًا من هذه المفاتيح وطرح البقية كشيءٍ لا فائدة منه، وعندئذٍ جئتُ لأُنقذَك.
بطرس : يا له من خائن! ولكن هذا لا يهم، فلِلتوصُّل إلى الباب الشمالي يجب أن نقطع هذا السجن فأنا أنتظره هنا، اذهب وجئ بأخيك.
بطرس (مخاطبًا نفسه) : لقد أصبحتُ حرًّا، فعليَّ ألا أستعمل حريتي إلا في سبيل إنقاذ المحسن إليَّ (يسمع دويَّ البنادق قد اقترب)، لقد قرب دويُّ البارود فماذا يحل بنا؟ (يتراجع إلى الوراء.)

المشهد الثالث

(بطرس في آخر المسرح – ستارنو في ثوبه الإكليريكي)
ستارنو (في مقدمة المسرح) : لقد خسرنا كل شيء ودُحرَت رجالنا من المواقف الثلاثة، وهم يدافعون عن الرابع، فهل يثبتون في الدفاع طويلًا؟ إن الهرب هو غنيمة الحكيم، هذا التنكُّر يجعل هربي مكرمًا، وفوق ذلك إن المال متوفرٌ لديَّ ولا أزال أحفظ مفتاح الباب الشمالي.
بطرس (يقترب منه وبيده خنجر) : إن هذا المفتاح يلزم لي.
ستارنو (يتراجع برعدة) : يا إلهي! هذا أنت يا بطرس!
بطرس : يلزم لي.
ستارنو : لكن …
بطرس : يلزم لي قلتُ لك.
ستارنو : خذه ولكن ارحمني (يسقط على ركبتَيه).
بطرس : ويحك يا جبان! خُنتَني ومكرتَ بي، ألا تذكُر اللذة التي كنتَ فيها عندما كبَّلتَني بالسلاسل منذ هُنيهة؟ جاء دوري، فأنت أسيري، فسلِّم نفسك إلى الله.
ستارنو (ينحني على ركبتَي بطرس قائلًا) : عفوًا أيها النائب.
بطرس : نائب! هذا لقبٌ لم يعُد يخصُّني، هذا لقبك الجديد، لقد لبستَ ثوبي الذي عُريتُ منه، ولكنك لا تفرح به طويلًا، فاستعد للموت.
ستارنو : رحمة.
بطرس : استعد للموت.
ستارنو : الحياة.
بطرس : الموت (ينهض ستارنو ويطعنه بطرس).
ستارنو : آه (يسقط بين الكواليس).
بطرس (مخاطبًا نفسه) : لقد قبضتُ على المفتاح، ولكن الولدان أين هما؟ الضجَّة في ازدياد، يا الله يا الله (يمشي في المرسح ذهابًا وإيابًا باضطراب، يزداد دويُّ البنادق).

المشهد الرابع

(بطرس – فريدريك – ألفرد)
فريدريك (يدخل بسرعة) : إليك أخي يا بطرس، فاحرص عليه ودافع عنه، أنا ذاهب لأقاتل مع أبي.
بطرس : يجب أن نفر.
فريدريك : الفرار! عندما يكون أبي يقاتل قتال المستميت، فقد نظرتُه معرَّضًا لطلقات البنادق يلوي يدَي اليأس والقنوط، وعسكره قد بدأ بالاندحار ويكاد أن يكون النصر حليف اللصوص، أنا ذاهب للدفاع عنه، فإذا تركتُه أجحد واجب البنوة، الوداع يا بطرس، اسهَر على أخي (يخرج).
بطرس : وأنا أتبعك، فإذا متنا نموت معًا.

(ينسَلُّ وراءه تاركًا ألفرد وحده.)

ألفرد (مخاطبًا نفسه) : ذهبوا وبقيتُ وحدي، وحدي في هذه الظلمة المخيفة، يا لهم من قساة! لقد تركوني ولكنهم ذهبوا للدفاع عن أبي، فلا بأس عليهم، أنا غافرٌ لهم، لماذا ليس لي ذراعٌ شديدة تستطيع إشهار السيف لأدافع معهم عن أبي؟ (يشتد دويُّ البنادق ويسمعون صراخ الظفَر من اللصوص)، يا لها من ضجةٍ مخيفة! أنا مضطرب، أنا أرتعش يا إلهي! يا ربي (يركع ويصلِّي).

