الفصل التاسع

التركيز على كونهما وحدهما معًا

لم أرَ عليه أي أثرٍ للرعب الذي انتابني أنا نفسي آنذاك … لكن كان يبدو على وجهه أمارات الهدوء ورباطة الجأش المتلهفة التي للكيميائي الذي يرى البلورات تتساقط من محلوله المشبع.

السير آرثر كونان دويل، «وادي الخوف»، ١٩١٥

الكيمياء هي التغير — فالمعدن يتحول إلى فلز ومخيض اللبن إلى خبز والحامض إلى ملح — والشيء الرائع في هذا التغير هو أن هذه الكيمياء تحدث في المحاليل: في البرك والخلايا والمحيطات والصلصة وحتى في الصهارة والمخاليط. وتُعتبَر المحاليل مخاليطَ متماثلة، مثل الخليط المتماثل المكوَّن من الملح والماء الذي نُسميه المحلول الملحي. تُساعد المحاليل على إحداث التفاعلات الكيميائية؛ لأنها تمنح الجزيئات الفرصة لكي تتقابل معًا وتُوفر الحركة للتفاعل كي يحدث. والأقراص التي تُوضَع في الماء كي تُقدَّم شرابًا فوارًا تستطيع عمل الفوران؛ لأنها تحتوي على حامض الستريك وبيكربونات الصودا، لكن مع أن هذه الأقراص تحتوي على حامض الستريك وبيكربونات الصودا قبل إلقائها في الماء، فإن الأقراص الجافة لا تُحدِث فورانًا. وهي لن تفور حتى تُوضَع مكوناتها في محلول. يحظى كلٌّ من الحامض والقاعدة بحرية الحركة في المحلول؛ ومن ثَم يُمكنه أن يدخل في التفاعل. تُقدم المحاليل ما يحتاج إليه التفاعل الكيميائي؛ الحركة، والفرصة.

ولطالما أدرك القائمون على الصناعات التجارية والفكرية الناجحة الحاجة إلى الحركة والفرصة للحصول على تفاعل فعال بين المتخصصين، ففي المؤتمرات يكون هناك تركيز أعلى من الأشخاص ذوي الأذهان المتشابهة، لكن كما يعلم كل منظم ناجح للمؤتمرات فإن التفاعل الحقيقي بين الناس لا يحدث عندما يجلس كل فرد في مقعده منصتًا إلى ما يُقدِّمه الآخرون، لكنه يحدث عند تذوق الخمور والجبن، عندما تكون لديهم حرية الحركة والسعي بعضهم نحو بعض. والمحلول هو المقابل الكيميائي للمؤتمر؛ فهو يُمثِّل تركيز المتفاعلات مع منحها حريةَ الحركة التي تحتاج إليها للامتزاج. ويَعي الكيميائيُّ مثله مثل منظِّم المؤتمر أهميةَ التحكم في التركيز والتنسيق فيما بين المتفاعلات عند تصميم التفاعلات.

ومع أن المحاليل المائية كما يعرفها الكيميائيون، هي تقريبًا أكثر المحاليل شيوعًا، فثمَّة أنواع محاليل عديدة أخرى. فثمة محاليلُ صُلبة مثل السبائك المعدنية، مع أنه ليست كل السبائك مكوَّنةً من أمزجة متجانسة تمامًا. فتتكون سبيكة البرونز من النحاس والقصدير، وسبيكة النحاس الأصفر من النحاس والخارصين وسبيكة الصلب من الحديد والكربون.

وثمة محاليلُ في الحالة الغازية أيضًا، فالهواء الذي نتنفَّسه هو محلول مكون من غازات عديدة. يتوافر النيتروجين بأكبر نسبة فهو يبلغ نحو ٧٠٪، لكن يُوجَد الأوكسجين مختلطًا به أيضًا، وكذا الأرجون وثاني أكسيد الكربون والماء عادة. تتأرجح نسبة الماء في الهواء من لا شيء إلى ١٠٠٪ رطوبة، في حين تظل نسبة النيتروجين والأوكسجين والأرجون ثابتةً إلى حد كبير. وقد يُعتبَر وجود الأرجون في محلول الغازات التي نتنفَّسها للوهلة الأولى أمرًا مفاجئًا، لكن عند استرجاع مناقشتنا حول الجدول الدوري نجد أن العناصر الأخف هي تلك العناصر التي نتجت في الكون للوهلة الأولى في عصيدة الكون التي نشأ منها كوكبنا. وقد احتُجِزت العناصر المتفاعلة في مركبات، وتطايرت العناصر غير المتفاعلة. معظم الهليوم والنيون كانا خفيفَين على نحو كافٍ لدرجةٍ سمحت بفرارهما من الغلاف الجوي للأرض مما أدى إلى ترك الأرجون ليُمثل العناصر النبيلة. تشتمل بعض المحاليل الغازية الأخرى على بيكربونات الصودا، وهو محلولٌ لغاز (هو غاز ثاني أكسيد الكربون) في الماء، وماء البِرَك هو محلول يحوي الأوكسجين وهو الذي تتنفسه الأسماك.

ويعتمد الجسم على قابلية ذوبان الغازات في الدم، التي بدورها تعتمد على ضغط هذا الغاز وليس غيره، حتى يتسنَّى له القيام بعمليات الأيض؛ ومن ثَم تعتمد قابلية الأوكسجين للذوبان في الدم على ضغط الأوكسجين في الهواء المُستنشَق، وتعتمد قابلية الأوكسجين على الذوبان في الخلايا على ضغط الأوكسجين داخل الخلايا. ولأن عملية الأيْض تحدث داخل الخلايا، فإن الأوكسجين يُستهلَك وثاني أكسيد الكربون يُنتَج. وعندما يصل الدم الغني بالأوكسجين إلى الخلية يعبر الأوكسجين من الدم — حيث الضغطُ المرتفع نسبيًّا — إلى الخلية، حيث الضغطُ المنخفض نسبيًّا. ويعبر ثاني أكسيد الكربون من الخلية حيث يرتفع ضغطه، إلى الدمِ حيث ينخفض ضغطه.

ولأن النيتروجين دائمًا ما يُوجَد أيضًا في الهواء الذي نستنشقه، فثمَّة بعض الكميات من النيتروجين الذائب دائمًا في دمائنا. يحتاج الغواصون الذين يغوصون في أغوار المحيطات في أنابيبَ من الهواء المضغوط إلى تزويدهم بهواء التنفس لأن ضغط المحيط يضغط على الرئتَين. ويجب أن يكون الضغط داخل أنبوبة الأوكسجين أكبرَ من الضغط الخارجي إذا كان عليه أن يدخل إلى الرئتَين. وإذا مُلِئَت الأنابيب بالهواء الجوي العادي، فإن الدمَ المعاد تخزينه داخل الرئتَين سيكون عُرضة لنيتروجين ذي ضغط أعلى، وسيكون ثَمة الكثيرُ من النيتروجين الذائب في الدم. ولا يُسبب النيتروجين الزائد في الدم بالضرورة مشكلة ما لم يخرج الغواص بسرعة من الماء. أما إذا خرج الغواص من الماء بسرعة، فإن النيتروجين الزائد الذائب في الدم يبدأ في الخروج من المحلول ويُمكِنه أن يُكوِّن الفقاعات قبل أن يحظى الجسم بالفرصة لطرده. وتُسبب هذه الحالة ألمًا شديدًا جدًّا حتى إن المصابين به يتوقفون عن الحركة تمامًا من شدة الألم؛ لذا يُعرف هذا المرض بشلل الغواص.

ويُعتبَر الإجراء الوقائي المُستخدَم غالبًا هو استبدال النيتروجين بالهليوم في خليط هواء التنفس. لا يقبل الهليوم الذوبان في الدم بنفس قدر النيتروجين؛ وعليه لا يُسبِّب نفس المشكلة. وفي ملاحظة مختلفة تمام الاختلاف، نجد أن الصوت الأشبهَ بصوت البطة «دونالد داك» الذي يُضيفه الهيليوم على الصوت الآدمي يكون نتيجة لتكثف الهليوم بدلًا من الهواء الذي يمر عبر الحنجرة. ولا ينتج أي تسمم عن الهليوم كما يُعتقَد أحيانًا، لكن الذي يمثل الخطر هو استنشاق هليوم نقي، فالفرد الذي يستنشق الهليوم النقي لا يستنشق أوكسجينًا؛ ومن ثَم يفقد الوعي بسبب نقص الأوكسجين.