المشهد الخامس

(ألفرد – بطرس يسند فريدريك الجريح)
ألفرد : أخي! من أين هذا الدم؟
بطرس (إلى فريدريك) : ألم أقل لك سيدي، إنك تدخل معركةً هائلة لا تقوى عليها، لقد جُرحتَ، ولولا عنايتي لكنتَ مت.
فريدريك : وأنت جُرحت أيضًا يا عزيزي بطرس.
بطرس : نعم، ولكن الفرق بيننا عظيم، أنا قد اعتدتُ على هذه المعارك، انظر (يُريه صدره) ليس هذا بشيء، إننا نستطيع الهرب الآن، أتطيعني؟
فريدريك : إن أبي قد غُلب فيجب أن نتقاسم عذاب الأَسْر.
بطرس : ما هذا العناد؟ إذا كنتَ وأبوك في الأسر فمن يسعى بنجاته؟ من يأخذ بثأره؟ من يُعزِّي والدتك؟
فريدريك : لقد أُصبت، يجب أن نهرب لنستطيع إنقاذه، أتتبعنا؟
بطرس : بل أبقى هنا للسهر عليه، خذ هذا المفتاح وسر في هذا الديماس وافتح الباب فتجد مخرجًا ضيقًا يوصلك بعد سيرٍ قليل إلى الهواء، فالحرية، فأصدقاء أبيك، الوداع أعزائي، الوداع.
(يخرج فريدريك وألفرد.)
بطرس (مخاطبًا نفسه) : لقد أنقذت الولدين، فهل أستطيع أن أنقذ أباهما؟
أيتها السماء! رباه! هذا الزعيم والكونت دي لنسفلد.

(يختبئ.)

المشهد السادس

(رودولف – الكونت – لصوص بثيابٍ ممزَّقة – بطرس مختفيًا)
رودولف (إلى الكونت) : أيها الفارس الشجاع، أنت ملزوم أن تعلِّق رأسي على شرفة قلعتك، كما وعَدت.
الكونت : لا تحتقر تعاستي يا رودولف، تصرَّف معي كما يتصرف الظافرون، وعاملني كما أردت أن أعاملك.
رودولف : ستكون مسرورًا، ولكن من أين لك هذه الجرأة حتى تهاجمني هكذا في معقلي؟
الكونت : آه يا سيدي! يظهر أنك لستَ بأب، جئت أفتِّش عن ولديَّ، فأين هما؟
رودولف : ستراهم، أيها الحرس أدخلوا الولدَين إلى هنا، واذبحوهما على مرأًى من أبيهما.
الكونت : قفوا، قفوا (اللصوص يتوقَّفون).
رودولف : اذهبوا أيها الحرس (يخرجون).
بطرس (على حدة) : وأنا أذهب للدفاع عنهما أيضًا (يخرج من الجهة الثانية).
الكونت : سيدي، أشفق على والدٍ تاعس، ترفَّق بولديَّ.
رودولف : وماذا بعدُ؟ أتوصَّلتَ إلى الرجاء بالانحناء أمامي؟!
الكونت : لو كان الأمر تتوقَّف عليه حياتي كنت أستعمل كبريائي، ولكن حياة ولديَّ! سيدي، رحمة وأشفق على صِباهما، خذ مالي، خذ حريتي وحياتي، ولكن بشرط ألا يتعدَّى ثأرك إلى سواي، أنا هو المجرم، فولدايَ لا يتناولانِك بأذًى؛ فهُما لا يعرفانك أبدًا، لماذا تُحوِّل نظرك عني؟ فإذا كنتَ لا تقبل رجائي فالله لا يقبل لك رجاء، الدم البريء يسقط على رأسك، آه! لقد تُهت عن الصواب، مولاي، سيدي، ارحمني.
رودولف (على حدة) : أشعر بشفقة وانعطاف، وفوق ذلك لماذا أهرق دمًا لا يفيدني شيئًا؟ (إلى الكونت) أقبل ذلك، وأستبقي على ولدَيك.
الكونت (مسرورًا) : آه! فلتكن مباركًا.
رودولف : ولكن بشرط أن تكون أسيري.
الكونت : أكون ذلك.
رودولف : وتتنازل لي عن قصر الفورته موله.
الكونت : هو لك.
رودولف : وتعطيني أملاكك الواسعة.
الكونت : وهي لك أيضًا.
رودولف : وتعطيني عشرين ألف فلورين ذهبًا.
الكونت : أدفَع لكَ ذلكَ غدًا.
رودولف : هذه ورقةٌ فوقِّعها.
الكونت (يوقِّعها ويدفعها إليه) : أأرضاك ذلك؟
رودولف (يأخذ الورقة ويقرأ التوقيع) : الكونت ألريك دي لنسفلد (يتمشى باضطراب) أأنت الكونت دي لنسفلد؟
الكونت : أنا هو.
رودولف : وما هو وطنك؟
الكونت : وُلدتُ في فيِنَّا من أكبر عائلات النمسا، وأبي كان الوزير الأول للإمبراطور.
رودولف (على حدة) : هذا هو، ولكنهم يدعونك الكونت دي فورته موله.
الكونت : هذا اسمٌ أخذتُه عندما غادرتُ البلاط، أردتُ بذلك أن يجهل الناس أن الكونت الذي جاء لمقاتلة اللصوص هو نفسه الكونت لنسفلد.
رودولف : أخي! أنا فرنسيسكو دي لنسفلد.
الكونت : إلهي! أوجدتُك في مغارة اللصوص؟
رودولف : إن هيئتك تجرح قلبي يا أخي، أنا الآن أقبِّل قدميك (ينطرح على قدمَي الكونت).
الكونت (يمد له ذراعيه) : تعالَ أضُمك إلى صدري، لقد رأيتك بعد عشرين سنة، فهل أرى ولديَّ؟
رودولف : نعم ستراهما الآن (يصفِّر).