تتكوَّن المحاليل من شقَّين: المذيب والمذاب. والمذيب هو المكوِّن الذي يُوجَد بكثرة، ويُمثل المذابُ المكونَ الذي يكون أقل. تُعَد المادة الأساسية في المحلول الملحي هي الماء الذي يُمثل المذيب والملح هو المذاب، ويُمكن فهم أهمية التركيز كخاصية للمحاليل بالنظر في المحلول الملحي. يُمكن استخدام محلول ملحي مركَّز لغسل الفم، لكن عند شطف العين، لا يُستخدَم إلا المحلول المخفف، وأنت لا تُريد أن تخلط بين الأمرَين.

ثَمة بعض المقاييس الشائعة الخاصة بالتركيز التي وجدَت طريقها في الاستخدام اليومي. ومقياس تركيز الإيثانول في المحاليل في المشروبات الكحولية يُسمَّى «درجة الكحول»، ويُعبَّر عن درجة الكحولة برقم يُعادل ضعفَين من نسبة الإيثانول الموجود في المحلول، حجمًا إلى حجم. فعلى سبيل المثال، درجة الكحول التي تُساوي ٧٦ في الويسكي هي نسبة ٣٨ كحول. ويُقال إن هذا المصطلح نشأ عن حقيقة أن الخليط الذي يحوي نسبة ٥٠٪ إيثانول (درجة كحول ١٠٠) وماء سوف يحترق، ما يُثبت أنه كحول جيد. وتتمتَّع المحاليل التي تحوي الماء والكحول بالخاصية المميزة وهي أن أحجامها لا تُضاف في كل النسب. فعلى سبيل المثال، لا تُكوِّن الكميات المتساوية من الإيزوبروبيل والماء المختلطَين معًا محلولًا ضعف الكمية الأصلية؛ نتيجة لقوى التجاذب البينجزيئية تلك التي ناقشناها في الفصل السابق. يحوي الكحول مجموعة هيدروكسيد OH كجزء من جزيء الكحول نفسه، وتنجذب مجموعة الهيدروكسيد هذه إلى الماء H2O. ويُتوقَّع أن المجموعة المختلطة من الرجال والنساء العزاب تشغَل حيزًا أقلَّ مقارنة بتلك المجموعة المنفصلة؛ وذلك بسبب تفاعلات الانجذاب في كلتا الحالتَين.

الرطوبة من الوسائل الأخرى الشائعة لقياس التركيز. والرطوبة هي مقياس مقدار الماء الموجود في الهواء، أما الرطوبة النسبية فهي مقياس كمية الماء الموجود حاليًّا في الهواء مقارنة بالكمية العظمى من الماء التي يقدر أن يستوعبها الهواء في درجة الحرارة نفسِها وتحت الضغط نفسِه. عندما يتعلق الأمر بمحاليل المواد الصلبة في الماء مثل محلول الملح أو محلول السكر، يُقدَّر التركيز بالجرام لكل مليلتر، كما هو الحال مع معظم الأدوية الشائعة. ومع ذلك عندما يتعلق الأمر بالتفاعلات الكيميائية، فمن المنطقي أكثرَ أن يُقدَّر الأمر بالجزيئات بدلًا من الجرامات لكل مليلتر. وحتى تعرف السبب، انظر معي إلى الجملتَين الآتيتَين: أيهما أكثر فائدة عند حساب متطلبات الكلية مثلًا من أعضاء هيئة التدريس إذا كان يجب أن تبقى النسبة بين الطلاب والأساتذة عند عشرين إلى واحد؟

هل سنقول:

هناك ١١٧٥٦ كيلوجرامًا من الطلاب في الفرقة الأولى الجديدة.