المشهد السابع

(رودولف – الكونت – اللصوص)
رودولف : أين المسجونان؟
لص : إن السجن خالٍ، وقد فتَّشنا عليهما ولم نجدهما، قد هربا.
رودولف : ماذا حل بهما؟!
بطرس (يدخل فجأة) : لقد خلَّصتُهما.
رودولف : يا شقي!
بطرس : أضحك من غضبك، أنا هو المجرم، تقدر أن تعاقبني.
رودولف : ماذا تقول يا بطرس؟ لقد وجدت أخي، وأريد أن أرد له ولدَيه، وأنت تنتزعهما مني، أين هما يا شقي؟
بطرس : ماذا أسمع! أنت لا تريد قتلهما؟
رودولف : أتظنني مسرفًا بهذا المقدار بدم عائلتي؟ أرجعهما إليَّ وإلا قطعتُ رأسك.
بطرس : ستراهما عما قريب أيها الزعيم، انظر إلى الباب الشمالي فهو مخفور من جنودٍ عديدين، قد أخفيتُهما في الدياميس، سآتيكم بهما الآن.
رودولف : اخرجوا أيها الحرس.

المشهد الثامن

(رودولف – الكونت)
الكونت : آه! لو كان أولادي هنا ما كان ينقصني شيء من السعادة، أخي فرنسيسكو، أنحن نسطع في بلاط فيِنَّا وأنت مُنسَلٌّ في أعماق هذه الدياميس؟
رودولف : هذه عاقبة أول غلطة، أتعرف الدوق دي فركنتمال؟
الكونت : بدون ريب، ولماذا تعيد تذكاره المؤلم؟!
رودولف : فصلًا لمشاجرة لا تُذكَر دعوتُه إلى البرِّية وذبحتُه، كان الدوق محبوبًا من الأشراف والأُسر النبيلة فطالبوا بدمه، وإجابةً لطلبهم زجَّني الإمبراطور في سجن فيِنَّا وحكم عليَّ بالموت، ودنَت الساعة الهائلة فخدعتُ حُراسي وفررتُ إلى إيطاليا، وهناك عشتُ سنواتٍ عديدة في الآثام، وبعد أن قضيتُ زمانًا خائفًا من العدالة عُدتُ فأخفتُها بدوري، حصَّنتُ هذا الكهف واستوطنتُه مع بعض اللصوص الذين ازداد عددهم مع الأيام، وأضمرتُ للأمراء بغضًا لا تخمد ناره، فنهبتُ أراضيهم وحرقتُ قصورهم واختلستُ أموالهم وهدرتُ دماءهم. ومع ذلك لا تظن أنني كنتُ سعيدًا مسرورًا في كهفي هذا، حاولتُ أن أخنق صوت ضميري ولكن عبثًا، فضميري وحده كان الآخذ بثأر جرائمي، إن لعنة السماء قد ثقلَت عليَّ، أنظر إلى هذا الجبين فيُخيَّل إليَّ أن عليه وسمةً بحديدٍ محمَّى، آه ليتَني أقدر أن أتوكَّل على الله، ولكنه لا يقبل صلاة اللصوص.
الكونت : الرجاء يا فرنسيسكو الرجاء، فالندامة تقدِّسك.
رودولف : هيهات أن تمحو الندامة عشرين عامًا من الآثام، إنني أترك حرفة اللصوصية ولكنني في الوقت عينه أترك الحياة.
الكونت : ماذا تقول يا فرنسيسكو؟!
رودولف : إلى الآن لم يزل اسمي سرًّا من الأسرار، فالكونت لنسفلد قد تنكَّر تحت اسم اللص رودولف، فمن الآن فصاعدًا لا يكون كذلك، إنهم يعرفون أنني أخوك، وإذا بقيتُ حيًّا لطَّختُ اسمك واسم بنيك بالعار.
الكونت : إن حياتك لله يا فرنسيسكو، إنها ليست لك حتى تتصرف بها كما تشاء وتضع لها حدًّا، يجب أن تفكِّر بإصلاح ماضيك، واترك هذه المغارة.
رودولف : هل أقدر على ذلك ورأسي رهن جائزة؟!
الكونت : إن الإمبراطور حليم، وأنا ألتمس لك العفو.
رودولف : لا أقدر أن أتوسل إليه.
الكونت : هو يقدِّم لك العفو بلا توسُّل وتضرُّع، قد فوَّضَني أن أعفو باسمه عن اللصوص الذين يريدون أن يتوبوا، وبك سأبدأ يا فرنسيسكو، إن الإمبراطور ينسى الماضي وهو يصفح عن آثامك، أوتشُك بعد هذا برحمة الله؟!
رودولف : لا، لم أعُد مرتابًا بذلك، وإذا كانت كل هذه الجودة تغمرني فأنا مستعد لكل ما قلت، أسمع ضجَّة.
الكونت : هما ولداي.