أم سنقول:

١٩٠ طالبًا في الفرقة الأولى الجديدة؟

عادة يصف الكيميائيون تركيز المحاليل عن طريق قياس عدد الجزيئات لكل حجم معين بدلًا من عدد الجرامات لكل حجم معين؛ ذلك لأن التفاعلات تحدث عندما يتفاعل جزيءٌ واحد مع جزيء واحد وليس عندما يتفاعل جرام مع جرام. تكمن الصعوبة في أن الجزيئات غايةٌ في الصغر، ويحتاج الأمر إلى عدد كبير جدًّا منها لتكوين كمية قابلة للقياس. فعلى سبيل المثال، يحتاج الأمر نحو تريليون تريليون من جزيئات الماء في الحالة السائلة لملء وعاء سعته ٢٤٠ مليلترًا (كوب واحد). وعليه، من السهل جدًّا التحدث عن مجموعات من الجزيئات بدلًا من التحدث عن الجزيئات المفردة. والاسم الذي اتفق العلماء على إطلاقه على مجموعات الجزيئات هو المول، ويُشبه المول الدستة، مع الفارق.

تدل الدستة على عدد من الأشياء، مثل اثنتَي عشْرة بيضة على سبيل المثال. يُشير الإجمالي إلى عدد الأشياء، فمثلًا نقول ١٤٤ شيئًا. كذلك يُشير المول إلى عدد من الأشياء؛ يُعادل المول ٦٫٠٢٣ مائة مليار تريليون من الأشياء، وهو غالبًا رقم ضخم يصعب تخيله.

فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك جزيئات كبيرة كبر الرخام، عندئذٍ يُغطي المول مساحة أرض الولايات المتحدة إلى عمق أربعة أمتار (ما يقرب من ارتفاع الطابق الأول من منزل). وتُعتبَر الخلايا التي تُوجَد في جسم الإنسان غايةً في الصغر على أن نراها بدون ميكروسكوب، وغاية في الصغر جدًّا حتى إن ما يقرب من مائة تريليون من الخلايا تحتشد في جسم إنسان واحد. لكن إن تجمع مول من الخلايا، فسوف تحتاج إلى ستة مليارات فرد، أي تعداد الكرة الأرضية بأكملها عام ١٩٩٥، إنه لعدد كبير جدًّا!

ومن الضروري جدًّا أن نستخدم هذه الوسيلة الكبيرة عندما يتعلق الأمر بالجزيئات؛ لأن الجزيئات غاية في الصغر. يُعادل مول البيض ٦٫٠٢٣ مائة مليار تريليون بيضة، وهو ما يكفي لصنع عجة بيض ضخمة جدًّا، لكنه بالفعل كمية غاية في الصغر من الجزيئات. يُوازي مول من السكروز الكميةَ نفسَها تقريبًا من حصة من مشروب المياه الغازية المكربنة. ويُعادل مول من المادة الصلبة ما يملأ قبضة اليد، ويُقارب مول من الغاز ستَّة جالونات (٢٢ لترًا) تحت الظروف العادية من درجة الحرارة والضغط (أكثر قليلًا من ملء دلو وأقل قليلًا من البوشل؛ مكيال للحبوب يُعادل نحو ٣٢ جالونًا). وفي الملحق، تُفسَّر الكتلة المفترضة لكل عنصر على أنها وحدات الكتلة الذرية لكل ذرة (و ك ذ لكل ذرة) أو جرامات لكل مول. وهذا ليس مجرد مسألة مصادفة، فقد اختِيرَت وحدة الكتلة الذرية بحيث ترتبط وحدة الكتلة الذرية لكل جسيم مع الجرامات لكل مول.

وقد ذكرنا من قبل أن مقياس الحامضية الشائع هو الأس الهيدروجيني (pH) وهو وسيلة لقياس تركيز أيونات الهيدرونيوم (H3O+، العامل الحامضي) في المحلول. والآن يُمكننا أن نكون أكثر تحديدًا؛ فالمحلول الذي يحوي عُشْر المول (٠٫١) من أيونات الهيدرونيوم لكل لتر يكون اﻟ pH له ١. والمحلول الذي يحوي واحدًا من مائة مول (٠٫٠١) من أيونات الهيدرونيوم لكل لتر يكون pH له ٢. وكل مرة يقلُّ تركيز أيونات الهيدرونيوم بمضاعفات العدد عشَرة، يزداد pH بوحدة واحدة.

ثمة وسيلة قياس أخرى ترتبط بالتركيز؛ هي الكثافة، والكثافة مقياسُ إجماليِّ كتلة المادة في وحدة الأحجام. وفيما يتعلق بالمحاليل التي تكون فيها التفاعلات الكيميائية مستمرة، فيُمكن أن يُعتبَر قياس الكثافة طريقة لقياس سير التفاعل. ويجب أن تُحفَظ الكتلة في أثناء التفاعل، إلا أن الحجم الذي تشغله الكتلة من الممكن أن يتغير كثيرًا بسبب إعادة ترتيب الجزيئات والقوى البينجزيئية، وتتضح مثل هذه التغييرات الحادثة في الكثافة في قوام الماء، وفي الجسم البشري، وفي قوام أشياء أخرى مثل قوام الخمر.

على سبيل المثال: ما القوام، ما النكهة، ما الكيمياء؟

figure

تتدخل الكيمياء في صنع الخمر على مستويات عديدة، على سبيل المثال، يعتمد صناع الخمور ومتذوقوها على تركيز الخواص في عمل ووصف ما يُطلَق عليه المنتج اللذيذ أو حتى الجريء والمُغري.

يستخدم محترفو تذوُّق الخمور عددًا من المصطلحات المشوقة؛ مثل: فليني (فيه طعم الفلين أو رائحته)، مزبَّد (محتوٍ على زبدة)، علكي، طازَج، فاكهي (به طعم الفاكهة)، معسل، مختمر، ممتلئ القوام، مركَّب، لاذع، خفيف، منعش، بطعم المكسرات، متمتع، مليء بالنكهة؛ لوصف خواص الخمور التي تتضمن النكهة، والشذى، والرائحة، وكونها ذات رائحة نفاذة زامة للأنسجة، واللمسات الأخيرة، والقوام، وهذه الخاصية الأخيرة هي التي ترتبط بموضوع هذا الفصل؛ التركيز. يُمثِّل القِوام كثافة الخمر الذي نتذوقه في الفم والذي يعتمد في جانب كبير منه على كمية الكحول في الخمر. وتُمثل الكثافة المرتبطة بالتركيز جانبًا حيويًّا في عملية صنع الخمر أيضًا.

ويُعتبَر «الخمر الفطير» (عصير العنب قبل التخمر وأثناءه) الخليط المبدئي، حيث يكون عصير العنب والفاكهة المعصورة جاهزًا لعملية التخمر، وعملية التخمر هي العملية التي تُستهلَك فيها خميرة معينة السكر وتُنتج الإيثانول (الكحول) وثانيَ أكسيد الكربون. يُؤدي القليل جدًّا من السكر إلى القليل جدًّا من الكحول، ويُغير الكثير جدًّا من السكر طبيعةَ الخمر. ويُمكن استخدام الكثافة المَقيسة للخمر الفطير لتقدير محتوى السكر. وعن طريق معرفة محتوى السكر المَقيس يُمكن التنبُّؤ بمحتوى الكحول في المنتج النهائي، وعلى هذا الأساس يُمكن تحديد إذا كان الخليط في حاجة إلى إضافة المزيد من السكر، حيث إن السكر يُعتبَر أحد المتفاعلات ويُستهلك، وتُقاس الكثافة أيضًا أثناء عملية التخمر من أجل تتبُّع مدى جودة عملية التخمر.

وكما رأينا، القياس والتحكُّم في التركيز لهما أهمية بالغة في الكيمياء والخمر والمؤتمرات الجيدة، إلا أن الحالة السائلة لا تُعتبَر هي الحالةَ الوحيدة التي بُنِيت عليها الكيمياء. فالحالة الغازية تُعزز كيمياء مشوقة ومهمَّة أيضًا، ثمة فقاعات في الكيمياء، وثمة كيمياء في الفقاعات، في البالون وفي الهواء الذي نستنشقه.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٤