المشهد التاسع

(المذكورون – فريدريك – ألفرد – بطرس)
ألفرد : أبي، أبي.
الكونت : ولداي (يضمُّهما بين ذراعَيه).
فريدريك : وأمُّنا؟
الكونت : إنها تتألم، ولكننا سنذهب لنُعزِّيها.
فريدريك : نحن أحرار إذن؟!
الكونت : نعم يا ولديَّ، صافحا محرِّركما أخي عمكما فرنسيسكو دي لنسفلد الذي صلَّيتما لأجله مرارًا.
ألفرد (باضطراب وخوف) : عمنا فرنسيسكو؟!
رودولف : نعم يا عزيزي هو رودولف الذي أخافكما، وربما يصير أهلًا لمحبتكما.
لقد منحَني والدكما صداقته، فهل ترفضان ذلك؟!
فريدريك : لا، ولكنك تخرج من هذا الكهف وتتبعنا إلى بلاط فيِنَّا.
رودولف : لا أستطيع ذلك، فوجودي يجدِّد بغض الأشراف.
الكونت : إن المشاجرات القديمة قد نُسيَت يا فرنسيسكو، سيشملك الأشراف بمحبتهم، ولكن عليك أن تقابل الحب بالحب، وأنا أمهِّد لك الطريق.
رودولف : قل، تكلم.
الكونت : إن فرنسا لفي ثورة، وجمهور من الجنود واقفون على الحدود، والبيامون١ سيتحول إلى ملعب تُمثَّل عليه حرب دموية، ونحن في حاجة إلى قلعة في جبال الألب تُحصَّن لتدافع عن الفورته موله، وبعد أن كنتَ أنتَ أكبر خطر على هذه الحدود تصير أعظم مدافعٍ عنها.
رودولف : أقبل هذه التقدمة العظيمة، ولصوصي يتبعونني.
الكونت : أتقدر أن تعتمد عليهم؟
رودولف : نعم؛ لأن العذاب قد أرهقهم ولا يُبقيهم هنا إلا الخوف من العقاب، فليقدِّموا لهم العفو والمال وأنا أُجيب عنهم وأكفل ذلك.
الكونت : إنني أضع بين يدَيك ثروتي كلها.
فريدريك : إننا قد نسينا أعظم محسنٍ إلينا، هذا هو مربينا القديم بطرس سمارانديني.
بطرس (ينطرح على قدمَي الكونت) : نعم يا سيدي، أنا التعيس بطرس، أأقدر أنا أيضًا أن أظفر بالعفو؟
الكونت : أتطلب العفو مني بعد أن آويتَ ولديَّ يا بطرس؟! انهض وستتبعني إلى فيِنَّا.
بطرس : لا يا سيدي، بل أبقى هنا بالقرب من زعيمي، وما بقي فيَّ من دم أسفكه في سبيل الدفاع عن وطني.

(رودولف يصفِّر مرارًا.)

المشهد العاشر

(المذكورون – اللصوص جميعًا يدخلون)
رودولف : إن قصر الفورته موله هو لنا، أتتبعونَني إليه؟
اللصوص (بصوتٍ منخفض) : خيانة! خيانة.
رودولف : لقد عرفتُموني وامتحنتُموني وتعلَمون أنني لا أخونكم، أتتبعونَني؟

(سكوت.)

رودولف : إنهم يَعْفُون عنكم ويُطلِقون حُريتكم ويُعطونكم عشرين ألفَ فلورين ذهبًا، وقصر الفورته موله، أتَتبعون قائدكم؟!
اللصوص (يحرِّكون قُبعاتهم) : نعم، نعم.
رودولف : سيروا بنا.
جبيل سنة ١٩١٣
١  البيامون piedmont: مقاطعة في شمالي غربي إيطاليا، مساحتها ٢٥٤٠٠ كلم٢، عاصمتها مدينة «تورينو»، يحيط بها من الشمال والغرب والجنوب الغربي قوسٌ نصف دائري من جبال الألب كانت على مدار التاريخ معبرًا للمسافرين والتجار، بين شبه الجزيرة الإيطالية وأوروبا الغربية.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